الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَدَمِ الضَّرَرِ.
(فَصْلٌ) فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ
(يَلْزَمُهُ) أَيْ الْفَرْعُ الْحُرُّ أَوْ الْمُبَعَّضُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفَقَةُ) أَيْ مُؤْنَةُ حَتَّى نَحْوُ دَوَاءٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ (الْوَالِدِ) الْمَعْصُومِ الْحُرِّ وَقِنِّهِ الْمُحْتَاجِ لَهُ وَزَوْجَتِهِ إنْ وَجَبَ إعْفَافُهُ أَوْ الْمُبَعَّضِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْحُرِّ لَا الْمُكَاتَبِ (وَإِنْ عَلَا) وَلَوْ أُنْثَى غَيْرَ وَارِثَةٍ إجْمَاعًا، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ» (وَ) يَلْزَمُ الْأَصْلَ الْحُرَّ أَوْ الْمُبَعَّضَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مُؤْنَةُ (الْوَلَدِ) الْمَعْصُومِ الْحُرِّ أَوْ الْمُبَعَّضِ كَذَلِكَ (وَإِنْ سَفَلَ) وَلَوْ أُنْثَى كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} [البقرة: 233] الْآيَةَ، وَمَعْنَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه وُجُوبَ نَفَقَةِ الْمَحَارِمِ: أَيْ فِي عَدَمِ الْمُضَارَّةِ كَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] فَإِذَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ فَكِفَايَتُهُ أَلْزَمُ، وَمِنْ ثَمَّ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي طِفْلٍ لَا مَالَ لَهُ وَأُلْحِقَ بِهِ بَالِغٌ عَاجِزٌ كَذَلِكَ لِخَبَرِ هِنْدَ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» (وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا) بِشَرْطِ عِصْمَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ لَا نَحْوَ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ؛ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَتْلِهِمَا وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَكَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُنَاصَرَةِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا تَجِبُ (بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُنْفِقِ) ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَنَفَقَةُ الزَّوْجِ مُعَاوَضَةٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي إعْسَارِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ حَيْثُ لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ حَالِهِ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِهِ (بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ) مِنْ زَوْجَتِهِ وَخَادِمِهَا وَأُمِّ وَلَدِهِ كَمَا أَلْحَقَهُمَا بِهَا الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا وَعَنْ سَائِرِ مُؤَنِهِمْ، وَخَصَّ الْفَوْتَ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ لَا عَنْ دَيْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْفِلْسُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» وَبِعُمُومِهِ يَتَقَوَّى مَا مَرَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ (فِي يَوْمِهِ) وَلَيْلَتِهِ الَّتِي تَلِيهِ غَدَاءً وَعَشَاءً، وَلَوْ لَمْ يَكْفِهِ الْفَاضِلُ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ (وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْفَرْضَ غَيْبَةُ سَيِّدِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الضَّرَرِ) وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا هُنَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتَ مَالٍ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْقِنِّ الْآتِي فِي مُؤْنَةِ الرَّقِيقِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ هُنَا بِالتَّزْوِيجِ وَلَا كَذَلِكَ الْقِنُّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ.
(فَصْلٌ) فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَ إعْفَافُهُ) أَيْ بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ) أَيْ الْأَبِ، وَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُبَعَّضَ كَذَلِكَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُنْثَى كَذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ وَارِثَةٍ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) وَمِثْلُهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ نَحْوُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ، لَكِنْ قَالَ حَجّ فِيهِ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْ عِصْمَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِهِمَا، وَمُقْتَضَى مَا عَلَّلَ بِهِ أَنَّ مِثْلَهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بَعْدَ بُلُوغِ خَبَرِهِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ اخْتِلَافُ دِينِهِمَا (قَوْلُهُ: تَشْهَد لَهُ بِهِ) أَيْ الْإِعْسَارِ (قَوْلُهُ: فَلِأَهْلِك) أَيْ لِزَوْجَتِك (قَوْلُهُ: مَعْنًى يُخَصِّصُهُ) أَيْ كَأَنْ يُقَالَ إنَّمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ]
ِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي عَدَمِ الْمُضَارَّةِ) هُوَ خَبَرٌ وَمَعْنًى (قَوْلُهُ: وَقَوْلِهِ) هُوَ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِالنَّحْوِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَاسْتَوْجَهَ وُجُوبَ إنْفَاقِهِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى
مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ كَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَمَرْكُوبٍ وَإِنْ احْتَاجَهُمَا لِتَقَدُّمِهَا عَلَى وَفَائِهِ، فَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِيهِ بِالْأَوْلَى فَسَقَطَ مَا قِيلَ كَيْفَ يُبَاعُ مَسْكَنُهُ لِاكْتِرَاءِ مَسْكَنٍ لِأَصْلِهِ وَيَبْقَى هُوَ بِلَا مَسْكَنٍ مَعَ خَبَرِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك» عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ بَعْدَ بَيْعِ مَسْكَنِهِ إلَّا مَا يَكْفِي أُجْرَةَ مَسْكَنِهِ أَوْ مَسْكَنِ وَالِدِهِ، وَحِينَئِذٍ الْمُقَدَّمُ مَسْكَنُهُ فَذِكْرُ الْخَبَرِ تَأْكِيدًا لِلْإِشْكَالِ وَهَمٌ، وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي نَفَقَةِ الْعَبْدِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ غَيْرَ الْعَقَارِ بِهِ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ بَيْعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَنَّهُ يُسْتَدَانُ لَهَا إلَى اجْتِمَاعِ مَا يَسْهُلُ بَيْعُهُ فَيُبَاعُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي إلَّا الْكُلَّ بِيعَ الْكُلُّ.
أَمَّا مَا لَا يُبَاعُ فِيهِ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْفَلَسِ فَلَا يُبَاعُ فِيهَا بَلْ يُتْرَكُ لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا) أَيْ الْمُؤَنِ، وَلَوْ لِحَلِيلَةِ الْأَصْلِ كَالْأُدُمِ وَالسُّكْنَى وَالْإِخْدَامِ حَيْثُ وَجَبَ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ حَلَّ وَلَاقَ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ بِالْكَسْبِ كَهِيَ بِالْمَالِ فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ لِوَفَاءِ دَيْنٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَهَذِهِ فَوْرِيَّةٌ وَلِقِلَّةِ هَذِهِ وَانْضِبَاطِهَا بِخِلَافِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ صَارَتْ دَيْنًا بِفَرْضِ قَاضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاكْتِسَابُ لَهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ زَكَاةٍ وَلَا قَبُولُ هِبَةٍ.
فَإِنْ فَعَلَ وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَمَّا مَرَّ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ.
وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ ذَلِكَ فِي حَلِيلَةِ الْأَصْلِ بِقَدْرِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا، وَإِنْ قَدَرَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ خِلَافَهُ (وَلَا تَجِبُ) الْمُؤَنُ (لِمَالِكِ كِفَايَتِهِ وَلَا) لِشَخْصٍ (مُكْتَسِبِهَا) لِاسْتِعْمَالِهِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ، وَلَمْ يَكْتَسِبْ كُلِّفَهُ إنْ كَانَ حَلَالًا لَائِقًا بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَدَرَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ عَلَى النِّكَاحِ لَمْ تَسْقُطْ مُؤْنَتُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَفَارَقَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ بِأَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا أَمَدَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ، فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ، وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُهَا إلَى فَسْخِهَا لِئَلَّا يَجْمَعَ نَفَقَتَيْنِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ كَمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَجَبَتْ عَلَى الْأَقَارِبِ لِكَوْنِهِمْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْكَسْبُ (قَوْلُهُ: وَلِقِلَّةِ هَذِهِ) أَيْ الْمُؤْنَةِ وَانْضِبَاطِهَا: أَيْ إذْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بِخِلَافِهِ: أَيْ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا انْضِبَاطَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدْيُونِ، فَقَدْ يَكُونُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِشَخْصٍ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ لِآخَرَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ مَا يَقْتَضِي تَجَدُّدَ الدُّيُونِ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَعُرُوضِ إتْلَافٍ مِنْهُ لِمَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ: أَيْ الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دُفِعَتْ لَهُ الزَّكَاةُ بِلَا سُؤَالٍ وَجَبَ قَبُولُهَا، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ وُجُوبِ قَبُولِ الْهِبَةِ بِوُجُودِ الْمِنَّةِ لِلْوَاهِبِ، بِخِلَافِ الْمُزَكِّي فَإِنَّهُ لَا مِنَّةَ لَهُ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ لَهُ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الدُّيُونَ، وَلَا يَرِدُ عَدَمُ وُجُوبِ قَبُولِهَا بَلْ عَدَمُ جَوَازِهِ لِنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مُرُوءَةً وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ
(قَوْلُهُ: كُلِّفَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ فَرْعًا بِخِلَافِ الْأَصْلِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(قَوْلُهُ: لَا أَمَدَ لَهُ) أَيْ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُمَا غَرَضٌ فِيهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ) هُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا، فَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْسَالِ لِيَحْضُرَ فَتَجِبُ مِنْ وَقْتِ حُضُورِهِ، وَالْمُتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ قَوْلُهُمْ: لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ نَفَقَتَيْنِ وَكَمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا بِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
زَوَالِ مَانِعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْقِهِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ فَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِالنَّحْوِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَادَهَا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَإِنْ احْتَاجَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَكَيْفِيَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ لَهَا كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَفَقَةِ الْعَبْدِ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.
فَكَانَ الْقِيَاسُ اعْتِبَارَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا بِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ مُفَوِّتَةٌ لِحَقِّهَا، وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّهُ فِي مُكَلَّفَةٍ فَغَيْرُهَا لَا بُدَّ مِنْ التَّمْكِينِ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا) أَوْ أَعْمَى أَوْ مَرِيضًا (أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطَاقَ صَغِيرٌ الْكَسْبَ، أَوْ تَعَلَّمَهُ وَلَاقَ بِهِ جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَيْهِ وَيُنْفِقَ مِنْهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ هَرَبَ لَزِمَ الْوَلِيَّ إنْفَاقُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَلَمْ يَكُنْ كَمَا ذُكِرَ (فَأَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا تَجِبُ) لِلْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَلَا يُكَلَّفَانِ الْكَسْبَ لِحُرْمَتِهِمَا.
وَثَانِيهِمَا لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ (وَالثَّالِثُ) تَجِبُ (لِأَصْلٍ) وَلَا يُكَلَّفُ كَسْبًا (لَا فَرْعٍ) بَلْ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ (قُلْت: الثَّالِثُ أَظْهَرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَأَكُّدِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ تَكْلِيفَهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَشْتَغِلْ بِمَالِ وَلَدِهِ وَمَصَالِحِهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ جَزْمًا
(وَهِيَ) أَيْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ (الْكِفَايَةُ) لِخَبَرِ «خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» فَيَجِبُ إعْطَاؤُهُ كِسْوَةً وَسُكْنَى تَلِيقُ بِحَالِهِ وَقُوتًا وَأُدُمًا يَلِيقُ بِسِنِّهِ كَمُؤْنَةِ الرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ، وَتُعْتَبَرُ رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ عَلَى الْعَادَةِ وَيَدْفَعُ عَنْهُ أَلَمَ الْجُوعِ لِإِتْمَامِ الشِّبَعِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: أَيْ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ، وَأَمَّا إشْبَاعُهُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَأَنْ يَخْدُمَهُ وَيُدَاوِيَهُ إنْ احْتَاجَ، وَأَنْ يُبْدِلَ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ وَكَذَا إنْ أَتْلَفَهُ، لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ بَعْدَ يَسَارِهِ إنْ كَانَ رَشِيدًا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا نَظَرَ لِمَشَقَّةِ تَكْرَارِ الْإِبْدَالِ بِتَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ لِتَقْصِيرِهِ بِالدَّفْعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إنْفَاقِهِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ، وَمَا يُضْطَرُّ إلَى تَسْلِيمِهِ كَالْكِسْوَةِ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَوْكِيلِ رَقِيبٍ بِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ إتْلَافِهَا
(وَتَسْقُطُ) مُؤَنُ الْقَرِيبِ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ الْمُنْفِقُ لِأَحَدٍ فِي صَرْفِهَا عَنْهُ لِقَرِيبِهِ (بِفَوَاتِهَا) بِمُضِيِّ الزَّمَنِ وَإِنْ تَعَدَّى الْمُنْفِقُ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ مُوَاسَاةً وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ نَعَمْ لَوْ نَفَاهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ رَجَعَتْ أُمُّهُ: أَيْ مَثَلًا عَلَيْهِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِنَفْيِهِ الَّذِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ فَعُوقِبَ إيجَابُ مَا فَوَّتَهُ بِهِ فَلِذَا خَرَجَتْ هَذِهِ عَنْ نَظَائِرِهَا، وَكَذَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ، وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ لَا تَسْقُطُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ) أَيْ التَّمْكِينِ
(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْمَى) يَجُوزُ أَنَّ الْأَعْمَى وَمَا بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ فَفِي الْمُخْتَارِ الزَّمَانَةُ آفَةٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَرَجُلٌ زَمِنٌ أَيْ مُبْتَلًى بَيِّنُ الزَّمَانَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونًا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَلِيقُ بِهِ لَكِنَّهُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ، وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ قِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ: أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ الِاشْتِغَالِ فَائِدَةً يُعْتَدُّ بِهَا عُرْفًا بَيْنَ الْمُشْتَغِلِينَ.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِحِفْظِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ كَاشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا بِأَنْ لَمْ تَتَيَسَّرْ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَسْبِ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ أَوْ مَجْنُونًا: أَيْ أَوْ سَلِيمًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا يُحْسِنُ كَسْبًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَعَلُّمِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ كَسْبًا) أَيْ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَشْتَغِلْ) أَيْ الْأَصْلُ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ جَزْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ أُجْرَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَخْدُمَهُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ حَتَّى نَحْوِ دَوَاءٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُبْدِلَ مَا تَلِفَ) وَلَوْ ادَّعَى تَلَفَ مَا دَفَعَهُ لَهُ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ لِلتَّلَفِ سَبَبًا ظَاهِرًا تَسْهُلُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ) أَيْ الْكِفَايَةُ
(قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ الْمُنْفِقُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَنْفَقَ صَارَتْ قَرْضًا عَلَى الْآذِنِ، وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ سَقَطَتْ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ
(قَوْلُهُ: أَيْ مَثَلًا) أَيْ فَمِثْلُ أُمِّهِ غَيْرُهَا وَلَوْ مِنْ الْآحَادِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَقَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ:
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَخْدُمَهُ وَيُدَاوِيَهُ) تَقَدَّمَ هَذَا
(قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ الْمُنْفِقُ لِأَحَدٍ إلَخْ.) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ أَيْ وَأَنْفَقَ
بِمُضِيِّ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةَ بِهَا اُلْتُحِقَتْ بِنَفَقَتِهَا
(وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا) لِمَا ذُكِرَ (إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ) بِالْفَاءِ (أَوْ إذْنِهِ) وَلَوْ لِلْمُمَوِّنِ إنْ تَأَهَّلَ (فِي اقْتِرَاضٍ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الِاقْتِرَاضُ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَبَحَثَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بَعْدَ الِاقْتِرَاضِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَزَعَمَ أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَصِيرُ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءً لَفْظِيًّا لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ، فَالْوَاجِبُ قَضَاءُ دَيْنِهِ لَا النَّفَقَةُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءٌ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ صَارَ كَأَنَّهُ نَائِبُهُ، فَالدَّيْنُ إنَّمَا هُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا تَصِيرُ دَيْنًا بِأَحَدِ هَذَيْنِ إنْ كَانَ (لِغَيْبَةٍ) لِلْمُنْفِقِ (أَوْ مَنْعٍ) صَدَرَ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا لِتَأَكُّدِهَا بِذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّافِعِيِّ مِنْ صَيْرُورَتِهَا دَيْنًا بِذَلِكَ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى مَرْدُودٌ كَمَا أَوْضَحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ صُورَتُهُ أَنْ يُقَدِّرَهَا الْحَاكِمُ وَيَأْذَنَ لِشَخْصٍ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الطِّفْلِ، فَإِذَا أَنْفَقَهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَالِبِ أَوْ الْمُمْتَنِعِ وَهِيَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الِاقْتِرَاضِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ الْحَاكِمُ: قَدَّرْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا بِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُمَا.
نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِمَا أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ.
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ لَا فِي الِاقْتِرَاضِ فَسَقَطَ قَوْلُ مَنْ وَهَمَ هُنَا، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا بِإِقْرَاضِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ بِالْأَوْلَى لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ وَغِنَى الْأَصْلِ، وَلِلْقَرِيبِ أَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ جِنْسَهَا، وَلَهُ الِاسْتِقْرَاضُ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا وَعَجَزَ عَنْ الْحَاكِمِ وَيَرْجِعُ إنْ أَشْهَدَ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَوْجَهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مُنْفِقٍ، وَلِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا أَخْذُ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ فَرْعِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَلَيْسَ لِلْأُمِّ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَبَتْ لَهَا إلَّا بِالْحَاكِمِ كَفَرْعٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَصْلِهِ الْمَجْنُونِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا (وَعَلَيْهَا) أَيْ الْأُمِّ مِنْ مَالِ فَرْعِهِ (إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأِ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ
(قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الِاقْتِرَاضِ) أَيْ الْفِعْلِ
(قَوْلُهُ: بِأَحَدِ هَذَيْنِ) أَيْ اقْتِرَاضِ الْقَاضِي أَوْ إذْنِهِ، وَقَوْلُهُ بِذَلِكَ: أَيْ أَحَدِ هَذَيْنِ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَجِدْ جِنْسَهَا) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ جِنْسُ مَا يَجِبُ لَهُ كَالْخُبْزِ اسْتَقَلَّ بِأَخْذِهِ وَإِنْ وَجَدَ الْحَاكِمُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأُمِّ وَالْفَرْعِ الْآتِيَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَجِدْ مَالًا وَعَجَزَ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْقَرِيبِ إلَخْ وَقَوْلِهِ: وَلَهُ الِاسْتِقْرَاضُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْأُمِّ) يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ: وَلِلْقَرِيبِ أَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُمْ الْقَرِيبُ حَيْثُ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ، لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْفَرْعُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا) أَيْ الْأُمِّ، وَالْفَرْعِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً عَلَى ابْنِهَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأِ) فَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ إرْضَاعِهِ وَمَاتَ، فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا فِعْلٌ يُحَالُ عَلَيْهِ سَبَبُ الْهَلَاكِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أُمْسِكَ عَنْ الْمُضْطَرِّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ فَمَاتَ وَلَدُهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَمِنَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي الْوَلَدِ صُنْعًا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ أَتْلَفَ اللَّبَنَ الْمُتَعَيَّنَ لِغِذَائِهِ، وَأُمُّ الطِّفْلِ هُنَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إتْلَافٌ لَكِنَّ امْتِنَاعَهَا مِنْ سَقْيِ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: ذَبْحُ الشَّاةِ لَيْسَ سَبَبًا لِإِهْلَاكِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ كَثِيرًا تَرْبِيَةُ أَوْلَادِ الْحَيَوَانَاتِ بِالسَّقْيِ مِنْ غَيْرِ أُمَّهَاتِهَا، وَعَدَمُ سَقْيِ اللِّبَأِ مُوجِبٌ لِلْهَلَاكِ غَالِبًا فَهُوَ أَوْلَى بِالضَّمَانِ، وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ بَعْدَ ذَبْحِ الْأُمِّ مَا يُرَبَّى بِهِ الْوَلَدُ أَصْلًا فَهُوَ إتْلَافٌ مُحَقَّقٌ أَوْ كَالْمُحَقَّقِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا) لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى الْغَايَةِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ تَقْيِيدًا لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الطِّفْلِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ إلَخْ.) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَتْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ
وَهُوَ مَا يَنْزِلُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَيُرْجَعُ فِي مُدَّتِهِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيلَ تَتَقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ بِسَبْعَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَعِيشُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَمَعَ ذَلِكَ لَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ بِالْبَذْلِ (ثُمَّ بَعْدَهُ) أَيْ إرْضَاعِهِ اللِّبَأَ (إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ) عَلَى مَنْ وُجِدَتْ إبْقَاءً لَهُ وَلَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ (وَإِنْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ) خَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ وَإِنْ لَاقَ بِهَا إرْضَاعُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6](فَإِنْ رَغِبَتْ) فِي إرْضَاعِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ (وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ) أَيْ الطِّفْلِ (فَلَهُ مَنْعُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِيَكْمُلَ تَمَتُّعُهُ بِهَا (قُلْت: الْأَصَحُّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْوَلَدِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهَا بِهِ وَصَلَاحِ لَبَنِهَا لَهُ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ ذَلِكَ نَقْصُ تَمَتُّعِهِ بِهَا إنْ فُرِضَ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ كَمَالِهِ لَا يُشَوِّشُ أَصْلَ الْعِشْرَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، عَلَى أَنَّ غَالِبَ النَّاسِ يُؤْثِرُ فَقْدَهُ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ وَلَدِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ النَّادِرُ فِي ذَلِكَ، وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ هَذَا التَّصْحِيحُ غَيْرُ مُلَاقٍ لَهُ فَلْيُحْذَرْ.
أَمَّا غَيْرُ مَنْكُوحَةٍ بِأَنْ كَانَتْ خَلِيَّةً فَإِنْ تَبَرَّعَتْ مُكِّنَتْ مِنْهُ قَطْعًا، وَإِلَّا فَكَمَا فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ) (اتَّفَقَا) عَلَى أَنَّ الْأُمَّ تُرْضِعُهُ (وَطَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلٍ) لَهُ وَقُلْنَا: إنَّ لِلزَّوْجِ اسْتِئْجَارَ زَوْجَتِهِ لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِتَضَمُّنِهِ رِضَاهُ بِتَرْكِ التَّمَتُّعِ وَفُرِضَ الْكَلَامُ فِي الزَّوْجَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي اسْتِئْجَارِهَا، وَإِلَّا فَحُكْمُ الْخَلِيَّةِ كَذَلِكَ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ شُهْبَةَ وَمَنْ تَبِعَهُ: تَخْصِيصُ الزَّوْجَةِ مَعَ ذِكْرِ أَصْلِهِ لِغَيْرِهَا أَيْضًا لَا وَجْهَ لَهُ (أُجِيبَتْ) وَكَانَتْ أَحَقَّ بِهِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يُنْقِصُ إرْضَاعُهَا تَمَتُّعَهُ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ، كَذَا قَالَاهُ، وَاعْتَرَضَهُمَا الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَمْ يَصْحَبْهَا فِي سَفَرِهَا، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَهُوَ هُنَا مُصَاحِبُهَا فَلْتَسْتَحِقَّهَا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الرَّضَاعِ أَنْ يُشَوِّشَ التَّمَتُّعَ غَالِبًا، فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ بِحَيْثُ فَاتَ بِهِ كَمَالُ التَّمْكِينِ سَقَطَتْ، وَإِلَّا فَلَا فَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا لِلْمُصَاحَبَةِ، وَمِنْ هَذَا الْفَرْقِ يُؤْخَذُ مَا أَفْتَيْت بِهِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ خَرَجَتْ فِي الْبَلْدَةِ بِإِذْنِهِ لِصِنَاعَةٍ لَهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا، بِخِلَافِ سَفَرِهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهَا لِتَمَكُّنِهِ عَادَةً مِنْ اسْتِرْجَاعِهَا دُونَ الْمُسَافَرَةِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِهِمَا فِي الْعَدَدِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ لِإِرْضَاعٍ بِإِذْنِهِ فِي الْبَلْدَةِ سَقَطَتْ.
وَخَرَجَ بِطَلَبَتْ مَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ سَاكِتَةً، فَلَا أُجْرَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ (أَوْ) طَلَبَتْ (فَوْقَهَا) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (فَلَا) تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ لِتَضَرُّرِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِخِلَافِ عَدَمِ سَقْيِ اللِّبَأِ فَإِنَّ عَدَمَهُ لَيْسَ مُحَقِّقًا لِمَوْتِ الْوَلَدِ وَلَا كَالْمُحَقِّقِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ غَالِبًا مَعَ أَنَّهُ شُوهِدَ كَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ يَمُتْنَ عَقِبَ وِلَادَتِهِنَّ وَيُرْضِعُ الْوَلَدَ غَيْرُ أُمِّهِ وَيَعِيشُ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْزِلُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ) أَيْ عَقِبَهَا (قَوْلُهُ: يُؤْثِرُ فَقْدَهُ) أَيْ التَّمَتُّعَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ بِحَيْثُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِهِمَا) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِرْضَاعِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلْإِرْضَاعِ بِإِذْنِهِ وَخَرَجَتْ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَوْدِهَا لِاسْتِحْقَاقِ مَنْفَعَتِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لَهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ سُكُوتُهَا لِجَهْلِهَا بِجَوَازِ طَلَبِ الْأُجْرَةِ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي وُجُوبِ الْإِعْلَامِ بِالْمُتْعَةِ، وَقِيَاسُهُ: وُجُوبُ الْإِعْلَامِ بِكُلِّ مَا لَا تَعْلَمُ بِحُكْمِهِ الْمَرْأَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَكِنْ، ثُمَّ اُنْظُرْ لِمَ نَصَّ عَلَى ثُبُوتِ احْتِيَاجِ الْفَرْعِ وَغِنَى الْأَصْلِ دُونَ عَكْسِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوِلَادَةِ) أَيْ عَقِبَهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ خَلِيَّةً) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةً لِلْغَيْرِ فَلَهُ الْمَنْعُ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَ وَلَدِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِ الزَّوْجِ إنْ رَضِيَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَحُكْمُ الْخَلِيَّةِ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا قَدَّمَهُ قُبَيْلَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِهَا) أَيْ الْخَلِيَّةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَنْقُصْ إرْضَاعُهَا تُمَتِّعُهُ إلَخْ.) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا لَوْ لَمْ تَأْخُذْ أُجْرَةً وَأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ حِينَئِذٍ النَّفَقَةَ مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْفَرْقِ يُؤْخَذُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي كَلَامِهِمَا إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ
(وَكَذَا) لَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ هُنَا إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ كَمَا بَحَثَهُ الْعِرَاقِيُّ (إنْ) رَضِيَتْ الْأُمُّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَقَلَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَ (تَبَرَّعَتْ) بِهِ (أَجْنَبِيَّةٌ) صَالِحَةٌ لَا يَحْصُلُ لِلْوَلَدِ ضَرَرٌ بِهَا (أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) مِمَّا طَلَبَتْهُ الْأُمُّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِضْرَارِهِ بِبَذْلِ مَا طَلَبَتْهُ حِينَئِذٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 233] وَالثَّانِي تُجَابُ الْأُمُّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَمْرَى الْوَلَدُ لَبَنَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَإِلَّا أُجِيبَتْ الْأُمُّ إلَى إرْضَاعِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِمَا فِي الْعُدُولِ عَنْهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّضِيعِ وَفِي وَلَدٍ حُرٍّ وَزَوْجَةٍ حُرَّةٍ أَمَّا وَلَدٌ رَقِيقٌ وَأُمٌّ حُرَّةٌ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَيُحْتَمَلُ إجَابَةُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ لَوْ ادَّعَى الْأَبُ وُجُودَ مُتَبَرِّعَةٍ أَوْ رَاضِيَةٍ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأَنْكَرَتْ الْأُمُّ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الطِّفْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ
(وَمَنْ اسْتَوَى فَرْعَاهُ) قُرْبًا أَوْ بُعْدًا أَوْ إرْثًا أَوْ عَدَمَهُ أَوْ ذُكُورَةً أَوْ أُنُوثَةً (أَنْفَقَا) عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ تَفَاوَتَا يَسَارًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا بِمَالٍ، وَالْآخَرُ بِكَسْبٍ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمُوجِبِ وَهُوَ الْقَرَابَةُ، فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا دَفَعَ الْحَاكِمُ حِصَّتَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَمَرَ الْآخَرَ بِالْإِنْفَاقِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ لُزُومِ تَعَرُّضِهِ فِي أَمْرِهِ إلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدُ أَمْرِهِ كَافِيًا حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْبَاذِلُ التَّبَرُّعَ فَذِكْرُ الرُّجُوعِ فِي كَلَامِ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ تَصْوِيرٌ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ أَهْلًا لِذَلِكَ مُؤْتَمَنًا، وَإِلَّا اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ مِنْهُ وَأَمَرَ عَدْلًا بِالصَّرْفِ إلَى الْمُحْتَاجِ يَوْمًا فَيَوْمًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ وَارِثًا (فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) هُوَ الَّذِي يُنْفِقُهُ وَلَوْ أُنْثَى غَيْرَ وَارِثَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ هِيَ الْمُوجِبَةُ كَمَا تَقَرَّرَ فَكَانَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ (فَإِنْ اسْتَوَى) قُرْبُهُمَا كَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ بِنْتٍ (فَ) الِاعْتِبَارُ (بِالْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّتِهِ حِينَئِذٍ (وَ) الْوَجْهُ (الثَّانِي) الْمُقَابِلُ لِلْأَصَحِّ أَوَّلًا أَنَّ الِاعْتِبَارَ (بِالْإِرْثِ) فَيُنْفِقُهُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ (ثُمَّ الْقُرْبِ) إنْ اسْتَوَيَا إرْثًا (وَالْوَارِثَانِ) الْمُسْتَوِيَانِ قُرْبًا الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا الْمُؤَنُ كَابْنٍ وَبِنْتٍ هَلْ (يَسْتَوِيَانِ) فِيهِ (أَمْ تُوَزَّعُ) الْمُؤَنُ عَلَيْهِمَا (بِحَسَبِهِ) أَيْ الْإِرْثِ (وَجْهَانِ) لَمْ يُرَجِّحَا شَيْئًا مِنْهُمَا، وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَكِنَّهَا تُبَاشِرُهُ لِلزَّوْجِ عَلَى عَادَةِ النِّسَاءِ كَالطَّبْخِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيَّةٌ صَالِحَةٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ فَاسِقَةً وَلَمْ يَحْصُلُ لِلْوَلَدِ ضَرَرٌ بِتَرْبِيَتِهَا لَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) أَيْ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَمْرَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يُؤْذِيهِ وَيَحْصُلُ لَهُ بِهِ نُمُوٌّ كَنُمُوِّهِ بِلَبَنِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا وَلَدٌ رَقِيقٌ) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: فَيَحْتَمِلُ إجَابَةَ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى الِاقْتِرَاضِ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى الِاقْتِرَاضِ لَيْسَ لَهُ أَمْرُ الْحَاضِرِ بِالْإِنْفَاقِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَالَفَ وَأَمَرَهُ فَأَنْفَقَ فَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ فِي عَدَمِ التَّبَرُّعِ وَلِكَوْنِهِ إنَّمَا أَنْفَقَ بِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ) كَابْنِ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ وَارِثًا) كَابْنِ ابْنِ الِابْنِ وَقَوْلُهُ أَمْ تُوَزَّعُ الْمُؤَنُ مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْحَضَانَةِ الثَّابِتَةِ لِلْأُمِّ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إذَا طَلَبَتْ عَلَيْهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِدُونِهَا، وَأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا إذَا طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمَثَلِ، وَأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ فَقَدْ يُنْزَعُ مِنْهَا الْوَلَدُ لِأَجْلِ الْإِرْضَاعِ وَيُعَادُ إلَيْهَا لِلْحَضَانَةِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ، وَالشِّهَابُ حَجّ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا خَتَمَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ جَزَمَ فِيمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ فَلَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِهِ مُخَالَفَةٌ بِخِلَافِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى الِاقْتِرَاضِ
الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ لَهُ أَبَوَانِ وَقُلْنَا إنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَيْهِمَا: أَيْ وَلَكِنَّ الْمُرَجَّحَ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ مَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ مَا رَجَّحْنَاهُ وَاعْتَمَدَ الْأَوَّلَ وَنُقِلَ تَصْحِيحُهُ عَنْ جَمْعٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ
(وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ) أَيْ أَبٌ وَإِنْ عَلَا وَأُمٌّ (فَ) نَفَقَتُهُ (عَلَى الْأَبِ) وَلَوْ بَالِغًا اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي صِغَرِهِ وَلِعُمُومِ خَبَرِ هِنْدٍ (وَقِيلَ) هِيَ (عَلَيْهِمَا لِبَالِغٍ) عَاقِلٍ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لِتَمَيُّزِ الْأَبِ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِمَا (أَوْ) اجْتَمَعَ (أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ) لِعَاجِزٍ (إنْ أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالْأَقْرَبُ) هُوَ الَّذِي يُنْفِقُهُ لِإِدْلَاءِ الْأَبْعَدِ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْلِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالِاعْتِبَارُ (بِالْقُرْبِ) فَيُنْفِقُهُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ (وَقِيلَ) الِاعْتِبَارُ بِوَصْفِ (الْإِرْثِ) كَمَا مَرَّ فِي الْفُرُوعِ (وَقِيلَ) الِاعْتِبَارُ (بِوِلَايَةِ الْمَالِ) أَيْ بِالْجِهَةِ الَّتِي تُفِيدُهَا، وَإِنْ وُجِدَ مَانِعُهَا كَالْفِسْقِ؛ لِأَنَّهَا تُشْعِرُ بِتَفْوِيضِ التَّرْبِيَةِ إلَيْهِ فَفِي كَلَامِهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ (وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ) وَهُوَ عَاجِزٌ (فَفِي الْأَصَحِّ) أَنَّ مُؤْنَتَهُ (عَلَى الْفَرْعِ، وَإِنْ بَعُدَ) كَأَبٍ وَابْنِ ابْنٍ؛ لِأَنَّ عُصُوبَتَهُ أَقْوَى وَهُوَ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَبِيهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْأَصْلِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي الصِّغَرِ.
وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْبَعْضِيَّةِ (أَوْ) لَهُ (مُحْتَاجُونَ) مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ زَوْجَةٍ وَضَاقَ مَوْجُودُهُ عَنْ الْكُلِّ (يُقَدِّمُ) نَفْسَهُ ثُمَّ (زَوْجَتَهُ) ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ؛ إذْ نَفَقَتُهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (ثُمَّ) بَعْدَ الزَّوْجَةِ يُقَدِّمُ (الْأَقْرَبَ) فَالْأَقْرَبَ نَعَمْ يُقَدِّمُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ عَلَى الْأُمِّ وَهِيَ عَلَى الْأَبِ كَالْجَدَّةِ عَلَى الْجَدِّ وَهُوَ أَعْنِي الْأَبَ عَلَى الْوَلَدِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ الْأَبَ الْمَجْنُونَ مُسْتَوٍ مَعَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ، وَيُقَدِّمُ مَنْ اخْتَصَّ مِنْ أَحَدِ مُسْتَوِيَيْنِ قُرْبًا بِمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ كَمَا تُقَدَّمُ بِنْتُ ابْنٍ عَلَى ابْنِ بِنْتٍ لِضَعْفِهَا وَإِرْثِهَا، وَأَبُو أَبٍ عَلَى أَبِي أُمٍّ لِإِرْثِهِ وَجَدٌّ أَوْ ابْنٌ زَمِنٌ عَلَى أَبٍ أَوْ ابْنٍ غَيْرِ زَمِنٍ، وَتُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ مِنْ جَدَّيْنِ وَإِنْ بَعُدَ، وَجَدَّةٍ لَهَا وِلَادَتَانِ عَلَى جَدَّةٍ لَهَا وِلَادَةٌ فَقَطْ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ التَّقْدِيمِ هُنَا بِنَحْوِ عِلْمٍ وَصَلَاحٍ وَلَوْ اسْتَوَى جَمْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وُزِّعَ مَا يَجِدُهُ عَلَيْهِمْ إنْ سَدَّ مَسَدًا مِنْ كُلٍّ، وَإِلَّا أَقْرَعَ (وَقِيلَ) يُقَدَّمُ (الْوَارِثُ وَقِيلَ) يُقَدَّمُ (الْوَلِيُّ) نَظِيرَ مَا مَرَّ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُرَجَّحَ) أَيْ هُنَاكَ وَقَوْلُهُ خِلَافُهُ: أَيْ خِلَافُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْأَبِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَالِغًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ أَوْ لِزَمَانَةٍ
(قَوْلُهُ: إذْ نَفَقَتُهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ) وَمَرَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَهَا خَادِمُهَا وَأُمُّ وَلَدِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مَعَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ) أَيْ فَتُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا
(قَوْلُهُ: أَوْ ضَعْفٍ) عَطْفُ بَيَانٍ وَقَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مُتَعَلِّقٍ بِسَدٍّ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فَفِي كَلَامِهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ بِجِهَةِ وِلَايَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَبٍ) أَيْ فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ ابْنٍ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَدَّيْنِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَنْتَسِبُ إلَى جَدَّيْنِ مِنْ أَجْدَادِهِ: أَيْ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى جَدٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ الْغَاصِبُ.