الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مُدَّةً) مَعَ تَمْكِينِهَا فِيهَا (فَدَيْنٌ) عَنْ جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ لَهَا عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، أَمَّا الْإِخْدَامُ فِي حَالَةِ وُجُوبِهِ لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ وَلَمْ يَأْتِ لَهَا فِيهِ بِمَنْ يَقُومُ بِهِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا
(الْجَدِيدُ أَنَّهَا) أَيْ الْمُؤَنُ السَّابِقَةُ مِنْ نَحْوِ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ (تَجِبُ) يَوْمًا بِيَوْمٍ وَفَصْلًا بِفَصْلٍ أَوْ كُلَّ وَقْتٍ اُعْتِيدَ فِيهِ التَّجْدِيدُ أَوْ دَائِمًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْكَنِ وَالْخَدَمِ عَلَى مَا مَرَّ (بِالتَّمْكِينِ) التَّامِّ وَمِنْهُ أَنْ تَقُولَ مُكَلَّفَةٌ أَوْ سَكْرَانَةُ أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِمَا مَتَى دَفَعْت الْمَهْرَ الْحَالَّ سَلَّمْت، وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ بِهِ أَوْ بِأَنَّهَا فِي غَيْبَتِهِ بَاذِلَةٌ لِلطَّاعَةِ مُلَازِمَةٌ لِلْمَسْكَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالتَّامِّ مَا لَوْ مَكَّنَتْهُ لَيْلًا فَقَطْ مَثَلًا أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَثَلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ.
قَالَ الشَّيْخُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ، فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ، وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَرَجَّحَ عَدَمَ وُجُوبِ الْقِسْطِ مُطْلَقًا.
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِسْطِ تَوْزِيعُهَا عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَتُحْسَبُ حِصَّةُ مَا مَكَّنَتْهُ مِنْ ذَلِكَ وَتُعْطَاهَا لَا عَلَى الْيَوْمِ فَقَطْ وَلَا عَلَى وَقْتِ الْغِذَاءِ وَالْعَشَاءِ، بَلْ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ صَرِيحٌ فِيهِ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ وُجُوبُهَا بِهِ بِالْقِسْطِ لَا مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ بِلَيْلَتِهِ بِنُشُوزِ لَحْظَةٍ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَى زَمَانَيْ الطَّاعَةِ وَالنُّشُوزِ لِأَنَّهَا لَا تَتَجَزَّأُ، وَمِنْ ثَمَّ سَلَّمَتْ دَفْعَةً فَلَمْ تُفَرِّقْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ فِي التَّشْنِيعِ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِخْدَامُ) وَمِثْلُهُ الْإِسْكَانُ.
(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَمُسْقِطَاتِهَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالرُّجُوعِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِظَنِّ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: أَنْ تَقُولَ مُكَلَّفَةٌ) أَيْ وَلَوْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِمَا) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ غَيْرَ مَحْجُورَةٍ لَا يُعْتَدُّ بِفَرْضِ وَلِيِّهَا وَإِنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ فَلَا يَجِبُ بِفَرْضِهِ نَفَقَةٌ وَلَا غَيْرُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اكْتِفَاءً بِمَا عَلَيْهِ عُرْفُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ سِيَّمَا الْبِكْرُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِي شَأْنِ زَوَاجِهَا أَوْلِيَاؤُهَا (قَوْلُهُ: مَتَى دَفَعْتَ الْمَهْرَ الْحَالُّ) خَرَجَ بِهِ مَا اُعْتِيدَ دَفْعُهُ مِنْ الزَّوْجِ لِإِصْلَاحِ شَأْنِ الْمَرْأَةِ كَحَمَّامٍ وَتَنْجِيدٍ وَنَقْشٍ فَلَا يَكُونُ عَدَمُ تَسْلِيمِ الزَّوْجِ ذَلِكَ عُذْرًا لِلْمَرْأَةِ، بَلْ امْتِنَاعُهَا لِأَجْلِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّمْكِينِ فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا غَيْرَهَا، وَمَا اُعْتِيدَ دَفْعُهُ أَيْضًا لِأَهْلِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَكُونُ الِامْتِنَاعُ لِأَجْلِهِ عُذْرًا فِي التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ أَوْ بِأَنَّهَا فِي غَيْبَتِهِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْبِقْ تَمْكِينٌ مِنْهَا أَوْ سَبَقَ نُشُوزٌ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ النُّشُوزِ مِنْ غَيْبَتِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى سُقُوطَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَإِرْسَالِ الْقَاضِي لَهُ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا فِيهِ أَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَلَّمَتْ فِي تِلْكَ الدَّارِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا]
(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنَّهَا فِي غَيْبَتِهِ بَاذِلَةُ الطَّاعَةِ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهَا تَقَدَّمَ مِنْهَا نُشُوزٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِي دَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَثَلًا) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا فِيهَا كَمَا صَوَّرَهُ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِحَاجَتِهَا تَسْقُطُ فِي الْأَظْهَرِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ أَوَاخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ
غَدْوَةً وَعَشِيَّةً لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّهُ تَخَلَّلَ هُنَا مُسْقِطٌ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّوْزِيعُ مَعَهُ لِتَعَدِّيهَا بِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ فَوَجَبَ تَوْزِيعُهَا عَلَى زَمَنِ التَّمْكِينِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا تَعَدِّيَ هُنَا أَصْلًا، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ التَّمْكِينِ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ سَلَّمَتْهُ أَثْنَاءَ الْيَوْمِ مَثَلًا لَمْ تُوَزَّعْ، وَسَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ أَنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ فِي النَّفَقَاتِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَسَبَبُهُ أَنَّ عَشَاءَ النَّاسِ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ فَلْتَكُنْ لَيَالِي النَّفَقَةِ تَابِعَةً لِأَيَّامِهَا (إلَّا الْعَقْدَ) لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ مَجْهُولًا، وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ كَالْمَهْرِ بِدَلِيلِ اسْتِحْقَاقِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَإِلَّا وَجَبَتْ كَمَا لَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ تَمَتَّعَ بِهَا فِي السَّفَرِ لِأَنَّ تَمَامَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ رِضًا مِنْهُ بِإِقَامَتِهَا فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِحَاجَتِهَا تَسْقُطُ مُؤْنَتُهَا إلَخْ وَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهَا بِهِ غَالِبًا) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا قَدْ لَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً بِالنُّشُوزِ كَالْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ مَنَعَتْهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَمْ تُوَزَّعْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا نُشُوزٌ وَلَا مَا يُشْبِهُهُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا هُنَا فَامْتِنَاعُهَا مِنْ التَّمْكِينِ فِي مَعْنَى النُّشُوزِ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِنَفَقَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.
