الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ، وَجَرَحَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ.
(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَأْتِي
(يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَالْجُرْحِ) وَالْمَعَانِي (مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ) مِمَّا مَرَّ مُفَصَّلًا، وَلَا يَرِدُ الضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ غَالِبًا لَا فِي النَّفْسِ إذْ عَمْدُ كُلٍّ بِحَسَبِهِ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي حَدِّهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُحَصِّلِهِ، عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدَ عَدَمِ سِرَايَةِ الْإِيضَاحِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَاسْتِثْنَاءُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ جَنَى مُكَاتَبٌ عَلَى عَبْدِهِ فِي الطَّرَفِ فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يَتَشَفَّى بِالْقَوَدِ مِنْ سَيِّدِهِ، بِخِلَافِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِانْتِفَاءِ تَشَفِّيهِ؛ إذْ لَا وَارِثَ لَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ جِنَايَةَ نَفْسٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: وَمَتَى وَجَبَتْ الدِّيَةُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جُرِحَ جِرَاحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي الرِّقِّ وَالْأُخْرَى فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالدِّيَةُ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الرِّقِّ وَالْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَالسَّيِّدُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ فِي الرِّقِّ وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ.
[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَأْتِي]
(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ
(قَوْلُهُ: فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ) أَيْ وُجُودًا وَعَدَمًا لِيَشْمَلَ نَحْوَ قَوْلِهِ وَلَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ
(قَوْلُهُ: بِعَصًا خَفِيفَةٍ) خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَمْدٌ فِي نَحْوِ الْإِيضَاحِ اهـ حَجّ، وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ) أَيْ الْإِيضَاحَ (قَوْلُهُ: لَا فِي النَّفْسِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَحْوِ الْإِيضَاحِ
(قَوْلُهُ: إذْ عَمْدُ كُلٍّ بِحَسَبِهِ) أَيْ مِنْ نَحْوِ الْإِيضَاحِ وَالنَّفْسِ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَنْفَعُ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ وَأَوْضَحَهُ كَانَ هَذَا الْإِيضَاحُ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقَوَدِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ، وَهَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِأَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ الْإِيضَاحِ بِذَلِكَ الضَّرْبِ يُوجِبُ الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ سِرَايَةِ الْإِيضَاحِ) يَعْنِي أَنَّ كَلَامَ الْمُورِدِ حَيْثُ لَمْ يَسْرِ الْإِيضَاحُ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَمْدًا فِي الْإِيضَاحِ، وَإِذَا وَقَعَ مِثْلُهُ بِلَا إيضَاحٍ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُ يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ حَدَّ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ فِي النَّفْسِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الضَّرْبِ، وَحَدُّ الْعَمْدِ الْمُوجِبُ لِلْإِيضَاحِ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يُوضِحُ غَالِبًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِالضَّرْبِ، وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَا سِرَايَةَ أَمَّا مَعَهَا فَيَجِبُ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ الْخَفِيفَةَ مَعَ السِّرَايَةِ تَقْتُلُ غَالِبًا
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ) أَيْ وَلَا إيرَادَ (قَوْلُهُ عَلَى عَبْدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ) أَيْ فَلَا يُقْطَعُ كَمَا لَا يُقْتَلُ لَكِنَّهُ إذَا قَطَعَ يَدَهُ ضَمِنَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: تَوْجِيهُهُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يَأْتِي) يَعْنِي: وَفِيمَا يَأْتِي، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ الضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَا يَرِدُ الضَّرْبُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ عَمْدٌ فِي نَحْوِ الْإِيضَاحِ لِأَنَّهُ يُحَصِّلُهُ غَالِبًا لَا فِي النَّفْسِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَمْدَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ انْتَهَتْ.
وَلَعَلَّ بَعْضَهَا سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ إلَخْ.)
