المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في صيغتي الضمان والكفالة - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٤

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْخِيَارِ

- ‌[اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ]

- ‌[يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالتَّخَايُرِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ]

- ‌[طَالَ مُكْثُهُمَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ دَامَ خِيَارُهُمَا]

- ‌فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَمَا تَبِعَهُ

- ‌[شَرْطُ الْخِيَار فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ]

- ‌[الْأَظْهَرُ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ]

- ‌يَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ) لِلْعَقْدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا)

- ‌فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌[حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ]

- ‌(قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ)

- ‌(بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ)

- ‌[هَلَكَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ]

- ‌[تَلِفَ الثَّمَنُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا]

- ‌(عَلِمَ بِالْعَيْبِ) فِي الْمَبِيعِ (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ)

- ‌ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ إطْلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ

- ‌[وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الرَّدِّ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي]

- ‌[اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ]

- ‌الزِّيَادَةِ) فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنُ (الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ)

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصْرِيَةِ

- ‌بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ

- ‌إِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا

- ‌[إتْلَافَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌(تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ

- ‌ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ)

- ‌ بَيْعُ) الْمُثَمَّنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ

- ‌[بَيْعُ الدَّيْنِ غَيْرُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِعَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ]

- ‌[قَبْضُ الْمَنْقُولِ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ بِالْيَدِ]

- ‌ جَرَى الْبَيْعُ) فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَأُرِيدَ الْقَبْضُ وَالْمَبِيعُ

- ‌[بِيعَ الشَّيْءُ تَقْدِيرًا كَثَوْبٍ وَأَرْضٍ ذَرْعًا]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الْبَائِعُ عَنْ نَفْسِهِ لِمُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ]

- ‌لِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ)

- ‌[بَابُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌[شُرُوطِ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ]

- ‌ بَيْعُ (الْمُحَاطَةِ)

- ‌[بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارُ]

- ‌[لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ مَا يُؤْخَذُ دُفْعَةً]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ الْأَبْنِيَةُ وَسَاحَاتٌ يُحِيطُ بِهَا السُّوَرُ]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْأَرْضُ وَكُلُّ بِنَاءٍ]

- ‌[يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ نَعْلُهَا وَبَرَتُهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا بَاعَ شَجَرَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا]

- ‌[ثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إنْ شَرَطَتْ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي عَمِلَ بِهِ]

- ‌[بَاعَ نَخَلَاتِ مُطْلِعَةٍ وَبَعْضَهَا مُؤَبَّرٌ فَلِلْبَائِعِ]

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌[يَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ أَوْ قَلْعِهِ]

- ‌[بَيْع ثَمَر بُسْتَانٍ أَوْ بُسْتَانَيْنِ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ]

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[ادَّعَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ]

- ‌[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]

- ‌[اقْتِرَاضُ الرَّقِيق وَغَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ]

- ‌[مَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَمْ يُعَامِلْهُ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ]

- ‌[مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِ مَا اشْتَرَى الرَّقِيق الْمَأْذُونُ]

- ‌[تَعَلُّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَةِ الرَّقِيق الْمَأْذُونُ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ]

- ‌[شُرُوط صِحَّة السَّلَم]

- ‌[إذَا فُسِخَ السَّلَمُ بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ لصحة السَّلَم]

- ‌ السَّلَمُ فِي حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ

- ‌ السَّلَمُ (فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْحَيَوَانِ)

- ‌ السَّلَمُ (فِي الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ)

- ‌فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَخْذِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ]

- ‌يَجُوزُ) (إقْرَاضُ) كُلِّ (مَا يُسْلَمُ فِيهِ)

- ‌[مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ]

- ‌[قَرْضُ النَّقْد أَوْ غَيْرِهِ إنْ اقْتَرَنَ بِشَرْطِ رَدِّ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ]

- ‌[يُمْلَكُ الْقَرْضُ بِالْقَبْضِ كَالْهِبَةِ]

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌[شَرْطُ الْعَاقِدِ رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ]

- ‌[شَرْطُ الرَّهْنِ كَوْنُهُ عَيْنًا]

- ‌ رَهْنُ الْمُشَاعِ)

- ‌رَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ

- ‌ رَهَنَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ)

- ‌[يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ]

- ‌فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَلُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌ الرَّهْنُ (بِمَا) لَيْسَ بِثَابِتٍ

- ‌[الرَّهْنُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ]

- ‌لَا يَلْزَمُ) الرَّهْنُ مِنْ جِهَةِ رَاهِنِهِ (إلَّا) بِإِقْبَاضِهِ

- ‌يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌[وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ]

- ‌[لَا يَصِحُّ رَهْنٌ لِغَيْرِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ]

- ‌[لَوْ وَطِئَ الْأَمَة رَاهِنُهَا الْمَالِكُ لَهَا]

- ‌[لِلرَّاهِنِ كُلُّ انْتِفَاعٍ لَا يَنْقُصُ الْمَرْهُونَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌[لَوْ شَرَط الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن وَضْع الْمَرْهُونَ عِنْدَ عَدْلٍ]

- ‌مُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ)

- ‌لَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مُصْلِحَةِ الْمَرْهُونِ

- ‌ الْمَرْهُونُ (أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ)

- ‌[حُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ]

- ‌[تَلِفَ الْمَرْهُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ]

- ‌[لَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى زِيَادَة الْمَرْهُون الْمُنْفَصِلَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمَرْهُونِ

- ‌(تَلِفَ الْمَرْهُونُ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌[إقْرَار الْمُفْلِسُ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ قَبْل الْحَجْرَ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ

- ‌[مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ]

- ‌[مَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ وَالتَّنَازُعِ فِيهَا]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ)

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ الشَّامِلِ لِلْكَفَالَةِ]

- ‌ ضَمَانِ الدَّرَكِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي قَسْمِ الضَّمَانِ الثَّانِي وَهُوَ كَفَالَةُ الْبَدَنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ

الفصل: ‌(فصل) في صيغتي الضمان والكفالة

(فَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ

وَهِيَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ لِلضَّمَانِ، وَفِي مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ وَأَدَائِهِ وَرُجُوعِهِ وَتَوَابِعَ لِذَلِكَ، وَعَبَّرَ عَنْ الرُّكْنِ بِالشَّرْطِ فَقَالَ (يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ) لِلْمَالِ (وَالْكَفَالَةِ) لِلْبَدَنِ أَوْ الْعَيْنِ (لَفْظٌ) غَالِبًا إذْ مِثْلُهُ الْكِتَابَةُ مَعَ النِّيَّةِ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ مُفْهِمَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي مَوَاضِعَ (يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ) كَغَيْرِهِ وَمِنْ الْعُقُودِ وَدَخَلَ فِي يُشْعِرُ الْكِنَايَةَ فَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَغَيْرِهَا تَدُلُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَالَّةً: أَيْ دَلَالَةً ظَاهِرَةً ثُمَّ الصَّرِيحُ (كَ ضَمِنْت) وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ لَهُ لَك كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عَدَمُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا كَالرَّافِعِيِّ فِي كُتُبٍ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (دَيْنَكَ عَلَيْهِ) أَيْ فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْته أَوْ تَقَلَّدْته) أَوْ الْتَزَمْته (أَوْ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الَّذِي عَلَى عَمْرٍو مَثَلًا (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الَّذِي هُوَ فُلَانٌ (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ حَمِيلٌ) أَوْ قَبِيلٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَصْلٌ فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ]

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الصِّيغَةُ

(قَوْلُهُ: لِلضَّمَانِ) أَيْ وَلِلْكَفَالَةِ أَيْضًا وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُهَا (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِ ذَلِكَ) كَمِقْدَارِ مَا يَرْجِعُ بِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَحُكْمِ مَا لَوْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا ضَمَانٍ

(قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ عَنْ الرُّكْنِ بِالشَّرْطِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَصْدُقُ بِالرُّكْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَبَّرَ بِالشَّرْطِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ مِنْ الْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ إشْعَارُ اللَّفْظِ بِالِالْتِزَامِ