[فَائِدَةٌ] سُئِلَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَنْ امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَرَكَ مَعَهَا أَوْلَادًا صِغَارًا وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً وَلَا أَقَامَ لَهَا مُنْفِقًا وَضَاعَتْ مَصْلَحَتُهَا وَمَصْلَحَةُ أَوْلَادِهَا وَحَضَرَتْ إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَنْهَتْ لَهُ ذَلِكَ وَشَكَتْ وَتَضَرَّرَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهُ وَلِأَوْلَادِهَا عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَةً فَفَرَضَ لَهُمْ عَنْ نَفَقَتِهِمْ نَقْدًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَأَذِنَ لَهَا فِي إنْفَاقِ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا أَوْ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ فَهَلْ التَّقْدِيرُ وَالْفَرْضُ صَحِيحٌ.
وَإِذَا قَدَّرَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ نَظِيرَ كِسْوَتِهَا عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ نَقْدًا كَمَا يَكْتُبُ فِي وَثَائِقِ الْأَنْكِحَةِ وَمَضَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَطَالَبَتْهُ بِمَا قَدَّرَ لَهَا عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَاعْتَرَفَ بِهِ وَأَلْزَمَهُ بِهِ فَهَلْ إلْزَامُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا، وَهَلْ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ لَهَا كِسْوَةً وَأَثْبَتَتْ وَسَأَلَتْ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ أَنْ يُقَدِّرَ لَهَا عَنْ كِسْوَتِهَا الْمَاضِيَةِ الَّتِي حَلَفَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا نَقْدًا وَأَجَابَهَا لِذَلِكَ وَقَدَّرَهُ لَهَا كَمَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ الْآنَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا، وَهَلْ مَا تَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ مِنْ الْفَرْضِ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ أَوْ الْحُضُورِ نَقْدًا صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ تَقْدِيرُ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ صَحِيحٌ إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ وَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ فَلَهُ فِعْلُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ إذْ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا فِي الشَّرْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ يُنَافِي مَا قَالَهُ وَالِدُهُ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: فَرْعٌ: إذَا تَرَاضَيَا أَنْ يُقَرِّرَ الْقَاضِي لَهُمَا دَرَاهِمَ عَنْ الْكِسْوَةِ مَثَلًا جَازَ، فَإِذَا حَكَمَ بِشَيْءٍ لَزِمَ مَا دَامَ رِضَاهُمَا بِذَلِكَ حَتَّى إذَا مَضَى زَمَنٌ اسْتَقَرَّ وَاجِبُهُ بِمُقْتَضَى التَّقْرِيرِ فَيَلْزَمُ بِدَفْعِهِ، فَإِذَا رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ التَّقْرِيرِ ارْتَفَعَ حُكْمُهُ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ لَا فِيمَا مَضَى أَيْضًا قَالَهُ مَرَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهَا إذَا قَبَضَتْ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّ الْحُكْمَ بِذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ فِي النَّفَقَاتِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَالْمَهْرِ) وَمَعَ وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ فَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ حَتَّى تُطِيقَهُ، وَمَعْنَى وُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّمْكِينِ اسْتَقَرَّ الْمَهْرُ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَقَرَّ النِّصْفُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ:؛ إذْ لَا تَعَدِّيَ هُنَا أَصْلًا) أَيْ فَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْإِسْنَوِيِّ فِي ابْتِدَاءِ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ) أَيْ وَتَسْتَقِرُّ بِالتَّمْكِينِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجَلَالُ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ: فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ. اهـ. وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ أَسْقَطَتْهُ
لِلْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَتْ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ) أَيْ التَّمْكِينِ بِأَنْ ادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى سُقُوطَهُ بِنُشُوزِهَا فَأَنْكَرَتْ صَدَقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ حِينَئِذٍ بَقَاؤُهُ (فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ) نَفْسَهَا (عَلَيْهِ مُدَّةً فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (فِيهَا) أَيْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْعَقْدِ كَأَنْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ.
(وَإِنْ عَرَضَتْ) نَفْسَهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرُ الْمَحْجُورَةِ أَوْ وَلِيُّ الْمَحْجُورَةِ إنِّي مُمَكَّنَةٌ أَوْ مُمَكَّنٌ (وَجَبَتْ) النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَنَحْوُهَا (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) لَهُ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ)(غَابَ) الزَّوْجُ عَنْ بَلَدِهَا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَمْكِينِهَا ثُمَّ نُشُوزِهَا كَمَا يَأْتِي ثُمَّ أَرَادَتْ عَرْضَ نَفْسِهَا لِتَجِبَ لَهَا مُؤْنَتُهَا رَفَعَتْ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ فَأَظْهَرَتْ لَهُ التَّسْلِيمَ، وَحِينَئِذٍ (كَتَبَ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لِحَاكِمِ بَلَدِهِ) إنْ عَرَفَ (لِيُعْلِمَهُ) بِالْحَالِ (فَيَجِيءَ) لَهَا (أَوْ يُوَكِّلَ) مَنْ يَتَسَلَّمُهَا وَيَحْمِلُهَا إلَيْهِ، وَتَجِبُ مُؤْنَتُهَا مِنْ وُصُولِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) ذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (وَمَضَى) بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ (زَمَنُ) إمْكَانِ (وُصُولِهِ) إلَيْهَا (فَرَضَهَا الْقَاضِي) فِي مَالِهِ مِنْ حِينِ إمْكَانِ وُصُولِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ لَهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْرِفْ فَلْيَكْتُبْ لِحُكَّامِ الْبِلَادِ الَّتِي تَرِدُهَا الْقَوَافِلُ عَادَةً مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِيَطْلُبَ وَيُنَادِيَ بِاسْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَرَضَ الْحَاكِمُ نَفَقَتَهَا الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُعْسِرِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بِخِلَافِهِ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْرِضَ دَرَاهِمَ وَيَأْخُذَ مِنْهَا كَفِيلًا بِمَا تَأْخُذُهُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ اتَّجَهَ اقْتِرَاضُهُ عَلَيْهِ أَوْ إذْنُهُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ.
أَمَّا إذَا مَنَعَهُ مِنْ السَّيْرِ أَوْ التَّوْكِيلِ عُذْرٌ فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ، وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ يَكْتَفِي بِعِلْمِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ) قِيلَ الْأَحْسَنُ وَمُعْصِرٍ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ وَصْفٌ مُخْتَصٌّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَادَّعَى سُقُوطَهُ) أَيْ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُعْرَضُ نَفْسُهَا) عِبَارَةُ حَجّ: فَإِنْ لَمْ تُعْرَض عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا أَوْ وَلِيِّهَا وَعَلَيْهِ فَتُعْرَضُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرَ الْمَحْجُورَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِفَرْضِ السَّفِيهَةِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ فِيمَا مَرَّ بِالْمُكَلَّفَةِ خِلَافُهُ، وَعَبَّرَ بِالْمُكَلَّفَةِ فِي الْمَنْهَجِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَحْجُورَةِ هُنَا مَنْ حُجِرَ عَلَيْهَا بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهَقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُمْكِنٌ) أَيْ لَك مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْغَائِبِ اعْتِبَارُ الْوُصُولِ إلَيْهَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَيَجِيءَ لَهَا) بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى لِيَعْلَمَهُ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ مُؤْنَتُهَا مِنْ وُصُولِهِ) أَيْ إلَى الْمَرْأَةِ نَفْسِهَا وَلَا تَجِبُ بِوُصُولِهِ إلَى السُّوَرِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ كَإِخْبَارِ أَهْلِ الْقَوَافِلِ عَنْ حَالِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ مِنْهَا) أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ إذْنُهُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ) وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي مَنْهَجِهِ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَرَضَهَا الْقَاضِي وَأَخَذَ مِنْهَا كَفِيلًا إلَخْ، ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَأْخُذُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهَا وَيُشْكِلُ بِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ.