فَيُرَدُّ بِأَنَّ السَّيِّدِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ ذَلِكَ التَّشَفِّي
(وَلَوْ وَضَعُوا) أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِسْنَادُهُ إلَى جَمِيعِهِمْ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (سَيْفًا) مَثَلًا (عَلَى يَدِهِ وَتَحَامَلُوا) كُلُّهُمْ (عَلَيْهِ دُفْعَةً) بِالضَّمِّ وَفِي الْقَامُوسِ هِيَ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ وَمَا انْصَبَّ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ إنَاءٍ مَرَّةً، وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ هُنَا (فَأَبَانُوهَا) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا يَأْتِي (قُطِعُوا) كَمَا لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ نَفْسٍ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ أَنْ يَخُصَّ كُلًّا مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ نِصَابٌ؛ لِأَنَّ التَّوْزِيعَ مُمْكِنٌ ثَمَّ لَا هُنَا عَلَى أَنَّ حَقَّ اللَّهِ يُتَسَامَحُ فِيهِ أَكْثَرُ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَامَلُوا بِأَنْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ كَأَنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ جَانِبٍ وَآخَرُ مِنْ جَانِبٍ حَتَّى الْتَقَتْ الْحَدِيدَتَانِ أَوْ جَذَبَ أَحَدُهُمَا الْمِنْشَارَ ثُمَّ الْآخَرُ فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ وَبَحَثَا بُلُوغَ مَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ دِيَةَ الْيَدِ
(وَشِجَاجُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِالْفَتْحِ (الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَشْرٌ) بِاسْتِقْرَاءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَجُرْحُ غَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى شَجَّةً، فَدَعْوَى أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِمَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ لَيْسَا عَيْنَ الشَّجَّةِ بَلْ هُمَا شَرْطَانِ فِي تَسْمِيَتِهَا شَجَّةً فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقَ الْجُرْحِ وَأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّخْصِيصِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي الشَّجَّةِ حَيْثُ أُطْلِقَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُضِيفَتْ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً أَطْلَقُوهَا عَلَى سَائِرِ جُرُوحِ الْبَدَنِ، أَوَّلُهَا طَبْعًا وَوَضْعًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُقْطَعُ فِيهِ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ غَيْرَ أَنَّ مَا وُجِّهَ بِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِثْنَاءِ لَوْ قِيلَ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالضَّمِّ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الضَّمِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ إذْ لَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ مَصْبُوبٌ يُسَمَّى بِالدُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: شَبَّهَ السَّيْفَ الْوَاقِعَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالشَّيْءِ الْمَصْبُوبِ مِنْ سِقَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْقُوَّةِ) أَيْ كَأَنْ صَارَتْ مُعَلَّقَةً بِجِلْدَةٍ (قَوْلُهُ: يَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ) أَيْ إنْ عُرِفَتْ، وَإِلَّا فَيَحْتَاطُ الْقَاضِي فِي فَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ ظُلْمٌ لِأَحَدِهِمَا وَلَا نَقْصَ لِمَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ عَنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكُومَةِ
(قَوْلُهُ: دِيَةَ الْيَدِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحَةٍ) كَذَا فِي حَجّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّتِهَا مَعَ تَسَامُحٍ؛ لِأَنَّ الشَّجَّةَ هِيَ جِرَاحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ وَجِرَاحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ الْمُضَافَةُ إلَيْهِمَا، فَلَمَّا اشْتَمَلَ الْمُضَافُ وَهُوَ الشِّجَاجُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ إلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ كَانَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ حُكْمًا
(قَوْلُهُ: فَالْأَقْرَبُ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ الْمَتْنِ لِمَا يُقَالُ لَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الشِّجَاجِ لِلرَّأْسِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ: أَيْ فِي الشَّجَّةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى جُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً أَطْلَقُوهَا) أَيْ عَلَى سَائِرِ جُرُوحِ الْبَدَنِ: أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ لِلتَّخْصِيصِ بِلَا تَأْوِيلٍ
(قَوْلُهُ: طَبْعًا وَوَضْعًا) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَطْعِ جِلْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا لَا يَنْفَعُ فِي الْإِيرَادِ، ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ عَدَمِ نَفْعِهِ وَقَدْ يُقَالُ وَكَذَا الْجَوَابُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ: بِالضَّمِّ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَهُ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ. اهـ.