(قَوْلُهُ: إذْ مِثْلُهُ الْكِتَابَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ الْأَخْرَسِ أَوْ غَيْرِهِ، وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعِبَارَةُ حَجّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ شَرْطُ الضَّامِنِ الرُّشْدُ نَصُّهَا: تَنْبِيهٌ: وَقَعَ لَهُمَا هُنَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ كِتَابَةَ الْأَخْرَسِ الْمُنْضَمِّ إلَيْهَا قَرَائِنُ تُشْعِرُ بِالضَّمَانِ صَرِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ كِتَابَتَهُ كِنَايَةٌ، وَلِقَوْلِهِمْ: الْكِنَايَةُ لَا تَنْقَلِبُ إلَى الصَّرِيحِ بِالْقَرَائِنِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَأَنْتِ بَائِنٌ مُحَرَّمَةٌ أَبَدًا لَا تَحِلِّينَ لِي، وَعَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالضَّمَانِ أَوْ يَعُمُّ كُلَّ عَقْدٍ وَحِلٍّ وَيُقَيَّدُ بِهَذَا مَا أَطْلَقُوهُ ثَمَّ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَالْأَوَّلُ بَعِيدُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الضَّمَانَ عَقْدُ غَرَرٍ، وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ فَلَا يُنَاسِبُ جَعْلَ تِلْكَ الْكِتَابَةِ صَرِيحَةً فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ: أَيْ فَالْكِتَابَةُ كِنَايَةٌ سَوَاءٌ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرَائِنُ أَمْ لَا وُجِدَتْ مِنْ الْأَخْرَسِ أَوْ النَّاطِقِ فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وَسَوَاءٌ فِي الْأَخْرَسِ أَكَانَ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي يُشْعِرُ الْكِنَايَةَ) بِالنُّونِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِشْعَارَ أَمْرٌ خَفِيٌّ، وَقَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9] لَا يُحِسُّونَ بِذَلِكَ لِتَمَادِي غَفْلَتِهِمْ جَعَلَ لُحُوقَ وَبَالِ الْخِدَاعِ وَرُجُوعَ ضَرَرِهِ إلَيْهِمْ فِي الظُّهُورِ كَالْمَحْسُوسِ الَّذِي لَا يَخْفَى إلَّا عَلَى مُؤَفِّ الْحَوَاسِّ: أَيْ الَّذِي أُصِيبَتْ حَوَاسُّهُ بِالْآفَةِ حَتَّى فَسَدَتْ وَالشُّعُورُ الْإِحْسَاسُ وَمَشَاعِرُ الْإِنْسَانِ حَوَاسُّهُ اهـ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِنَايَةَ بِالنُّونِ

(قَوْلُهُ: دَيْنُك عَلَيْهِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ اتَّحَدَ الدَّيْنُ وَتَوَافَقَا عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ قَرْضٍ، وَثَمَنُ مَبِيعٍ مَثَلًا وَطَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَقَالَ الْكَفِيلُ ضَمِنْت دَيْنَك عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنَا ضَمِنْت شَيْئًا خَاصًّا كَدَيْنِ الْقَرْضِ مَثَلًا فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْكَفِيلِ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِدَيْنِ الْقَرْضِ فَقَالَ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ حُمِلَ عَلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا بِالْمَالِ أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ) قَالَ حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ: وَإِنَّمَا قَيَّدْت الْمَالَ وَالشَّخْصَ بِمَا ذَكَرْته لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِكْرُ مَا فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ) فِي صِيغَتَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ.

ص: 454

أَوْ عَلَيَّ مَا عَلَى فُلَانٍ وَمَا لَك عَلَى فُلَانٍ عَلَيَّ لِثُبُوتِ بَعْضِهَا نَصًّا وَبَاقِيهَا قِيَاسًا مَعَ اشْتِهَارِ لَفْظِ الْكَفَالَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ: دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ أَوْ عِنْدِي

وَلَوْ تَكَفَّلَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ ثُمَّ وَجَدَهُ مُلَازِمًا لِخَصْمِهِ فَقَالَ خَلِّهِ وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ صَارَ كَفِيلًا وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ فَسْخِ الْكِتَابَةِ أَقْرَرْتُك عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَعُدْ بَانَ الضَّمَانُ مَحْضَ غَرَرٍ وَغَبْنٍ فَكَفَى فِيهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُلْتَزَمِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصَرَاحَةِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ذِكْرُ الْمَالِ فَنَحْوُ ضَمِنْت فُلَانًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ كِنَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي إلَيَّ أَوْ عِنْدِي

(وَلَوْ قَالَ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ فَهُوَ وَعْدٌ) بِالِالْتِزَامِ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ غَيْرُ مُشْعِرَةٍ بِالِالْتِزَامِ.

نَعَمْ إنْ حَفَّتْ بِهِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إلَى الْإِنْشَاءِ انْعَقَدَ بِهِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْقَرِينَةَ تَلْحَقُهُ بِالصَّرِيحِ، لَكِنْ الْأَذْرَعِيُّ اشْتَرَطَ النِّيَّةَ مِنْ الْعَامِّيِّ وَجَعَلَ غَيْرَهُ مُحْتَمَلًا.

نَعَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَتْنِ وَحْدَهُ.

فَإِنْ قُلْت: يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا، وَتَكُونُ أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُمَا ذِكْرٌ حَمْلًا لَهَا عَلَى الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ.

قُلْت: لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَمْلُ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَعْهُودُ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ فِيهَا كِنَايَةٌ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقَرِينَةِ فِي الصَّرَاحَةِ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَا عَلَى فُلَانٍ) أَيْ إذَا ضَمَّ إلَيْهِ لَك بِأَنْ قَالَ مَا لَك عَلَيَّ إلَخْ فِيمَا يَظْهَرُ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَبْرَأهُ) أَيْ الْكَافِلُ (قَوْلُهُ: الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ الْمَكْفُولَ لَهُ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَهُ) أَيْ الْكَفِيلُ

(قَوْلُهُ: لِخَصْمِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ

(قَوْلُهُ: صَارَ كَفِيلًا) أَيْ فَيَكُونُ صَرِيحًا

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَعِدْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَبِلَ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ يُخَالِفُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ قَالَا: أَبْقَيْنَا الْعَقْدَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ أَقْرَرْنَاهُ عَادَ الْعَقْدُ بَعْدَ فَسْخِهِ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ بِعْت وَاشْتَرَيْت وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَجْلِسِ الْفَسْخِ الْأَوَّلِ اهـ وَيُخَالِفُ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فَقَرَّرَ الْوَارِثُ الْعَقْدَ صَحَّ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ قَرَّرَ الْعَقْدَ بَعْدَ فَسْخِهِ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرَى اكْتَفَى بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ لَيْسَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْغَرَرِ.

نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ لَا يُرَادَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ لِمَا فَرَّقَ بِهِ الشَّارِحُ ثُمَّ بَيَّنَ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ يُعْتَبَرُ لَهُ صِيغَةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ الْإِنْكَاحُ أَوْ التَّزْوِيجُ فَلَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِالتَّقْرِيرِ فَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْكِتَابَةِ وَيَبْقَى غَيْرُهُمَا عَلَى إشْكَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّمَانِ فَلْيُنْظَرْ هَذَا.

وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا يَنْبَغِي عَلَى مَا فَرَّقَ بِهِ قَصْرُهُ عَلَى النِّكَاحِ خَاصَّةً حَتَّى لَوْ فَسَخَ نِكَاحَ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ قَرَّرْت نِكَاحَهَا لَا تَعُودُ الزَّوْجِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ فَإِنَّهَا عُقُودُ مُعَاوَضَةٍ لَا غَرَرَ فِيهَا وَلَا غَبْنَ

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ فَإِنْ نَوَى بِهِ ضَمَانَ الْمَالِ وَعَرَفَ قَدْرَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.

وَقَالَ ع مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ ضَمَانَ الْمَالِ حُمِلَ عَلَى كَفَالَةِ الْبَدَنِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْمَالِ الْمَضْمُونِ اهـ.

وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَا ذَكَرَهُ الْتِزَامًا كَانَ لَغْوًا، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْتِزَامَ الْمَالِ أَوْ الْبَدَنِ عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ لَا بِقَيْدِ الْمَالِ وَلَا الْبَدَنِ حُمِلَ عَلَى الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ) لَمْ يُقَدَّمْ فِي قَوْلِهِ: وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ دَيْنِ فُلَانٍ إلَيَّ أَوْ عِنْدِي مَا يَظْهَرُ مِنْهُ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَعِبَارَةُ حَجّ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا

(قَوْلُهُ: إلَى الْإِنْشَاءِ) أَيْ كَأَنْ رَأَى صَاحِبَ الْحَقِّ يُرِيدُ حَبْسَ الْمَدْيُونِ فَقَالَ الضَّامِنُ: أَنَا أُؤَدِّي الْمَالَ فَذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَا ضَامِنُهُ وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُ

(قَوْلُهُ: بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ) وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ سَلَّمَ مَالِي أَعْتَقْت عَبْدِي انْعَقَدَ نَذْرُهُ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: مُحْتَمَلًا) أَيْ لَأَنْ يُوَافِقَ ابْنَ الرِّفْعَةِ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: صَارَ كَفِيلًا) أَيْ فَاللَّفْظُ صَرِيحٌ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ كِنَايَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً كَخَلِّ عَنْ مُطَالَبَةِ فُلَانٍ الْآنَ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ إلَخْ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَخَلِّ عَنْ مُطَالَبَةِ فُلَانٍ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فَلْيُحَرَّرْ