فَإِنْ قُلْت: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ الْمُتَقَدِّمِ.
قُلْت: لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ ضَمَانَ الدَّرْكِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُقَابِلِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى (قَوْلُهُ: يَكْتَفِي الْحَاكِمُ) أَيْ فِي الْعُذْرِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ الْأَحْسَنُ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ) أَيْ فَلَوْ فَرَضَ الْقَاضِي لِظَنِّ عَدَمِ الْعُذْرِ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَصِحَّ فَرْضُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى سُقُوطَهَا) يَعْنِي: الْمُؤَنَ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيَّ الْمَحْجُورَةِ) أَيْ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ إذْ تَمْكِينُ السَّفِيهَةِ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا دَرَاهِمَ) هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَحَلَّهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الْإِمَامِ يَكْتَفِي الْحَاكِمُ) أَيْ فِي أَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ السِّيَرِ مَانِعٌ
بِالْغُلَامِ يُقَالُ غُلَامٌ مُرَاهِقٌ وَجَارِيَةٌ مُعْصِرٌ (عَرْضُ وَلِيٍّ) لَهَا لَا هِيَ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ تَسَلَّمَ الْمُعْصِرَ بَعْدَ عَرْضِهَا نَفْسَهَا وَصَارَ بِهَا فِي مَنْزِلِهِ لَزِمَتْهُ مُؤْنَتُهَا، وَيُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ نَقْلَهَا لِمَنْزِلِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ عَرْضَهَا نَفْسَهَا عَلَيْهِ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا بَلْ مَتَى تَسَلَّمَهَا وَلَوْ كُرْهًا عَلَيْهَا وَعَلَى وَلِيِّهَا لَزِمَهُ مُؤْنَتُهُ، وَكَذَا تَجِبُ بِتَسْلِيمِ الْبَالِغَةِ نَفْسَهَا لِزَوْجٍ مُرَاهِقٍ فَتَسَلَّمَهَا هُوَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهُ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَيْهَا بِخِلَافِ نَحْوِ مَبِيعٍ لَهُ
(وَتَسْقُطُ) الْمُؤَنُ كُلُّهَا (بِنُشُوزٍ) مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْ خُرُوجٍ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَمُكْرَهَةٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لِلطَّاعَةِ فَتَرَكَ إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِالْجِنَايَةِ وَإِطْلَاقِ دَعْوَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّقُوطِ مَنْعُ الْوُجُوبِ دُونَ حَقِيقَتِهِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْوُجُوبِ مَمْنُوعَةً بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ، إذْ لَوْ نَشَزَتْ أَثْنَاءَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَتَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ الْوَاجِبَةُ بِفَجْرِهِ، أَوْ أَثْنَاءِ فَصْلٍ سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ الْوَاجِبَةُ بِأَوَّلِهِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُهَا لِمَا بَعْدَ يَوْمٍ وَفَصْلُ النُّشُوزِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ جَهِلَ سُقُوطَهَا بِالنُّشُوزِ فَأَنْفَقَ رَجَعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ مَنْ نَكَحَ أَوْ اشْتَرَى فَاسِدًا وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي عَقْدِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ ذَلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَيَحْصُلُ (وَلَوْ) بِحَبْسِهَا ظُلْمًا أَوْ حَقًّا وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى سُقُوطُهَا بِحَبْسِهَا لَهُ وَلَوْ بِحَقٍّ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، أَوْ بِاعْتِدَادِهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِغَضَبِهَا أَوْ (بِمَنْعِ) الزَّوْجَةِ الزَّوْجَ مِنْ نَحْوِ (لَمْسٍ) أَوْ نَظَرٍ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا، أَوْ تَوْلِيَتِهَا عَنْهُ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ (بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَالْوَطْءِ بِخِلَافِهِ بِعُذْرٍ كَأَنْ يَكُونَ بِفَرْجِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْعُذْرَ وَأَنْكَرَتْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقْبَلُ مِنْهُ لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا (قَوْلُهُ: عَرْضُ وَلِيٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي السَّفِيهَةِ بِعَرْضِهَا دُونَ وَلِيِّهَا لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرَ الْمَحْجُورَةِ أَوْ وَلِيَّ الْمَحْجُورَةِ خِلَافَهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيُفْهِمُهُ تَعْبِيرُ الشَّيْخِ فِي مَنْهَجِهِ بِالْمُكَلَّفَةِ دُونَ الرَّشِيدَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَةَ مُكَلَّفَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ مَتَى تَسَلَّمَهَا) وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ تَسَلَّمَ الْمَجْنُونَةَ بِنَفْسِهِ كَفَى فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كُرْهًا عَلَيْهَا) وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْبَالِغَةَ كَالْمُعْصِرِ فِي ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ تَمَتَّعَ بِالنَّاشِزِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَجِبُ تَسْلِيمُ الْبَالِغَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا لِلْمُرَاهِقِ تَسَلُّمُهَا لَا يَعْتَدُّ بِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَيْهَا خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: فَتَسَلَّمَهَا هُوَ) قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ
(قَوْلُهُ: وَمُكْرَهَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ يَأْخُذُونَهَا مُكْرِهِينَ لَهَا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُمْ بِذَلِكَ إصْلَاحَ شَأْنِهَا كَمَنْعِهِمْ لِلزَّوْجِ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّهَا بِمَنْعِ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ) أَيْ وَمَجَازُهُ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَعَمِّ فَبِالنِّسْبَةِ لِيَوْمِ النُّشُوزِ وَفَصْلِهِ حَقِيقَةٌ وَلِمَا بَعْدَهُمَا مَجَازٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَ سُقُوطَهَا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ جَهِلَ نُشُوزَهَا فَأَنْفَقَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ) أَيْ النُّشُوزُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ) عُمُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ إلَخْ شَامِلٌ لِمَا لَوْ حَبَسَهَا ظُلْمًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ تَعَدِّيًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَالَ: إلَّا إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً وَعُلِمَ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَهُوَ يُفِيدُ رُجُوعَهُ لِقَوْلِهِ أَوْ حَقًّا فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَضَبِهَا) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْمَرْأَةِ إذَا عُرِضَ لَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الزَّوْجِ أَخَذُوهَا قَهْرًا عَلَيْهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً مَا دَامَتْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْعِ الزَّوْجِ) قَالَ الْإِمَامُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعَ دَلَالٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَلْ الشَّرْطُ التَّسْلِيمُ التَّامُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّسْلِيمُ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ سُقُوطُهَا) يَعْنِي: عَدَمَ وُجُوبِهَا إذْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ لِأَنَّهُ أَيْ مَعَ مَجَازِهِ (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي عَقْدِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ.) فِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ) هُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ حَقًّا فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَضَبِهَا)
