الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» حَدِيثٌ شَرِيفٌ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ
(الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ) وَهُوَ الْجَائِزُ (وَبِدْعِيٌّ) وَهُوَ الْحَرَامُ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدِ الِاصْطِلَاحَيْنِ، وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَهُوَ انْقِسَامُهُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ وَلَا وَلَا، إذْ طَلَاقُ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ وَمَنْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ
(وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ) لِإِضْرَارِهَا أَوْ إضْرَارِهِ أَوْ الْوَلَدِ بِهِ كَمَا يَأْتِي (وَهُوَ ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا (طَلَاقٌ) مُنَجَّزٌ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ وَلَوْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (فِي حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (مَمْسُوسَةً) أَيْ مَوْطُوءَةً وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ مُسْتَدْخِلَةً مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ إجْمَاعًا، وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي وَلِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ إذْ بَقِيَّةُ دَمِهَا غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْرُمْ فِي حَيْضِ حَامِلٍ تَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حِلَّهُ فِي أَمَةٍ قَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ، فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا فِيهِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَطَلَّقَهَا لِأَنَّ دَوَامَ الرِّقِّ أَضَرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ أَوْ يَمُوتُ بَعْدُ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ (قَوْلُهُ: السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا) أَيْ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَبَانَ) أَيْ ظَهَرَ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ) وَهُوَ مَا وَقَعَ فِي حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَا يَخْلُو عَنْ مُسَامَحَةٍ إذَا فُسِّرَ الْبِدْعِيُّ بِالْحَرَامِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ الْحَرَامُ (قَوْلُهُ: طَلَاقٌ مُنَجَّزٌ) أَيْ لِغَيْرِ رَجْعِيَّةٍ لِيُقَابِلَ قَوْلَهُ وَقَوْلَ الشَّارِحِ إلَخْ وَلَوْ بِسُؤَالٍ مِنْهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَدْخِلَةً مَاءَهُ) هَلْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّصْرِيحَ بِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَعِبَارَتُهُ: أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: يُعْتَدُّ بِوَضْعِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ مِنْ وَطْءِ زِنًا حُرِّمَ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِتَعْلِيقِ السَّيِّدِ فَطَلَّقَهَا لِيَحْصُلَ لَهَا الْعِتْقُ لَمْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ]
ِّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ) إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَحْرُمُ وَإِلَّا فَاسْمُ الْبِدْعَةِ مَوْجُودٌ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ ابْتَدَأَ طَلَاقَهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا وَلَمْ يُكْمِلْهُ حَتَّى طَهُرَتْ فَيَكُونُ بِدْعِيًّا، وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ حَيْضِك أَوْ فِي آخِرِهِ فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَاحْتَرَزْنَا بِالْمُنَجَّزِ عَنْ الْمُعَلَّقِ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ بِدْعِيًّا، لَكِنْ يُنْظَرُ لِوَقْتِ الدُّخُولِ، فَإِنْ وُجِدَ حَالَةَ الطُّهْرِ فَسُنِّيٌّ وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ لَا إثْمَ فِيهِ هُنَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ (وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ) أَيْ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ (لَمْ يَحْرُمْ) لِرِضَاهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ، وَالْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْأَلُهُ كَاذِبَةً كَمَا هُوَ شَأْنُهُنَّ، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِاخْتِيَارِهَا فَأَتَتْ بِهِ فِي حَالِ الْحَيْضِ مُخْتَارَةً. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا: أَيْ فَيَحْرُمُ أَيْ حَيْثُ كَانَ يَعْلَمُ وُجُودَ الصِّفَةِ حَالَ الْبِدْعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهَا فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا قَالَ (وَيَجُوزُ) (خُلْعُهَا فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ بِعِوَضٍ لِحَاجَتِهَا إلَى خَلَاصِهَا بِالْمُفَارَقَةِ حَيْثُ افْتَدَتْ بِالْمَالِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَيَكُونُ سُنِّيًّا وَلِإِطْلَاقِ إذْنِهِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي الْخُلْعِ عَلَى مَالٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ عَنْ حَالِ زَوْجَتِهِ (لَا) خُلْعُ (أَجْنَبِيٍّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ خُلْعَهُ لَا يَقْتَضِي اضْطِرَارهَا إلَيْهِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ غَيْرُ بِدْعِيٍّ لِأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ يُشْعِرُ بِالضَّرُورَةِ، وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي اخْتِلَاعِهَا اتَّجَهَ أَنَّهُ كَاخْتِلَاعِهَا نَفْسَهَا إنْ كَانَ بِمَالِهَا وَإِلَّا فَكَاخْتِلَاعِهِ (وَلَوْ)(قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ) أَوْ فِي أَوْ عِنْدَ مَثَلًا (آخِرِ حَيْضِك)(فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي بِدْعِيٌّ لِمُصَادِفَتِهِ الْحَيْضَ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (مَعَ) وَمِثْلُهَا مَا ذَكَرَ (آخِرِ طُهْرٍ) عَيَّنَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَبِدْعِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِدَّةَ. وَالثَّانِي سُنِّيٌّ لِمُصَادِفَتِهِ الطُّهْرَ.
