الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ
بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا، وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً، وَشَرْعًا: أَخْذُ مَالٍ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِشَرَائِطَ تَأْتِي.
وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَغَيْرُهُ مِمَّا يَأْتِي.
لَا يُقَالُ: لَوْ حَذَفَ قَطْعَ كَمَا حَذَفَ حَدَّ مِنْ كِتَابِ الزِّنَى لَكَانَ أَعَمَّ لِيَتَنَاوَلَ أَحْكَامَ نَفْسِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ وَمَا عَدَاهُ هُنَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَهُ فَذَكَرَهُ لِذَلِكَ، وَلَا يُعَارِضُهُ صَنِيعُهُ فِي كِتَابِ الزِّنَى؛ لِأَنَّهُمَا صِيغَتَانِ لِكُلٍّ مَلْحَظٌ وَأَرْكَانُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ سَرِقَةٌ كَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَتِهِمْ وَهُوَ صَحِيحٌ، إذْ الْمُرَادُ بِالسَّرِقَةِ الثَّانِيَةِ مُطْلَقُ الْأَخْذِ خُفْيَةً وَبِالْأُولَى الْأَخْذُ خُفْيَةً مِنْ حِرْزٍ، وَسَارِقٌ وَمَسْرُوقٌ، وَلِطُولِ الْكَلَامِ فِيهِ بَدَأَ بِهِ فَقَالَ (يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ فِي الْمَسْرُوقِ) أُمُورٌ (كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالَ ذَهَبٍ مَضْرُوبًا كَمَا فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَشَذَّ مَنْ قَطَعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ أَوْ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ»
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ]
ِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَى هَذَا الرَّدِّ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَبْوَابِ بَيَانُ الْأَحْكَامِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ أَحْكَامِ الْقَطْعِ مَقْصُودَةٌ بِالذَّاتِ، وَبَيَانُ أَحْكَامِ نَفْسِ السَّرِقَةِ مَقْصُودَةٌ بِالتَّبَعِ، وَمَا أَشَارَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ الْقَطْعِ مَمْنُوعٌ، إذْ عَدَمُ هَذَا الِاخْتِلَافِ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْقَطْعِ بِالْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ السَّرِقَةَ تُشَارِكُهَا فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا غَيْرِ الْقَطْعِ أَبْوَابٌ كَثِيرَةٌ كَالِاخْتِلَاسِ وَالِانْتِهَابِ وَالْجَحْدِ فَإِنَّهَا كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي الْحُرْمَةِ وَضَمَانِ الْمَالِ إنْ تَلِفَ وَأَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِمُدَّةِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ السَّرِقَةُ عَنْهَا بِالْقَطْعِ فَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي هَذَا الْبَابِ، بِخِلَافِ الزِّنَى فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُصَاهَرَةِ وَاسْتِرْقَاقِ الْوَلَدِ الْحَاصِلِ بِهِ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ لِلْوَاطِئِ، وَتَرَتُّبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَتَرَتُّبِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ فَلَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بَلْ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ.
(وَقَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ دَفْعٌ لِمَا يَرِدُ عَلَى الْجَوَابِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ إشَارَةٌ إلَى جَوَابٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ السَّارِقِينَ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهِ، بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الزَّانِي بِكْرًا أَوْ مُحْصَنًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لَاحِظْ ذَلِكَ فَلَمْ يَذْكُرْ الْحَدَّ فِي الزِّنَى لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الزُّنَاةِ، وَذَكَرَ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ، وَالنِّكَاتُ لَا تَتَعَارَضُ
(قَوْلُهُ: كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا يُسَاوِيهِ حَالَ السَّرِقَةِ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا أَخْذُ مَالٍ إلَخْ.) هَذَا تَعْرِيفٌ لِلسَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ خَاصَّةً كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمَا عَدَاهُ هُنَا بِطَرِيقِ التَّبَعِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا أَصَالَةٌ فِي الْحُدُودِ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بَابِ الرِّدَّةِ بِكِتَابِ الْحُدُودِ وَجَعَلَهُ أَبْوَابًا مِنْهَا بَابُ السَّرِقَةِ.
فَانْدَفَعَ قَوْلُ سم: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ أَحْكَامِ الْقَطْعِ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ وَبَيَانَ أَحْكَامِ نَفْسِ السَّرِقَةِ مَقْصُودٌ بِالتَّبَعِ اهـ.
وَمِمَّا يَدْفَعُهُ أَنَّ الشَّارِحَ كحج لَمْ يَجْعَلَا أَحْكَامَ السَّرِقَةِ تَابِعَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا، وَإِنَّمَا جَعَلَاهَا تَابِعَةً هُنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بَيَانُ الْحُدُودِ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَلْحَظٍ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْحُدُودَ فِي الزِّنَى مُتَعَدِّدَةٌ بِتَعَدُّدِ الْفَاعِلِ وَمُخْتَلَفٌ فِي بَعْضِ أَجْزَائِهَا وَهُوَ التَّغْرِيبُ فَحَذَفَ لَفْظَ الْحَدِّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ التَّخْصِيصُ بِبَعْضِهَا قَالَهُ حَجّ، وَإِنْ
فَمَحْمُولٌ عَلَى بَيْضَةِ الْحَدِيدِ، وَحَبْلٍ يُسَاوِي نِصَابًا أَوْ الْجِنْسِ، أَوْ أَنَّ مِنْ شَأْنِ السَّرِقَةِ تَدَرُّجَ صَاحِبِهَا مِنْ الْقَلِيلِ إلَى الْكَثِيرِ حَتَّى تُقْطَعَ يَدُهُ (خَالِصًا) وَإِنْ تَحَصَّلَ مِنْ مَغْشُوشٍ، بِخِلَافِ الرُّبْعِ الْمَغْشُوشِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رُبْعَ دِينَارٍ حَقِيقَةً (أَوْ قِيمَتَهُ) أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ هِيَ بِالدَّنَانِيرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ انْتَقَلَ لِأَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهَا فِيهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً (وَلَوْ)(سَرَقَ رُبْعًا) ذَهَبًا (سَبِيكَةً) فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ سَبِيكَةً مُؤَنَّثٌ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ نَعْتًا لِرُبْعٍ أَوْ حُلِيًّا (لَا يُسَاوِي رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالسِّلْعَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ، وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا وَزْنُهُ دُونَ رُبْعٍ وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ رُبْعٌ فَلَا قَطْعَ نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذَّهَبَ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ الْوَزْنُ وَبُلُوغُ قِيمَتِهِ رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالتَّقْوِيمُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ، فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ بِهِ لَا يُخَالِفُهُ مَا قَرَّرْنَاهُ.
نَعَمْ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِيُسَاوِي، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ نَقْدَيْنِ خَالِصَيْنِ اُعْتُبِرَ أَدْنَاهُمَا لِوُجُودِ الِاسْمِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ نَقَصَ النِّصَابُ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ بِأَنَّ الْوَزْنَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ وَالتَّقْوِيمَ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ وَاخْتِلَافُ الْحِسِّيِّ أَقْوَى فَأَثَّرَ دُونَ اخْتِلَافِ الِاجْتِهَادِيِّ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ تَقْوِيمُهُ بِالْأَعْلَى دَرْءًا لِلْقَطْعِ وَعَلَيْهِ فَلَا قَطْعَ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُقَوِّمِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ شَهَادَتِهِ الظَّنَّ، وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ فَإِنَّ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِمَا الْمُعَايَنَةُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْقَطْعِ مِنْهُمَا وَإِنْ اسْتَوَى الْبَابَانِ فِي أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي كُلٍّ إنَّمَا تُفِيدُ الظَّنَّ لَا الْقَطْعَ، فَانْدَفَعَ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا، وَأَنْ لَا يَتَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ وَإِلَّا أُخِذَ بِالْأَقَلِّ (وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا) مَثَلًا (لَا تُسَاوِي رُبْعًا قُطِعَ) لِوُجُودِ سَرِقَةِ الرُّبْعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَرُبْعُ الدِّينَارِ يَبْلُغُ الْآنَ نَحْوَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ نِصْفَ فِضَّةٍ
(قَوْلُهُ: وَحَبْلٍ يُسَاوِي نِصَابًا) أَيْ كَحَبْلِ السَّفِينَةِ الَّذِي يُسَاوِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرُّبْعِ الْمَغْشُوشِ) يَنْبَغِي فِي مَغْشُوشٍ لَا يَبْلُغُ خَالِصُهُ نِصَابًا أَنْ يُقْطَعَ بِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً) أَيْ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَرَقَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ) .
أَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولُ سَرَقَ سَبِيكَةً وَرُبْعًا حَالًا مُقَدَّمَةً أَيْ حَالَ كَوْنِهَا مُقَدَّرَةً بِالرُّبْعِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ نَعْتًا) أَيْ وَصَحَّ كَوْنُهُ نَعْتًا لِذَهَبًا؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ رُبَّمَا أُنِّثَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ نَقْدَيْنِ) أَيْ مِنْ النُّقُودِ الَّتِي يَقْتَضِي الْحَالُ التَّقْوِيمَ بِهَا
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ أَدْنَاهُمَا) أَيْ فَيُقْطَعُ
(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الِاسْمِ) أَيْ اسْمِ الرُّبْعِ (قَوْلُهُ وَتَمَّ فِي آخَرَ) أَيْ حَيْثُ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُتَقَوِّمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا أَوْ يَقِينًا مَثَلًا
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ) الْأَوْلَى حَذْفُ بِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهَا رَاجِعٌ لِقَطْعِ الْمُتَقَوِّمِ وَهَذَا هُوَ نَفْسُ الْحُكْمِ الْمُحَوِّجِ لِلْفَرْقِ، وَالْفَرْقُ إنَّمَا حَصَلَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِمَا الْمُعَايَنَةُ إلَخْ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: وَبِهِ فَارَقَ شَاهِدَيْ الْقَتْلِ: أَيْ حَيْثُ اكْتَفَى مِنْهُمَا بِقَوْلِهِمَا قَتَلَهُ وَلَمْ يَكْتَفِ هُنَا بِقَوْلِهِمَا سَرَقَ مَا قِيمَتُهُ كَذَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِمَا قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُخِذَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَعَارَضَتَا أُخِذَ بِالْأَقَلِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
نَازَعَهُ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ) يَعْنِي: بِأَنْ كَانُوا لَا يَتَعَارَفُونَ التَّعَامُلَ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِيُسَاوِي) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِرُبْعٍ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا وَهَذَا هُوَ الْأَقْعَدُ، وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْجَلَالِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا سَرَقَ شَيْئًا كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ غَيْرَ مَضْرُوبٍ وَلَا يُسَاوِيهِ مَضْرُوبًا لَا يُقْطَعُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ احْتِرَازًا عَنْ جَعْلِهِ وَصْفًا لِقَوْلِهِ شَيْئًا إذْ تَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُقَوَّمِ) بِأَنْ يَقُولَ قِيمَتُهُ كَذَا قَطْعًا كَمَا صَوَّرَهُ حَجّ
مَعَ قَصْدِ السَّرِقَةِ وَلَا أَثَرَ لِلظَّنِّ، وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ فُلُوسًا لَا تُسَاوِي رُبْعًا لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ ظَنَّهَا دَنَانِيرَ، وَكَذَا مَا ظَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أَصْلَ السَّرِقَةِ (وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ) بِالْمُثَلَّثَةِ (فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبْعٍ جَهِلَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَكَوْنُهُ هُنَا جَهِلَ جِنْسَ الْمَسْرُوقِ لَا يُؤَثِّرُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ قَصَدَ أَصْلَ السَّرِقَةِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الْجَهْلِ بِالْجِنْسِ هُنَا وَبِالصِّفَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى جَهْلِهِ الْمَذْكُورِ.
(وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ) بِأَنْ أَخْرَجَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى دُونَ نِصَابٍ وَتَمَّمَهُ فِي الثَّانِيَةِ (فَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (عِلْمُ الْمَالِكِ) بِذَلِكَ (وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) بِنَحْوِ غَلْقِ بَابٍ وَإِصْلَاحِ نَقْبٍ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ دُونَ غَيْرِهِمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَالْأَوَّلِ حَيْثُ وُجِدَ الْإِحْرَازُ كَمَا لَا يَخْفَى (فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى) لِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ حِينَئِذٍ فَلَا قَطْعَ بِهِ كَالْأَوَّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ عِلْمُ الْمَالِكِ وَلَا إعَادَةُ الْحِرْزِ أَوْ تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ سَوَاءٌ اُشْتُهِرَ هَتْكُ الْحِرْزِ أَمْ لَا (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِذِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ يُبْنَى عَلَى فِعْلِهِ، لَكِنْ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَا إذَا تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ عَدَمَ الْقَطْعِ وَالثَّانِي مَا يُبْقِيهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْقَطْعَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ وَأَسْقَطَ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ.