جِرَاحَةٌ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهَا وَاقَعَهَا (وَعَبَالَةُ زَوْجٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ: أَيْ كِبَرُ ذَكَرِهِ بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهُ (أَوْ مَرَضٍ) بِهَا (يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ) أَوْ نَحْوِ حَيْضٍ (عُذْرٌ) فِي عَدَمِ تَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ فَتَسْتَحِقُّ الْمُؤَنَ وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهَا إلَّا بِنَظَرِهِنَّ إلَيْهِمَا مَكْشُوفَيْ الْفَرْجَيْنِ حَالَ انْتِشَارِ عُضْوِهِ جَازَ لِيَشْهَدْنَ، وَلَيْسَ لَهَا امْتِنَاعٌ مِنْ زِفَافٍ لِعَبَالَةٍ بِخِلَافِ الْمَرَضِ لِتَوَقُّعِ شِفَائِهِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ) أَيْ مِنْ مَحَلٍّ رَضِيَ بِإِقَامَتِهَا بِهِ وَلَوْ بَيْتَهَا أَوْ بَيْتَ أَبِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ لِعِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ عِصْيَانٌ وَ (نُشُوزٌ) إذْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ الْمُؤَنِ، وَأَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ لَهَا اعْتِمَادَ الْعُرْفِ الدَّالِ عَلَى رِضَا أَمْثَالِهِ بِمِثْلِ الْخُرُوجِ الَّذِي تُرِيدُهُ، نَعَمْ لَوْ عَلِمَ مُخَالَفَتَهُ لِأَمْثَالِهِ فِي ذَلِكَ فَلَا (إلَّا أَنْ يَشْرُفَ) الْبَيْتُ أَوْ بَعْضُهُ الَّذِي يَخْشَى مِنْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (عَلَى انْهِدَامٍ) وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهَا خَشِيت انْهِدَامَهُ مَعَ نَفْيِ الْقَرِينَةِ أَوْ تَخَافُ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ فَاسِقٍ أَوْ سَارِقٍ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ الَّذِي لَهُ وَقْعٌ كَذَلِكَ، أَوْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ لِقَاضٍ تَطْلُبُ عِنْدَهُ حَقَّهَا أَوْ لِتَعَلُّمٍ أَوْ اسْتِفْتَاءٍ إنْ لَمْ يُغْنِهَا الزَّوْجُ الثِّقَةُ: أَيْ أَوْ نَحْوُ مَحْرَمِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ يُخْرِجُهَا مُعِيرُ الْمَنْزِلَ أَوْ مُتَعَدٍّ ظُلْمًا أَوْ يُهَدِّدُهَا بِضَرْبٍ فَتَمْتَنِعُ فَتَخْرُجُ خَوْفًا مِنْهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا، فَخُرُوجُهَا حِينَئِذٍ لَيْسَ بِنُشُوزٍ لِعُذْرِهَا فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ مَا لَمْ يَطْلُبْهَا لِمَنْزِلٍ لَائِقٍ فَتَمْتَنِعُ، وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا فِي عُذْرٍ ادَّعَتْهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا كَالْخَوْفِ مِمَّا ذُكِرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ، وَلَا يُشْكِلُ مَا تَقَرَّرَ هُنَا مِنْ إخْرَاجِ الْمُتَعَدِّي لَهَا بِحَبْسِهَا ظُلْمًا لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِأَنَّ نَحْوَ الْحَبْسِ مَانِعٌ عُرْفًا، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ إخْرَاجِهَا مِنْ مَنْزِلِهَا.
وَمِنْ النُّشُوزِ أَيْضًا امْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ نُقْلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ مَا لَمْ يَغْلِبْ فِيهِ السَّلَامَةُ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ رُكُوبِهِ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ أَوْ يَشُقَّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَابْنُ الصَّلَاحِ الْمَنْعَ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ بَلْ زَادَ أَنَّهُ يَحْرُمُ إرْكَابُهَا وَلَوْ بَالِغَةً (وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ) وَلَوْ لِحَاجَتِهَا أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ (أَوْ) بِإِذْنِهِ وَحْدَهَا (لِحَاجَتِهِ) وَلَوْ مَعَ حَاجَةِ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (لَا يُسْقِطُ) مُؤَنَهَا لِتَمْكِينِهَا وَهُوَ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِإِذْنِهِ سَفَرَهَا مَعَهُ بِدُونِهِ لَكِنْ صَحَّحَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَثْرَةُ جِمَاعِهِ وَتَكَرُّرُهُ أَوْ بُطْءُ إنْزَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ) وَسَكَتَ عَنْ بَيَانِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَرَضُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَلَا ظُنَّ رِضَاهُ عِصْيَانٌ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهَا لِلنُّسُكِ وَإِنْ كَانَ نُشُوزًا لَا تَعْصِي بِهِ لِحَصْرِ أَمْرِ النُّسُكِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَقْيِيدُهُ الِاخْتِصَاصَ بِمَالِهِ وَقَعَ وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِي الْمَالِ كَوْنُهُ لَيْسَ تَافِهًا جِدًّا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَعْلَمَ) أَيْ لِلْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ لَا الدُّنْيَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِفْتَاءً) أَيْ لِأَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخُصُوصِهِ وَأَرَادَتْ السُّؤَالَ عَنْهُ أَوْ تَعَلُّمَهُ.
أَمَّا إذَا أَرَادَتْ الْحُضُورَ لِمَجْلِسِ عِلْمٍ لِتَسْتَفِيدَ أَحْكَامًا تَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهَا حَالًا، أَوْ لِحُضُورٍ لِسَمَاعِ الْوَعْظِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ أَوْ يُهَدِّدُهَا) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: كَالْخَوْفِ) أَيْ وَكَإِخْبَارِهَا بِأَنَّهُ يَلْحَقُهَا ضَرَرٌ بِوَطْئِهِ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: لَمْ تَغْلِبْ فِيهِ السَّلَامَةُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَشُقُّ) أَيْ السَّفَرُ، وَقَوْلُهُ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً: أَيْ لِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ إرْكَابُهَا) أَيْ الْبَحْرَ، وَقَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يُهَدِّدُهَا) أَيْ الزَّوْجُ
وُجُوبَهَا هُنَا أَيْضًا لِأَنَّهَا تَحْتَ حُكْمِهِ وَإِنْ أَثِمَتْ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا وَإِلَّا فَنَاشِزَةٌ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ التَّحْقِيقُ، لَكِنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لَا قَيْدٌ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهَا لِلطَّاعَةِ وَأَنْ لَا (وَ) سَفَرُهَا (لِحَاجَتِهَا) أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ لَا مَعَهُ (يُسْقِطُ) مُؤَنَهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ.