(وَ) ثَانِيهِمَا (طَلَاقٌ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ إنْ عَلِمَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ (مَنْ قَدْ تَحْبَلُ) لِعَدَمِ صِغَرِهَا وَيَأْسِهَا (وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِي قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَدُّ نَدَمُهُ إذَا ظَهَرَ حَمْلٌ، إذْ الْإِنْسَانُ قَدْ يَسْمَحُ بِطَلَاقِ الْحَائِلِ لَا الْحَامِلِ، وَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ رَدُّهَا فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ. وَمِنْ الْبِدْعِيِّ أَيْضًا طَلَاقُ مَنْ لَهَا عَلَيْهِ قَسَمٌ قَبْلَ وَفَائِهَا أَوْ اسْتِرْضَائِهَا، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ سُؤَالَهَا هُنَا مُبِيحٌ وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ، قَالَ: بَلْ يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَجُزْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا قَدْ لَا يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: أَيْ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَ طَلَاقَهَا فِي الطُّهْرِ وَأَكْمَلَهُ فِي الْحَيْضِ كَانَ بِدْعِيًّا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ) أَيْ كَأَنْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ ثُمَّ فَعَلَ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ فَيَحْرُمُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ عَلِمَ وُجُودَ الصِّفَةِ فِي الْحَيْضِ، وَمَا تَقَدَّمَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَمَا يُشْعِرُ بِهَذَا قَوْلُهُ هُنَا: أَيْ حَيْثُ كَانَ يَعْلَمُ إلَخْ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي الطَّرِيقِ الْمُفِيدِ لِعِلْمِهِ بِوُجُودِهَا فِي الْحَيْضِ مَعَ كَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّ الصِّفَةَ بِاخْتِيَارِهَا وَهِيَ مُسْتَقْبِلَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ الْقَوِيُّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَحَقَّقَتْ) أَيْ كَأَنْ دَفَعَتْ لَهُ عِوَضًا عَلَى الظَّنِّ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِمَالِهَا) أَيْ إنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي اخْتِلَاعِهَا بِمَالِهَا وَإِنْ اخْتَلَعَ مِنْ مَالِهِ لِأَنَّ إذْنَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَقِّقٌ لِرَغْبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا مَا ذَكَرَ) أَيْ فِي أَوْ عِنْدَ
(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَهُ) أَيْ الِاسْتِدْخَالَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَيْ: فَلَا يُسَمَّى بِدْعِيًّا، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْإِقْدَامُ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالِانْقِطَاعِ، فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ سُنِّيًّا) أَيْ: عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَارِّ
لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا وَلَيْسَ هُنَا تَطْوِيلُ عِدَّةٍ، لَكِنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا وَوَطِئَهَا لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَفِيهِ تَطْوِيلٌ عَظِيمٌ عَلَيْهَا، كَذَا قَالَاهُ، وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ حَامِلًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، أَمَّا مَنْ تَحِيضُ حَامِلًا فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ، كَمَا ذَكَرَاهُ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا إذْ لَا تَطْوِيلَ حِينَئِذٍ، فَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التَّوْسِيعِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمَا ثُمَّ فَرْضُهُمْ ذَلِكَ فِيمَنْ نَكَحَهَا حَامِلًا مِنْ الزِّنَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ زَنَتْ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ فَحَمَلَتْ جَازَ لَهُ طَلَاقُهَا وَإِنْ طَالَتْ عِدَّتُهَا لِعَدَمِ صَبْرِ النَّفْسِ عَلَى عِشْرَتِهَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ غَيْرَ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ، إذْ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ تَضَرُّرُهَا لَا تَضَرُّرُهُ، وَلَوْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ حُرِّمَ طَلَاقُهَا مُطْلَقًا لِتَأَخُّرِ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَحْمِلْ وَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَدَّمْنَا عِدَّةَ الشُّبْهَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ.
