المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٧

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ وَنَحْوِهَا

- ‌[فَصَلِّ فِي أَنْوَاع مِنْ تَعْلِيق الطَّلَاق بالحمل وَالْوِلَادَة والحيض]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِشَارَةِ إلَى الْعَدَدِ وَأَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ]

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[أَرْكَانُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[حُصُولُ الرَّجْعَةُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ]

- ‌[حُكْم تَعْلِيق الرَّجْعَة]

- ‌لَوْ) (وَطِئَ) الزَّوْجُ (رَجْعِيَّتَهُ)

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِالرَّجْعِيَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[أَرْكَانٍ الْإِيلَاءَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ مِنْ ضَرْبِ مُدَّةٍ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌[أَرْكَانُ الظِّهَارَ]

- ‌[صَرِيحُ الظِّهَارِ]

- ‌[ظِهَارُ السَّكْرَانَ]

- ‌[تَوْقِيتُ الظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الظِّهَارِ مِنْ حُرْمَةِ وَطْءٍ وَلُزُومِ كَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارَ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَةِ

- ‌[الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ]

- ‌خِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ)

- ‌[اعْتِبَارُ الْيَسَارِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ]

- ‌كِتَابُ اللِّعَانِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ اللِّعَانِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ وَهُوَ ضَرْبَانِ] [

- ‌الضَّرْبَ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي وَهُوَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[وُجُوبُ الْإِحْدَادِ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْوَفَاة]

- ‌[اسْتِحْبَابُ الْإِحْدَادُ لِلْبَائِنِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌ الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ

- ‌[الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌[شُرُوطُ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَى النِّكَاحِ تَحْرِيمًا وَغُرْمًا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ]

- ‌[شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ فِي الرَّضَاع]

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ

- ‌[الْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ أَوْ بِبَعْضِهَا]

- ‌[إعْسَارُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ الْوَاجِبِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا] [

- ‌أَسْبَابُ النَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ]

- ‌كِتَابُ الْجِرَاحِ

- ‌[أَنْوَاعُ الْجِرَاحِ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ]

- ‌[وُجُوبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ]

- ‌[شُرُوطُ الْقَاتِلِ]

- ‌[لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ الْوَلَدٍ]

- ‌[قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِمِقْدَارٍ لِلْمَضْمُونِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَأْتِي

- ‌[بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ

- ‌(فَرْعٌ) فِي مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ

- ‌[فَرْعٌ فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ

- ‌بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاصْطِدَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الْبُغَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَى

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ

الفصل: ‌(فصل) في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها

غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَأَقَلَّ (وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ) عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ تَأْثَمْ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقِينَ، وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ عَدَمَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ وَلِذَلِكَ سُنَّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ وَتَنْكَسِرُ بَعْدَهَا أَعْلَامُ الْحُزْنِ، وَالْأَشْبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ إشَارَةِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبُ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ سَاعَةً، وَأَلْحَقَ الْغَزِّيِّ بَحْثًا بِالْقَرِيبِ الصَّدِيقَ وَالْعَالِمَ وَالصَّالِحَ وَالسَّيِّدَ وَالْمَمْلُوكَ وَالصِّهْرِ، كَمَا أَلْحَقُوا مَنْ ذُكِرَ بِهِ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.

وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةً وَمَنْ لَا فَلَا، وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ امْتِنَاعَ الْإِحْدَادِ عَلَى الرَّجُلِ ثَلَاثَةً عَلَى قَرِيبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ التَّحَزُّنَ فِي الْمُدَّةِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالنِّسَاءِ مَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ شُرِعَ لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّبْرِ مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ الْإِحْدَادَ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ.

(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا

(تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ) حَائِلٍ أَوْ حَامِلٍ (وَلَوْ بَائِنٍ) بِجَرِّهِ كَمَا بِخَطِّهِ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ وَنَصْبُهُ أَوْلَى: أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ وَلَوْ هِيَ بَائِنٌ وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وقَوْله تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَضَافَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) أَيْ تَرَكَتْ التَّزَيُّنَ وَكَانَتْ عَلَى صُورَةِ الْمُحَدَّةِ لَمْ تَأْثَمْ لِعَدَمِ قَصْدِهِ (قَوْلُهُ: التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: الْجِلْبَابُ الْمِلْحَفَةُ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَاسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ فَتُشَبِّهُ الصَّبْرَ بِإِنْسَانٍ مُسْتَتِرٍ بِمَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهُ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْجِلْبَابِ لَهُ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ) قَدْ يُمْنَعُ تَسْمِيَةُ مَا ذُكِرَ رُخْصَةً لِأَنَّ الرُّخْصَةَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ، وَالْإِحْدَادُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ وَاجِبٌ فَلَمْ تَنْتَقِلْ لِسَهْلٍ بَلْ لِصَعْبٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَلَمْ يَجْرِ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَدَّةِ لِحَثِّهَا إلَخْ اهـ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَاعَةً) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةً وَخَالَفَ حَجّ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: حُرِّمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا وَعِيدَ عَلَى فِعْلِهِ، وَمُجَرَّدُ النَّهْي إنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَا كَوْنَ الْفِعْلِ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْفِسْقِ، وَفِي الزَّوَاجِرِ إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: وَمُلَازَمَتُهَا إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَخُرُوجِهَا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ) هُوَ قَوْلُهُ طَلَاقٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى السِّدْرِ وَنَحْوِهِ فِي إزَالَةِ الْوَسَخِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) يَعْنِي: التَّزَيُّنَ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ) هُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ ذَاكَ قَدَّمَ خَبَرَيْنِ فَصَحَّتْ إحَالَتُهُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الشَّارِحِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ انْتَهَتْ.

يَعْنِي: خَبَرَ: لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ) أَيْ مِمَّنْ شَأْنُهَا أَنْ تَحْزَنَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

[فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا]

(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ

ص: 153

إلَيْهِنَّ لِلسُّكْنَى إذْ لَوْ كَانَتْ إضَافَةَ مِلْكٍ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ، وَلَوْ أَسْقَطَتْ مُؤْنَةَ الْمَسْكَنِ عَنْ الزَّوْجِ لَمْ تَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِوُجُوبِهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ لَاغٍ، وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ بِالْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ عَدَمَهَا لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلِأُمِّ وَلَدٍ عَتَقَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ (إلَّا نَاشِزَةً) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ طَلَاقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَمْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَ حَقُّ السُّكْنَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَفِي مُدَّةِ النُّشُوزِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا مُسْتَحِقُّ الْمَسْكَنِ بِأُجْرَتِهِ.

وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ فَلَا سُكْنَى لَهَا كَالنَّفَقَةِ وَإِلَّا أَمَةً لَمْ تُسَلَّمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِلَّا مَنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِقَوْلِهَا بِأَنْ طَلُقَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالْإِصَابَةِ وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ

(وَ) تَجِبُ سُكْنَى (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) أَيْضًا حَيْثُ وُجِدَتْ تَرِكَةٌ وَتَقَدَّمَ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ (فِي الْأَظْهَرِ)" لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم فُرَيْعَةَ " بِضَمِّ الْفَاءِ " بِنْتَ مَالِكٍ أُخْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا أَنْ تَمْكُثَ فِي بَيْتِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا " صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَالثَّانِي لَا سُكْنَى لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ السُّكْنَى لِصِيَانَةِ مَائِهِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ وَالنَّفَقَةُ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَبِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا فَسَقَطَتْ إلَى الْمِيرَاثِ وَالسُّكْنَى حَقٌّ لَهُ تَعَالَى فَلَمْ تَسْقُطْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لِوُجُوبِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأُمِّ وَلَدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمُعْتَدَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَقَوْلُهُ يَجِبُ عَلَيْهَا: أَيْ الْمُعْتَدَّةِ لِشُبْهَةٍ اهـ حَجّ.

قَالَ: وَأَمَّا الْوُجُوبُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِوُجُوبِ الْمُلَازَمَةِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْت وَلَهَا الْخُرُوجُ إلَخْ حَيْثُ قَالَ وَشُبْهَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَادَ حَقُّ السُّكْنَى) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ) وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ تُعَدَّ بِسُكْنَاهَا غَاصِبَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا الزَّوْجُ سَاكِنَةً وَلَمْ يُطَالِبْهَا بِخُرُوجٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ اخْتِيَارًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلسُّكْنَى بِرِضَا الزَّوْجِ اُسْتُصْحِبَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَزْوَاجِ أَنَّهُمْ لَا يُخْرِجُونَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْبَيْتِ بِسَبَبِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَغِيرَةً إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَوَّلَ الْعِدَدِ حَيْثُ قَيَّدَ وُجُوبَ الْعِدَّةِ بِوَطْءِ الصَّغِيرِ بِتَهَيُّئِهِ لِلْوَطْءِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ، فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَهَيُّئِهَا لِلْوَطْءِ وَعَدَمِهِ، لَكِنَّ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وسم نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ خِلَافُهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّهَيُّؤِ لِلْوَطْءِ إطَاقَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ التَّصْوِيرُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا فَوُجُوبُ الْعِدَّةِ قَدْ يُوجَدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا

(قَوْلُهُ: وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الْمُعْتَدَّةِ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْعِدَّةُ عَنْهَا وَلَمْ تَرِثْ: أَيْ لِإِقْرَارِهَا.

قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ، فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ.

قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ رَجْعِيًّا وَأَنَّهَا تَرِثُ فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُ الْإِبَانَة اِ هـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَاتِ) فِيهِ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُخْرِجَ زَوْجَتَهُ مِنْ مِلْكِهَا لِمَحَلِّ طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ) يَعْنِي: لَوْ كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ

ص: 154

بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ، لَكِنْ حَكَى الْجُرْجَانِيُّ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ هُنَا

(وَ) يَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ (فَسْخٌ) بِعَيْبٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رِضَاعٍ أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ بِفُرْقَةِ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَتْ الْمُطَلَّقَةَ تَحْصِينًا لِلْمَاءِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اسْتِثْنَاءِ النَّاشِزَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْفَسْخِ لِلْعِلْمِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الطَّلَاقِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي فِيمَنْ مَاتَ عَنْهَا نَاشِزًا، وَتَجِبُ السُّكْنَى لِلْمُلَاعَنَةِ كَمَا نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ الْقَطْعُ بِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الزَّوْجُ إسْكَانَ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تَجِبْ سُكْنَاهَا لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ حِفْظًا لِمَائِهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ وَارِثِهِ بَلْ غَيْرُ الْوَارِثِ فِي ذَلِكَ كَالْوَارِثِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ: أَيْ حَيْثُ لَا رِيبَةَ، وَيُفَارِقُ عَدَمَ لُزُومِ إجَابَةِ أَجْنَبِيٍّ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ أَوْ مُفْلِسٍ بِخِلَافِ الْوَارِثِ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلسُّكْنَى حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلٌ لَهُ فَلَزِمَ الْقَبُولُ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ وَبِأَنَّ حِفْظَ الْأَنْسَابِ مِنْ مُهِمَّاتِ الْأُمُورِ الْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا يُرَدُّ لَوْ كَانَ التَّبَرُّعُ عَلَيْهَا وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ سُنَّ لِلْإِمَامِ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ اتِّهَامِهَا بِرِيبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا أَحَدٌ سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ

(وَ) إنَّمَا (تُسَكَّنُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ كَمَا بِخَطِّهِ: أَيْ الْمُعْتَدَّةَ حَيْثُ وَجَبَ سُكْنَاهَا (فِي مَسْكَنٍ) مُسْتَحَقٍّ لِلزَّوْجِ لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ فُرَيْعَةَ الْمَارَّيْنِ (وَلَيْسَ لِزَوْجٍ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا وَلَا لَهَا خُرُوجٌ) مِنْهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ حَيْثُ لَا عُذْرَ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لَهُ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وَشَمِلَ كَلَامُهُ الرَّجْعِيَّةَ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ السُّكْنَى، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَتَسْقُطُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ إلَخْ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّهُ أَنَّ السُّكْنَى لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً لِحِفْظِ مَائِهِ كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا عَائِدَةً فَاحْتِيطَ فِيهَا مَا لَمْ يُحْتَطْ بِمِثْلِهِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ وَفَسْخٌ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ) كَأَنْ كَانَتْ نَاشِزَةً (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ) وَهَلْ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مُبَاحٌ أَوْ مَسْنُونٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَحَرَّى الْأَقْرَبَ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ مَا أَمْكَنَ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسَكَّنُ) وَلَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ اهـ أَيْ وَمِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ لِوَفَاةٍ إذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى فِي أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا لِلْمَنْكُوحَةِ إذَا فَاتَ السُّكْنَى فِي حَالَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ تُطَالِبْ بِهَا (قَوْلُهُ: كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ) أَيْ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا خَلَّفَهَا فِي بَيْتٍ مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تَقَدُّمُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنٍ التَّجْهِيزِ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةٍ يَوْمَ الْمَوْتِ فَقَطْ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَلَمْ يُزَاحِمْ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) هُوَ فِي مَسْأَلَةِ مُعْتَدَّةِ الْوَفَاةِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةً كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَالرَّوْضَةِ هُوَ، وَإِنْ صَحَّ تَنْزِيلُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ طَلَبِ الزَّوْجِ الْإِسْكَانَ الْمَذْكُورَةَ قُبَيْلَ هَذَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِيهَا كَلَامُ الرُّويَانِيِّ كَالْمَاوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَنْ الْمَيِّتِ) هَذَا لَا يَصِحُّ جَوَابًا عَنْ الِاسْتِشْكَالِ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ عَنْ إشْكَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ يَلْزَمُهَا إجَابَةُ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مُلَازَمَةُ مَا سَكَنَتْ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامَهُ)