فَقَوْلُهُ: وَفِي الْقَامُوسِ إلَخْ. الْمُرَادُ بِهِ الرِّدَّةُ عَلَى الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ هُنَا ذِكْرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَيَّزَ) أَيْ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْ فِعْلِ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ لَنَا الْأَثَرُ فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ) أَيْ إنْ عُلِمَتْ
(قَوْلُهُ: فَدَعْوَى أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَخْ.) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: وَجُرْحُ غَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى شَجَّةً: أَيْ فَلَا يُسَمَّى شَجَّةً إلَّا جُرْحُهُمَا فَالْإِضَافَةُ حِينَئِذٍ مِنْ إضَافَةِ الِاسْمِ إلَى الْمُسَمَّى لَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ فَدَعْوَى إلَخْ. وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ كَذَا قِيلَ إلَخْ. فَالْمُفَرَّعُ فِيهَا هُوَ الْمَرْدُودُ فِي تَفْرِيعِ الشَّارِحِ وَالتَّفْرِيعُ فِيهَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَّةِ إلَخْ.) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، فَكَأَنَّ مَوْرِدًا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الشَّجَّةِ فَقَالَ: وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَّةِ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فَلَا وُرُودَ (قَوْلُهُ: طَبْعًا وَوَضْعًا) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْهَشْمِ وَالتَّنْقِيلِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ شَيْءٍ يَثْقُلُ
(حَارِصَةٌ) بِمُهْمَلَاتٍ (وَهِيَ مَا تَشُقُّ الْجِلْدَ قَلِيلًا) نَحْوُ الْخَدْشِ وَيُسَمَّى الْحَرْصَةَ وَالْحَرِيصَةَ وَالْقَاشِرَةَ (وَدَامِيَةٌ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ الشَّقَّ بِغَيْرِ سَيَلَانِ دَمٍ وَإِلَّا فَدَامِعَةٌ بِمُهْمَلَةٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَبْلُغُ الشِّجَاجُ إحْدَى عَشْرَةَ (وَبَاضِعَةٌ) مِنْ الْبَضْعِ وَهُوَ الْقَطْعُ (تَقْطَعُ اللَّحْمَ) بَعْدَ الْجِلْدِ: أَيْ تَشُقُّهُ شَقًّا خَفِيفًا مِنْ بَضَعَ قَطَعَ (وَمُتَلَاحِمَةٌ تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ اللَّحْمِ وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ بَعْدَهُ سُمِّيَتْ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ التَّلَاحُمِ تَفَاؤُلًا (وَسِمْحَاقٌ) بِكَسْرِ سِينِهِ (تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ) وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالسِّمْحَاقِ حَقِيقَةً مِنْ سَمَاحِقِ الْبَطْنِ وَهِيَ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ (وَمُوضِحَةٌ) وَلَوْ بِغَرْزِ إبْرَةٍ (تُوضِحُ الْعَظْمَ) بَعْدَ خَرْقِ تِلْكَ الْجِلْدَةِ: أَيْ تَكْشِفُهُ (وَهَاشِمَةٌ تُهَشِّمُهُ) أَيْ تُكَسِّرُهُ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ (وَمُنَقِّلَةٌ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ مَعَ كَسْرِهَا أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (تَنْقُلُهُ) مِنْ مَحَلِّهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تُوضِحْهُ وَتُهَشِّمْهُ (وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةَ بِهِ، وَهِيَ أُمُّ الرَّأْسِ (وَدَامِغَةٌ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ (تَخْرِقُهَا) أَيْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَتَصِلُهُ، وَهِيَ مُذَفِّفَةٌ عَلَى رَأْيٍ وَتُتَصَوَّرُ كُلُّهَا فِي الْجَبْهَةِ وَمَا سِوَى الْأَخِيرَيْنِ فِي الْخَدِّ وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ بَلْ وَسَائِرِ الْبَدَنِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ) لِضَبْطِهَا وَتَيَسُّرِ اسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (وَقِيلَ) يَجِبُ فِيهَا (وَفِيمَا قَبْلَهَا) لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ نِسْبَتِهَا مِنْ الْمُوضِحَةِ.
وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ لَا يَكْفِي مِثْلُهُ لِلْقِصَاصِ بَلْ لِتَوْجِيهِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِسْطِ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهَا (سِوَى الْحَارِصَةِ) كَمَا زَادَهُ عَلَى أَصْلِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهَا جَزْمًا؛ إذْ لَمْ يَفُتْ بِهَا شَيْءٌ لَهُ وَقْعٌ
(وَلَوْ)(أَوْضَحَ فِي بَاقِي الْبَدَنِ) كَسَاعِدٍ وَصَدْرٍ (أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَارِنٍ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ (أَوْ) بَعْضَ (أُذُنٍ) أَوْ شَفَةٍ أَوْ إطَارِهَا وَهُوَ الْمُحِيطُ بِهَا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ الْقَوَدِ فِيهِ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ إطَارُ السَّهِ: أَيْ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَكُلٌّ صَحِيحٌ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَوْ لِسَانٍ أَوْ حَشَفَةٍ (وَلَمْ يُبِنْهُ) بِأَنْ صَارَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَيَسُّرِ ضَبْطِ كُلٍّ مَعَ بُطْلَانِ فَائِدَةِ الْعُضْوِ، وَإِنْ لَمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْحَارِصَةِ وَلَا مَا بَعْدَهَا، وَالتَّرَتُّبُ الطَّبِيعِيُّ ضَابِطُهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ عِلَّةً لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ
(قَوْلُهُ: حَارِصَةٌ) ع: سُمِّيَتْ حَارِصَةً مِنْ حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إذَا شَقَّهُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ.