(فَلَوْ وَطِئَ حَائِضًا وَطَهُرَتْ فَطَلَّقَهَا) مِنْ غَيْرِ وَطْئِهَا طَاهِرًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ (فَبِدْعِيٌّ فِي الْأَصَحِّ) فَيَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي الْحَيْضِ الْمُؤَدِّي إلَى النَّدَمِ، وَكَوْنِ الْبَقِيَّةِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا، وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ. وَالثَّانِي لَا يَكُونُ بِدْعِيًّا، لِأَنَّ لِبَقِيَّةِ الْحَيْضِ إشْعَارًا بِالْبَرَاءَةِ، وَدُفِعَ بِمَا عُلِّلَ بِهِ الْأَوَّلُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْبِدْعِيَّ عَلَى الِاصْطِلَاحِ الْمَشْهُورِ أَنْ يُطَلِّقَ حَامِلًا مِنْ زِنًا لَا تَحِيضُ، أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِ نَحْوِ حَيْضٍ، أَوْ بِآخِرِ طُهْرٍ، أَوْ يُطَلِّقَهَا مَعَ آخِرِهِ أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَ آخِرِهِ، أَوْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ وَطِئَهَا فِيهِ، أَوْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ، أَوْ وَطِئَهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ قَبْلَهُ، أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ، وَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَوْطُوءَةٍ وَنَحْوِهَا تَعْتَدُّ بِأَقْرَاءٍ تَبْتَدِيهَا عَقِبَهُ لِحِيَالِهَا أَوْ حَمْلِهَا مِنْ زِنًا وَهِيَ تَحِيضُ وَطَلَّقَهَا مَعَ آخَرَ نَحْوَ حَيْضٍ، أَوْ فِي طُهْرٍ قَبْلَ آخِرِهِ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ، أَوْ بِآخَرَ نَحْوَ حَيْضٍ وَلَمْ يَطَأْهَا فِي طُهْرٍ طَلَّقَهَا فِيهِ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمُضِيِّ بَعْضِهِ، وَلَا وَطِئَهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ، وَلَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ طَلَّقَ مَعَ آخِرِهِ أَوْ عَلَّقَ بِآخِرِهِ.
(وَيَحِلُّ)(خُلْعُهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ فِي الطُّهْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ لَكِنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهَا مِنْ الْقَسَمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّحِمَ مَعْلُومُ الشُّغْلِ فَلَا مَعْنَى لِلشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ مَعَ ذَلِكَ، إذْ لَا دَلَالَةَ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَإِنَّمَا شَرَعَتْ فِيهَا مَعَهُ إذَا حَاضَتْ لِمُعَارِضَةِ الْحَيْضِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ لِحَمْلِ الزِّنَا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْحَيْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم اهـ. وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ حُسْبَانِ زَمَنِ الْحَمْلِ مِنْ الْعِدَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَيْضِ، فَإِنَّ مَاءَ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ، فَالرَّحِمُ وَإِنْ تَحَقَّقَ شَغْلُهَا فَهُوَ كَالْعَدَمِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ تَحِيضُ وَغَيْرِهَا لَا يَظْهَرُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِتَحَقُّقِ الشُّغْلِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّوَقُّفُ مَا صَرَّحَ بِهِ سم فِي كِتَابِ الْعِدَدِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْقُرْءُ الطُّهْرُ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ أَيْ الشَّارِحِ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ قِيلَ وَلَوْ دَمَيْ نِفَاسٍ اهـ. وَمِنْ صُوَرِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ ثُمَّ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ النِّفَاسِ تَحْمِلُ مِنْ زِنًا وَتَلِدُ، فَإِنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةٌ وَلَا يَقْطَعُ الْعِدَّةَ فَلَا إشْكَالَ فِي تَصْوِيرِهِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ اهـ. فَقَوْلُهُ وَلَا يَقْطَعُ إلَخْ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فَتَأَمَّلْهُ. ثُمَّ رَأَيْت لِبَعْضِهِمْ أَنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ، أَمَّا مَنْ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا لِأَنَّ مُدَّةَ حَمْلِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا طُهْرٌ مُحْتَوِشٌ بِدَمَيْنِ فَتُحْسَبُ لَهَا قُرْءًا.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا) وَفِي نُسْخَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ وَمِثْلُهُ فِي حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا الْقَيْدُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا مِنْ الْوَطْءِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا، وَالطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُوجِبُ تَطْوِيلًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: حُرِّمَ طَلَاقُهَا مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ تَحِيضُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: لِحِيَالِهَا) أَيْ عَدَمِ حَمْلِهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ) كَذَا فِي التُّحْفَةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا نَصُّهُ: يُتَأَمَّلُ هَذَا الْقَيْدُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا مِنْ الْوَطْءِ مَعَ كَوْنِهَا حَامِلًا، وَالطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُوجَبُ. اهـ.
وَهَذَا الْقَيْدُ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ
نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ وَقِيلَ يَحْرُمُ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا لِرِعَايَةِ الْوَلَدِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الرِّضَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا لَيْسَتْ لِرِعَايَةِ الْوَلَدِ وَحْدَهَا بَلْ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ نَدَمِهِ وَبِأَخْذِ الْعِوَضِ يَتَأَكَّدُ دَاعِيَةُ الْفِرَاقِ وَيَبْعُدُ احْتِمَالُ النَّدَمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَخُلْعِهَا.