وَفِي وَجْهٍ إنْ اُشْتُهِرَ خَرَابُ الْحِرْزِ بَيْنَ الْمَرَّتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ، وَفِي رَابِعٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ فِي لَيْلَةِ الْأُولَى قُطِعَ أَوْ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَلَا.
(وَلَوْ)(نَقَبَ وِعَاءَ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا) كَجَيْبٍ أَوْ كُمٍّ أَوْ أَسْفَلِ غُرْفَةٍ (فَانْصَبَّ) مِنْهُ (نِصَابٌ) أَيْ مُقَوَّمٌ بِهِ عَلَى التَّدْرِيجِ (قُطِعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ هَتَكَ الْحِرْزَ وَفَوَّتَ الْمَالَ فَعُدَّ سَارِقًا.
وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عَدَمِ إخْرَاجِهِ، أَمَّا لَوْ انْصَبَّ دَفْعَةً فَيُقْطَعُ قَطْعًا وَقَوْلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَلَا قَطْعَ وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَكْثَرَ عَدَدًا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ
(قَوْلُهُ: مَعَ قَصْدِ السَّرِقَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِثِيَابِهِ رُبْعُ دِينَارٍ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ لَهُ بِهِ وَلَا قَصْدٍ عَدَمُ قَطْعِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ حَصَلَ مِنْ السَّارِقِ هَتْكٌ لِلْحِرْزِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ كَأَنْ تَسَوَّرَ الْجِدَارَ وَتَدَلَّى إلَى الدَّارِ فَسَرَقَ مِنْ غَيْرِ كَسْرِ بَابٍ وَلَا نَقْبِ جِدَارٍ فَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِعِلْمِ الْمَالِكِ؛ إذْ لَا هَتْكَ لِلْحِرْزِ حَتَّى يُصْلِحَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَسْتَنِيبَ فِي إصْلَاحِهِ
(قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمَا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذُكِرَ نَقْلًا عَنْ م ر مَا نَصُّهُ: ثُمَّ قَالَ م ر.
إنَّ إعَادَةَ غَيْرِهِمَا كَإِعَادَتِهِمَا كَمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ بِإِطْلَاقِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا) وَيُتَصَوَّرُ فِي إعَادَةِ الْحِرْزِ بِإِعَادَةِ غَيْرِهِ لَهُ بِأَنْ أَعَادَهُ نَائِبُهُ فِي أُمُورِهِ الْعَامَّةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِ الْمَالِكِ
(قَوْلُهُ: إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِذِ) ع: هَذَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى فِيمَا إذَا تَخَلَّلَتْ الْإِعَادَةُ دُونَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَأَيْضًا فَكَيْفَ يُقْطَعُ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُخْرَجَ ثَانِيًا دُونَ نِصَابٍ فَفِي كَلَامِهِ مُؤَاخَذَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ بَلْ مِنْ ثَالِثٍ أَيْضًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَهُ يُوهِمُ تَصَوُّرَ إعَادَةِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ مُحَالٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَكَتَبَ عَلَى حَجّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا ذُكِرَ بِحُرُوفِهِ مَا نَصُّهُ: وَالْمُؤَاخَذَاتُ الثَّلَاثُ وَارِدَةٌ عَلَى الشَّارِحِ كَمَا لَا يَخْفَى، نَعَمْ يُمْكِنُ مَنْعُ مَحَالِّيَّةِ الثَّالِثِ لِجَوَازِ أَنْ يَشْتَبِهَ حِرْزُ الْمَالِكِ بِحِرْزِ غَيْرِهِ فَيُصْلِحُهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ السَّرِقَةَ، وَدُفِعَ قَوْلُهُ وَأَيْضًا إلَخْ بِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا هُوَ بِمَجْمُوعِ الْمُخْرَجِ ثَانِيًا وَالْمُخْرَجِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُمَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْأَوَّلِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْأَوَّلِ أَيْضًا: أَيْ بِأَنَّهُ لَمَّا أَعَادَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ جُعِلَ فِعْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّارِقِ لَغْوًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ هَذَا.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الثَّالِثِ أَيْضًا بِأَنْ يَعْلَمَ الْمَالِكُ هَتْكَ الْحِرْزِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالسَّرِقَةِ كَأَنْ وَجَدَ الْجِدَارَ مَنْقُوبًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِسَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْ الْبَيْتِ
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ مَا لَوْ تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ يَعُدُّهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَانْصَبَّ مِنْهُ نِصَابٌ) لَوْ أَخَذَهُ مَالِكٌ بَعْدَ انْصِبَابِهِ قَبْلَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) يَعْنِي: إذَا تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ وَلَمْ يُعَدَّ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ، لَكِنَّ الْجَلَالَ صَوَّرَ الثَّانِيَةَ الْمَذْكُورَةَ قَبْلَ ذَلِكَ كَالْأُولَى بِالشَّخْصِ فَسَاغَ لَهُ هَذَا التَّعْبِيرُ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ أُولَى وَثَانِيَةٌ، وَإِنَّمَا قَالَ أَوْ تَخَلَّلَ أَحَدُهُمَا الصَّادِقَ بِالصُّورَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَوْلَى وَلَا ثَانِيَةٍ
(قَوْلُهُ: وَفَوَّتَ الْمَالَ) قَدْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ
الشَّارِحِ فِي تَعْلِيلِ الْأَصَحِّ لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ الْخَارِجِ بِهِ نِصَابٌ فَالْخَارِجِ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِهَتْكِهِ.
(وَلَوْ)(اشْتَرَكَا) أَيْ اثْنَانِ (فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ) مِنْ حِرْزٍ (قُطِعَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَرَقَ نِصَابًا تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَتَقْيِيدُ الْقَمُولِيِّ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُطِيقُ حَمْلَ مَا يُسَاوِي نِصَابًا، أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُطِيقُ ذَلِكَ وَالْآخَرُ يُطِيقُ حَمْلَ مَا فَوْقَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْأَوَّلُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَخَرَجَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِخْرَاجِ مَا لَوْ تَمَيَّزَا فِيهِ فَيُقْطَعُ مَنْ مَسْرُوقُهُ نِصَابٌ دُونَ مَنْ مَسْرُوقُهُ أَقَلُّ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يُمَيِّزُ فَيُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْرَجُ نِصَابَيْنِ إذَا كَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَالْآلَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَيْنِ (فَلَا) قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ كَذَلِكَ.
(وَلَوْ)(سَرَقَ) مُسْلِمٌ أَوْ غَيْرُهُ (خَمْرًا) وَلَوْ مُحْتَرَمَةً (وَخِنْزِيرًا) وَكَلْبًا وَلَوْ مُقْتَنًى (وَجِلْدَ مَيْتَةٍ بِلَا دَبْغٍ)(فَلَا قَطْعَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِطْلَاقُ السَّرِقَةِ عَلَيْهِ لُغَةً صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ جِلْدٍ دُبِغَ وَخَمْرَةٍ تَخَلَّلَتْ وَلَوْ بِفِعْلِهِ فِي الْحِرْزِ (فَإِنْ)(بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا) وَلَمْ يَقْصِدْ بِإِخْرَاجِهِ إرَاقَتَهَا وَقَدْ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ (قُطِعَ) بِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِلَا شُبْهَةٍ.
وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ مُسْتَحِقُّ الْإِرَاقَةِ فَجَعَلَهُ شُبْهَةً فِي دَفْعِ الْقَطْعِ، أَمَّا لَوْ قَصَدَ بِإِخْرَاجِهِ تَيَسُّرَ إفْسَادِهَا وَإِنْ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ أَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ إفْسَادِهِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ فَلَا قَطْعَ.
(وَلَا قَطْعَ فِي) سَرِقَةِ (طُنْبُورٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ وَكُلِّ آلَةِ مَعْصِيَةٍ كَصَلِيبٍ وَكِتَابٍ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالْخَمْرِ (وَقِيلَ إنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ) أَوْ نَحْوُ جِلْدِهِ (نِصَابًا) وَلَمْ يَقْصِدْ بِدُخُولِهِ أَوْ بِإِخْرَاجِهِ تَيَسَّرَ إفْسَادِهِ (قُطِعَ. قُلْت: الثَّانِي أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِسَرِقَتِهِ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ قُطِعَ قَطْعًا.
الشَّرْطُ (الثَّانِي كَوْنُهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ الَّذِي هُوَ نِصَابٌ (مِلْكًا لِغَيْرِهِ) أَيْ السَّارِقِ فَلَا قَطْعَ بِمَا لَهُ فِيهِ مِلْكٌ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَرَهْنٍ وَلَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ أَوْ مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ أَفْهَمَ مَنْطُوقُهُ قَطْعَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْقَطْعِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ أَوْ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ مَالًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الدَّعْوَى بِهِ هَلْ يَسْقُطُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الدَّعْوَى وَقَدْ تَعَذَّرَتْ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُ الْقَطْعِ لِمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ السَّارِقَ لَوْ مَلَكَ مَا سَرَقَهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَقَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي لَمْ يُقْطَعْ لِانْتِفَاءِ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ مَنْ مَسْرُوقُهُ أَقَلُّ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى كُلٌّ أَنَّ مَسْرُوقَهُ دُونَ النِّصَابِ فَلَا قَطْعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُقْتَضِي الْقَطْعِ وَإِنْ قُطِعَ بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا
(قَوْلُهُ: لَا يُمَيِّزُ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْتَرَمَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُسْلِمٍ عَصَرَهَا بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ هِيَ لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جِلْدٍ دُبِغَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ قِيمَةً وَقْتَ الْإِخْرَاجِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ بِإِخْرَاجِهِ إرَاقَتَهَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ إفْسَادِهِ) لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهِ وَإِفْسَادِهِ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْقَطْعِ لِلشُّبْهَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: كَالْخَمْرِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا قَطْعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ) أَيْ الطُّنْبُورُ وَنَحْوُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ مُكَسَّرَهُ يَبْلُغُ نِصَابًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ) أَيْ وَلَوْ لِلْبَائِعِ
(قَوْلُهُ: قَطْعَهُ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارٍ أَيْ وَلَوْ لِلْبَائِعِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَدْرَكَهُ الْمَالِكُ بَعْدَ الِانْصِبَابِ وَأَخَذَهُ لَا قَطْعَ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ قَدْ يُفِيدُ خِلَافَ ذَلِكَ، لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ سم مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ دَعْوَى الْمَالِكِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ دَعْوَاهُ هُنَا بَعْدَ أَخْذِهِ مَالَهُ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) وَكَذَا فِي الْأُولَى إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: شُبْهَةُ الْمِلْكِ) يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَهُمَا وَذِكْرَهُمَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الثَّالِثُ عَدَمُ شُبْهَةٍ فِيهِ، وَالشِّهَابُ حَجّ أَشَارَ إلَى التَّعْلِيلِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا مَرَّ عَقِبَ قَوْلِهِ فَلَوْ قُطِعَ بِمَا لَهُ فِيهِ
آخَرَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يُقْطَعْ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ قُطِعَ.
أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْقَبُولَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَصِيَّةِ.
وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ مَعَ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ قَبُولِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ قَطْعِهِ بِسَرِقَةِ مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إذْ الْفَرْقُ أَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا، وَيَنْضَمُّ إلَيْهِ أَنَّ أَخْذَ الْمُتَّهَبِ الْمَوْهُوبَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَهُ فِي قَبْضِهِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَرْقَ غَيْرُ مُجْدٍ مَرْدُودٌ (فَلَوْ)(مَلَكَهُ بِإِرْثٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ) أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُفِيدُ وَلَوْ قَبْلَ الثُّبُوتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى وَقَدْ وُجِدَتْ (أَوْ)(نَقَصَ فِيهِ عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَإِحْرَاقٍ (لَمْ يُقْطَعْ) الْمُخْرِجُ لِمِلْكِهِ لَهُ الْمَانِعُ مِنْ الدَّعْوَى بِالْمَسْرُوقِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ سَبَبَ النَّقْصِ قَدْ يَكُونُ مُمَلَّكًا كَالِازْدِرَادِ أَخْذًا مِمَّا مَمَرّ فِي غَاصِبِ بُرٍّ وَلَحْمٍ جَعَلَهُمَا هَرِيسَةً (وَكَذَا) لَا قَطْعَ (إنْ)(ادَّعَى) السَّارِقُ (مِلْكَهُ) لِلْمَسْرُوقِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ الْمَجْهُولِ الْحَالِ أَوْ لِلْحِرْزِ أَوْ مِلْكِ مَنْ لَهُ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ كَأَصْلِهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ أَقَرَّ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ قُطِعَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ مَعَهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ عَنْهُ لِتَسَلُّطِهِ عَلَى مِلْكِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ مَمْنُوعًا شَرْعًا مِنْ أَخْذِ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ كَانَ الْمَحَلُّ حِرْزًا لِامْتِنَاعِ دُخُولِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، (وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَرْقَ غَيْرُ مُجْدٍ مَرْدُودٌ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إذْ الْفَرْقُ أَنَّ الْقَبُولَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا قَطْعَ إنْ ادَّعَى السَّارِقُ مِلْكَهُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ، وَكَانَ مِلْكُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ ثَابِتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَهِيَ مِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ، بِخِلَافِ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ فِي الزِّنَى فَهِيَ مِنْ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ هُنَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِيهِ لَا يَتَوَقَّفُ أَصْلُهُ عَلَى بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ تَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ الشُّهُودِ وَعَدَالَتِهِمْ وَعَدَالَةِ الْوَلِيِّ، فَكَانَ ثُبُوتُهُ أَبْعَدَ مِنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ مَعَ شِدَّةِ الْعَارِ اللَّاحِقِ لِفَاعِلِهِ، بَلْ وَلَا يَخْتَصُّ الْعَارُ بِهِ بَلْ يَتَعَدَّى مِنْهُ إلَى الْمَزْنِيِّ بِهَا وَإِلَى أَهْلِهَا، فَجَوَّزَ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ فِيهِ تَوَصُّلًا إلَى إسْقَاطِ الْحَدِّ وَإِلَى دَفْعِ الضَّرَرِ اللَّاحِقِ لِغَيْرِ الزَّانِي، بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِيهَا أَقْرَبُ مِنْ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ فَحَرُمَ دَعْوَى الْمِلْكِ لِإِسْقَاطِ الْقَطْعِ وَلَا كَذَلِكَ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ) أَيْ ادَّعَى مِلْكَهُ لِلشَّخْصِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ السَّارِقُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مِلْكٌ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ، ثُمَّ أَوْرَدَ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّ وَجْهَ الْقَطْعِ فِيهِمَا شُبْهَةُ الْخِلَافِ فِي الْمِلْكِ، وَإِيرَادُهُمَا فِي كَلَامِهِ حِينَئِذٍ وَاضِحٌ، إلَّا أَنَّهُ اسْتَشْعَرَ وُرُودَ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ مَحَلَّ رِعَايَةِ شُبْهَةِ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ: أَيْ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ تَقْصِيرُهُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ) أَيْ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ حِينَئِذٍ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ، فَالْمَسْرُوقُ غَيْرُ مُحْرَزٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، كَذَا قَالَهُ وَالِدُ الشَّارِحِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَعِيَّةَ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ إلَخْ. غَيْرُ شَرْطٍ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَهُ مَعَ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ وَجَدَهُ حِينَئِذٍ دَخَلَ لِأَخْذِ مَالِهِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُشْتَرَكِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَصِيَّةِ) بِمَعْنَى أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَمْ يَقَعْ فِيهَا قَبُولٌ (قَوْلُهُ: لِمِلْكِهِ لَهُ الْمَانِعَ مِنْ الدَّعْوَى بِالْمَسْرُوقِ إلَخْ.) هَذَا تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَةَ تَعْلِيلًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ نَصُّهَا: وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمَرَ بِقَطْعِ سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ قَالَ: أَنَا أَبِيعُهُ وَأَهَبُهُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: هَلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» وَلِنَقْصِهِ، فَقَوْلُهُ: وَلِنَقْصِهِ عِلَّةٌ لِلثَّانِيَةِ
(عَلَى النَّصِّ) لِاحْتِمَالِهِ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بَلْ أَوْ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ بِكَذِبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا يُعَارِضُهُ تَقْيِيدُهُمْ بِالْمَجْهُولِ فِيمَا مَرَّ الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِدَعْوَاهُ مِلْكَ مَعْرُوفِ الْحُرِّيَّةِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِإِمْكَانِ طُرُوُّ مِلْكِهِ لِذَلِكَ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ، بِخِلَافِ مَعْرُوفِ الْحُرِّيَّةِ فَكَانَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ كَدَعْوَاهُ زَوْجِيَّةَ أَوْ مِلْكَ الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَلَوْ أَنْكَرَ السَّرِقَةَ الثَّابِتَةَ بِالْبَيِّنَةِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلْبَيِّنَةِ صَرِيحًا بِخِلَافِ دَعْوَى الْمِلْكِ، وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ مُخَرَّجٍ يُقْطَعُ وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِمَا ادَّعَاهُ.
(وَلَوْ)(سَرَقَا شَيْئًا) فَبَلَغَ نِصَابَيْنِ (وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَهُ) أَوْ لِصَاحِبِهِ وَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ (أَوْ لَهُمَا)(فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ الْمُدَّعِي) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَقُطِعَ الْآخَرُ فِي الْأَصَحِّ) لِإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ بِلَا شُبْهَةٍ.
أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فَلَا يُقْطَعُ كَالْمُدَّعِي، وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ وَلَمْ يُكَذِّبْ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي لِاحْتِمَالِ مَا يَقُولُهُ صَاحِبُهُ.
وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ الْمُكَذِّبُ لِدَعْوَى رَفِيقِهِ الْمِلْكَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ إنَّهُ مِلْكُهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ كَمَا مَرَّ.
(وَإِنْ)(سَرَقَ مِنْ حِرْزِ شَرِيكِهِ مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا (فَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَقًّا شَائِعًا فَأَشْبَهَ وَطْءَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ، وَخَرَجَ بِالْمُشْتَرَكِ سَرِقَةُ مَا يَخُصُّ الشَّرِيكَ فَيُقْطَعُ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَ حِرْزُهُمَا لَمْ يُقْطَعْ: أَيْ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ سَرِقَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ أَوْ أَجْنَبِيِّ الْمَغْصُوبِ وَإِلَّا قُطِعَ.
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ عَدَمُ شُبْهَةٍ لَهُ فِيهِ) لِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أَيْ وَذِكْرُهُمْ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا مَرَّتْ نَظَائِرُهُ (فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ أَصْلٍ) لِلسَّارِقِ وَإِنْ عَلَا (وَفَرْعٍ) لَهُ وَإِنْ سَفَلَ لِشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ حُرًّا أَمْ عَبْدًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ إعْتَاقَ قِنِّهِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَسَرَقَهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُطِعَ لِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَنْهُ بِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِ النَّاذِرِ فِيهِ مُطْلَقًا، وَبِهِ فَارَقَ الْمُسْتَوْلَدَةَ وَوَلَدَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ إيجَارَهُمَا، وَمَا نُظِرَ بِهِ فِيهِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ مَعَ عِلْمِ السَّارِقِ بِالنَّذْرِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ (وَ) لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ وَمُكَاتَبٍ مَالَ (سَيِّدٍ) أَوْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: بِإِمْكَانِ طُرُوُّ مِلْكِهِ) أَيْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ زَوْجِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِتَزَوُّجِهَا مِنْ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمَا سَرَقَا مَعًا.
وَحَاصِلُ دَعْوَاهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ بِحُضُورِ مَالِكِهِ مُعَاوِنًا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِإِقْرَارِهِ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَثْبَتَ أَصْلَ السَّرِقَةِ بِإِقْرَارِهِمَا لَا بِالْبَيِّنَةِ وَبِذَلِكَ صُوِّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ فَلَا يُقْطَعُ كَالْمُدَّعِي وَمِثْلِهِ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْقَطْعِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْمُدَّعِي وَأَذِنْت لَهُ وَهَلَّا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ كَمَا قُيِّدَ بِهِ نَظِيرُهُ الْمَارُّ
(قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ وَطْءَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ) أَيْ فَلَا يُحَدُّ بِهِ
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَدْخُلْ بِقَصْدِ سَرِقَةِ) وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَسَرَقَ مَالَ الْبَائِعِ الْمُخْتَصَّ بِهِ قُطِعَ أَنَّهُ يُقْطَعُ هُنَا مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ.
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ ادْرَءُوا) أَيْ ادْفَعُوا
(قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مَضْمُومَةً إلَى قَوْلِهِ بِالشُّبُهَاتِ
(قَوْلُهُ: وَفَرْعٍ لَهُ) ع: أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ: بِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِ النَّاذِرِ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ جُزْءٍ مِنْهُ وَلَا إيجَارُهُ لِلنَّفَقَةِ عَلَى الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ
(قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٍ مَالَ سَيِّدٍ) اُنْظُرْ لَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مَالَ أَبِيهِ هَلْ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ دُونَ أَبِيهِ فَلَا شُبْهَةَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتِقُ فَيَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى أَبِيهِ حَرِّرْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ إلَخْ لَكِنْ قَدْ يُعَارِضُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ لِانْتِفَاءِ (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِ إلَخْ.) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلِلنَّظَرِ وَجْهٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلَوْ مُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ)
أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَنْ لَا يَقْطَعُ السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ لِشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، وَلَا فَرْقَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ اتِّفَاقِ دِينِهِمَا وَاخْتِلَافِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْقِنُّ أَوْ الْقَرِيبُ كَوْنَ الْمَسْرُوقِ مِلْكَ أَحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَذَّبَهُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ ذُكِرَ أَوْ سَرَقَ سَيِّدُهُ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ فَكَذَلِكَ لِلشُّبْهَةِ فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ.
(وَالْأَظْهَرُ)(قَطْعُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ) أَيْ بِسَرِقَةِ مَالِهِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فِي مَالِهِ لَا أَثَرَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ مَحْدُودَةٌ وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُبَعَّضَ وَالْقِنَّ، وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ لَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَالَ السَّرِقَةِ وَأَخَذَتْهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تُقْطَعْ كَدَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينِهِ بِقَصْدِ ذَلِكَ، وَلَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ أَوْ مُمَاطَلَتَهُ صُدِّقَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ بِسَرِقَتِهِ طَعَامًا زَمَنَ قَحْطٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ.
وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِمَا مَرَّ.
(وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ) وَهُوَ مُسْلِمٌ (إنْ أُفْرِزَ لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ قُطِعَ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُفْرِزْ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَسْرُوقِ كَمَالِ مَصَالِحَ) وَلَوْ غَنِيًّا (وَكَصَدَقَةٍ) أَيْ زَكَاةٍ أُفْرِزَتْ (وَهُوَ فَقِيرٌ) أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهَا بِوَصْفِ فَقْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِالْأَوَّلِ لِغَلَبَتِهِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا (فَلَا) يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظَفَرٌ كَمَا يَأْتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَغَنِيٍّ أَخَذَ صَدَقَةً وَلَيْسَ غَارِمًا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلَا غَازِيًا، وَمِثْلُ الْغَنِيِّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ (قُطِعَ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ أَخْذِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْغَنِيَّ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ قُطِعَ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ عُرُوضَ الْفَقْرِ لَهُ فَيَصِيرُ مُسْتَحِقًّا لَهُ
(قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا قَطْعَ، (وَقَوْلُهُ: لِلشُّبْهَةِ) وَذَلِكَ أَنَّ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ يَصِيرُ مِلْكًا لِجُمْلَةِ الْعَبْدِ وَلِلسَّيِّدِ فِيهَا حَقٌّ وَهُوَ جُزْؤُهُ الرَّقِيقُ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَتْهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ) ظَاهِرُ سِيَاقِهِ عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ فِي الرَّقِيقِ وَالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: لَعَلَّهُ اسْتِحْقَاقُ نَحْوِ الْأَصْلِ وَالرَّقِيقِ لِلْكِتَابَةِ بِلَا تَقْدِيرٍ، فَكَانَ ذَلِكَ كَمِلْكِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَأْخُذُ بَدَلَ مَا اسْتَقَرَّ لَهَا مِنْ الدَّيْنِ فَلَمْ يُشْبِهْ مَا تَأْخُذُهُ مِلْكَ نَفْسِهَا فَاحْتَاجَتْ لِلْقَصْدِ (قَوْلُهُ: كَدَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينٍ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، فَإِنْ سَرَقَ مَالَ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ لِلدَّيْنِ الْحَالِّ أَوْ الْمُمَاطِلِ وَأَخَذَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَخْذِهِ شَرْعًا وَلَا قَطْعَ، وَغَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ كَهُوَ: أَيْ كَجِنْسِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُقْطَعُ بِزَائِدٍ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ مَعَهُ وَإِنْ بَلَغَ الزَّائِدُ نِصَابًا اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ لِلدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَيْ وَكَذَا سَرِقَةُ مَالِ غَرِيمِهِ الْغَيْرِ الْمُمَاطِلِ.