ص: 155

وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ، وَالْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ، وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ، وَلِأَنَّهُ يُمْتَنَعُ عَلَى الْمُطَلِّقِ الْخَلْوَةُ بِهَا فَضْلًا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ، لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ

(قُلْت: وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَشُبْهَةٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ (وَكَذَا بَائِنٌ) وَمَفْسُوخٌ نِكَاحُهَا، وَضَابِطُهُ كُلُّ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا وَفَقَدَتْ مَنْ يَتَعَاطَى حَاجَتَهَا لَهَا الْخُرُوجُ (فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَ) بَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ (غَزْلٍ وَنَحْوِهِ) كَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ لِحَاجَتِهَا لِذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «طَلُقَتْ خَالَتِي سَلْمَى فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُذَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: جُذِّي عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا» قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْجُذَاذُ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا، وَرُدَّ ذَلِكَ فِي الْبَائِنِ، وَيُقَاسُ بِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ (وَكَذَا) لَهَا الْخُرُوجُ (لَيْلًا إلَى دَارِ جَارَةٍ لِغَزْلٍ وَحَدِيثِ وَنَحْوِهِمَا) لِلتَّأَنُّسِ (بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى «أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ، فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا، فَأَذِنَ لَهُنَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى بَيْتِهَا» أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ بِالنَّفَقَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا فَلَا تَخْرُجُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ بِإِذْنِهِ، وَكَذَا لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا كَشِرَاءِ قُطْنٍ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِنِ مَنْ يَقْضِي حَوَائِجَهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيَجُوزُ الْخُرُوجُ لَيْلًا لِمَنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا نَهَارًا، وَالْأَشْبَهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ شُهْبَةَ فِي الرُّجُوعِ إلَى مَحَلِّهَا الْعَادَةُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا أَمْنُهَا، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَارِ هُنَا الْمُلَاصِقُ أَوْ مُلَاصِقُهُ وَنَحْوُهُ لَا مَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ

(وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: قَالَ طَلُقَتْ خَالَتِي) أَيْ ثَلَاثًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ حَجّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا أَنْ تَخْرُجَ لِجَذَاذِ نَخْلِهَا» وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْبَائِنِ (قَوْلُهُ: أَنْ تُجَذَّ) بَابُهُ رَدَّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَتَأْنِسُ بِهِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهَا مَنْ يُحَدِّثُهَا وَيُؤْنِسُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: وَتَبِيتُ فِي بَيْتِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا صِنَاعَةٌ تَقْتَضِي خُرُوجَهَا بِاللَّيْلِ كَالْمُسَمَّاةِ بَيْنَ الْعَامَّةِ بِالْعَالِمَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى الْخُرُوجِ فِي تَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ (قَوْلُهُ: فَنَبِيتُ) أَيْ أَفَنَبِيتُ (قَوْلُهُ: تَأْوِي) أَيْ تَرْجِعُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ يُسْكِنُهَا حَيْثُ شَاءَتْ، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْكِنُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ فَيُشْكِلُ لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَسَامَحُوا فِيهِ لِعَدَمِ الْمُفَارَقَةِ لِلْمَسْكَنِ بِالْمَرَّةِ فَتُعَدُّ مُلَازِمَةً لَهُ عُرْفًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهَا لَوْ احْتَاجَتْ لِلْخُرُوجِ لِغَيْرِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَتَأَنُّسِهَا بِجَارَتِهَا لَيْلًا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْعَادَةُ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَعْنِي: فِي مَسْأَلَةِ الْإِخْرَاجِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ أَصْلُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْحُكْمِ لَا الْأَوْلَوِيَّةِ

(قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهَا لِذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَتْنِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ وَلَيْسَ عِلَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُعْطَفْ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُخَرَّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ أَوْ لِضَرُورَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ وَهِيَ بَائِنٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: لَمْ تُخَرَّجْ إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِذْنِهِ كَمَا مَرَّ

ص: 156

أَوْ غَرَقٍ) عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ مَالِهَا وَإِنْ قَلَّ أَوْ اخْتِصَاصِهَا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ عَلَى نَفْسِهَا) مِنْ فُسَّاقٍ لِجِوَارِهَا، فَقَدْ أَرْخَصَ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي الِانْتِقَالِ حَيْثُ كَانَتْ فِي مَكَان مُخِيفٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (أَوْ) تَأَذَّوْا (هُمْ بِهَا أَذًى شَدِيدًا) لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] بِالْبَذَاءَةِ عَلَى الْأَحْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ كَانَتْ تَبْذُو عَلَى أَحْمَائِهَا فَنَقَلَهَا صلى الله عليه وسلم إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .

وَمَا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ سَبْقُ قَلَمٍ، وَحَيْثُ نُقِلَتْ سَكَنَتْ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الزَّوْجَ يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ لَا حَيْثُ شَاءَتْ، وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ الْأَذَى بِالشَّدِيدِ عَدَمَ اعْتِبَارِ الْقَلِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ، وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحْمَاءُ وَهُمْ أَقَارِبُ الزَّوْجِ.

نَعَمْ إنْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً نَقَلَهُمْ الزَّوْجُ عَنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِدَارِ أَبَوَيْهَا وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ نُقِلُوا دُونَهَا لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِدَارِ أَبَوَيْهَا كَمَا قَالَاهُ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا، وَخَرَجَ بِالْجِيرَانِ مَا لَوْ طَلُقَتْ بِبَيْتِ أَبَوَيْهَا وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا فَلَا نَقْلَ إذْ الْوَحْشَةُ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ تَأَذِّيهمْ مِنْ أَمْرٍ لَمْ تَتَعَدَّ هِيَ بِهِ وَإِلَّا أُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى تَرْكِهِ وَلَمْ يَحِلَّ لَهَا الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَخْتَصُّ الْخُرُوجُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ لَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ فِي دَعْوَى خَرَجَتْ لَهُ إنْ كَانَتْ بَرْزَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً حُدَّتْ وَحَلَفَتْ فِي مَسْكَنِهَا بِأَنْ يَحْضُرَ الْحَاكِمُ لَهَا أَوْ يَبْعَثَ نَائِبَهُ إلَيْهَا أَوْ لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ مِنْهَا لِدَارِ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ فَلَا تُهَاجِرُ حَتَّى تَعْتَدَّ، أَوْ زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ وَهِيَ بِكْرٌ غُرِّبَتْ وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَائِهَا، وَلَا تُعَذَّرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ إسْلَامٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَنْبَغِي الْغَالِبَةُ، حَتَّى لَوْ اُعْتِيدَ الْحَدِيثُ جَمِيعَ اللَّيْلِ فَيَنْبَغِي الِامْتِنَاعُ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فِي الْعَادَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهَا) وَمِثْلُ مَالِهَا مَالُ غَيْرِهَا اهـ حَجّ.

وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَالِهَا بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِمُجَرَّدِ أَنَّ لَهَا يَدًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتِصَاصِهَا) كَذَلِكَ اهـ حَجّ.

قَالَ سم عَلَيْهِ: قَوْلُهُ كَذَلِكَ إطْلَاقُ الْقِلَّةِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلْخَوْفِ عَلَى كَفٍّ مِنْ سِرْجِينٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ قَوْلُهُ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ أَيْضًا وَإِنْ قَلَّ فَتَأَمَّلْ اهـ.

وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ إسْقَاطِ الشَّارِحِ لِهَذَا التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى بَيْتِ أُمِّ مَكْتُومٍ) عِبَارَةُ حَجّ: ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.

ثُمَّ رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبَذَتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحْمَاءِ، وَقَوْلُهُ نُقِلُوا دُونَهَا أَيْ الْأَحْمَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَلَا نَقْلَ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ بَرْزَةً) أَيْ كَثِيرَةَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحْضُرَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: هَاجَرَتْ مِنْهَا لِدَارِ الْإِسْلَامِ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَاهَا فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَجَبَتْ فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ أَنْ تَسْكُنَ هُنَا فِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ يَلِي بِلَادَ الْحَرْبِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ أَمِنَتْ فِيهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ أَمِنَتْ فِي مَحَلٍّ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ غَيْرَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَجَبَ اعْتِدَادُهَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَتَعْجِيلُ حَجَّةِ إسْلَامٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَذَرَتْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: يُحْصِنُهَا حَيْثُ رَضِيَ) لَعَلَّهُ مَعَ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الدَّارُ ضَيِّقَةً) اُنْظُرْ مَا حُكْمُ مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ هِيَ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ هِيَ وَلَا هُمْ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْجِيرَانِ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ: وَبَذَّتْ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَحِمَّاءِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى نَقْلُهُمْ دُونَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ هَذَا: وَإِلَّا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ السُّكْنَى مُسْتَحَقَّةً لَهَا فَالْخِيَرَةُ فِي النَّقْلِ إلَى الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْمَالِكِ مِنْهُمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: يُنَافِي هَذَا الْحَمْلَ مَا فُسِّرَتْ بِهِ الْآيَةُ السَّابِقَةُ مِمَّا مَرَّ وَكَذَا مَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ

ص: 157

الْمُعَدَّةِ مِنْ الزِّيَادَاتِ دُونَ الْمُهِمَّاتِ

(وَلَوْ)(انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ) فِي الْبَلَدِ (بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ) فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ (قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ) أَيْ الْمَسْكَنِ (اعْتَدَّتْ فِيهِ) لَا فِي الْأَوَّلِ (عَلَى النَّصِّ) فِي الْأُمِّ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمَقَامِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الثَّانِي، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، أَمَّا إذَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا فَتَعْتَدُّ فِيهِ جَزْمًا وَالْعِبْرَةُ فِي النَّقْلَةِ بِبَدَنِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ وَالْخَدَمَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ عَادَتْ لِنَقْلِ مَتَاعِهَا أَوْ خَدَمِهَا فَطَلَّقَهَا فِيهِ اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي (أَوْ) انْتَقَلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ وَلَوْ بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى الثَّانِي وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْمَقَامِ فِيهِ (فَفِي الْأَوَّلِ) يَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلثَّانِي لِعِصْيَانِهَا بِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ فِي الْمَقَامِ فِيهِ كَانَ كَالنَّقْلَةِ بِإِذْنِهِ (وَكَذَا) تَعْتَدُّ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ (لَوْ أَذِنَ) لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْهُ (ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا (قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْهُ وَإِنْ بَعَثَتْ أَمْتِعَتَهَا وَخَدَمَهَا إلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمَنْزِلُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ (وَلَوْ أَذِنَ) لَهَا (فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ) فِيمَا ذُكِرَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (أَوْ) أَذِنَ لَهَا فِي (سَفَرِ حَجٍّ) أَوْ عِمَارَةٍ (أَوْ تِجَارَةٍ) أَوْ اسْتِحْلَالِ مَظْلِمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (ثُمَّ وَجَبَتْ) عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (فِي) أَثْنَاءِ (الطَّرِيقِ)(فَلَهَا الرُّجُوعُ) إلَى الْأَوَّلِ (وَالْمُضِيُّ) فِي السَّفَرِ لِأَنَّ فِي قَطْعِهَا عَنْ السَّفَرِ مَشَقَّةً لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَتْ عَنْ الْبَلَدِ وَخَافَتْ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ، وَالْأَفْضَلُ لَهَا الرُّجُوعُ لِتَعْتَدَّ فِي مَنْزِلِهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّاهُ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا، وَخَرَجَ بِالطَّرِيقِ مَا لَوْ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ فَلَا تَخْرُجُ قَطْعًا، وَمَا لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ فَيَجِبُ الْعَوْدُ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إذْ لَمْ تُشْرِعْ فِي السَّفَرِ (فَإِنْ مَضَتْ) لِمَقْصِدِهَا وَبَلَغَتْهُ (أَقَامَتْ) فِيهِ (لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَمَلًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَأَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ انْقَضَتْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ امْتَنَعَ عَلَيْهَا اسْتِكْمَالُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَبِهِ قُطِعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ (ثُمَّ) بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهَا (يَجِبُ الرُّجُوعُ) حَالًا (لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ) مِنْهَا (فِي الْمَسْكَنِ) الَّذِي فَارَقَتْهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ.