أَمَّا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ عَدَمُ السُّقُوطِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ مُقَابِلَهُ وَنُسِبَ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي تَجِبُ لِأَنَّهَا سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ فَأَشْبَهَ سَفَرَهَا فِي حَاجَتِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لَمْ تَجِبْ مُؤَنُهَا إلَّا إنْ كَانَ يَتَمَتَّعُ بِهَا فِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ فَتَجِبُ وَيَصِيرُ تَمَتُّعُهُ بِهَا عَفْوًا عَنْ النُّقْلَةِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرُّوهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا مَرَّ فِي مُسَافِرَةٍ مَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِتَمْكِينِهَا وَإِنْ أَثِمَتْ بِعِصْيَانِهِ صَرِيحٌ فِيهِ، وَقَضِيَّتُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ صُوَرِ النُّشُوزِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا زَمَنَ التَّمَتُّعِ دُونَ غَيْرِهِ، نَعَمْ يَكْفِي فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ تَمَتُّعُ لَحْظَةٍ مِنْهُ وَكَذَا اللَّيْلُ (وَلَوْ نَشَزَتْ) كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ تَمَتُّعٍ مُبَاحٍ (فَغَابَ فَأَطَاعَتْ) فِي غَيْبَتِهِ بِنَحْوِ عَوْدِهَا لِبَيْتِهِ (لَمْ تَجِبْ) مُؤَنُهَا مَا دَامَ غَائِبًا (فِي الْأَصَحِّ) لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ تَسْلِيمٍ وَتَسَلُّمٍ وَلَا يَحْصُلَانِ مَعَ الْغَيْبَةِ، وَبِهِ فَارَقَ نُشُوزَهَا بِالرِّدَّةِ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِإِسْلَامِهَا مُطْلَقًا لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْمَنْزِلِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ كَأَنْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا وَغَابَ عَنْهَا ثُمَّ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ قَاضٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ: وَحَاصِلُ ذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ النُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَالنُّشُوزِ الْخَفِيِّ اهـ.
وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ إرْسَالُ إعْلَامِهِ بِذَلِكَ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي النُّشُوزِ الْجَلِيِّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ لِأَنَّ عَوْدَهَا لِلطَّاعَةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بَعِيدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ أَنَّ إشْهَادَهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ كَإِعْلَامِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَجِبُ لِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ زَالَ بِخُرُوجِهَا عَنْ الطَّاعَةِ فَإِذَا زَالَ الْعَارِضُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَنَاشِزَةٌ) أَيْ مَا لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ) أَيْ الزَّوْجُ: أَيْ وَبِغَيْرِ سُؤَالٍ مِنْ الزَّوْجِ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنَّ سُؤَالَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ سَفَرِهَا لِحَاجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ نَعَمْ يَكْفِي إلَخْ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا اللَّيْلُ) هَلْ ذَلِكَ جَارٍ فِي السَّفَرِ بِلَا إذْنٍ وَغَيْرِهِ أَمْ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ السَّفَرِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ تَمَتُّعُهُ بِهَا فِي السَّفَرِ لَحْظَةً كَافٍ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهَا مُسْقِطٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ لَهَا مِنْ مُصَاحَبَتِهِ بَعْدَ التَّمَتُّعِ رِضًا مِنْهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَزُولُ بِإِسْلَامِهَا) أَيْ حَيْثُ أَعْلَمَتْهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ أَيْ مُرَادُهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ جُدِّدَ تَسْلِيمٌ وَتَسَلُّمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: عَادَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ حَيْثُ أَعْلَمَتْهُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَصْدِيقِهَا فِي ذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ (قَوْلُهُ: النُّشُوزِ الْجَلِيِّ) أَيْ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: إنَّ إشْهَادَهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ) زَادَ حَجّ وَعَدَمِ حَاكِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ مَظِنَّةً لِبُلُوغِ الْخَبَرِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ عَدَمُ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، وَإِلَّا فَوُجُوبُ النَّفَقَةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِعَوْدِهَا فِيهِ شَيْءٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ تَمَتُّعٍ مُبَاحٍ) الْأَصْوَبُ عَدَمُ ذِكْرِهِ هُنَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُخَالِفُهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ عَوْدِهَا إلَخْ.) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهَا فِي قَبْضَتِهِ لِيُفَارِقَ نَظِيرَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ قَبْلَهُ لَفْظُ قَالَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْبَتِهِ) أَيْ وَعَدَمُ الْحَاكِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ، وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ النَّظَائِرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي فِي النُّشُوزِ الْجَلِيِّ أَيْضًا وَقِيَاسُ النَّظَائِرِ أَيْضًا أَنَّ الْإِشْهَادَ
عَادَ الِاسْتِحْقَاقُ (وَطَرِيقُهَا) فِي عَوْدِ الِاسْتِحْقَاقِ (أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ كَمَا سَبَقَ) فِي ابْتِدَاءِ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا عَلِمَ وَعَادَ أَوْ أَرْسَلَ مَنْ يَتَسَلَّمُهَا أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرِهَا عَادَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَلَوْ الْتَمَسَتْ زَوْجَةُ غَائِبٍ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَرْضًا عَلَيْهِ اعْتَبَرَ ثُبُوتَ النِّكَاحِ وَإِقَامَتَهَا فِي مَسْكَنِهِ وَحَلِفَهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ وَأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ نَفَقَةً مُسْتَقْبَلَةً فَحِينَئِذٍ يَفْرِضُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةَ مُعْسِرٍ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ بِالْبَلَدِ تُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ ظُهُورُ مَالٍ لَهُ تَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِرَفْعٍ لَهُ (وَلَوْ خَرَجَتْ) لَا عَلَى وَجْهِ النُّشُوزِ (فِي غَيْبَتِهِ) عَنْ الْبَلَدِ بِلَا إذْنِهِ (لِزِيَارَةٍ) لِقَرِيبٍ لَا أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَنَحْوِهَا) كَعِيَادَةٍ لِمَنْ ذُكِرَ بِشَرْطِ عَدَمِ رِيبَةٍ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لَمْ تَسْقُطْ) مُؤَنُهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ نُشُوزًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الْخُرُوجِ قَبْلَ سَفَرِهِ أَوْ يُرْسِلْ لَهَا بِالْمَنْعِ (وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا نَفَقَةَ) وَلَا مُؤْنَةَ (لِصَغِيرَةٍ) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَإِنْ سَلَّمَتْ لَهُ لِأَنَّ تَعَذُّرَ وَطْئِهَا لِمَعْنًى قَائِمٍ بِهَا فَلَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّمَتُّعِ.