(وَ) يَحِلُّ (طَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا) لِزَوَالِ النَّدَمِ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدِ وُقُوعِ طَلَاقِ وَكِيلٍ بِدْعِيًّا لَمْ يَنُصَّ لَهُ مُوَكِّلُهُ عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ.
(وَمَنْ)(طَلَّقَ بِدْعِيًّا) وَلَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا (سُنَّ لَهُ) مَا بَقِيَ الْحَيْضُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَالطُّهْرُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَالْحَيْضُ الَّذِي بَعْدَهُ دُونَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ لِانْتِقَالِهَا إلَى حَالَةٍ يَحِلُّ فِيهَا طَلَاقُهَا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ (الرَّجْعَةُ) بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ يَقُومُ مَقَامَ النَّهْيِ عَنْ التَّرْكِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ (ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» وَأُلْحِقَ بِهِ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ وَلَمْ تَجِبْ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا أَمْرٌ لِابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَمْرِ عُمَرَ، فَالْمَعْنَى: فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَجْلِ أَمْرِك لِكَوْنِك وَالِدَهُ وَاسْتِفَادَةُ النَّدْبِ مِنْهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْقَرِينَةِ، وَإِذَا رَاجَعَ ارْتَفَعَ الْإِثْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَاطِعَةٌ لِلضَّرَرِ مِنْ أَصْلِهِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ تَرْفَعُ أَصْلَ الْمَعْصِيَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ وَقْعَ الرَّجْعَةِ لِلتَّحْرِيمِ كَالتَّوْبَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا، إذْ كَوْنُ الشَّيْءِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ فِي خُصُوصِيَّةٍ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبُهُ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُصُولُ الْغَرَضِ بِطَلَاقِهَا عَقِبَ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا لِارْتِفَاعِ أَضْرَارِ التَّطْوِيلِ وَالْخَبَرُ أَنَّهُ يُمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْ الثَّانِي، وَلِئَلَّا يَكُونَ الْقَصْدُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ، وَكَمَا نَهَى عَنْ نِكَاحٍ قُصِدَ بِهِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الرَّجْعَةُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ لِبَيَانِ حُصُولِ أَصْلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالثَّانِي لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ.
(وَلَوْ)(قَالَ لِحَائِضٍ) مَمْسُوسَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ)(وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ حَيْضِهَا (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَلسُّنَّةِ)(فَحِينَ تَطْهُرُ) أَيْ لَا يَقَعُ إلَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: لَمْ يَنُصَّ لَهُ مُوَكِّلُهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ عَلِمَ بِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا أَثِمَ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَرَاهَةَ التَّرْكِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْخِلَافَ: أَيْ حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) دَلِيلٌ لِسَنِّ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا) وَاسْمُهَا آمِنَةٌ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ، وَالظَّاهِرُ مِنْ عَدَالَةِ ابْنِ عُمَرَ وَحَالِهِ أَنَّهُ حِينَ طَلَّقَهَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِحَيْضِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ حُرْمَةُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ فِي سَنِّ الرَّجْعَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَأُلْحِقَ بِهِ: أَيْ بِمَا فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ فِي الطُّهْرِ: أَيْ الَّذِي وَطِئَ فِيهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا) أَيْ لَا حَقِّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ) أَيْ فَلَا تَنَافِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءٍ) أَخَذَهُ غَايَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَانِ بَعْضِ الصِّفَةِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ.) كَذَا فِي التُّحْفَةِ لَكِنْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَدَلُ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَخُلْعِهَا. اهـ.
وَهُوَ ضِدُّ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ لَكِنْ فِي كَوْنِهِ مَعْلُومًا وَقْفَةٌ إذْ الْمَعْلُومُ مِمَّا قَرَّرَهُ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ:: الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا) أَيْ: أَمَّا الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهِ تَعَالَى فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا إلَخْ.) هُوَ وَجْهُ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذُكِرَ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالثَّانِي لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ
(قَوْلُهُ:: وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ حَيْضِهَا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا مَضَى أَقَلُّ الْحَيْضِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ الصِّفَةُ
حِينَ تَطْهُرُ فَيَقَعُ عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا مَا لَمْ يَطَأْ فِيهِ فَحَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى الِاغْتِسَالِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ قَبْلَهُ.