. (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ غَيْرَهُ مُحْتَمِلًا)

ص: 455

قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ فِي: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أُطَلِّقُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَالًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ لِلِاسْتِقْبَالِ فَإِنْ أَرَادَتْ بِهِ الْإِنْشَاءَ وَقَعَتْ حَالًا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُؤَثِّرُ مَعَ النِّيَّةِ وَحْدَهَا لَا مَعَ عَدَمِهَا سَوَاءٌ الْعَامِّيُّ وَغَيْرُهُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ أَمْ لَا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ)(تَعْلِيقُهُمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (بِشَرْطٍ) لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ كَالْبَيْعِ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فَجَازَ تَعْلِيقُهُمَا كَالطَّلَاقِ (وَلَا تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ) كَأَنَا كَفِيلُ يَزِيدَ إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَهُ أَنَا بَرِيءٌ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَسْلِيمِهِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْأَدَاءُ فَلِهَذَا امْتَنَعَ تَأْقِيتُ الضَّمَانِ قَطْعًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُ حَيْثُ أَفْرَدَهَا وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُمَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ فِيهِمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِضَمَانٍ أَوْ كَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ مُفْسِدٍ أَوْ قَالَ الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ لَا حَقَّ عَلَى مَنْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت بِهِ أَوْ قَالَ الْكَفِيلُ بَرِئَ الْمَكْفُولُ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الضَّامِنُ وَالْكَفِيلُ وَبَرِئَا دُونَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ، وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ بِشَرْطِ إعْطَاءِ مَالٍ لَا يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِاكْتِفَاءِ بِالْقَرِينَةِ وَأَنْ يَأْخُذَ بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَغْوٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ظَاهِرُ الْآتِي

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَتْ بِهِ) أَيْ أُطَلِّقُ (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ) أَيْ تِلْكَ الطَّلْقَةُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْعَامِّيُّ وَغَيْرُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ) أَيْ عَنْ حَجّ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ سَلَّمَ مَالَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ أَفْرَدَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ) أَيْ فَإِنْ شَرَطَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ أَقَرَّ بِضَمَانٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ خِيَارٍ مُفْسِدٍ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَا يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ) هَذَا الْقَيْدُ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الدَّافِعُ هُوَ الضَّامِنَ أَوْ الْمَضْمُونَ عَنْهُ، وَكَانَ الْآخِذُ هُوَ الْمَضْمُونَ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَهَلَّا قِيلَ بِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ مَعَ صِحَّةِ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ صِحَاحًا بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَالَ الْمَغْرُومَ هُنَا لَيْسَ صِفَةً لِلْعَقْدِ فَأَثَّرَ اشْتِرَاطُهُ، بِخِلَافِ شَرْطِ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصِّحَاحِ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذِكْرُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ حَيْثُ سَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ إذْ سُكُوتُهُ عَنْهُ صَارَ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا مُحْتَمِلًا لَا يُدْرَى حُكْمُهُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَالْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِغَيْرِ الْعَامِّيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ بِهِ الضَّمَانَ أَوْ الْكَفَالَةَ أُلْزِمَ ذَلِكَ انْتَهَتْ.

وَلَمَّا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ وَالْأَذْرَعِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ إلَّا النِّيَّةُ مِنْ الْعَامِّيِّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ أَنْ يُوَافِقَ ابْنَ الرِّفْعَةِ: أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ مَعَ الْقَرِينَةِ كَمَا قَرَّرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ بِإِطْلَاقِهِمْ إنَّهُ لَغْوٌ اهـ.

وَلَك أَنْ تَقُولَ: مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فَإِذَا اعْتَرَفَ رَاجِعًا إلَى مُطْلَقِ الْقَائِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي مَطْلَعِ كَلَامِهِ جَعَلَهُ كِنَايَةً مُطْلَقًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ: أَيْ فَقَصْدُ الِالْتِزَامِ بِهِ وَاقِعٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ الْعَامِّيِّ فَلَا بُعْدَ فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ كِنَايَةً مِنْ الْعَامِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ نَوَى إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي بَابِ النَّذْرِ إذَا قَالَ إنْ سَلَّمَ مَالِي أَعْتَقْت عَبْدِي انْعَقَدَ نَذْرُهُ

ص: 456

وَلَوْ كَفَلَ بِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا، أَوْ إنْ أَحْضَرْته وَإِلَّا فَبِعَمْرٍو أَوْ بِشَرْطِ إبْرَاءً الْكَفِيلِ وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ لَمْ تَصِحَّ (وَلَوْ)(نَجَّزَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ (وَشَرَطَ تَأْخِيرَ الْإِحْضَارِ شَهْرًا) كَضَمِنْت إحْضَارَهُ وَأَحْضَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَانَ كَعَمَلِ الْإِجَارَةِ يَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَمَنْ عَبَّرَ بِجَوَازِ تَأْجِيلِ الْكَفَالَةِ أَرَادَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَخَرَجَ بِشَهْرٍ مَثَلًا نَحْوُ الْحَصَادِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إلَيْهِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا أَجَلًا مَعْلُومًا) إذْ الضَّامِنُ تَبَرَّعَ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو لَهُ فَكَانَ عَلَى حَسَبِ مَا الْتَزَمَهُ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى جَوَازُ زِيَادَةِ الْأَجَلِ وَنَقْصِهِ وَإِسْقَاطِ الْمَالِ مِنْ قَوْلٍ أَصْلُهُ ضَمَانُ الْمَالِ الْحَالِّ لِيَشْمَلَ مَنْ تَكَفَّلَ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً بِبَدَنِ مَنْ تَكَفَّلَ بِغَيْرِهِ كَفَالَةً حَالَّةً، وَعُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الضَّامِنِ لِجِنْسِ الدَّيْنِ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا.

وَالثَّانِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْكَفَالَةِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا صَحَّ قَرْضُ شَرْطٍ فِيهِ رَدُّ نَحْوِ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك) أَيْ الْمَكْفُولِ لَهُ قَدْ يُشْكِلُ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ بِشَرْطِ عِوَضٍ عَلَى الْمَضْمُونِ لَهُ بِجَوَازِ الْتِزَامِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَرَاءَةِ عَلَى مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ عَنْ الْمُتَوَلِّي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّحَّةَ فِي الْبَرَاءَةِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا تَرَاضَيَا قَبْلَ الْبَرَاءَةِ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلشَّرْطِ فِي الْبَرَاءَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ إنْ أَحْضَرَتْهُ) أَيْ فَذَاكَ

(قَوْلُهُ: وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ) مَعْنَاهُ إبْرَاءُ الْكَفِيلِ بِأَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلُ بَرِئَ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ شَهْرٍ) أَيْ: فَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ وَأَحْضَرَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ ضَمِنَتْ إحْضَارَهُ بَعْدَ شَهْرٍ قَالَ حَجّ: فَإِنْ نَوَى تَعَلُّقًا بَعْدُ بِإِحْضَارِهِ صَحَّ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِ ضَمِنْت فَوَاضِحٌ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ، وَيُوَجَّهُ بِمَا مَرَّ أَنَّ كَلَامَ الْمُكَلَّفِ يُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ لَوْ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ لِمَا قَالُوهُ فِي الْكِنَايَةِ: إنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ لَغَتْ وَلَمْ يَقُولُوا بِصِحَّتِهَا صَوْنًا لِعِبَارَةِ الْمُكَلَّفِ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ هُنَا بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الضَّامِنِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ الْفِعْلُ، فَإِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ فِعْلٌ وَغَيْرُهُ تَعَلَّقَ الظَّرْفُ بِالْفِعْلِ، وَهُنَا الْإِحْضَارُ مَصْدَرٌ وَضَمِنَ فِعْلٌ، وَالتَّعَلُّقُ بِالْفِعْلِ هُنَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فَكَانَ هُوَ الْأَصْلَ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ) أَيْ مَا لَمْ يُرِيدَا وَقْتَهُ وَيَكُونُ مَعْلُومًا لَهُمَا، فَلَوْ أَرَادَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ أَطْلَقَا كَانَ بَاطِلًا.