أَيْ مَعَ سُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً وَبِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: دَمِيَ كَرَضِيَ دِمًى وَأَدْمَيْته وَدَمَّيْتُهُ
(قَوْلُهُ: تَقْطَعُ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ لِلْبَاضِعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ قَطْعُ اللَّحْمِ بَعْدَ قَطْعِ الْغَيْرِ لِلْجِلْدَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ اللَّحْمِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِ (تَقْطَعُ) فَيَكُونُ فِعْلُ الثَّانِي بَاضِعَةً وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْجِلْدِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُسَمَّاهَا حَتَّى لَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ الْجِلْدَ بِتَمَامِهِ، وَآخَرُ اللَّحْمَ لَا يَكُونُ عَلَى الثَّانِي أَرْشُ بَاضِعَةٍ بَلْ مَا يَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ وَتَكُونُ الْبَاضِعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ: وَمُتَلَاحِمَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ اللَّاحِمَةُ: أَيْ الْقَاطِعَةُ لِلَّحْمِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: وَالْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ سُمِّيَتْ إلَخْ
(قَوْلُهُ: بِالسِّمْحَاقِ) أَيْ فِي لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَيُسَمُّونَهَا الْمِلْطَى وَالْمِلْطَاةَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا) وَلَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى الْفَتْحِ مُنَقَّلٌ بِهَا بِالتَّشْدِيدِ فَحَذَفَ الْجَارَّ وَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ
(قَوْلُهُ: الْمُحِيطُ بِهَا) أَيْ بِأَعْلَى الشَّفَةِ، فَفِي الْقَامُوسِ الْإِطَارُ كَكِتَابٍ: الْحَلْقَةُ مِنْ النَّاسِ وَقُضْبَانُ الْكَرْمِ تَلْتَوِي لِلتَّعْرِيشِ وَمَا يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفَةِ وَبَيْنَ شُعَيْرَاتِ الشَّارِبِ اهـ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ) يُتَأَمَّلُ مَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ نَفْيٌ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَمَا هُنَا يُثْبِتُهُ، نَعَمْ كُلٌّ صَحِيحٌ إذَا فُسِّرَ الْإِطَارُ بِإِطَارِ السَّهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بَلْ وَسَائِرُ الْبَدَنِ إلَخْ.) أَيْ فِي الصُّورَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ تَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ)
يُبِنْهُ، وَفِيمَا إذَا اقْتَصَّ فِي الْمُعَلَّقِ بِجِلْدَةٍ يَقْطَعُ مِنْ الْجَانِي إلَيْهَا ثُمَّ يَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ إبْقَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُقَدَّرُ مَا سِوَى الْمُوضِحَةِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ وَجَبَ فِيهَا بِالْمُمَاثَلَةِ بِالْجُمْلَةِ فَامْتَنَعَتْ الْمِسَاحَةُ فِيهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى أَخْذِ عُضْوٍ بِبَعْضِ آخَرَ، وَهُوَ مَحْذُورٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمُوضِحَةِ فَقُدِّرَتْ بِالْمِسَاحَةِ أَمَّا إذَا أَبَانَهُ فَيَجِبُ الْقَوَدُ جَزْمًا.
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ
(وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (فِي الْقَطْعِ مِنْ مَفْصِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ هُوَ مَوْضِعُ اتِّصَالِ عُضْوٍ بِعُضْوٍ عَلَى مُنْقَطَعِ عَظْمَيْنِ بِرِبَاطَاتٍ وَاصِلَةٍ بَيْنَهُمَا مَعَ تَدَاخُلٍ كَمَرْفِقٍ وَرُكْبَةٍ أَوْ تَوَاصُلٍ كَأَنْمُلَةٍ وَكُوعٍ (حَتَّى فِي أَصْلِ فَخِذٍ) وَهُوَ مَا فَوْقَ الْوَرِكِ (وَمَنْكِبٍ) وَهُوَ مَجْمَعُ مَا بَيْنَ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ (إنْ أَمْكَنَ) الْقَطْعُ (بِلَا) حُصُولِ (إجَافَةٍ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِهَا (فَلَا) قَوَدَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْجَوَائِفَ لَا تَنْضَبِطُ، نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي وَإِنْ حَصَلَتْ الْإِجَافَةُ.
