الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَمَّ لَمْ يَحْتَجْ لِوَلِيٍّ وَلَا لِرِضَاهَا بَلْ يُنْدَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] أَيْ قَارَبْنَ بُلُوغَهُ {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ إجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِهِ عِنْدَ الطَّلَاقِ فَكَذَا الْإِمْسَاكُ، وَالْقَدِيمُ الِاشْتِرَاطُ لَا لِكَوْنِهَا بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ بَلْ لِظَاهِرِ الْآيَةِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] لِلْأَمْنِ مِنْ الْجُحُودِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ اُسْتُحِبَّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ خَوْفَ جُحُودِهَا، فَإِنَّ إقْرَارَهَا بِهَا فِي الْعِدَّةِ مَقْبُولٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ (فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ) مَعَ النِّيَّةِ كَاخْتَرْتُ رَجْعَتَكِ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهَا كَالطَّلَاقِ، وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ صِحَّتِهَا بِهَا مُطْلَقًا.
(وَلَا تُقْبَلُ تَعْلِيقًا) كَرَاجَعْتُكِ إنْ شِئْت وَلَوْ بِفَتْحِ أَنْ مِنْ غَيْرِ نَحْوِيٍّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا اسْتِدَامَةٌ كَاخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةِ وَلَا تَوْقِيتًا كَرَاجَعْتُكِ شَهْرًا، وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّةِ رَجْعَةٍ مُبْهَمَةٍ كَمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ رَاجَعْت الْمُطَلَّقَةَ لِأَنَّ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ لَا يَقْبَلُ الْإِبْهَامَ.
(وَلَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ كَوَطْءٍ) وَمُقَدِّمَاتِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَجْعَتَهَا، إذْ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ وَلَا تَحْصُلُ أَيْضًا بِإِنْكَارِ الزَّوْجِ طَلَاقَهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَالْكِتَابَةُ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ بِهِمَا مَعَ كَوْنِهِمَا فِعْلًا لِأَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِالْقَوْلِ فِي كَوْنِهِمَا كِنَايَتَيْنِ أَوْ الْأُولَى صَرِيحَةٌ، وَتَحْصُلُ بِوَطْءٍ أَوْ تَمَتُّعِ كَافِرٍ اعْتَقَدُوهُ رَجْعَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) أَيْ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: إجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّتِهَا بِهَا) أَيْ الْكِنَايَةِ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ نَوَى أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَوْقِيتًا) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك بَقِيَّةَ عُمْرِك فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَقَدْ يُقَالُ بِصِحَّتِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ أَنَّهُ رَاجَعَهَا بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ رَاجَعْت الْمُطَلَّقَةَ) قَدْ يَخْرُجُ هَذَا التَّصْوِيرُ مَا لَوْ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا أَوْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي صُورَةِ الْإِبْهَامِ أَوْ تَذَّكَّرَهَا فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ فَتَجْزِيءُ الرَّجْعَةُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَتَحْصُلُ بِوَطْءٍ) هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَيْ فَلَوْ وَطِئَ الْحَنَفِيُّ الرَّجْعِيَّةَ ثُمَّ عَمِلَ شَافِعِيًّا فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ أَوْ التَّجْدِيدُ، وَكَذَا لَوْ قَلَّدَ الشَّافِعِيُّ الْحَنَفِيَّ فِي نِكَاحِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ تَقْلِيدِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِهِ أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى الْعِبَادَةِ الَّتِي فَعَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ انْقَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُهَا فِي الْخَارِجِ وَالزَّوْجَةُ مَوْجُودَةٌ، وَالْأَثَرُ وَهُوَ الْوَطْءُ بَاقٍ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِلْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ، فَإِنْ قُلْت: الْقِيَاسُ عَدَمُ التَّجْدِيدِ قِيَاسًا غَيْرِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَامُحِ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يُتَسَامَحْ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَيْضًا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ حَرَّرَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ عَنْ تَقْلِيدِ الْحَنَفِيِّ مَثَلًا إلَى غَيْرِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّجْدِيدُ وَلَا الرَّجْعَةُ إلَّا إنْ رَجَعَ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ بِأَنْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ فِيهَا أَوْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا ذَكَرَ بِأَنْ قَلَّدَ نَحْوَ الشَّافِعِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةُ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا فِي مُعْتَقَدِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْعُمُومِ بُطْلَانُ الْخُصُوصِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ حَجّ فِي فَتَاوِيهِ الصُّغْرَى مِمَّا نَصُّهُ: السَّابِعَةُ أَنْ يَعْمَلَ بِتَقْلِيدِهِ الْأَوَّلِ وَيَسْتَمِرَّ عَلَى آثَارِهِ ثُمَّ تُرِيدَ غَيْرَ إمَامِهِ مَعَ بَقَاءِ تِلْكَ الْآثَارِ كَحَنَفِيٍّ أَخَذَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ عَمَلًا بِمَذْهَبِهِ ثُمَّ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ فَيُرِيدَ الْعَمَلَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَلَا يَجُوزُ لِتَحَقُّقِ خَطَئِهِ اهـ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: عِنْدَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ خَوْفَ جُحُودِهَا فَإِنَّ إقْرَارَهَا) كَذَا فِي النُّسَخِ بِتَأْنِيثِ الضَّمَائِرِ الثَّلَاثَةِ، وَصَوَابُهُ بِتَذْكِيرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ
[حُكْم تَعْلِيق الرَّجْعَة]
(قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ بِوَاسِطَةِ الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ
وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ أَسْلَمُوا فَنُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ كَمَا نُقِرُّهُمْ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بَلْ أَوْلَى.
(وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ بِمَوْطُوءَةٍ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَمِثْلُهَا مُسْتَدْخِلَةُ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَى غَيْرِهَا، وَالرَّجْعَةُ شَرْطُهَا الْعِدَّةُ (طَلُقَتْ) بِخِلَافِ الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا أُنِيطَتْ فِي الْقُرْآنِ بِالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقُ الْمُقَرُّ بِهِ أَوْ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ يُحْمَلُ عَلَى الرَّجْعِيِّ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ (بِلَا عِوَضٍ) بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ بِعِوَضٍ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمَا بَذَلَتْهُ (لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا) فَإِنْ اسْتَوْفَى لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ (بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ) فَتَمْتَنِعُ بَعْدَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] فَلَوْ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمَا أُبِيحَ النِّكَاحُ، وَالْمُرَادُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَلَوْ وَطِئَهَا فِيهَا لَمْ يُرَاجِعْ إلَّا فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا يَذْكُرُهُ وَيَلْحَقُ بِهَا مَا قَبْلَهَا: فَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا حَلَّتْ لَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا عَاشَرَهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ. وَأَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ (مَحَلٌّ لِحِلٍّ) أَيْ قَابِلَةٌ لَأَنْ تَحِلَّ لِلْمُرَاجِعِ، وَهَذَا لِكَوْنِهِ أَعَمَّ يُغْنِي عَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ (لَا) مُطَلَّقَةٌ أَسْلَمَتْ فَرَاجَعَهَا فِي كُفْرِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدُ وَلَا (مُرْتَدَّةٌ) أَسْلَمَتْ بَعْدُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةُ الْحِلُّ وَالرِّدَّةُ تُنَافِيهِ وَصَحَّتْ رَجْعَةُ الْمُحْرِمَةِ لِإِفَادَتِهَا نَوْعًا مِنْ الْحِلِّ كَالنَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ.
(وَإِذَا)(ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ) لِكَوْنِهَا آيِسَةً أَوْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا (وَأَنْكَرَ)(صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِرُجُوعِ اخْتِلَافِهِمَا إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ إذْ مَنْ قُبِلَ فِي شَيْءٍ قُبِلَ فِي صِفَتِهِ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي الْعَكْسِ كَطَلَّقْتُكِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ لِتَغْلِيظِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، نَعَمْ تُقْبَلُ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ النَّفَقَةِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْكَافِي وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ فِي خُصُوصِ مَا قَلَّدَهُ فِيهِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْعَمَلِ بِالْآثَارِ، أَمَّا لَوْ رَجَعَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ خُصُوصِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ الْعَمَلُ بِهَا لَأَنْ لَوْ قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ رُجُوعُهُ عَنْ مَذْهَبِهِ إلَى غَيْرِهِ اعْتِقَادَ خَطَئِهِ فِي جَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ لَزِمَ بُطْلَانُ التَّقْلِيدِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ أَرَادَ التَّقْلِيدَ فِيهَا مِنْ مَذْهَبٍ مُخَالِفٍ لِمَنْ أَرَادَ تَقْلِيدَهُ. وَقَوْلُهُ كَحَنَفِيٍّ أَخَذَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ عَمَلًا بِمَذْهَبِهِ ثُمَّ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ إلَخْ صُورَتُهَا أَنْ يَأْخُذَ دَارًا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ دَارًا أُخْرَى فَيُرِيدُ جَارُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ تَمْكِينِهِ تَقْلِيدًا لِلشَّافِعِيِّ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الدَّارِ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الدُّبْرِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ وَلَوْ بِتَطْلِيقِ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى وَيَكْفِي فِي تَخْلِيصِهَا مِنْهُ أَصْلُ الطَّلَاقِ فَلَا يُقَالُ مَا فَائِدَةُ طَلَاقِ الْقَاضِي حَيْثُ جَازَتْ الرَّجْعَةُ مِنْ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَسْخَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ طَلَاقَ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّجْعَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَصْلَ الطَّلَاقِ لَيْسَ مَشْرُوعًا لِذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَنَّ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِهِ شُرِعَ لَهُ بِخِلَافِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ) أَيْ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَك (قَوْلُهُ: فَتَمْتَنِعُ بَعْدَهَا) أَيْ وَكَذَا مَعَهَا ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ (قَوْلُهُ: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] أَيْ تَمْنَعُوهُنَّ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهَا) أَيْ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ) أَيْ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعُ بِهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا، فَلَوْ لَمْ يُرَاجِعْ حَتَّى وَضَعَتْ وَرَاجَعَ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ أَيْضًا لِوُقُوعِهَا فِي عِدَّتِهِ.
(قَوْلُهُ إذْ مَنْ قُبِلَ فِي شَيْءٍ) أَيْ إذْ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُقْبَلُ إلَخْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِمَا بَذَلَتْهُ) الْأُولَى بِمَا أَخَذَهُ لِيَشْمَلَ خُلْعَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ السَّابِقَةِ إلَخْ.) لَوْ قَالَ الْمَتْنُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا لَشَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ تَقْبَلُ هِيَ إلَخْ.) هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالتَّغْلِيظِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ إلَّا
وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَدَوَامُ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ، وَيُقْبَلُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ حِلِّ أُخْتِهَا، وَلَوْ مَاتَ فَقَالَتْ انْقَضَتْ فِي حَيَاتِهِ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَا تَرِثُهُ، وَقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيِّ، وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولَهَا فِي الْبَائِنِ، وَلَوْ مَاتَتْ فَقَالَ وَارِثُهَا انْقَضَتْ وَأَنْكَرَ الْمُطَلِّقُ لِيَرِثَهَا اتَّجَهَ تَصْدِيقُ الْمُطَلِّقِ فِي الْأَشْهُرِ، وَالْوَارِثِ فِيمَا عَدَاهَا كَمَا فِي الْحَيَاةِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِهِ وَالْقَوْلِ بِعَدَمِهِ (أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ) وَصَغِيرَةٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي اخْتِلَافٍ مَعَهَا (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ) مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ دُونَ نَحْوِ نَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَتَعَسَّرُ أَوْ تَتَعَذَّرُ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَالثَّانِي لَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْقَوَابِلَ قَدْ يَشْهَدْنَ بِالْوِلَادَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَرَاجَعَهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ وَلَدَتْ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَسَيَأْتِي، وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ فَإِنَّهُمَا لَا يَحْبَلَانِ، وَكَذَا مِنْ لَمْ تَحِضْ، وَلَا يُنَافِيهِ إمْكَانُ حَبَلِهَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ.
(وَلَوْ)(ادَّعَتْ وِلَادَةَ وَلَدٍ تَامٍّ) فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ (فَإِمْكَانُهُ) أَيْ أَقَلُّهُ (سِتَّةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ) أَيْ بَدَلُ قَوْلِهِ لِتَغْلِيظِهَا عَلَى نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ تُقْبَلُ هِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَقَالَتْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ وقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ) لَعَلَّ هَذَا الْأَخْذَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّا وَإِنْ تَحَقَّقْنَا بَقَاءَ الْعِدَّةِ فِي الْبَائِنِ لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَالْوَارِثُ) أَيْ حَيْثُ ادَّعَاهُ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهَا) أَيْ مِنْ الْحَمْلِ وَالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ: بِتَصْدِيقِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةٌ) أَيْ لَمْ تَبْلُغْ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الْحَمْلُ، أَمَّا مَنْ بَلَغَتْ وَلَمْ تَحِضْ فَهِيَ كَالصَّغِيرَةِ وَلَيْسَتْ صَغِيرَةً كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَحَذَفَهَا) أَيْ الصَّغِيرَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا) تَعْلِيلٌ لِتَصْدِيقِهَا بِالنِّسْبَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يُعَلِّلْ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي النَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِيهِمَا فَكَانَ الْقِيَاسُ الْقَبُولَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ النَّسَبُ وَالْوِلَادَةُ مُتَعَلِّقَيْنِ بِالْغَيْرِ وَأَمْكَنَتْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِيهِمَا، بِخِلَافِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِهَا فَصُدِّقَتْ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ) هَلْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بَقَاءُ الشَّعْرِ وَحْدَهُ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهِ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِهِ فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَكَوْنِهِ انْفَصَلَ عَنْهُ فَلَا تَصِحُّ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ بِتَمَامِهِ لِشَغْلِ الرَّحِمِ بِشَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا لَا يَحْبَلَانِ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقَانِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأَمَةِ مَا لَمْ تُضِفْهُ إلَى وَقْتٍ يَتَأَتَّى حَمْلُهَا فِيهِ كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ إضَافَةُ الْحَمْلِ الَّذِي ادَّعَتْ وَضْعَهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ) صَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِالتَّامِّ تَامَّ الْخِلْقَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بَعْضُ أَعْضَائِهِ كَانَ حُكْمُهُ مُخَالِفًا
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ قَبُولَهَا فِي الْبَائِنِ) وَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ هُوَ فَرْعُ عَدَمِ قَبُولِهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَقَدْ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ فَاقْتَضَى الْقَبُولَ فِي الْبَائِنِ، وَلَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفَصِّلَ أَنَّهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ أَوْ بِالْحَمْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، أَمَّا إذَا عَيَّنَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُهُ الْمُقَرَّرُ فِي كَلَامِهِمْ وَيُحْتَمَلُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْحَمْلِ) إلَى آخِرِ السِّوَادَةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا تُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا تُصَدَّقُ فِيهِ لَا فِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ إلَخْ.) كَانَ الْأَخْصَرُ مِنْ هَذَا وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْمَتْنِ لَا آيِسَةٌ وَقَوْلُهُ: وَعَقِبَهُ وَصَغِيرَةٌ مَا نَصُّهُ: إذْ لَا تَحْبَلَانِ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّامِّ:
أَشْهُرٍ) عَدَدِيَّةٍ لَا هِلَالِيَّةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ (وَلَحْظَتَانِ) وَاحِدَةٌ لِلْوَطْءِ أَوْ نَحْوِهِ وَوَاحِدَةٌ لِلْوَضْعِ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَأْتِي (مِنْ وَقْتِ) إمْكَانِ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ (النِّكَاحِ) لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ وَكَانَ أَقَلُّهُ ذَلِكَ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ الْعُلَمَاءُ اتِّبَاعًا لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مَعَ قَوْلِهِ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14](أَوْ) وِلَادَةَ (سَقْطٍ مُصَوَّرٍ فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا) عَبَّرُوا بِهَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِالْعَدَدِ لَا الْأَهِلَّةِ (وَلَحْظَتَانِ) مِمَّا ذَكَرَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» قُدِّمَ عَلَى خَبَرِ مُسْلِمٍ الَّذِي فِيهِ «إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا» لِأَنَّهُ أَصَحُّ، وَجَمَعَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ جَمْعَهُ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ لِلتَّصْوِيرِ وَبَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ فَقَطْ. قِيلَ وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ فِي الْخَبَرِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ التَّصْوِيرِ مِنْ أَوَائِلِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ ظُهُورُهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إلَى تَمَامِ الثَّالِثَةِ فَيُرْسَلُ الْمَلَكُ لِتَمَامِهِ، وَلِلنَّفْخِ أَوْ الْأَمْرُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَأَخَذُوا بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَحِينَئِذٍ فَالدَّلَالَةُ فِي الْخَبَرِ بَاقِيَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَصَوَّرُ فِي ثَمَانِينَ، وَحُمِلَ عَلَى مَبَادِئِ التَّصْوِيرِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ لِأَنَّ الثَّمَانِينَ مَبَادِئُ ظُهُورِهِ وَتَشَكُّلِهِ، وَالْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ تَمَامُ كَمَالِهِ، وَابْتِدَاءُ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ مَبَادِئُ تَخْطِيطِهِ الْخَفِيِّ (أَوْ) وِلَادَةَ (مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ) ظَاهِرَةٍ (فَثَمَانُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِمَّا ذَكَرَ لِلْخَبَرِ الْأَوَّلِ، وَتُشْتَرَطُ هُنَا شَهَادَةُ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ وَإِلَّا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا. .
(أَوْ) ادَّعَتْ (انْقِضَاءَ أَقْرَاءٍ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ)(اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) بِأَنْ تَطْلُقَ قُبَيْلَ آخِرِ طُهْرِهَا فَهَذَا قُرْءٌ، ثُمَّ تَحِيضَ الْأَقَلَّ ثُمَّ تَطْهُرَ الْأَقَلَّ فَهَذَا قُرْءٌ ثَانٍ، ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ كَذَلِكَ فَهَذَا ثَالِثٌ، ثُمَّ تَطْعُنُ فِي الْحَيْضِ لِتَيَقُّنِ الِانْقِضَاءِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّحْظَةُ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ فِيهَا الرَّجْعَةُ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَأْتِي، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُبْتَدَأَةِ أَمَّا هِيَ إذَا طَلُقَتْ ثُمَّ ابْتَدَأَهَا الدَّمُ فَلَا تُحْسَبُ لِأَنَّ الْقُرْءَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ فِي حَقِّهَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ لِأَنَّهُ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ قَدْرُ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَسْقُطُ اللَّحْظَةُ الْأُولَى.
(أَوْ) طَلُقَتْ (فِي حَيْضٍ) أَوْ فِي نِفَاسٍ (فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) بِأَنْ تَطْلُقَ آخِرَ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا ثُمَّ تَطْهُرَ وَتَحِيضَ أَقَلَّهُمَا ثُمَّ تَطْهُرَ وَتَحِيضَ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْهُرَ الْأَقَلَّ ثُمَّ تَطْعُنَ فِي الْحَيْضِ كَمَا مَرَّ، وَلَا تَحْتَاجُ هُنَا لِلَّحْظَةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِدَّةِ.
(أَوْ) كَانَتْ (أَمَةً) أَيْ فِيهَا رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ (وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ) وَهِيَ مُعْتَادَةٌ (فَسِتَّةَ) أَيْ فَأَقَلُّ إمْكَانِ انْقِضَاءِ أَقْرَائِهَا سِتَّةَ (عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) بِأَنْ تَطْلُقَ قُبَيْلَ آخِرِ طُهْرِهَا فَهَذَا قُرْءٌ ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ أَقَلَّهُ فَهَذَا ثَانٍ ثُمَّ تَطْعُنَ كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِ مُبْتَدَأَةٍ أَمَّا مُبْتَدَأَةٌ فَأَقَلُّهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ لَحْظَةٌ لِمَا مَرَّ (أَوْ) طَلُقَتْ (فِي حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (فَأَحَدٌ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ شَهَادَةُ الْقَوَابِلِ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ عَلَى مَا يُفْهَمُ إطْلَاقُهُ كَابْنِ حَجَرٍ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ فِي الْعَدَدِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَنْقَضِي بِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ إلَخْ: فَإِذَا اكْتَفَى بِالْإِخْبَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاطِنِ فَيَكْتَفِي بِقَابِلَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ غَابَ زَوْجُهَا فَأَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِمَوْتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَاطِنًا اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَرْبَعِ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ دُونَ الْبَاطِنِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَطْعُنُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الصَّحَاحِ (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ اللَّحْظَةُ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ مَعَ آخِرِ الطُّهْرِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَطْلُقَ آخِرَ حَيْضِهَا) أَيْ بِفَرْضِ أَنَّهَا طَلُقَتْ آخِرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَطْلُقَ) فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلُقَتْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ تَمَامُهُ فِي الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: إمْكَانِ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ احْتِمَالُهُ بِالْفِعْلِ عَادَةً خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ) أَيْ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ وَكَذَلِكَ اللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