الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرُ مُحْرَزٍ، نَعَمْ إنْ كَانَ السَّارِقُ فِي صُورَةِ غَلْقِ الْبَابَيْنِ أَحَدَ السُّكَّانِ الْمُنْفَرِدِ كُلٌّ مِنْهُمْ بِبَيْتٍ قُطِعَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ وَنَحْوُهُ فَيُقْطَعُ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ (وَقِيلَ إنْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزٍ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ مَا عُلِّلَ بِهِ.
(وَبِبَيْتٍ) نَحْوِ (خَانْ) وَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ مِنْ كُلِّ مَا تَعَدَّدَ سَاكِنُو بُيُوتِهِ (وَصَحْنِهِ كَبَيْتٍ وَ) صَحْنِ (دَارٍ) لِوَاحِدٍ (فِي الْأَصَحِّ) فَيُقْطَعُ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ هَذِهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ صَحْنَ الْخَانِ لَيْسَ حِرْزًا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ فَكَانَ كَسِكَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ أَهْلِهَا بِخِلَافِ صَحْنِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ بِكُلِّ حَالٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ اعْتِيَادَ سُكَّانِ الْخَانِ وَضْعَ حَقِيرِ الْأَمْتِعَةِ بِصَحْنِهِ مُلْحَقَةٌ بِصَحْنِ الدَّارِ لَا السِّكَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، نَعَمْ لَوْ سَرَقَ أَحَدُ السُّكَّانِ مَا فِي الصَّحْنِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَوَّابٌ، أَوْ مَا فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ قُطِعَ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ وَالثَّانِي يُقْطَعُ فِيهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ صَحْنَ الْخَانِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ.
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ
وَهِيَ تَكْلِيفٌ وَعِلْمُ تَحْرِيمٍ وَعَدَمُ شُبْهَةٍ وَإِذْنٍ وَالْتِزَامُ أَحْكَامٍ وَاخْتِيَارٌ وَفِيمَا يُثْبِتُ السَّرِقَةَ وَيُقْطَعُ بِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَجَاهِلٌ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ (وَمُكْرَهٌ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ وَحَرْبِيٌّ وَمَنْ أَذِنَهُ الْمَالِكُ وَذُو شُبْهَةٍ، وَلَا يُقْطَعُ مُكْرِهٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ قَطْعِ الْمُتَسَبِّبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ كَانَ آلَةً لِلْمُكْرِهِ فَيُقْطَعُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِلَا إكْرَاهٍ.
(وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) بِالْإِجْمَاعِ فِي مُسْلِمٍ بِمُسْلِمٍ وَبِعِصْمَةِ الذِّمِّيِّ وَالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِنَا كَمَا فِي الزِّنَى.
(وَفِي)(مُعَاهَدٍ) وَمُؤَمَّنٍ (أَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا إنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ) لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُشْرَطْ ذَلِكَ (فَلَا) يُقْطَعُ لِانْتِفَاءِ الْتِزَامِهِ (قُلْت: الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا قَطْعَ) بِسَرِقَتِهِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يُحَدُّ بِالزِّنَى (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَمْ يَلْتَزِمْ أَحْكَامَنَا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ، نَعَمْ يُطَالَبُ بِرَدِّ مَا سَرَقَهُ أَوْ بَدَلِهِ جَزْمًا، وَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ بِسَرِقَتِهِمَا مَالَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَحَدِ الْحِرْزَيْنِ فِي الْآخَرِ يَجْعَلُهُمَا كَالْحِرْزِ الْوَاحِدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا قَطْعَ.
[فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: لَوْ فَتَحَ شَخْصٌ الْحِرْزَ، وَدَخَلَ الدَّارَ فَحَدَثَ فِيهَا مَالٌ، وَهُوَ فِيهَا فَأَخَذَهُ وَخَرَجَ بِهِ فَلَا قَطْعَ لِأَخْذِهِ مِنْ حِرْزٍ مَهْتُوكٍ اهـ.
وَاعْتَمَدَهُ م ر.
أَقُولُ: لَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُمْ: إنَّ الْحِرْزَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحِرْزِيَّةِ بِفَتْحِ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا وُضِعَ الْمَالُ قَبْلَ الْهَتْكِ، وَوَجْهُهُ اسْتِصْحَابُ الْحِرْزِيَّةِ وَالِاحْتِرَامُ لِلْحِرْزِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ لِإِحْرَازِهِ عَنْهُ) وَمِنْهُ صُنْدُوقُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخَرِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ.
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ السَّارِقِ الَّذِي يُقْطَعُ]
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْضَاءِ
(قَوْلُهُ: وَجَاهِلٌ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ) أَيْ بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَبِعِصْمَةِ الذِّمِّيِّ) أَيْ وَبِسَبَبِ عِصْمَةِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا) شُرِطَ أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلِهِ جَزْمًا) فِي هَذَا الصَّنِيعِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُطَالَبُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ مَا سَرَقَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا وَأَمْكَنَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ السَّارِقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ السَّارِقِ) أَيْ فِي بَعْضِ، فَقَوْلُهُ: وَهِيَ تَكْلِيفٌ إلَخْ. بَيَانٌ لِلشُّرُوطِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا الَّتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ وَفِيمَا يُقْطَعُ بِهَا وَهُوَ أَطْرَافُهُ عَلَى مَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ)
لِاسْتِحَالَةِ قَطْعِهِمَا بِمَالِهِ دُونَ قَطْعِهِ بِمَالِهِمَا.
(وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ) فَيُقْطَعُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ حُكْمًا وَهَذَا مَا ذَكَرَاهُ هُنَا، لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِهَا، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ثُبُوتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَهَمٌ؛ إذْ ثُبُوتُهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ) بَعْدَ دَعْوَى إنْ فَصَّلَهُ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ بِهَا، وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ الْإِطْلَاقِ مِنْ مُقِرٍّ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ إذْ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الشُّبْهَةِ وَالْحِرْزِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِي الزِّنَى أَمَّا إقْرَارُهُ قَبْلَ تَقَدُّمِ دَعْوَى فَلَا يُقْطَعُ بِهِ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالَ، وَيَثْبُتَ الْمَالُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ حِسْبَةً قُبِلَا، وَلَا قَطْعَ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالِكُ بِمَالِهِ ثُمَّ تُعَادَ الشَّهَادَةُ لِثُبُوتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ لَا الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا وَإِنَّمَا اُنْتُظِرَ لِوُقُوعِ ظُهُورِ مُسْقِطٍ وَلَمْ يَظْهَرْ.
(وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ كَالزِّنَى لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِقَبُولِ رُجُوعِهِ) فَلَا يُقْطَعُ، وَفِي الْغُرْمِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ، وَفِي طَرِيقٍ ثَالِثٍ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ أَيْضًا.
(وَمَنْ)(أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِمُوجِبِهَا كَزِنًى وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَلَوْ بَعْدَ دَعْوَى (فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْقَاضِي) أَيْ يَجُوزُ لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إشَارَةٌ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَدْبِهِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
انْتِزَاعُهُ مِنْهُ نُزِعَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ) ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ:؛ إذْ ثُبُوتُهُ) أَيْ الْمَالِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ) أَيْ الْإِقْرَارُ
(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا) أَيْ فَقِيهًا أَوْ غَيْرَهُ
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْمَالُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْأَخْذُ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِثُبُوتِ الْمَالِ لَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْمَأْخُوذِ فَإِنَّ فِيهِ إقْرَارًا، وَالْمَالُ يَثْبُتُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ قَبْلَ الدَّعْوَى فَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشُرُوطِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُخَصِّصٌ لِلتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ السَّرِقَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
[فَرْعٌ] لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ ثُمَّ كَذَّبَ رُجُوعَهُ، قَالَ الدَّمِيرِيِّ: لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ الْقَاضِي: سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ كَانَ بِالْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الزِّنَى عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى حَجّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِمَا خِلَافُهُ عِنْدَ م ر فِيمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ.) أَهْمَلَ ذِكْرَ الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا فِي الْمَتْنِ.
وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ عَقِبَ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ لَا كَالْمَالِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْوَجْهُ إسْقَاطُ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ هُوَ فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ قَاسِمٍ هَذَا الْأَخْذَ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِثُبُوتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْمَأْخُوذِ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَالْمَالُ يَثْبُتُ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْقَطْعِ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ قَبْلَ الدَّعْوَى.
وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ: أَيْ ابْنِ حَجَرٍ الْآتِي ثُمَّ ثُبُوتُ السَّرِقَةِ بِشُرُوطِهَا.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَخْصِيصٌ لِلتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ السَّرِقَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْجَوَابَ الثَّانِي لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِهِ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ
وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِهِمْ الْجَوَازَ بِالْقَاضِي حُرْمَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ لِامْتِنَاعِ التَّلْقِينِ عَلَى الْحَاكِمِ دُونَ غَيْرِهِ (أَنْ يَعْرِضَ لَهُ) حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا وُجُوبَ الْحَدِّ وَهُوَ مَعْذُورٌ كَمَا فِي التَّعْزِيرِ، وَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْعَالِمُ قَدْ تَطْرَأُ لَهُ دَهْشَةٌ فَلَا فَرْقَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (بِالرُّجُوعِ) عَنْ الْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِجَوَازِهِ فَيَقُولُ: لَعَلَّك قَبَّلْتَ فَاخَذْتَ أَخَذْتَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ غَصَبْتَ انْتَهَبْتَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْتَهُ مُسْكِرٌ؛ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَرَّضَ بِهِ لِمَاعِزٍ وَقَالَ لِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ مَا أَخَالُكَ سَرَقْتَ، قَالَ بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» .
وَالثَّانِي لَا يَعْرِضُ لَهُ.
وَالثَّالِثُ: يَعْرِضُ لَهُ إنْ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ، فَإِنْ عَلِمَ فَلَا، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِالرُّجُوعِ أَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُ بِالْإِنْكَارِ أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ أَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى إنْكَارِ الْمَالِ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ التَّعْرِيضُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ لِلَّهِ يُفِيدُ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَحُلُّ التَّعْرِيضُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الرُّجُوعُ فِيهِ شَيْئًا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ فِيهِ حَمْلًا عَلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ كَمُتَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ (وَلَا يَقُولُ) لَهُ (ارْجِعْ) عَنْهُ أَوْ اجْحَدْهُ قَطْعًا فَيَأْثَمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْكَذِبِ، وَلَهُ أَنْ يَعْرِضَ لِلشُّهُودِ بِالتَّوَقُّفِ فِي حَدِّهِ تَعَالَى إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي السَّتْرِ وَإِلَّا فَلَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْرِيضُ، وَلَا لَهُمْ التَّوَقُّفُ عِنْدَ تَرَتُّبِ مَفْسَدَةٍ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ضَيَاعِ الْمَسْرُوقِ أَوْ حَدٍّ لِلْغَيْرِ.
(وَلَوْ)(أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى) أَوْ بَعْدَ دَعْوَى مِنْ وَكِيلٍ لِلْغَائِبِ شَمِلَتْ وَكَالَتُهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَشْعُرْ الْمَالِكُ بِهَا أَوْ شَهِدَ بِهَا حِسْبَةً (أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ) أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ السَّفِيهُ (لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ بَلْ) يُحْبَسُ وَ (يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ) وَكَمَالُهُ وَمُطَالَبَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ بِهِ بِالْإِبَاحَةِ أَوْ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَإِنْ كَذَّبَهُ كَمَا مَرَّ، أَمَّا بَعْدَ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ فَلَا انْتِظَارَ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْإِبَاحَةِ هُنَا، وَنَحْوُ الصَّبِيِّ يُمْكِنُ أَنْ يُمَلِّكَهُ عَقِبَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ أَيْضًا.
وَلَا يُشْكِلُ حَبْسُهُ هُنَا بِعَدَمِهِ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالِ غَائِبٍ؛ لِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِالْقَطْعِ فِي الْجُمْلَةِ لَا بِمَالِ الْغَائِبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ عَنْ نَحْوِ طِفْلٍ حُبِسَ؛ لِأَنَّهُ لَهُ بَلْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِينَئِذٍ.
(أَوْ) أَقَرَّ (أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى الزِّنَى) أَوْ زَنَى بِهَا (حُدَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْجَوَازُ
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ
(قَوْلُهُ: فَلَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخْشَ) مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالرُّجُوعِ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَلَا بَيِّنَةَ حَمْلَهُ بِالتَّعْرِيضِ عَلَى الْإِنْكَارِ: أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ اهـ
(قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ لَا يُقْبَلُ
(قَوْلُهُ: فَيَأْثَمُ بِهِ) وَمِثْلُ الْقَاضِي غَيْرُهُ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْكَذِبِ) إنْ رَجَعَ الْمَتْنُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ دَلَّ عَلَى تَضَمُّنِ الرُّجُوعِ الْكَذِبَ فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْرِيضِ بِالرُّجُوعِ وَالتَّعْرِيضِ بِالْإِنْكَارِ، وَأَنَّ فِي الثَّانِي حَمْلًا عَلَى الْكَذِبِ، وَتَسْلِيمُ ذَلِكَ فِي الْجَوَابِ مَعَ الِاعْتِذَارِ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْحَمْلِ عَلَى الْكَذِبِ وَالْأَمْرِ بِهِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: أَوْ حَدٍّ لِلْغَيْرِ) وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
(قَوْلُهُ: شَمِلَتْ وَكَالَتُهُ ذَلِكَ) أَيْ الدَّعْوَى كَأَنْ وَكَّلَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّعَاوَى
(قَوْلُهُ: أَوْ الْمِلْكِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِي الصَّبِيِّ وَالْمَحْنُونِ وَالسَّفِيهِ لَكِنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ قَدْ يَبْلُغُ الصَّبِيُّ إلَخْ فَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ كَذَّبَ الْمُقِرُّ الْمَالِكَ
(قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ فَلَا انْتِظَارَ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى مَثَلًا ثُمَّ سَافَرَ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ سَفَرِ الْمُدَّعِي
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ) أَيْ الْحَاكِمِ (وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ) أَيْ الْمَالِكُ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ فَهُوَ أَوْلَى بِالْجِوَارِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: لِلرُّجُوعِ أَنَّهُ لَا يُعَرَّضُ لَهُ بِالْإِنْكَارِ إلَخْ.) صَوَابُهُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَنَصُّهُ: وَقَوْلُهُ: أَيْ وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمَتْنِ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَلَا بَيِّنَةَ حَمَلَهُ بِالتَّعْوِيضِ عَلَى الْإِنْكَارِ: أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ إلَخْ. وَلَعَلَّ صُورَةَ إنْكَارِ السَّرِقَةِ دُونَ الْمَالِ كَأَنْ يُقِرَّ بِهِ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ مَاتَ)
فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبٍ وَلِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ تَوَقَّفَ الْمَهْرُ عَلَى حُضُورِهِ لِسُقُوطِهِ بِالْإِسْقَاطِ وَاحْتِمَالِ كَوْنِهَا وُقِفَتْ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ فِيهِ، وَلِهَذَا جَرَيَا فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى حَدِّهِ بِوَطْءِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ نَذَرَ لَهُ بِهَا كَذَلِكَ لِنُدْرَتِهِ، وَالثَّانِي يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ لِلِاحْتِمَالِ الْمَارِّ.
(وَيَثْبُتُ) الْقَطْعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) كَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ غَيْرِ الزِّنَى (فَلَوْ)(شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) بَعْدَ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ رَجُلٌ وَحَلَفَ مَعَهُ (ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ) كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِذَلِكَ الْغَصْبُ الْمُعَلَّقُ بِهِ طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ دُونَهُمَا حَيْثُ تَقَدَّمَ التَّعْلِيقُ عَلَى الثُّبُوتِ وَإِلَّا وَقَعَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الصَّوْمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ؛ إذْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي الْمَالِ كَمَا مَرَّ (وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ) هُوَ لِلْجِنْسِ أَيْ كُلٌّ مِنْ شَاهِدَيْهِ (لِشُرُوطِ السَّرِقَةِ) الْمَارَّةِ؛ إذْ قَدْ يَظُنَّانِ مَا لَيْسَ بِسَرِقَةٍ سَرِقَةً فَيُبَيِّنَانِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا أَنَّهُ نِصَابٌ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهِ لِلْحَاكِمِ بِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا، وَلَا أَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِ السَّارِقِ بَلْ لِلْمَالِكِ إثْبَاتُهُ بِغَيْرِهِمَا وَكَوْنُهَا مِنْ حِرْزٍ بِتَعْيِينِهِ أَوْ وَصْفِهِ وَيَقُولَانِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ شُبْهَةً، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ، وَيُشِيرُ إلَى السَّارِقِ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا ذَكَرَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ، وَمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ عَلَى غَائِبٍ فِي حَدٍّ لَهُ تَعَالَى يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِغَائِبٍ مُتَعَزِّزٍ أَوْ مُتَوَارٍ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ.
(وَلَوْ)(اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ) فِيمَا بَيْنَهُمَا (كَقَوْلِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (سَرَقَ) هَذَا الْعَيْنَ أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ (بُكْرَةً وَ) قَوْلِ (الْآخَرِ) سَرَقَهَا أَوْ ثَوْبًا أَسْوَدَ (عَشِيَّةً)(فَبَاطِلَةٌ) لِلتَّنَافِي فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا قَطْعٌ نَعَمْ لِلْمَالِكِ الْحَلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ وَافَقَ شَهَادَةَ كُلٍّ دَعْوَاهُ وَأُخِذَ الْمَالَ، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِكَبْشٍ وَالْآخَرُ بِكَبْشَيْنِ ثَبَتَ وَاحِدٌ وَقُطِعَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ شَاهِدِ الزِّيَادَةِ وَأَخَذَهَا، أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُ سَرَقَ هَذِهِ بُكْرَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَهَا عَشِيَّةً تَعَارَضَتَا وَلَمْ يُحْكَمْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ثَبَتَا وَقُطِعَا إذْ لَا تَعَارُضَ.
(وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ) وَإِنْ قُطِعَ لِخَبَرِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلِأَنَّ الْقَطْعَ حَقُّهُ تَعَالَى وَالْغُرْمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يُسْقِطُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَوْلُهُ حُبِسَ) : أَيْ الْمُقِرُّ، (وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ) : أَيْ الْحَاكِمِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ نَذَرَ لَهُ بِهَا كَذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ
(قَوْلُهُ: لِنُدْرَتِهِ) أَفَادَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمَنْذُورَ لَهُ بِهَا وَهِيَ بِيَدِ النَّاذِرِ لَا يُحَدُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالنَّذْرِ
(قَوْلُهُ: لِلِاحْتِمَالِ الْمَارِّ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِ السَّارِقِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَنْ يُبَيِّنَا أَنَّهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَيَقُولَانِ لَا نَعْلَمُ) مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرِ ذِكْرُهَا.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ
(قَوْلُهُ: إنْ وَافَقَ شَهَادَةَ كُلٍّ دَعْوَاهُ) أَيْ كَأَنْ ادَّعَى بِعَيْنٍ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَرَقَهَا بُكْرَةً، وَالْآخَرُ عَشِيَّةً فَيَحْلِفُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ حَلَفَ أَنَّهُ سَرَقَهَا بُكْرَةً وَإِنْ شَاءَ حَلَفَ أَنَّهُ سَرَقَهَا عَشِيَّةً، فَإِنْ وَافَقَتْ دَعْوَاهُ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ حَلَفَ مَعَ مَنْ وَافَقَتْ شَهَادَتُهُ أَحَدَهُمَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ سَرَقَ ثَوْبًا أَسْوَدَ فَيَحْلِفُ مَعَ الْأَوَّلِ لِمُوَافَقَةِ شَهَادَتِهِ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْكَمْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ لَيْسَتْ مُرَجِّحَةً.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ) أَيْ وَأُجْرَتُهُ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي كَمَنَافِعِهِ اهـ سم
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ الْغَائِبُ
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ) يَعْنِي: السَّمَاعَ
(قَوْلُهُ: هَذِهِ الْعَيْنُ أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ سَرَقَ هَذِهِ الْعَيْنَ أَوْ ثَوْبًا أَبْيَضَ أَوْ بَكَرَةً، وَقَوْلُ الْآخَرِ سَرَقَ هَذَا مُشِيرًا لِأُخْرَى أَوْ ثَوْبًا أَسْوَدَ أَوْ عَشِيَّةً فَبَاطِلَةٌ انْتَهَتْ.
فَمُرَادُهُ تَصْوِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْوَصْفِ وَفِي الزَّمَنِ، وَمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ فَاتَهُ هَذَا الْغَرَضُ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا مَوْقِعَ لِقَوْلِهِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَيْنِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الزَّمَنِ كَافٍ (قَوْلُهُ: وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا) تَوَقَّفَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي هَذَا، وَنَقَلَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَنَصَّهَا: وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ وَآخَرُ بِأَسْوَدَ
وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ، وَالْقَطْعُ عَنْهُ بِرَدِّهِ الْمَالَ لِلْحِرْزِ (فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ) كَمَنَافِعِهِ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَأَقْصَى قِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ.
(وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَيْ السَّارِقِ الَّذِي لَهُ أَرْبَعٌ إذْ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ التَّرْتِيبُ الْآتِي بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتْ شَلَّاءَ حَيْثُ أُمِنَ نَزْفُ الدَّمِ وَلِأَنَّ الْبَطْشَ بِهَا أَقْوَى فَكَانَتْ الْبُدَاءَةُ بِهَا أَرْدَعَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ ذَكَرُ الزَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِثْلُهُ وَبِهِ يَفُوتُ النَّسْلُ الْمَطْلُوبُ بَقَاؤُهُ، وَقَاطِعُهَا فِي غَيْرِ الْقِنِّ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ، فَلَوْ فَوَّضَهُ لِلسَّارِقِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ (فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا) وَانْدِمَالِ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ وَفَارَقَ تَوَالَى الْقَطْعُ فِي الْحِرَابَةِ؛ لِأَنَّهُمَا ثَمَّ حَدٌّ وَاحِدٌ (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) هِيَ الَّتِي تُقْطَعُ (وَ) إنْ سَرَقَ (ثَالِثًا) قُطِعَتْ (يَدُهُ الْيُسْرَى وَ) إنْ سَرَقَ (رَابِعًا) قُطِعَتْ (رِجْلُهُ الْيُمْنَى) لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ وَلَهُ شَوَاهِدُ، وَصَحَّ مَا ذُكِرَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِنْ غَيْرِ مُخَالِفٍ، وَحِكْمَةُ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ أَنَّهُمَا آلَةُ السَّرِقَةِ بِالْأَخْذِ وَالنَّقْلِ وَقَطْعِ مَا ذُكِرَ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ أَنَّ السَّرِقَةَ مَرَّتَيْنِ تَعْدِلُ الْحِرَابَةِ شَرْعًا وَهُمَا يُقْطَعَانِ فِي مَرَّةٍ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي، أَمَّا قَبْلَ قَطْعِهَا فَسَيَأْتِي وَمَحَلُّهُ فِي الْعُضْوِ الْأَصْلِيِّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ يَدَانِ مَثَلًا وَعُلِمَتْ الْأَصْلِيَّةُ قُطِعَتْ دُونَ الزَّائِدَةِ، وَإِلَّا اكْتَفَى بِقَطْعِ إحْدَاهُمَا وَلَا يُقْطَعَانِ بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إلَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: بِرَدِّهِ الْمَالَ لِلْحِرْزِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ السَّرِقَةُ إلَّا بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَقَدْ يُخْرِجُ قَوْلُهُ بِرَدِّهِ إلَخْ مَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي كَأَنْ رَمَاهُ السَّارِقُ خَارِجَ الْحِرْزِ فَأَخَذَهُ الْمَالِكُ فَلَا قَطْعَ لِتَعَذُّرِ طَلَبِ الْمَالِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ لِلْحِرْزِ قَبْلَ وَضْعِ الْمَالِكِ يَدَهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ أُمِنَ نَزْفُ الدَّمِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ شُلَّتْ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَلَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ فَإِنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ بِالسَّرِقَةِ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا، فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا سَقَطَ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ الشَّلَلَ مَوْجُودٌ ابْتِدَاءً، فَإِذَا تَعَذَّرَ قَطْعُهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْقَطْعُ بِهَا بَلْ بِمَا بَعْدَهَا م ر اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَاطِعُهَا فِي غَيْرِ الْقِنِّ) أَيْ مِنْ حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ وَمُكَاتَبٍ، أَمَّا الْقِنُّ فَقَاطِعُهَا السَّيِّدُ وَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فَوَّضَهُ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ
(قَوْلُهُ: لِلسَّارِقِ) وَخَرَجَ بِالسَّارِقِ مَا لَوْ فَوَّضَهُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَيَقَعُ الْمَوْقِعَ وَإِنْ امْتَنَعَ التَّفْوِيضُ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُرَدِّدَ عَلَيْهِ الْآلَةَ فَيُؤَدِّيَ إلَى إهْلَاكِهِ، وَخَرَجَ بِفَوَّضَ إلَيْهِ مَا لَوْ فَعَلَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَا يَقَعُ حَدًّا، وَإِنْ امْتَنَعَ الْقَطْعُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي مَا نَصُّهُ: وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلسَّارِقِ: أَيْ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَ يَدَهُ جَازَ وَيُجْزِي اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ الْجَوَازِ نَاقَضَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْوَكَالَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَمَا فِي الْوَكَالَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ: أَيْ وَيَكُونُ كَالسُّقُوطِ بِآفَةٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ وَمِنْهُ سُقُوطُ الْقَطْعِ، وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ الْمَوْقِعِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إذَا قُلْنَا بِوُقُوعِ الْمَوْقِعِ كَانَ قَطْعُهَا حَدًّا جَابِرًا لِلسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ لَمْ يَكُنْ سُقُوطُهَا حَدًّا لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ الْحَدُّ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَلَا يَكُونُ سُقُوطُهَا جَابِرًا لِلسَّرِقَةِ، وَإِنْ اشْتَرَكَتْ الصُّورَتَانِ فِي عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ لِلسَّارِقِ بَعْدُ
(قَوْلُهُ: وَانْدِمَالِ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَلَوْ وَالَى بَيْنَهُمَا فَمَاتَ الْمَقْطُوعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْآخَرُ وَيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّهُمَا
(قَوْلُهُ: وَانْدِمَالُ الْقَطْعِ) كَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِغَيْرِ هَذَا لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى إلَّا إنْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ الْيُمْنَى وَانْدِمَالِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ بَعْدَ الْقَطْعِ وَقَبْلَ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ: وَقُطِعَ مَا ذُكِرَ بِالثَّالِثَةِ) لَعَلَّهُ بِالثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّ
زَائِدَةً قُطِعَتْ وَإِنْ فُقِدَتْ أَصَابِعُهَا، وَتُعْرَفُ الزَّائِدَةُ بِنَحْوِ نَقْصِ أُصْبُعٍ وَضَعْفِ بَطْشٍ وَفُحْشِ قِصَرٍ (وَبَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ قَطْعِ الْأَرْبَعِ إذَا سَرَقَ أَوْ سَرَقَ أَوَّلًا، وَلَا أَرْبَعَ لَهُ (يُعَزَّرُ) لِعَدَمِ وُرُودِ شَيْءٍ فِيهِ وَخَبَرُ قَتْلِهِ مُنْكَرٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يَكُونُ مَنْسُوخًا أَوْ مَحْمُولًا عَلَى قَتْلِهِ بِزِنًى أَوْ اسْتِحْلَالٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَعْضُ الْأَرْبَعِ فَيُقْطَعُ فِي الْأُولَى مَا يُقْطَعُ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ الرَّابِعَةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ يُمْنَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ مَا قَبْلَهَا تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِهَا.
(وَيُغْمَسُ) نَدْبًا (مَحَلُّ قَطْعِهِ)(بِزَيْتٍ) خُصَّ كَأَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ (أَوْ دُهْنٍ) آخَرَ (مُغْلًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ فَيَنْحَسِمُ الدَّمُ وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ، أَمَّا الْبَدَوِيُّ فَيُحْسَمُ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ عَادَةِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ثَمَّ (قِيلَ هُوَ) أَيْ الْحَسْمُ (تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ) فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ فِعْلُهُ هُنَا لَا فِي الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ إيلَامٍ يُحْمَلُ الْمَقْطُوعُ عَلَى تَرْكِهِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ) ؛ لِأَنَّهُ تَدَاوٍ يُدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكُ بِسَبَبِ نَزْفِ الدَّمِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى فِعْلِهِ (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ) هُنَا وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ (وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ) مَا لَمْ يُفْضِ تَرْكُهُ لِتَلَفِهِ لِتَعَذُّرِ فِعْلِهِ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ لَزِمَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِهِ وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ فِعْلُهُ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى.
(وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ كُوعٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَفِّ؛ وَلِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ (وَ) تُقْطَعُ (الرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ) وَهُوَ الْكَعْبُ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ.
(وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلَا قَطْعٍ) لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى حَدٍّ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا (كَفَتْ يَمِينُهُ) عَنْ الْكُلِّ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ فَتَدَاخَلَتْ لِوُجُودِ الْحِكْمَةِ وَهِيَ الزَّجْرُ، وَكَذَا لَوْ زَنَى بِكْرًا أَوْ شَرِبَ مِرَارًا وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ فِدْيَةُ نَحْوِ لُبْسِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِلْآدَمِيِّ بِاعْتِبَارِ غَالِبِ مَصْرِفِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ الْيُمْنَى مِرَارًا كَفَى قَطْعُ الرِّجْلِ عَنْ الْكُلِّ، وَهَكَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَرَّرَ، وَيَكْفِي قَطْعُ الْعُضْوِ الْمُتَوَجَّهِ قَطْعُهُ مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا.
(وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعُ أَصَابِعَ قُلْتُ) أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَكَذَا) تُجْزِئُ (لَوْ)(ذَهَبَتْ الْخَمْسُ) الْأَصَابِعُ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ مَعَ وُجُودِ الزَّجْرِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْإِيلَامِ وَالتَّنْكِيلِ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْضُ كَفِّهَا أَيْضًا.
(وَتُقْطَعُ يَدٌ) أَوْ رِجْلٌ (زَائِدَةٌ أُصْبُعًا) فَأَكْثَرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِشُمُولِ اسْمِ الْيَدِ لَهَا، وَفَارَقَ الْقَوَدَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمُسَاوَاةُ، وَالثَّانِي لَا بَلْ يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ.
(وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَوْ قَوَدٍ أَوْ ظُلْمًا أَوْ شُلَّتْ وَخُشِيَ مِنْ قَطْعِهَا نَزْفُ الدَّمِ (سَقَطَ الْقَطْعُ) وَلَمْ تُقْطَعْ الرِّجْلُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهَا فَسَقَطَ بِفَوَاتِهَا (أَوْ) سَقَطَتْ (يَسَارُهُ) بِذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ يَمِينِهِ (فَلَا)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ) فِي الْعُبَابِ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ، وَظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ.
(قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْحَضَرِيِّ) ضَعِيفٌ
(قَوْلُهُ: لَزِمَ كُلَّ مَنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَى حَدٍّ وَاحِدٍ) أَيْ وَإِنْ عُلِمَتْ السَّرِقَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَلَمْ يُقْطَعْ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ) أَيْ كَأَنْ لَبِسَ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ نَزْعِ الثَّوْبِ أَوْ الْعِمَامَةِ أَعَادَ اللُّبْسَ ثَانِيًا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ فُقِدَتْ قَبْلَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الثَّانِيَةَ تُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ ثَانِيَةٍ وَقَدْ شَمَلَهُ مَا بَعْدَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ: مُنْكِرٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ انْتَهَتْ.
وَهِيَ قَدْ تُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُنْكَرِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ قَدْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُنْكَرُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ
يَسْقُطُ الْقَطْعُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْقَطْعِ، وَقِيلَ يَسْقُطُ فِي قَوْلٍ، وَلَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ لِلْجَلَّادِ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا فَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أَجْزَأَتْهُ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الدَّافِعِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ يُومِئُ إلَى تَرْجِيحِهَا كَلَامُ الرَّوْضَةِ، وَصَحَّحَهَا الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ، وَصَحَّحَهَا الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ حَكَى فِي الرَّوْضَةِ طَرِيقَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُسْأَلُ الْجَلَّادُ، فَإِنْ قَالَ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهَا وَحَلَفَ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَأَجْزَأَتْهُ، أَوْ عَلِمْتُهَا الْيَسَارَ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمُخْرِجُ بَدَلَهَا عَنْ الْيَمِينِ أَوْ إبَاحَتَهَا وَلَمْ تُجْزِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
السَّرِقَةِ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِالْيُسْرَى فَتُقْطَعُ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَعْضُ الْأَرْبَعِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ الْمُخْرِجُ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَلَّادِ فِي الْحَالَيْنِ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: نَدْبًا) يَعْنِي: بِنَاءً عَلَى خُصُوصِ الْأَصَحِّ الْآتِي دُونَ مُقَابِلِهِ الْآتِي أَيْضًا.