الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ فَتُرَاعَى رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ حَتَّى يَجِبَ عَلَى السَّيِّدِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ اكْتِفَاءً فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَرِيبَ قَدْ يَتَكَلَّفُ تَحْصِيلَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ لِحِرَابَةٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ إذْ لَا تَسْقُطُ كِفَايَتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِتَجْوِيعِهِ تَعْذِيبٌ يَمْنَعُ مِنْهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَلِأَنَّ السَّيِّدَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ إمَّا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ وَإِمَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ قَتْلِهِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ، وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ كِفَايَةِ قَرِيبِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ، وَيُسْتَثْنَى الْمُكَاتَبُ وَلَوْ فَاسِدَ الْكِتَابَةِ فَلَا تَجِبُ كِفَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ وَلِهَذَا تَلْزَمُهُ كِفَايَةُ أَرِقَّائِهِ.
نَعَمْ إنْ احْتَاجَ لَزِمَتْهُ كِفَايَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ، وَكَذَا لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةُ النَّقْلِ، وَيَلْزَمُهُ فِطْرَةُ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَنَفَقَةً وَكِسْوَةً مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي كِفَايَتِهِ عُرْفُ الْبَلَدِ بِالنِّسْبَةِ لِأَرِقَّائِهِمْ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدُمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ) مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ السَّيِّدِ أَيْضًا فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً لَزِمَهُ لِرَقِيقِهِ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ (وَلَا يَكْفِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ) وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَحْقِيرًا لَهُ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهَذَا بِبِلَادِنَا إخْرَاجًا لِبِلَادِ السُّودَانِ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَهَذَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ مِنْ الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ أَصْلًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ) قَالَ حَجّ: وَالْوَاجِبُ أَوَّلَ الشِّبَعِ وَالرَّيِّ نَظِيرُ مَا يَأْتِي: أَيْ فِي عَلْفِ الدَّوَابِّ وَسَقْيِهَا، وَقَضِيَّةُ إحَالَةِ الشَّارِحِ مَا هُنَا عَلَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّ الْوَاجِبَ الشِّبَعُ الْمُعْتَادُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالشِّبَعِ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَوَّلُهُ لَا تَمَامُهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِحُصُولِ الشِّفَاءِ لَوْ تَنَاوَلَهُ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِهَلَاكِهِ لَوْ تَرَكَ الدَّوَاءَ (قَوْلُهُ: لِحِرَابَةٍ) أَيْ قَطْعِ طَرِيقٍ
(قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) وَهُوَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ احْتَاجَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ بِأَنْ سُلِّمَتْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ طَعَامِ الْمُتَوَسِّطِينَ لَا الْمُتَرَفِّهِينَ وَلَا الْمُقَتِّرِينَ قَالَ: وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ طَعَامَهُ مَخْبُوزًا وَأُدُمَهُ مَصْنُوعًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِإِصْلَاحِهِ اهـ حَجّ.
أَقُولُ: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْحَبَّ وَمُؤْنَتَهُ وَمَكَّنَهُ مِنْ إصْلَاحِهِ بِاسْتِئْجَارٍ وَنَحْوِهِ فَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ السَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ الْعَبْدِ جَمَالًا وَعَدَمَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا إلَخْ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَفْضِيلُ النَّفِيسِ مِنْ الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ ثَمَّ بِأَنْ تَكُونَ نَفَاسَتُهُ لِذَاتِهِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ النَّفَاسَةُ لِسَبَبِ النَّوْعِ أَوْ الصِّنْفِ كَالرُّومِيِّ مَعَ الزَّنْجِيِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا] [
أَسْبَابُ النَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ]
(فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَسْقُطُ كِفَايَتُهُ بِذَلِكَ) يُشْبِهُ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ إذَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ أَوْ الْمُرَادَ بِالسَّيْفِ لَا بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي كِفَايَتِهِ إلَخْ.) إنْ كَانَ الْمُرَادُ اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِأَرِقَّاءِ الْبَلَدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ خَالَفَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كِفَايَتُهُ فِي نَفْسِهِ إلَخْ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنْسِ فِي الطَّعَامِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ)
وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدُمٍ وَكِسْوَةٍ) لِخَبَرِ «إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ» .
قَالَ الرَّافِعِيُّ: حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ وَمَلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ عَلِمَ فَأَجَابَهُ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ.
نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي أَمْرَدَ جَمِيلٍ يُخْشَى مِنْ تَنَعُّمِهِ بِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ لُحُوقُ رِيبَةٍ مِنْ سُوءِ ظَنٍّ بِهِ وَوُقُوعٍ فِي عِرْضِهِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ حِينَئِذٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُجْلِسَهُ السَّيِّدُ مَعَهُ لِلْأَكْلِ: أَيْ حَيْثُ لَا رِيبَةَ تَلْحَقُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِيَتَنَاوَلَ الْقَدْرَ الَّذِي يَشْتَهِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ امْتَنَعَ هُوَ مِنْ جُلُوسِهِ مَعَهُ تَوْقِيرًا لَهُ فَلْيَرُغْ لَهُ فِي الدَّسَمِ لُقْمَةً كَبِيرَةً تَسُدُّ مَسَدًّا لَا صَغِيرَةً تُهَيِّجُ الشَّهْوَةَ وَلَا تَقْضِي النَّهْمَةَ أَوْ لُقْمَتَيْنِ ثُمَّ يُنَاوِلُهُ ذَلِكَ، وَهَذَا لِمَنْ وَلِيَ الطَّبْخَ آكَدُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أَتَى أَحَدَهُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ تَشَوُّفُ النَّفْسِ لِمَا تُشَاهِدُهُ، وَهَذَا يَقْطَعُ شَهْوَتَهَا، وَالْأَمْرُ فِي الْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ نَدْبًا لِلتَّوَاضُعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ نَصًّا حَاصِلُهُ الْوُجُوبُ.
ثُمَّ قَالَ: فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْوُجُوبُ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ النَّصَّ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَلَوْ أَعْطَى السَّيِّدُ رَقِيقَهُ طَعَامَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَبْدِيلُهُ.
بِمَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْأَكْلِ إلَّا لِمَصْلَحَةِ الرَّقِيقِ، وَلَوْ فَضَّلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ لِذَاتِهِ عَلَى خَسِيسِهِ كُرِهَ فِي الْعَبِيدِ، وَسُنَّ فِي الْإِمَاءِ (وَتَسْقُطُ) كِفَايَةُ الْقِنِّ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ لِعَبْدِ رَجُلٍ غَائِبٍ اسْتَدِنْ وَأَنْفِقْ عَلَى نَفْسِك جَازَ وَكَانَ دَيْنًا عَلَى سَيِّدِهِ (وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا أَوْ غَابَ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ جَمِيعَهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ تَعَذَّرَ إيجَارُ الْجُزْءِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) أَيْ وَلَوْ أُنْثَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ إخْرَاجَهَا بِحَيْثُ تَرَاهَا الْأَجَانِبُ وَإِلَّا وَجَبَ سَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهَا
(قَوْلُهُ: عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ بَلْ تَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ
(قَوْلُهُ: وَلَا تَقْضِي النَّهْمَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ: أَيْ الْحَاجَةَ وَالشَّهْوَةَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ
(قَوْلُهُ: أَوْ أُكْلَةً) اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ.
أَمَّا الْأُكْلَةُ فَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهِيَ اللُّقْمَةُ
(قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَيْ السَّيِّدِ
(قَوْلُهُ: تَأْخِيرَ الْأَكْلِ) أَيْ مِنْ طَعَامٍ آخَرَ
(قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ لِلرَّقِيقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُرَاعَى مَصْلَحَةُ السَّيِّدِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إبْدَالُهُ إلَى تَأْخِيرٍ فَاحِشٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ حَاقَّةٌ كَأَنْ حَصَلَ لِلسَّيِّدِ ضَيْفٌ يَشُقُّ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ إطْعَامِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُ مَا دَفَعَهُ لِلْعَبْدِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِبَدَلِهِ لِلْعَبْدِ بَعْدَ زَمَنٍ لَا يَتَضَرَّرُ فِيهِ الْعَبْدُ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّهَا إنَّمَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَى السَّيِّدِ إذَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ كَمَا يَشْمَلُهُ الْمَتْنُ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ إلَخْ.) يَلْزَمُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ أَنْ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْمُدَّعِي، وَعِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ: وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ، وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم إلَخْ. " فَلَمْ يَسُقْ " الْحَدِيثَ مَسَاقَ الدَّلِيلِ، بَلْ إنَّمَا سَاقَهُ لِيُبَيِّنَ عَدَمَ مُعَارَضَتِهِ لِلْمُدَّعِي بِوَاسِطَةِ حَمْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: النَّهِمَةَ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ: أَيْ الشَّهْوَةَ وَالْحَاجَةَ (قَوْلُهُ: أَحَدَكُمْ) هُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْلَةً) هِيَ اللُّقْمَةُ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَعَلَّ أَوْ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ
فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ بَاعَ جُزْءًا مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ كُلَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ، هَذَا فِي غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ.
أَمَّا هُوَ فَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ الْأَحَظِّ لَهُ مِنْ بَيْعِ الْقِنِّ أَوْ إجَارَتِهِ أَوْ بَيْعِ مَالٍ آخَرَ أَوْ الِاقْتِرَاضِ عَلَى مُغَلِّهِ (فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِمَالِكِهِ مَالٌ وَلَوْ بِبَلَدِ الْقَاضِي فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِفَاءِ سَلْطَنَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ مُمْتَنِعٌ مِنْ إنْفَاقِهِ وَتَعَذَّرَتْ إجَارَتُهُ (أَمَرَهُ) الْقَاضِي بِإِيجَارِهِ: أَيْ إنْ وَفَّى بِمُؤْنَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ (بِبَيْعِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَالْقَصْدُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَجَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهُ كَمَا مَرَّ، وَيَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَى اجْتِمَاعِ قَدْرٍ صَالِحٍ عَلَيْهِ فَيُبَاعُ حِينَئِذٍ مَا بَقِيَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَالْعَقَارِ، فَإِنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ كَالْحُبُوبِ وَالْمَائِعَاتِ تَعَيَّنَ: أَيْ بِلَا اسْتِدَانَةٍ اهـ.
وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ، وَإِجَارَتُهُ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَحَاوِيجِهِمْ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَتُدْفَعُ كِفَايَةُ الرَّقِيقِ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْكِفَايَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ لَا الرَّقِيقِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ مَجَّانًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا أَوْ مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرْضًا اهـ.
قَالَ الْقَمُولِيُّ: مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ يَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ فَيَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: نَفَقَةُ الْمُبَعَّضِ: أَيْ الْمَعْجُوزِ عَنْ نَفَقَةٍ فِي بَيْتِ الْمَال إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ هِيَ فِي نَوْبَتِهِ اهـ.
وَهَذَا فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ.
أَمَّا هِيَ فَلَا تُبَاعُ قَطْعًا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْتَاقِهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ تُؤَجَّرُ أَوْ تُزَوَّجُ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِي الِاقْتِرَاضِ وَاقْتَرَضَ، أَوْ أَمَرَ الْقَاضِي مَنْ يُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ وَفَعَلَ
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحْجُورٍ) هَذِهِ التَّفْرِقَةُ يُخَالِفُهَا مَا مَرَّ لَهُ أَنَّ الْقَاضِيَ وَنَحْوَهُ إنَّمَا يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ حَجّ نَصُّهَا: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَتْ مَصْلَحَتُهُمَا فِي نَظَرِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُ الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا، فَقَوْلُ جَمْعٍ يَجِبُ الْإِيجَارُ أَوَّلًا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَصْلَحَ اهـ.
وَهِيَ الْأَظْهَرُ الْمُوَافِقَةُ لِنَظَائِرِهَا
(قَوْلُهُ: أَوْ الِاقْتِرَاضِ) أَيْ اقْتِرَاضِ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مُغَلِّ السَّيِّدِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِبَلَدِ الْقَاضِي) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْقَاضِي وَأَمْكَنَ إحْضَارُهُ عَنْ قُرْبٍ لَا يُنْتَظَرُ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْعَبْدِ، وَلَوْ قِيلَ: إنَّ الْقَاضِيَ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُحْضِرَ مَالَهُ إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَمْ يَبْعُدْ
(قَوْلُهُ: فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) قَرْضًا اهـ حَجّ: أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَكُونُ تَبَرُّعًا لَا قَرْضًا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مُحْتَاجًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُ أَوْ
(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ) مُعْتَمَدٌ
: (قَوْلُهُ: الْمَعْجُوزِ عَنْ نَفَقَتِهِ) أَيْ كُلِّهَا
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ
(قَوْلُهُ: بَلْ تُؤَجَّرُ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ تُزَوَّجُ تَقَدَّمَ قُبَيْلَ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِهَا وَلَا عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَإِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ أَوْ إيجَارِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَنَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَزْوِيجُهَا، وَمَا هُنَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّزْوِيجَ يُقَدَّمُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا هُنَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَتْ إجَارَتُهُ) لَا وَجْهَ لَهُ هُنَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ فَلَعَلَّ الصَّوَابَ حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَخْ.) وُضِعَ هَذَا كَكَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ الْآتِي هُنَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ كَمَا صَنَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ثُمَّ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدَّمَ مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَمُولِيُّ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ يَجِبُ نِصْفُ نَفَقَتِهِ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ أَمْ لَا
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَيُجْبِرُ) السَّيِّدُ إنْ شَاءَ (أَمَتَهُ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ (عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهُ أَمْ مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا أَوْ حُرًّا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مِنْهَا، وَلَوْ طَلَبَتْ إرْضَاعَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا إلَّا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ، وَوَضْعُ الْوَلَدِ عِنْدَ غَيْرِهَا إلَى فَرَاغِ اسْتِمْتَاعِهِ، وَإِلَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرِ اللِّبَأِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ وَيَسْتَرْضِعُهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ أَوْ مَالِكِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرُّوهُ، وَلَهُ طَلَبُ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مِنْ أَبِي وَلَدِهَا الْحُرِّ وَمِنْ سَيِّدِ وَلَدِهَا الرَّقِيقِ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ التَّبَرُّعُ بِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رَيِّهِ إمَّا لِغَزَارَةِ لَبَنِهَا أَوْ لِقِلَّةِ شُرْبِهِ أَوْ لِاغْتِنَائِهِ بِغَيْرِ اللَّبَنِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَوْتِهِ لِمَا مَرَّ كَمَا لَهُ تَكْلِيفُهَا غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ الَّتِي تُطِيقُهَا.
أَمَّا إذَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ رَيِّهِ فَلَا يُجْبِرُهَا عَلَى إرْضَاعِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] وَلِأَنَّ طَعَامَهُ اللَّبَنُ فَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ كَالْقُوتِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا مِنْ السَّيِّدِ أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَيَسْتَرْضِعَهَا غَيْرَهُ (وَ) عَلَى (فَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) بِأَنْ اجْتَزَأَ بِغَيْرِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ (وَ) عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) وَلَا ضَرَّهُ الْإِرْضَاعُ، وَاقْتُصِرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ عَلَى الْأَغْلَبِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا زِدْنَاهُ سَوَاءٌ أَكَفَاهُ غَيْرُ اللَّبَنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِإِرْضَاعٍ وَلَا فِطَامٍ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ (وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ عِنْدَ فَقْدِهِمَا بِهِمَا فِي ذَلِكَ (فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا تَمَامُ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، فَإِنْ تَنَازَعَا أُجِيبَ الدَّاعِي إلَى إكْمَالِ الْحَوْلَيْنِ، إلَّا إذَا كَانَ الْفِطَامُ قَبْلَهُمَا أَصْلَحَ لِلْوَلَدِ فَيُجَابُ طَالِبُهُ كَفَطْمِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْأُمِّ أَوْ مَرَضِهَا وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا.
وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَهُمَا) ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} [البقرة: 233] أَيْ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ الْوَلَدَ أَوْ لَا {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233](وَلِأَحَدِهِمَا) فَطْمُهُ (بَعْدَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ بِأَنْ اجْتَزَأَ بِالطَّعَامِ وَكَانَ فِي فَصْلٍ مُعْتَدِلٍ لِمَا مَرَّ (وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ) عَلَى الْحَوْلَيْنِ لِمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ السَّيِّدُ تَزْوِيجَهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِيمَنْ حَضَرَ مَوْلَاهَا. أَمَّا مَنْ غَابَ عَنْهَا مَوْلَاهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَالٌ وَلَا لَهَا كَسْبٌ فَتُزَوَّجُ، وَحَيْثُ فُرِضَ ذَلِكَ كَانَ التَّزْوِيجُ بِغَيْرِ رِضَا السَّيِّدِ وَمَعْرِفَتِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَجْبَرَ (قَوْلُهُ وَوَضْعُ الْوَلَدِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَلَدِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكًا) أَيْ كَأَنْ أَوْصَى بِهِ
(قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ) أَيْ أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَجَّانًا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ التَّبَرُّعُ بِهِ) أَيْ الْإِرْضَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَرَرَ) مِنْ جُمْلَةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَاقْتُصِرَ فِي كُلٍّ) قَدْ يَتَقَابَلُ الضَّرَرَانِ إنْ كَانَ فَطْمُهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ يَضُرُّهُ وَإِرْضَاعُهُ حِينَئِذٍ يَضُرُّهَا فَحَرِّرْ حُكْمَهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ حُكْمَهُ أَنَّ الْأَبَ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْضَاعُهُ لِغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْأُمِّ بَلْ يُفْطَمُ، وَإِنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا زِدْنَاهُ) أَيْ فِي إرْضَاعِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا ضَرَّهُ الْإِرْضَاعُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِإِرْضَاعٍ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهُ أَمْ مَمْلُوكًا لَهُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ أَوْ يَضُرَّهُمَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ الشَّارِحِ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَاقْتَصَرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ إلَخْ.
حَيْثُ لَا ضَرَرَ، لَكِنْ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ بِأَنَّهُ يُسَنُّ عَدَمُهَا إلَّا لِحَاجَةٍ (وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ) عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ (إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) عَلَى الدَّوَامِ فَيَجُوزُ لَهُ تَكْلِيفُهُ إيَّاهُ وَيَتْبَعُ فِي تَكْلِيفِهِ مَا يُطِيقُهُ الْعَادَةَ كَإِرَاحَتِهِ فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ، وَفِي الْعَمَلِ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَإِرَاحَتِهِ مِنْ الْعَمَلِ إمَّا فِي اللَّيْلِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ نَهَارًا أَوْ فِي النَّهَارِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا، وَإِنْ اعْتَادُوا خِدْمَةَ الْأَرِقَّاءِ نَهَارًا مَعَ طَرَفَيْ اللَّيْلِ اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ لَا يُطِيقُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْمَارِّ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يَعْجَزُ عَنْهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَلَوْ كَلَّفَ رَقِيقَهُ مَا لَا يُطِيقُهُ أَوْ حَمَلَ أَمَتَهُ عَلَى الْفَسَادِ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي خَلَاصِهِ كَمَا قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ بَذْلُ جَهْدِهِ فِي الْعَمَلِ، وَتَرْكُ الْكَسَلِ فِيهِ.
(وَتَجُوزُ)(مُخَارَجَتُهُ) أَيْ الْقِنِّ (بِشَرْطِ رِضَاهُمَا) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إجْبَارُ الْآخَرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ التَّرَاضِي كَغَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِهَا عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ اعْتِبَارُ الصِّيغَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَنَّ صَرِيحَهَا خَارَجْتُك وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ وَأَنَّ كِنَايَتَهَا بَاذَلْتُك عَلَى كَسْبِك بِكَذَا وَنَحْوِهِ (وَهِيَ خَرَاجٌ) مَعْلُومٌ (يُؤَدِّيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ) أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مِمَّا يَكْسِبُهُ حَسْبَمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ صَاعَيْنِ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ خَرَاجَهُ» ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ " أَنَّهُ كَانَ لِلزُّبَيْرِ أَلْفُ مَمْلُوكٍ يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ لَا يُدْخِلُ بَيْتَهُ مِنْ خَرَاجِهِمْ شَيْئًا بَلْ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ بَلَغَتْ تَرِكَتُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَسْبٌ مُبَاحٌ دَائِمٌ يَفِي بِالْخَرَاجِ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ إنْ جَعَلَهُمَا فِيهِ، فَإِنْ زَادَ كَسْبُهُ عَلَى ذَلِكَ فَالزِّيَادَةُ بِرٌّ وَتَوْسِيعٌ مِنْ سَيِّدِهِ لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ خَارَجَهُ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَا فِطَامٍ: أَيْ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُوهِمُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُسَنُّ عَدَمُهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ
(قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِأَنْ يُخْشَى مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ الضَّبْطُ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَحْذُورُ اهـ حَجّ.
وَلَعَلَّ الِاحْتِمَالَ أَقْرَبُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ رَغِبَ الْعَبْدُ فِي الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرٍ يَجُرُّ إلَى إتْلَافِهِ أَوْ مَرَضِهِ الشَّدِيدِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْوِيتُ مَالِيَّةٍ عَلَى السَّيِّدِ بِتَمْكِينِهِ فَيُنْسَبُ إلَيْهِ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ بَاشَرَ إتْلَافَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ أَمَتَهُ عَلَى الْفَسَادِ) أَيْ فَلَوْ تَنَازَعَا فِي ذَلِكَ صُدِّقَ السَّيِّدُ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) كَالْكِتَابَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: حَسْبَمَا يَتَّفِقَانِ) وَقَعَ مِثْلُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ بَيَّنَ لِلنَّاسِ مَا نَزَّلَ إلَيْهِمْ حَسْبَمَا عَنَّ لَهُمْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ خُسْرو مَا نَصُّهُ: فِي قَوْلِهِ حَسْبَمَا: أَيْ قَدْرَ مَا مُتَعَلِّقٌ بِبَيَّنَ وَنَزَّلَ يُقَالُ لِيَكُونَ عَمَلُك بِحَسَبِ ذَلِكَ: أَيْ بِقَدْرِهِ وَقَدْ تُسَكَّنُ السِّينُ فِي الضَّرُورَةِ وَمِثْلُهُ فِي السَّيِّدِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ بِفَتْحِ السِّينِ وَأَنَّ السُّكُونَ ضَرُورَةٌ
(قَوْلُهُ: وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ) أَيْ لَمَّا حَجَمَهُ اهـ حَجّ
(قَوْلُهُ: وَمِائَتَيْ أَلْفٍ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةِ
(قَوْلُهُ: وَتَوْسِيعٌ مِنْ سَيِّدِهِ) أَيْ فَلَوْ أَرَادَ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ مِنْهُ هَلْ يَجُوزُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُ فِي تَكْلِيفِهِ مَا يُطِيقُهُ الْعَادَةَ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَتْبَعُ الْعَادَةَ فِي الْقَيْلُولَةِ وَالْعَمَلِ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَيُرِيحُهُ مِنْ الْعَمَلِ إمَّا اللَّيْلَ أَوْ النَّهَارَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ صَرِيحَهَا خَارَجْتُك إلَخْ.) اُنْظُرْ وَجْهَ أَخْذِ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَهِيَ خَرَاجٌ إلَخْ.) فِيهِ اسْتِخْدَامٌ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا مَرَّ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: بِرٌّ وَتَوْسِيعٌ) أَيْ، فَيَجُوزُ لِلرَّقِيقِ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِلسَّيِّدِ مَنْعَهُ مِنْهُ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ
لَمْ يَجُزْ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِعَدَمِ مُعَارَضَتِهِ، فَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَيَسْرِقَ، وَلَا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكْتَسِبَ بِفَرْجِهَا، وَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَوَقَعَ فِي النِّهَايَةِ عَزْوُهُ إلَى عُمَرَ، وَيُجْبَرُ النَّقْصُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِالزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مُؤْنَتَهُ تَجِبُ حَيْثُ شُرِطَتْ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ لِلْوَلِيِّ مُخَارَجَةَ قِنِّ مَحْجُورِهِ مَصْلَحَةً مَحَلُّ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَبَرُّعًا وَإِنْ كَانَتْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ.
نَعَمْ لَوْ انْحَصَرَ صَلَاحُهُ فِيهَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ آخِرَ الْحَجْرِ مِنْ بَيْعِ مَالِهِ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ جَازَ لِلضَّرُورَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْمَمْلُوكُ لِمَالِكِهِ: رَبِّي بَلْ يَقُولُ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَأَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ عَبْدِي وَأَمَتِي بَلْ يَقُولُ: غُلَامِي وَجَارِيَتِي أَوْ فَتَاتِي وَفَتَايَ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي إضَافَةِ رَبٍّ إلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَرَبِّ الدَّارِ وَرَبِّ الْغَنَمِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْفَاسِقِ أَوْ لِلْمُتَّهَمِ فِي دِينِهِ يَا سَيِّدِي
(وَعَلَيْهِ) أَيْ مَالِكِ دَوَابَّ لَمْ يُرِدْ بَيْعَهَا وَلَا ذَبْحَ مَا يَحِلُّ مِنْهَا (عَلْفُ) بِالسُّكُونِ كَمَا بِخَطِّهِ وَهُوَ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهَا وَهُوَ الْمَعْلُوفُ إنْ لَمْ تَأْلَفْ السَّوْمَ (دَوَابِّهِ) الْمُحْتَرَمَةِ وَإِنْ وَصَلَتْ إلَى حَدِّ الزَّمَانَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِوَجْهٍ (وَسَقْيُهَا) وَيَقُومُ مَقَامَهُمَا تَخْلِيَتُهَا لِتَرْعَى وَتَرِدَ الْمَاءَ إنْ أَلِفَتْ ذَلِكَ وَاكْتَفَتْ بِهِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا: أَيْ هَوَامِّهَا، وَالْوَاجِبُ عَلْفُهَا وَسَقْيُهَا حَتَّى تَصِلَ لِأَوَّلِ الشِّبَعِ وَالرَّيِّ دُونَ غَايَتِهِمَا، وَيَجُوزُ غَصْبُ الْعَلْفِ لَهَا وَغَصْبُ الْخَيْطِ لِجِرَاحَتِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِكَوْنِهِ لَا مِلْكَ لَهُ أَوْ لَا لِالْتِزَامِهِ جَعْلَهُ لِلْعَبْدِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ الَّذِي يَظْهَرُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَالزِّيَادَةُ بِرٌّ وَتَوْسِيعٌ، ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَقَالَ حَجّ: وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا كَالْحُرِّ
(قَوْلُهُ: مَصْلَحَةً) أَيْ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً
(قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ خَارَجَهُ اكْتَسَبَ ذَلِكَ الْقَدْرَ، وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ اكْتِسَابُهُ إيَّاهُ، وَهَذِهِ مَصْلَحَةٌ يَجُوزُ اعْتِبَارُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بَيْعُهُ بَلْ قَدْ تَكُونُ أَصْلَحَ مِنْ بَيْعِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: عَلْفُ) لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ عَلْفُهَا فَخَلَّاهَا لِلرَّعْيِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَسْيِيبِ السَّوَائِبِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ هَذَا لِضَرُورَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ مَلَكَ حَيَوَانًا بِاصْطِيَادٍ وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ أَوْلَادًا يَتَضَرَّرُونَ بِفَقْدِهِ، فَالْوَجْهُ جَوَازُ تَخْلِيَتِهِ لِيَذْهَبَ لِأَوْلَادِهِ وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّسْيِيبِ، وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ لَهُ.
نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ خَلَّاهَا لِلرَّعْيِ، وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَعُودُ بِنَفْسِهَا، لَكِنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتْبَعَهَا فِي الْمَرَاعِي وَيَرْجِعَ بِهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ دُونَ مَا إذَا كَانَ مَشَقَّةً فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا) وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ: قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْخِشَاشُ بِالْكَسْرِ: الْحَشَرَاتُ وَقَدْ تُفْتَحُ
(قَوْلُهُ: حَتَّى تَصِلَ لِأَوَّلِ الشِّبَعِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ:
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ) أَيْ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ لِيَتِمَّ الدَّلِيلُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ عَبْدِي وَأَمَتِي) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَبْدِيَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى وَالْأَمَةُ فِي الْأُنْثَى بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ فِي الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ) أَمَّا الْمُكَلَّفُ: يَعْنِي: مَنْ شَأْنُهُ التَّكْلِيفُ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَيُكْرَهُ إضَافَةُ رَبٍّ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُرِدْ بَيْعَهَا إلَخْ.) يَعْنِي: أَمَّا إذَا أُرِيدَ ذَلِكَ حَالًا بِأَنْ كَانَ شَارِعًا فِي الْبَيْعِ فِي الْأُولَى وَمُتَعَاطِيًا لِأَسْبَابِ الذَّبْحِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَلَفُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالذَّبْحُ حَتَّى يَعْلِفَ (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) هَذَا لَا يَتِمُّ بِهِ الدَّلِيلُ إلَّا إنْ كَانَتْ الْهِرَّةُ مَمْلُوكَةً لِلْمَرْأَةِ أَوْ مُخْتَصَّةً بِهَا (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ اسْتَوْجَبَتْ النَّارَ أَوْ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْمَاضِي عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ غَصْبُ الْعَلَفِ وَغَصْبُ الْخَيْطِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ إلَخْ.
بِبَدَلِهِمَا إنْ تَعَيَّنَا، وَلَمْ يُبَاعَا كَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ، وَالْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ، بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيْثُ لَمْ يَخْفَ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى مُقْتَنِي الْكَلْبِ الْمُبَاحِ إفْتَاؤُهُ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يُرْسِلَهُ: أَيْ لِيَأْكُلَ لَا كَسَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ يَدْفَعَهُ لِمَنْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ حَبْسُهُ لِيَهْلَكَ جُوعًا، وَلَا يَجُوزُ حَبْسُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ لِيَهْلَكَ جُوعًا بَلْ يَحْسُنُ قَتْلُهُ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ، وَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهَا عَلَى الدَّوَامِ مَا لَا تُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمَةِ غَيْرُهَا كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَلْ يَجُوزُ الْحَرْثُ عَلَى الْحُمُرِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّهَا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُلْبِسَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ مَا يَقِيهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدَيْنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّهَا ضَرَرًا بَيِّنًا اعْتِبَارًا بِكِسْوَةِ الرَّقِيقِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْحَيَوَانِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ كَالْبَقَرِ لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ وَالْإِبِلِ وَالْحَمِيرِ لِلْحَرْثِ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إذْ أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا فَقَالَتْ إنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الْمُرَادُ أَنَّهُ مُعْظَمُ مَنَافِعِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ غَيْرِ ذَلِكَ (فَإِنْ)(امْتَنَعَ) مِنْ الْقِيَامِ بِكِفَايَةِ دَابَّتِهِ الْمُحْتَرَمَةِ (أُجْبِرَ فِي الْمَأْكُولِ عَلَى بَيْعٍ) أَوْ إجَارَةٍ (أَوْ عَلْفٍ أَوْ ذَبْحٍ. وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ)
أَوْ إجَارَةٍ (أَوْ عَلْفٍ) صَوْنًا لَهَا عَنْ التَّلَفِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ مِنْهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ يَأْتِي هُنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَهَا الْحَاكِمُ أَوْ جُزْءًا مِنْهَا أَوْ أَجَّرَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كِفَايَتُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ كَنَظِيرِهِ فِي الرَّقِيقِ وَيَأْتِي مَا مَرَّ هُنَاكَ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ وَآخَرُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ نَفَقَةَ مَا لَا يُؤْكَلُ وَيَذْبَحُ الْمَأْكُولَ أَمْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ يُسَاوِي أَلْفًا، وَغَيْرُهُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهِ نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ اهـ.
وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ فِي الْحَالَيْنِ (وَلَا)(يَحْلُبُ) مِنْ لَبَنِهَا (مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غِذَاؤُهُ كَمَا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ، بَلْ قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ كَانَ لَبَنُهَا دُونَ غِذَاءِ وَلَدِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَكْمِيلُ غِذَائِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَحْلُبُ الْفَاضِلَ عَنْ رَيِّهِ.
قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَالْمُرَادُ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ مَا يُقِيمُهُ حَتَّى لَا يَمُوتَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيُعْتَبَرُ رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ عَلَى الْعَادَةِ وَيَدْفَعُ عَنْهُ أَلَمَ الْجُوعِ لِإِتْمَامِ الشِّبَعِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: أَيْ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ، وَأَمَّا إشْبَاعُهُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ ثَمَّ فِي حَجّ، وَأَحَالَ حَجّ مَا هُنَا وَنَفَقَةَ الرَّقِيقِ بَعْدَ التَّعْبِيرِ فِيهِمَا بِأَوَّلِ الشِّبَعِ عَلَى مَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِأَوَّلِ الشِّبَعِ هُنَا الشِّبَعَ عُرْفًا لَا الْمُبَالَغَةَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: بِبَدَلِهِمَا) أَيْ وَقْتَ الْأَخْذِ لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا بِقِيمَةِ وَقْتِ التَّلَفِ
(قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ سَقْيِهَا، وَالتَّيَمُّمِ أَوْ هُوَ وَالْغَصْبُ، وَالثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) وَمِثْلُهُ النَّخْسُ حَيْثُ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقَوْلُهُ وَالْبِغَالَ: أَيْ وَنَحْوَهَا حَيْثُ لَمْ يَنْدَفِعْ الضَّرَرُ إلَّا بِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَهَا) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَفِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْهُمَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمَا، وَتَقَدَّمَ لحج فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُرَاعِي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ بَيْعِ الرَّقِيقِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مَا مَرَّ هُنَاكَ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ قَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ
(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ) أَيْ بِأَنْ يَذْبَحَ لَهُ الْمَأْكُولَ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلُبُ) بِضَمِّ اللَّامِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْمُخْتَارِ
(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ فِي الِاكْتِفَاءِ:
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَهُوَ حُكْمٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ، وَإِنَّمَا أُتِيَ بِهِ هُنَا لِيَقِيسَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْكَافِ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ إثْبَاتَ حُكْمِهِ هُنَا وَهَذَا ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهَا) يَعْنِي: الدَّوَابَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَاعَهَا الْحَاكِمُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ عَلَفِهَا، وَإِرْسَالِهَا وَلَا مَالَ لَهُ آخَرُ أُجْبِرَ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ أَوْ ذَبْحِ الْمَأْكُولَةِ أَوْ الْإِيجَارِ صَوْنًا لَهَا عَنْ التَّلَفِ، فَإِنْ أَبَى فَعَلَى الْحَاكِمِ الْأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَتْ.
وَبِهَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ إجْبَارَهُ الْمُقَدَّمَ عَلَى فِعْلِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُقَيَّدْ فِعْلُ الْحَاكِمِ بِالْأَصْلَحِ
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا التَّوَقُّفُ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: بِإِلْحَاقِهِ بِوَلَدِ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَثْنَى مَا إذَا عَدَلَ بِهِ إلَى غَيْرِ لَبَنِ أُمِّهِ وَاسْتَمْرَأَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ سَقْيُهُ مَا يَحْيَا بِهِ، فَإِنْ أَبَاهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ أَحَقَّ بِلَبَنِ أُمِّهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلُبَ مَا يَضُرُّهَا لِقِلَّةِ الْعَلْفِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْحَلْبِ إنْ ضَرَّهَا وَإِلَّا كُرِهَ لِلْإِضَاعَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ فِي الْحَلْبِ بَلْ يَتْرُكَ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا، وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا، وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا حَلْقُهُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ.
قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي حَرْمَلَةٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَارِّ، وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ النَّحْلِ أَنْ يُبْقِيَ لَهُ مِنْ الْعَسَلِ فِي الْكُوَّارَةِ قَدْرَ حَاجَتِهَا إنْ لَمْ يَكْفِهَا غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي الشِّتَاءِ وَتَعَذَّرَ خُرُوجُهَا كَانَ الْمُبْقَى أَكْثَرَ، فَإِنْ قَامَ شَيْءٌ مَقَامَ الْعَسَلِ فِي غِذَائِهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعَسَلُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ يَشْوِي دَجَاجَةً وَيُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكُوَّارَةِ فَتَأْكُلُ مِنْهَا، وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ دُودِ الْقَزِّ: إمَّا تَحْصِيلُ وَرَقِ الْتَوَتْ وَلَوْ بِشِرَائِهِ، وَإِمَّا تَخْلِيَتُهُ لِأَكْلِهِ إنْ وُجِدَ لِئَلَّا يَهْلَكَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ، وَيَجُوزُ تَشْمِيسُهُ عِنْدَ حُصُولِ نَوْلِهِ وَإِنْ هَلَكَ بِهِ كَمَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ (وَمَا لَا رُوحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) عَلَى مَالِكِهَا، وَعَلَّلَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ ذَلِكَ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ، وَلَا يَجِبُ تَنْمِيَتُهُ بِخِلَافِ الْبَهَائِمِ يُجْبَرُ عَلَى عَلْفِهَا؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إضْرَارًا بِهَا، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ.
قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ: وَلِهَذَا يَأْثَمُ بِمَنْعِهِ فَضْلَ الْمَاءِ عَنْ الْحَيَوَانِ، وَلَا يَأْثَمُ بِمَنْعِهِ عَنْ الزَّرْعِ، وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي كَرَاهَةَ تَرْكِهَا حَتَّى تَخْرَبَ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَحْرِيمِ إضَاعَتِهِ لَكِنَّهُمَا صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ بِتَحْرِيمِهَا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ بِلَا خِلَافٍ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ وَبِعَدَمِ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكَ أَعْمَالٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ، وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِ الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ بِتَوَافُقِ الْعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ اهـ وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَيُقَالُ: يَجِبُ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ مَا يُنَمِّيهِ نُمُوَّ أَمْثَالِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلُبَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: حَلَبَ يَحْلُبُ بِالضَّمِّ حَلَبًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا) أَيْ فَلَوْ عَلِمَ لُحُوقَ ضَرَرٍ لَهَا وَجَبَ قَصُّهَا
(قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ) أَيْ مِنْ الْجِلْدِ الَّذِي يُلَاقِي الظَّهْرَ بِحَيْثُ لَا يَتْرُكُ عَلَيْهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ: وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَا تَعْذِيبَ فِيهِ اهـ حَجّ اهـ
(قَوْلُهُ: وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) رَاعَى فِي تَأْنِيثِ الضَّمِيرِ مَعْنَى مَا
(قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْرَبَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ.
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: خَرِبَ الْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ خَرَابًا فَهُوَ خَرِبٌ اهـ (قَوْلُهُ: كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ) أَيْ بِلَا غَرَضٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى رَاكِبِ السَّفِينَةِ إذَا أَشْرَفَتْ عَلَى الْغَرَقِ إلْقَاءُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لِمَا فِيهِ رُوحٌ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ إلَخْ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ الْبَحْرِ بِإِنَائِهِ ثُمَّ أَلْقَى مَا اغْتَرَفَهُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ مَلَكَهُ تَنَازَعَ فِيهِ الْفُضَلَاءُ، وَيُتَّجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب عَدَمُ التَّحْرِيمِ هُنَا؛ لِأَنَّ مَا يُغْتَرَفُ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ حَقِيرًا وَمِنْ جِنْسِ الْحَقِيرِ غَالِبًا.