وَالثَّانِي لَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا حُبِسَتْ عِنْدَهُ وَفَوَاتُ الِاسْتِمْتَاعِ بِسَبَبٍ هِيَ فِيهِ مَعْذُورَةٌ كَالْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهَا تَجِبُ لِكَبِيرَةٍ) أَيْ لِمَنْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (عَلَى صَغِيرٍ) لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ إذَا عَرَضَتْ عَلَى وَلِيِّهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا بِسَبَبٍ هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ (وَإِحْرَامُهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَوْ مُطْلَقًا (بِلَا إذْنٍ نُشُوزٌ إنْ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا) عَلَى قَوْلٍ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا وَمَعَ كَوْنِهِ نُشُوزًا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِعْلُهُ لِخَطَرِ أَمْرِ النُّسُكِ، وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ (وَإِنْ مَلَكَ) تَحْلِيلَهَا بِأَنْ أَحْرَمَتْ وَلَوْ بِفَرْضٍ عَلَى الْأَصَحِّ (فَلَا) يَكُونُ إحْرَامُهَا نُشُوزًا فَتَسْتَحِقُّ الْمُؤَنَ لِكَوْنِهَا فِي قَبْضَتِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَحْلِيلِهَا وَتَمَتُّعِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
خُصُوصًا إذَا أَمْكَنَهَا الْإِعْلَامُ وَلَمْ تُعْلِمْهُ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يُفْرَضُ لَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا يَفْرِضُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَقْتَرِضْ عَلَيْهِ وَلَا أَذِنَ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ) لَهُ فَائِدَةٌ هِيَ مَنْعُ الْمُخَالِفِ مِنْ الْحُكْمِ بِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ أَيْضًا اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ ظُهُورُ مَالٍ) وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَالٌ أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْبَتِهِ عَنْ الْبَلَدِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ غَيْبَتِهِ عَنْ الْبَلَدِ خُرُوجُهَا مَعَ حُضُورِهِ حَيْثُ اقْتَضَى الْعُرْفُ رِضَاهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ أَيْضًا، وَأَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ لَا يَرْجِعُ إلَّا آخِرَ النَّهَارِ مَثَلًا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِلْعِيَادَةِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَتْ تَرْجِعُ إلَى بَيْتِهَا قَبْلَ عَوْدِهِ وَعَلِمَتْ مِنْهُ الرِّضَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ لِقَرِيبٍ لَا أَجْنَبِيٍّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ رِيبَةٌ أَوْ لَمْ يَدُلَّ الْعُرْفُ عَلَى رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخُرُوجُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ كَلَامٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ يُرْسِلُ لَهَا بِالْمَنْعِ) أَيْ أَوْ تَدُلُّ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِخُرُوجِهَا فِي غَيْبَتِهِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا مُؤْنَةَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِعْلَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُهَا فِي عَوْدِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ طَرِيقُهَا ذَلِكَ فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلنُّشُوزِ الْجَلِيِّ وَهُوَ طَرِيقُهَا أَيْضًا مَعَ إرْسَالِهَا تَعْلَمُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنُّشُوزِ الْخَفِيِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَمَسَتْ زَوْجَةُ غَائِبٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُشُوزٌ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ) قَدْ سَبَقَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ عُرِضَتْ وَجَبَتْ بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ إلَخْ. أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا نَشَزَتْ ثُمَّ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ فِي غَيْبَتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْفَرْضِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا هُنَا، وَهَلْ يَكُونُ الِاقْتِرَاضُ مِنْ غَيْرِ فَرْضٍ، وَلَعَلَّ مَا هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَعْلُومَ الْمَحَلِّ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَلَدِ)
بِهَا، فَإِذَا تَرَكَهُ فَقَدْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ، فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِالْإِفْسَادِ لَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَفِي ذَلِكَ مَا يُهِيبُ مِنْهُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ نَادِرٌ فَلَا تَقْوَى مَهَابَتُهُ (حَتَّى تَخْرُجَ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا) فَإِنْ كَانَ مَعَهَا اسْتَحَقَّهَا وَإِلَّا فَلَا، نَعَمْ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهَا بِجِمَاعٍ وَكَانَ بِإِذْنِهِ يَلْزَمُهَا الْإِحْرَامُ بِقَضَائِهِ فَوْرًا وَالْخُرُوجُ لَهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَحِينَئِذٍ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهَا بَلْ وَالْخُرُوجُ مَعَهَا، وَلَا يَرُدُّ مَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ إذْنَهُ السَّابِقَ اسْتَتْبَعَ الْإِذْنَ فِي هَذَا (أَوْ) أَحْرَمَتْ (بِإِذْنٍ) مِنْهُ (فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ) لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَفَوَاتُ التَّمَتُّعِ نَشَأَ مِنْ إذْنِهِ فَإِنْ خَرَجَتْ فَكَمَا تَقَرَّرَ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَرُدَّ بِمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ أَجَّرَتْ عَيْنَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يَتَخَيَّرْ وَيُقَدَّمُ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنْ لَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّةَ ذَلِكَ (وَيَمْنَعُهَا) إنْ شَاءَ (صَوْمَ) أَوْ نَحْوَ صَلَاةِ أَوْ اعْتِكَافِ (نَفْلٍ) ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَوْ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ تَمَتُّعَهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ قَدْ تَطْرَأُ لَهُ إرَادَتُهُ فَيَجِدُهَا صَائِمَةً فَيَتَضَرَّرُ.
(فَإِنْ أَبَتْ) وَصَامَتْ أَوْ أَتَمَّتْ غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ أَوْ صَلَّتْ غَيْرَ رَاتِبَةٍ (فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) فَتَسْقُطُ مُؤَنُ جَمِيعِ مُدَّةِ صَوْمِهَا لِامْتِنَاعِهَا مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهَا مِنْ التَّمْكِينِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَلَوْ مَعَ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ، وَمِنْ ثَمَّ حَرَّمَ صَوْمَهَا نَفْلًا أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا وَهُوَ حَاضِرٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ، وَظَاهِرُ امْتِنَاعِهِ مُطْلَقًا إنْ أَضَرَّهَا أَوْ وَلَدَهَا الَّذِي تُرْضِعُهُ، وَأَخَذَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ اشْتَغَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِعَمَلٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْحَيَاءُ مِنْ تَبْطِيلِهَا كَخِيَاطَةٍ بَقِيَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ فَامْتَنَعَتْ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَمَتُّعِهِ: أَيْ وَقْتَ أَرَادَ بِخِلَافِ تَعْلِيمِ صِغَارٍ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي عَادَةً مِنْ أَخْذِهَا مِنْ بَيْنَهُنَّ وَقَضَاءِ وَطَرِهِ مِنْهَا، فَإِذَا لَمْ تَنْتَهِ بِنَهْيِهِ كَانَتْ نَاشِزَةً، أَمَّا عَرَفَةُ وَعَاشُورَاءُ فَلَهَا فِعْلُهُمَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ وَيُلْحَقُ بِهِمَا تَاسُوعَاءُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَبِهِ يَخُصُّ الْخَبَرُ الْحَسَنُ «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا سِوَى شَهْرِ رَمَضَانَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَلَوْ نَكَحَهَا صَائِمَةً تَطَوُّعًا لَمْ يُجْبِرْهَا عَلَى الْفِطْرِ، وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا بِهِ وَقَدْ زُفَّتْ إلَيْهِ: وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ الْحَاضِرَةَ كَالْبَالِغِ لَوْ أَرَادَتْ صَوْمَ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِصَوْمِهِ مَضْرُوبَةٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِمَنْ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ فَلَا مَنْعَ لِمُتَلَبِّسٍ بِصَوْمٍ.