وَبَقِيَ مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي إرَادَةِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَوْ مُدَّعِي الْفَسَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَلَا يُعَارِضُهُ تَقْدِيمُ قَوْلِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مُدَّعِي الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَقَدْ عَارَضَهُ هُنَا كَوْنُ الْأَصْلِ بَرَاءَةَ ذِمَّةِ الضَّامِنِ، وَأَنَّ الْإِرَادَةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي شُرِطَ فِيهِ التَّسْلِيمُ) أَيْ وَصَوَابُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فِيهِ حَيْثُ امْتَنَعَ لِغَرَضٍ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ بَيِّنَةٌ، أَوْ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى خَلَاصِهِ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَجَلًا مَعْلُومًا) أَيْ لِلضَّامِنِ كَمَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الضَّامِنِ) أَيْ دُونَ الْأَصِيلِ

(قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى) لَوْ أُخِّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لِجِنْسِ الدَّيْنِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ

(قَوْلُهُ: اشْتِرَاطِ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ اسْتِفَادَةُ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ صِفَةٌ، وَهِيَ لَا تُعْلَمُ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الدَّيْنِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مَثَلًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْجِنْسِ مَا يَشْمَلُ الصِّفَةَ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلًا) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ كَفَلَ بِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ إلَخْ) أَيْ قَائِلًا عَلَى أَنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَضَمِنْتُ إحْضَارَهُ وَأَحْضَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) عِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ: نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ

. (قَوْلُهُ: وَنَقَصَهُ) أَيْ وَلَا يَلْحَقُ النَّقْصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

ص: 457

لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِلْمُخَالَفَةِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ تَصْحِيحُهُ، وَنَبَّهَ فِي الدَّقَائِقِ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ مَا فِي بَقِيَّةِ النُّسَخِ وَالْمِنْهَاجِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا) لِتَبَرُّعِهِ بِالْتِزَامِ التَّعْجِيلِ فَصَحَّ كَأَصْلِ الضَّمَانِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ رَهَنَ بِدَيْنٍ حَالٍّ، وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَجَلًا أَوْ عَكْسَهُ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ مَعَ أَنَّ كُلًّا وَثِيقَةٌ بِأَنَّ الرَّهْنَ عَيْنٌ وَهِيَ لَا تَقْبَلُ تَأْجِيلًا وَلَا حُلُولًا، وَالضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ لِذِمَّةٍ، وَالذِّمَّةُ قَابِلَةٌ لِالْتِزَامِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا وَعَكْسِهِ.

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِمَا مَرَّ (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ) كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ الْأَصِيلُ فَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ.

وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ، فَلَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ حَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَى الضَّامِنِ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا.

نَعَمْ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ مُؤَجَّلًا لِشَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا لِشَهْرٍ لَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ.

وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ لَزِمَ فَلَزِمَتْ صِفَتُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ (وَلِلْمُسْتَحِقِّ) الشَّامِلِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَلِوَارِثِهِ، وَلَا يَشْمَلُ الْمُحْتَالُ، وَإِنْ قِيلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّامِنِ لِمَا مَرَّ مِنْ بَرَاءَتِهِ بِهَا (مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ) وَضَامِنِهِ وَهَكَذَا، وَإِنْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ وَافٍ (وَالْأَصِيلِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَتَوْزِيعًا بِأَنْ يُطَالِبَ كُلًّا بِبَعْضِ الدَّيْنِ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلِلْخَبَرِ الْمَارِّ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَلَا مَحْذُورَ فِي مُطَالَبَتِهِمَا وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ فِي تَغْرِيمِهِمَا مَعًا كُلَّ الدَّيْنِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الذِّمَّتَيْنِ إنَّمَا اُشْتُغِلَتَا بِدَيْنٍ وَاحِدٍ كَالرَّهْنَيْنِ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْكُلِّ وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، فَالتَّعَدُّدُ فِيهِ لَيْسَ فِي ذَاتِهِ بَلْ بِحَسَبِ ذَاتَيْهِمَا، وَلِهَذَا حَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَيَتَأَجَّلُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا كَذَلِكَ

وَلَوْ أَفْلَسَ الْأَصِيلُ فَطَلَبَ الضَّامِنُ بَيْعَ مَالِهِ أَوَّلًا.

أُجِيبَ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ فِي حَقِّهِ) أَيْ الضَّامِنِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا

(قَوْلُهُ: عَلَى الضَّامِنِ بِمَوْتِهِ) أَيْ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءٌ قُلْنَا يَثْبُتُ تَبَعًا أَوْ مَقْصُودًا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مَقْصُودًا فِي حَقِّ الضَّامِنِ فَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ

(قَوْلُهُ: رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أَيْ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ بِصِفَةِ الْإِيمَانِ فَلَا يَكْفِي غَيْرُهَا

(قَوْلُهُ: وَلَا يَشْمَلُ الْمُحْتَالَ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ كَفِيلٌ ثُمَّ أَحَالَ الْمَدِينُ الدَّائِنَ عَلَى آخَرَ لَمْ يُطَالِبْ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ لِبَرَاءَتِهِ بِالْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ مِنْ بَرَاءَتِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُحِيلُ لِلضَّامِنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحَالَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَبْرَأُ فَيُطَالِبُ الْمُحْتَالُ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالضَّامِنِ كَمَا مَرَّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ صَاحِبِ الْقِيلِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا) .

[فَرْعٌ] مِنْ الْوَقَائِعِ مُسْتَحِقٌّ طَالَبَ الضَّامِنِ، فَقِيلَ لَهُ: طَالِبْ الْأَصِيلَ، فَقَالَ مَا لِي بِهِ شُغْلٌ، فَقِيلَ لَهُ الْحَقُّ لَك قِبَلَهُ، فَقَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ الْحَالُ وَيَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ حَقِّهِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ، فَأَفْتَى م ر بِأَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ لِجَهْلِهِ وَخَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

(قَوْلُهُ: أَوَّلًا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَأَصْلِ الضَّمَانِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ صِحَّتِهِ مَعَ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا حَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ هَذَا بِالتَّعَدُّدِ أَنْسَبُ مِنْهُ بِعَدَمِهِ

(قَوْلُهُ: فَطَلَبَ الضَّامِنُ بَيْعَ مَا لَهُ أَوَّلًا) مُرَادُهُ بِذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَفْلَسَ الْأَصِيلُ وَالضَّامِنُ وَأَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِمَا فِي دَيْنِهِمَا فَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ الْأَصِيلِ وَقَالَ الضَّامِنُ: ابْدَأْ بِمَالِ أَيِّكُمَا شِئْت بِدَيْنِي إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَالْمُجَابُ الضَّامِنُ أَوَّلًا بِإِذْنِهِ فَالْخِيَرَةُ إلَى الدَّائِنِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي إلَخْ) فِي اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ لِمَا ذُكِرَ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى

.

ص: 458

اثْنَانِ لِآخَرَ ضَمِنَّا مَا لَك عَلَى زَيْدٍ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الْأَلْفِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي كَمَا لَوْ قَالَا: رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِأَلْفٍ لَك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ، وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ مُعَلِّلَا لَهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ عَصْرِ السُّبْكِيّ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ يُطَالِبُ كُلًّا مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَا: اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِأَلْفٍ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَشَغْلُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْبَدْرُ بْنِ شُهْبَةٌ عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِ الضَّامِنَيْنِ ذَلِكَ وَحَلِفِهِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَبِالتَّبْعِيضِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ الْمُشَبَّهِ بِهَا أَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مَرْهُونَةٌ بِالنِّصْفِ فَقَطْ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: لَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) الضَّمَانُ، وَمِثْلُهُ الْكَفَالَةُ (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَاهُ.

وَالثَّانِي يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الضَّمَانِ وَالشَّرْطِ لِخَبَرِ جَابِرٍ فِي «ضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ لِلْمَيِّتِ حَيْثُ قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم هُمَا عَلَيْك وَفِي مَالِك وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِيءٌ، فَقَالَ نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ» قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بَرِيءٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ

(وَلَوْ)(أَبْرَأَ الْأَصِيلَ) أَوْ بَرِئَ بِنَحْوِ اعْتِيَاضٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ أَدَاءٍ، وَإِنَّمَا آثَرَ لَفْظَ أَبْرَأَ لِتَعَيُّنِهِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ (بَرِئَ الضَّامِنُ) وَضَامِنُهُ وَهَكَذَا لِسُقُوطِ الْحَقِّ (وَلَا عَكْسَ) فَلَوْ بَرِئَ الضَّامِنُ بِإِبْرَاءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ، وَلَا مَنْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ، وَكَذَا فِي كَفِيلِ الْكَفِيلِ وَكَفِيلِهِ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ وَثِيقَةٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الدَّيْنُ كَفَكِّ الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ بِنَحْوِ أَدَاءً، وَلَوْ قَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ الضَّامِنُ فَإِنْ قَصَدَ إبْرَاءَهُ بَرِئَ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ بَرِئَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ.