[فَرْعٌ] لَوْ سَرَقَ مَالَ الْمُرْتَدِّ يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ الْقَطْعُ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قُطِعَ السَّارِقُ وَإِنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي مَالِ الْفَيْءِ فَلَا قَطْعَ وَإِلَّا قُطِعَ كَذَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر بَحْثًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ وَإِنْ أَخَذَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظَفَرٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ لِلسَّيِّدِ
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُبَعَّضَ) هَكَذَا فِي النُّسَخِ بِمِيمٍ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ وَلَعَلَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ الثَّمَنُ وَلَمْ يَسْمَحْ بِهِ مَالِكُهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الثَّمَنِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الظَّفَرِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ) كَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُلْحَقًا عَقِبَ قَوْلِهِ بِقَصْدِ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاج لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أُفْرِزَتْ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لَهُ وَكَأَنَّهُ لِبَيَانِ
مَالِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُصْرَفُ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَمِنْ ثَمَّ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا تَبَعًا لَنَا وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَضْمُونٌ، وَمَا وَقَعَ فِي اللَّقِيطِ مِنْ نَفْيِ ضَمَانِهِ مَحْمُولٌ عَلَى صَغِيرٍ لَا مَالَ لَهُ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي طَائِفَةٍ لَهَا مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ بِالْأَجْزَاءِ فِي مَالٍ مُشَاعٍ بِصِفَةٍ، فَأَمَّا لَوْ أَفْرَزَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُؤَذِّنِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الْإِفْرَازِ، إذْ لَا سَهْمَ لَهُمْ مُقَدَّرٌ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ إفْرَازَهُ لَهُمْ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُشَاعًا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا دَخْلَ لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِهِ فِي إفْرَازِ الْإِمَامِ، فَمَا عَيَّنَهُ لِطَائِفَةٍ مِمَّا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ لَهَا الْإِفْرَازُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَهْمٌ مُقَدَّرٌ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ إلَخْ احْتِرَازٌ عَنْ الذِّمِّيِّ، وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَعَ عَدَمِ الْإِفْرَازِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَإِيهَامُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا، عَلَى أَنَّهُ إنْ أَوَّلَ كَلَامَهُ بِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ النَّظِيرِ وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمُقْسَمُ فَلَا إيهَامَ أَصْلًا.
(وَالْمَذْهَبُ)(قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ) وَتَأْزِيرِهِ وَسَوَارِيهِ وَسُقُوفِهِ وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ لِعَدَمِ إعْدَادِ ذَلِكَ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بَلْ لِتَصْحِينِهِ وَعِمَارَتِهِ وَأُبَّهَتِهِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمِنْبَرِ وَدِكَّةِ الْمُؤَذِّنِ وَكُرْسِيِّ الْوَاعِظِ فَلَا يُقْطَعُ بِهَا وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ لَهَا غَيْرَ خَطِيبٍ وَلَا مُؤَذِّنٍ وَلَا وَاعِظٍ، وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتْرِ الْكَعْبَةِ إنْ أُحْرِزَ بِالْخِيَاطَةِ عَلَيْهَا (لَا) بِنَحْوِ (حُصْرِهِ وَقَنَادِيلَ تُسْرَجُ) فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَالَةِ الْأَخْذِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا يُجَوِّزُ الْأَخْذَ بِالظَّفَرِ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُصْرَفُ) أَيْ سَوَاءٌ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا
(قَوْلُهُ: لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ) أَيْ فَيُقْطَعُ آخِذُهُ
(قَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا حَيْثُ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَتَأْزِيرِهِ) وَمِثْلُهُ الشَّبَابِيكُ
(قَوْلُهُ: وَسُقُوفِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ بِوَضْعِهِ صِيَانَتُهُ لَا انْتِفَاعُ النَّاسِ، فَلَوْ جَعَلَ فِيهِ نَحْوَ سَقِيفَةٍ بِقَصْدِ وِقَايَةِ النَّاسِ نَحْوِ الْحَرِّ فَلَا قَطْعَ بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُغَطَّى بِهِ نَحْوُ فَتْحَةٍ فِي سَقْفِهِ لِدَفْعِ نَحْوِ الْبَرْدِ الْحَاصِلِ مِنْهَا عَنْ النَّاسِ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ) مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تُسْرَجُ وَلَوْ أَخَّرَهُ كَانَ أَوْلَى لَكِنَّهُ ضَمَّهُ لِمَا فِيهِ الْقَطْعُ اخْتِصَارًا أَوْ لِلْمُنَاسَبَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ:(قَوْلُهُ: وَقَنَادِيلِهِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّينَةِ) ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الرُّخَامِ الْمُثَبَّتِ بِالْجُدْرَانِ
(قَوْلُهُ: وَلَا وَاعِظٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُتَّخَذُ لِنَفْعِ عَامَّةِ النَّاسِ بِسَمْعِ مَا يُقَالُ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ سِتْرِ الْكَعْبَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي سِتْرِ الْأَوْلِيَاءِ
(قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ حُصْرِهِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: احْتِرَازٌ عَنْ الذِّمِّيِّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ فِيمَا مَرَّ.
بَلْ حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْغَنِيِّ مَثَلًا إذَا أَخَذَ مِنْ الْمُفْرِزِ لِلصَّدَقَاتِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ وَأَسْقَطَ مِنْهَا مَا أَوْجَبَ الْخَلَلَ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي تُحْفَتِهِ: وَاعْتُرِضَ هَذَا التَّفْصِيلُ: أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُسْلِمٍ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فِي الْجُمْلَةِ إلَّا إنْ أُفْرِزَ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ.
وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي الذِّمِّيِّ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ فَقِيرٌ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ.
وَقَوْلُ شَارِحِ إنَّ الذِّمِّيَّ يُقْطَعُ بِلَا خِلَافٍ بِرَدِّهِ حِكَايَةَ غَيْرِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلَوْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ،
وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ الْمَتْنُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَعَ عَدَمِ الْإِفْرَازِ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَإِيهَامُهُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ،
كَمَا أَنَّ إيهَامَهُ أَنَّ مَالَ الصَّدَقَةِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ مُرَادٍ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَّاحِ فِيمَا عَلِمْت، وَقَدْ تُؤَوَّلُ عِبَارَتُهُ بِجَعْلِهِ مِنْ بَابِ ذِكْرِ النَّظِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ الْمُقْسَمُ وَيَرْتَفِعُ بِهَذَا الْإِيهَامُ مِنْ أَصْلِهِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمِنْبَرِ إلَخْ.) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِتَحْصِيلِ الْمَسْجِدِ وَلَا لِزِينَتِهِ بَلْ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِسَمَاعِهِمْ الْخَطِيبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ
تُسْرَجُ وَلَا بِسَائِرِ مَا يُفْرَشُ فِيهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ عَامٍّ، أَمَّا مَا اُخْتُصَّ بِطَائِفَةٍ فَيُتَّجَهُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي تِلْكَ الطَّائِفَةِ فَغَيْرُهَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَفِي الْمُسْلِمِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مُسْلِمٍ مُصْحَفًا مَوْقُوفًا لِلْقِرَاءَةِ فِي مَسْجِدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا لِشُبْهَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِالِاسْتِمْتَاعِ لِلْقَارِئِ فِيهِ كَقَنَادِيلِ الْإِسْرَاجِ، وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ، وَذَكَرَ فِي الْحُصُرِ وَالْقَنَادِيلِ وَجْهَيْنِ وَثَالِثًا فِي الْقَنَادِيلِ، الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ لِلِاسْتِضَاءَةِ وَمَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ: أَيْ فَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ الْمُقَابِلِ لَهَا مَا رَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ.
(وَالْأَصَحُّ)(قَطْعُهُ بِمَوْقُوفٍ) عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ نَحْوَ أَصْلِهِ وَلَا فَرْعِهِ وَلَا مُشَارِكًا لَهُ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْوَقْفِ؛ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقْطَعْ بِسَرِقَةِ مَوْقُوفٍ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَبَكَرَةِ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ ذِمِّيًّا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ شُمُولَ لَفْظِ الْوَاقِفِ لَهُ هُنَا صَيَّرَهُ مِنْ أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَكَانَتْ الشُّبْهَةُ هُنَا قَوِيَّةً جِدًّا، وَسَوَاءٌ أَقُلْنَا الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَازِمٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، أَمَّا غَلَّةُ الْمَوْقُوفِ الْمَذْكُورِ فَيُقْطَعُ بِهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ.
(وَأُمِّ وَلَدٍ سَرَقَهَا) مِنْ حِرْزٍ حَالَ كَوْنِهَا مَعْذُورَةً كَأَنْ كَانَتْ (نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً تَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَانَةَ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَوْ عَمْيَاءَ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ الْمُخْتَارَةِ الْبَصِيرَةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ، وَكَأُمِّ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ أَبْوَابُ الْأَخْلِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلسَّتْرِ بِهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ
(قَوْلُهُ: وَلَا بِسَائِرِ مَا يُفْرَشُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ثَمِينًا كَبِسَاطٍ نَفِيسٍ
(قَوْلُهُ: أَمَّا مَا اُخْتُصَّ بِطَائِفَةٍ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَرْوِقَةُ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ، فَإِنَّ الِاخْتِصَاصَ بِمَنْ فِيهَا عَارِضٌ إذْ أَصْلُ الْمَسْجِدِ إنَّمَا وُقِفَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَالْمُجَاوَرَةُ بِهِ مِنْ أَصْلِهَا طَارِئَةٌ
(قَوْلُهُ: فَغَيْرُهَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَهُ حَقُّ الدُّخُولِ لِمَدْرَسَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّنْ لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا لِلشُّرْبِ مِنْ مَائِهَا وَالِاسْتِرَاحَةِ فِيهَا حَيْثُ لَمْ يُضَيَّقْ عَلَى أَهْلِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ غَيْرَ الْمُخْتَصِّينَ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ جَازَ الدُّخُولُ فَلَيْسَ مَقْصُودًا بِالْوَقْفِ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهِمْ فَأَشْبَهَ الذِّمِّيَّ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَبَعٌ لِلْمُسْلِمِينَ
(قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ، أَمَّا سَرِقَتُهُ مِنْ كَنَائِسِهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُسْلِمِ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: مَوْقُوفًا لِلْقِرَاءَةِ فِي مَسْجِدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَأَنْ وَقَفَهُ عَلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ يَقْرَأُ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْقَطْعُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ (قَوْلُهُ: وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِمَا) أَيْ الْبَابِ وَالْجِذْعِ
(قَوْلُهُ: الْفَرْقُ بَيْنَ) أَيْ وَهُوَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَبَكَرَةِ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ) أَيْ لِلشُّرْبِ (قَوْلُهُ: الْوَقْفُ لِلَّهِ تَعَالَى) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: وَكَأُمِّ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرِقَّاءِ
(قَوْلُهُ: كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى) أَيْ: وَالتَّقْيِيدُ بِأُمِّ الْوَلَدِ إنَّمَا هُوَ لِلْخِلَافِ فِيهَا
(قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مُكَاتَبٍ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذًا مِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِهِ حِينَئِذٍ مَا لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ لَوْ خَطَبَ عَلَى الْأَرْض (قَوْله فِيهِمَا) يُعْنَى بَاب الْمَسْجِد وَجِذْعه
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قُلْنَا الْمِلْكُ) فِي الْوَقْفِ (لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ لِلْوَاقِفِ فَيُقْطَعُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الْخِلَافَ
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِخُصُوصِ مَا فِي الْمَتْنِ
مَظِنَّةِ الْحُرِّيَّةِ.
وَلَا يُشْكِلُ بِأُمِّ الْوَلَدِ وَيُقَالُ الْحُرِّيَّةُ فِيهَا أَقْوَى مِنْهَا فِي الْمُكَاتَبِ لِعَوْدِهِ لِلرِّقِّ بِأَدْنَى سَبَبٍ، بِخِلَافِهَا؛ لِأَنَّ اسْتِقْلَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ صَيَّرَ فِيهِ شَبَهًا بِالْحُرِّيَّةِ أَقْوَى مِمَّا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ مُتَوَقَّعٌ وَقَدْ لَا يَقَعُ، وَالثَّانِي قَالَ: الْمِلْكُ فِيهَا وَفِي الْمَوْقُوفِ ضَعِيفٌ.
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ كَوْنُهُ مُحْرَزًا) بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْإِحْرَازُ (بِمُلَاحَظَةٍ) لِلْمَسْرُوقِ مِنْ قَوِيٍّ مُتَيَقِّظٍ (أَوْ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ) وَحْدَهَا أَوْ مَعَ مَا قَبْلَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَطْلَقَ الْحِرْزَ وَلَمْ تَضْبِطْهُ اللُّغَةُ فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُحْرَزِ ضَائِعٌ بِتَقْصِيرِ مَالِكِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الثَّوْبُ لَوْ نَامَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُحْرَزٌ مَعَ انْتِفَائِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّوْمَ عَلَيْهِ الْمَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ غَالِبًا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مُلَاحَظَتِهِ وَمَا هُوَ حِرْزُ النَّوْعِ حِرْزٌ لِمَا دُونَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ تَابِعِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِصْطَبْلِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ (فَإِنْ)(كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ أَوْ سِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَكُلٌّ مِنْهَا لَا حَصَانَةَ لَهُ (اُشْتُرِطَ) فِي الْإِحْرَازِ (دَوَامُ لِحَاظٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ، نَعَمْ الْفَتَرَاتُ الْعَارِضَةُ عَادَةً لَا تَمْنَعُهُ فَلَوْ تَغَفَّلَهُ وَاحِدٌ فِيهَا قُطِعَ، وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ رُؤْيَةِ السَّارِقِ لِلْمُلَاحِظِ لِيَمْتَنِعَ مِنْ السَّرِقَةِ إلَّا بِتَغَفُّلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ، إذْ ضَابِطُ الْحِرْزِ مَا لَا يُنْسَبُ الْمُودِعُ بِوَضْعِ الْوَدِيعَةِ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ (وَإِنْ كَانَ بِحِصْنٍ كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ) وَلَا يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مُخَالَفَةُ اللِّحَاظِ هُنَا لِمَا مَرَّ لِاشْتِرَاطِ الدَّوَامِ ثَمَّ إلَّا فِي تِلْكَ الْفَتَرَاتِ الْقَلِيلَةِ جِدًّا الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا أَحَدٌ عَادَةً بِخِلَافِهِ هُنَا يَكْفِي لِحَاظُهُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ عُرْفًا.
(وَإِصْطَبْلٌ حِرْزُ دَوَابَّ) وَلَوْ نَفِيسَةٍ حَيْثُ كَانَ مُغْلَقًا مُتَّصِلًا بِالْعُمْرَانِ وَإِلَّا فَمَعَ اللِّحَاظِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْمَاشِيَةِ (لَا آنِيَةٍ وَثِيَابٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَفِيسَةً عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَلِأَنَّ إخْرَاجَ الدَّوَابِّ مِمَّا يَظْهَرُ وَيَبْعُدُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِقْلَالَهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِعَوْدِهِ) تَعْلِيلٌ لِلْإِشْكَالِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَقَعُ) بِأَنْ تَمُوتَ قَبْلَ السَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ: وَحَصَانَةِ مَوْضِعِهِ) قَالَ ع: وَقَدْ يُمَثَّلُ لَهُ بِالْمَقَابِرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعِمَارَةِ، وَكَذَا الدُّورُ عِنْدَ إغْلَاقِهَا، وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَخْلُ عَنْ أَصْلِ الْمُلَاحَظَةِ، نَعَمْ قَدْ يُمَثَّلُ لَهُ بِالرَّاقِدِ عَلَى مَتَاعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ مَا قَبْلَهَا) أَيْ الْمُلَاحَظَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ تَكْفِي الْحَصَانَةُ وَحْدَهَا وَقَدْ تَكْفِي الْمُلَاحَظَةُ وَحْدَهَا اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ
(قَوْلُهُ: مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مُلَاحَظَتِهِ) يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ حَصَانَةَ مَوْضِعِهِ حَقِيقَةً اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْمَوْضِعِ مَا أُخِذَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا حَصِينٌ بِالنَّوْمِ عَلَى الثَّوْبِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ إلَى قَوْلِهِ كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ) مَا قَدْ يُفْهِمُهُ هَذَا الصَّنِيعُ فِي نَفْسِهِ مِنْ اعْتِبَارِ اللِّحَاظِ فِي الْجُمْلَةِ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِمُلَاحَظَةٍ أَوْ حَصَانَةِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْحَصَانَةِ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ اعْتِبَارِ اللِّحَاظِ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ نَحْوِ الْإِصْطَبْلِ وَالدَّارِ الْآتِيَةِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي: كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ: أَيْ حَيْثُ يُعْتَبَرُ اللِّحَاظُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلُ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهَا لَا حَصَانَةَ لَهُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِهَا حَصَانَةٌ كَانَ حِرْزًا فَلْيُرَاجَعْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَاوُ فِيهِ لِلِاسْتِئْنَافِ بَيَّنَ بِهِ حَالَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ
(قَوْلُهُ: تِلْكَ الْفَتَرَاتِ) فَلَوْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ هَلْ كَانَ ثَمَّ مُلَاحَظَةٌ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ لَا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَطْعِ.
(قَوْلُهُ: لَا آنِيَةٍ وَثِيَابٍ) أَيْ لَمْ يَعْتَدْ وَضْعَهَا فِيهِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَثِيَابٍ
(قَوْلُهُ: وَثِيَابٍ) أَيْ لِلْغُلَامِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: مِنْ قَوِيٍّ مُتَيَقِّظٍ) سَيَأْتِي فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ الِاكْتِفَاءُ بِالضَّعِيفِ الْقَادِرِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِالْقُوَى، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْقَوِيِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الضَّعِيفَ الْمَذْكُورَ عَلَى خِلَافِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ) أَيْ أَمَّا بِفَتْحِهَا فَهُوَ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: إذْ ضَابِطُ الْحِرْزِ إلَخْ.) هَذَا لَا يَمْنَعُهُ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ هُوَ قَائِلٌ بِمُوجَبِهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ مَا بَحَثَهُ فَتَأَمَّلْ
الِاجْتِرَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الثِّيَابِ، نَعَمْ مَا اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ مِنْ نَحْوِ سَطْلٍ وَآلَاتِ دَوَابَّ كَسَرْجٍ وَبَرْدَعَةٍ وَرَحْلٍ وَرَاوِيَةٍ وَثِيَابٍ يَكُونُ مُحْرَزًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ السُّرُجُ وَاللُّجُمُ الْخَسِيسَةُ، بِخِلَافِ الْمُفَضَّضَةِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَكُونُ مُحْرَزَةً فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِإِحْرَازِهَا بِمَكَانٍ مُفْرَدٍ لَهَا
(وَعَرْصَةُ) نَحْوِ خَانْ وَ (دَارٍ وَصِفَتِهَا) لِغَيْرِ نَحْوِ السُّكَّانِ (حِرْزُ آنِيَةٍ) خَسِيسَةٍ (وَثِيَابٍ بِذْلَةٍ)(لَا) آنِيَةٍ وَثِيَابٍ نَفِيسَةِ وَنَحْوِ (حُلِيٍّ وَنَقْدٍ) بَلْ تُحْرَزُ فِي بَيْتٍ حَصِينٍ وَلَوْ مِنْ خَانٍ وَسُوقٍ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِمَا.
(وَلَوْ)(نَامَ بِصَحْرَاءَ) أَيْ مَوَاتٍ أَوْ مَمْلُوكٍ غَيْرِ مَغْصُوبٍ (أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ (عَلَى ثَوْبٍ أَوْ تَوَسَّدَ مَتَاعًا) بَعْدَ تَوَسُّدِهِ إحْرَازًا لَهُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ نَحْوُ نَقْدٍ فَلَا مَا لَمْ يَشُدَّهُ بِوَسَطِهِ كَمَا يَأْتِي وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقْيِيدُهُ بِشَدِّهِ تَحْتَ الثِّيَابِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْخَيْطُ الْمَشْدُودُ بِهِ تَحْتَهَا بِخِلَافِهِ فَوْقَهَا لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ فِي الْعَادَةِ حِينَئِذٍ (فَمُحْرَزٌ) إنْ حُفِظَ بِهِ لَوْ كَانَ مُتَيَقِّظًا لِلْعُرْفِ، وَكَذَا إنْ أَخَذَ خَاتَمَهُ أَوْ عِمَامَتَهُ أَوْ مَدَاسَهُ مِنْ أُصْبُعِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بِهِ مُتَخَلْخِلًا وَكَانَ فِي غَيْرِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا أَوْ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ كِيسِ نَقْدٍ شَدَّهُ بِوَسَطِهِ، وَنِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ فِي التَّقْيِيدِ بِشَدِّ الْوَسَطِ فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ بِأَنَّ الْمُدْرِكَ انْتِبَاهُ النَّائِمِ بِالْأَخْذِ وَهُوَ مُسْتَوْفَى الْكُلِّ، وَبِأَنَّ إطْلَاقَهُمْ الْخَاتَمَ يَشْمَلُ مَا فِيهِ فَصٌّ ثَمِينٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّ النَّائِمَ عَلَى كِيسٍ نَحْوِ نَقْدٍ مُفَرِّطًا دُونَ النَّائِمِ وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ بِفَصٍّ ثَمِينٍ، وَأَيْضًا فَالِانْتِبَاهُ بِأَخْذِ الْخَاتَمِ أَسْرَعُ مِنْهُ بِأَخْذِ مَا تَحْتَ الرَّأْسِ، وَظَاهِرٌ فِي نَحْوِ سِوَارِ الْمَرْأَةِ أَوْ خَلْخَالِهَا أَنَّهُ لَا يُحْرَزُ بِجَعْلِهِ فِي يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا إلَّا إنْ عَسُرَ إخْرَاجُهُ بِحَيْثُ يُوقِظُ النَّائِمَ غَالِبًا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْخَاتَمِ فِي الْأُصْبُعِ (فَلَوْ انْقَلَبَ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ السَّارِقِ (فَزَالَ عَنْهُ) ثُمَّ أَخَذَهُ (فَلَا) قَطْعَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْحِرْزِ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْجُوَيْنِيِّ وَابْنِ الْقَطَّانِ لَوْ وَجَدَ جَمَلًا صَاحِبُهُ نَائِمٌ عَلَيْهِ فَأَلْقَاهُ عَنْهُ وَهُوَ نَائِمٌ قُطِعَ فَمَرْدُودٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رُفِعَ الْحِرْزُ وَلَمْ يَهْتِكْهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْفَرْقُ بَيْنَ هَتْكِ الْحِرْزِ وَرَفْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَسْكَرَهُ فَغَابَ فَأَخَذَ مَا مَعَهُ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَا حِرْزَ حِينَئِذٍ.
(وَثَوْبٌ وَمَتَاعٌ وَضَعَهُ بِقُرْبِهِ) بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ وَيَمْتَنِعُ مِنْهُ إلَّا بِتَغَفُّلِهِ (بِصَحْرَاءَ) أَوْ شَارِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ (إنْ لَاحَظَهُ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَاللُّجُمُ الْخَسِيسَةُ) وَقِيَاسُهُ أَنَّ ثِيَابَ الْغُلَامِ لَوْ كَانَتْ نَفِيسَةً لَا يُعْتَادُ وَضْعُ مِثْلِهَا فِي الْإِصْطَبْلِ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَهَا.
(قَوْلُهُ وَعَرْصَةٌ) الْغَرَضُ مِنْهُ بَيَانُ تَفَاوُتِ أَجْزَاءِ الدَّارِ فِي الْحِرْزِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْمُحْرَزِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ اعْتِبَارِ الْمُلَاحَظَةِ مَعَ الْحَصَانَةِ فِي الْحِرْزِيَّةِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَسَيُعْلَمُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَدَارٍ مُنْفَصِلَةٍ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ نَحْوِ السُّكَّانِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّ ثِيَابَ الْغُلَامِ لَوْ كَانَتْ نَفِيسَةً لَا يُعْتَدُ وَضْعُ مِثْلِهَا فِي الْإِصْطَبْلِ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكٍ غَيْرِ مَغْصُوبٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ نَامَ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَا يَكُونُ مَا مَعَهُ مُحْرَزًا بِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مُتَعَدٍّ بِدُخُولِهِ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَكُونُ الْمَكَانُ حِرْزًا لَهُ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي
(قَوْلُهُ: فَمُحْرَزٌ إنْ حُفِظَ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا) أَيْ مِنْ جَمِيعِ الْأَصَابِعِ
(قَوْلُهُ: فِي يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ نَائِمَةً بِبَيْتِهَا فَلَا يُعَدُّ نَفْسُ الْبَيْتِ حِرْزًا
(قَوْلُهُ: فَأَلْقَاهُ عَنْهُ) أَيْ وَأَخَذَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَسْكَرَهُ إلَخْ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَقِيلَ النَّوْمِ بِحَيْثُ لَا يَنْتَبِهُ بِالتَّحْرِيكِ الشَّدِيدِ وَنَحْوِهِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُ مَا مَعَهُ وَمَا عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ الْحِرْزُ مِنْ أَصْلِهِ هُنَاكَ بِأَنْ هَدَمَ جَمِيعَ جُدَرَانِ الْبَيْتِ لَمْ يُقْطَعْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مَا اُعْتِيدَ
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ إلَخْ.) الْمُنَاسِبُ لِلْمَفْهُومِ الْآتِي أَنْ يَقُولَ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّ رَدُّ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ اشْتِرَاطُهُ رُؤْيَةَ السَّارِقِ لِلْمُلَاحَظِ
لِحَاظًا دَائِمًا كَمَا مَرَّ (مُحْرَزٌ) بِخِلَافِ وَضْعِهِ بَعِيدًا عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ مُضَيِّعٌ لَهُ، وَمَعَ قُرْبِهِ مِنْهُ يُعْتَبَرُ انْتِفَاءُ ازْدِحَامِ الطَّارِقِينَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ كَثْرَةِ الْمُلَاحِظِينَ بِحَيْثُ يُعَادِلُونَهُمْ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ زَحْمَةٍ عَلَى دُكَّانِ نَحْوِ خَبَّازٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ كَأَنْ نَامَ أَوْ وَلَّاهُ ظَهْرَهُ أَوْ غَفَلَ عَنْهُ (فَلَا) إحْرَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُضَيِّعًا حِينَئِذٍ، وَلَوْ أَذِنَ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِ نَحْوِ دَارِهِ لِشِرَاءٍ قُطِعَ مَنْ دَخَلَ سَارِقًا لَا مُشْتَرِيًا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ قُطِعَ كُلُّ دَاخِلٍ، وَهَذَا أَوْضَحُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ إلَى آخِرِهِ فَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ بِهِ إيضَاحًا.
(وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ بِقُوَّةٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ أَوْ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ نُونٍ، فَإِنْ ضَعُفَ بِحَيْثُ لَا يُبَالِي بِهِ السَّارِقُ وَبَعُدَ مَحَلُّهُ عَنْ الْغَوْثِ فَلَا إحْرَازَ، بِخِلَافِ الْمُبَالِي بِهِ وَلِهَذَا لَوْ لَاحَظَ مَتَاعَهُ وَلَا غَوْثَ فَإِنْ تَغَفَّلَهُ أَضْعَفُ مِنْهُ، وَأَخَذَهُ قُطِعَ أَوْ أَقْوَى فَلَا.
(وَدَارٌ) حَصِينَةٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ حَصَانَةَ مَوْضِعِهِ لَكِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى اشْتِرَاطُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مَعَ وُجُودِ قَوِيٍّ مُتَيَقِّظٍ (مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْعِمَارَةِ إنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَ ضَعِيفٌ وَبَعُدَتْ عَنْ الْغَوْثِ أَوْ قَوِيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ نَائِمٌ (فَلَا) تَكُونُ حِرْزًا، وَلَوْ مَعَ إغْلَاقِ الْبَابِ، وَهَذَا مَا فِي الْكِتَابِ كَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهَا حِرْزٌ بِمُلَاحِظٍ قَوِيٍّ بِهَا يَقْظَانَ مَعَ فَتْحِهِ وَإِغْلَاقِهِ وَنَائِمٍ مَعَ إغْلَاقِهِ أَوْ رَدِّهِ أَوْ نَوْمِهِ خَلْفَهُ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ بِصَرِيرِ فَتْحِهِ أَوْ فِيهِ، وَلَوْ مَعَ فَتْحِهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُحْرَزًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَيْسَتْ حِرْزًا مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمِنْهَاجِ لَا يُخَالِفُ الرَّوْضَةَ؛ إذْ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ: وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا حِرْزًا مَعَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَيُتَّجَهُ فِيمَنْ بِدَارٍ كَبِيرَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَحَالَّ لَا يَسْمَعُ مَنْ بِأَحَدِهَا مَنْ يَدْخُلُ الْآخَرَ أَنَّهُ لَا يُحْرَزُ بِهِ إلَّا مَا هُوَ فِيهِ وَأَنَّ مَنْ بِبَابِهَا لَا يُحْرَزُ بِهِ ظَهْرُهَا إلَّا إنْ كَانَ يَشْعُرُ بِمَنْ يَصْعَدُ إلَيْهَا مِنْهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ وَيَنْزَجِرُ بِهِ.
(وَ) دَارٌ (مُتَّصِلَةٌ) بِالْعِمَارَةِ: أَيْ بِدُورٍ مَسْكُونَةٍ، وَإِنْ لَمْ تُحِطْ الْعِمَارَةُ بِجَوَانِبِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي الْمَاشِيَةِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي دُورِ الْبَلَدِ كَثْرَةُ طُرُوقِهَا وَمُلَاحَظَتُهَا، وَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ اللَّبِنَاتُ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ الْجِدَارِ بِهَدْمِهِ لَا تُسَاوِي نِصَابًا وَإِلَّا قُطِعَ.
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يُعَادِلُونَهُمْ) أَيْ السُّرَّاقُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِ نَحْوِ دَارِهِ) مِنْهُ الْحَمَّامُ فَمَنْ دَخَلَهُ لِلْغُسْلِ فَسَرَقَ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُلَاحِظٌ، وَيَخْتَلِفُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ بِالنَّظَرِ إلَى كَثْرَةِ الزَّحْمَةِ وَقِلَّتِهَا، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ الْأَسْمِطَةِ الَّتِي تُعْمَلُ لِلْأَفْرَاحِ وَنَحْوِهَا إذَا دَخَلَهَا مَنْ أُذِنَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَكَوْنُ الدُّخُولِ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَلَوْ ادَّعَى دُخُولَهُ لِغَيْرِ السَّرِقَةِ لَمْ يُقْطَعْ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي الْإِذْنِ بَيْنَ كَوْنِهِ صَرِيحًا أَوْ حُكْمًا كَمَنْ فَتَحَ دَارِهِ وَجَلَسَ لِلْبَيْعِ فِيهَا وَلَمْ يَمْنَعْ مَنْ دَخَلَ لِلشِّرَاءِ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: يَقْظَانَ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ رَجُلٌ يَقِظٌ كَنَدُسٍ وَكَكَتِفٍ وَسَكْرَانَ جَمْعُهُ أَيْقَاظٌ وَهِيَ يَقْظَى اهـ.
فَالْقَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَاكِنَةٌ؛ لِأَنَّهَا نَظِيرُ الْكَافِ فِي سَكْرَانَ (قَوْلُهُ: وَبَعُدَتْ عَنْ الْغَوْثِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي حُكْمِ الْقَوِيِّ الضَّعِيفَ الْقَرِيبَ مِنْ الْغَوْثِ، (وَقَوْلُهُ أَوْ قَوِيٌّ بَقِيَ) الْمُسَاوِي اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَالْقَوْلِ (قَوْلُهُ بِصَرِيرٍ) أَيْ صَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ) أَيْ الْبَابِ أَيْ فَتْحِهِ
(قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا) الْمُرَادُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى اشْتِرَاطُهُ إلَخْ.) وَحِينَئِذٍ فَشَرْطِيَّتُهُ إنَّمَا هِيَ فِي قَوْلِهِ وَمُتَّصِلَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ بَعْضُ هَذَا لَا جَمِيعُهُ (قَوْلُهُ: إذْ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ إلَخْ.) فِي هَذَا السِّيَاقِ قَلَاقَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مَنْطُوقُ الْمِنْهَاجِ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْمَفْهُومِ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا حِرْزًا إلَخْ. إذْ هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِيهِ، لَكِنَّ فِي هَذِهِ الْإِشَارَةِ وَقْفَةٌ مَعَ ذِكْرِ الْجَلَالِ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ هُنَا، ثُمَّ قَوْلُهُ: عَقِبَهَا فَلَيْسَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ مَا يَأْتِي فِي الْمَاشِيَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.
كَذَلِكَ أَبْنِيَةُ الْمَاشِيَةِ (حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ) لَهَا (وَحَافِظٌ) بِهَا (وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا وَزَمَنَ خَوْفٍ، فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنَّ الضَّعِيفَ كَالْعَدَمِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ الْأَعْظَمَ وُجِدَ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ، وَاشْتِرَاطُ الْحَافِظِ إنَّمَا هُوَ لِيَسْتَغِيثَ بِالْجِيرَانِ فَيَكْفِيَ الضَّعِيفُ لِذَلِكَ، نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْحِرْزِ بِمَا إذَا كَانَ السَّارِقُ يَنْدَفِعُ حِينَئِذٍ بِاسْتِغَاثَةِ الْجِيرَانِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي شَرْطِ الْمُلَاحِظِ (وَمَعَ فَتْحِهِ) أَيْ الْبَابِ (وَنَوْمِهِ) أَيْ الْحَافِظِ (غَيْرُ حِرْزٍ لَيْلًا) بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ لِضَيَاعِهَا مَا لَمْ يَكُنْ النَّائِمُ بِالْبَابِ أَوْ بِقُرْبِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا بِالْأَوْلَى (وَكَذَا نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ، وَنَظَرُ الطَّارِقِينَ وَالْجِيرَانِ غَيْرُ مُفِيدٍ بِمُفْرَدِهِ فِي هَذَا، بِخِلَافِهِ فِي أَمْتِعَةٍ بِأَطْرَافِ الْحَوَانِيتِ لِوُقُوعِ نَظَرِهِمْ عَلَيْهَا دُونَ أَمْتِعَةِ الدَّارِ، أَمَّا زَمَنُ الْخَوْفِ فَغَيْرُ حِرْزٍ قَطْعًا كَمَا لَوْ كَانَ بَابُهَا فِي مُنْعَطَفٍ لَا يَمُرُّ بِهِ الْجِيرَانُ، وَأَمَّا هِيَ فِي نَفْسِهَا وَأَبْوَابُهَا الْمُغْلَقَةُ وَحِلَقُهَا الْمُثَبَّتَةُ وَنَحْوُ رُخَامِهَا وَسَقْفِهَا فَحِرْزٌ مُطْلَقًا.
وَالثَّانِي هِيَ حِرْزٌ زَمَنَ أَمْنٍ اعْتِمَادًا عَلَى مُرَاقَبَةِ الْجِيرَانِ وَنَظَرِهِمْ (وَكَذَا) تَكُونُ غَيْرَ حِرْزٍ أَيْضًا إذَا كَانَ بِهَا (يَقْظَانُ) لَكِنْ (تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ فِي الْأَصَحِّ) كَذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ بِانْتِفَاءِ مُرَاقَبَتِهِ مَعَ الْفَتْحِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ بَاعَ فِي الْمُلَاحَظَةِ فَانْتَهَزَ السَّارِقُ الْفُرْصَةَ وَأَخَذَ قُطِعَ قَطْعًا، وَالثَّانِي يُنْفَى التَّقْصِيرُ عَنْهُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ.
(فَإِنْ)(خَلَتْ) الدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ عَنْ حَافِظٍ بِهَا (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا) وَأُلْحِقَ بِهِ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى انْقِطَاعِ الطَّارِقِ: أَيْ كَثْرَتِهِ عَادَةً كَمَا لَا يَخْفَى (زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ) أَيْ مَعَهُ مَا لَمْ يُوضَعْ مِفْتَاحُهُ بِشِقٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لَهُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ) مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ فَتَحَ زَمَنَ نَهْبٍ أَوْ لَيْلٍ، وَأُلْحِقَ بِهِ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ (فَلَا) تَكُونُ حِرْزًا، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ أَيْضًا وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُقَابِلٌ.
(وَخَيْمَةٌ بِصَحْرَاءَ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَطْنَابُهَا وَتُرْخَى) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ لِجُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ، وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ إنَّهُ مَنْ يَتَّقِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَيَصْبِرْ بِالْجَزْمِ (أَذْيَالُهَا) بِأَنْ انْتَفَيَا مَعًا (فَهِيَ وَمَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَيْسَتْ حِرْزًا نَفَى الْحُكْمَ عَنْ كُلٍّ أَيْ مِنْ الْأَمْرَيْنِ: فَلَيْسَتْ حِرْزًا مَعَ كُلٍّ مِنْ الْفَتْحِ وَالْإِغْلَاقِ فَلَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ حِرْزًا مَعَ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْإِغْلَاقُ.
(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِيَسْتَغِيثَ
(قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ لِذَلِكَ) أَيْ لِضَيَاعِهَا
(قَوْلُهُ: وَأَبْوَابُهَا الْمُغْلَقَةُ) أَيْ وَكَالدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَسَاجِدُ فَسُقُوفُهَا وَجُدْرَانُهَا مُحْرَزَةٌ فِي أَنْفُسِهَا فَلَا يَتَوَقَّفُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى مُلَاحِظٍ
(قَوْلُهُ: وَنَحْوُ رُخَامِهَا) أَيْ الْمُثَبَّتِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَفْرُوشًا بِأَرْضِهَا أَوْ كَانَ مُلْصَقًا بِجُدْرَانِهَا
(قَوْلُهُ: فَحِرْزٌ مُطْلَقًا) أَيْ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُوضَعْ مِفْتَاحُهُ بِشَقٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ وَفَتَّشَ عَلَيْهِ السَّارِقُ وَأَخَذَهُ يُقْطَعُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ حُكْمِ الْبَعِيدِ مَا لَوْ كَانَ الْمِفْتَاحُ مَعَ الْمَالِكِ مُحْرَزًا بِجَيْبِهِ مَثَلًا فَسَرَقَتْهُ زَوْجَتُهُ مَثَلًا وَتَوَصَّلَتْ بِهِ إلَى السَّرِقَةِ فَتُقْطَعُ.
(قَوْلُهُ وَخَيْمَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ بُيُوتُ الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ بِبِلَادِنَا الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ: " يَصْبِرْ " مَجْزُومٌ فَأَثَّرَ الْعَامِلُ فِي لَفْظِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ يُرْخَى لَيْسَ مَجْزُومًا فَاحْتِيجَ إلَى التَّأْوِيلِ بِمَا ذَكَرَهُ، نَعَمْ فِي قِرَاءَةِ قُنْبُلٍ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ إثْبَاتُ الْيَاءِ مَعَ وُجُودِ الْجَازِمِ وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا بِالْأَوْلَى) تَبِعَ فِيهِ حَجّ، لَكِنَّ ذَاكَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِأَنَّهُ قَدَّمَ نَظِيرَهُ فِي الدَّارِ الْمُنْفَصِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِقُرْبِهِ بِخِلَافِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَمَّا زَمَنُ الْخَوْفِ إلَخْ.) يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ حِكَايَةِ الثَّانِي الْآتِي (قَوْلُهُ: فَحِرْزٌ مُطْلَقًا) أَيْ فَلِحَاظُ الْجِيرَانِ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ مُطْلَقًا فَحِرْزٌ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حِرْزٌ، وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ مَذْكُورٌ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْطِفهُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ قِرَاءَةُ قُنْبُلٍ) غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ فِعْلٍ عَلَى فِعْلٍ لَا جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْجَزْمِ وَجْهٌ، وَاَلَّذِي فِي الْآيَةِ مُخَرَّجٌ عَلَى لُغَةٍ مَنْ يُثْبِتُ حَرْفَ الْعِلَّةِ مَعَ الْجَازِمِ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي دُرِّ التَّاجِ فِي إعْرَابِ الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ
فِيهَا كَمَتَاعٍ) مَوْضُوعٍ (بِصَحْرَاءَ) فَلَا بُدَّ فِي إحْرَازِهَا مِنْ دَوَامِ لِحَاظٍ مِنْ قَوِيٍّ أَوْ بَيْنَ الْعِمَارَاتِ فَهِيَ كَمَتَاعٍ بِسُوقٍ فَيَكْفِي لِحَاظٌ مُعْتَادٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ وُجِدَا مَعًا (فَحِرْزٌ) بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا (بِشَرْطِ حَافِظٍ قَوِيٍّ فِيهَا) أَوْ بِقُرْبِهَا (وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) نَعَمْ الْيَقْظَانُ لَا يُشْتَرَطُ قُرْبُهُ وَلَا رُؤْيَةُ السَّارِقِ لَهُ كَمَا مَرَّ بَلْ مُلَاحَظَتُهُ، وَإِذَا نَامَ بِالْبَابِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَنْتَبِهُ بِالدُّخُولِ مِنْهُ لَمْ يُشْتَرَطْ إسْبَالُهُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ ضَعُفَ مَنْ فِيهَا اُعْتُبِرَ أَنْ يَلْحَقَهُ غَوْثُ مَنْ يَتَقَوَّى بِهِ، وَلَوْ نَحَّاهُ السَّارِقُ عَنْهَا كَانَ كَمَا لَوْ نَحَّاهُ عَمَّا نَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا فَيَكْفِي مَعَ الْحَافِظِ لِحَاظٌ مُعْتَادٌ لَا دَوَامُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَدُّ أَطْنَابِهَا وَإِنْ لَمْ تُرْخَ أَذْيَالُهَا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ عِبَارَتَهُ تَقْتَضِي أَنَّ فَقْدَ هَذَيْنِ يَجْعَلُهَا كَمَتَاعٍ بِصَحْرَاءَ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ.
نَعَمْ قَوْلُهُ وَإِلَّا يَشْمَلْ وُجُودَ أَحَدِهِمَا، وَلَا يُرَدُّ أَيْضًا؛ إذْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِرْخَاءُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ مُطْلَقًا: أَيْ إلَّا مَعَ دَوَامِ لِحَاظِ الْحَارِسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ أَوْ الشَّدُّ كَفَى مَعَ الْحَارِسِ وَإِنْ نَامَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَقَطْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُرَدُّ.
(وَمَاشِيَةٌ) نَعَمٌ أَوْ غَيْرُهَا (بِأَبْنِيَةٍ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ حَشِيشٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ (مُغْلَقَةٌ) أَبْوَابُهَا (مُتَّصِلَةٌ بِالْعِمَارَةِ مُحْرَزَةٌ بِلَا حَافِظٍ) نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي دَارٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ، وَإِنْ فُرِّقَ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي الْمَاشِيَةِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا وَذَلِكَ لِلْعُرْفِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا أَحَاطَتْ بِهِ الْمَنَازِلُ الْأَهْلِيَّةُ، فَلَوْ اتَّصَلَ بِهَا، وَأَحَدُ جَوَانِبِهِ عَلَى الْبَرِّيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَا (وَ) بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ (بِبَرِّيَّةٍ يُشْتَرَطُ) فِي إحْرَازِهَا (حَافِظٌ وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) وَخَرَجَ بِالْمُغْلَقَةِ فِيهِمَا الْمَفْتُوحَةُ فَيُشْتَرَطُ حَافِظٌ يَقِظٌ قَوِيٌّ أَوْ لُحُوقُ غَوْثٍ لَهُ، نَعَمْ يَكْفِي نَوْمُهُ بِالْبَابِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَنَحْوُ الْإِبِلِ بِالْمَرَاحِ مُحْرَزَةٌ حَيْثُ كَانَتْ مَعْقُولَةً، وَثَمَّ نَائِمٌ عِنْدَهَا إذَا حَلَّ عَقْلَهَا يُوقِظُهُ.
فَإِنْ لَمْ تُعْقَلْ اُشْتُرِطَ فِيهِ كَوْنُهُ مُتَيَقِّظًا أَوْ وُجُودُ مَا يُوقِظُهُ عِنْدَ أَخْذِهَا مِنْ جَرَسٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا.
(وَإِبِلٌ) وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَاشِيَةِ (بِصَحْرَاءَ) تَرْعَى فِيهَا مَثَلًا وَأُلْحِقَ بِهَا الْمَحَالُّ الْمُتَّسِعَةُ بَيْنَ الْعُمْرَانِ (مُحْرَزَةٌ بِحَافِظٍ يَرَاهَا) جَمِيعَهَا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا صَوْتُهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ اكْتِفَاءً بِالنَّظَرِ لِإِمْكَانِ الْعَدْوِ إلَيْهَا، أَمَّا مَا لَمْ يَرَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ كَمَا لَوْ تَشَاغَلَ عَنْهَا بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
جَوَابًا عَنْهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَيْنَ الْعِمَارَاتِ) لَعَلَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ بِصَحْرَاءَ فِي قَوْلِهِ: وَخَيْمَةٍ بِصَحْرَاءَ إلَخْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَا قَطْعَ
(قَوْلُهُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: شَدُّ أَطْنَابِهَا) فَاعِلُ يَكْفِي
(قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَرِدُ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا وَكَوْنَهُ حِرْزًا حِينَئِذٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَنْطُوقٌ لِدُخُولِ ذَلِكَ تَحْتَ وَإِلَّا، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ يَشْمَلُ وُجُودَ أَحَدِهِمَا لَا مَفْهُومٌ حَتَّى يَعْتَذِرَ بِمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: بِلَا حَافِظٍ) لَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْ إلْحَاقِهَا بِالدَّارِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعِمَارَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي دَارٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَافِظٍ، وَلَوْ نَائِمًا فِي اللَّيْلِ، وَالْخَوْفُ كَمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ وَحَافِظٍ وَلَوْ هُوَ نَائِمٌ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ لَيْلًا وَزَمَنَ خَوْفٍ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِهَا) أَيْ هَذَا الْأَحَدُ بِهَا: أَيْ الْبَرِيَّةِ فَيُشْتَرَطُ لِكَوْنِهَا حِرْزًا لِحَاظٌ مُعْتَادٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُغْلَقَةِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ خَلَتْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ حَافِظٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَهَارًا زَمَنَ الْأَمْنِ مَعَ الْإِغْلَاقِ اهـ سم حَجّ (قَوْلُهُ يَقِظٌ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَرِدُ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ نَصِّ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ إنَّهُ مَفْهُومٌ بَلْ هُوَ مَنْطُوقٌ: أَيْ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مَفْهُومَ حُكْمِ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: يَقِظٌ) بِمَعْنَى مُسْتَيْقِظٌ لَا نَائِمٌ
وَلَا مُقَيَّدَةً، نَعَمْ طُرُوقُ الْمَارَّةِ لِلْمَرْعَى كَافٍ.
(وَمَقْطُورَةٌ) وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ تُسَاقُ فِي الْعُمْرَانِ لَا بُدَّ فِي إحْرَازِهَا مِنْ رُؤْيَةِ سَائِقِهَا أَوْ رَاكِبِ آخِرِهَا لِجَمِيعِهَا وَتُقَادُ (يُشْتَرَطُ الْتِفَاتُ قَائِدِهَا) أَوْ رَاكِبِ أَوَّلِهَا (إلَيْهَا كُلَّ سَاعَةٍ) بِأَنْ لَا يَطُولَ زَمَنٌ عُرْفًا (بِحَيْثُ يَرَاهَا) جَمِيعَهَا، وَإِلَّا فَمَا يَرَاهُ خَاصَّةً، وَيُغْنِي عَنْ الْتِفَاتِهِ مُرُورُهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي نَحْوِ سُوقٍ، وَلَوْ رَكِبَ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَالْآخَرُ كَانَ سَائِقًا لِمَا أَمَامَهُ قَائِدًا لِمَا خَلْفَهُ (وَ) يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي إبِلٍ وَبِغَالٍ أَنْ تَكُونَ مَقْطُورَةً؛ إذْ لَا تَسِيرُ غَالِبًا إلَّا كَذَلِكَ وَ (أَنْ لَا يَزِيدَ قِطَارٌ) مِنْهَا (عَلَى تِسْعَةٍ) لِلْعُرْفِ فَمَا زَادَ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَقْطُورِ فَيُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِهَا مَا مَرَّ، وَمَا زَعَمَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ سَبْعَةٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ تَحْرِيفٌ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ هُوَ الْمَنْقُولُ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله فِي الرَّوْضَةِ مِنْ قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ: إنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ فِي الصَّحْرَاءِ بِعَدَدٍ وَفِي الْعُمْرَانِ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَهُوَ مِنْ سَبْعَةٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَذَهَبَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إلَى الرُّجُوعِ فِي كُلِّ مَكَان إلَى عُرْفِهِ.
(وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ) مِنْهَا تُسَاقُ أَوْ تُقَادُ (لَيْسَتْ مُحْرَزَةً) بِغَيْرِ مُلَاحِظٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ إذْ لَا تَسِيرُ إلَّا كَذَلِكَ غَالِبًا، وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ فِي إحْرَازِ غَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ نَظَرُهَا، وَلِلَبَنِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَمَتَاعٍ عَلَيْهَا وَغَيْرِهَا حُكْمُهَا فِي الْإِحْرَازِ وَعَدَمِهِ، نَعَمْ لَوْ حَلَبَ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ حَتَّى بَلَغَ نِصَابًا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا قَطْعُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرَاحَ حِرْزٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهَا، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي جَزِّ الصُّوفِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ طُرُوقُ الْمَارَّةِ) أَيْ الْمُعْتَادُ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ) يُفَارِقُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَغَيْرِ مَقْطُورَةٍ إلَخْ بِتَصْوِيرِ هَذَا بِالْمُلَاحَظَةِ، وَذَاكَ بِغَيْرِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَتُقَادُ) هَذَا مَعَ عَطْفِهِ عَلَى تُسَاقُ الْمَوْصُوفُ غَيْرُ مَقْطُورَةٍ أَيْضًا، وَمَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي إبِلٍ وَبِغَالٍ أَنْ تَكُونَ مَقْطُورَةً صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الْقَوْدِ لِغَيْرِ الْمَقْطُورَةِ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ، فَلْيُنْظَرْ مَا مَعْنَى تُقَادُ غَيْرُ الْمَقْطُورَةِ مَعَ تَعَدُّدِهِ حَتَّى تَأْتِيَ التَّفَاصِيلُ بَيْنَ رُؤْيَةِ جَمِيعِهَا أَوْ بَعْضِهَا، إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِأَنْ يَمْشِيَ أَمَامَهَا فَتَتْبَعَهُ أَوْ يَقُودَ وَاحِدًا مِنْهَا فَيَتْبَعَهُ الْبَاقِي أَوْ يَأْخُذَ زِمَامَ كُلِّ وَاحِدٍ، لَكِنْ تَفَاوَتَ الْأَزِمَّةِ طُولًا وَقِصَرًا فَحَصَلَ فِيهَا امْتِدَادٌ خَلَفَهُ لِتَأَخُّرِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَزِمَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَيُغْنِي عَنْ الْتِفَاتِهِ مُرُورُهُ بَيْنَ النَّاسِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ النَّاسَ لَا يُنَبِّهُونَ لِنَحْوِ خَوْفٍ مِنْ السَّارِقِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ وُجُودَ النَّاسِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ يُوجِبُ عَادَةً هَيْبَتَهُمْ وَالْخَوْفَ مِنْهُمْ فَاكْتُفِيَ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ الشَّرْطِ، (وَقَوْلُهُ فِي إبِلٍ وَبِغَالٍ) أَخْرَجَ الْخَيْلَ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَقْطُورِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ: فَلَوْ زَادَ عَلَى تِسْعَةٍ جَازَ: أَيْ وَكَانَ الزَّائِدُ مُحْرَزًا فِي الصَّحْرَاءِ لَا فِي الْعُمْرَانِ، وَقِيلَ غَيْرُ مُحْرَزٍ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّرْحُ الصَّغِيرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْحَافِظَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ بِحَافِظٍ يَرَاهَا فَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَافِظٌ يَرَاهَا، أَوْ شَيْئًا آخَرَ فَلَمْ يَظْهَرْ مُرُورُهُ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْتِفَاتَ الْقَائِدِ أَوْ الرَّاكِبِ فَقَدْ اسْتَوَى التِّسْعَةُ مِنْ الْقِطَارِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْهُ فِي الشَّرْطِ فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ زِيَادَةِ الْقِطَارِ عَلَى تِسْعَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ سَبْعَةٍ إلَى عَشَرَةٍ) هَلْ الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ أَوْ خَارِجَةٌ؟ لَا يَبْعُدُ الدُّخُولُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، ثُمَّ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مُلَاحِظٌ لِيُفَارِقَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ لَيْسَتْ مُحَرَّزَةً كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ فِي الْآتِي (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِهَا) الْمُنَاسِبُ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مُلَاحِظٍ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي إنْ جَعَلَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ فِي مُطْلَقِ الْمَاشِيَةِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ فَرْضِ كَلَامِهِ إذْ هُوَ فِي خُصُوصِ الْإِبِلِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْإِبِلُ وَالْبِغَالُ لِمَا مَرَّ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَوْضُوعِ الْمَتْنِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مُلَاحِظٍ
إذَا كَانَتْ الدَّوَابُّ لِوَاحِدٍ أَوْ مُشْتَرَكَةً: أَيْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ قُطِعَ بِالْأَوَّلِ.
وَالثَّانِي مُحْرَزَةٌ بِسَائِقِهَا الْمُنْتَهِي نَظَرُهُ إلَيْهَا كَالْمَقْطُورَةِ الْمَسُوقَةِ وَهُوَ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْأَوَّلِ كَالْأَشْبَهِ.
(وَكَفَنٌ) مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ غَيْرِ مَشْرُوعٍ (فِي قَبْرٍ بِبَيْتٍ) مُحْرَزٌ ذَلِكَ الْبَيْتُ بِمَا مَرَّ فِيهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ كَسْرُ الرَّاءِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (مُحْرَزٌ) ذَلِكَ الْكَفَنُ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ سَوَاءٌ أَجَرَّدَ الْمَيِّتَ فِي قَبْرِهِ أَوْ خَارِجَهُ لِخَبَرِ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» (وَكَذَا) إنْ كَانَ وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي قَبْرٍ أَوْ بِوَجْهِ الْأَرْضِ، وَجُعِلَ عَلَيْهِ أَحْجَارٌ لِتَعَذُّرِ الْحَفْرِ لَا مُطْلَقًا (بِمَقْبَرَةٍ بِطَرَفِ الْعِمَارَةِ) أَيْ مُحْرَزٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعَادَةِ، وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَارِسٌ فَهُوَ غَيْرُ مُحْرَزٍ كَمَتَاعٍ وُضِعَ فِيهِ (لَا) إنْ كَانَ (بِمُضِيعَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِهَا وَبِفَتْحِ الْيَاءِ: أَيْ بُقْعَةٍ ضَائِعَةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَلَا مُلَاحِظَ فَلَا يَكُونُ مُحْرَزًا (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ مَعَ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَصْرِفُهُ لِلْمَيِّتِ وَالثَّانِي قَالَ: الْقَبْرُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ حَيْثُ كَانَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَهَابُ الْمَوْتَى، فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِالْعِمَارَةِ وَنَدَرَ تَخَلُّفُ الطَّارِقِينَ مِنْهَا فِي زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ النَّبْشُ أَوْ كَانَ بِهِ حَرَسٌ فَحِرْزٌ جَزْمًا وَلَوْ لِغَيْرِ مَشْرُوعٍ، وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ لَهُ حَافِظَ الْمَقْبَرَةِ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ بَعْضَ الْوَرَثَةِ أَوْ نَحْوَ فَرْعِ أَحَدِهِمْ فَلَا قَطْعَ، وَلَوْ غَالَى فِي الْكَفَنِ بِحَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا يُخَلَّى مِثْلُهُ بِلَا حَارِسٍ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ وَالطِّيبُ الْمَسْنُونُ كَالْكَفَنِ وَالْمِضْرَبَةِ وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرِهِمَا وَالطِّيبُ الزَّائِدُ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ كَالْكَفَنِ الزَّائِدِ، وَالتَّابُوتُ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ كَالزَّائِدِ حَيْثُ كُرِهَ وَإِلَّا قُطِعَ بِهِ، وَيُقْطَعُ بِإِخْرَاجِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ إلَى خَارِجِهِ لَا مِنْ اللَّحْدِ إلَى فَضَاءِ الْقَبْرِ وَتَرَكَهُ لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كُفِّنَ مِنْ التَّرِكَةِ فَنَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ مِنْهُ طَالَبَ بِهِ الْوَرَثَةُ فَإِنْ أَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ وَبَقِيَ الْكَفَنُ اقْتَسَمُوهُ، وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ سَيِّدٌ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ قُطِعَ) أَيْ قُطِعَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَجْهَانِ إلَخْ، وَهُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ مَا لَمْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكَيْنِ نِصَابٌ.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْحَفْرِ) الظَّاهِرُ مِنْ تَعَذُّرِ الْحَفْرِ صَلَابَةُ الْأَرْضِ كَكَوْنِ الْبِنَاءِ عَلَى جَبَلٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ خَوَّارَةً سَرِيعَةَ الِانْهِيَارِ أَوْ يَحْصُلَ بِهَا مَاءٌ لِقُرْبِهَا مِنْ الْبَحْرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مَوْجُودًا حَالَ الدَّفْنِ لَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِوُجُودِهِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ فِي وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ هَتْكًا لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَاءُ سَبَبًا لِهَدْمِ الْقَبْرِ
(قَوْلُهُ: مَعَ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ) أَيْ بَيْنَ صَاحِبِ الْكَفَنِ وَالسَّارِقِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِالْعِمَارَةِ) وَمِنْهُ تُرْبَةُ الْأَزْبَكِيَّةِ وَتُرْبَةُ الرُّمَيْلَةِ فَيُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهَا وَإِنْ اتَّسَعَتْ أَطْرَافُهَا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقَعْ السَّرِقَةُ فِي وَقْتٍ يَبْعُدُ شُعُورُ النَّاسِ فِيهِ بِالسَّارِقِ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ حِينَئِذٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ لَهُ حَافِظَ) وَمِثْلُهُ حَافِظُ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ هُوَ السَّارِقَ لِعَدَمِ حِفْظِهِ الْأَمْتِعَةَ عَنْهُ
(قَوْلُهُ: أَحَدِهِمْ) أَيْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُطِعَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِأَرْضٍ غَيْرِ نَدِيَّةٍ وَغَيْرِ خَوَّارَةٍ
(قَوْلُهُ: طَالَبَ بِهِ الْوَرَثَةُ) أَيْ اسْتَحَقُّوا الطَّلَبَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا مَعَ الْمُلَاحِظِ مُحَرَّزَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، ثُمَّ اُنْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ بَعْدَ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ إلَخْ. هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي مِنْهَا بِغَيْرِ تَثْنِيَةٍ كَمَا فِي نُسَخٍ، فَإِنْ كَانَ مُثَنًّى كَمَا فِي نُسَخٍ أُخْرَى وَمَرْجِعُهُ الْإِبِلُ وَالْبِغَالُ، فَيَجِبُ حَذْفُ هَذَا الْقَيْدِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: قَطَعَ بِالْأَوَّلِ) يَعْنِي: جَزَمَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ مُقَابِلُ الْوَجْهِ الْمَارِّ وَهُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ
(قَوْلُهُ: مَعَ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ إلَخْ.) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عَقِبَ الْأَصَحِّ الْمَارِّ قَبْلَ هَذَا كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّارِقِينَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عَنْهَا، فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَحَلُّقِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ) هُوَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَقَطْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ فَرْعِ أَحَدِهِمْ) لَعَلَّ الضَّمِيرَ لِلْوَرَثَةِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْبَيْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