(أَوْ) قَالَ (لِمَنْ) أَيْ لِمَوْطُوءَةٍ (فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ) وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ (أَنْتِ طَالِقٌ لَلسُّنَّة)(وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَمَسُّ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ حَمَلَتْ مِنْهُ كَمَسِّهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ (وَإِنْ مُسَّتْ) أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ (فَ) لَا يَقَعُ إلَّا (حِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ) لِشُرُوعِهَا حِينَئِذٍ فِي حَالَةِ السُّنَّةِ (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فَيَقَعُ (فِي الْحَالِ إنْ مُسَّتْ) أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ (فِيهِ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ وَلَا اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (ف) لَا يَقَعُ إلَّا (حِينَ تَحِيضُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ دَمِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، ثُمَّ إنْ انْقَطَعَ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَلَك لِدُخُولِهَا فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ نَعَمْ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَقَعَ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فَيَلْزَمُهُ النَّزْعُ فَوْرًا وَإِلَّا فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ لَيْسَتْ وَطْئًا هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ إذْ اللَّامُ فِيهَا كَكُلِّ مَا يَتَكَرَّرُ وَيَتَعَاقَبُ وَيُنْتَظَرُ لِلتَّأْقِيتِ، أَمَّا مَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ فَيَقَعُ حَالًا لِأَنَّ اللَّامَ فِيهَا لِلتَّعْلِيلِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي حُصُولُ الْمُعَلَّلِ بِهِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ لِوَقْتِ السُّنَّةِ أَوْ لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَأَقَرَّاهُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ الْوُقُوعُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّأْقِيتِ بِمُنْتَظَرٍ فَيُحْتَمَلُ قَبُولُهُ.
(وَلَوْ)(قَالَ) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلَهُ) أَوْ أَعْدَلَهُ أَوْ أَكْمَلَهُ أَوْ أَفْضَلُهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فُكَّ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ) فِيمَا مَرَّ فَلَا يَقَعُ فِي حَالِ بِدْعَةٍ لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالْمَدْحِ مَا وَافَقَ الشَّرْعَ، أَمَّا إذَا قَالَ أَرَدْت الْبِدْعَةَ وَنَحْوَ حَسَنَةً لِنَحْوِ سُوءِ خُلُقِهَا فَيُقْبَلُ إنْ كَانَ زَمَنَ بِدْعَةٍ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ زَمَنِ سُنَّةٍ بَلْ يَدِينُ، وَفَارَقَ إلْغَاءُ نِيَّتِهِ الْوُقُوعَ حَالًا فِي قَوْلِهِ لِذَاتِ بِدْعَةٍ طَلَاقًا سُنِّيًّا وَلِذَاتِ سُنَّةٍ طَلَاقًا بِدْعِيًّا بِأَنَّ نِيَّتَهُ هُنَا غَيْرُ مُوَافَقَةٍ لِلَفْظِهِ، وَلَا بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ: أَيْ لِأَنَّ السُّنِّيَّ وَالْبِدْعِيَّ لَهُمَا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَلَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُمَا عَنْهَا فَلَغَتْ لِضَعْفِهَا، بِخِلَافِ نِيَّتِهِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّمَا مُوَافَقَةٌ لَهُ، إذْ الْبِدْعِيُّ قَدْ يَكُونُ حَسَنًا وَكَامِلًا لِوَصْفٍ آخَرَ كَسُوءِ خُلُقِهَا.
(أَوْ) قَالَ لَهَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبِيحَةً أَوْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْحَشَهُ) أَوْ أَسْمَجَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ (فُكَّ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ) فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالذَّمِّ مَا خَالَفَ الشَّرْعَ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَهِيَ فِي زَمَنِ سُنَّةٍ أَرَدْت قَبِيحَةً لِنَحْوِ حُسْنِ عِشْرَتِهَا فَيَقَعُ حَالًا لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ فِي زَمَنِ بِدْعَةٍ أَرَدْت أَنَّ طَلَاقَ مِثْلِ هَذِهِ فِي السُّنَّةِ أَقْبَحُ فَقَصَدْت
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا حَدَّ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْزِعْ فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَقْتِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْبِدْعَةِ أَوْ السُّنَّةِ الَّذِي يُنْتَظَرُ فِي الْآيِسَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَ لَهَا زَمَنُ سُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ يُنْتَظَرُ وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ الطَّلَاقُ فِيهِ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا بِالنَّظَرِ إلَى مَا قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ امْتِنَاعُ وَقْتٍ صَالِحٍ لِحَمْلِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ الْآنَ بَلْ أَرَادَ مَا كَانَ وَقْتًا لَهُمَا قَبْلُ.
(قَوْلُهُ طَلَاقًا سُنِّيًّا) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ مِنْ وُقُوعِهِ حَالًا لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لِلَفْظِهِ) أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا.
(قَوْلُهُ أَوْ أَسْمَجَهُ) السَّمِجُ الْقَبِيحُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَهَذَا فِي مَعْنَى هَذِهِ الْغَايَةِ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ الْمُتَوَلِّي خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطَأْ فِيهِ) أَيْ: الدَّمِ
(قَوْلُهُ:: أَيْ لِمَوْطُوءَةٍ) أَيْ مَدْخُولٍ بِهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَصِفَتُهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي طُهْرٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا) تَقَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا حَدَّ) أَيْ وَإِلَّا يَنْزِعْ (قَوْلُهُ: إذْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ مُبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَقْتِ) أَيْ فِيمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ قَبُولُهُ) أَيْ: وَيَكُونُ فِي نَحْوِ الْآيِسَةِ مُعَلَّقًا عَلَى مُحَالٍ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الشَّيْخِ فِي حَاشِيَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي زَمَنِ بِدْعَةٍ) صَوَابُهُ فِي زَمَنِ سُنَّةٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي زَمَنِ سُنَّةٍ صَوَابُهُ فِي زَمَنِ بِدْعَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ
وُقُوعَهُ حَالَ السُّنَّةِ دِينَ.