وَالثَّانِي نَعَمْ حَيْثُ أَجَافَ الْجَانِي وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ يُمْكِنُ أَنْ يُجَافَ مِثْلُ ذَلِكَ (وَيَجِبُ فِي فَقْءِ عَيْنٍ) أَيْ تَعْوِيرِهَا بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ (وَقَطْعِ أُذُنٍ وَجَفْنٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَمَارِنٍ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ) أَيْ بَيْضَتَيْنِ بِقَطْعِ جِلْدَتَيْهِمَا؛ لِأَنَّ لَهَا نِهَايَاتٍ مَضْبُوطَةً فَأُلْحِقَتْ بِالْمَفَاصِلِ، بِخِلَافِ قَطْعِ الْبَيْضَتَيْنِ دُونَ جِلْدَتَيْهِمَا بِأَنْ سَلَّهُمَا مِنْهُ مَعَ بَقَائِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ الِانْضِبَاطِ حِينَئِذٍ، وَيَجِبُ أَيْضًا فِي إشْلَالِ ذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا إنْ أَخْبَرَ عَدْلَانِ بِسَلَامَةِ الْأُخْرَى مَعَ ذَلِكَ وَكَذَا دَقُّهُمَا إنْ أَمْكَنَتْ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا نَقَلَا عَنْ التَّهْذِيبِ ثُمَّ بَحَثَا أَنَّهُ كَكَسْرِ الْعِظَامِ، وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْبَيْضَتَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ بِجِلْدَتَيْهِمَا ثُمَّ بِالْبَيْضَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ كَمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّتِهَا كَصَاحِبَيْ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ، فَقَدْ قَالَ الْأَوَّلُ فِيهَا: الْأُنْثَيَانِ الْخُصْيَتَانِ، وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: قَالَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَأُرِيدَ أَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ وَفُسِّرَ الْإِطَارُ بِإِطَارِ الشَّفَةِ وَأَنَّهُ لَهُ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى مِثْلِهَا
(قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ) لَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يَقْطَعُ إلَى الْجِلْدَةِ فَقَطْ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ مَنُوطًا بِالْجَانِي فَيَفْعَلُ مَا ظَهَرَتْ لَهُ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ بِسُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَبْعُدْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ يَخْتَارُ مَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ بَلْ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُهُ الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ وَيَفْعَلُ بِهِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لَهُ
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَارِنُ الْجَانِي مَثَلًا قَدْرَ بَعْضِ مَارِنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ مَارِنِ الْجَانِي بِبَعْضِ مَارِنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَوْ اُعْتُبِرَ بِالْمِسَاحَةِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَبَانَهُ) هَذَا إيضَاحٌ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِجَرَيَانِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ) أَمَّا بِعَكْسِ ذَلِكَ فَاللِّسَانُ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ وِزَانُ مِقْوَدٍ اللِّسَانُ: وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْمِيمُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِاسْمِ الْآلَةِ (قَوْلُهُ: وَشَفَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى وَحَدُّ الْعُلْيَا طُولًا مَوْضِعُ الِارْتِتَاقِ مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ وَالسُّفْلَى طُولًا مَوْضِعُ الِارْتِتَاقِ مِمَّا يَلِي الذَّقَنَ، وَفِي الْعَرْضِ الشِّدْقَيْنِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَوْلُهُ الِارْتِتَاقُ: أَيْ الِالْتِئَامُ.
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الرَّتْقُ ضِدُّ الْفَتْقِ، وَقَدْ رَتَقَ انْفَتَقَ مِنْ بَابِ نَصَرَ فَارْتَتَقَ أَيْ الْتَأَمَ اهـ (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ جِلْدَتَيْهِمَا) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ سَلَّ الْبَيْضَتَيْنِ وَحْدَهُمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعِبَارَةِ قَطْعُ الْبَيْضَتَيْنِ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ أَنَّ قَطْعَ الْجِلْدَتَيْنِ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ مَنْفَعَةِ الْأُنْثَيَيْنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْبَيْضَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَطَعَ الْجِلْدَتَيْنِ فَقَطْ وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْضَتَانِ لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ وَإِنَّمَا تَجِبُ حُكُومَةٌ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ قِصَاصٌ
(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَتْ الْمُمَاثَلَةُ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: كَكَسْرِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: الْبَيْضَتَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ: الْخُصْيَتَيْنِ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ فِيهَا) أَيْ الصَّحَاحُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ فَلَا قَوَدَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَا ارْتَضَاهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمُوضِحَةِ) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بَعْدَهَا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْفَخِذُ وَفِي نُسَخِ مَا فَوْقَ الْوَرِكِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ وَهُوَ أَصْلٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْبَيْضَتَيْنِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.