فَإِنْ لَمْ تَمْضِ اعْتَدَّتْ الْبَقِيَّةَ فِي مَسْكَنِهَا، وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ رُجُوعِهَا أَدْرَكَتْ شَيْئًا مِنْهَا فِيهِ أَمْ كَانَتْ تَنْقَضِي فِي الرُّجُوعِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ لِعَدَمِ إذْنِهِ فِي إقَامَتِهَا وَعَوْدُهَا مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ جِهَتِهِ، أَمَّا سَفَرُهَا لِنُزْهَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ، أَوْ سَافَرَ بِهَا الزَّوْجُ لِحَاجَتِهِ فَلَا تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ ثُمَّ تَعُودُ، فَإِنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً فِي نَقْلِهِ أَوْ سَفَرِ حَاجَةٍ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَاعْتِكَافٍ اسْتَوْفَتْهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي وَقْتِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَخْبَرَهَا طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا إنْ أَخَّرَتْ عَضَبَتْ فَتَخْرُجُ لِذَلِكَ حِينَئِذٍ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ خُرُوجِهَا لِلْحَاجَةِ الْمَارَّةِ، لَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيَنْظُرْ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّهَا إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَضَبَتْ هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الرَّبِّ الْمَحْضِ وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ نَذَرَتْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ تَحُجَّ عَامَ كَذَا فَحَصَلَ الْفَوْتُ فِيهِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ

(قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا) أَيْ إلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: مَظْلِمَةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ لِلظُّلْمِ، أَمَّا بِالْفَتْحِ فَاسْمٌ لِمَا ظُلِمَ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَجَبَتْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهَا تُكْمِلُهَا (قَوْلُهُ: وَعَوْدُهَا) أَيْ بَلْ وَفِيهِ قُرْبٌ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ حَقُّهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَا تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ) وَهِيَ أَرْبَعَةُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لَهَا الرُّجُوعُ) هَذَا شَامِلٌ كَمَا تَرَى لِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لِاسْتِحْلَالٍ أَوْ لِحَجٍّ وَلَوْ مَضِيقًا وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْمُضِيِّ نَظَرٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ وَجَبَتْ فِيهِ إلَخْ.) كَانَ الْمُرَادُ

ص: 158

وَعَادَتْ لِتَمَامِ الْعِدَّةِ وَإِنْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ كَمَا مَرَّ وَتَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ وَعَدَمِ رُفْقَةٍ، وَلَوْ جَهِلَ أَمْرَ سَفَرِهَا بِأَنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَاجَةً وَلَا نُزْهَةً وَلَا إقَامَةً وَلَا رُجُوعًا حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النُّقْلَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ وَخَافَتْ فَوْتَهُ لِضِيقِ الْوَقْتِ خَرَجَتْ وُجُوبًا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ لِتَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَمِنَتْ الْفَوَاتَ لَسَعَةِ الْوَقْتِ جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ لِمَا فِي تَعْيِينِ التَّأْخِيرِ مِنْ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَهُ وَقَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَلَدِ بَطَلَ الْإِذْنُ فَلَا تُسَافِرُ، فَإِنْ أَحْرَمَتْ لَمْ تَخْرُجْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَتَمَّتْ نُسُكَهَا إنْ بَقِيَ وَقْتُهُ وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ بِأَعْمَالِ عُمْرَةٍ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ

(وَلَوْ)(خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ) لَهَا لِلسُّكْنَى فِيهَا (فَطَلَّقَ وَقَالَ مَا أَذِنْت لَك) فِي الْخُرُوجِ وَادَّعَتْ هِيَ بِإِذْنِهِ فِيهِ (صُدِّقَ) هُوَ وَكَذَا وَارِثُهُ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ حَالًا إلَى الْمَأْلُوفَةِ، فَإِنْ وَافَقَهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْخُرُوجِ لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ حَالًا، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي إذْنِهِ فِي الْخُرُوجِ لِغَيْرِ الْبَلَدِ الْمَأْلُوفَةِ كَالدَّارِ (وَلَوْ قَالَتْ نَقَلْتَنِي) أَيْ أَذِنْت لِي فِي النَّقْلَةِ إلَى مَحَلِّ كَذَا فَالْعِدَّةُ فِيهِ (فَقَالَ) لَهَا (بَلْ أَذِنْت) لَك فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِ (لِحَاجَةِ) عَيْنِهَا فَتَلْزَمُك الْعِدَّةُ فِي الْأَوَّلِ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ، فَكَذَا فِي صِفَتِهِ وَمُقَابِلُهُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا بِكَوْنِهَا فِي الثَّانِي وَلِأَنَّهَا تَدَّعِي سَفَرًا وَاحِدًا وَهُوَ يَدَّعِي سَفَرَيْنِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الثَّانِي، وَهُمَا قَوْلَانِ مَحْكِيَّانِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ هِيَ وَوَارِثُ الزَّوْجِ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِذْنِ، وَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا وَرُجِّحَ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ الْوَارِثِ دُونَ الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا وَلِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ

(وَمَنْزِلُ بَدَوِيَّةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ نِسْبَةً لِسُكَّانِ الْبَادِيَةِ وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَبِ كَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ (وَبَيْتُهَا مِنْ) نَحْوِ (شَعْرٍ) كَصُوفٍ (كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ) فِي لُزُومِ مُلَازَمَتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَائِهَا كُلُّ الْحَيِّ ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ أَوْ بَعْضُهُمْ وَفِي الْمُقِيمِينَ قُوَّةٌ وَمَنْعَةٌ امْتَنَعَ ارْتِحَالُهَا وَإِنْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ خُيِّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عُسْرَةٌ مُوحِشَةٌ، وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الْبَدْوِيَّةُ الْحَضَرِيَّةَ فَإِنَّ أَهْلَهَا لَوْ ارْتَحَلُوا لَمْ تَرْتَحِلْ مَعَهُمْ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: مَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي الْمُتَوَفَّى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النُّقْلَةِ) أَيْ فَتَعْتَدُّ فِيمَا سَافَرَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُسَافِرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ حَالًا) أَيْ بَلْ تُقِيمُ لِتَمَامِ قَضَاءِ مَا خَرَجَتْ إلَيْهِ إنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لَا لِحَاجَةٍ كَالْخُرُوجِ لِلنُّزْهَةِ هَلْ يَجِبُ الْعَوْدُ حَالًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا سَفَرٌ لَهُ مُدَّةٌ تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: كَالدَّارِ) أَيْ فَيُصَدَّقُ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدَّعِي سَفَرَيْنِ) أَيْ ذَهَابَهَا وَعَوْدَهَا

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَبِ) أَيْ إذْ الْقِيَاسُ بَادِيَةٌ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَةٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى " قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ " بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ تُسْكَنُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ أَهْلَهَا) أَيْ الْحَضَرِيَّةِ وَقَوْلُهُ لَوْ ارْتَحَلُوا لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ ارْتَحَلُوا أَنَّهُ ارْتَحَلَ بَعْضُهُمْ وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي جَوَازُ الِارْتِحَالِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ تُفَارِقْ الْعُمْرَانَ تَعْتَدُّ فِي الْمَنْزِلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِمَا فِي تَعْيِينِ التَّأْخِيرِ مِنْ مَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَجِّ وَالْقِرَانِ اللَّذَيْنِ الْكَلَامُ فِيهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِشَرْحِ الرَّوْضِ، لَكِنْ ذَاكَ جَعَلَ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ فَصَحَّ لَهُ ذَلِكَ، وَانْظُرْ لِمَ قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْحَجِّ أَوْ الْقِرَانِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَدْعِي سَفَرَيْنِ) يَعْنِي: الذَّهَابَ وَالْإِيَابَ