(أَوْ) قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً)(وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِتَضَادِّ الْوَصْفَيْنِ فَأُلْغِيَا وَبَقِيَا أَصْلُ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتِ وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ فَيُقْبَلُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ فِي الْأُولَى لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الْعَدَدِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأْخِيرِ الْوُقُوعِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لَلسُّنَّة وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ اقْتَضَى التَّشْطِيرَ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ حَالًا وَالثَّالِثَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى، فَإِنْ أَرَادَ سِوَى ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ مَا لَمْ يُرِدْ طَلْقَةً حَالًا وَثِنْتَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ يَدِينُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ فَكَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ أَوْ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ لَا لَلسُّنَّة فَكَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ فَكَالسُّنَّةِ، أَوْ لِمَنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ، أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ أَوْ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْتِ طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا حَالًا أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَاحِدَةً لِلسُّنَّةِ وَأُخْرَى لِلْبِدْعَةِ وَقَعَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ أُخْرَى أَوْ طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ وَقَعَ حَالًا وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ.
(وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلَقَاتِ) الثَّلَاثِ «لِأَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانَيَّ لَمَّا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، فَلَوْ حُرِّمَ لَنَهَاهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ وَمَعَ اعْتِقَادِهَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ وَمَعَ الْحُرْمَةِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْعَالِمِ وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَلَمْ يُوجَدَا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُرْمَةَ، وَقَدْ فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَفْتَى بِهِ آخَرُونَ، أَمَّا وُقُوعُهُنَّ مُعَلَّقَةً كَانَتْ أَوْ مُنَجَّزَةً فَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَإِنْ اخْتَارَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَابْتَدَعَ بَعْضُ أَهْلِ زَمَنِنَا: أَيْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةٍ إنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ، فَقَالَ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالطَّلَاقِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لَمْ يَجِبْ بِهِ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ، وَمَعَ عَدَمِ حُرْمَةِ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى تَفْرِيقُهَا عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِيُمْكِنَ تَدَارُكُ نَدَمِهِ إنْ وَقَعَ بِرَجْعَةٍ أَوْ تَجْدِيدٍ، وَلَوْ أَوْقَعَ أَرْبَعًا لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُخَالِفُهُ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ تَعَاطِيَ نَحْوِ عَقْدٍ فَاسِدٍ حَرَامٌ.
(وَلَوْ)(قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (أَوْ ثَلَاثًا لَلسُّنَّة وَفَسَّرَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (بِتَفْرِيقِهَا) أَيْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَيُقْبَلُ) أَيْ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: رَضِيَ أَوْ قَدِمَ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِالرِّضَا وَالْقُدُومِ (قَوْلُهُ: وَيَلْغُو اللَّفْظُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى الْوُقُوعَ حَالًا لِأَنَّ اللَّفْظَ يُنَافِي النِّيَّةَ فَيُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَقْوَى انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ) أَيْ فَتَطْلُقُ حَالًا إنْ قَدِمَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ وَلَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ وَبَعْدَ حَيْضِهَا وَانْقِطَاعِ الدَّمِ إنْ قَدِمَ فِي طُهْرٍ وَطِئَهَا فِيهَا أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ أَمَّا وُقُوعُهُنَّ) أَيْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْقَع أَرْبَعًا لَمْ يَحْرُمْ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَقَوْلُهُ وَلَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَى ذَاتِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ دُونَ هَذِهِ مَعَ اتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى ذَلِكَ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهِ عَلَى تَعْلِيلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَا عَقِبَ قَوْلِهِ لِتَضَادِّ الْوَصْفَيْنِ فَأُلْغِيَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ نَصُّهَا، وَقِيلَ: إنَّ أَحَدَهُمَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ وَقَعَ عَلَى الْأَوَّلِ حَالًا دُونَ الثَّانِي
