الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَبَانَ أَنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمِ بَائِنٌ مِنْهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ وَحُكِمَ بِغَلَطِهِ فِي التَّارِيخِ. ذَكَرَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ.
(عَلَّقَ) بِمُسْتَحِيلٍ عَقْلًا كَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَيْ أَوْجَدْت الرُّوحَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ شَرْعًا كَإِنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ، أَوْ عَادَةً كَإِنْ صَعِدْت السَّمَاءَ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ شَيْءٌ، فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فَيَحْنَثُ بِهَا الْمُعَلَّقُ عَلَى الْحَلِفِ، أَوْ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِجِمَاعِهِ فَعَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَرَّك وَلَا أَثَرَ لِاسْتِدَامَتِهِمَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالِابْتِدَاءِ كَمَا يَأْتِي أَوْ بِإِعْطَاءِ كَذَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ بِلَفْظٍ إذَا اقْتَضَى الْفَوْرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ أَيْ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: فَبَانَ أَنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ بَائِنٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ جَدَّدَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَهَا إذْ ذَاكَ. . .
[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ]
(فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ مَنْعَهَا مِنْ الصُّعُودِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا لِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ مِنْ الْقُدُومِ لَا يَكُونُ حَلِفًا، فَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهَا لَا يَكُونُ حَلِفًا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ عَلَّقَ عَلَى الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: فَحُمِلَ سَاكِتًا) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ لِلْحَالِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فَرَكِبَ دَابَّةً دَخَلَتْ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِنِسْبَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَنْسُبُ هَذَا الْفِعْلَ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّابَّةِ الْمَجْنُونُ (قَوْلُهُ: قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِحَمْلِهِ وَدُخُولِهِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى الْأَمْرِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَفِعْلُ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ مَا لَوْ قَالَ الْحَالِفُ عِنْدَ غَيْرِهِ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فَحَمَلَهُ غَيْرُهُ وَدَخَلَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ فَفَهِمَ السَّامِعُ الْحُكْمَ مِنْهُ فَحَمَلَهُ وَدَخَلَ بِهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: وَأُدْخِلَ لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَلَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ وَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ لَيْسَتْ دُخُولًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَحَرَّكْ) أَيْ حِينَ عَلَتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِعُلُوِّهَا عَلَيْهِ وَلَا بِالِاسْتِدَامَةِ لِانْتِفَاءِ الْجِمَاعِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا حِنْثَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِاسْتِدَامَتِهِمَا) أَيْ الدُّخُولِ وَالْجِمَاعِ وَإِنْ تَحَرَّكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يَنْزِعَ لِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ لَا تُسَمَّى جِمَاعًا، فَإِنْ نَزَعَ وَعَادَ حَنِثَ بِالْعَوْدِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ جِمَاعٍ، وَيُصَرِّحُ بِأَنَّ الْعَوْدَ ابْتِدَاءُ جِمَاعٍ مَا سَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ وَطِئَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا حَدَّ بِالِاسْتِدَامَةِ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا، لَكِنَّهُ لَوْ نَزَعَ ثُمَّ عَادَ عَالِمًا عَامِدًا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَزِمَهُ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَزِمَهُ الْمَهْرُ دُونَ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: اقْتَضَى الْفَوْرَ) هَذَا قَدْ يُوَافِقُهُ مَا مَرَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: عُلِّقَ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ: إثْبَاتًا كَمَا فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ، بِخِلَافِ النَّفْيِ كَإِنْ لَمْ تَفْعَلِي فَإِنَّ حُكْمَهُ الْوُقُوعُ حَالًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالصُّورَتَانِ فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا، لَكِنَّهُ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِإِذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهَا إنْ هُنَا لِوُقُوعِ الْيَأْسِ حَالًا فَلْيُرَاجَعْ. ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم صَرَّحَ فِيمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَكَلَا تَمْرًا إلَخْ. حَيْثُ قَالَ عَقِبَ قَوْلِ التُّحْفَةِ هُنَاكَ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ مَا نَصُّهُ: أَيْ فِي النَّفْيِ، فَيَقَعُ فِي الْحَالِ. اهـ.
وَالصُّورَةُ هُنَاكَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِإِنْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْجَدْت الرُّوحَ فِيهِ مَعَ مَوْتِهِ) أَيْ فَيَصِيرُ مَيِّتًا حَيًّا حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُحَالِ عَقْلًا
عَقِبَ الشَّهْرِ أَوْ إنْ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْيَأْسِ وَكَانَ وَجْهُ هَذَا مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا مَرَّ فِي الْأَدَوَاتِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ فِيهِ بِمَعْنَى النَّفْيِ فَمَعْنَى إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَعْطَيْتُك كَذَا إذَا لَمْ أُعْطِكَهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ وَهَذَا لِلْفَوْرِ كَمَا مَرَّ، فَكَذَا مَا بِمَعْنَاهُ أَوْ لَا يُقِيمُ بِكَذَا مُدَّةَ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِإِقَامَةِ كَذَا مُتَوَالِيًا لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ عُرْفًا.
أَوْ (بِأَكْلِ رَغِيفٍ أَوْ رُمَّانَةٍ) كَإِنْ أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ أَوْ رَغِيفًا أَوْ رُمَّانَةً (فَبَقِيَ) بَعْدَ أَكْلِهَا لِلْمُعَلَّقِ بِهِ (لُبَابَةٌ) لَا يَدُقُّ مُدْرَكُهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ بِأَنْ تُسَمَّى قِطْعَةَ خُبْزٍ (أَوْ حَبَّةً لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ الْكُلَّ فِي حَقِيقَةٍ، أَمَّا مَا يَدُقُّ مُدْرَكَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ وَأُجْرِيَ تَفْصِيلٌ لِلُّبَابَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَكَلْتِ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِأَكْلِهَا رَغِيفًا وَأُدْمًا، أَوْ إنْ أَكَلْتِ الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْفَوْرِ فِيمَا لَوْ قَالَ مَتَى خَرَجَتْ شَكَوْتُك، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ رَدُّهُ وَاعْتِمَادُ عَدَمِ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ لِلْفَوْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ هَذَا وَلْيُفَرَّقْ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي الْفَوْرَ أَوْ نَوَاهُ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ، وَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الدُّخُولِ لَيْسَتْ دُخُولًا (قَوْلُهُ: مُتَوَالِيًا) وَتَقَدَّمَ فِي فَصْلِ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلِّ كَذَا شَهْرًا فَأَقَامَهُ مُتَفَرِّقًا حَنِثَ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْأَيْمَانِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْلَقَ فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ وَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا حَنِثَ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ اهـ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَا لِمَا هُنَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ رُمَّانَةً) وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الرُّمَّانَةَ الْمُعَلَّقَ بِأَكْلِهَا جِلْدُهَا كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ الْقَصَبِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ قِشْرَهُ الَّذِي يُمَصُّ مَعَهُ حَتَّى لَوْ مَصَّهُ وَلَمْ يَبْلَعْهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَال م ر إلَى الْفَرْقِ وَقَالَ لَا يَتَنَاوَلُ التَّمْرُ الْمُعَلَّقُ بِأَكْلِهِ نَوَاهُ وَلَا أَقْمَاعَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَا يَتَنَاوَلُ الرُّمَّانَةَ جِلْدَهَا، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا الرَّغِيفَ فَتَرَكَتْ بَعْضَهُ لِكَوْنِهِ مُحْرَقًا لَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ الْحِنْثُ لِإِطْلَاقِ الرَّغِيفِ عَلَى الْجَمِيعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّ مَا أُحْرِقَ لَا يُقْصَدُ بِالْحَلِفِ عَلَى أَكْلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ أَقْمَاعِ التَّمْرِ، وَقَوْلُ سم: حَتَّى لَوْ مَصَّهُ إلَخْ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَمُصُّ الْقَصَبَ فَشَرِبَ مَاءَهُ الْخَامَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ لَا يَمُصُّ عُرْفًا وَإِنَّمَا شَرِبَهُ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا ثُمَّ إنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَ الطَّعَامَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنَهُ، فَإِنَّهُ لَوْ قِيلَ يَحْنَثُ لَكَانَ حِنْثُهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ عَلَى الْمُرَجَّحِ وَهُوَ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ غَيْرُ مَوْجُودٍ، فَلَوْ قِيلَ بِحِنْثِهِ لَزِمَ مِنْهُ أَنْ يَحْنَثَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي كَلَامِهِمْ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْأَيْمَانِ فِي فَصْلِ الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ مَا يُخَالِفُهُ، وَعِبَارَتُهُ ثَمَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ: أَيْ الْغَدِ لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَإِنْ مَاتَ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ حِينَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْغَدِ مُقْتَضِيًا لِحِنْثِهِ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ أَيْضًا اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِذَلِكَ أَيْضًا هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ لِمَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُمَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ وَإِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بَعْضُ حَبَّةٍ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الرُّمَّانَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِثْبَاتَ فِيهِ بِمَعْنَى النَّفْيِ إلَخْ.) هَذَا لَا يُلَاقِي رَدَّهُ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي إفْتَائِهِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ فَرَاجِعْهُ.
فَأَكَلَتْ رَغِيفًا ثُمَّ فَاكِهَةً حَنِثَ، أَوْ إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلُبْسِهِمَا وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ، أَوْ قَالَ لَهَا نِصْفَ اللَّيْلِ مَثَلًا إنْ بِتُّ عِنْدَك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَاتَ عِنْدَهَا بَقِيَّةَ اللَّيْلِ حَنِثَ لِلْقَرِينَةِ وَإِنْ اقْتَضَى الْمَبِيتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، أَوْ إنْ نِمْتُ عَلَى ثَوْبٍ لَك فَأَنْت طَالِقٌ فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ، أَوْ إنْ قَتَلْت زَيْدًا غَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَضَرَبَهُ الْيَوْمَ فَمَاتَ مِنْهُ غَدًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ، أَوْ قَالَ لَهَا إنْ كَانَ عِنْدَكِ نَارٌ فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِوُجُودِ السِّرَاجِ عِنْدَهَا، أَوْ إنْ جُعْتِ يَوْمًا فِي بَيْتِي فَأَنْت طَالِقٌ فَجَاعَتْ يَوْمًا بِصَوْمٍ لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ يَوْمًا بِلَا صَوْمٍ، أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُك أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالَ وَكَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ هِيَ فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ قَصَدْت جِمَاعَك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ فَجَامَعَهَا حَنِثَ.
(وَلَوْ)(أَكَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا فَقَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَاك) مِنْ نَوَايَ (فَأَنْت طَالِقٌ)(فَجَعَلَتْ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا لَمْ يَقَعْ) لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِذَلِكَ لُغَةً لَا عُرْفًا (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْيِينًا) لِنَوَاهُ مِنْ نَوَاهَا فَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَيَقَعُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِمُسْتَحِيلٍ عَادَةً لِتَعَذُّرِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ فَاكِهَةً) أَيْ مَثَلًا فَمَا لَا يُسَمَّى فَاكِهَةً يَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْحِنْثِ حَيْثُ كَانَ مَا تَنَاوَلَتْهُ مِمَّا يُؤْكَلُ عَادَةً وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِ الْحَالِفِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَسَحَاقَةِ خَزَفٍ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّ الْأَكْلَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ عُرْفًا لِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَنَاوُلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا حُمِلَ عَلَى لَحْمِ الْمُذَكَّاةِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ مَيْتَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَحْمًا طَرِيًّا لِانْتِفَاءِ فَهْمِهِ عُرْفًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مِنْ اللَّحْمِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ ثُمَّ فَاكِهَةً لَمْ يَحْنَثْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى كُلِّ الْفَاكِهَةِ لَمْ تَحْنَثْ وَإِنْ جُعِلَتْ إلَّا فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى غَيْرٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اقْتَضَى الْحِنْثُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَكَلْت زَائِدًا عَلَى رَغِيفٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ) أَيْ مُتَفَرِّقَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهَا نِصْفَ اللَّيْلِ) وَكَنِصْفِ اللَّيْلِ مَا لَوْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ النِّصْفِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ مَثَلًا فَلَا يَتَقَيَّدُ الْمَبِيتُ بِمُكْثِ الْمُعْظَمِ عِنْدَهَا لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى مِخَدَّةٍ لَهَا فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ بِتَوَسُّدِهَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ عُرْفًا مِنْ النَّوْمِ عَلَى الْمِخَدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ) أَيْ فِي الْغَدِ (قَوْلُهُ: فَجَاعَتْ يَوْمًا) أَيْ جُوعًا مُؤَثِّرًا عُرْفًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ إلَخْ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَرَكَتْ الْأَكْلَ قَصْدًا مَعَ وُجُودِ مَا يُؤْكَلُ بِبَيْتِهَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ إذْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إنْ تَرَكْتُك يَوْمًا بِلَا طَعَامٍ يُشْبِعُك (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَسَنَةَ الشَّكْلِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَجْمَلَ مِنْ الْقَمَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ حَنِثَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ لَا أَعْرِفُ جَوَابَهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَقَصَدَتْهُ هِيَ) أَيْ وَلَوْ بِتَعْرِيضٍ مِنْهُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ وَلَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّهُ جَعَلَ مُتَعَلِّقَ الْقَصْدِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ذَاتَهَا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَلْ وُجِدَ مِنْهَا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ نَفْسَ الْجِمَاعِ وَقَدْ وُجِدَ بَعْدَ قَصْدِهَا لَهُ.
(قَوْلُهُ لُغَةً لَا عُرْفًا) أَيْ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ اللُّغَةُ، بِخِلَافِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفٌ بِخِلَافِهَا (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) أَيْ فِيمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ وَلَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ مُقَابِلٌ لِلْوُقُوعِ وَأَنَّ حَاصِلَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَاصِلُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ يَرْجِعُ إلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ
عَادَةً فَمَيَّزَتْ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ عَادَةً، فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ.
(وَلَوْ)(كَانَ بِفَمِهَا تَمْرَةٌ) مَثَلًا (فَعَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِبَلْعِهَا ثُمَّ بِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا)(فَبَادَرَتْ مَعَ فَرَاغِهِ بِأَكْلِ بَعْضٍ) وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ (وَرَمْيِ بَعْضٍ) وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ (لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّ أَكْلَ الْبَعْضِ وَرَمْيَ الْبَعْضِ مُغَايِرٌ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الْحِنْثُ بِأَكْلِ جَمِيعِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا تَبَعًا لِأَصْلِهِ عَدَمُ الْحِنْثِ لِصِدْقِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ابْتَلَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَالْمُعْتَمَدُ فِي كُلِّ بَابٍ مَا فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَالْبَلْعُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ فِيهِ يُسَمَّى أَكْلًا، وَخَرَجَ بِبَادَرَتْ مَا لَوْ أَمْسَكْتهَا لَحْظَةً فَتَطْلُقُ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ تَأَخُّرُ يَمِينِ الْإِمْسَاكِ فَيَحْنَثُ إنْ تَوَسَّطَتْ أَوْ تَقَدَّمَتْ، وَمَعَ تَأَخُّرِهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ فَذِكْرُهَا تَصْوِيرٌ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى سُلَّمٍ فَعَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصُعُودِهَا وَبِنُزُولِهَا ثُمَّ بِمُكْثِهَا فَوَثَبَتْ أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ أَوْ أَضْجَعَ السُّلَّمَ وَهِيَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَتَقُومُ مِنْ مَحَلِّهَا أَوْ حُمِلَتْ وَصَعِدَ الْحَامِلُ بِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَوْ قَصَدَ التَّعْيِينَ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَقَعَ) فَإِنْ قُلْت: مَتَى يَقَعُ؟ قُلْت: الْقِيَاسُ عِنْدَ الْيَأْسِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ فَيَقَعُ حَالًا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) قَالَ حَجّ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ بِالْمَضْغِ اسْمُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ بَلْعِ مَا حَلَفَ عَلَى بَلْعِهِ وَهُوَ التَّمْرُ (قَوْلُهُ: وَالْبَلْعُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا) أَيْ وَعَكْسُهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ تَوَسَّطَتْ) أَيْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّارِحُ بَعْدُ عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ كَابْنِ حَجَرٍ لَمْ يَنْقُلَا كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سَوْقِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْوُقُوعُ إذَا قَصَدَ الْحَالِفُ تَعْيِينًا كَمَا فِي الشَّارِحِ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، فَيَحْصُلُ الْخَلَاصُ بِكَذَا إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْيِينَ: أَيْ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَاهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِالْوُقُوعِ بَلْ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُخَلِّصٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ كُلُّهُ جُمْلَةً كَانَ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً. اهـ.