أَوْ اعْتِكَافٍ وَاجِبَيْنِ، أَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا مُدْنِفًا لَا يُمْكِنُهُ الْوِقَاعُ أَوْ مَمْسُوحًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ كَانَتْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
شَمِلَ ذَلِكَ الْمَهْرَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ إطَاقَةِ الْوَطْءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَخَيَّرْ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّةَ ذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي النَّاشِزَةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ التَّمَتُّعِ وَأَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِالتَّمَتُّعِ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَتَمَّتْ غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ) مِنْ نَحْوِ تَاسُوعَاءَ لَا الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ وَأَيَّامِ الْبِيضِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ رَاتِبَةٍ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّقْدِيمِ كَقَصْرِ النَّهَارِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ مُوَسَّعًا أَوْ مُضَيَّقًا (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إفْسَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ أَمْرُهُ التَّرْكَ لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ التَّمَتُّعِ كَرِيبَةٍ تَحْصُلُ لَهُ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَاطَةُ مَثَلًا كَتَرَدُّدِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ لِطَلَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا.
(قَوْلُهُ: فَلَهَا فِعْلُهُمَا) أَيْ إلَّا فِي أَيَّامِ الزِّفَافِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ) وَمِنْهُ سِتَّةُ شَوَّالٍ وَإِنْ نَذَرَتْهَا بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ) أَيْ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: الْحَاضِرَةَ) أَيْ الْمُقِيمَةُ لَا الْمُسَافِرَةُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِيضًا مُدْنِفًا) أَيْ ثَقِيلًا مَرَضُهُ.
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَقَدْ دَنِفَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مُتَعَلِّقٌ بِغَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَمَرْنَاهُ) يَعْنِي: لَوْ جَوَّزْنَا لَهَا الصَّوْمَ وَجَعَلْنَا الْإِفْسَادَ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ، وَإِلَّا فَلَا أَمْرَ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَصَامَتْ) أَيْ أَوْ أَتَمَّتْ الصَّوْمَ
أَوْ مُتَحَيِّرَةً كَالْغَائِبِ وَأَوْلَى لِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ يَقْدُمُ نَهَارًا فَيَطَأُ، وَلَوْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ سَفَرًا مُرَخِّصًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ مُخَرَّجًا عَلَى فِعْلِ الْمَكْتُوبَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى لِمَا فِي التَّأْخِيرِ مِنْ الْخَطَرِ عَلَى أَوْجَهِ احْتِمَالَاتٍ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفِطْرُ أَفْضَلَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يَتَضَيَّقُ) لِكَوْنِ الْإِفْطَارِ بِعُذْرٍ مَعَ اتِّسَاعِ الزَّمَنِ، وَقَدْ تَشْمَلُ عِبَارَتُهُ قَضَاءَ الصَّلَاةِ فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ التَّضْيِيقِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا) مِنْهُ قَبْلَ شُرُوعِهَا فِيهِ وَبَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ مُتَرَاخٍ وَحَقُّهُ فَوْرِيٌّ، بِخِلَافِ مَا تَضِيقُ بِهِ لِلتَّعَدِّي بِإِفْطَارِهِ أَوْ لِضِيقِ زَمَنِهِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَسَعُهُ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ وَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالنَّفْلِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ مَنْذُورِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ مُطْلَقٍ وَلَوْ قَبْلَ النِّكَاحِ وَبِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ مُوَسَّعٌ.
نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا، وَكَذَا يَمْنَعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ وَمِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ) لِحِيَازَةِ فَضِيلَتِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ جَوَازَ الْمَنْعِ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلَ كَنَحْوِ إبْرَادٍ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنْ تَطْوِيلٍ زَائِدٍ بَلْ تَقْتَصِرُ عَلَى أَكْمَلِ السُّنَنِ وَالْآدَابِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْإِحْرَامِ بِطُولِ مُدَّتِهِ.
وَالثَّانِي لَهُ الْمَنْعُ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ وَحَقُّهُ عَلَى الْفَوْرِ (وَ) لَا مِنْ (سُنَنٍ رَاتِبَةٍ) وَلَوْ أَوَّلَ وَقْتِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ لِتَأَكُّدِهَا مَعَ قِلَّةِ زَمَنِهَا وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِهَا بِأَنْ زَادَتْ عَلَى أَدْنَى الْكَمَالِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُمْ رَاعَوْا فَضِيلَةَ: أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَمْ تَبْعُدْ رِعَايَةُ هَذَا أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى أَقَلِّ مُجْزِئٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بِعَقِيدَتِهِ لَا بِعَقِيدَتِهَا
(وَتَجِبُ) بِالْإِجْمَاعِ (لِرَجْعِيَّةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ حَائِلًا (الْمُؤَنُ) الْمَارُّ وُجُوبُهَا لِلزَّوْجَةِ لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ وَسَلْطَنَتِهِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ طَلَّقْت بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِي الرَّجْعَةُ وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهَا فَلَا رَجْعَةَ لَك صُدِّقَ بِيَمِينِهِ هُنَا فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ وَلَا مُؤَنَ لَهَا لِأَنَّهَا تُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَهَا، وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ لَهَا وَإِنْ رَاجَعَهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ طَلَاقًا بَائِنًا فَأَنْكَرَهُ فَلَا مُؤَنَ لَهَا، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمَرِيضُ مِنْ بَابِ طَرِبَ: أَيْ ثَقُلَ، وَأَدْنَفَ مِثْلُهُ، وَأَدْنَفَهُ الْمَرَضُ يَتَعَدَّى وَيَلْزَمُ فَهُوَ مُدْنِفٌ وَمُدْنَفٌ اهـ: أَيْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ) أَيْ فَلَا يَمْنَعُهَا الصَّوْمُ (قَوْلُهُ: بَيْنَ التَّضْيِيقِ) أَيْ بِأَنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَبِإِذْنِهِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ النِّكَاحِ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا مِنْهُ حَيْثُ دَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ وَمِثْلُ الِاعْتِكَافِ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ إذَا نَذَرَتْهَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُ وَشَرَعَتْ فِيهَا بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَمْنَعُهَا) أَيْ دَائِمًا وَيَكُونُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَمُوتَ فَيَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهَا أَوْ يَتَيَسَّرُ لَهَا فِعْلُهُ بِنَحْوِ غَيْبَتِهِ كَإِذْنِهِ لَهَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ) أَيْ كَأَنْ حَلَفَتْ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَهِيَ عَالِمَةٌ وُقُوعَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ) أَيْ عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَكْتُوبَةِ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ سُنَنٍ رَاتِبَةٍ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي السُّنَنِ بَيْنَ الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَصَلَاةُ الضُّحَى وَالْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَأَنَّ مِثْلَهَا الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِهَا) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّاتِبَةِ وَالْفَرْضِ حَيْثُ اُغْتُفِرَ فِيهِ أَكْمَلُ السُّنَنِ وَالْآدَابِ بِعِظَمِ شَأْنِ الْفَرْضِ فُرُوعِي فِيهِ زِيَادَةُ الْفَضِيلَةِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: وَسَلْطَنَتُهُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ لَهَا) أَيْ دَائِمًا مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَنَحْوِ إبْرَادٍ) اُنْظُرْ هَلْ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ
(قَوْلُهُ: لَا تَجِبُ لَهَا، وَإِنْ رَاجَعَهَا) هَلْ، وَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَهَلْ عَدَمُ الْوُجُوبِ
عَلَيْهِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ (إلَّا مُؤْنَةُ تَنَظُّفٍ) لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهَا مِنْ غَرَضِ التَّمَتُّعِ (فَلَوْ)(ظَنَّتْ) الرَّجْعِيَّةُ (حَامِلًا فَأَنْفَقَ) عَلَيْهَا (فَبَانَتْ حَائِلًا)(اسْتَرْجَعَ) مِنْهَا (مَا دَفَعَ) هـ لَهَا (بَعْدَ عِدَّتِهَا) لَتَبَيَّنَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا وَتَصْدُقُ فِي قَدْرِ أَقْرَائِهَا وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا وَتَحْلِفُ إنْ كَذَّبَهَا، فَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ شَيْئًا وَعَرَفَ لَهَا عَادَةً مُتَّفِقَةً عُمِلَ بِهَا أَوْ مُخْتَلِفَةً فَالْأَقَلُّ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بَاطِنًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَأَنْفَقَ مُدَّةً ثُمَّ عَلِمَ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا بِجَامِعِ أَنَّهَا فِيهِمَا مَحْبُوسَةٌ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ مَنْ أَنْفَقَ ظَانًّا وُجُوبَهُ حَيْثُ لَا حَبْسَ مِنْهُ
(وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ) أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارَنٍ أَوْ عَارِضٍ عَلَى الرَّاجِحِ (أَوْ ثَلَاثٍ لَا نَفَقَةَ) لَهَا (وَلَا كِسْوَةَ) لَهَا قَطْعًا لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلِانْتِفَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى لِأَنَّهَا لِتَحْصِينِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَفْتَرِقُ بِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ وَانْتِفَائِهَا (وَيَجِبَانِ) كَالْخَادِمِ وَالْأُدُمِ (لِحَامِلٍ) بَائِنٍ لِآيَةٍ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] فَهُوَ كَالْمُسْتَمْتِعِ بِرَحِمِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِمَائِهِ، نَعَمْ الْبَائِنُ بِفَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ كَعَيْبٍ أَوْ غُرُورٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا مُطْلَقًا كَمَا قَالَاهُ فِي الْخِيَارِ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَالْوُجُوبُ إنَّمَا هُوَ (لَهَا) لَكِنْ بِسَبَبِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُعْسِرَ وَتَتَقَدَّرُ وَتَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ كَامْتِنَاعِهَا مِنْ السُّكْنَى فِي لَائِقٍ بِهَا عَيَّنَهُ لَهَا وَخُرُوجُهَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَا بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الرَّاجِحِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْقَوْلُ فِي تَأَخُّرِ الْوِلَادَةِ قَوْلُ مُدَّعِيهِ (وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ) لِتَوَقُّفِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) إذْ لَا نَفَقَةَ لَهَا حَالَةَ الزَّوْجِيَّةِ فَبَعْدَهَا أَوْلَى
(قُلْت)(وَلَا نَفَقَةَ) وَلَا مُؤْنَةَ (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) وَمِنْهَا مَوْتُ زَوْجِهَا وَهِيَ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ (وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ (وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ) وَمُؤْنَتُهَا كَمُؤْنَةِ زَوْجَةٍ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا فَهِيَ (مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنِ النِّكَاحِ) لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِهِ (وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا) لَهَا (قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ) سَوَاءٌ أَجَعَلْنَاهَا لَهَا أَمْ لَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، نَعَمْ اعْتِرَافُ رَبِّ الْعِدَّةِ بِوُجُودِهِ كَظُهُورِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (فَإِذَا ظَهَرَ) الْحَمْلُ وَلَوْ بِقَوْلِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ (وَجَبَ) دَفْعُهَا لِمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَلَا مُؤَنَ) قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ فِيمَا ذُكِرَ لِحَبْسِهَا عِنْدَهُ حَبْسُ الزَّوْجَاتِ حَيْثُ قَبِلْنَا قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ لَمْ يَحْبِسْهَا وَلَا تَمَتَّعَ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ سَبَبُ الْوُقُوعِ مِنْ جِهَتِهَا كَأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ فَفَعَلَتْهُ وَلَمْ تُعْلِمْهُ بِهِ، وَفِي عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِتَدْلِيسِهَا
(قَوْلُهُ: وَالْأُدْمُ) مِثَالٌ لِأَنَّ النَّفَقَةَ إذَا أُطْلِقَتْ أُرِيدَ بِهَا الْمُؤَنُ (قَوْلُهُ: أَوْ انْفِسَاخٌ بِمُقَارَنٍ) يَتَأَمَّلُ صُورَةُ الِانْفِسَاخِ بِمُقَارَنِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ) وَعَلَى هَذَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي فَصْلِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ لِأَنَّ الْحَامِلَ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَسْقُطُ بِوَفَاتِهَا وَبِقَوْلِهِ الْآتِي هُنَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لِلْحَمْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَتَجِبُ بِوُجُوبِ نَفَقَةِ فَرْعِهِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لِلْحَمْلِ حَدٌّ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا لَا لَهُ وَهِيَ قَدْ بَانَتْ بِالْوَفَاةِ، وَالْقَرِيبُ تَسْقُطُ مُؤْنَتُهُ بِهَا (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ الْخَبَرِ) وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: كَظُهُورِهِ مُؤَاخَذَةً)
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً عِنْدَهُ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ حِينَئِذٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارِنٍ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ) تَوَقَّفَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَوْتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَلَدِ أَيْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا