المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا (هِيَ) لُغَةً: الرُّجُوعُ، وَقَدْ تُطْلَقُ - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج - جـ ٧

[الرملي، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ

- ‌فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ وَنَحْوِهَا

- ‌[فَصَلِّ فِي أَنْوَاع مِنْ تَعْلِيق الطَّلَاق بالحمل وَالْوِلَادَة والحيض]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِشَارَةِ إلَى الْعَدَدِ وَأَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ]

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[أَرْكَانُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[حُصُولُ الرَّجْعَةُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ]

- ‌[حُكْم تَعْلِيق الرَّجْعَة]

- ‌لَوْ) (وَطِئَ) الزَّوْجُ (رَجْعِيَّتَهُ)

- ‌[حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِالرَّجْعِيَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[أَرْكَانٍ الْإِيلَاءَ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ مِنْ ضَرْبِ مُدَّةٍ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌[أَرْكَانُ الظِّهَارَ]

- ‌[صَرِيحُ الظِّهَارِ]

- ‌[ظِهَارُ السَّكْرَانَ]

- ‌[تَوْقِيتُ الظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الظِّهَارِ مِنْ حُرْمَةِ وَطْءٍ وَلُزُومِ كَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارَ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَةِ

- ‌[الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ]

- ‌خِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ)

- ‌[اعْتِبَارُ الْيَسَارِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ]

- ‌كِتَابُ اللِّعَانِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ اللِّعَانِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ مِنْ اللِّعَانِ

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ وَهُوَ ضَرْبَانِ] [

- ‌الضَّرْبَ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ حَيٍّ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي وَهُوَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[وُجُوبُ الْإِحْدَادِ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْوَفَاة]

- ‌[اسْتِحْبَابُ الْإِحْدَادُ لِلْبَائِنِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَمُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَ فِرَاقِهَا

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌ الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ

- ‌[الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الِاسْتِبْرَاءُ]

- ‌كِتَابُ الرَّضَاعِ

- ‌[شُرُوطُ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَى النِّكَاحِ تَحْرِيمًا وَغُرْمًا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ]

- ‌[شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ فِي الرَّضَاع]

- ‌كِتَابُ النَّفَقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ

- ‌[الْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ أَوْ بِبَعْضِهَا]

- ‌[إعْسَارُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ الْوَاجِبِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا] [

- ‌أَسْبَابُ النَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ]

- ‌كِتَابُ الْجِرَاحِ

- ‌[أَنْوَاعُ الْجِرَاحِ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ]

- ‌[وُجُوبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ

- ‌[شُرُوطُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ]

- ‌[شُرُوطُ الْقَاتِلِ]

- ‌[لَا قِصَاصَ بِقَتْلِ الْوَلَدٍ]

- ‌[قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِمِقْدَارٍ لِلْمَضْمُونِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَأْتِي

- ‌[بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ

- ‌(فَرْعٌ) فِي مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ

- ‌[فَرْعٌ فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ

- ‌بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاصْطِدَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَ ذَلِكَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ

- ‌كِتَابُ الْبُغَاةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَى

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا (هِيَ) لُغَةً: الرُّجُوعُ، وَقَدْ تُطْلَقُ

‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا (هِيَ) لُغَةً: الرُّجُوعُ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ كَمَانِعِي الزَّكَاةِ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَشَرْعًا (قَطْعُ) مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ دَوَامَ (الْإِسْلَامِ) وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَفْحَشَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَأَغْلَظَهَا حُكْمًا، وَإِنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ عِنْدَنَا إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ لِآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَالْمَائِدَةِ؛ إذْ لَا يَكُونُ خَاسِرًا فِي الْآخِرَةِ إلَّا إنْ مَاتَ كَافِرًا فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ عِبَادَاتِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه.

أَمَّا إحْبَاطُ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ إحْبَاطَ الثَّوَابِ غَيْرُ إحْبَاطِ الْأَعْمَالِ بِدَلِيلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَعَ صِحَّتِهَا، وَخَرَجَ بِقَطْعِ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ.

وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْفَصْلِ، وَالْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ خَارِجٌ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْجِنْسَ قَدْ يَكُونُ مُخْرِجًا بِاعْتِبَارٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ بَعْضُ الْمُنَاطِقَةِ بِالْإِنْسَانِ فِي قَوْلِهِمْ: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ، وَلَا يَشْمَلُ الْحَدُّ كُفْرَ الْمُنَافِقِ لِانْتِفَاءِ وُجُودِ إسْلَامٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الرِّدَّةِ

إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْبَابَ بَعْدَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ مِثْلُهُ، لَكِنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ إلَى هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْسِ وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالدِّينِ، وَأَخَّرَهُ عَمَّا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ هَذَا أَهَمَّ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً: الرُّجُوعُ) عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ اهـ مَنْهَجٌ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ مَجَازًا لُغَوِيًّا

(قَوْلُهُ: كَمَانِعِي الزَّكَاةِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرْتَدُّوا حَقِيقَةً وَإِنَّمَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ بِتَأْوِيلٍ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ أَفْحَشَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ) قِيلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ كَوْنَ الرِّدَّةِ أَقْبَحَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مُرْتَدٍّ أَقْبَحُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي لَهَبٍ وَأَضْرَابِهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ الرِّدَّةِ أَقْبَحَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ قَامَتْ بِهِ الرِّدَّةُ أَقْبَحُ الْكُفَّارِ، فَنَحْوُ أَبِي جَهْلٍ يَجُوزُ أَنَّ زِيَادَةَ قُبْحِهِ إنَّمَا هُوَ لِمَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِنَادِ وَأَنْوَاعِ الْأَذَى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَصْحَابِهِ وَصَدِّهِ عَنْ الْإِسْلَامِ لِمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِيهِ وَالتَّعْذِيبِ لِمَنْ أَسْلَمَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَبَائِحِ الَّتِي لَا تُحْصَرُ، فَيَجُوزُ أَنَّ الرِّدَّةَ أَقْبُحُ مِنْ كُفْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ أَقْبَحَ مِنْ الْمُرْتَدِّ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَأَغْلَظَهَا حُكْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الرِّدَّةِ بُطْلَانَ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ وَلَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَلَا يَصِحُّ تَأْمِينُهُ وَلَا مُهَادَنَتُهُ بَلْ مَتَى لَمْ يَتُبْ حَالًا قُتِلَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَأَعَادَ لَمْ تَنْعَقِدْ

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الرِّدَّةِ) أَيْ الْوَاقِعَةِ قَبْلَ الرِّدَّةِ

(قَوْلُهُ: لَا ثَوَابَ فِيهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَفِيهَا ثَوَابٌ وَالْعِقَابُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ) أَيْ فَلَيْسَ رِدَّةً

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْجِنْسَ قَدْ يَكُونُ مُخْرِجًا بِاعْتِبَارٍ) أَيْ وَذَلِكَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَصْلِهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بَلْ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَأُرِيدَ بِالْإِخْرَاجِ عَدَمُ الدُّخُولِ، وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ بَعْضُ الْمَنَاطِقَةِ بِالْإِنْسَانِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[كِتَابُ الرِّدَّةِ]

(قَوْلُهُ: مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) أَيْ بِفَرْضِ الْأُنْثَى ذَكَرًا (قَوْلُهُ: دَوَامَ) دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ الْإِسْلَامَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَمَا مَعْنَى قَطَعَهُ، وَأَيْضًا أَتَى بِهِ لِإِبْقَاءِ إعْرَابِ الْمَتْنِ، وَإِنْ قَالَ سم إنَّهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارٍ) لَمْ يُبَيِّنْ هَذَا الِاعْتِبَارَ

ص: 413

مِنْهُ حَتَّى يَقْطَعَهُ، وَإِلْحَاقُهُ بِالْمُرْتَدِّ فِي حُكْمِهِ لَا يَقْتَضِي إيرَادَهُ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُنْتَقِلُ مِنْ مِلَّةٍ لِأُخْرَى مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِ فِي بَابِهِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ إجَابَتُهُ لِتَبْلِيغِ مَأْمَنِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَيْنًا فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ فَلَا يُرَدُّ أَصْلًا، وَوَصْفُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ بِالرِّدَّةِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يَرُدُّ عَلَى كَلَامِنَا هُنَا

ثُمَّ قَطْعُ الْإِسْلَامِ (بِنِيَّةٍ) لِكُفْرٍ وَيَصِحُّ عَدَمُ تَنْوِينِهِ بِتَقْدِيرِ إضَافَتِهِ لِمِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَنِصْفِ وَثُلُثِ دِرْهَمٍ حَالًا أَوْ مَآلًا فَيُكَفَّرُ بِهَا حَالًا كَمَا يَأْتِي، وَتَسْمِيَةُ الْعَزْمِ نِيَّةً غَيْرُ بَعِيدٍ وَتَرَدُّدُهُ فِي قَطْعِهِ الْآتِي مُلْحَقٌ بِقَطْعِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (أَوْ)(قَوْلِ كُفْرٍ) عَنْ قَصْدٍ وَرَوِيَّةٍ، فَلَا أَثَرَ لِسَبْقِ لِسَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَاجْتِهَادٍ وَحِكَايَةِ كُفْرٍ (أَوْ)(فِعْلٍ) مُكَفِّرٍ وَسَيُفَصِّلُ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَقَدَّمَ مِنْهَا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ مِنْ الْفِعْلِ وَظَاهِرٌ فَيُشَاهَدُ بِخِلَافِ النِّيَّةِ وَلَعَلَّهُ حِكْمَةُ إضَافَتِهِ لِلْكُفْرِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ الْقَوْلِ عَنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ فِيهِ (سَوَاءٌ) فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْكُفْرَ (قَالَهُ اسْتِهْزَاءً) كَأَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُهُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً، أَوْ لَوْ جَاءَنِي بِالنَّبِيِّ مَا قَبِلْته مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقْ، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّنْقِيصِ قَوْلُ مَنْ سُئِلَ فِي شَيْءٍ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ مَا فَعَلْته (أَوْ عِنَادًا) بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهُ الْحَقُّ بَاطِنًا وَامْتَنَعَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ (أَوْ اعْتِقَادًا) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَأْتِي فِي النِّيَّةِ أَيْضًا وَحَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ، وَالْعَطْفُ بِأَوْ صَحِيحٌ إذْ هُوَ لُغَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْصَحُ ذِكْرَهَا وَالْعَطْفَ بِأَمْ.

وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ إضْمَارَ التَّوْرِيَةِ: أَيْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا كَمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَوَابُهُ بِالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ الْجِنْسُ الْمَأْخُوذُ فِي التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: وَإِلْحَاقُهُ) أَيْ الْمُنَافِقِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْلَامُ وَإِنْ امْتَنَعَ أُمِرَ بِاللُّحُوقِ لِمَأْمَنِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا فَعَلَ بِهِ الْإِمَامُ مَا يَرَاهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا قَتَلَهُ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا

(قَوْلُهُ: عَنْ قَصْدٍ وَرَوِيَّةٍ) تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْقَصْدَ كَافٍ فِي حُصُولِ الرِّدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ فِي الْعَوَاقِبِ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالرَّوِيَّةِ مُجَرَّدَ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ إكْرَاهٍ وَاجْتِهَادٍ) أَيْ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ نَحْوِ كُفْرِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَسَيُفَصِّلُ كُلًّا) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمَنْ نَفَى إلَخْ

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ) أَيْ فَلَا كُفْرَ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَحَذْفُ هَمْزَةِ التَّسْوِيَةِ) أَيْ مَنْ قَالَهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا) أَيْ كَأَنْ قَالَ اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَبَيَّنَهُ فِي التُّحْفَةِ، وَإِنْ نَازَعَهُ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: وَالْمُنْتَقِلُ مِنْ مِلَّةٍ لِأُخْرَى مَذْكُورٌ إلَخْ.) حَاصِلُ الْإِيرَادِ ادِّعَاءُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ مَعَ أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ التَّعْرِيفِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ بِتَسْلِيمِ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي كَلَامِهِ فَلَا يَرِدُ هُنَا عَلَى أَنْ لَا نُسَلِّمَ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَا فِي حُكْمِهِ، فَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَصْلًا. وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا سُلِّمَ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ لَا يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ بِالْجَوَابِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَا يَنْفَعُ فِي عَدَمِ جَامِعِيَّةِ التَّعْرِيفِ

(قَوْلُهُ: الْآتِي) وَصْفٌ لِتَرَدُّدِهِ (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ كُفْرِ نَحْوِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ مِنْهُ الْقَوْلَ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ فَيُشَاهَدُ بِخِلَافِ النِّيَّةِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى كَوْنِ الْقَوْلِ يُشَاهَدُ، وَهَلَّا قَالَ بِخِلَافِ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ: أَيْ فَإِنَّ الْفِعْلَ، وَإِنْ كَانَ يُشَاهَدُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ أَغْلَبَ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ يَقْتَضِي مَا ذَكَرْته فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك إلَخْ.) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ اسْتِهْزَاءٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ اسْتِهْزَاءً فَلْيُرَاجَعْ

ص: 414

هُوَ وَاضِحٌ لَا يُفِيدُ فَيُكَفَّرُ بَاطِنًا أَيْضًا لِحُصُولِ التَّهَاوُنِ مِنْهُ، وَبِهِ فَارَقَ قَبُولَهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ بَاطِنًا (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل: 88] عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ أَوْ الْغَزَالِيِّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ «إنَّ اللَّهَ صَنَعَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ» وَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَارِدُ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ نَحْوُ {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64]{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54] وَمَا فِي الْخَبَرِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ فِي الصَّانِعِ بِأَلْ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ، وَاَلَّذِي فِي الْخَبَرِ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ» لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ أَنَّ الصَّاحِبَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، فَكَذَا هُوَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّانِعَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعُ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ» ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ الْمُضَافِ أَوْ الْمُقَيَّدِ نَعَمْ صَحَّ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ «اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَاتِحٌ لَكُمْ وَصَانِعٌ» وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ (أَوْ الرُّسُلَ) أَوْ أَحَدَهُمْ أَوْ أَحَدَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ قَدْ أُجْمِعَ عَلَى نَفْيِهِ مُعْتَقِدًا كَوْنَهُ مِنْهُ

(أَوْ)(كَذَّبَ رَسُولًا) أَوْ نَبِيًّا أَوْ نَقَصَهُ بِأَيِّ مُنْقِصٍ كَأَنْ صَغَّرَ اسْمَهُ قَاصِدًا تَحْقِيرَهُ أَوْ جَوَّزَ نُبُوَّةَ أَحَدٍ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعِيسَى نَبِيٌّ قَبْلُ فَلَا يُرَدُّ، وَمِنْهُ تَمَنِّي النُّبُوَّةَ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم كَتَمَنِّي كُفْرِ مُسْلِمٍ بِقَصْدِ الرِّضَا بِهِ لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا مَا آمَنْت بِهِ وَخَرَجَ بِكَذِبِهِ كَذِبُهُ عَلَيْهِ (أَوْ)(حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ) قَدْ عُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يَجُزْ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ (كَالزِّنَا) وَاللِّوَاطِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْمَكْسِ إذْ إنْكَارُهُ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِيهِ تَكْذِيبٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم (وَعَكْسُهُ) أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَإِنْ كُرِهَ كَذَلِكَ كَنِكَاحٍ وَبَيْعٍ (أَوْ)(نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) مَعْلُومًا كَذَلِكَ كَسَجْدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ أَوْجَبَ مُجْمَعًا عَلَى نَفْيِ وُجُوبِهِ مَعْلُومًا كَذَلِكَ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ أَوْ نَفَى مَشْرُوعِيَّةَ مُجْمَعٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ مَعْلُومًا كَذَلِكَ وَلَوْ نَفْلًا كَالرَّوَاتِبِ وَكَالْعِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ قَبُولَهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ) ظَاهِرُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ الْبَاقِلَّانِيِّ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ عَلَيْهِ سبحانه وتعالى مَا لَا يُشْعِرُ بِنَقْصٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْغَزَالِيُّ: أَيْ أَنَّهُ يُجَوِّزُ إطْلَاقَ الصِّفَاتِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ تَرِدْ وَهَذَا حِكْمَةُ الْعَطْفِ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ الْحَدِيثِ

(قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُضَافِ

(قَوْلُهُ: يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوَى) أَيْ كَلَامٍ خَفِيٍّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: لِيَعْزِمَ) أَيْ يُصَمِّمَ الدَّاعِي

(قَوْلُهُ: وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ لِلْفُقَهَاءِ هُنَا) أَيْ فِي إطْلَاقِ الصَّانِعِ عَلَيْهِ سبحانه وتعالى

(قَوْلُهُ: كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ فِيهِ رَمْزٌ إلَى أَنَّ سُقُوطَهُمَا مِنْ مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى قُرْآنِيَّتِهِمَا

(قَوْلُهُ: قَاصِدًا تَحْقِيرَهُ) قَيْدٌ

(قَوْلُهُ: تَمَنِّي النُّبُوَّةِ بَعْدَ وُجُودِ نَبِيِّنَا) أَيْ أَوْ ادِّعَائِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِهِ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]

(قَوْلُهُ: لَا التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ) أَيْ لِكَوْنِهِ ظَلَمَهُ مَثَلًا. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَيْضًا) أَيْ مِنْ الرِّدَّةِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي نَفْيِ النُّبُوَّةِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِانْتِفَائِهَا

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِكَذِبِهِ كَذِبُهُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا بَلْ كَبِيرَةً فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْجَهْلِ بِهِ، أَمَّا بَاطِنًا فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ حَقِيقَةً فَهُوَ مَعْذُورٌ

(قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ قَبُولَهُ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ) اُنْظُرْ الصُّورَةَ الَّتِي لَا تَقْبَلُ التَّوْرِيَةَ فِي الطَّلَاقِ وَيُقْبَلُ فِيهَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُقَيَّدِ) أَيْ إنْ نُوِّنَا (قَوْلُهُ: كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ بِضَبْطِهِ

ص: 415

بِنْتِ الصُّلْبِ وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ لِلْغَيْرِ وَمَا لِمُنْكِرِهِ أَوْ لِمُثْبِتِهِ تَأْوِيلٌ غَيْرُ قَطْعِيِّ الْبُطْلَانِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا كُفْرَ بِجَحْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ وَمَا نُوزِعَ بِهِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ شُهْرَتِهِ يُرَدُّ بِمَنْعِ ضَرُورِيَّتِهِ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي مَعْرِفَتِهِ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ

(أَوْ)(عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا) مَثَلًا (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيَفْعَلُهُ أَوْ لَا (كَفَرَ) حَالًا فِي كُلِّ مَا مَرَّ لِمُنَافَاتِهِ الْإِسْلَامَ، وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ رَمَى بِنْتَهُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَلَا يُكَفَّرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إلَّا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْقَاضِي

(وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ) أَوْ عِنَادًا لَهُ (أَوْ جُحُودًا لَهُ)(كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ أَوْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ.

قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ (بِقَاذُورَةٍ) أَوْ قَذِرٍ طَاهِرٍ كَمُخَاطٍ أَوْ بُزَاقٍ أَوْ مَنِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ، وَقَضِيَّةُ إتْيَانِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُخَالِفُهُ

(قَوْلُهُ: وَكَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ) أَيْ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَصْلِ الْعِدَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْكَارُ الْعِدَّةِ مِنْ أَصْلِهَا كُفْرٌ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَعِلْمِهِ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرَادُ بِهَا) أَيْ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ كُفْرًا مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ إنْكَارَ صُحْبَةِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ كَبَقِيَّةِ الْخُلَفَاءِ لَا يُكَفَّرُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ بِالنَّصِّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُكَفَّرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ) هُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي وَجْهٍ) أَيْ ضَعِيفٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَدِيثِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي إلْقَائِهِ اسْتِخْفَافًا بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالضَّعِيفِ الْمَوْضُوعُ

[فَرْعٌ] قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِ هـ: أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ إلَخْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الصَّانِعِ لَا عَلَى كُفْرٍ، إذْ لَوْ عُطِفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِلْقَاءِ كُفْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ صَرَّحَ بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضِ

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكُفْرِ بِهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرِهِ أَنَّهُ يُكَفَّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ لِمَا فَسَّرَ بِهِ الرِّدَّةَ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي الْكُفْرِ.

[فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِرِجْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِيَدَيْهِ لِمَانِعٍ بِهِمَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إزْرَاءً؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ وَيَنْتَقِلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ حُرْمَةِ مَدِّ الرِّجْلِ إلَى الْمُصْحَفِ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ، وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالْحُرْمَةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ بِالْحُرْمَةِ فِيمَا لَوْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِيَسَارِهِ مَعَ تَعَطُّلِ الْيَمِينِ وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لِلْكِتَابَةِ لِلْغِنَى أَوْ بِكَتْبِ غَيْرِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا تَحَكُّمٌ عَقْلِيٌّ لَا يُسَاعِدُهُ قَاعِدَةٌ وَلَا نَقْلٌ. وَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ يَكْتُبُ بِقَصْدِ الْإِبْقَاءِ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ فِي تَفْصِيلِهِ، بَلْ وَكَانَ يُقَالُ عَلَى طِبْقِ مَا أَجَابَ بِهِ إنْ كَانَ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ لِلدِّرَاسَةِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ التَّعْلِيلِ فِي ذَلِكَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ

(قَوْلُهُ: تُعْتَبَرُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ) وَعَلَيْهِ فَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَتِهِ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ نَحْوُهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ. وَبَقِيَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْفَقِيهَ مَثَلًا يَضْرِبُ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا أَمْ لَا وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ بُعْدٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ، نَعَمْ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ كَمَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ رَوَّحَ بِالْكُرَّاسَةِ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَهُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 416

بِالْكَافِ فِي الْإِلْقَاءِ أَنَّ الْإِلْقَاءَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَأَنَّ مُمَاسَّتَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْقَذِرِ كُفْرٌ أَيْضًا وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ وَقْفَةٌ، فَلَوْ قِيلَ تُعْتَبَرُ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ لَمْ يَبْعُدْ (وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ) أَوْ مَخْلُوقٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِلَّهِ شَرِيكًا، نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى عَدَمِ دَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْتِخْفَافِ كَسُجُودِ أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَضْرَةِ كَافِرٍ خَشْيَةً مِنْهُ فَلَا كُفْرَ، وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، وَلَا كَذَلِكَ السُّجُودُ، نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ بِالرُّكُوعِ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكُفْرِ حِينَئِذٍ

(وَلَا تَصِحُّ) يَعْنِي تُوجَدُ؛ إذْ الرِّدَّةُ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ كَالزِّنَا لَا تُوصَفُ بِصِحَّةٍ وَلَا بِعَدَمِهَا (رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (وَمُكْرَهٍ) عَلَى مُكَفِّرٍ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لِلْآيَةِ، وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْهُمَا فِيمَا يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ

(وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ) أُمْهِلَ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ وَ (لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ) وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى التَّعْزِيرِ لِتَفْوِيتِهِ الِاسْتِنَابَةَ الْوَاجِبَةَ، وَخَرَجَ بِالْفَاءِ مَا لَوْ تَرَاخَى الْجُنُونُ عَنْ الرِّدَّةِ وَاسْتُتِيبَ فَلَمْ يَتُبْ ثُمَّ جُنَّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَتْمًا

(وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ كَطَلَاقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ أَقْوَالِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ. وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّتِهَا، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَإِنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ، وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَأْتِيَ بِإِسْلَامٍ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْقَدْرِ مَعَ قَصْرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا غَيْرُ بَعِيدٍ، وَمَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ اغْتِفَارُ تَأْخِيرِ الرِّدَّةِ لِلْغَاصِبِ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ مَعَ وُجُوبِ الرَّدِّ فَوْرًا فَهَذَا أَوْلَى، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ كَالْمَجْنُونِ (وَإِسْلَامُهُ) سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَمْ قَبْلَهُ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِأَقْوَالِهِ كَالصَّاحِي فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَالنَّصُّ عَلَى عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَهَا مَحْمُولٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا، بَلْ لَا يَكُونُ حَرَامًا أَيْضًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، لَكِنَّ عِبَارَةَ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ تَوَاضُعِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ نَصُّهَا: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ: أَيْ الْقِيَامِ لِلْإِكْرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ حَيْثُ كَانَ مَكْرُوهًا، وَبَيْنَ حُرْمَةِ نَحْوِ الرُّكُوعِ لِلْغَيْرِ إعْظَامًا بِأَنَّ صُورَةَ نَحْوِ الرُّكُوعِ لَمْ تُعْهَدْ إلَّا لِعِبَادَةِ اللَّهِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْقِيَامِ اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ لِلْمَخْلُوقِ حَرَامٌ وَبِأَنَّهَا لَمْ تُعْهَدْ لِمَخْلُوقٍ، وَهِيَ مُنَافِيَةٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً، أَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ خَفْضِ الرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَلَا كُفْرَ بِهِ وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا لَكِنْ يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ، وَقَوْلُهُ عَنْهُمَا: أَيْ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ

(قَوْلُهُ: فَدَلَّتْ) أَيْ مُؤَاخَذَتُهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ) ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ إسْلَامِ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إذَا وَقَعَ سُكْرُهُ فِي رِدَّتِهِ هَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا سَكِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ أَوْ طَلَّقَ فَتَحْكُمُ بِنُفُوذِ ذَلِكَ مِنْهُ لِتَعُدِّيهِ بِالسُّكْرِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى شُرْبِهِ الْمُسْكِرَ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ إذَا لَمْ يُظْهِرْ شُرْبَهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَظْهَرَ شُرْبَهَا، فَإِنَّا نَمْنَعُهُ مِنْ التَّظَاهُرِ بِذَلِكَ بِالتَّعْزِيرِ وَنَحْوِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ حُرْمَتَهُ، وَعَدَمُ اعْتِقَادِهِمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ مُمَاسَّتَهُ بِشَيْءٍ) الصَّوَابُ حَذْفُ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ مُمَاسَّتِهِ وَالْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ مِنْ شَيْءٍ

(قَوْلُهُ: عَنْهُمَا) لَعَلَّهُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ كَمَا قَالَهُ سم

(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ إلَخْ.) هَذَا مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ) هَلَّا كَانَ الْأَفْضَلُ تَعْجِيلَ اسْتِتَابَتِهِ ثُمَّ اسْتِتَابَتُهُ أَيْضًا بَعْدَ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ بَحَثَ هَذَا

ص: 417

عَلَى نَدْبِهِ، فَإِنْ عَرَضَ عَلَيْهِ فَوَصَفَ الْكُفْرَ فَكَافِرٌ مِنْ الْآنَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ

(وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ) مُطْلَقًا كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يُحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا لِتَفْصِيلِهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الْعَدْلُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهَا إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَقِيلَ: يَجِبُ التَّفْصِيلُ) بِأَنْ يُذْكَرَ مُوجِبُهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْكُفْرِ وَخَطَرِ أَمْرِ الرِّدَّةِ، وَقَدْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِمَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (فَعَلَى الْأَوَّلِ)(لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ) إنْشَاءً (فَأَنْكَرَ) بِأَنْ قَالَ كَذِبًا أَوْ مَا ارْتَدَدْت (حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ) وَلَا يُعْتَدُّ بِإِنْكَارِهِ فَيُسْتَتَابُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَا لَمْ يُسْلِمْ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُحْكَمُ بِهَا (فَلَوْ) لَمْ يُنْكِرْ، وَإِنَّمَا (قَالَ كُنْت مُكْرَهًا وَاقْتَضَتْهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) تَحْكِيمًا لِلْقَرِينَةِ، وَإِنَّمَا حَلَّفْنَاهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا، فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَقْتَضِهِ قَرِينَةٌ (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيَصِيرُ مُرْتَدًّا فَيُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ (وَلَوْ)(قَالَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ) أَوْ فَعَلَ فِعْلَهُ (فَادَّعَى إكْرَاهًا)(صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ الْقَرِينَةِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا، إذْ الْإِكْرَاهُ إنَّمَا يُنَافِي الرِّدَّةَ لَا التَّلَفُّظَ بِكَلِمَتِهَا لَكِنَّ الْحَزْمَ أَنْ يُجَدِّدَ إسْلَامَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَيُحْتَاطُ لَهُ

(وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ) كَسُجُودٍ لِكَوْكَبٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ بِزَعْمِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَيْهِ لِاحْتِمَالِ اعْتِقَادِهِ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ كُفْرًا. وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ، وَرَجَّحَهُ فِي الصَّغِيرِ اسْتِفْصَالُهُ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرَ كُفْرٍ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ صُرِفَ إلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا التَّفْصِيلَ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِعَدَمِ الشُّرْبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ

(قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَيْ الْإِفَاقَةِ

(قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ إشْهَادًا مُطْلَقًا، فَلَا يُقَالُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ مُطْلَقَةً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ مُؤَنَّثٌ فَتَجِبُ الْمُطَابِقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ صِفَةٌ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ يَعْرِفُ الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ قَبُولُهَا مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطَالَ جَمْعٌ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ) ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ) أَيْ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الصِّيَغِ فَقَالَ: إذَا قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَا: ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ) كَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ أَوْ تَكَلَّمَ بِمُكَفِّرٍ وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ وَصَدَّقْنَاهُ وَقُتِلَ قَبْلَ الْحَلِفِ، وَهُوَ أَصَحُّ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَرَجَّحَ مِنْهُمَا شَارِحُهُ عَدَمَ الضَّمَانِ، وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ. وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهُ فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَمْ يَضْمَنْ، أَيْ وَيُعَزَّرُ قَاتِلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْآحَادِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْحَزْمَ) أَيْ الرَّأْيَ وَهُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ الثَّالِثُ

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ) أَيْ فَيُعْطَى مِنْهُ حَالًا

(قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِهِ) وَهُوَ الْمَرْجُوحُ

(قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّدَّةِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُكْمِ بِهَا الْقَتْلُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْكَثِيرَةِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَضَ) الْأَوْلَى حَذْفُ إنْ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُ الْمَتْنِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ لَمْ تَفْصِلْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) يَعْنِي: ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ خَاصَّةً إذْ هُمَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) أَخْرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ أَتَى بِمُكَفِّرٍ كَأَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ سَجَدَ لِصَنَمٍ فَإِنَّهُ إذَا رَجَعَ قَالَ أَقْرَرْت كَاذِبًا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ)

ص: 418

(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ) لِاحْتِرَامِهِمَا بِالْإِسْلَامِ (وَفِي قَوْلٍ مُسْتَحَبٌّ) كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ (وَهِيَ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (فِي الْحَالِ) لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِأَثَرٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه (فَإِنْ)(أَصَرَّ) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الرِّدَّةِ (قُتِلَا) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ وَلِلسَّيِّدِ قَتْلُ قِنِّهِ، وَالْقَتْلُ هُنَا بِضَرْبِ الْعُنُقِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا يَتَوَلَّاهُ سِوَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، فَإِنْ افْتَاتَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عُزِّرَ، وَلَوْ قَالَ عِنْدَ الْقَتْلِ عَرَضَتْ لِي شُبْهَةٌ فَأَزِيلُوهَا لِأَتُوبَ نَاظَرْنَاهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا قَبْلَهُ، فَإِنْ شَكَا جُوعًا قَبْلَ الْمُنَاظَرَةِ أُطْعِمَ أَوَّلًا (وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ) إسْلَامُهُ (وَتُرِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِخَبَرِ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» وَشَمِلَ كَلَامُهُ كُفْرَ مَنْ سَبَّهُ عليه الصلاة والسلام أَوْ سَبَّ نَبِيًّا غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّثْنِيَةِ هُنَا لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ الْحَامِلِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ، فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَحْسَنَ أَسْلَمَا لِيُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ (وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنَادِقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ، وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا، وَالْبَاطِنِيُّ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِلْقُرْآنِ بَاطِنًا غَيْرَ ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الظَّاهِرِ، وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُمَا وَمُوَالَاتُهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمَا هُنَا إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُجَرَّدُ عَدَمِ إرْثِ الْقَاتِلِ وَجَازَ أَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً

(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ) أَيْ فَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِإِهْدَارِهِ

(قَوْلُهُ: وَالْقَتْلُ هُنَا بِضَرْبِ الْعُنُقِ) أَيْ أَمَّا غَيْرُ هَذَا فَقَدْ يَكُونُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ رَمْيِ الْعُنُقِ كَأَنْ كَانَ الْقَتْلُ قِصَاصًا وَقَدْ قُتِلَ هُوَ بِغَيْرِ ضَرْبِ الْعُنُقِ فَيُقْتَلُ بِمِثْلِ فِعْلِهِ لِلْمُنَاسِبَةِ (قَوْلُهُ: أَطْعَمَ أَوَّلًا) أَيْ وُجُوبًا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ إسْلَامُهُ) أَيْ مَنْ قَامَتْ بِهِ الرِّدَّةُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى

(قَوْلُهُ: وَتُرِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ مِرَارًا لَكِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي قَبُولِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ مَعَ التَّكَرُّرِ بَيْنَ أَنْ يُطْلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْلِمُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَقِيَّةً أَوْ لَا

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّثْنِيَةِ هُنَا) أَيْ فِي أَسْلَمَ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ) أَيْ: لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ قَتْلًا إشَارَةً لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَلُ وَفِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ إلَخْ تَعْرِيضٌ بِالرَّدِّ عَلَى قَائِلِهِ

(قَوْلُهُ: وَبَاطِنِيَّةٍ) قَالَ ع: كَانَ وَجْهُ دُخُولِ هَذَا فِي الْخَفِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَفِيٌّ فِي ذَاتِهِ وَإِنْ أَظْهَرَهُ صَاحِبُهُ

(قَوْلُهُ: مَنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ عَرَفَهُ بِأَنَّهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا) أَيْ مَنْ لَا يَنْتَسِبُ إلَى دِينٍ، قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَفُلَانٌ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ كَذَا وَقَبِيلَةَ كَذَا إذَا انْتَسَبَ إلَيْهِ انْتَهَى

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُنْكِرُ رِسَالَتَهُ صلى الله عليه وسلم لِلْعَرَبِ وَلِغَيْرِهِمْ أَوْ يُنْكِرُهَا لِغَيْرِهِمْ خَاصَّةً

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ، أَمَّا إذَا نَطَقَ بِهَا عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَقَتَلَهُ لِظَنِّ بَقَائِهِ عَلَى الْكُفْرِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ، ثُمَّ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ هُوَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ لِمَعْرِفَتِهَا بِلِسَانِهِ دُونَ الْقَاتِلِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُسْلِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَظَنُّ كُفْرِهِ إنَّمَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ

(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُمَا وَمُوَالَاتُهُمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْوَاوِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ وَلَوْ الْوَارِثُ يَتَسَامَحُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَيِّتِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا لَا يَتَسَامَحُ فِي الْحَيِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِ ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ) لَعَلَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ مِنْ التَّعْقِيبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَا جُوعًا قَبْلَ الْمُنَاظَرَةِ أُطْعِمَ) اُنْظُرْ مَا وَقْعُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُنَاظِرُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ يُطْعِمُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هُنَا لَوْ كَانَ يُنَاظِرُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَمَا قِيلَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ السَّابِقَةِ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ إلَخْ. الْمُشَارِ بِهِ إلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي قَتْلِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: لِفَوَاتِ الْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ وَلِلْإِشَارَةِ

ص: 419

ثُمَّ الِاعْتِرَافُ بِرِسَالَتِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى غَيْرِ الْعَرَبِ مِمَّنْ يُنْكِرُهَا، أَوْ الْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ وَلَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ تَابَ عَلَى أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ رِدَّةٌ وَجَاءَنَا يَطْلُبُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَلَفُّظِهِ بِمَا نُسِبَ لَهُ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ خَالَفَ فِيهِ جَمْعٌ

(وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا)(وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَا أَوْ مَاتَ (مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ (أَوْ) وَأَبَوَاهُ (مُرْتَدَّانِ) وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ (فَمُسْلِمٌ) فَلَا يُسْتَرَقُّ وَيَرِثُهُ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ وَيُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ كَانَ قِنًّا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي أَبَوَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ) بِالتَّبَعِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ وَلَمْ يُبَاشِرْ إسْلَامًا حَتَّى يُغَلَّظَ عَلَيْهِ فَيُعَامَلَ مُعَامَلَةَ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ؛ إذْ لَا أَمَانَ لَهُ، نَعَمْ لَا يُقَرُّ بِجِزْيَةٍ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ لَمْ يَسْتَنِدْ لِشُبْهَةِ دِينٍ كَانَ حَقًّا قَبْلَ الْإِسْلَامِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ) هُوَ (مُرْتَدٌّ) وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ إمَامُهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (الِاتِّفَاقَ) مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (عَلَى كُفْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَمْتَنِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يُسْتَرَقُّ بِوَجْهٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ فِي أَحَدِ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ وَإِنْ بَعُدَ وَمَاتَ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدٌّ، وَالْآخَرُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْ يُقِرُّ أَوْلَى بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مِمَّنْ لَا يُقِرُّ هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ فِي الْجَنَّةِ فِي الْأَصَحِّ

(وَفِي)(زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا) أَيْ بِالرِّدَّةِ (أَقْوَالٌ) أَحَدُهَا نَعَمْ مُطْلَقًا حَقِيقَةً، وَلَا يُنَافِيهِ عَوْدُهُ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. ثَانِيهَا وَثَالِثُهَا وَهُوَ (أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُ مِلْكِهِ بِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ) ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ عَمَلِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِهِ مُرْتَدًّا فَكَذَا زَوَالُ مِلْكِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ بِنَحْوِ اصْطِيَادٍ فَهُوَ إمَّا فَيْءٌ أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ بَرِئْت مِنْ كَذَا فَيُبَرَّأُ مِنْهُ ظَاهِرًا، أَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ بِدُونِهَا وَإِنْ أَتَى بِالْوَاوِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ أَوْ مُقَارِنًا لَهَا اهـ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا) غَايَةٌ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ) أَيْ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي وَلَوْ قَبْلَ الْحَمْلِ بِهِ بِسِنِينَ عَدِيدَةٍ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ) أَيْ وَإِنْ بَعُدَ لَكِنْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِحَيْثُ يَرِثُ مِنْهُ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَلُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ لِلْحُكْمِ بِرِدَّتِهِ مَا لَمْ يُسْلِمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يُقْتَلُ إلَخْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَتْلِ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى الرِّدَّةِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِهِ مُسَامَحَةٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَ بَاقِيًا عَلَى إبَاحَتِهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فِي الرِّدَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ اُنْتُزِعَ مِنْهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ مَا صَادَهُ فِي الرِّدَّةِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ حِينَ الْأَخْذِ فَلَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ لَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا، وَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ عَدِمَ الْمِلْكَ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالْمُغَايَرَةِ إلَى الْخِلَافِ، إذْ لَوْ ثَنَّى هُنَا أَيْضًا فَاتَتْ هَذِهِ الْإِشَارَةُ كَمَا لَا يَخْفَى وَحِينَئِذٍ فَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ أَحْسَنُ مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ، وَإِنْ قَالَ الشِّهَابُ سم إنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ مُصَحِّحٌ لِلْعِبَارَةِ بِتَكَلُّفٍ لَا دَافِعَ لِأَحْسَنِيَّةِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَرِضُ

(قَوْلُهُ: وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ إنَّمَا هُوَ أَنَّهُ كَافِرٌ لَا بِخُصُوصِ الرِّدَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ إمَامُهُمْ إلَخْ.) مُرَادُهُ بِهَذَا الْجَوَابِ عَنْ نَقْلِ الْمُصَنِّفِ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ عَنْ جَمِيعِ الْعِرَاقِيِّينَ مَعَ أَنَّ النَّاقِلَ لَهُ إنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لِمَا نَقَلَهُ إمَامُهُمْ وَهْم أَتْبَاعُهُ فَكَأَنَّهُمْ نَقَلُوهُ

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا مَلَكَهُ فِي الرِّدَّةِ)

ص: 420

وَفِي مَالٍ مُعَرَّضٍ لِلزَّوَالِ لَا نَحْوُ أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَأَنَّهُ يَكُونُ كَحَجْرِ الْفَلَسِ لِأَجْلِ حَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا (يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ بِإِتْلَافٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ فِيهَا بِإِتْلَافٍ كَمَا يَأْتِي، أَمَّا عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى زَوَالِهِ فَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْمَوْتِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فَعَلَى حَقِّ الْفَيْءِ أَوْلَى وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وُفِّيَ، ثُمَّ مَا بَقِيَ فَيْءٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ انْتِقَالُ جَمِيعِ الْمَالِ لِبَيْتِ الْمَالِ مُتَعَلِّقًا بِهِ الدَّيْنُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ انْتِقَالُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا مَا بَقِيَ (وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ كَمَا يُجَهَّزُ الْمَيِّتُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِمَوْتِهِ (وَالْأَصَحُّ) بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ فِيهَا) كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ (وَنَفَقَةُ) يَعْنِي مُؤْنَةُ (زَوْجَاتٍ وَقَفَ نِكَاحُهُنَّ) نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ (وَقَرِيبٍ) أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَتَجَدَّدَ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَأُمِّ وَلَدٍ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ وُجُوبِهَا. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ زَوَالِ مِلْكِهِ (وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ) فِيهَا (إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ) بِأَنْ قَبِلَ التَّعْلِيقَ (كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةِ مَوْقُوفٍ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ) بِالْمُعْجَمَةِ: أَيْ بَانَ نُفُوذُهُ (وَإِلَّا فَلَا)

وَلَوْ أَوْصَى قَبْلَ الرِّدَّةِ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ أَيْضًا (وَبَيْعُهُ) وَنِكَاحُهُ (وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ) مِنْ كُلِّ مَا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلتَّعْلِيقِ (بَاطِلَةٌ) فِي الْجَدِيدِ لِبُطْلَانِ وَقْفِ الْعُقُودِ وَوَقْتُ التَّبَيُّنِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ وُجِدَ الشَّرْطُ حَالَ الْعَقْدِ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الشَّرْطَ احْتِمَالُ الْعَقْدِ لِلتَّعْلِيقِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ وَإِنْ احْتَمَلَهُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ فِي الْكِتَابَةِ (وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفَةٌ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْعُقُودِ، فَإِنْ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا وَإِلَّا فَلَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ (يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ، وَأَمَتُهُ عِنْدَ) نَحْوُ (امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) أَوْ مَحْرَمٍ (وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) كَعَقَارِهِ وَحَيَوَانِهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ وَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ لِهَرَبِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

التَّعَرُّضِ لَا عَدَمَ مِلْكِ الْآخِذِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا تَحَجَّرَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمَوَاتِ وَلَمْ يُحْيِهِ

(قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ) أَيْ أَمَّا هُمَا فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُمَا اتِّفَاقًا لِثُبُوتِ حَقِّ الْعِتْقِ لَهُمَا قَبْلَ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَكُونُ) أَيْ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ يَكُونُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَهِيَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْمَوْتِ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا أَيَّ فَائِدَةٍ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ حَيْثُ كَانَ مَالُهُ يُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى زَوْجَاتِهِ وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونٌ لَزِمَتْهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَأَيَّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْفِ مِلْكِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لِعَدَمِ مِلْكِهِ. وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْوَقْفِ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجَاتِهِ وَأَقَارِبِهِ قَطْعًا، وَإِذَا قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ فَفِيهِ فِي الْخِلَافِ الْآتِي قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُ غُرْمُ إتْلَافِهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي فَوَائِدِ التَّرِكَةِ. فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْنَعُ الدِّينُ انْتِقَالَهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالزَّوَائِدِ وَإِنْ قُلْنَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ

(قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي.

أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ حَالًا فَكَجِوَازِ التَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ قَامَ بِالْقَاضِي أَوْ بِالْمُرْتَدِّ كَجُنُونٍ عَرَضَ عَقِبَ الرِّدَّةِ

(قَوْلُهُ مَعَ عَدْلٍ) أَيْ: فِي يَدِ عَدْلٍ، وَقَوْلُهُ وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ: أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي.

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَعْنِي: مَا حَازَهُ فِي الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ اقْتِضَاءِ ظَاهِرِ كَلَامِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ) يَعْنِي: أَنَّ الْخِلَافَ الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ لَا خُصُوصِ الْأَصَحِّ وَقَدْ أَعَادَ هَذَا فِيمَا يَأْتِي فِي حِكَايَةِ الْمُقَابِلِ وَالْأَوْلَى عَدَمُ إعَادَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَنِكَاحُهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْخِلَافُ يَجْرِي فِيهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَقْصُودُ الْعَقْدِ) أَيْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَيَبِيعُهُ) يَعْنِي: الْحَيَوَانَ كَمَا لَا يَخْفَى.

ص: 421