وَمِمَّا وُضِعَ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالِاشْتِرَاكِ وَمِمَّا لَا يَحْصُلُ بِإِلْقَائِهِ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ إلْقَاءَ الْحَطَبِ مِنْ الْمُحْتَطِبِ، وَكَذَلِكَ الْحَشِيشُ.
وَأَقُولُ: بَلْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَسَكَتَ عَنْ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْعَلَفِ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ إلَخْ.) نُقِلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ إذَا تَفَاحَشَ طُولُ الْأَظْفَارِ وَكَانَ يُؤْذِيهَا لَا يَجُوزُ حَلْبُهَا مَا لَمْ يَقُصَّ مَا يُؤْذِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ)
لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِالشَّاقَّةِ لِيُحْتَرَزَ مِنْ نَحْوِ رَبْطِ الدَّرَاهِمِ فِي الْكُمِّ وَوَضْعِ الْمَالِ فِي الْحِرْزِ سَاقِطٌ.
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ صُورَتُهَا: أَنْ يَكُونَ لَهَا ثَمَرَةٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا.
قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ السَّقْيِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ وَالْوَقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا اهـ.
وَهَذَا فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَعَلَى وَلِيِّهِ عِمَارَةُ عَقَارِهِ وَحِفْظُ شَجَرِهِ وَزَرْعِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ وَفِي الطَّلْقِ.
أَمَّا الْوَقْفُ فَيَجِبُ عَلَى نَاظِرِهِ عِمَارَتُهُ حِفْظًا لَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا: إمَّا مِنْ رِيعِهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ شُرُوطِهَا الْوَاقِفُ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، فَأَمَّا لَوْ أَجَّرَ عَقَارَهُ ثُمَّ اخْتَلَّ فَعَلَيْهِ عِمَارَتُهُ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ غَابَ الرَّشِيدُ عَنْ مَالِهِ غَيْبَةً طَوِيلَةً وَلَا نَائِبَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يَنْصِبَ مَنْ يَعْمُرُ عَقَارَهُ وَيَسْقِي زَرْعَهُ وَثَمَرَهُ مِنْ مَالِهِ الظَّاهِرِ؟ نَعَمْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَالِ الْغُيَّبِ كَالْمَحْجُورِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ مَدْيُونٌ وَتَرَكَ زَرْعًا وَغَيْرَهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ فِي الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ إلَى أَنْ يُبَاعَ فِي دُيُونِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ خَاصٌّ يَقُومُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِي هَذَا نَقْلٌ خَاصٌّ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْحَاجَةِ خِلَافُ الْأُولَى، وَرُبَّمَا قِيلَ بِكَرَاهَتِهَا.
وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ الرَّجُلَ لَيُؤْجَرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إلَّا فِي هَذَا التُّرَابِ» وَفِي أَبِي دَاوُد «كُلُّ مَا أَنْفَقَهُ ابْنُ آدَمَ فِي التُّرَابِ فَهُوَ عَلَيْهِ وَبَالٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا مَا إلَّا مَا» أَيْ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ: أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْبِنَاءِ بِهِ مَقْصِدًا صَالِحًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ طَالَتْ، وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى مَنْعِ مَا زَادَ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، وَأَنَّ فِيهِ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ لِلْخُيَلَاءِ وَالتَّفَاخُرِ عَلَى النَّاسِ.
وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُتَّجَهُ جَوَازُ إلْقَاءِ مَا اغْتَرَفَهُ مِنْ الْبَحْرِ عَلَى التُّرَابِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَوَضْعُ الْمَالِ فِي الْحِرْزِ سَاقِطٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ يَشُقُّ يُفِيدُ حُرْمَةَ التَّرْكِ إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ كَضَمِّ الْكُمِّ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ، قَدْ يُفْهِمُ التَّحْرِيمَ فِيمَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِوَجْهٍ كَمَا فِي تَرْكِ تَنَاوُلِ دِينَارٍ عَلَى طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ أَوْ ضَمِّ كُمِّهِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفَادَهُ اهـ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهِ) وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْءٌ لِنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ: لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبًا وَلَا جَدًّا وَلَهُمَا أَخْذُ الْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكِفَايَتِهِمَا
(قَوْلُهُ: إلَّا مَا) تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: مَقْصِدًا صَالِحًا) أَيْ وَمِنْهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِغَلَّتِهِ بِصَرْفِهَا فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ أَوْ عَلَى عِيَالِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ طَالَتْ) أَيْ بَلْ قَدْ تَجِبُ الْعِمَارَةُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهَا مَفْسَدَةٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: سَاقِطٌ) كَأَنَّهُ لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ أَشَارَ بِتَعْلِيلِهِ بِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ إلَى أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحُرْمَةِ بِتَرْكِ الْأَعْمَالِ عِنْدَ الْمَشَقَّةِ فِيهَا، فَإِيرَادُ ذَلِكَ عَلَى كَلَامِهِ مَعَ إشَارَتِهِ إلَيْهِ سَاقِطٌ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِقَدْ الْمُفِيدَةِ لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الْمَشَقَّةَ قَدْ تُوجَدُ وَقَدْ لَا تُوجَدُ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهَا تَرْكُ الدَّارِ وَالزَّرْعِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: مُسْتَغْرِقَةٌ) اُنْظُرْ مَفْهُومُهُ وَكَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: قَالَ إنَّ الرَّجُلَ لَيُؤَجَّرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا يَتِمُّ بِهِ الدَّلِيلُ إلَّا بِحَمْلِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ مَا فِي الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ: أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ. تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ مَا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهِ إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ الدُّعَاءُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ وَأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَالتَّأْدِيبِ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ بِلَا حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَلَدِ وَالْخَادِمِ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا دَعَا عَلَى الْمَظْلُومِ وَوَافَقَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ اُسْتُجِيبَ لَهُ إلَخْ. مَحَلُّ تَوَقُّفٍ.