(قَوْلُهُ: نِسْبَةً لِسُكَّانِ الْبَادِيَةِ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: نِسْبَةً لِسَاكِنِ الْبَادِيَةِ

ص: 159

عَنْهَا زَوْجُهَا وَالْبَائِنِ بِالطَّلَاقِ، أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلِمُطَلِّقِهَا طَلَبُ إقَامَتِهَا إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ الرَّجْعِيَّةَ حَيْثُ شَاءَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَهَا فِي حَالَةِ ارْتِحَالِهَا مَعَهُمْ الْإِقَامَةُ مُتَخَلِّفَةً دُونَهُمْ فِي نَحْوِ قَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ لِتَعْتَدَّ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ سَيْرِهَا، وَإِنْ هَرَبَ أَهْلُهَا خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ وَأَمِنَتْ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْهَرَبُ لَعَوْدِهِمْ بَعْدَ أَمْنِهِمْ وَمُقْتَضَى إلْحَاقِ الْبَدْوِيَّةِ بِالْحَضَرِيَّةِ مَجِيءُ مَا مَرَّ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ بَيْتٍ فِي الْحِلَّةِ إلَى آخَرَ مِنْهَا فَخَرَجَتْ مِنْهُ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُضِيُّ أَوْ الرُّجُوعُ، أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِانْتِقَالِ مِنْ تِلْكَ الْحِلَّةِ إلَى حِلَّةٍ أُخْرَى فَوُجِدَ سَبَبُ الْعِدَّةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ بَيْنَ الْحِلَّتَيْنِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِهِ وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ حِلَّتِهَا فَهَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْحَضَرِيَّةِ، وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحُ سَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ وَكَانَ مَسْكَنُهَا السَّفِينَةَ اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْ مُطَلِّقِهَا بِمَسْكَنٍ بِمَرَافِقِهِ فِيهَا لِاتِّسَاعِهَا مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَبَيْتٍ مِنْ خَانٍ وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا.

وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مُتَّصِفًا بِذَلِكَ خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ خُرُوجُهَا تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (وَإِذَا)(كَانَ الْمَسْكَنُ) مِلْكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا) بِأَنْ يَسْكُنَ مِثْلُهَا فِي مِثْلِهِ (تَعَيَّنَ) اسْتَدَامَتْهَا فِيهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إخْرَاجُهَا مِنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ لَوْ رَهْنَهُ عَلَى دَيْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَتَعَيَّنَ بَيْعُهُ فِي وَفَائِهِ جَازَ وَنُقِلَتْ إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِقَامَتِهَا فِيهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَمَّا غَيْرُ اللَّائِقِ بِهَا فَلَا يُكَلِّفُهُ كَالزَّوْجَةِ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ اللَّائِقِ بِهَا فِي الْمَسْكَنِ لَا بِهِ كَمَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ يُرَاعِي حَالَ الزَّوْجَةِ لَا حَالَ الزَّوْجِ مُعْتَرَضٌ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَيْثُ كَانَتْ بِأَقْرَاءٍ أَوْ حَمْلٍ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ وَآخِرُ الْمُدَّةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ (إلَّا فِي عِدَّةِ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ.

(وَقِيلَ) بَيْعُ مَسْكَنِهَا (بَاطِلٌ) أَيْ قَطْعًا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ لَا تَمْلِكُهَا فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ هِيَ الْمُسْتَأْجَرَةُ وَإِلَّا صَحَّ جَزْمًا (أَوْ) كَانَ (مُسْتَعَارًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهَا إذَا ارْتَحَلَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةِ (قَوْلُهُ السَّابِقُ فِي الْحَضَرِيَّةِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَارُبِ الْحِلَلِ جِدًّا أَوْ تَبَاعُدُهَا وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُصُولِهَا إلَى حَدٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ لَوْ قَصَدَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ الزَّوْجَ) أَيْ وَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى تَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: كَالزَّوْجَةِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ لَا أَعْرِفُ التَّفْرِقَةَ) أَيْ بَيْنَ حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي اعْتِبَارِ حَالِهَا.

(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ هَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِصَيْرُورَتِهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ لَا، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي: ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ) الضَّمِيرُ فِي كَانَ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: مِلْكًا) إنَّمَا قَيَّدَ الْمَتْنَ بِهِ لِأَنَّهُ فَرْضُ كَلَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيهِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ كَوْنُهُ مُسْتَحَقًّا لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) عِبَارَةُ الْقُوتِ بِأُجْرَةِ الْمَثَلِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَدَّةُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ هُنَا وَالْكَلَامُ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِهَا مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُعْتَدَّةِ بِهِ كَالْمُسْتَأْجَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ جَزْمًا) أَيْ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ

ص: 160

لَزِمَتْهَا) الْعِدَّةُ (فِيهِ) لِأَنَّ السُّكْنَى ثَابِتَةٌ فِي الْمُسْتَعَارِ كَالْمَمْلُوكِ فَشَمِلَتْهَا الْآيَةُ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ نَقْلُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ) فِيهِ (وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ) لِمِثْلِ مَسْكَنِهَا بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ إجَارَتِهِ (نُقِلَتْ) إلَى أَقْرَبِ مَا يُوجَدُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ امْتِنَاعَ النَّقْلِ مَعَ رِضَاهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى بَذْلِهَا كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى مَسْكَنٍ مَجَّانًا بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَخُرُوجُ الْمُعِيرِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ بِجُنُونٍ وَسَفَهٍ أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ كَرُجُوعِهِ.

قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا وَعَلِمَ بِالْحَالِ لَزِمَتْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَلْزَمُ فِي نَحْوِ دَفْنِ مَيِّتٍ.

وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ لُزُومِهَا فِي نَحْوِ الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَعَدَمِهَا هُنَا بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرُورَةَ فِي انْتِقَالِهَا هُنَا لَوْ رَجَعَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْهَدْمِ ثَمَّ فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا.

وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ جَوَازُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ الْمُعْتَدَّةَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا تَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ، فَدَعْوَى تَصْرِيحِهِمْ بِمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ خَلْطٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُعِيرَ الرَّاجِعَ لَوْ رَضِيَ بِسُكْنَاهَا إعَارَةً بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمُعَارٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٍ لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ آمِنَةٍ مِنْ رُجُوعِهِ بَعْدُ (وَكَذَا مُسْتَأْجَرٌ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ) فَلْتَنْتَقِلْ مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَجْدِيدِ إجَارَةٍ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ فَلَا تَنْتَقِلُ، وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرِ الْمُوصَى لَهُ بِالسُّكْنَى مُدَّةً وَانْقَضَتْ (أَوْ) لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ وَهِيَ بِمَسْكَنٍ مُسْتَحَقٍّ (لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ وُجُوبًا إنْ تَطَلَّبَ النَّقْلَةَ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَجَوَازًا (وَ) إذَا اخْتَارَتْ الْإِقَامَةَ فِيهِ (طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) مِنْهُ أَوْ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ شَاءَتْ لِأَنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةً قَبْلَ طَلَبِهَا سَقَطَتْ كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى النَّصِّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ.

وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ يَنْزِلُ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ:

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَإِنْ حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهَا وَانْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ لَمْ تَنْفَسِخْ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ بِعَارِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ مُتَبَرِّعَةً بِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَطَلَبَتْ الْأُمُّ أُجْرَةً حَيْثُ أُجِيبَ الزَّوْجُ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الرَّضَاعِ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْوَلَدِ وَقَدْ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ أُمِّهِ، وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى صِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ مَعَ مُرَاعَاةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأُمِّ بِمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَالِ اسْتِحْقَاقٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَوْ مَشْرُوطًا لِنَحْوِ الْإِمَامِ وَكَانَ إمَامًا (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ حِينَئِذٍ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا) أَيْ وَحْدَهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ مَنْزِلِهَا مَنْزِلُ أَهْلِهَا بِإِذْنِهِمْ، وَلَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَذْكُورُ هُنَا، وَإِلَّا فَفِيهِ أَصْلُ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ: قَطَعُوا بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَعَلِمَ الْمُعِيرُ بِالْحَالِ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَعَارَ بَعْدَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعِلْمُهُ بِالْحَالِ أَنَّهَا تَلْزَمُ لِمَا فِي الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ كَمَا تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ وَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ، وَتَعَرَّضَ فِي الْبَحْرِ لِذَلِكَ فَقَالَ: إنْ قِيلَ: الْعَارِيَّةُ تَلْزَمُ إذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِوَضْعِ الْجُذُوعِ فَهَلَّا قِيلَ: كَذَلِكَ.

وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ وَلَا ضَرَرَ فِي انْتِقَالِ الْمُعْتَدَّةِ وَفِي نَقْلِ الْبِنَاءِ وَالْجُذُوعِ إفْسَادٌ وَهَدْمٌ وَضَرَرٌ. اهـ. انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ؟ وَبِهَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْمُؤَاخَذَاتِ، فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْجَزْمُ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِهِ مُجَرَّدَ تَجْوِيزٍ، وَأَوْهَمَ أَنَّ كَلَامَ الرُّويَانِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى صَحِيحٍ مَعَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْعَارِيَّةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: فَيُقَالُ بِمِثْلِهِ هُنَا) أَيْ فَيُقَالُ بِمِثْلِ مَا فَرَّقَ بِهِ الرُّويَانِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ فِي قِيَاسِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا هُنَا عَلَى الْإِعَارَةِ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ وَالرَّهْنِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ

ص: 161

أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا لَهَا فِي السُّكْنَى، وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُطْلَقَةَ التَّصَرُّفِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَمْتِعَتُهُ بِمَحَلٍّ مِنْهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ فَلَمْ تُصَرِّحْ لَهُ بِالْإِبَاحَةِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ

(فَإِنْ)(كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا) لَا يَلِيقُ بِهَا (فَلَهُ النَّقْلُ) لَهَا مِنْهُ (إلَى) مَسْكَنٍ آخَرَ (لَائِقٍ بِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ النَّفِيسَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ صَالِحٍ إلَيْهِ وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ قِيَاسُ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَتَقْلِيلًا لِزَمَنِ الْخُرُوجِ مَا أَمْكَنَ وَإِنْ ذَهَبَ الْغَزَالِيُّ إلَى النَّدْبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْحَقُّ (أَوْ) كَانَ (خَسِيسًا) غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا (فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهَا

(وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَمُدَاخَلَتُهَا) أَيْ دُخُولُ مَحَلٍّ هِيَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْمُسَاكَنَةِ مَعَ انْتِفَاءِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ الْآتِي فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ أَعْمَى وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَرَضِيَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ لِلْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِهَا، وَالْكَلَامُ هُنَا حَيْثُ لَمْ يَزِدْ مَسْكَنُهَا عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لِمَا سَيُذْكَرُ فِي الدَّارِ وَالْحُجْرَةِ وَالْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا سِوَى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ (مَحْرَمٌ لَهَا) بَصِيرٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (مُمَيِّزٌ) بِأَنْ كَانَ يَحْتَشِمُ وَيَمْنَعُ وُجُودُهُ وُقُوعَ خَلْوَةٍ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَظِنَّةِ عَدَمِ الْخَلْوَةِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا حِينَئِذٍ (ذَكَرٌ) أَوْ أُنْثَى، وَحَذْفُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ بِالْأَوْلَى (أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ بَصِيرٌ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) كَذَلِكَ (أَوْ أَمَةٌ) أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْهُنَّ ثِقَةٌ يَحْتَشِمُهَا بِحَيْثُ يَمْنَعُ وُجُودُهَا وُقُوعَ فَاحِشَةٍ بِحَضْرَتِهَا وَكَالْأَجْنَبِيَّةِ مَمْسُوحٌ أَوْ عَبْدُهَا بِشَرْطِ التَّمْيِيزِ وَالْبَصَرِ وَالْعَدَالَةِ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ مُلْحَقٌ بِالْبَصِيرِ حَيْثُ أَدَّتْ فِطْنَتُهُ لِمَنْعِ وُقُوعِ رِيبَةٍ بَلْ هُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُمَيِّزِ السَّابِقِ (جَازَ) مَعَ كَرَاهَةِ كُلٍّ مِنْ مُسَاكَنَتِهَا إنْ وَسِعَتْهُمَا الدَّارُ وَإِلَّا وَجَبَ انْتِقَالُهَا وَمُدَاخَلَتِهَا إنْ كَانَتْ ثِقَةً لِلْأَمْنِ مِنْ الْمَحْذُورِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا حَلَّتْ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ يَحْتَشِمُهُمَا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِمَا فِي وُقُوعِ فَاحِشَةٍ مِنْ امْرَأَةٍ بِحُضُورِ مِثْلِهَا مِنْ الْبُعْدِ لِأَنَّهَا تَحْتَشِمُهَا وَلَا كَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ مِثْلِهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ خَلْوَةِ رَجُلٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهَا وَلَا مِنْهُمْ فَتَلْزَمُهُمْ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ نَزَلَ سَفِينَةً وَسَيَّرَهَا مَالِكُهَا وَهُوَ سَاكِتٌ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمَرْكَبِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ الدَّمِيرِيِّ فِي مَنْظُومَتِهِ حَيْثُ قَالَ:

أَمَّا إذَا أَقَامَ وَهِيَ سَاكِتَهْ

فَأُجْرَةُ النِّصْفِ عَلَيْهِ ثَابِتَهْ

فِي مَوْضِعٍ شَارَكَ فِيهِ المالكة

وَأُجْرَةُ الْعَارِي عَلَى الْمُشَارَكَة

كَحُجْرَةٍ مِفْتَاحُهَا بِهِ انْفَرِدْ

فَفِيهِ أُجْرَةٌ عَلَيْهِ لَا تُرَدْ

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) تَمَيَّزَتْ أَمْتِعَتُهُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ) يُشْعِرُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ إلَيْهَا لِيَمْنَعَ مِنْ خَلْوَتِهَا بِالزَّوْجِ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا وَامْتَنَعَ مِنْ دَوَامِ السُّكْنَى إلَّا بِأُجْرَةٍ لَهُ عَلَى مُكْثِهِ لِيَمْنَعَ الْخَلْوَةَ لَمْ يَجِبْ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْأَعْمَى الْفَطِنَ إلَخْ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعٌ) عِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ خَلْوَةٌ إلَخْ، وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ نَظَرَ فِيهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا فِي حَوَاشِي الْفِقْهِ لسم (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَابِعًا إلَخْ.) هَذَا لَيْسَ قَيْدًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَمَتَى وُجِدَ الْإِذْنُ فَلَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ

(قَوْلُهُ: بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَيَّنَ مَا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ وَالرَّوْضَةِ إلَخْ. أَيْ فَالتَّنَاقُضُ الْمُتَوَهَّمُ وَاقِعٌ بَيْنَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَبَيْنَ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَإِلَّا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوهِمُ تَنَاقُضًا، فَالصَّوَابُ إبْدَالُ

ص: 162

بِمُرْدٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُمْ بَلْ وَلَا أَمْرَدَ بِمِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَمْتَنِعُ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِغَيْرِ ثِقَاتٍ وَإِنْ كَثُرْنَ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ) وَهِيَ كُلِّ بِنَاءٍ مُحَوَّطٍ أَوْ نَحْوِهَا كَطَبَقَةٍ (فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (وَ) سَكَنَ (الْآخَرُ) الْحُجْرَةَ (الْأُخْرَى) مِنْ الدَّارِ (فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ) لَهَا وَهِيَ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ فِيهَا (كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمَصَبِّ مَاءٍ وَمَرْقَى سَطْحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ.

وَخَرَجَ بِفَرْضِهِ الْكَلَامُ فِي حُجْرَتَيْنِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ إلَّا الْبَيْتُ وَصُفَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاكِنَهَا وَلَوْ مَعَ مَحْرَمٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ الْمَسْكَنِ بِمَوْضِعِ نَعَمْ إنْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا حَائِلُ وَبَقِيَ لَهَا مَا يَلِيقُ بِهَا سُكْنَى جَازَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَتَّحِدْ الْمَرَافِقُ بَلْ اخْتَصَّتْ كُلٌّ مِنْ الْحُجْرَتَيْنِ بِمَرَافِقَ (فَلَا) يُشْتَرَطُ نَحْوُ مَحْرَمٍ إذْ لَا خَلْوَةَ (وَ) لَكِنْ (يَنْبَغِي) أَنْ يُشْتَرَطَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ الْبَغَوِيّ (أَنْ يُغْلَقَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ: وَيُسَمَّرُ (مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَابٍ) وَأَوْلَى مِنْ إغْلَاقِهِ سَدُّهُ وَ (أَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ إحْدَاهُمَا) يَمُرُّ بِهِ (عَلَى الْأُخْرَى) حَذَرًا مِنْ وُقُوعِ خَلْوَةٍ (وَسُفْلٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِخَطِّهِ وَيَجُوزُ كَسْرِهِ (وَعُلُوٍّ) بِضَمِّ أَوَّله بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهُ وَكَسْرُهُ (كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ فِي الْعُلُوِّ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا قَالَهُ فِي التَّجْرِيدِ.

بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ بِالْمَدِّ لُغَةً طَلَبُ الْبَرَاءَةِ.

وَشَرْعًا تَرَبُّصٌ بِمَنْ فِيهَا رِقٌّ مُدَّةً عِنْدَ وُجُودِ سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَقْدِيرِهِ بِأَقَلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، كَمَا سُمِّيَ مَا مَرَّ بِالْعِدَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدَدِ وَلِتَشَارُكِهِمَا فِي أَصْلِ الْبَرَاءَةِ ذُيِّلَتْ بِهِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْأَخْبَارِ وَغَيْرِهِ (يَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِحِلِّ التَّمَتُّعِ أَوْ التَّزْوِيجِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الشَّارِحُ لِلْمَعْنَى لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْحِلِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَحِلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمُرْدٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرُوا جِدًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرْنَ) وَفِي التَّوَسُّطِ عَنْ الْقَفَّالِ لَوْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ الْمَسْجِدَ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ خَلْوَةً لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ كُلُّ أَحَدٍ اهـ حَجّ.

وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ لَا يَنْقَطِعُ طَارِقُوهُ عَادَةً، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقُ أَوْ غَيْرُهُ الْمَطْرُوقُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مَطْرُوقًا كَذَلِكَ اهـ حَجّ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْخَلْوَةِ عَلَى اجْتِمَاعٍ لَا تُؤْمَنُ مَعَهُ الرِّيبَةُ عَادَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَ بِانْتِفَائِهَا فِي الْعَادَةِ فَلَا يُعَدُّ خَلْوَةً (قَوْلُهُ: يَمُرُّ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: وَعُلُوٌّ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: وَعُلُوُّ الدَّارِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا ضِدُّ سُفْلِهَا بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِهَا اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ، وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ: وَعُلُوُّ الشَّيْءِ مُثَلَّثُهُ اهـ.

بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: بِمَنْ فِيهَا رِقٌّ) أَيْ وَلَوْ فِيمَا مَضَى لِيَشْمَلَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِسَبَبِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُعَدَّ مِنْهُ مَا لَوْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ بِخُلُوِّهَا مِنْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: ذُيِّلَتْ) أَيْ أُتْبِعَتْ (قَوْلُهُ: لِحِلِّ التَّمَتُّعِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ وَلَا حُدُوثِهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ لِغَيْرِهِمَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْكَافِ وَاوًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِمُرْدٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُمْ لَوْ فَرَضُوا إنَاثًا لِيَخْرُجَ الصِّغَارُ وَالْمَحَارِمُ،، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِاخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي النِّكَاحِ، وَلَا يُقَالُ يَحْرُمُ نَظَرُهُمْ بِشَهْوَةٍ، لِأَنَّا نَقُولُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّدِّ بِذَلِكَ.

ص: 163