الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَضَى مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ فَتَأْخُذُهُ وَلِمَا بَقِيَ (يَوْمًا بِيَوْمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6](وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُ ذَلِكَ (حَتَّى تَضَعَ) لِلشَّكِّ فِيهِ.
وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَلَوْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَلَا تَسْقُطُ) مُؤَنُ الْعِدَّةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ)(عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا لِلْحَمْلِ إذْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةُ بِهَا، وَقِيلَ إنْ قُلْنَا إنَّهَا لَهَا لَمْ تَسْقُطْ أَوْ لِلْحَمْلِ سَقَطَتْ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ.
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ
إذَا (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (فَإِنْ صَبَرَتْ) زَوْجَتُهُ وَلَمْ تَمْنَعْهُ تَمَتُّعًا مُبَاحًا (صَارَتْ) كَسَائِرِ الْمُؤَنِ مَا سِوَى الْمَسْكَنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إمْتَاعٌ (دَيْنًا عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهَا حَاكِمٌ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَصْبِرْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ صَبَرَتْ ثُمَّ عَنَّ لَهَا الْفَسْخُ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) بِالطَّرِيقِ الْآتِي (عَلَى الْأَظْهَرِ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ شَيْئًا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَسْخِ بِنَحْوِ الْعُنَّةِ، وَلَا فَسْخَ لَهَا بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ عَنْ نَفَقَةِ خَادِمٍ، نَعَمْ تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ، وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا مَنْ تُخْدَمُ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ.
وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لَهَا لِعُمُومِ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَقِيَاسًا عَلَى الْإِعْسَارِ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ (وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا فَسْخَ بِمَنْعِ مُوسِرٍ) أَوْ مُتَوَسِّطٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنَّمَا إلَى آخِرِهِ (حَضَرَ أَوْ غَابَ) لِانْتِفَاءِ الْإِعْسَارِ الْمُثْبِتِ لِلْفَسْخِ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ خَلَاصِ حَقِّهَا فِي الْحَاضِرِ بِالْحَاكِمِ بِأَنْ يَلْزَمَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْغَائِبِ يَبْعَثُ الْحَاكِمُ إلَى بَلَدِهِ.
وَالثَّانِي نَعَمْ لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِالْإِعْسَارِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ بِأَنَّهُ لَا فَسْخَ مَا دَامَ مُوسِرًا وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ عَدَمُهُ اسْتَرَدَّ لِأَنَّهُ أَدَّى عَلَى ظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَتْ سُقُوطَ الْحَمْلِ هَلْ تَصْدُقُ هِيَ أَوْ الزَّوْجُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا صَدَقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَتَأْخُذُهُ) أَيْ دَفْعَةً.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ]
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمَهْرَ وَكَتَبَ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ: أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالْخُرُوجِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمَسْكَنِ) أَيْ وَالْخَادِمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ) وَبَحَثَ مَرَّ الْفَسْخَ بِالْعَجْزِ عَمَلًا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْفُرُشِ بِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِهِ الْجُلُوسُ وَالنَّوْمُ عَلَى الْبَلَاطِ وَالرُّخَامِ الْمُضِرِّ، وَمِنْ الْأَوَانِي كَاَلَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَحْوُ الشُّرْبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ) أَيْ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم لَا أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ (قَوْلُهُ نَعَمْ تَثْبُتُ) أَيْ نَفَقَةُ الْخَادِمِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ خَادِمٌ وَصَبَرَ بِهَا أَوْ اقْتَرَضَتْ لَهُ، أَمَّا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْدَامٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخَادِمَ إمْتَاعٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي وَيَأْذَنُ لَهَا فِي اقْتِرَاضِهَا وَتَقْتَرِضُهَا وَأَنَّ نَفَقَةَ خَادِمَةِ مَنْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنَّهَا إمْتَاعٌ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ مُطْلَقًا إنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: مَا سِوَى الْمَسْكَنِ) أَيْ وَالْخَادِمِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ
مَالِهِ: أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ غَيْبَةُ مَالِهِ فِي مَرْحَلَتَيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي " وَالْمَذْهَبُ نَقْلٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ اخْتَارَ كَثِيرُونَ الْفَسْخَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَلَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ يَسَارًا وَإِعْسَارًا بَلْ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَابَ مُعْسِرًا لَمْ تُفْسَخْ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِإِعْسَارِهِ الْآنَ وَإِنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهَا لِلِاسْتِصْحَابِ (وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ) وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا بِنَحْوِ اسْتِدَانَةٍ (فَإِنْ كَانَ) مَالُهُ (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَأَكْثَرَ مِنْ مَحَلِّهِ (فَلَهَا الْفَسْخُ) وَلَا تُكَلَّفُ الْإِمْهَالَ لِلضَّرَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْسِرِ الْآتِي أَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الْقُدْرَةُ لِتَيَسُّرِ اقْتِرَاضِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أُحْضِرُهُ وَأَمْكَنَهُ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ الْآتِيَةِ أُمْهِلَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَلَى دُونِهَا (فَلَا) فَسْخَ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَيُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ) عَاجِلًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ هُنَا لِلْخَوْفِ لَمْ تُفْسَخْ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ
(وَلَوْ)(تَبَرَّعَ رَجُلٌ) لَيْسَ أَصْلًا وَلَا سَيِّدًا لِلزَّوْجِ (بِهَا) عَنْهُ وَسَلَّمَهَا لَهَا (لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ) بَلْ لَهَا الْفَسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لَهُ وَهُوَ سَلَّمَهَا لَهَا لَزِمَهَا الْقَبُولُ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَبَا الزَّوْجِ أَوْ جَدًّا لَهُ وَهُوَ فِي وِلَايَتِهِ لَزِمَهَا الْقَبُولُ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الزَّوْجِ تَقْدِيرًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مِثْلَهُ وَلَدُ الزَّوْجِ وَسَيِّدُهُ، قَالَ: وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا أَعْسَرَ الْأَبُ وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْأَوْجَهِ، وَفِيمَا بَحَثَهُ فِي الْوَلَدِ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْفَافُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
قِيلَ: وَكَذَا فِي السَّيِّدِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِمْ الَّتِي نَظَرُوا إلَيْهَا مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُوَجَّهَ مَا قَالَهُ فِي السَّيِّدِ بِأَنَّ عَلَقَتَهُ بِقِنِّهِ أَتَمُّ مِنْ عَلَقَةِ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ (وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ) الْحَلَالِ اللَّائِقِ، وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْمَالِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قُدِّرَتْ وَاقْتَرَضَتْهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فِي مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ عَنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ مُقِيمٌ بِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْهَدْ بِإِعْسَارِهِ الْآنَ) أَيْ فَلَهَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ اسْتِنَادَهَا) أَيْ مَنْ شَهِدَتْ الْآنَ: يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ بِإِعْسَارِهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا إنَّمَا شَهِدَتْ مُعْتَمِدَةً عَلَى الِاسْتِصْحَابِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِ شَيْءٍ لَهُ وَكَمَا يَقْبَلُهَا الْقَاضِي مَعَ ذَلِكَ، لِلْبَيِّنَةِ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّهَادَةِ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَنِدِ لِلِاسْتِصْحَابِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ حَالًا (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ أُمْهِلَ أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ عَاجِلًا) أَيْ فَإِنْ أَبَى فُسِخَتْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَفْسَخْ) مُعْتَمَدٌ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاقْتِرَاضِ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لِنُدْرَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يُفْسَخْ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ: أَيْ التَّعَذُّرُ
(قَوْلُهُ: الْمُتَبَرِّعُ لَهُ) أَيْ لِأَجَلِهِ وَهُوَ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: إنَّ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ أَبِي الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَبُولُ وَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْ الزَّوْجِ أَصْلُهُ الَّذِي لَيْسَ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إدْخَالِ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْكَسْبِ) أَيْ اللَّائِقِ، وَقَوْلُهُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ السُّؤَالُ لِلْغَيْرِ حَيْثُ كَانَ لَائِقًا بِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بَحْثًا إلَّا مَنْ تَخْدُمُ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ كَالْقَرِيبِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَخْدُمُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ غَيْبَةَ مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَالُهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ وَاحْتَمَلَ أَنَّ مَالَهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ) أَيْ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَكُنْ مَالُهُ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ مُوسِرًا وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِذَا غَابَ هُوَ مُوسِرًا فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا (قَوْلُهُ: لَمْ تُفْسَخْ) وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ عِبَارَةُ التُّحْفَةِ لَمْ تُفْسَخْ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ انْتَهَتْ وَهِيَ الصَّوَابُ كَمَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: وَلَا سَيِّدًا) كَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا فِي التُّحْفَةِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ مَعَهُ الْوَلَدَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِعْفَافُ (قَوْلُهُ: وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ) فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّبَرُّعِ هُنَا تَسَمُّحٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لِبَحْثِهِ لِأَنَّ نَصَّ الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ كِفَايَةَ أَصْلِهِ وَزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى) مِنْ تَمَامِ الْقِيلِ لِيُنَاسِبَ التَّعْبِيرَ بِقِيلِ وَالْقَائِلُ هُوَ الشِّهَابُ حَجّ، وَعِبَارَتُهُ بَدَلٌ فَالْأَوْلَى إلَخْ. إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ اللَّائِقِ نَصُّهَا:
لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَنْتَفِي بِهِ، فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا يَفِي بِثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَبْطُلُ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ يَكْتَسِبُ مَا بَقِيَ بِهَا فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ مَشَقَّةِ الِاسْتِدَانَةِ حِينَئِذٍ فَصَارَ كَالْمُوسِرِ، وَمِثْلُهُ نَحْوُ نَسَّاجٍ يَنْسِجُ فِي الْأُسْبُوعِ ثَوْبًا أُجْرَتُهُ تَفِي بِنَفَقَةِ الْأُسْبُوعِ وَمَنْ تُجْمَعُ لَهُ أُجْرَةُ الْأُسْبُوعِ فِي يَوْمٍ مِنْهُ وَهِيَ تَفِي بِنَفَقَةِ جَمِيعِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نُصَبِّرُهَا أُسْبُوعًا بِلَا نَفَقَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ وَاجِدِ نَفَقَتِهَا وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ، وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّا مَعَ كَوْنِنَا نُمَكِّنُهَا مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَنَأْمُرُهُ بِالِاسْتِدَانَةِ وَالْإِنْفَاقِ لَا نَفْسَخُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ امْتِنَاعُ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَنْهُ كَامْتِنَاعِ الْمُوسِرِ فَلَا فَسْخَ بِهِ وَلَا أَثَرَ لِعَجْزِهِ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَلَا لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ الْكَسْبُ بِنَحْوِ بَيْعِ خَمْرٍ كَالْعَدَمِ وَبِنَحْوِ صَنْعَةِ آلَةِ لَهْوٍ مُحَرَّمَةٍ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا فَسْخَ لِزَوْجَتِهِ، وَكَذَا مَا يُعْطَاهُ مُنَجِّمٌ وَكَاهِنٌ لِأَنَّهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَهُوَ كَالْهِبَةِ مَرْدُودٌ، إذْ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِصَانِعِ مُحَرَّمٍ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِآنِيَةِ نَقْدٍ وَنَحْوِهَا، وَمَا يُعْطَاهُ نَحْوُ الْمُنَجِّمِ إنَّمَا يُعْطَاهُ أُجْرَةً لَا هِبَةً فَلَا وَجْهَ لِكَلَامِهِمَا (وَإِنَّمَا تُفْسَخُ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) إذْ الضَّرَرُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَذَّى أَوْ لَا يَتَعَشَّى حَنِثَ بِأَكْلِهِ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ تَغَدَّى أَوْ تَعَشَّى، وَهَا هُنَا عَلَى مَا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ وَهِيَ لَا تَقُومُ بِدُونِ مُدٍّ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نِصْفَ مُدٍّ غَدَاءً وَنِصْفَهُ عَشَاءً فَلَا فَسْخَ
(وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ) أَوْ بِبَعْضِهَا الضَّرُورِيِّ كَقَمِيصٍ وَخِمَارٍ وَجُبَّةٍ شِتَاءً، بِخِلَافِ نَحْوِ سَرَاوِيلَ وَمِخَدَّةٍ وَفُرُشٍ وَأَوَانٍ (كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ الْبَدَنَ لَا يَبْقَى بِدُونِهِمَا (وَكَذَا) الْإِعْسَارُ (بِالْأُدُمِ وَالْمَسْكَنِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَمَنْ تُجْمَعُ لَهُ أُجْرَةُ الْأُسْبُوعِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأُسْبُوعَ هُوَ الْغَايَةُ فِي الْإِمْهَالِ، فَمَنْ لَهُ غَلَّاتٌ تُسْتَحَقُّ آخِرَ كُلِّ شَهْرٍ لَا تُمْهَلُ إلَى حُصُولِهَا حَيْثُ كَانَتْ الْمُدَّةُ تَزِيدُ عَلَى أُسْبُوعٍ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى النَّفَقَةِ أَضْعَافًا لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الِاقْتِرَاضِ كَمَا لَوْ غَابَ مَالُهُ، بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُمْهَلُ إلَى مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ الَّتِي هِيَ مُدَّةُ إمْهَالِ الشَّرْعِ، لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعَ كَوْنِنَا نُمَكِّنُهَا مِنْ مُطَالَبَتِهِ إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّا حَيْثُ أَلْحَقَتَاهُ بِالْمُوسِرِ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْفَسْخُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي يُعْتَادُ حُصُولُ غَلَّتِهِ فِيهَا، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُوسِرِ، فَإِنَّ الْمُوسِرَ يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُ نَفَقَتِهَا مِنْهُ بِالْحَبْسِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الْوُصُولُ إلَى حَقِّهَا فَتَتَضَرَّرُ فَهُوَ بِمَنْ غَابَ مَالُهُ أَشْبَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَدِنْ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا بِالصَّبْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَوْ امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ الِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ بِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى الِاكْتِسَابِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْإِجْبَارُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُفْسَخَ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ لِتَضَرُّرِهَا بِالصَّبْرِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِعَجْزِهِ) أَيْ بِمَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ) اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَخْرُجُ بِاللَّائِقِ، وَفِي حَجّ بَعْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ اللَّائِقِ، وَكَذَا غَيْرُهُ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.
وَقَدْ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمِثْلُ الْكَسْبِ غَيْرُهُ بِأَنْ يُرَادَ بِالْكَسْبِ فِي كَلَامِهِ الْكَسْبُ السَّابِقُ وَهُوَ الْحَلَالُ اللَّائِقُ، لَكِنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ بِالْحَلَالِ الْحَرَامَ دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ غَيْرُ الْكَسْبِ اللَّائِقِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُعْطَاهُ نَحْوُ الْمُنَجِّمِ) وَمِنْ نَحْوِ الْمُنَجِّمِ مَا يُعْطَاهُ الطَّبِيبُ الَّذِي لَا يُشَخِّصُ الْمَرَضَ وَلَا يُحْسِنُ الطِّبَّ وَلَكِنْ يُطَالِعُ كُتُبَ الطِّبِّ وَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا يَصِفُهُ لِلْمَرِيضِ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ مَا يُعْطَاهُ أُجْرَةٌ عَلَى ظَنِّ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ عَارٍ مِنْهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَصْفُ الدَّوَاءِ حَيْثُ كَانَ مُسْتَنِدُهُ مُجَرَّدَ ذَلِكَ اهـ فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِأَكْلِهِ) يَقِينًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ) وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فِي الْأَكْلِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا اُعْتُبِرَ فِي كُلِّ زَمَانٍ أَوْ مَكَان مَا هُوَ عَادَتُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نِصْفَ مُدٍّ غَدَاءً) أَيْ نِصْفُ مُدٍّ يَدْفَعُهُ وَقْتَ الْغَدَاءِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ وَمِخَدَّةٍ وَفُرُشٍ) أَيْ لَا تَتَضَرَّرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَكَذَا غَيْرُهُ انْتَهَتْ: أَيْ غَيْرُ اللَّائِقِ، وَالشَّارِحُ تَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ بِمَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ الْكَسْبِ بِاللَّائِقِ لَصَحَّ