فَإِنَّ
أَبُو عَمْرٍو الْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ وَالْخُصْيَتَانِ الْجِلْدَتَانِ اللَّتَانِ فِيهِمَا الْبَيْضَتَانِ انْتَهَى.
وَقَالَ الثَّانِي فِيهِ: وَالْأُنْثَيَانِ الْبَيْضَتَانِ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: سَلَّ خُصْيَتَهُ فَهُوَ خَصِيٌّ وَمَخْصِيٌّ انْتَهَى.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِلْدَةَ لَا تُسَلُّ وَإِنَّمَا تُسَلُّ الْبَيْضَةُ، لَكِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ الْبَيْضَتَانِ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ قَطْعُ جِلْدَتَيْهِمَا يَسْتَلْزِمُ غَالِبًا بُطْلَانَ مَنْفَعَةِ الْبَيْضَتَيْنِ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْبَيْضَتَيْنِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ فِي جِلْدَتَيْهِمَا دِيَةً وَفِيهِمَا دِيَةً أُخْرَى أَوْ أَنَّ الْمَضْمُونَ بِهَا إنَّمَا هُوَ الْجِلْدَتَانِ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَكَذَا أَلْيَانِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُمَا اللَّحْمَانِ النَّاتِئَانِ بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْفَخِذِ (وَشُفْرَانِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُمَا جُرْفَا الْفَرْجِ الْمُحِيطَانِ بِهِ إحَاطَةَ الشَّفَتَيْنِ بِالْفَمِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهَا نِهَايَاتٍ مَضْبُوطَةً.
وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ إلَّا بِقَطْعِ غَيْرِهِ
(وَلَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ إلَّا سِنًّا أَمْكَنَ فِيهَا بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَفِي كَسْرِهَا الْقَوَدُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ بَعْضِ سَاعِدِهِ أَوْ فَخِذِهِ سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْقَطْعَ كَسْرٌ أَمْ لَا، كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ هُنَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ إلَى آخِرِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا هُنَا بِزِيَادَةٍ فَكَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا وَلِلتَّفْرِيعِ الْآتِي عَلَيْهِ الدَّافِعِ لِمَا اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِهِ هُنَا أَنَّ قَضِيَّتَهُ هُنَا لَوْ قَطَعَ مِنْ عَضُدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الْكُوعِ (قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ الْمَفْصِلُ لِيَسْتَوْفِيَ بَعْضَ حَقِّهِ (وَحُكُومَةُ الْبَاقِي) لِعَدَمِ أَخْذِ عِوَضٍ عَنْهُ
(وَلَوْ أَوْضَحَهُ وَهُشِّمَ أَوْضَحَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِإِمْكَانِ الْقَوَدِ فِي الْمُوضِحَةِ (وَأَخَذَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ) أَرْشَ الْهَشْمِ (وَلَوْ أُوضِحَ وَنَقَّلَ أَوْضَحَ) لِمَا مَرَّ (وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) أَرْشَ التَّنْقِيلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ غَالِبًا وَلَوْ أُوضِحَ وَأُمَّ أَوْضَحَ وَأَخَذَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَمَا سَيَأْتِي
(وَلَوْ قَطَعَهُ مِنْ الْكُوعِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيُسَمَّى كَاعًا، وَهُوَ مَا يَلِي الْإِبْهَامَ مِنْ الْمَفْصِلِ، وَمَا بَيْنَ الْخِنْصِرِ كُرْسُوعٌ وَمَا يَلِي إبْهَامَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ) أَيْ أَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُدْبُ الْعَيْنِ نَعَمْ حَكَى الْفَتْحَ هُنَا أَيْضًا شَيْخُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: إلَّا سِنًّا) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ السِّنَّ مِنْ الْعَظْمِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِيهِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ مِنْ الْعَصَبِ؛ لِأَنَّهُ يَلِينُ بِوَضْعِهِ فِي الْخَلِّ
(قَوْلُهُ: بِقَطْعِ بَعْضِ سَاعِدِهِ) هُوَ مِنْ الْإِنْسَانِ مَا بَيْنَ الْمَرْفِقِ إلَى الْكَفِّ وَهُوَ مُذَكَّرٌ سُمِّيَ سَاعِدًا لِأَنَّهُ يُسَاعِدُ الْكَفَّ فِي بَطْشِهَا وَعَمَلِهَا اهـ مِصْبَاحٌ
(قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ لِلزِّيَادَةِ
(قَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ غَالِبًا) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ أَرْشُ التَّنْقِيلِ مِنْ أَنَّ أَرْشَ الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَقَطْ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ أَرْشَ الْمُنَقِّلَةِ إنَّمَا كَانَ عَشَرَةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْهَشْمِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِلُزُومِهِ لِلْمُنَقِّلَةِ غَالِبًا
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَفْصِلِ) بَيَانٌ لِمَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُسَمَّى بِالْكُوعِ هُوَ جُزْءُ الْمَفْصِلِ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْ الْإِبْهَامِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ اهـ.
وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَسَيَأْتِي عَنْ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ أَنَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الَّذِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ إنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ الْأُنْثَيَيْنِ الْوَاقِعُ هُنَا فِي الْمَتْنِ بِجِلْدَتِي الْبَيْضَتَيْنِ، وَفَسَّرَ الْخُصْيَتَيْنِ فِي الْبَابِ الْآتِي أَيْضًا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْخُصْيَتَانِ الْجِلْدَتَانِ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِتَاءٍ فَوْقِيَّةٍ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ وَالْخُصْيَانُ بِغَيْرِ تَاءٍ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ، فَالْخُصْيَتَانِ بِالتَّاءِ هُمَا الْبَيْضَتَانِ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلُ فَلْيُرَاجَعْ الصِّحَاحُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ إلَخْ.) هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْقَامُوسِ وَمِنْ ثَمَّ سَوَّاهُ بِهِ فِي التُّحْفَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الِاسْتِدْرَاكِ
(قَوْلُهُ: بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْقَطْعَ كَسْرٌ) : أَيْ مِنْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ كَسْرٌ بِأَنْ سَبَقَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَعَمُّ مِمَّا سَيَأْتِي فِيهِ الْخَاصُّ بِمَا إذَا وَقَعَ مِنْهُ كَسْرٌ فَانْتَفَى التَّكْرَارُ الْمَحْضُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ الْمَفْصِلُ) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى هَذِهِ الْغَايَةِ
(قَوْلُهُ: غَالِبًا) أَيْ وَالصُّورَةُ هُنَا مِنْ هَذَا الْغَالِبِ
(قَوْلُهُ: مَا يَلِي الْإِبْهَامَ) أَيْ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ مِنْ جِهَةِ مَفْصِلِهِ،
الرِّجْلِ مِنْ الْعَظْمِ هُوَ الْبُوعُ وَأَمَّا الْبَاعُ فَهُوَ مَدُّ الْيَدِ يَمِينًا وَشِمَالًا (فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ) وَلَا أُنْمُلَةٍ مِنْهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَطْعِ مِنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (فَإِنْ فَعَلَهُ عُزِّرَ) لِعُدُولِهِ عَنْ حَقِّهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (وَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ حَقِّهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ قَطْعِهِ مَنْ قُطِعَ مِنْ نِصْفِ سَاعِدِهِ فَلَقَطَ أَصَابِعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ بِالتَّمْكِينِ لِتَمَامِ حَقِّهِ لِبَقَاءِ فَضْلَةٍ مِنْ السَّاعِدِ لَمْ يَأْخُذْ فِي مُقَابَلَتِهَا شَيْئًا فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ التَّشَفِّي الْمَقْصُودُ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْكَفِّ لِلْحُكُومَةِ لَمْ يَجِبْ لِاسْتِيفَائِهِ الْأَصَابِعَ الْمُقَابِلَةَ لِلدِّيَةِ الدَّاخِلِ فِيهَا الْكَفُّ كَمَا لَا يُجَابُ مَنْ قَطَعَ يَدَيْ الْجَانِي إلَى دِيَةِ نَفْسِهِ لِاسْتِيفَائِهِ مُقَابِلَهَا.
وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ وَزَادَ أَلَمًا
(وَلَوْ)(كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ) أَيْ الْمَكْسُورَ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ فَقَطْ (قَطَعَ) إنْ شَاءَ (مِنْ الْمَرْفِقِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٍ لِلْمَكْسُورِ (وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي) نَظِيرُ مَا مَرَّ (فَلَوْ طَلَبَ الْكُوعَ مُكِّنَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمُسَامَحَتِهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ مَعَ الْبَاقِي مِنْ الْعَضُدِ.
وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِعُدُولِهِ عَمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ
(وَلَوْ)(أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ) مَعَ بَقَاءِ حَدَقَتِهِ (أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ) فَذَاكَ (وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ) أَوْ وَضْعِ كَافُورٍ فِيهَا.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: يُمْكِنُ إذْهَابُ الضَّوْءِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَةِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْأَرْشُ (وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْأَهُ غَالِبًا فَذَهَبَ لَطَمَهُ مِثْلَهَا) لِإِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ (فَإِنْ لَمْ يُذْهِبْ أَذْهَبَ) بِالْمُعَالَجَةِ كَمَا ذَكَرَ.
وَمَحَلُّهُ فِي اللَّطْمَةِ فِيمَا إذَا ذَهَبَ بِهَا مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ضَوْءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ أَنْ لَا يُذْهِبَ بِهَا مِنْ الْجَانِي ضَوْءَ عَيْنَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُخَالِفَةً لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا أَوْ مُبْهَمَةً، وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ الْمُعَالَجَةُ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَالْأَرْشُ (وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَضْبُوطًا (وَكَذَا الْبَطْشُ) وَلَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
طَرَفُ الزَّنْدِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ هُوَ الْبُوعُ) وَقَالَ صَاحِبُ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ الْكُوعُ رَأْسُ الزَّنْدِ مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ وَالْبُوعُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ يَدَيْ الْإِنْسَانِ إذَا مَدَّهُمَا يَمِينًا وَشِمَالًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مِنْ قَطْعِهِ) أَيْ الْكَفِّ وَالتَّذْكِيرُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَالتَّأْنِيثُ هُوَ الْكَثِيرُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ قَطْعِهَا
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَيَلْغُو قَوْلُهُ عَلَى الْحُكُومَةِ أَوْ يَلْغُو الْعَفْوُ وَيُمَكَّنُ مِنْ الْقَوَدِ لِقَطْعِ الْكَفِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: إلَى دِيَةِ نَفْسِهِ) أَيْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ: مُقَابِلُهَا أَيْ الدِّيَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَضُدُ مَا بَيْنَ الْمَرْفِقِ إلَى الْكَتِفِ وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ وِزَانُ رَجُلٍ وَبِضَمَّتَيْنِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ وَقَرَأَ بِهَا الْحَسَنُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51] وَمِثَالُ كَبِدٍ فِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ وَمِثَالُ فَلْسٍ فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ وَبَكْرٍ وَالْخَامِسَةُ مِثَالُ قُفْلٍ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ أَهْلُ تِهَامَةَ يُؤَنِّثُونَ الْعَضُدَ وَبَنُو تَمِيمٍ يُذَكِّرُونَ، وَالْجَمْعُ أَعْضُدٌ وَأَعْضَادٌ مِثْلُ أَفْلُسٍ وَأَقْفَالٍ
(قَوْلُهُ: مِنْ حَدَقَتِهِ) هِيَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ وَالْأَصْغَرُ النَّاظِرُ وَالْمُقْلَةُ شَحْمُ الْعَيْنِ الَّذِي يَجْمَعُ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ الْأَصْغَرُ هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ.
وَفِي الْقَامُوسِ: النَّاظِرُ الْعَيْنُ أَوْ النُّقْطَةُ السَّوْدَاءُ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْبَصَرُ نَفْسُهُ
(قَوْلُهُ: أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ فَلَا يُكْتَفَى فِيهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ حَجّ مَحَلُّهُ فِي الْإِيضَاحِ وَاللَّطْمُ الْآتِي وَالْمُعَالَجَةُ فِيهِمَا إنْ أُمِنَ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ إذْهَابُ حَدَقَتِهِ
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَذْهَبَ) أَيْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا الْبَطْشُ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: هُوَ يَزُولُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَاحْتُرِزَ بِهَذَا عَمَّا يَلِيهِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ السَّبَّابَةِ، وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي فِي مَفْصِلِ الْكَفِّ مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ انْتَهَتْ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ الْأَرْشُ) أَيْ نِصْفُ الدِّيَةِ