فَهُوَ كَمَا تَرَى إنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ الَّذِي هُوَ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي خِلَافُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَمُيِّزَتْ لَمْ يَقَعْ) يَعْنِي: بَرَّ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا: أَيْ وَإِنْ لَمْ تُمَيَّزْ وَقَعَ: أَيْ بِالْيَأْسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الشِّهَابَ سم قَالَ: إنَّهُ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ فِي النَّفْيِ، فَيَقَعُ حَالًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَصَرْت عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) لَا يَتَأَتَّى مَعَ تَصْوِيرِ الْمَتْنِ بِأَكْلِ الْبَعْضِ مَعَ رَمْيِ الْبَعْضِ، فَلَوْ سَاقَ الْمَتْنَ بِرُمَّتِهِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ مُطْلَقًا) قَدْ يُنَازَعُ فِي كَوْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي هَذَا، وَيَدَّعِي أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْأَكْلَ ابْتِلَاعٌ مُطْلَقًا، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَبْتَلِعُ فَأَكَلَ حَنِثَ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ بِالِابْتِلَاعِ، وَاقْتَضَى قَوْلُهُ: بِأَكْلِ بَعْضٍ أَنَّهَا لَوْ أَكَلَتْ الْجَمِيعَ حَنِثَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْأَيْمَانِ) أَنَّ أَيْ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ) أَيْ إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اطَّرَدَ فَهُوَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ خَاطَبَتْهُ زَوْجَتُهُ بِمَكْرُوهٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ إلَّا إذَا اطَّرَدَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ؟ فَإِنْ قُلْتُ: إنَّ مَا هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا وَمَا يَأْتِي بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ التَّعْلِيقِ كَمَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ فِيمَا يَأْتِي فَلَا يُفِيدُ إطْلَاقَ مَا هُنَا بِالْقَيْدِ الْآتِي فَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَاضِحٌ. قُلْتُ يُعَكَّرُ عَلَى هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ غَسْلِ الثِّيَابِ وَمَا بَعْدَهَا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: فَذِكْرُهَا تَصْوِيرٌ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي لَوْ كَانَتْ ثُمَّ الْمَذْكُورَةُ فِي
أَوْ نَزَلَ بِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَوْرًا فِي الْجَمِيعِ لَمْ تَطْلُقْ.
أَمَّا لَوْ احْتَمَلَتْ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ، نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ أَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا أَثَرَ لَهَا.
(وَلَوْ)(اتَّهَمَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (بِسَرِقَةٍ فَقَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) فِي أَمْرِ هَذِهِ السَّرِقَةِ (فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ) كَلَامَيْنِ أَحَدُهُمَا (سَرَقْتُ) وَالْآخَرَ (مَا سَرَقْتُ)(لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا، فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ (وَلَوْ) (قَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي) صَادِقَةً (بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَالْخَلَاصُ) مِنْ الْيَمِينِ (أَنْ تَذْكُرَ) لَهُ (عَدَدًا يُعْلَمُ أَنَّهَا) أَيْ الرُّمَّانَةَ (لَا تَنْقُصُ عَنْهُ) عَادَةً كَمِائَةٍ (ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا حَتَّى تَبْلُغَ مَا تَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) عَادَةً لِيَدْخُلَ عَدَدُهَا فِي جُمْلَةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ بِعَيْنِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخَبَرِ صِدْقٌ فَلَوْ قَالَ إنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ كَاذِبَةً طَلُقَتْ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لِأَنَّ مَا وَقَعَ مَعْدُودًا أَوْ مَفْعُولًا كَرَمْيِ حَجَرٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ بِخِلَافِ مُحْتَمِلِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ كَالْقُدُومِ يَكْفِي فِيهِ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ، وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْعَدَدِ التَّلَفُّظُ بِذِكْرِ الْعَدَدِ الَّذِي فِيهِ الرُّمَّانَةُ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (وَالصُّورَتَانِ) فِي السَّرِقَةِ وَالرُّمَّانَةِ (فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا) أَيْ تَعْيِينًا، فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ وَضَعَ شَيْئًا وَسَهَا عَنْهُ ثُمَّ قَالَ لَهَا وَلَا عِلْمَ لَهَا بِهِ إذَا لَمْ تُعْطِنِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَذَكَّرَ مَوْضِعَهُ فَرَآهُ فِيهِ لَمْ تَطْلُقْ، بَلْ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مُسْتَحِيلٍ هُوَ إعْطَاؤُهُ مَا لَمْ تَأْخُذْهُ وَلَمْ تَعْلَمْ مَحَلَّهُ فَهُوَ كَلَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ مَنَعَ نَفْسَهُ مِمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ وَهُنَا حَثٌّ عَلَى مَا لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ انْتَهَى وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
أَمَّا قَوْلُهُ بَلْ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ فَمَمْنُوعٌ بَلْ هِيَ مُنْعَقِدَةٌ. وَأَمَّا قِيَاسُهُ بِلَا أَصْعَدَ السَّمَاءَ فَمَمْنُوعٌ بَلْ نَظِيرُ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَصْعَدِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَوْ نَزَلَ) أَيْ الْحَامِلُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا) أَيْ بِأَمْرِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لَهَا) أَيْ لِهَذِهِ الْخَصْلَةِ: أَيْ فَلَا حِنْثَ وَإِنْ أَمَرَتْهُ لِعَدَمِ صُعُودِهَا وَنُزُولِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ نَزَلَتْ عَنْ الْآخَرِ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ) أَيْ وَأَرَادَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: صَادِقَةً) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ مَعَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ صَادِقَةً بَرَّ بِإِخْبَارِهَا مُطْلَقًا وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمِائَةٍ) أَيْ أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَعُدِّي هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ ثُمَّ تَزِيدَ وَاحِدًا وَاحِدًا إلَخْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي جَوْزِ الشَّجَرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا وَقَعَ مَعْدُودًا) أَيْ كَحَبِّ الرُّمَّانَةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُعْطِنِيهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْطِنِيهِ فَلَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ وَكَأَنَّ نُسْخَةَ حَجّ الَّتِي وَقَعَتْ لسم فِيهَا التَّعْبِيرُ بِإِنْ لَمْ إلَخْ، وَمِنْ ثَمَّ كَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَدْ يُقَالُ هَذَا تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، وَقَاعِدَتُهُ الْوُقُوعُ فِي الْحَالِ، وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ الْإِعْطَاءَ فِي الْحَالِ مَعَ اتِّصَافِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِهِ فَهُوَ كَإِنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَهُوَ كَإِنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ لِإِمْكَانِ إعْطَائِهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا فَلَا يَقَعُ إلَّا بِالْيَأْسِ بِشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِمَا ذَكَرَهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ، وَفِي سم عَلَى حَجّ: فَرْعٌ: قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَوْ أَخَذَتْ لَهُ دِينَارًا فَقَالَ إنْ لَمْ تُعْطِنِي الدِّينَارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَدْ أَنْفَقَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْ إعْطَائِهِ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ تَلِفَ: أَيْ الدِّينَارُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ فَمُكْرَهَةٌ انْتَهَى: أَيْ بِلَا تَطْلُقُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ طَلُقَتْ اهـ. وَقَدْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَتْنِ مِنْ كَلَامِ الْمُعَلِّقِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا يَقُولُهُ الْمُعَلِّقُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: صَادِقَةً) يَجِبُ حَذْفُهُ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: الْآتِي وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخَبَرِ صِدْقٌ إلَخْ. الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُقَيَّدْ فِي تَعْلِيقِهِ الْخَبَرَ بِالصِّدْقِ، إذْ لَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَيْدٌ بِكَوْنِهَا صَادِقَةً تَقَيَّدَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ
السَّمَاءَ وَحُكْمُهُ الْحِنْثُ حَالًا، وَنَظِيرُهُ هُنَا الْحِنْثُ بِالْيَأْسِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ يُمْكِنُهَا فِيهِ وَلَمْ تُعْطِهِ، أَمَّا الْبِشَارَةُ فَمُخْتَصَّةٌ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ الصِّدْقِ السَّارِّ قَبْلَ الشُّعُورِ فَإِذَا قَالَ لِنِسَائِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ وَاحِدَةٌ بِذَلِكَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْبَارِ غَيْرِهَا أَوْ كَانَ غَيْرَ سَارٍّ بِأَنْ كَانَ بِسُوءٍ أَوْ وَهِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ بِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ لَمْ تُطْلَقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ. نَعَمْ مَحَلُّ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَارًّا إذَا أَطْلَقَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ، فَإِنْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ كَارِهًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَجَبَ أَنْ تَبْدَأَ مِنْ الْوَاحِدِ وَتَزِيدَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَبْدَأْ بِالْوَاحِدِ لَمْ تَعُدَّ جَوْزَهَا، وَقِيلَ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ تَفْعَلَ مَا ذَكَرَ آنِفًا أَوْ سَقَطَ حَجَرٌ مِنْ عُلُوٍّ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِمَنْ رَمَاهُ حَالًا فَأَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا فَقَالَتْ مَخْلُوقٌ لَا آدَمِيٌّ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْإِخْبَارِ وَلَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْ الْحِنْثِ بِقَوْلِهَا رَمَاهُ آدَمِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَمَاهُ كَلْبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُمَا لِوُجُودِ سَبَبِ الْحِنْثِ وَشَكَكْنَا فِي الْمَانِعِ، وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تَعْرِفْ مَشِيئَتَهُ، أَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ وَثَاقٍ أَوْ أَنْتِ قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوْ هِيَ فِي مَاءٍ جَارٍ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَبِاللَّبْثِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت مِنْهُ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شِئْت فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ خَرَجَتْ أَوْ لَبِثَتْ لِأَنَّهُ بِجَرَيَانِهِ يُفَارِقُهَا.
فَإِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَخَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ فَوْرًا أَوْ إنْ أَرَقْتِ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ شَرِبْتِهِ أَوْ غَيْرُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ إنْ تَرَكْته فَأَنْت طَالِقٌ، قَبِلَتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ أَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ لَمْ تَطْلُقْ، أَوْ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ كَلَا تَقُومِي فَقَامَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْعُرْفِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ مِنْ إعْطَائِهِ بِالْمَوْتِ مَعَ قَوْلِهِ وَقَدْ أَنْفَقَتْهُ فَإِنَّ الْيَأْسَ مِنْ رَدِّهِ حَاصِلٌ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ بَعْدَ إنْفَاقِهِ لَا يُمْكِنُ إعْطَاؤُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْفَاقُهُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّصَرُّفِ بِشِرَائِهَا بِهِ شَيْئًا وَبَعْدَ الشِّرَاءِ يُمْكِنُ عَوْدُهُ لَهَا بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا بِهِ مِمَّنْ أَخَذَهُ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ هُنَا الْحِنْثُ بِالْيَأْسِ) هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُحَاوَرَةٌ وَحَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا لَمْ إلَخْ إنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ وَلَمْ تُعْطِ، وَبِفَوَاتِ اللَّحْظَةِ أَيِسَتْ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِي الزَّمَنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يَأْتِي مِثْلُهُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ شَيْئًا وَضَاعَ مِنْهَا أَوْ سَهَتْ عَنْ مَحَلِّهِ ثُمَّ طَلَبَهُ مِنْهَا فَلَمْ تُعْطِهِ فَقَالَ إذَا لَمْ تَأْتِينِي بِهِ فَأَنْت طَالِقٌ وَهُوَ الْحِنْثُ بَعْدَ مُضِيِّ لَحْظَةٍ حَيْثُ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِذَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِإِنْ فَبِالْيَأْسِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْبِشَارَةُ) مُحْتَرَزُ الْإِخْبَارِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ آنِفًا) أَيْ فِي الرُّمَّانَةِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ سَبَبِ الْحِنْثِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ مِنْ جِدَارٍ اُحْتُمِلَ سُقُوطُهُ مِنْهُ لِتَهَدُّمِهِ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ يَحْنَثُ لِأَنَّهَا لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَ سُقُوطِهِ وَطَرِيقُهَا أَنْ يَقُولَ رَمَاهُ مَخْلُوقٌ أَوْ تَهَدَّمَ الْجِدَارُ (قَوْلُهُ: وَشُبِّهَ) أَيْ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَشِيئَةِ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ حَاكٍ لِقَوْلِهَا (قَوْلُهُ أَوْ إنْ أَرَقْت) أَيْ صَبَبْته (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ) أَيْ أَوْ صَبَّتْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: فَقَامَتْ لَمْ تَطْلُقْ) مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ. مَعْنًى (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ الْحِنْثُ حَالًا) أَيْ وَإِنْ عُلِّقَ بِإِنْ كَمَا عُلِّقَ بِإِنْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِنَّ) الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا عَلِمَ بِرُؤْيَتِهِ لَهُ مَثَلًا، وَلِمَا يَلْزَمُ عَلَى ذِكْرِهِ مِنْ التَّكْرَارِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُحْتَرَزَ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ أَنْ تَبْدَأَ مِنْ الْوَاحِدِ) قَالَ الْإِمَامُ: وَاكْتَفَوْا بِذِكْرِ اللِّسَانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا لِلْعَدِّ الْفِعْلَ،
أَوْ إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَقُوَّمِي فَرَقَدَتْ طَلُقَتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَهَذَا فَاسِدٌ إذَا لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا نَخْتَارُهُ.
وَإِنْ كَانَ: أَيْ نَهْيًا عُمِلَ ضِدُّهُ فَالْيَمِينُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ. قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ، وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ: أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ مَا لَمْ تَنْكَفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ.
(وَلَوْ)(قَالَ لِثَلَاثٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) فَهِيَ طَالِقٌ (فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ عَدَدُ رَكَعَاتِ فَرَائِضُهَا (سَبْعَ عَشْرَةَ) أَيْ غَالِبًا (وَ) قَالَتْ (أُخْرَى) أَيْ ثَانِيَةٌ مِنْهُنَّ (خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ) قَالَتْ (ثَالِثَةٌ) مِنْهُنَّ (إحْدَى عَشْرَةَ أَيْ لِمُسَافِرٍ)(لَمْ يَقَعْ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلَاقٌ لِصِدْقِ الْكُلِّ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَعْيِينًا لَمْ يَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَخَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ إذَا لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَوْ أَخْرَجَهَا هُوَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ مَرَّةً فَخَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ وَانْحَلَّتْ لِأَنَّ إنْ لَا تَكْرَارَ فِيهَا فَأَشْبَهَ إنْ خَرَجْت مَرَّةً بِدُونِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيُفَارِقُ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً ثَوْبَ حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ ثُمَّ خَرَجَتْ لَابِسَةً حَيْثُ طَلُقَتْ بِعَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ لِانْتِفَاءِ الصِّفَةِ فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي بِخِلَافِ هَذِهِ، وَلَوْ أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ فَخَرَجَتْ بَعْدَ الْمَنْعِ لَمْ يَحْنَثْ لِحُصُولِ الْإِذْنِ، وَإِنْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَيُّ مَرَّةٍ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ طَلُقَتْ لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ، وَخَلَاصُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَذِنْت لَك أَنْ تَخْرُجِي مَتَى شِئْت أَوْ كُلَّمَا شِئْت أَوْ إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَرَقَدَتْ طَلُقَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحُكْمَ مُسْتَشْكِلًا لَهُ فَقَالَ:
وَأَنْتِ إنْ خَالَفْت نَهْيِي تَطْلُقِي
…
فَخَالَفَتْ أَمْرًا طَلَاقُهَا انْتَفَى
وَعَكْسُ هَذِي لَا وَهَذَا النَّقْلُ
…
فَأَيُّ فَرْقٍ أَوْضَحَا يَا فَضْلُ
وَنَاظِمُهُ الشَّيْخُ عِيسَى الشَّهَاوِيُّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً) أَيْ أَوْ أَذِنَ لَهَا وَكَانَتْ صَغِيرَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا أَذِنَ فِي غَيْبَتِهَا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ بَعْدُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهَا فَأَنْكَرَتْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا) أَيْ فَيَحْنَثُ (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي) أَيْ إنْ خَرَجَتْ لَابِسَةً ثَوْبًا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذِهِ) أَيْ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ ثُمَّ رَجَعَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَّصِلًا بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ عَدَمُ الْإِذْنِ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَتَى خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَلَسْت أَرَى الْأَمْرَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرَى الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ وَيَضْبِطَ فَيُقَامَ مَقَامَ الْفِعْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ) هَذَا إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَمْرِ النَّفْسِيِّ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: أَمَّا اللَّفْظِيُّ فَلَيْسَ عَيْنَ النَّهْيِ قَطْعًا وَلَا يَتَضَمَّنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فَالْيَمِينُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ) اُنْظُرْ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: حَصَلَ الْإِيقَاعُ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ وَقَعَ مِنْ الْمُعَلِّقِ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ أَمْرٌ فِي الْخَارِجِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ) هَذَا إنَّمَا يَتَّضِحُ إذَا أُحْدِثَتْ فِعْلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَدَامَتْ الْحَالَةُ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَعْيِينًا) يَعْنِي: مُعَيَّنًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: مَتَى شِئْت) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ مَتَى وَإِنْ كَانَتْ لِعُمُومِ الْأَزْمِنَةِ فَلَا تُفِيدُ تَكْرَارًا لِأَنَّ مَعْنَاهَا إنَّ إذْنِي لَك لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، إلَّا أَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا إذْنًا وَاحِدًا وَهَذَا لَا يَكْفِي هُنَا. بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ إذْنٍ لِخُرُوجِهَا
ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ لَهُمَا طَلُقَتْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ. وَقَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِيَادَةٍ انْتَهَى. فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا وَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي تِلْكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إلَيَّ فِي مَسْأَلَتِنَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ: أَيْ إنْ انْتَهَى خُرُوجُك لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ فِي تِلْكَ لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُك لِأَجْلِ غَيْرِ الْعِيَادَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَخُرُوجُهَا لِأَجْلِهِمَا مَعًا لَيْسَ خُرُوجًا لِغَيْرِ الْعِيَادَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا مَعَ امْرَأَتِهِ فَخَرَجَا لَكِنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَيْهَا بِخُطُوَاتٍ أَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا إلَّا بِمُوجِبٍ فَضَرَبَهَا بِخَشَبَةٍ لِشَتْمِهَا لَهُ لَمْ تَطْلُقْ لِلْعُرْفِ فِي الْأُولَى وَلِضَرْبِهِ لَهَا بِمُوجِبٍ فِي الثَّانِيَةِ، إذْ الْمُرَادُ فِيهَا بِالْمُوجِبِ مَا تَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا، أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ وَقَدَّمَ لَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضِيَافَةً لَمْ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ، أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ إلَيْهَا ثُمَّ دَخَلَهَا الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا. نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ فِيهَا اتَّجَهَ الْحِنْثُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَلَوْ)(قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ) أَوْ حُقْبٍ بِسُكُونِ الْقَافِ أَوْ عَصْرٍ (أَوْ بَعْدَ حِينٍ) أَوْ نَحْوِهِ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ يَقَعُ عَلَى الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ وَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدُ وَفَارَقَ قَوْلَهُمْ فِي الْإِيمَانِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ لَمْ يَحْنَثْ بِلَحْظَةٍ فَأَكْثَرَ بَلْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعْلِيقٌ فَيُعَلَّقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِإِذْنِهِ لَهَا مَرَّةً لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ مَتَى التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ) عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا اعْتِمَادُ خِلَافِ هَذَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ الْوَالِدُ الْجَمْعُ إلَخْ إقْرَارُ كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قِيلَ بِالْوُقُوعِ فِيهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْعِيَادَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ.
(قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ) أَيْ فَلَا طَلَاقَ فِيمَا لَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا طَلُقَتْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي تِلْكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ إلَى وَاللَّامِ (قَوْلُهُ: لِشَتْمِهَا لَهُ) وَأَمَّا لَوْ تَرَكَتْ مَا اُعْتِيدَ لِلنِّسَاءِ فِعْلُهُ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ شَرْعًا كَأَنْ تَرَكَتْ الطَّبْخَ وَالْعَجْنَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا اُعْتِيدَ لَهُنَّ فِعْلُهُ فَضَرَبَهَا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ فَهَلْ يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ سَبَبًا شَرْعِيًّا أَوْ لَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ عُرْفِيٌّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ) أَيْ أَوْ عَيْشِهِ أَوْ خُبْزِهِ أَوْ طَعَامِهِ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ) وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِيهِ مَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ مَلَكَهُ عَدَمُ الْحِنْثِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ إبْعَادَ نَفْسِهِ عَمَّا يُضَافُ لِزَيْدٍ فَلَا كَلَامَ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: فَانْتَقِلْ مِنْهَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الِانْتِقَالِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا عَلَى قَصْدِ السُّكْنَى بِغَيْرِهَا وَلَوْ لَحْظَةً لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ انْتَقَلَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ لِشِرَاءِ مَصْلَحَةٍ مَثَلًا وَعَادَ لَمْ يَبَرَّ لِحَالِفٍ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ مَا دَامَ فِيهَا خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَفْهُومَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَوَامُ السُّكْنَى وَهُوَ يَزُولُ بِالِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهَا وَإِنَّ قَلَّ زَمَنُهُ كَلَحْظَةٍ.
(قَوْلُهُ: طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الثَّانِي وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ إلَّا مَا يُفِيدُ التَّكْرَارَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَدَلْت لِغَيْرِهِ) لَعَلَّهُ بَعْدَ انْتِهَائِهَا إلَيْهِ لِيُنَاسِبَ الْفَرْقَ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ انْتِهَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الْحَمَّامِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا انْتَهَى إلَى الْحَمَّامِ ثُمَّ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا هَلْ يُقَالُ انْتَهَى الْخُرُوجُ إلَى الْحَمَّامِ وَغَيْرِهَا؟ وَقَدْ أَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْحَمَّامِ فَقَطْ وَهُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْخُرُوجِ لَهُمَا أَنَّهُ خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُمَا خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ (قَوْلُهُ: ضِيَافَةً) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْعِلَّةُ، فَيَشْمَلُ نَحْوَ الْإِبَاحَةِ
حِينًا إذْ الْمَدَارُ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا، وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ فَنُظِرَ فِيهِ لِلْيَأْسِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ زَمَانًا حَنِثَ بِشُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ أَوْ لَيَصُومَنَّ أَزْمِنَةً كَفَاهُ صَوْمُ يَوْمٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ، أَوْ لَيَصُومَنَّ الْأَيَّامَ كَفَاهُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا، أَوْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا أَنْ تُرِيدَ إنْ كَانَ يُعَذِّبُ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَلَوْ اتَّهَمَتْهُ زَوْجَتُهُ بِاللِّوَاطِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ، أَوْ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا لَغَا الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَلَا عَطْفٍ، فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَدَلَ الْأَخِيرِ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ وَمِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا طَلُقَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَكَّةَ أَوْ الظِّلِّ أَوْ الْبَحْرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ طَلُقَتْ حَالًا مَا لَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقًا.
(وَلَوْ)(عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ) مَثَلًا (أَوْ لَمْسِهِ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَسَّهُ هُنَا كَلَمْسِهِ وَإِنْ افْتَرَقَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَلِاضْطِرَادِ الْعُرْفِ هُنَا بِاتِّحَادِهِمَا (أَوْ قَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ حَيًّا) نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا (وَمَيِّتًا) فَيَحْنَثُ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مُتَّصِلٍ بِهِ غَيْرَ نَحْوِ شَعْرِهِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ شَفَّافٍ دُونَ خَيَالِهِ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ، نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ حَنِثَ إذْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ فَحَلَفَ لَهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِيهِ كُلَّ جُمُعَةٌ مِنْهُ كَذَا، فَفَوَّتَ جُمُعَةً مِنْ غَيْرِ إعْطَاءٍ ثُمَّ دَفَعَ مَا يَخُصُّهَا فِي الْجُمُعَةِ التَّالِيَةِ لَهَا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالْحِنْثِ لِأَنَّ كُلَّ جُمُعَةٍ ظَرْفٌ وَبِفَرَاغِهَا تَحَقَّقَ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ فِيهَا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً بَلْ لَوْ أَرَادَ الْأَعَمَّ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِيهَا أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهَا عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُؤَخِّرًا لَمْ يَحْنَثْ وَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِشُرُوعِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا) أَيْ الْأَزْمِنَةِ (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ زَمَانًا كَفَاهُ لَحْظَةٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ) أَيْ مَا لَمْ تَدُلُّ قَرِينَةٌ عَلَى خُصُوصِ اللِّوَاطِ وَيَقُولُ قَصَدَتْهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) مِنْ تَتِمَّةِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ) فَرْضُ الْكَلَامِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ الْأُولَى مُشْتَمِلَةً عَلَى تَعْلِيقٍ صَرِيحٍ وَهَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا تَخْرُجِينَ مِنْ الْبَيْتِ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا مِنْ الصِّفَةِ لِكَوْنِ كُلٍّ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ بِجَعْلِ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لَا تَخْرُجِينَ مِنْ الْبَيْتِ فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالثَّانِي الِاسْتِئْنَافَ قُبِلَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَقِبَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ طَالِقٌ.
(قَوْلُهُ وَمَيِّتًا) أَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ وَاللَّمْسِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْقَذْفِ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. أَقُولُ: بَلْ قَذْفُ الْمَيِّتِ أَشَدُّ مِنْ قَذْفِ الْحَيِّ لِأَنَّ الْحَيَّ يُمْكِنُ الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا يَأْتِي) أَيْ فِي اللَّمْسِ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ إكْرَاهِ عَلَيْهَا) أَيْ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي مَاءٍ) غَايَةٌ فِي التَّنَاوُلِ فَيَحْنَث بِكُلِّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا) أَيْ جُمْلَتَهُ لَا بَعْضَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ) لَعَلَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى اللِّوَاطَ بَلْ الْقِيَاسُ قَبُولُهُ مِنْهُ ظَاهِرًا لِلْقَرِينَةِ فَلْيُرَاجَعْ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ.) وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ سَوَاءٌ أَتَى بِهِ مُتَّصِلًا أَمْ مُنْفَصِلًا وَسَوَاءٌ أَنَوَى الْإِتْيَانَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ حَالًا) أَيْ: وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ) غَايَةٌ
لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا وَبِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لَا نَحْوِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ سَوَاءٌ الرَّائِي وَالْمَرْئِيُّ وَاللَّامِسُ وَالْمَلْمُوسُ الْعَاقِلُ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ لَمَسَهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى لَمْسِ شَيْءٍ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ صِدْقُ رُؤْيَةِ كُلِّهِ عُرْفًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كَوَّةٍ مَثَلًا فَرَأَتْهَا فَلَا حِنْثَ.
وَلَوْ قَالَ لِعَمْيَاءَ إنْ رَأَيْت فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ حَمْلًا لِرَأَى عَلَى الْمُتَبَادِرِ مِنْهَا، أَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ الْقَمَرِ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ، بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرُهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُؤَاخَذَتُهُ، وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِالرُّؤْيَةِ الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ عَمْيَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ يَدِينُ، وَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ فِي الْهِلَالِ بِالْمُعَايَنَةِ وَمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَلَمْ يَرَ فِيهَا مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ تَسْتَقْبِلُهُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَعْدَهَا هِلَالًا، أَمَّا التَّعْلِيقُ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ مَعَ تَفْسِيرِهِ بِمُعَايَنَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا لَا يُسَمَّى قَمَرًا، كَذَا أَفْتَى بِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ قَالَ إنْ رَأَيْتِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَأَنْت طَالِقٍ فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ وَأَرَادَ ذَلِكَ طَلُقَتْ، فَإِنْ نَازَعَهَا فِيهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إذْ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْهَا، وَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ لَا فِي مَنَامٍ أَوْ أَطْلَقَ اتَّجَهَ عَدَمُ الْوُقُوعِ حَمْلًا لَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ (بِخِلَافِ ضَرْبِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ سِوَى الْحَيِّ إذْ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِيلَامُ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَا هُنَا اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مُؤْلِمًا، لَكِنْ خَالَفَاهُ فِي الْأَيْمَانِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ثَمَّ أَنَّ مِنْهُ مَا لَوْ حَذَفَهَا بِشَيْءٍ فَأَصَابَهَا، وَجَمَعَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ بِالْقُوَّةِ، وَالثَّانِي عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ.
وَلَوْ عَلَّقَ بِتَقْبِيلِ زَوْجَتِهِ اخْتَصَّ بِالْحَيَّةِ بِخِلَافِ أُمِّهِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الشَّهْوَةُ وَهُنَا الْكَرَامَةُ، أَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ، وَكَذَا إنْ كَلَّمَتْهُ وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرَ الطَّافِحَ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيُكَلِّمُ هُوَ عَادَةً، فَإِنْ كَلَّمَتْهُ فِي نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ أَوْ بِهَمْسٍ وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبَ أَوْ نَادَتْهُ مِنْ مَكَان لَا يَسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ إلَيْهِ رِيحٌ وَسَمِعَ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الَّذِي يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بِغَيْرِ الْمِرْآةِ كَجَانِبَيْ الْمَنْحَرِ وَبَعْضِ الشَّفَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ) أَيْ وَجْهَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُسْتَحِيلِ فِي الْإِثْبَاتِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ بِخِلَافِهِ فِي النَّفْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ) أَيْ لِلشَّهْرِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِإِعْلَامِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى هِلَالًا إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ قَمَرًا إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ وَيُسَمَّى هِلَالًا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَعْدَهَا يُسَمَّى قَمَرًا (قَوْلُهُ: حَمْلًا لَهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِلتَّطَوُّعِ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ سِوَى الْحَيِّ) أَيْ وَلَوْ نَبِيًّا وَشَهِيدًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُهَا حَيَّةً
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي الْمُثْبَتِ (قَوْلُهُ: وَبِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يُقَيِّدْهُ هُنَا بِالْمُتَّصِلِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: الْعَاقِلُ وَغَيْرُهُ) هَذَا هُوَ مَحَطُّ التَّسْوِيَةِ، وَلَوْ زَادَ لَفْظَ فِي عَقِبَ قَوْلِهِ سَوَاءٌ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِغَيْرِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالْقَمَرِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ تَسْتَقْبِلُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّهِ) أَيْ فِيمَا إذَا عُلِّقَ بِتَقْبِيلِهَا فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا حَيَّةً
قَالَهُ الْقَاضِي، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنْ انْتَفَى ذَلِكَ لِذُهُولٍ مِنْهُ أَوْ شُغْلٍ أَوْ لَغَطٍ وَلَوْ كَانَ لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَانْتِفَاءُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ وَإِنْ كَانَ أَصَمًّا فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصَمًّا لِسَمْعٍ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ، وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْوُقُوعَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ حِمَارًا أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ نَحْوَ حَائِطٍ وَهُوَ يَسْمَعُ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَكَلَّمَتْ أَبَاهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ زَوْجِهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
فَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ مَنْعَهَا مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ قُبِلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِتَكْلِيمِ أَحَدِهِمَا وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلَا يَقَعُ بِتَكْلِيمِ الْآخَرِ شَيْءٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِكَلَامِهِمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا أَوْ زَيْدًا فَعَمْرًا اُشْتُرِطَ تَكْلِيمُ زَيْدٍ قَبْلَ عَمْرٍو مُتَرَاخِيًا عَنْهُ فِي الْأُولَى وَعَقِبَ كَلَامِ زَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ إلَّا الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ يَمِيلُونَ فِي التَّعْلِيقِ إلَى تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ، إذْ الْعُرْفُ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ هَذَا إنْ اضْطَرَبَ، فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ حِينَئِذٍ، وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ وَالِاجْتِهَادُ فِيمَا يُسْتَفْتَى فِيهِ.
(وَلَوْ)(خَاطَبَتْهُ) زَوْجَتُهُ (بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ أَوْ يَا خَسِيسُ) أَوْ يَا حُقْرَةُ (فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ) أَيْ سَفِيهًا أَوْ خَسِيسًا (فَأَنْت طَالِقٌ)(إنْ أَرَادَ مُكَافَأَتَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ) مِنْ الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا أَغَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ (طَلُقَتْ) حَالًا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفَهٌ) وَلَا خِسَّةٌ وَلَا حُقْرَةٌ إذْ الْمَعْنَى إنْ كُنْت كَذَلِكَ فِي زَعْمِك فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) أَرَادَ (التَّعْلِيقَ اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ) مُكَافَأَةً وَلَا تَعْلِيقًا (فِي الْأَصَحِّ) مُرَاعَاةً لِقَضِيَّةِ لَفْظِهِ إذْ الْمَرْعِيُّ فِي التَّعْلِيقَاتِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ كَمَا مَرَّ وَالثَّانِي لَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ حَمْلًا عَلَى الْمُكَافَأَةِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَسْلِ الثِّيَابِ لَا يَحْصُلُ الْبَرُّ فِيهِ إلَّا بِغُسْلِهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغَسْلَ مِنْ الْوَسَخِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ، وَكَالْوَسَخِ النَّجَاسَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَتَرَدَّدَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي التَّعْلِيقِ بِأَنَّ بِنْتَه لَا تَجِيئُهُ فَجَاءَتْ لِبَابِهِ فَلَمْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ مَيِّتَةً (قَوْلُهُ: حَمْلُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَالِبًا) أَيْ حَالَ النَّوْمِ وَالْغَيْبَةِ (قَوْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ) وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِهِمَا حَيْثُ لَمْ يُعَارِضْهُمَا وَضْعٌ شَرْعِيٌّ وَإِلَّا قُدِّمَ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَمْ يَحْنَثْ بِالدُّعَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا لُغَةً لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ شَرْعًا لِلْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ، وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ ثُمَّ هُوَ: أَيْ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ: أَيْ بِكَسْرِ الطَّاءِ، فَفِي الشَّرْعِ الشَّرْعِيُّ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ الْعَامُّ ثُمَّ اللُّغَوِيُّ اهـ. وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
. (قَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغُسْلَ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: هَذَا إنْ اضْطَرَبَ فَإِنْ اطَّرَدَ عُمِلَ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ يَمِيلَانِ إلَى الْعُرْفِ وَإِنْ اضْطَرَبَ وَفِيهِ مَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا يَمِيلُونَ إلَى الْعُرْفِ عِنْدَ اضْطِرَادِهِ إذَا كَانَ قَوِيًّا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشِّهَابِ حَجّ وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، فَيَمِيلَانِ إلَيْهِ حَيْثُ اضْطَرَدَ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى النَّاظِرِ التَّأَمُّلُ) أَيْ فِي اضْطِرَادِ الْعُرْفِ وَاضْطِرَابِهِ
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِمَّا تَقَرَّرَ إلَخْ.) صَرِيحٌ هَذَا أَنَّ هَذَا الْبَعْضَ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ مَأْخَذِ الضَّعِيفِ لِأَنَّهُ الَّذِي عُوِّلَ عَلَى الْعُرْفِ، فَيَكُونُ الْأَخْذُ ضَعِيفًا وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَعِبَارَتُهَا عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا؛ إذْ الْمُرْعَى فِي التَّعْلِيقَاتِ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ لَا الْعُرْفِيُّ إلَّا إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ، وَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِغَسْلِ الثِّيَابِ إلَخْ.
تَجْتَمِعْ بِهِ ثُمَّ مَالَ إلَى عَدَمِ الْحِنْثِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِئْ بِالْفِعْلِ إلَّا لِبَابِهِ وَمَجِيئُهَا إلَيْهِ بِالْقَصْدِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ قَالَ: وَالْوَرَعُ الْحِنْثُ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ جَاءَتْ وَلَمْ تَجْتَمِعْ بِهِ.
قَالَ: وَمَدْلُولُ لَا يَعْمَلُ عِنْدَهُ لُغَةً: عَمِلَهُ بِحُضُورِهِ، وَعُرْفًا: أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا فَذَاكَ، وَإِلَّا بَنَى عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُغَلَّبَ اللُّغَةُ أَوْ الْعُرْفُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا وَيَتَّجِهُ مِنْ تَغْلِيبِ الْعُرْفِ إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ تَغْلِيبُهُ هُنَا لِاطِّرَادِهِ، قَالُوا وَالْخِيَاطَةُ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ غَرْزِ الْإِبْرَةِ وَجَذْبِهَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَلَوْ جَذَبَهَا ثُمَّ غَرَزَهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ تَكُنْ خِيَاطَةً، وَلَوْ عَلَّقَ بِنُزُولِهَا عَنْ حَضَانَةِ وَلَدِهَا نُزُولًا شَرْعِيًّا لَمْ يَحْنَثْ بِنُزُولِهَا لِأَنَّهُ بِإِعْرَاضِهَا وَإِسْقَاطِهَا يَسْتَحِقُّهَا شَرْعًا لَا بِنُزُولِهَا مَعَ أَنَّ حَقَّهَا لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ إذْ لَهَا الْعَوْدُ لِأَخْذِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ (وَالسَّفَهُ) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (مُنَافِي إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ) وَهُوَ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْعُرْفَ عَمّ بِأَنَّهُ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَنُطْقُهُ بِمَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ سِيَّمَا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِبَذَاءَةٍ فَقَالَتْ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً لِمَا صَدَرَ مِنْهُ، وَالْأَوْجَهُ الرُّجُوعُ إلَى ذَلِكَ إنْ ادَّعَى إرَادَتَهُ وَكَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ، فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا عُمِلَ بِدَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً (وَالْخَسِيسُ قِيلَ) أَيْ قَالَ الْعَبَّادِيُّ: هُوَ (مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِهَا قَالَ وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ تَفَقُّهًا مِنْ نَفْسِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ.
(وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ) فِي مَعْنَاهُ (هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بُخْلًا) بِمَا يَلِيقُ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَتَعَاطَاهُ تَوَاضُعًا أَوْ زُهْدًا أَوْ طَرْحًا لِلتَّكْلِيفِ وَالْحُقْرَةُ عُرْفًا ذَاتًا ضَئِيلُ الشَّكْلِ فَاحِشُ الْقِصَرِ وَوَضْعًا الْفَقِيرُ الْفَاسِقُ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ النِّسَاءَ لَا يُرِدْنَ بِهِ إلَّا قَلِيلَ النَّفَقَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فِي عُرْفِ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَالَ إلَى عَدَمِ الْحِنْثِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ شَخْصًا تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَحَلَفَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تَذْهَبُ إلَى أَهْلِهَا إلَّا إنْ جَاءَهَا بِأَحَدِهِمْ، فَتَوَجَّهَ إلَى أَهْلِهَا وَأَتَى بِوَالِدَتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَاعِدَةٌ فِي مَنْزِلِهِ فَرَآهَا فِي الطَّرِيقِ وَرَدَّهَا إلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِلْ إلَى أَهْلِهَا، وَمِثْلُ رَدِّهَا إلَى مَنْزِلِهِ مَا لَوْ أَمَرَ وَالِدَتَهَا أَنْ تَذْهَبَ إلَى أَهْلِهَا وَذَهَبَتْ بِهَا أَوْ لَمْ يَأْمُرْهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لَهُ) وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ مُجَرَّدِ التَّوَافُقِ عَلَى كَوْنِهِ يَحْرُثُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ صَحِيحٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَجِيرًا لَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ الْمُطَّرِدُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا لَوْ قَالَ لَا أُؤَجِّرُ أَوْ لَا أَبِيعُ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ مِنْهُمَا لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ ثَمَّ الْعَقْدُ الصَّحِيحِ شَرْعًا وَمَا هُنَا لَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ فَحُمِلَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ (قَوْلُهُ: وَاطَّرَدَ تَغْلِيبُهُ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا عَمِلَ أَجِيرًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ) مَقُولُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ: أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي تَعْرِيفِهِ إنَّهُ مِنْ إلَخْ فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى فِعْلِ حَرَامٍ وَلَا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: فَاحِشُ الْقِصَرِ) أَيْ فَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا فِي يَمِينِهِ كَأَنْ قَالَ فُلَانٌ حُقْرَةٌ ذَاتًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا بِنُزُولِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِعْرَاضِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّزُولَ الشَّرْعِيَّ لَا يُتَصَوَّرُ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ بِإِعْرَاضِهَا يَسْتَحِقُّهَا هُوَ شَرْعًا لِئَلَّا يَضِيعَ الطِّفْلُ مَعَ عَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهَا حَتَّى لَوْ عَادَتْ أَخَذَتْهُ قَهْرًا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ نُزُولًا شَرْعِيًّا فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ نَظَرًا لِلْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ يَنْظُرُ إلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ الْمُقْتَضِيَيْنِ لِتَسْمِيَةِ قَوْلِهَا نَزَلَتْ نُزُولًا لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَكَذَا حَيْثُ تَنَافَى الْوَضْعُ الشَّرْعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ نَحْوِ صَلَاةِ تَقْدِيمِ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا، فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَيْسَ لِلشَّارِعِ فِيهِ عُرْفٌ. اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَقِبَهُ مِنْ أَنَّ السَّفَهَ عَدَمُ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فِي الْأَيْمَانِ التَّصْرِيحُ بِتَقْدِيمِ عُرْفِ الشَّرْعِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ فَمَحَلُّهُ بَعْدَ الْمَتْنِ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَهُوَ إذْ الَّذِي بَعْدَ هُوَ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَنَصُّهَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ السَّفَهُ عَلَى مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ (قَوْلُهُ: عُمِلَ بِدَعْوَاهُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ
وَلَا عِبْرَةَ بِعُرْفِهِنَّ تَقْدِيمًا لِلْعُرْفِ الْعَامِّ عَلَيْهِ، وَالْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يَقْرِي الضَّيْفَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ بَخِيلًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي الثَّانِيَ فَقَطْ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ عُرْفِ الشَّرْعِ أَمَّا فِيهِ فَهُوَ مَنْ يَمْنَعُ مَالًا لَزِمَهُ بَذْلُهُ، وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمْعًا حَرَامًا وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ أَهْلِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ، وَالْقَرْطَبَانُ: مَنْ يَسْكُتُ عَنْ الزَّانِي بِامْرَأَتِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ مَحَارِمُهُ وَنَحْوُهُنَّ. وَالدَّيُّوثُ: مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ الدُّخُولِ وَمَحَارِمِهِ، وَإِمَاؤُهُ كَالزَّوْجَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ وَنَحْوِهِنَّ، وَالْقَلَّاشُ: الذَّوَّاقُ لِلطَّعَامِ كَأَنْ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَلَا يَشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ مَنْ قِيلَ لَهُ يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ إنْ كَانَتْ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْ عَارِهَا كَقَصْدِهِ الْمُكَافَأَةَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ، وَالْقَحْبَةُ هِيَ الْبَغِيُّ، وَالْجَهْوَذُورِيّ: مَنْ قَامَ بِهِ الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ صُفْرَةُ الْوَجْهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْحِجَازِيُّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَلَّقَ مُسْلِمٌ طَلَاقَهُ بِهِ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهَا، فَإِنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ بِهَا طَلُقَتْ حَالًا، وَالْكَوْسَجُ: مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ وَعُدِمَ شَعْرُ عَارِضِيهِ، وَالْأَحْمَقُ مَنْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ عِلْمه بِقُبْحِهِ، وَالْغَوْغَاءُ: مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ النَّاسَ بِلَا حَاجَةٍ، وَالسِّفْلَةُ: مَنْ يَعْتَادُ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ إلَّا نَادِرًا.
فَإِنْ وَصَفَتْ زَوْجَهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَصَدَ مُكَافَأَتَهَا طَلُقَتْ حَالًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ وُجُودُ الصِّفَةِ، أَوْ قَالَتْ لَهُ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا فَقَالَ إنْ كُنْت رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ أَوْ الْفُتُوَّةِ أَوْ نَحْوِهَا، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ طَلُقَتْ أَوْ الْمُشَاكَلَةَ فِي الصُّورَةِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا إلَّا إنْ كَانَتْ رَأَتْ مِثْلَهَا كَثِيرًا،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ صِفَةً عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ حَنِثَ إنْ كَانَ حَقَّرَهُ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ لِصِدْقِ الْحُقْرَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَوْ قَالَ أَرَدْت أَحَدَهُمَا وَعَيَّنَهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِعُرْفِهِنَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرِي الضَّيْفَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَقَرَى الضَّيْفَ يَقْرِيهِ قِرًى بِالْكَسْرِ وَقَرَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ أَحْسَنَ إلَيْهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ وَلَا يَقْرِي الضَّيْفَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ هُنَا بِالضَّيْفِ خُصُوصَ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ بَلْ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِكْرَامِهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ حَيْثُ عَبَّرَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بَذْلُهُ) أَيْ فَيَدْخُلُ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ الزِّنَا وَمِنْهُ الْخُدَّامُ، وَقَوْلُهُ مِنْ الدُّخُولِ: أَيْ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الْمُرُوءَةِ مِنْ الزَّوْجِ. أَمَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ دُخُولِ الْخَادِمِ أَوْ نَحْوِهِ لِأَخْذِ مَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةٍ لِلْمَرْأَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا لِتَسْمِيَةِ الزَّوْجِ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) وَهَلْ يَكْفِي فِيهَا الشُّيُوعُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعٍ كَالزِّنَا أَوْ يَكْفِي اثْنَانِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ لَا ذُلَّ مَعَ الْإِسْلَامِ، وَمُقْتَضَى تَعْوِيلِهِمْ عَلَى الْعُرْفِ أَنَّ الْمُحْتَاجَ الضَّعِيفَ إذَا تَرَكَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ يَكُونُ كَذَلِكَ فَيَقْتَضِي الْحِنْثُ (قَوْلُهُ: وَعَدِمَ) مِنْ بَابِ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
خَاصَّةً لِهَذَا الْمَعْنَى وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِيهِ فَهُوَ مَنْ يَمْنَعُ إلَخْ.) نَازَعَ الشِّهَابُ حَجّ فِي كَوْنِ هَذَا مَعْنَاهُ شَرْعًا وَأَنْكَرَ أَنَّ لَهُ مَعْنَى فِي الشَّرْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ بِمَا قَالَهُ إظْهَارَ الشَّهَامَةِ وَالْفُتُوَّةِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَعْلِيقٍ وَإِنْ فَهِمَ عَنْهُ الشَّارِحُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ فَرَتَّبَا عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَهَذَا مَعْنَى غَيْرِ قَصْدِ الْمُغَايَظَةِ وَالْمُكَافَأَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ تَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى وُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي ادَّعَى الشَّارِحُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ دُخُولَهَا فِي عِبَارَةِ أَصْلِهِ، فَإِنْ سَلِمَ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ أَغْفَلَهَا ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ
كَذَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ بَدَلَ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهَا فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ، بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك، فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرُهُ الْمُكَافَأَةُ فَتَطْلُقُ حَالًا إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا، فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُهُ، فَلَوْ كَانَ كَافِرًا طَلُقَتْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ عَدَمُهُ وَإِنْ قَصَدَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ فَعَلْت مَعْصِيَةً أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ بِتَرْكِ الطَّاعَةِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ، وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا كَمَا مَال إلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ إنْ وَطِئْت أَمَتِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ طَأْهَا فِي عَيْنِهَا فَلَيْسَ بِإِذْنٍ. نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا وَقَوْلُهَا فِي عَيْنِهَا تَوَسُّعًا فِي الْإِذْنِ لَا تَخْصِيصًا. قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الْبَيْتَ وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ، فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا طَلُقَتْ حَالًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بَانَ وُقُوعُهُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
عِبَارَةِ أَصْلِهِ وَزَادَ بَدَلَهَا الصُّورَةَ الْأُولَى، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي وَبَيْنَ كَلَامٍ أَصْلُهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كُلًّا فِي كَلَامِهِ صُورَةٌ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ الْآخَرِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِلَّا فَابْنُ الْمُقْرِي لَا يَسَعُهُ الْقَوْلُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَالًا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَمَا أَجَابَ بِهِ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ فِيهِ تَوَقُّفٌ لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِيِّ فَرْعٌ: لَوْ تَخَاصَمَ الزَّوْجَانِ فَقَالَ أَبُوهَا لِلزَّوْجِ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا، فَقَالَ إنْ كُنْت رَأَيْت مِثْلَ هَذِهِ اللِّحْيَةِ كَثِيرًا فَابْنَتُك طَالِقٌ، فَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا: أَيْ بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ فَلَيْسَتْ مُرَادَةً لِلْأَصْلِ أَصْلًا وَإِنْ ادَّعَاهُ الشَّارِحُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي لَمْ يَغْفُلْ مِنْ أَصْلِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا زَادَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِفِعْلٍ) أَيْ فِي الْعُرْفِ وَلَا فِي اللُّغَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْأُصُولِيِّينَ: لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا طَلُقَتْ حَالًا) أَيْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فِي النَّفْيِ، وَالْهَاوُنُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ هَاوُونَ بِوَاوَيْنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