قَالَ: وَيُصَدَّقُ الْمَضْمُونُ لَهُ فِي أَنَّ الضَّامِنَ لَمْ يَقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ إلَّا إنْ قَصَدَ إسْقَاطَهُ عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ

(وَلَوْ)(مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَوْ اُسْتُرِقَّ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ (حَلَّ عَلَيْهِ) لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ (دُونَ الْآخَرِ) فَلَا يَحِلُّ عَلَيْهِ لِارْتِفَاقِهِ بِالْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَصِيلَ، وَلَهُ تَرِكَةٌ فَلِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَحِقِّ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَوْ يُبْرِئَهُ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهَا، فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَهُوَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ قَبْلَ غُرْمِ الضَّامِنِ كَأَنْ قَالَ بِيعُوا مَالَ الْمُفْلِسِ وَوَفُّوا مِنْهُ مَا يَخُصُّ دَيْنَ الْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ غَرِمْته، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِلْأَوَّلِ) أَيْ مُطَالَبَةُ كُلٍّ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الضَّمَانِ، وَيُصَوَّرُ فِي الْكَفَالَةِ بِإِبْرَاءِ كَفِيلِ الْكَفِيلِ بِأَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت بِإِحْضَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ قَبْلُ بَرِئَ

(قَوْلُهُ: هُمَا عَلَيْك) الَّذِي مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ قَدْرَ الدَّيْنِ الَّذِي ضَمِنَهُ أَبُو قَتَادَةَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ فَلَعَلَّهُمَا وَاقِعَتَانِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ وَلَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْبَرَاءَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَبْرَأْتَنِي فَقَالَ نَعَمْ، فَيَبْرَأُ بِذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قِيلَ لَهُ الْتِمَاسًا طَلَّقْت زَوْجَتَك فَقَالَ: نَعَمْ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ ضَمِنْت لِي مَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ: نَعَمْ فَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ قَبِلَهُ) أَيْ الضَّامِنِ الْمُبْرَأِ

(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَدَاءً) أَيْ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْإِيجَابِ بِأَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ عُرْفًا بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا (قَوْلُهُ لَمْ يَقْبَلْ) أَيْ الْإِقَالَةَ

(قَوْلُهُ: عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ إبْرَاءَ الضَّامِنِ وَحْدَهُ أَوْ لِتُرَاضِي أَوْ ارْتَدَّ وَاتَّصَلَتْ رِدَّتُهُ بِالْمَوْتِ

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ وَلَا مَنْ قَبْلَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ ضَمِنَ بِهِ أَوْ كَفَلَ آخَرُ وَبِالْآخَرِ آخَرُ وَهَكَذَا طَالَبَهُمْ، فَإِنْ بَرِئَ الْأَصِيلُ بَرَءُوا أَوْ غَيْرُهُ بَرِئَ وَمَنْ بَعْدُ لَا مَنْ قَبْلُهُ انْتَهَتْ

.

ص: 459

قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي إفْلَاسِ الْأَصِيلِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَغْرَمَ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاسْتِئْذَانِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الضَّامِنَ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ الْآذِنِ فِي الضَّمَانِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَعَارَ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ضَمَانٌ فِي رَقَبَتِهَا دُونَ الذِّمَّةِ

(وَإِذَا)(طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ) بِالدَّيْنِ (فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ) أَوْ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ (بِتَخْلِيصِهِ بِالْأَدَاءِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ) لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ، نَعَمْ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَإِنْ حُبِسَ وَلَا مُلَازَمَتُهُ، فَفَائِدَتُهَا إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ بِالِامْتِنَاعِ إذَا ثَبَتَ لَهُ مَالٌ.

أَمَّا لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ) بِالدَّيْنِ الْحَالِّ (قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ) بِهِ كَمَا لَا يُغَرِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَغْرَمَ.

وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِتَخْلِيصِهِ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ عَيْنًا لِلرَّهْنِ وَرَهَنَهَا فَإِنَّ لِلْمَالِكِ الْمُطَالَبَةَ بِفَكِّهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، بِخِلَافِ الضَّامِنِ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ لَهُ بِأَنْ يُطَالِبَهُ أَوْ يُبْرِئَهُ وَلَا مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِالْمَالِ حَيْثُ كَانَ ضَامِنًا بِالْإِذْنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ، فَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْته عَنِّي كَانَ وَكِيلًا، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ أَوْ صَالَحَ عَمَّا سَيَغْرَمُ فِيهِمَا أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ أَوْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا لَمْ يَصِحَّ؛ إذْ لَمْ يَثْبُتْ لِلضَّامِنِ حَقٌّ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَرَطَ الضَّامِنُ حَالَ الضَّمَانِ أَنْ يَرْهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا أَوْ يُقِيمَ لَهُ بِهِ ضَامِنًا فَسَدَ لِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَلِلضَّامِنِ) بَعْدَ أَدَائِهِ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ كَمَا أَفَادَهُ السِّيَاقُ (الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ وَعَدَمِهِ وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ وَالضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلِمَا لَوْ أَفْلَسَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالضَّمَانُ بِغَيْرِ إذْنٍ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُعِيرُ

(قَوْلُهُ: دُونَ الذِّمَّةِ) وَذِكْرُ الْعَارِيَّةِ مِثَالٌ، وَالْمَدَارُ عَلَى تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ بِضَمَانٍ فِيهِمَا أَوْ رَهْنٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَدِينِ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ) أَيْ أَوْقَعَهُ فِي مَشَقَّةِ الْمُطَالَبَةِ.

وَأَصْلُ التَّوْرِيطِ الْإِيقَاعُ فِي الْهَلَاكِ.

فَفِي الْمُخْتَارِ الْوَرْطَةُ الْهَلَاكُ، وَأَوْرَطَهُ وَوَرَّطَهُ تَوْرِيطًا أَوْقَعَهُ فِي الْوَرْطَةِ اهـ، فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْقَعَهُ فِي الْهَلَاكِ بِسَبَبِ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ) لَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِدْرَاكِ بَلْ كَانَ الْأَوْلَى جَعْلَهُ مُسْتَأْنَفًا

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ احْبِسْهُ مَعِي اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْبِسَهُ مَعَهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ: أَيْ لَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحَبْسِهِ (قَوْلُهُ فَفَائِدَتُهَا) أَيْ الْمُطَالَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَلَهُ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا فِي الشَّامِلِ، وَحَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالرُّويَانِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَقَرَّهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي أَوْ تُبْرِئَنِي اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُطَالِبَهُ) أَيْ الضَّامِنُ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ دَفَعَ لَهُ) أَيْ الضَّامِنُ

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ) أَيْ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ الضَّامِنُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الضَّامِنُ إذَا دَفَعَهُ لَهُ الْأَصِيلُ بَعْدَ مُطَالَبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الضَّامِنَ مَا لَمْ يَغْرَمْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ، فَقَبْضُهُ لِنَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا غَرِمَ لَهُ الدَّيْنَ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ الْأَصِيلِ بَعْدَ الْغُرْمِ

(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ

(قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ الضَّمَانُ وَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ: أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الضَّمَانِ لَغَا وَلَمْ يَبْطُلْ الضَّمَانُ وَنَبَّهَ بِمَا هُنَا عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ

(قَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ قَصَدَ جِهَةَ الضَّمَانِ أَوْ أَطْلَقَ، وَيَنْبَغِي فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ

ص: 460

إنْ وَجَدَ إذْنَهُ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ) لِصَرْفِهِ مَالَهُ لِغَرَضِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ.

أَمَّا لَوْ أَدَّى مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِهِ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ أَوْ ضَمِنَ فَرْعٌ عَنْ أَصْلِهِ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ طَرَأَ إعْسَارُهُ بِحَيْثُ وَجَبَ إعْفَافُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الصَّدَاقَ فَأَدَّاهُ الضَّامِنُ فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ أَيْسَرَ الْمَضْمُونُ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَدَّى أَوْ نَذَرَ ضَامِنٌ بِالْإِذْنِ الْأَدَاءَ وَعَدَمَ الرُّجُوعِ (إنْ انْتَفَى) إذْنُهُ (فِيهِمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ (فَلَا) رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَشَمِلَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ الْمَدْيُونُ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ فَضَمِنَهُ وَأَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ وَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَدِّ عَنِّي مَا ضَمِنْته لِتَرْجِعَ بِهِ عَلَيَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِأَنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ جِهَةٍ أَوْ أَطْلَقَ

(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ أَدَّى) أَيْ الضَّامِنُ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ مَالِهِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) مُسْتَثْنَى، وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِيمَا خَرَجَ بِمَالِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّوْجِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَعْدُ فِي قَوْلِنَا: لَعَلَّ وَجْهَهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: لَوْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ) أَيْ بِإِذْنِهِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا جَرَى سَبَبُ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ الْمَغْرُومُ بِسَبَبِ الضَّمَانِ كَأَنَّهُ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَأَدَّاهُ قَبْلَ عِتْقِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى بَعْدَ عِتْقِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَقَدْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ بِأَنَّ مَا أَدَّاهُ الْعَبْدُ لَمَّا جَرَى سَبَبُهُ، وَهُوَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَا غَرِمَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهُوَ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَدَّى مِنْ مَالِ السَّيِّدِ، وَلَا يَسُوغُ الرُّجُوعُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ) أَيْ لِأَنَّ مَا أَدَّاهُ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ بِإِعْسَارِ أَصْلِهِ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الْأَصْلُ زَوْجَتَيْنِ وَضَمِنَ صَدَاقَهُمَا الْفَرْعُ بِإِذْنِ أَصْلِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ الْأَصْلُ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْفَرْعَ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ بِصَدَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِحُصُولِ الْإِعْفَافِ بِهَا وَتَكُونُ الْخِيَرَةُ لِلْفَرْعِ فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الصَّدَاقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيْسَرَ الْمَضْمُونُ) أَيْ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الرُّجُوعِ) أَيْ فَإِنْ نَذَرَ الْأَدَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ الرُّجُوعَ ثُمَّ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ، قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ صَارَ وَاجِبًا فَيَقَعُ الْأَدَاءُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَنَازَعَهُ م ر فِي نَفْسِ انْعِقَادِ النَّذْرِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ وَاجِبٌ، وَالْوَاجِبُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ اهـ.