الثَّلَاثِ (عَلَى أَقْرَاءٍ)(لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ لَفْظِهِ مِنْ وُقُوعِهِنَّ دَفْعَةً فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ طَاهِرًا وَإِلَّا فَحِينَ تَطْهُرُ، وَعِنْدَنَا لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ فِي قُرْءٍ وَاحِدٍ كَالْمَالِكِيِّ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ ارْتِكَابَ مَحْظُورٍ فِي مُعْتَقِدِهِ وَقَدْ عُلِمَ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الصُّورَتَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالثَّانِيَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ (يَدِينُ) فِيمَا نَوَاهُ فَيَعْمَلُ بِهِ فِي الْبَاطِنِ إنْ كَانَ صَادِقًا بِأَنْ يُرَاجِعَهَا وَيَطْلُبَهَا، وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِقَرِينَةٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ وَإِلَّا فَلَا، وَيُفَرِّقُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِتَصْدِيقِهَا كَمَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بِالزَّوْجِيَّةِ فَصَدَّقَهَا حَيْثُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْ ثَمَّ مَانِعًا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ فِي التَّفْرِيقِ، وَهُنَا عَلِمْنَا مَانِعًا ظَاهِرًا أَرَادَا رَفْعَهُ بِتَصَادُقِهِمَا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالتَّدْيِينُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ، وَلَوْ اسْتَوَى عِنْدَهَا صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ جَازَ لَهَا تَمْكِينُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا تَتَغَيَّرُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ بِحُكْمِ قَاضٍ بِتَفْرِيقٍ وَلَا بِعَدَمِهِ تَعْوِيلًا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ لِمَا يَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ نُفُوذِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بَاطِنًا إذَا وَافَقَ ظَاهِرُ الْأَمْرِ بَاطِنَهُ وَلَهَا مَعَ تَكْذِيبِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا نِكَاحُ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ الزَّوْجَ دُونَ مَنْ صَدَّقَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَدِينُ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَالنِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ.
(وَيَدِينُ) أَيْضًا (مَنْ)(قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلَتْ) الدَّارَ (أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) طَلَاقَك لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى ذَلِكَ ظَاهِرًا، وَخَرَجَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَدِينُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ جُمْلَةً فَيُنَافِي لَفْظَهَا مُطْلَقًا وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ التَّعْلِيقَاتِ فَإِنَّهَا لَا تَرْفَعُهُ بَلْ تُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ، وَأُلْحِقَ بِالْأَوَّلِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ كُنْت طَلَّقْت قَبْلَ ذَلِكَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ رَفْعَ الثَّلَاثِ مِنْ أَصْلِهَا. وَمَا لَوْ رَفَعَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ عَدَدٍ نُصَّ كَأَرْبَعَتِكُنَّ طَوَالِقُ وَأَرَادَ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً بِخِلَافِ نِسَائِي، وَبِالثَّانِي نِيَّةُ مِنْ وَثَاقٍ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَعْزِيرَ عَلَيْهِ: أَيْ خِلَافًا لحج أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَرَدُّدَهَا فِي أَمْرِهِ شُبْهَةٌ فِي حَقِّهَا أَسْقَطَتْ عَنْهَا الْوُجُوبَ، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ: وَمَعْنَى التَّدْيِينِ أَنْ يُقَالَ لَهَا حُرِّمْتِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَلَيْسَ لَك مُطَاوَعَتُهُ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّك صِدْقُهُ بِقَرِينَةٍ: أَيْ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَهَا تَمْكِينُهُ عَلَى أَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي) وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ.
(قَوْلُهُ وَيَدِينُ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ بَقِيَّةَ التَّعْلِيقَاتِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: رَفْعَ الثَّلَاثِ مِنْ أَصْلِهَا) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَعَدَمُ الْقَبُولِ هُنَا بَاطِنًا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ التَّعْلِيقَاتِ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَلَهَا تَمْكِينُهُ) أَيْ: وَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النُّشُوزُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ) أَيْ إنْ لَمْ تَظُنَّ صِدْقَهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: تَعْوِيلًا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ) عِلَّةً لِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نُفُوذِ حُكْمِ الْحَاكِمِ إلَخْ.) مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَلَا تَتَغَيَّرُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ إلَخْ. مُؤَخَّرٌ مِنْ تَقْدِيمٍ، فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةِ تَأْخِيرِ قَوْلِهِ وَالْوَجْهُ إلَخْ. ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: إنَّ مَحَلَّ نُفُوذِ إلَخْ. فَأَبْدَلَ الْوَاوَ بِلَفْظِ أَنَّ الْمَفْتُوحَةِ الْمُشَدَّدَةِ، فَيَكُونُ بَيَانًا لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ إلَخْ.) غَايَةٌ فِي التَّزَوُّجِ الْمَنْفِيِّ: أَيْ دُونَ مَنْ صَدَّقَهُ: أَيْ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ
تَأْوِيلٌ وَصَرْفٌ لِلَّفْظِ مِنْ مَعْنًى إلَى مَعْنًى فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رَفْعٌ لِشَيْءٍ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ مِنْ أَصْلِهِ كَأَرَدْتُ طَلَاقًا لَا يَقَعُ، أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً بَعْدَ ثَلَاثًا أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ أَرْبَعَتَكُنَّ لَمْ يُدَنْ، أَوْ مَا يُقَيِّدُهُ أَوْ يَصْرِفُهُ لِمَعْنًى آخَرَ أَوْ يُخَصِّصُهُ كَأَرَدْتُ إنْ دَخَلَتْ أَوْ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ إلَّا فُلَانَةَ بَعْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَوْ نِسَائِي دِينَ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ قَصْدُهُ مَا ذَكَرَ بَاطِنًا إنْ كَانَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، فَإِنْ حَدَث بَعْدَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ فَإِنْ صَدَقَتْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ كَمَا لَوْ قَالَ عَدْلَانِ حَاضِرَانِ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْصُورٌ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَا قَوْلُهُمَا لَمْ نَسْمَعْهُ أَتَى بِهَا بَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَمَّا لَوْ كَذَبَ صَرِيحًا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ، وَلَوْ حَلَفَ مُشِيرًا لِنَفِيسٍ مَا قِيمَةُ هَذَا دِرْهَمٌ وَقَالَ نَوَيْت بَلْ أَكْثَرَ صُدِّقَ ظَاهِرًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بَلْ أَقَلَّ لِأَنَّ النِّيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْقَرِينَةِ.
(وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ الْعُمُومِ بَلْ يَدِينُ لِاحْتِمَالِهِ (إلَّا لِقَرِينَةٍ بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (خَاصَمَتْهُ) زَوْجَتُهُ (وَقَالَتْ) لَهُ (تَزَوَّجْت) عَلَيَّ (فَقَالَ) فِي إنْكَارِهِ الْمُتَّصِلِ بِكَلَامِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ) لِظُهُورِ صِدْقِهِ حِينَئِذٍ، وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَنَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَقَالَ إنْ خَرَجْت اللَّيْلَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لِغَيْرِهِ وَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ إلَّا مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ، وَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ جَلَاءُ زَوْجَتِهِ عَلَى رِجَالٍ أَجَانِبَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تُجْلَى عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ جُلِيَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى النِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِلَفْظِ غَيْرِي الرِّجَالَ الْأَجَانِبَ قَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ وَلَمْ يَقَعْ بِذَلِكَ طَلَاقٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مِنْ وَثَاقٍ) هَلْ مِثْلُهُ عَلَيَّ وَأَرَادَ مِنْ ذِرَاعِي مَثَلًا أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ أَجَابَ م ر عَلَى الْبَدِيهَةِ بِأَنَّهُ لَا يَدِينُ فِيهِ كَمَا فِي إرَادَتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِجَامِعِ رَفْعِ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا فَإِنَّهُ قَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ وَثَاقٍ فِيهِ رَفْعُ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ نِسَائِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَرْبَعَتِكُنَّ وَنِسَائِي أَنَّ أَرْبَعَتَكُنَّ لَيْسَ مِنْ الْعَامِّ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ لِكُلِّ عَدَدٍ مَحْصُورٍ، وَشَرْطُ الْعَامِّ عَدَمُ الْحَصْرِ بِاعْتِبَارِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي إفْرَادِهِ وَنِسَائِي وَإِنْ كَانَ مَحْصُورًا بِحَسَبِ الْوَاقِعِ لَكِنْ لَا دَلَالَةَ لَهُ بِحَسَبِ اللَّفْظِ عَلَى عَدَدٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَعَمَ) أَيْ قَالَ وَقَوْلُهُ إنَّهُ أَتَى بِهَا: أَيْ الْمَشِيئَةِ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ نَحْوَهُ فَأَنْكَرَتْ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ دُونَهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَلَا قَوْلُهُمَا) أَيْ الْعَدْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا مِنْ زَوْجَتِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ وَقَالَ أَرَدْت فُلَانَةَ فَيَدِينُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِلْعَهْدِ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ أَرَدْت) قَضِيَّةَ الْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ كَأَنْ مَاتَ وَلَمْ تُعْرَفْ لَهُ إرَادَةٌ وَقَضِيَّةُ مَا سَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَوْ الْيَوْمَ فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ شَرْطُ الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ فِي التَّعَالِيقِ وَنَحْوِهَا قَصْدُ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ تُفِيدُ عَدَمَ الْوُقُوعِ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ الْمَذْكُورَةَ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ الْأَجَانِبُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ) أَيْ ظَاهِرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
تَتَزَوَّجَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ: أَيْ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ فُسِّرَ بِمَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ فَقَالَ: أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِتَخْصِيصٍ بِعَدَدٍ كَطَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا وَأَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَرْبَعَتَكُنَّ وَأَرَادَ إلَّا فُلَانَةَ لَمْ يُدَيَّنْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا) يَعْنِي بِالْمَشِيئَةِ: كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ سم فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ أَتَى بِمُخَصِّصٍ مَثَلًا فَأَنْكَرَتْهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ عَدْلَانِ)