الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ فَتُرَاعَى رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ حَتَّى يَجِبَ عَلَى السَّيِّدِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ اكْتِفَاءً فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَرِيبَ قَدْ يَتَكَلَّفُ تَحْصِيلَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ لِحِرَابَةٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ إذْ لَا تَسْقُطُ كِفَايَتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِتَجْوِيعِهِ تَعْذِيبٌ يَمْنَعُ مِنْهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَلِأَنَّ السَّيِّدَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ إمَّا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ وَإِمَّا بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ قَتْلِهِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ، وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ كِفَايَةِ قَرِيبِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ، وَيُسْتَثْنَى الْمُكَاتَبُ وَلَوْ فَاسِدَ الْكِتَابَةِ فَلَا تَجِبُ كِفَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ وَلِهَذَا تَلْزَمُهُ كِفَايَةُ أَرِقَّائِهِ.
نَعَمْ إنْ احْتَاجَ لَزِمَتْهُ كِفَايَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ، وَكَذَا لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةُ النَّقْلِ، وَيَلْزَمُهُ فِطْرَةُ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَنَفَقَةً وَكِسْوَةً مَنْصُوبَانِ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي كِفَايَتِهِ عُرْفُ الْبَلَدِ بِالنِّسْبَةِ لِأَرِقَّائِهِمْ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدُمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ) مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ السَّيِّدِ أَيْضًا فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً لَزِمَهُ لِرَقِيقِهِ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ (وَلَا يَكْفِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ) وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَحْقِيرًا لَهُ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَهَذَا بِبِلَادِنَا إخْرَاجًا لِبِلَادِ السُّودَانِ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَهَذَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ مِنْ الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ أَصْلًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ) قَالَ حَجّ: وَالْوَاجِبُ أَوَّلَ الشِّبَعِ وَالرَّيِّ نَظِيرُ مَا يَأْتِي: أَيْ فِي عَلْفِ الدَّوَابِّ وَسَقْيِهَا، وَقَضِيَّةُ إحَالَةِ الشَّارِحِ مَا هُنَا عَلَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّ الْوَاجِبَ الشِّبَعُ الْمُعْتَادُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالشِّبَعِ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَوَّلُهُ لَا تَمَامُهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِحُصُولِ الشِّفَاءِ لَوْ تَنَاوَلَهُ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِهَلَاكِهِ لَوْ تَرَكَ الدَّوَاءَ (قَوْلُهُ: لِحِرَابَةٍ) أَيْ قَطْعِ طَرِيقٍ
(قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) وَهُوَ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ احْتَاجَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ بِأَنْ سُلِّمَتْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ طَعَامِ الْمُتَوَسِّطِينَ لَا الْمُتَرَفِّهِينَ وَلَا الْمُقَتِّرِينَ قَالَ: وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ طَعَامَهُ مَخْبُوزًا وَأُدُمَهُ مَصْنُوعًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِإِصْلَاحِهِ اهـ حَجّ.
أَقُولُ: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْحَبَّ وَمُؤْنَتَهُ وَمَكَّنَهُ مِنْ إصْلَاحِهِ بِاسْتِئْجَارٍ وَنَحْوِهِ فَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ السَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ مُرَاعَاةِ حَالِ الْعَبْدِ جَمَالًا وَعَدَمَهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا إلَخْ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَفْضِيلُ النَّفِيسِ مِنْ الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ ثَمَّ بِأَنْ تَكُونَ نَفَاسَتُهُ لِذَاتِهِ وَمَا هُنَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ النَّفَاسَةُ لِسَبَبِ النَّوْعِ أَوْ الصِّنْفِ كَالرُّومِيِّ مَعَ الزَّنْجِيِّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا] [
أَسْبَابُ النَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ]
(فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ الرَّقِيقُ أَوْلَى بِذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا تَسْقُطُ كِفَايَتُهُ بِذَلِكَ) يُشْبِهُ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ إذَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ أَوْ الْمُرَادَ بِالسَّيْفِ لَا بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي كِفَايَتِهِ إلَخْ.) إنْ كَانَ الْمُرَادُ اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِأَرِقَّاءِ الْبَلَدِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ خَالَفَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كِفَايَتُهُ فِي نَفْسِهِ إلَخْ. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِنْسِ فِي الطَّعَامِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: اُسْتُحِبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ)