الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ كَالْعَارِيَّةِ لِلْمَيِّتِ فَيُقْطَعُ بِهِ غَيْرُ الْمُعِيرِ وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ، وَإِنْ سَرَقَ أَوْ ضَاعَ وَلَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ لَزِمَ إبْدَالُهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَكَمَنْ مَاتَ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ.
أَمَّا إذَا اُقْتُسِمَتْ ثُمَّ سَرَقَ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إبْدَالُهُ بَلْ يُنْدَبُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ قَدْ كُفِّنَ أَوَّلًا فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَإِلَّا لَزِمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ مِنْ مَدْفُونٍ بِفَسْقِيَّةٍ وَجَوَّزْنَا الدَّفْنَ بِهَا وَكَانَ يَلْحَقُ السَّارِقَ بِنَبْشِهَا عَنَاءٌ كَالْقَبْرِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا حَيْثُ لَا حَارِسَ.
(فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ
مِنْ حَيْثُ بَيَانُ حَقِيقَتِهَا بِذِكْرِ ضِدِّهَا وَبِالسَّارِقِ مِنْ جِهَةِ مَا يَمْنَعُ قَطْعَهُ وَمَا لَا يَمْنَعُهُ، وَالْحِرْزُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ (يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ) بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ مَالُ الْمُسْتَأْجِرِ لِانْتِفَاءِ شُبْهَتِهِ بِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْإِحْرَازُ لِلْمُكْتَرِي؛ إذْ الْفَرْضُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ حَدِّهِ بِوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ لِدَوَامِ قِيَامِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِإِفْلَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَفُهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُسْتَحَقُّ إحْرَازُهُ بِهِ وَإِلَّا كَأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ أَوْ فِي أَضَرَّ مِمَّا اسْتَأْجَرَ لَهُ لَمْ يُقْطَعْ، وَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَشْبِيهُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِقَطْعِ الْمُعِيرِ، وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَوْ عَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ بِانْقِضَائِهَا وَاسْتَعْمَلَهُ تَعَدِّيًا (وَكَذَا)(مُعِيرُهُ) يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْ حِرْزِهِ الْمُعَار لِغَيْرِهِ مَا لِلْمُسْتَعِيرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَلَا تَرِكَةَ لَهُ) أَيْ فَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَمِنْ مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ
(قَوْلُهُ: وَجَوَّزْنَا الدَّفْنَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ حَيْثُ مَنَعَتْ الرَّائِحَةُ وَالسَّبُعُ وَدُفِنَ بِهَا عَلَى انْفِرَادِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عِنْدَ ضِيقِ الْأَرْضِ عَنْ الْحَفْرِ لِكُلٍّ عَلَى حِدَتِهِ.
(فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ
(قَوْلُهُ: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مِنْ بَيْتِ دَارٍ إلَى صَحْنِهَا حَيْثُ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَابَيْنِ مَفْتُوحَيْنِ أَوْ مُغْلَقَيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ صِحَّةُ إلَخْ، وَبِهِ شَرَحَ ع وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يُقْطَعُ فِيهَا الْمُؤَجِّرُ.
لَا يُقَالُ: الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ تَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الِانْتِفَاعِ، فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ حِينَئِذٍ كَالْمُعِيرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَسَدَ الْإِذْنُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ، وَمِنْ ثَمَّ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً اسْتِعْمَالُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ حَيْثُ عَلِمَ بِالْفَسَادِ
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ شُبْهَتِهِ بِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ فَسَخَ ثُمَّ سَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْفَسْخِ، وَسَنَذْكُرُ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ
(قَوْلُهُ: وَاسْتَعْمَلَهُ تَعَدِّيًا) أَيْ بِأَنْ وَضَعَ فِيهِ مَتَاعًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِانْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّخْلِيَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ أَوْ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
[فَصْلٌ فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ]
(فَصْلٌ) فِي فُرُوعٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ أَوْ فِي أَضَرَّ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ لَمْ يُقْطَعْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ الْأَجْنَبِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَعْمَلَهُ تَعَدِّيًا) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا لَوْ أَحْدَثَ سُفْلًا جَدِيدًا بِأَنْ أَحْدَثَ
وَضْعُهُ فِيهِ لِمَا مَرَّ وَإِنْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إذَا رَجَعَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَعَارَ عَبْدًا لِحِفْظِ مَالٍ أَوْ رَعْيِ غَنَمٍ ثُمَّ سَرَقَ مِمَّا يَحْفَظُهُ عِنْدَهُ، فَلَوْ أَعَارَ قَمِيصًا فَلَبِسَهُ فَطَرَّ الْمُعِيرُ الْجَيْبَ وَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَنَقْبُ الْجِدَارِ كَطَرِّ الْجَيْبِ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، وَأَيْضًا لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ وَإِنْ جَازَ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ رَجَعَ وَعَلِمَ الْمُسْتَعِيرُ بِرُجُوعِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ تَعَدِّيًا لَمْ يُقْطَعْ نَظِيرُ مَا مَرَّ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا.
وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ.
وَالثَّالِثُ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَنْ الْعَارِيَّةِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ قُطِعَ.
(وَلَوْ غَصَبَ حِرْزًا لَمْ يُقْطَعْ مَالِكُهُ) بِسَرِقَةِ مَا أَحْرَزَهُ الْغَاصِبُ فِيهِ لِخَبَرِ «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَكَالْغَاصِبِ هُنَا مَنْ وَضَعَ مَالِهِ بِحِرْزِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِلْحَنَّاطِيِّ (وَكَذَا) لَا يُقْطَعُ (أَجْنَبِيٌّ) بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَاصِبِ مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ مِنْ الْمَنَافِعِ وَالْغَاصِبُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اسْتَدَامَ وَضْعَ الْأَمْتِعَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمَالِكِ طَلَبُ التَّخْلِيَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقِيَاسُ الْقَطْعِ بِالْأَخْذِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ فَسَخَ الْمُؤَجِّرُ لِإِفْلَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ سَرَقَ قَبْلَ عِلْمِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْفَسْخِ الْقَطْعُ، وَكَذَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَقَبْلَ طَلَبِ التَّخْلِيَةِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ يُقْطَعُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ لَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ، وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّعْبِيرِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَالَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ: وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي حُرْمَةِ الدُّخُولِ قَبْلَ الرُّجُوعِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَمَنْفَعَتِهَا عَلَى مِلْكِهِ وَعَدَمِ مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ الْمَنْفَعَةَ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ أَنْ يَنْتَفِعَ، نَعَمْ إنْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَرَرٌ بِدُخُولِهِ اتَّجَهَ تَوَقُّفُ جَوَازِ الدُّخُولِ عَلَى الرُّجُوعِ، ثُمَّ بَحَثْتُ مَعَ م ر فِي ذَلِكَ فَأَخَذَ بِإِطْلَاقِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا لَمْ يُعْلَمْ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَوْ اشْتَرَى حِرْزًا وَسُرِقَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مَالَ الْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى ثَمَنَهُ قُطِعَ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْحَبْسِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ) أَيْ وَعَلِمَ الْمُسْتَعِيرُ بِرُجُوعِهِ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي الْقَطْعِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَعَارَ) كَانَ الْأَوْلَى وَلَوْ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَطَرُّ الْمُعِيرِ) أَيْ قَطْعُهُ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَ) قَالَ ع: بِلَا خِلَافٍ اهـ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي طَرِّ الْجَيْبِ هَتْكًا لِلْحِرْزِ فَلَمْ يُنْظَرْ مَعَ ذَلِكَ إلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا لِاسْتِحْقَاقِهِ) اقْتَصَرَ حَجّ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْمُؤَجِّرِ هُوَ انْتِفَاءُ شُبْهَتِهِ بِانْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إلَخْ، وَالْمَنَافِعُ هُنَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمُعِيرِ
(قَوْلُهُ: لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ) فِيهِ شَيْءٌ اهـ سم عَلَى حَجّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الرَّدِّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَارِيَّةِ الصَّحِيحَةِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ) أَيْ الْمُعِيرُ.
(قَوْلُهُ: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ) يُرْوَى بِالْإِضَافَةِ وَغَيْرِهَا، وَفَسَّرَ الْعِرْقَ بِأَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ إلَى أَرْضٍ قَدْ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَيَغْرِسَ فِيهَا أَوْ يُحْدِثَ فِيهَا شَيْئًا لِيَسْتَوْجِبَ الْأَرْضَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَوَجْهُ الْإِضَافَةِ ظَاهِرٌ.
وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَلَى التَّنْوِينِ وَعَدَمِ الْإِضَافَةِ أَنَّهُ مِنْ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ وَالْأَصْلُ لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ صَاحِبُهُ فَحَوَّلَ الْإِسْنَادَ عَنْ الْمُضَافِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ كَمَا فِي {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا وَضَعَهُ بِعِلْمِ الْمُسْتَحِقِّ وَرِضَاهُ قُطِعَ مَالِكُ الْحِرْزِ إذَا سَرَقَ مِنْهُ، وَقَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ إجَارَةً فَاسِدَةً لَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَضْعَ أَمْتِعَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَصْحَبَ مَا كَانَ فَفِي هَذِهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ بَقَاءِ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ. اهـ.
وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ التَّفْرِيغَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ هُوَ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ) أَيْ بِاللَّفْظِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) هَذَا إنَّمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْأُولَى فِي حَمْلِ تَنْظِيرِ الْأَذْرَعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ فَعِلْمُ رُجُوعِ الْمُعِيرِ نَظِيرُ عِلْمِ
لَا يَسْتَحِقُّهَا.
وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الدُّخُولُ فِيهِ.
(وَلَوْ)(غَصَبَ مَالًا) وَإِنْ قَلَّ أَوْ سَرَقَ اخْتِصَاصًا (وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ) أَوْ السَّارِقِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ اخْتِصَاصِهِ فَلَمْ يَكُنْ حِرْزًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الْمُتَمَيِّزِ عَنْ مَالِهِ وَالْمَخْلُوطِ بِهِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَطْعَ دَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينِهِ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِحَقٍّ، وَالدَّائِنُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ أَوْ نِيَّةِ الْأَخْذِ لِلِاسْتِيفَاءِ عَلَى مَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ قُطِعَ رَاهِنٌ وَمُؤَجِّرٌ وَمُعِيرٍ وَمُودَعٌ وَمَالِكُ مَالِ قِرَاضٍ بِسَرِقَتِهِ مَعَ مَالِ نَفْسِهِ نِصَابًا آخَرَ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ: أَيْ أَوْ اخْتَلَفَ حِرْزُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ، فَقَوْلُهُمْ: لَا يُقْطَعُ مُشْتَرٍ وَفَّى الثَّمَنَ بِأَخْذِ نِصَابٍ مَعَ الْمَبِيعِ مَفْرُوضٍ فِيمَنْ دَخَلَ لَا لِسَرِقَتِهِ وَقَدْ اتَّحَدَ حِرْزُهُمَا (أَوْ) سَرَقَ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْهُ الْمَالَ (الْمَغْصُوبَ) أَوْ الْمَسْرُوقَ (فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
أَمَّا الْمَالِكُ فَلِمَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ أَخَذَهُ لَا بِنِيَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ لِعَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ بِإِحْرَازِهِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ.
وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَالِهِ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلِأَنَّ الْحِرْزَ لَيْسَ بِرِضَا الْمَالِكِ، وَالثَّالِثُ فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنَّهُ حِرْزٌ فِي نَفْسِهِ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: السَّرِقَةُ، وَمَرَّ أَنَّهَا أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، فَحِينَئِذٍ (لَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) أَوْ عَارِيَّةٍ مَثَلًا لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ وَالْأَوَّلَانِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ عِيَانًا وَيَعْتَمِدُ أَوَّلُهُمَا الْهَرَبَ، وَثَانِيهَا الْقُوَّةَ فَيَسْهُلُ دَفْعُهُمَا بِنَحْوِ السُّلْطَانِ، بِخِلَافِ السَّارِقِ لَا يَتَأَتَّى مَنْعُهُ فَقُطِعَ زَجْرًا لَهُ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي خَبَرِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَقَطَعَهَا صلى الله عليه وسلم، فَالْقَطْعُ فِيهِ لَيْسَ لِلْجَحْدِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا عُرِفَتْ بِهِ بَلْ لِسَرِقَةٍ كَمَا بَيَّنَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ، بَلْ فِي الصَّحِيحَيْنِ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَهُوَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُهَا لَمَّا سَرَقَتْ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ تَفْسِيرَ الْمُنْتَهِبِ يَشْمَلُ قَاطِعَ الطَّرِيقِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُخْرِجُهُ يُرَدُّ بِأَنَّ لِلْقَاطِعِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ.
(وَلَوْ)(نَقَبَ) فِي لَيْلَةٍ (وَعَادَ فِي) لَيْلَةٍ (أُخْرَى فَسَرَقَ) مِنْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إنَّمَا وُضِعَ بِرِضَا الْمَالِكِ حَيْثُ سَلَّطَهُ بِإِجَارَتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَنَدَ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمُؤَجَّرِ إلَى عَقْدٍ فَاسِدٍ وَهُوَ لِفَسَادِهِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَأُلْغِيَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الرِّضَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهُ بِرِضَاهُ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الْعَارِيَّةَ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِلْقَطْعِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ السَّارِقِ) أَيْ أَوْ سَرَقَ صَاحِبُ الِاخْتِصَاصِ مَالَ السَّارِقِ لَهُ، فَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ صَاحِبَ الِاخْتِصَاصِ لَا يُقَالُ لَهُ مَالِكٌ
(قَوْلُهُ: لِأَخْذِ مَالِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ أَخْذُهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ عَدَمُ قَطْعِ صَاحِبِ الْمَالِ بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةِ الْأَخْذِ لِلِاسْتِيفَاءِ) أَيْ بِشَرْطِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ بِشَرْطِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ حِرْزًا فِيهِ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْحِرْزِ وَسَرَقَ مَالًا يَخْتَصُّ بِشَرِيكِهِ قُطِعَ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ) مِنْ تَتِمَّةِ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: فَلِأَنَّ الْحِرْزَ لَيْسَ بِرِضَا الْمَالِكِ) أَيْ لَيْسَ مُعْتَبَرًا بِرِضَا الْمَالِكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَاهُ
(قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ فِيهِ نَظَرٌ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذُكِرَ) أَيْ جَحْدُ الْمَتَاعِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ مُقَيَّدٌ بِمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَلَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ تَمَيُّزُهُ عَنْ مَصْحُوبَيْهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَمَيُّزَهُ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ لَا يَمْنَعُ الشُّمُولَ؛ إذْ غَايَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَانْظُرْ أَيْنَ مَرَّ نَظِيرُهَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ أَوْ سَرَقَ اخْتِصَاصًا) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ: وَلَوْ غَصَبَ أَوْ سَرَقَ اخْتِصَاصًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ مَالًا وَلَوْ فَلْسًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ إذْ لَا يَنْسَجِمُ مَعَ مَا يَأْتِي لَهُ تَقْرِيرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَرْطًا فِيمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَشْمَلْهُ هَذَا الْإِطْلَاقُ) نَازَعَ فِيهِ ابْنُ قَاسِمٍ
النَّقْبِ (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ نَقَبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَسَرَقَ آخِرَهُ إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
أَمَّا إذَا أُعِيدَ الْحِرْزُ أَوْ سَرَقَ عَقِبَ النَّقْبِ فَيُقْطَعُ قَطْعًا (قُلْت: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ النَّقْبَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَهَرَ لَهُمْ (فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا) وَقِيلَ فِيهِ خِلَافٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ، وَفَارَقَ إخْرَاجَ نِصَابٍ مِنْ حِرْزٍ دَفْعَتَيْنِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مُتَمِّمٌ لِأَخْذِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي هَتَكَ بِهِ الْحِرْزَ فَوَقَعَ الْأَخْذُ الثَّانِي تَابِعًا فَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ مَتْبُوعِهِ إلَّا قَاطِعٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ الْعِلْمُ وَالْإِعَادَةُ السَّابِقَانِ دُونَ أَحَدِهِمَا وَدُونَ مُجَرَّدِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَكِّدُ الْهَتْكَ الْوَاقِعَ فَلَا يَصْلُحُ قَاطِعًا لَهُ، وَهُنَا مُبْتَدِئٌ سَرِقَةً مُسْتَقِلَّةً لَمْ يَسْبِقْهَا هَتْكُ الْحِرْزِ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَكِنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جُزْأَيْنِ مَقْصُودَيْنِ لَا تَبَعِيَّةٌ بَيْنَهُمَا نَقْبٍ سَابِقٍ وَإِخْرَاجٍ لَاحِقٍ، وَإِنَّمَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا، وَإِنْ ضَعُفَ فَكَفَى تَخَلُّلُ عِلْمِ الْمَالِكِ أَوْ الْإِعَادَةِ بِالْأَوْلَى أَوْ الظُّهُورِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَإِلَّا فَيُقْطَعُ قَطْعًا وَهُوَ غَلَطٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَجْهٌ بِأَنَّهُ عَادٍ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ.
(وَلَوْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ) وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، بِخِلَافِ نَحْوِ قِرْدٍ مُعَلَّمٍ؛ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا وَإِدْرَاكًا، وَإِنَّمَا ضَمَّنَّا مَنْ أَرْسَلَهُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ بِالسَّبَبِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ (فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ الْأَوَّلُ لَمْ يَسْرِقْ، وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، نَعَمْ إنْ سَاوَى الْمُخْرَجُ مِنْ آلَاتِ الْجِدَارِ نِصَابًا قُطِعَ النَّاقِبُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ حِرْزٌ لِآلَةِ الْبِنَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَالُ مُحْرَزًا بِمُلَاحِظٍ قَرِيبٍ مِنْ النَّقْبِ لَا نَائِمٍ فَيُقْطَعُ الْآخِذُ لَهُ.
(وَلَوْ)(تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ) نَاقِبٌ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ أَوْ وَضَعَهُ عَطْفٌ عَلَى وَانْفَرَدَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُخْرِجَ شَرِيكٌ فِي النَّقْبِ (قُطِعَ الْمُخْرِجُ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ السَّارِقُ (وَلَوْ) تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ ثُمَّ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَ (وَضَعَهُ بِوَسَطِ نَقْبِهِ فَأَخَذَهُ خَارِجٌ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (لَمْ يُقْطَعَا فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ الدَّاخِلُ لِلْخَارِجِ فِيهِ.
وَالثَّانِي يُقْطَعَانِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي النَّقْبِ وَالْإِخْرَاجِ كَذَا وَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي النَّقْبِ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ.
(وَلَوْ)(رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ) مِنْ نَقْبٍ أَوْ بَابٍ أَوْ فَوْقَ جِدَارٍ وَلَوْ إلَى حِرْزٍ آخَرَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَوْ إلَى نَارٍ فَأَحْرَقَتْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ رَمَاهُ لَهَا عَالِمٌ بِالْحَالِ سَوَاءٌ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا تَلِفَ بِالرَّمْيِ أَمْ لَا (أَوْ)(وَضَعَهُ بِمَاءٍ جَارٍ) فَأَخْرَجَهُ مِنْهُ أَوْ رَاكِدٍ وَحَرَّكَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ذَلِكَ أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ، وَالْأَخَصُّ مَشْمُولٌ لِلْأَعَمِّ قَطْعًا.
أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ شُرُوطًا يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ مُطْلَقِ الْجِسْمِ مَعَ شُمُولِ تَفْسِيرِ مُطْلَقِ الْجِسْمِ لَهُ قَطْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أُعِيدَ الْحِرْزُ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مَرَّتَيْنِ فِي لَيْلَةٍ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا نَقْبٍ سَابِقٍ وَإِخْرَاجٍ) بِالْجَرِّ أَيْضًا بَدَلٌ مِنْ الْجُزْأَيْنِ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ عَادَ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ) أَيْ فَلَا قَطْعَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمُخْرِجُ مُكْرَهًا فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ دُونَ الْمُكْرِهِ وَفِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ قِرْدٍ) شَمِلَ قَوْلُهُ: " نَحْوِ " غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُعَلَّمَةِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ عُلِّمَ عُصْفُورٌ أَخْذَ شَيْءٍ فَأَخَذَهُ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَا تُفِيدُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ عَزَّمَ عَلَى عِفْرِيتٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ الدَّاخِلُ لِلْخَارِجِ فِيهِ) فَفِيهِ حَالٌ مِنْ الْخَارِجِ.
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَارِجَ عَنْ النَّقْبِ، أَوْ مَدَّ يَدَهُ مَثَلًا، أَوْ دَخَلَ فِي الْجِدَارِ، وَتَنَاوَلَ مِمَّنْ هُوَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَاكِدٍ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: إلَخْ.) الْأَوْلَى فَقَوْلُهُ: بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: يُسَاوِي نِصَابَيْنِ) إنَّمَا صُوِّرَ بِذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي قَطْعِهِمَا إذَا بَلَغَ نِصَابَيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَيْنِ فَلَا قَطْعَ جَزْمًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيهِ) يَتَعَلَّقُ بِنَا وَلَهُ وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ وَنَاوَلَهُ وَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلنَّقْبِ
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَمْ لَا إلَخْ.) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْإِحْرَاقِ
حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُحَرِّكْهُ، وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ نَحْوُ سَيْلٍ أَوْ حَرَّكَهُ غَيْرُهُ فَيُقْطَعُ الْمُحَرِّكُ (أَوْ)(ظَهْرِ دَابَّةٍ سَائِرَةٌ) أَوْ سَيَّرَهَا حَتَّى أَخْرَجَتْهُ مِنْهُ وَحَذَفَ هَذِهِ مِنْ أَصْلِهِ لِفَهْمِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى (أَوْ)(عَرَّضَهُ لِنَحْوِ رِيحٍ هَابَّةٍ) حَالَةَ التَّعْرِيضِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهُبُوبِهَا بَعْدَ ذَلِكَ (فَأَخْرَجَتْهُ) مِنْهُ (قُطِعَ) وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ أَخَذَهُ آخَرُ قَبْلَ وُصُولِهِ الْأَرْضَ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ حَصَلَ فِي الْجَمِيعِ بِفِعْلِهِ فَهُوَ مَنْسُوبٌ لَهُ.
لَا يُقَالُ: تَنْكِيرُهُ الْحِرْزَ مُخَالِفٌ لِأَصْلِهِ فَهُوَ غَيْرُ جَيِّدٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ نَقْدًا مِنْ صُنْدُوقِهِ لِلْبَيْتِ فَتَلِفَ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَيْتُ حِرْزًا لِلنَّقْدِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ أَوْ غَيْرِ حِرْزٍ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ التَّنْكِيرَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ إلَى مَضْيَعَةٍ لَيْسَتْ حِرْزًا لِشَيْءٍ، بِخِلَافِ التَّعْرِيفِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ أَلْ فِي الْحِرْزِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ نِصَابًا فَأَكْثَرَ فِي الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ اجْتَمَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ نَحْوِ طِيبٍ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، أَوْ بَلَعَ جَوْهَرَةً فِيهِ وَخَرَجَتْ مِنْهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِثْلُهُ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي الرَّاكِدِ بِشِدَّةٍ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ عَادَةً وَيَخْرُجُ بِمَا فِيهِ لِشِدَّةِ الْإِلْقَاءِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ سَيَّرَهَا) مِثْلُهُ مَا لَوْ سَارَتْ بِثِقَلِ الْحِمْلِ بِأَنْ كَانَ الْحِمْلُ يُوجِبُ عَادَةً تَسْيِيرَهَا لِنَقْلِهِ طب انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَدْ يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِيمَا رُدَّ بِهِ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ السَّبَبِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ فَتَوَقَّفَ عَلَى تَسْيِيرِهَا حَقِيقَةً لَا حُكْمًا
(قَوْلُهُ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْهُ قُطِعَ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ طَلَبُ الْمَالِكِ لِمَالِهِ وَبَعْدَ أَخْذِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يُطَالِبُ بِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ
(قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ تَنْكِيرُهُ الْحِرْزَ مُخَالِفٌ لِأَصْلِهِ) أَقُولُ: قَدْ يُغَيَّرُ الِاعْتِرَاضُ بِحَيْثُ لَا يَدْفَعُهُ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي الْإِثْبَاتِ لَا عُمُومَ لَهَا، فَقَوْلُهُ: خَارِجِ حِرْزٍ صَادِقٌ بِخَارِجِ الصُّنْدُوقِ فَقَطْ وَالْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِاللَّامِ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، فَقَوْلُهُ: خَارِجِ الْحِرْزِ مَعْنَاهُ كُلُّ حِرْزٍ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَا عَهْدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَلَعَ جَوْهَرَةً) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرَةً وَخَرَجَ قُطِعَ إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ، وَإِنْ تَضَمَّخَ بِطِيبٍ وَخَرَجَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ جُمِعَ مِنْ جِسْمِهِ نِصَابٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ أَخْرَجَ شَاةً دُونَ النِّصَابِ فَتَبِعَتْهَا سَخْلَتُهَا أَوْ أُخْرَى وَكَمُلَ بِهَا النِّصَابُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ الْمُحَرِّكُ) أَيْ إنْ كَانَ تَحْرِيكُهُ لِأَجْلِ إخْرَاجِهِ لِلسَّرِقَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْأَوْلَى) وَهُوَ بِالْوَاوِ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَهُ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَتَلِفَ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ) لَا دَخْلَ لِهَذَا فِي الْإِشْكَالِ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ كَانَ حَذْفُهُ أَبْلَغَ فِي الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: فِيهِ بَحْثٌ بَلْ أَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ وَهُوَ الصُّنْدُوقُ لِأَنَّ لَفْظَ حِرْزٍ نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ فَلَا عُمُومَ لَهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ الْمَعْهُودِ وَهُوَ مَا كَانَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَأَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ الْمَعْهُودِ إلَخْ. أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُعْتَرِضِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّ التَّنْكِيرَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ.) هَذَا الِاعْتِرَاضُ ضِدُّ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ كَانَ لَفْظُ حِرْزٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْعُمُومِ مَعَ أَنَّهُ لَا مُسَوِّغَ لَهُ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ لِأَنَّ أَلْ فِي الْحِرْزِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ كَمَا لَا يَخْفَى تَسْلِيمُ مَا قَالَهُ الْمُعْتَرِضُ فِي التَّنْكِيرِ الَّذِي هُوَ حَاصِلُ جَوَابِهِ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ وَادِّعَاءُ أَنَّ التَّعْرِيفَ مِثْلُهُ يَجْعَلُ أَلْ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إنْ كَانَ مَعْنَى الْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ هُنَا مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ حِرْزًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ لِغَيْرِ هَذَا، أَمَّا إنْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ حِرْزًا لِهَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا مُسَاوَاةَ
خَارِجَهُ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا حَالَةَ الْإِخْرَاجِ قُطِعَ (أَوْ) وَضَعَهُ بِظَهْرِ دَابَّةٍ (وَاقِفَةٍ فَمَشَتْ بِوَضْعِهِ) وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ مَشَتْ لِإِشَارَتِهِ بِنَحْوِ حَشِيشٍ (فَلَا) قَطْعَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسُقْهَا مَشَتْ بِاخْتِيَارِهَا، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ، كَأَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَهُوَ مُغْلَقٌ فَفَتَحَهُ لَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ حِينِ الِاسْتِيلَاءِ، وَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ وَهِيَ تَحْمِلُهُ فَخَرَجَتْ كَانَ الْإِخْرَاجُ مَنْسُوبًا لَهُ.
قَالَ: وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ بِحَقٍّ فَخَرَجَتْ وَهُوَ مَعَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَلِذَا ضَمِنَ مُتْلِفُهَا انْتَهَى مَرْدُودٌ بِأَنَّ الضَّمَانَ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ السَّبَبِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ فَتَوَقَّفَ عَلَى تَسْيِيرِهَا حَقِيقَةً لَا حُكْمًا، وَالثَّانِي يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى الْخُرُوجُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ إلَّا بِتَحْرِيكِهِ فَإِنْ حَرَّكَهُ فَخَرَجَ قُطِعَ.
(وَلَا يُضْمَنُ حُرٌّ) وَمُكَاتَبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَمُبَعَّضٌ (بِيَدٍ وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ) وَإِنْ صَغُرَ وَمَا وَرَدَ مِنْ قَطْعِهِ صلى الله عليه وسلم سَارِقَ الصِّبْيَانِ ضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَرِقَّاءِ، وَحُكْمُهُمْ أَنَّ مَنْ سَرَقَ قِنًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ عُجْمَةٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مُمَيِّزٍ سَكْرَانَ أَوْ نَائِمًا أَوْ مَضْبُوطًا قُطِعَ وَحِرْزُهُ فِنَاءُ الدَّارِ وَنَحْوُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفِنَاءُ مَطْرُوقًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ سَوَاءٌ حَمَلَهُ السَّارِقُ أَمْ دَعَاهُ فَأَجَابَهُ، وَلَوْ أُكْرِهَ الْمُمَيِّزُ فَخَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ لَا إنْ أَخْرَجَهُ بِخَدِيعَةٍ، فَإِنْ حَمَلَ عَبْدًا مُمَيِّزًا قَوِيًّا عَلَى الِامْتِنَاعِ نَائِمًا أَوْ سَكْرَانَ فَفِي الْقَطْعِ تَرَدُّدٌ الْأَصَحُّ مِنْهُ، نَعَمْ وَلَا قَطْعَ بِحَمْلِهِ مُتَيَقِّظًا.
(وَلَوْ)(سَرَقَ) حُرًّا وَلَوْ (صَغِيرًا) أَوْ مَجْنُونًا أَوْ نَائِمًا (بِقِلَادَةٍ) أَوْ حُلِيٍّ يَلِيقُ بِهِ وَيَبْلُغُ نِصَابًا أَوْ مَعَهُ مَالٌ آخَرُ (فَكَذَا) لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ لِلْحُرِّ يَدًا عَلَى مَا مَعَهُ فَهُوَ مُحْرَزٌ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ سَارِقُهُ مَا عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ عَلَى مَا بِيَدِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نُزِعَ مِنْهُ الْمَالُ قُطِعَ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّهُ إنْ نَزَعَهَا مِنْهُ خُفْيَةً أَوْ مُجَاهَرَةً وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ مِنْ النَّزْعِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الدَّبِيلِيِّ إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا نَزَعَهَا مِنْهُ: أَيْ وَالْأَصَحُّ مِنْهُ لَا قَطْعَ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ قَطْعًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَمْ يُقْطَعْ لِذَلِكَ: أَيْ؛ لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا فِي السَّيْرِ وَالْوُقُوفِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ: فِي دُخُولِ السَّخْلَةِ فِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ اهـ.
وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا سَارَتْ بِنَفْسِهَا وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِمَّا يَتْبَعُ الشَّاةَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَعَ جَوْهَرَةً) : أَيْ فَيُقْطَعُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ حَجّ، وَأَيْضًا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: فَإِنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرَةً وَهِيَ أَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: فَمَشَتْ بِوَضْعِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ صَغُرَ) أَيْ الْحُرُّ، وَقَوْلُهُ: وَحُكْمُهُمْ أَيْ الْأَرِقَّاءِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَضْبُوطًا) أَيْ مَرْبُوطًا
(قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ مِنْهُ نَعَمْ) أَيْ يُقْطَعُ
(قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ بِحَمْلِهِ مُتَيَقِّظًا) أَيْ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ الْمَضْبُوطَةِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الدَّبِيلِيِّ) قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ مَا نَصُّهُ: الزَّبِيلِيُّ بِفَتْحِ الزَّايِ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ.
وَقَالَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: حَالَةَ الْإِخْرَاجِ) يَعْنِي: حَالَ الْخُرُوجِ مِنْ جَوْفِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ) الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي أَوْ الْبَابُ بِأَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَأَتَّى الْخُرُوجُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ إلَخْ.) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي حَلِّ الْمَتْنِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْجَلَالِ وَفِيمَا مَرَّ لِابْنِ حَجَرٍ وَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْفِنَاءُ مَطْرُوقًا) أَيْ كَأَنْ كَانَ مُرْتَفِعًا عَنْ الطَّرِيقِ كَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ دَعَاهُ) أَيْ فِيمَنْ يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الِامْتِنَاعِ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ آنِفًا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْغَايَةِ أَنَّ الْكَبِيرَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ مَالٌ) أَيْ يَلِيقُ بِهِ أَيْضًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ سَارِقُهُ مَا عَلَيْهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لَوْ تَلِفَ مَثَلًا بِغَيْرِ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُجَاهَرَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَخَذَهُ وَالصَّبِيُّ مَثَلًا
نَزَعَهَا مِنْهُ مُجَاهَرَةً وَأَمْكَنَهُ مَنْعُهُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مَا إذَا نَزَعَهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يُلْقِ بِهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِغَيْرِ الصَّبِيِّ فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا قُطِعَ قَطْعًا أَوْ مِنْ حِرْزٍ يَلِيقُ بِالصَّبِيِّ دُونَهَا فَلَا قَطْعَ.
وَأَمَّا إذَا سَرَقَ مَا عَلَيْهِ أَوْ مَا عَلَى قِنٍّ دُونَهُ فَإِنْ كَانَ بِحِرْزِهِ كَفِنَاءِ دَارٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا، وَقِلَادَةُ كَلْبٍ بِحِرْزِ دَوَابَّ يُقْطَعُ بِمَا إنْ أَخَذَهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْكَلْبِ.
(وَلَوْ نَامَ عَبْدٌ) وَلَوْ صَغِيرًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ أَوْ الْمُمَيِّزِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهَهُ بِأَنَّ التَّمْيِيزَ لَا يُحْرَزُ بِهِ مَعَ النَّوْمِ (عَلَى بَعِيرٍ) عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ أَوْ لَا (فَقَادَهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ) إلَى مَضْيَعَةٍ (قُطِعَ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُمَا مِنْ حِرْزِهِمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى قَافِلَةٍ أَوْ بَلَدٍ، كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَافِلَةٍ أَوْ بَلَدٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْأُولَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَضْيَعَةٌ فَإِنَّهُ بِإِخْرَاجِهِ إلَيْهَا أَخْرَجَهُ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ فَلَا يُفِيدُهُ إحْرَازُهُ بَعْدُ (أَوْ) نَامَ (حُرٌّ) أَوْ مُكَاتَبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَوْ مُبَعَّضٌ عَلَى بَعِيرٍ فَقَادَهُ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحُرُّ مُمَيِّزًا أَمْ بَالِغًا أَمْ غَيْرَهُمَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا عَلَى مَا مَعَهُ (فَلَا) قَطْعَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ بِيَدِهِ.
وَالثَّانِي قَالَ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ.
(وَلَوْ نَقَلَهُ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ إلَى صَحْنِ دَارٍ بَابُهَا مَفْتُوحٌ) لَا بِفِعْلِهِ (قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى مَحَلِّ الضَّيَاعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَابُ الْبَيْتِ مَفْتُوحًا وَبَابُ الدَّارِ مَثَلًا مُغْلَقًا أَوْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ فَفَتَحَهُمَا أَوْ مَفْتُوحَتَيْنِ (فَلَا) قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ وَالْمَالُ فِي الثَّالِثَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْإِسْنَوِيُّ: الَّذِينَ أَدْرَكْنَاهُمْ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ هَكَذَا يَنْطِقُونَ بِهِ، وَلَا أَدْرِي هَلْ لَهُ أَصْلٌ أَمْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى دَبِيلٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ، قَالَ: وَدَبِيلٌ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ، قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الشَّامِ فِيمَا أَظُنُّ، وَأَمَّا دَيْبُلُ بِدَالٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ سَاكِنَةٌ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَضْمُومَةٌ فَبَلْدَةٌ مِنْ سَاحِلِ الْهِنْدِ قَرِيبَةٌ مِنْ السَّنَدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْكُورَ مَنْسُوبٌ إلَى الْأَوَّلِ، وَرَأَيْت بِخَطِّ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ دَبِيلِيٌّ وَمَنْ قَالَ الزَّبِيلِيُّ فَقَدْ صَحَّفَ وَبَسَطَ ذَلِكَ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي لُبِّ اللُّبَابِ مِنْ بَابِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَا نَصُّهُ: الدَّبِيلِيُّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ نِسْبَةً إلَى دَبِيلٍ قَرْيَةٌ بِالرَّمْلَةِ انْتَهَى
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا سَرَقَ) هَلْ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نُزِعَ مِنْهُ الْمَالُ إلَخْ؟ فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلْيُحَرَّرْ، فَإِنْ كَانَ هُوَ فَلِمَ ذَكَرَهُمَا وَلِمَ اعْتَبَرَ الْحِرْزَ هُنَا لَا ثَمَّ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِحِرْزِهِ كَفِنَاءِ دَارِهِ قُطِعَ) هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ سَرِقَةِ مَا عَلَيْهِ وَبَيْنَ نَزْعِ الْمَالِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: الظَّاهِرُ التَّقْيِيدُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُبَعَّضٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْآذِنَ لَا يَدَ لَهُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ) مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَلَوْ إلَى حِرْزٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُخَصِّصًا لِذَلِكَ، وَأَنْ يُفْرَضَ ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْحِرْزُ الْمُخْرَجُ مِنْهُ دَاخِلًا فِي الْحِرْزِ الْآخَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ دُخُولَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
يَنْظُرُ لَكِنَّهُ فِي مَحَلِّ خُفْيَةٍ حَتَّى يَصْدُقُ حَدُّ السَّرِقَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مَا إذَا نَزَعَهَا مِنْهُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ) هَذَا تَقْيِيدٌ ثَانٍ لِكَلَامِ الزَّبِيلِيِّ: أَيْ أَمَّا إذَا نَزَعَهَا مِنْهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ: أَيْ الْحِرْزِ لَهَا فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مِنْ حِرْزٍ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا سَرَقَ مَا عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: هَلْ هَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نُزِعَ مِنْهُ الْمَالُ إلَخْ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلْيُحَرَّرْ، وَإِنْ كَانَ هُوَ فَلِمَ ذَكَرَهُمَا وَلِمَ اعْتَبَرَ الْحِرْزَ هُنَا لِإِثْمٍ اهـ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْبَعِيرَ لَا يُحْرَزُ بِهِ مَعَ النَّوْمِ) فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الْإِحْرَازِ لَوْ اسْتَيْقَظَ. اهـ.
وَلَعَلَّ هَذَا أَسْقَطَتْهُ الْكَتَبَةُ مِنْ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتَمَامِ التَّوْجِيهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْحُرُّ مُمَيِّزًا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْحُرِّ وَهَلَّا عَمَّمَ إذْ مُكَاتَبَةُ الصَّغِيرِ مُتَصَوَّرَةٌ تَبَعًا وَمَا الْمَانِعُ مِنْ هَذَا التَّعْمِيمِ فِي الْمُبَعَّضِ