وَقَدْ يُورَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ بِالطَّلَبِ فَقَبِلَهُ لَا وُجُوبَ فَيَنْعَقِدُ، وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَنْعِ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَاجِبَةُ الْأَدَاءِ مَعَ تَوَقُّفِ وُجُوبِ أَدَائِهَا عَلَى ضِيقِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهَا فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يُدْفَعُ بِمَنْعِ ذَلِكَ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ نَذَرَ صَلَاةَ الظُّهْرِ لَا بِقَيْدِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَا غَيْرِهِ، فَعَدَمُ الِانْعِقَادِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذِرْ إلَّا مَا هُوَ مُخَاطَبٌ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ نَذَرَ تَعْجِيلَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَا وَجْهَ إلَّا صِحَّةُ النَّذْرِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ بَدَلٌ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ أَوْ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: وَأَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ أَوْ أَطْلَقَ رَجَعَ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَالَ م ر: إنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ السَّابِقِ رَجَعَ أَوْ عَنْ الضَّمَانِ لَا رُجُوعَ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ وَقَرَّرَ فِي الْعَكْسِ كَذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ إنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْأَدَاءِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ فَرَاجِعْهُ.

وَفِي حَجّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ لَا رُجُوعَ لَهُ سَوَاءٌ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الضَّمَانِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَنَّ مَحَلَّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِغَرَضِ الْغَيْرِ) أَيْ الْوَاجِبِ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَأَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ أَوْ أَطْلَقَ فَيَرْجِعُ، لَكِنَّ الشِّهَابَ سم نَقَلَ عَنْهُ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ، فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 461

وَأَدَّى لَا عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي الضَّمَانِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَدَاءِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الضَّمَانَ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْإِذْنُ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ، أَمَّا لَوْ نَهَاهُ بَعْدَ الضَّمَانِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَانْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ كَانَ رُجُوعًا عَنْهُ، وَإِلَّا أَفْسَدَهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَدْ لَا يَرْجِعُ بِأَنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ إذْنِ الْأَصِيلِ لَهُ فِيهِ فَكَذَّبَهَا، لِأَنَّهُ بِتَكْذِيبِهَا صَارَ مَظْلُومًا بِزَعْمِهِ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَهُوَ هُنَا الْمُسْتَحِقُّ (وَلَا عَكْسَ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَدَّى بِإِذْنِهِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ سَبَبُهُ الضَّمَانُ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ.

نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ، وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يُرَدَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِثْلُهُ صُورَةً كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ.

وَالثَّانِي: يَرْجِعُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ.

(وَلَوْ)(أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ) ضَمِنَهَا (بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ)(فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ) لِأَنَّهُ الَّذِي بَذَلَهُ، أَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الْمُسَامَحَةُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْأَصِيلِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الدَّائِنُ مُسَامَحَتَهُ بِهِ أَيْضًا، قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ.

وَالْأَوْجَهُ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُسَامِحْ هُنَا بِقَدْرٍ وَإِنَّمَا أَخَذَ بَدَلًا عَنْ الْكُلِّ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ صُلْحُهُ عَنْ مُكَسَّرٍ بِصَحِيحٍ، وَعَنْ عِشْرِينَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَصْلِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا أَدَّاهُ وَالدَّيْنِ وَبِالصُّلْحِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ وَقَعَ تَقَاصٌّ فَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ بِمَا ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمُسَامَحَةُ بِتَرْكِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَعَدَمِ مُقَابَلَةِ الْمُصَالَحِ بِهِ الْجَمِيعَ الْمُصَالَحَ عَنْهُ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ، وَفِي الْبَيْعِ الْمُشَاحَّةُ، وَمُقَابَلَةُ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَرَجَعَ بِالثَّمَنِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الصُّلْحُ بَيْعٌ أَيْضًا

وَلَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ أَدَّى بَعْضَهُ وَأَبْرَأَ مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ بِمَا أَدَّى وَبَرِئَ فِيهِمَا، وَكَذَا الْأَصِيلُ لَكِنْ فِي صُورَةِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ لَفْظَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِالنَّظَرِ لِمَنْ جَرَى مَعَهُ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ دُونَ صُورَةِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ لِلضَّامِنِ عَنْ الْوَثِيقَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ

وَلَوْ ضَمِنَ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا عَلَى مُسْلِمٍ ثُمَّ تَصَالَحَا عَلَى خَمْرٍ لَمْ يَرْجِعْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ بِسَبَبِ الْإِذْنِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَأَدَّى) أَيْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ

(قَوْلُهُ: عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ) أَيْ بِأَنْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ أَوْ أَطْلَقَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ وَعَدَمِهَا صُدِّقَ الدَّافِعُ فَإِنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ) أَيْ الْأَدَاءِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ نَهَاهُ) أَيْ عَنْ الْأَدَاءِ

(قَوْلُهُ: فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ) أَيْ النَّهْيِ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى (قَوْلُهُ: وَانْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ) بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا

(قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ النَّهْيُ رُجُوعًا عَنْهُ أَيْ الْإِذْنِ، وَهُوَ صَحِيحٌ

(قَوْلُهُ: إلَّا بِمَا غَرِمَ) قَضِيَّتُهُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ إلَخْ أَنْ يَرْجِعَ بِمِثْلِ الثَّوْبِ لَا قِيمَتِهِ

(قَوْلُهُ: قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ) هُوَ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِالْأَصْلِ) وَهُوَ الْمُكَسَّرُ وَالْعِشْرِينَ لِتَبَرُّعِهِ بِالزِّيَادَةِ

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِالْمِائَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ مَا بَاعَهُ مَا بَاعَ الثَّوْبَ بِهِ

(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ) أَيْ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ عَنْ مِائَةٍ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ

(قَوْلُهُ: وَأَبْرَأَ) أَيْ الضَّامِنُ

(قَوْلُهُ: وَبَرِئَ) أَيْ الضَّامِنُ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي صُورَةِ الصُّلْحِ) أَيْ دُونَ صُورَةِ الْإِبْرَاءِ

(قَوْلُهُ: دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ) أَيْ فَيُطَالَبُ بِهِ الْأَصِيلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَعْدَ الضَّمَانِ) حَقُّ الْعِبَارَةِ: أَمَّا لَوْ نَهَاهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الضَّمَانِ إلَخْ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ لِذِمِّيٍّ دَيْنًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا الصُّلْحُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الضَّامِنِ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْأَصْلِ مَا أَدَّاهُ وَتَمَلُّكَهُ إيَّاهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ انْتَهَتْ.

وَعُلِمَ مِنْهَا

ص: 462

لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْلِمِ وَلَا قِيمَةَ لِلْخَمْرِ عِنْدَهُ

وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ لَمْ يَرْجِعْ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ وَالْمِائَةِ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَالنُّقْصَانُ جَرَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ مُسَامَحَةً لِلضَّامِنِ

(وَمَنْ)(أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ) وَلَيْسَ أَبًا وَلَا جَدًّا (بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ)(فَلَا رُجُوعَ) لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْجَرَ مُضْطَرًّا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ مَعَ تَرْغِيبِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ أَمَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ إذَا أَدَّى دَيْنَ مَحْجُورِهِ أَوْ ضَمِنَهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ)(أَذِنَ) لَهُ فِي الْأَدَاءِ (بِشَرْطِ الرُّجُوعِ)(رَجَعَ) عَلَيْهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ (وَكَذَا إنْ أَذِنَ) لَهُ إذْنًا (مُطْلَقًا) عَنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَأَدَّى لَا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ قَالَ: اعْلِفْ دَابَّتِي، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ: أَطْعِمْنِي رَغِيفًا بِجَرَيَانِ الْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا أُجْرَةَ فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي؛ لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ.

وَقَوْلُ الْقَاضِي: لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ دَارِهِ، وَلَا أَدَاءُ دَيْنِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ اقْضِ دَيْنِي وَأَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي اهـ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِشِقِّهِ الْأَوَّلِ لِمَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ الْقَرْضِ أَنَّهُ مَتَى شَرَطَ الرُّجُوعَ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ رَجَعَ وَفَارَقَ نَحْوَ أَدِّ دَيْنِي وَاعْلِفْ دَابَّتِي بِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ فَيَكْفِي الْإِذْنُ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعُ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ فِدَاءُ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَنَوْا فِي وُجُوبِ السَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهِ مَا لَمْ يَعْتَنُوا بِهِ فِي غَيْرِهِ.

قَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: وَلَوْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَى امْرَأَتِي مَا تَحْتَاجُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ صَحَّ ضَمَانُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَيْسَ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ الْمَارِّ بَلْ مَا يُرَادُ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بَلْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي نَفْسِهِ أَنَّ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي لَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ، فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الضَّمَانِ فَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيُمْكِنُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ) عِبَارَةُ حَجّ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ وَهُوَ سُقُوطُ الدَّيْنِ اهـ.

فَقَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ فِي إطْلَاقِهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الصُّلْحِ

(قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهَا) أَيْ الْمُصَالَحَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالَ) يُتَأَمَّلُ مَا ذُكِرَ فَإِنَّ الضَّمَانَ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحَوَالَةِ فَقَدْ بَرِئَ الضَّامِنُ بِالْحَوَالَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ يَنْتَقِلُ لِلْمُحْتَالِ بِدُونِ الْوَثِيقَةِ الَّتِي بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا وَجْهَ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمُحْتَالِ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى الضَّامِنِ وَبِهَا سَقَطَ حَقُّ الْمُحِيلِ وَبَقِيَ الْحَقُّ لِلْمُحْتَالِ، فَإِذَا أَبْرَأَ الضَّامِنَ سَقَطَ الْحَقُّ عَنْ الْأَصِيلِ، وَلَا رُجُوعَ لِلضَّامِنِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ

(قَوْلُهُ: بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ انْتَفَى فِيهِمَا فَلَا؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ وُجِدَ ضَمَانٌ وَأَدَّى بِلَا إذْنٍ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ وَمَا هُنَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ضَمَانٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَدَّى بِلَا إذْنٍ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ أُوجِرَ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ لَا يُمْكِنُ الْعَقْدُ مَعَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: إذَا أَدَّى) أَيْ أَحَدُهُمَا

(قَوْلُهُ: أَوْ ضَمِنَهُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ اعْلِفْ دَابَّتِي) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: أَطْعِمْنِي رَغِيفًا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ بِمُقَابِلٍ كَأَنْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ حِرْفَتُهُ بَيْعُ الْخُبْزِ

(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ اغْسِلْ ثَوْبِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ الْغُسْلَ بِالْأُجْرَةِ

(قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ الرُّجُوعَ حَيْثُ شَرَطَهُ.

وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْآلَةَ لِمَالِكِ الدَّارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَمِّرْ دَارِي بِآلَتِك فَلَا رُجُوعَ لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ، وَالْآلَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَجّ قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ لِشِقِّهِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ إلَخْ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ اقْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ قَوْلُهُ: عَمِّرْ دَارِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ) أَيْ بِ أَدِّ دَيْنِي إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا تَأْخُذُهُ الزَّوْجَةُ تَمْلِكُهُ فَلَمْ يَبْقَ ثَمَّ أَصِيلٌ وَضَامِنٌ حَتَّى

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَدَمُ الرُّجُوعِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ) أَيْ: بِأَنْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ ثَالِثًا عَلَى الضَّامِنِ فَأَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ فِيمَا يَظْهَرُ) وَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِبْرَاءِ الْمُحْتَالِ، الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ سَقَطَ حَقُّهُ بِالْحَوَالَةِ وَالْمُحْتَالُ لَمْ يَتَوَجَّهْ مُطَالَبَتُهُ إلَّا عَلَى الضَّامِنِ لَا عَلَى الْأَصِيلِ فَلْيُرَاجَعْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ حَوَالَةَ الْمُسْتَحِقِّ

ص: 463

حَمْلُ كَلَامِ الْقَاضِي عَلَيْهِ

وَلَوْ قَالَ بِعْ لِهَذَا بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَك فَفَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَلْفُ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ

، وَلَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الضَّامِنَ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ وَغَرِمَ رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْإِذْنِ الرُّجُوعُ

(وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْأَدَاءِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ) إذْ مَقْصُودُ الْإِذْنِ الْبَرَاءَةُ، وَقَدْ حَصَلَتْ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ كَمَا مَرَّ.

وَالثَّانِي: تَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْمُصَالَحَةِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، وَإِحَالَةُ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الضَّامِنِ لَهُ قَبْضٌ، وَمَتَى وَرِثَ الضَّامِنُ الدَّيْنَ رَجَعَ بِهِ مُطْلَقًا

(ثُمَّ إنَّمَا يَرْجِعُ الضَّامِنُ وَالْمُؤَدِّي) بِشَرْطِهِمَا الْمَارِّ (إذَا أَشْهَدَا بِالْأَدَاءِ) مَنْ لَمْ يُعْلَمْ سَفَرُهُ عَنْ قُرْبٍ (رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ) وَلَوْ مَسْتُورَيْنِ وَإِنْ بَاتَا فَاسِقَيْنِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ بَاطِنًا (وَكَذَا رَجُلٌ) يَكْفِي إشْهَادُهُ (لِيَحْلِفَ مَعَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَافٍ فِي إثْبَاتِ الْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَ حَاكِمُ الْبَلَدِ حَنَفِيًّا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ كُلُّ الْإِقْلِيمِ كَذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ، وَالثَّانِي لَا لِاحْتِمَالِ تَرَافُعِهِمَا إلَى حَنَفِيٍّ لَا يَقْضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَكَانَ ذَلِكَ ضَرْبًا مِنْ التَّقْصِيرِ.

وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدٌ إشْهَادَ مَنْ يَتَّفِقُ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِهِ، وَقَوْلُهُ لِيَحْلِفَ مَعَهُ عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ عَزْمُهُ عَلَى الْحَلِفِ حِينَ الْإِشْهَادِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَفَادَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ الْإِثْبَاتِ، فَقَوْلُ الْحَاوِي إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْلِفْ أَصْلًا

(فَإِنْ)(لَمْ يَشْهَدْ) أَيْ الضَّامِنُ بِالْأَدَاءِ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ أَوْ سَكَتَ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ وَكَذِبِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَدَاءِ وَهُوَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ (وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِأَدَائِهِ، إذْ الْمُطَالَبَةُ بَاقِيَةٌ.

وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ بِإِذْنِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْأَصِيلُ بِإِشْهَادٍ فَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَرْجِعْ جَزْمًا، أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تَرْكِهِ رَجَعَ، قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّارِمِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُوجَدَ فِيهِ حَقِيقَةُ الضَّمَانِ بَلْ الدَّافِعُ كَالْمُقْرِضِ وَالْآذِنُ كَالْمُقْتَرِضِ، إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ كَلَامَ الْقَاضِي بِمَا لَوْ صَدَرَ ذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَتِمَّ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ تَجِبُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ فَتُوجَدُ فِيهَا حَقِيقَةُ الضَّمَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ صِحَّةُ ضَمَانِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ، وَمَا قَبْلَهُ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْغَدِ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّهَا، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَى الزَّوْجِ فَالْمُنْفِقُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّى ضَامِنٌ لَهُ

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ) مِثْلُهُ فِي حَجّ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَقْرِضْهُ كَذَا، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: بِإِذْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِ ضَمِنَ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ الْأَصِيلُ لِلضَّامِنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: الْأَصِيلِ) مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ

(قَوْلُهُ: وَغَرِمَ) أَيْ الضَّامِنُ الثَّانِي

(قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَصِيلِ

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ، وَصَالَحَ عَنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ

(قَوْلُهُ: قَبْضٌ) أَيْ فَيَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُحْتَالِ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُبْرِئْهُ الْمُحْتَالُ لَيْلًا ثُمَّ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ هُنَا مَا نَصُّهُ: فُرُوعٌ: لَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقَّ عَلَى الضَّامِنِ ثُمَّ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ هَلْ يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ لَا؟ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ، وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَ وَهَذَا لَمْ يَغْرَمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَهَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ، كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ

(قَوْلُهُ: رَجَعَ بِهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَدَّاهُ لِمُوَرِّثِهِ أَوْ لَا

(قَوْلُهُ: عَنْ قُرْبٍ) أَيْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِمَنْ لَا يُعْلَمُ سَفَرُهُ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ) أَيْ الْحَلِفَ

(قَوْلُهُ: رَجَعَ) أَيْ إنْ صَدَّقَهُ الْأَصِيلُ فِي الدَّفْعِ

(قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الْبَحْرِ) أَيْ لِلرُّويَانِيِّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَبْضٌ

. (قَوْلُهُ: وَمَتَى وَرِثَ الضَّامِنُ الدَّيْنَ رَجَعَ بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ أَمْ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ وَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ كَانَتْ الصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا انْتِقَالَ الدَّيْنِ لَهُ بِالْإِرْثِ مَنْزِلَةَ

ص: 464

فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ ثُمَّ أَدَّى ثَانِيًا وَأَشْهَدَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبْرِئُ لِلذِّمَّةِ أَوْ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُسْقِطُ لِلضَّمَانِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صِحَاحًا، وَالْآخَرُ مُكَسَّرًا مَثَلًا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِأَقَلِّهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ بِزَعْمِهِ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ الْمُبْرِئُ لِكَوْنِهِ أَشْهَدَ بِهِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الزَّائِدِ (فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ) أَوْ وَارِثُهُ الْخَاصُّ لَا الْعَامُّ، وَقَدْ كَذَّبَهُ الْأَصِيلُ، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ بِذَلِكَ حَيْثُ اعْتَرَفَ الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ بِقَبْضِهِ.

أَمَّا إقْرَارُ الْعَامِّ بِقَبْضِ الْمُوَرِّثِ فَغَيْرُ مَقْبُولٍ كَإِقْرَارِ الْوَلِيِّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ) وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ لَهُ (رَجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِسُقُوطِ الطَّلَبِ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِ ذِي الْحَقِّ، وَلِأَنَّ الْمُقَصِّرَ هُوَ الْأَصِيلُ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَطْ لِنَفْسِهِ، وَكَالضَّامِنِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُؤَدِّي.

نَعَمْ يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ تَصْدِيقُهُ فِي نَحْوِ: أَطْعِمْ دَابَّتِي، وَأَنْفِقْ عَلَى مَحْجُورِي فِي أَصْلِ الْإِطْعَامِ وَالْإِنْفَاقِ، وَفِي قَدْرِهِ حَيْثُ كَانَ مُحْتَمَلًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ تَعْمِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْفَاقِ الْوَصِيِّ، وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَقُولُ تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ

وَلَوْ قَالَ أَشْهَدْت بِالْأَدَاءِ شُهُودًا وَمَاتُوا أَوْ غَابُوا أَوْ طَرَأَ فِسْقُهُمْ وَكَذَّبَهُ الْأَصِيلُ فِي الْإِشْهَادِ قُبِلَ قَوْلُ الْأَصِيلِ بِيَمِينِهِ وَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الشُّهُودُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدْ، وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي وَرُبَّمَا نَسِينَا فَلَا رُجُوعَ كَمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ

وَلَوْ شَهِدَ الْأَصِيلُ لِآخَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ قُبِلَتْ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الضَّمَانِ عَنْهُ كَذَا قِيلَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ إذْ هُوَ نَفْيُ غَيْرِ مَحْصُورٍ، وَلَا تُقْبَلُ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى نَفْيِ مَحْصُورٍ كَوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَانَ صَحِيحًا وَلِلضَّامِنِ بَاطِنًا إذَا أَدَّى لِلْمُسْتَحِقِّ فَأَنْكَرَ وَطَالَبَ الْأَصِيلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَشَهَادَةِ بَعْضِ قَافِلَةٍ عَلَى قُطَّاعٍ أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ مَا لَمْ يَقُولُوا عَلَيْنَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ

وَلَوْ ضَمِنَ صَدَاقَ زَوْجَةِ ابْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ وَلَهُ تَرِكَةٌ فَلَهَا أَنْ تُغَرِّمَ الْأَبَ وَتَفُوزَ بِإِرْثِهَا مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَقَوْلُ الْفَزَارِيِّ لَهُ الِامْتِنَاعُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي تَرْكِهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ) أَيْ الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ فَتَصْدِيقُ الْعَامِّ كَالْخَاصِّ

(قَوْلُهُ: الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ) أَيْ الْعَامُّ كَالْخَاصِّ

(قَوْلُهُ: بِقَبْضِهِ) بِأَنْ اعْتَرَفَ الْوَارِثُ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الضَّامِنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَدَقَ الضَّامِنُ فِي أَنَّهُ دَفَعَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهِيَ صُورَةُ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورَةُ

(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى مَا بَحْثَهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا إقْرَارُ الْعَامِّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالُوا: لَا نَدْرِي إلَخْ) فِي ع هَذَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْإِشْهَادِ وَتَرْكِهِ وَكَوْنُهُ بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ أَوْ لَا وَكَوْنُ الْمُسْتَحِقِّ مُصَدَّقًا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ لَا يُجْرَى مِثْلُهُ فِي أَدَاءِ الْوَكِيلِ، فَحَيْثُ رَجَعَ الْمُؤَدِّي هُنَا خَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَحَيْثُ لَا فَلَا، إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بِأَدَاءِ شَيْءٍ لِمَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ فَأَدَّاهُ بِغَيْرِ حُضُورِ الْمُوَكِّلِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ عَنْ الْعُهْدَةِ م ر فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَقُولُ: وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ لِمَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى جِهَةِ التَّبَرُّعِ.

أَمَّا إنْ أَمَرَهُ بِدَفْعِهِ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ لَهُ فِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالدَّيْنِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ الْأَصِيلُ) أَيْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ: لِآخَرَ) أَيْ مَنْ ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ ضَامِنٌ

(قَوْلُهُ: قُبِلَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْأَصِيلَ

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأَدَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ

ص: 465

مِنْ الْأَدَاءِ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ فَقُدِّمَ مُتَعَلَّقُ الْعَيْنِ عَلَى مُتَعَلَّقِ الذِّمَّةِ كَدَيْنٍ بِهِ رَهْنٌ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ مَرْدُودٌ، وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ، وَالْخِيَرَةُ فِي الْمُطَالَبَةِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ لَا لِلضَّامِنِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الضَّمَانَ كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ ضَمُّ ذِمَّةٍ، وَالرَّهْنُ ضَمُّ عَيْنٍ إلَى ذِمَّةٍ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ

وَلَوْ بَاعَ مِنْ اثْنَيْنِ وَشَرَطَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلْآخَرِ بَطَلَ الْبَيْعُ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: وَرَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي حِسْبَتِهِ يَمْنَعُ أَهْلَ سُوقِ الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ مُسْلَمًا.

وَمَعْنَاهُ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِمَا يَلْحَقُ الْبَائِعَ مِنْ الدَّلَالَةِ وَغَيْرِهَا، قَالَ: وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالرَّقِيقِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا، فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا فَلَا، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ضَمَانِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ لِلْآخَرِ لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنَّهُ هُنَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَمْرًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ كَذَا إلَى جِهَةِ كَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا مُطْلَقًا اهـ وَهُوَ كَمَا قَالَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الِابْنِ

(قَوْلُهُ: فَلَهَا أَنْ تُغَرِّمَ الْأَبَ) فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ أَيْ: وَلَهَا الْأَخْذُ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ) أَيْ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْفَزَارِيِّ لَهُ) أَيْ لِلْأَبِ

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) مَعْلُومًا كَانَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْهُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ: وَحَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ م ر أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِكَذَا دَلَالَةً وَثَمَنًا صَحَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ بِكَذَا سَالِمًا وَأَرَادَ أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ فَهُوَ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَمَّا قَدَّمَهُ عَنْهُ فِي بَابِ التَّوْلِيَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِمَا قَامَ عَلَيَّ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ الْتَزَمَ أُجْرَةَ الْكَيَّالِ مُعَيَّنَةً أَوْ أُجْرَةَ دَلَّالِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً صَحَّ وَكَانَتْ عَلَيْهِ اهـ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الشَّرْحِ هُنَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ قَوْلُهُ: لَا الْعَامُّ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ. (قَوْلُهُ: تَصْدِيقُهُ) أَيْ: الْمُطْعِمِ أَوْ الْمُنْفِقِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي فِي الْأُولَى إلَخْ) أَسْقَطَ ذِكْرَ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ فِيهِ: وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ لَمْ يَنْتَفِعْ الْأَصِيلُ بِالْأَدَاءِ لِتَرْكِ الْإِشْهَادِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ الْأَصِيلُ لِآخَرَ) وَهُوَ مَنْ ادَّعَى ضَمَانَهُ

ص: 466