الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فِي تَصَرُّفِهِ (وَلَوْ)(قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ) أَيْ وَقْتَهُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا)(صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) فِيهِ (وَعُهِدَ الْجُنُونُ) قَبْلَهُ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا لِأَصْلِ بَقَائِهِمَا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى الْإِمْكَانُ وَالْعَهْدُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى زَوَالِ عَقْلِهِ وَادَّعَى الْجُنُونَ وَالْوَلِيُّ السُّكْرَ صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ) الْآنَ وَأَمْكَنَ (فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ) عَلَى صِبَاهُ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَبَطَلَتْ يَمِينُهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالٌ لِحَلِفِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَحْلِيفَ كَافِرٍ أَنْبَتَ وَأُرِيدَ قَتْلُهُ وَادَّعَى اسْتِعْجَالَ ذَلِكَ بِدَوَاءٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ حَلِفُهُ إثْبَاتَ صِبَاهُ لِوُجُودِ أَمَارَةِ الْبُلُوغِ فَلَمْ يُتْرَكْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ وُجُوبُ تَحْلِيفِهِ لَوْ أَنْبَتَ هُنَا، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِنْبَاتَ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ لَا هُنَا كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ (وَ) مِنْهَا عَدَمُ الْحِرَابَةِ فَحِينَئِذٍ (لَا قِصَاصَ عَلَى) (حَرْبِيٍّ) إذَا قُتِلَ حَالَ حِرَابَتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَلِمَا تَوَاتَرَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ بَعْدَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ مِمَّنْ أَسْلَمَ كَوَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ رضي الله عنهما (وَيَجِبُ) الْقَوَدُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِجِزْيَةٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (وَالْمُرْتَدِّ) وَإِنْ كَانَ مُهْدَرًا لِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ قُوَّةٌ وَأَتْلَفُوا نَفْسًا أَوْ مَالًا فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ (وَ) مِنْهَا (مُكَافَأَةٌ) بِالْهَمْزَةِ: أَيْ مُسَاوَاةٌ مِنْ الْمَقْتُولِ لِقَاتِلِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَتِيلَهُ حِينَئِذٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَامِلَةٍ أَوْ أَصَالَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ، وَزَادَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى ذَلِكَ خَصْلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا الذِّمَّةُ مَعَ الرِّدَّةِ فَلَا يُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ.
وَالثَّانِيَةُ السَّلَامَةُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ لِحَقِّهِ تَعَالَى (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ مُهْدَرًا بِنَحْوِ زِنًا (بِذِمِّيٍّ) يَعْنِي بِغَيْرِهِ لِيَشْمَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ كَالْمُسْلِمِ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الدُّنْيَا، لِخَبَرِ «أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ لَا دَلِيلَ لَهُ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدٍ» : أَيْ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ بِهِ فِي الطَّرَفِ فَالنَّفْسُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ إجْمَاعًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي رَقِيقَيْنِ تَسَاوِيهِمَا إسْلَامًا وَضِدَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي ذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ لِلشُّبْهَةِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ تَعَارَضَتَا اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ إذَا قَامَتَا بِصِبَاهُ وَبُلُوغِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ ثُمَّ إنْ عُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ الصِّبَا صُدِّقَ الْجَانِي وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ
(قَوْلُهُ: وَعُهِدَ الْجُنُونُ) وَلَوْ مَرَّةً
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الْجَانِي وَمُسْتَحِقُّ الدَّمِ
(قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الْقَاتِلُ
(قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ إنْ عُهِدَ جُنُونُهُ وَيَجِبُ الدِّيَةُ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ لِوُجُودِ
(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِنْبَاتَ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْبُلُوغِ فِي الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشُكَّ فِي بُلُوغِهِ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبَالِغِينَ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشُكَّ فِي بُلُوغِهِ قُتِلَ اكْتِفَاءً بِنَبَاتِ الْعَانَةِ
(قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ) يُقَالُ أَقَادَ الْقَاتِلَ بِالْقَتِيلِ قَتَلَهُ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ
(قَوْلُهُ: وَأَتْلَفُوا نَفْسًا) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ اهـ زِيَادِيٌّ
(قَوْلُهُ: مِنْ إبَاحَةِ الدَّمِ) مُتَعَلِّقٌ بِالسَّلَامَةِ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ) زَادَ حَجّ الْبُخَارِيَّ
(قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الْكَافِرِ فِي الْخَبَرِ
(قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ) أَيْ مُسْلِمٌ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ الذِّمِّيِّ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُقْتَلُ) أَيْ الْمُسْلِمُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ: أَيْ وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِهِ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
[شُرُوطُ الْقَاتِلِ]
قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ.) دَلِيلٌ لِلْإِسْلَامِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانٍ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ نَحْوُ ذِمِّيٍّ بِمُرْتَدٍّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا الذِّمَّةُ مَعَ الرِّدَّةِ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَمَانٍ
دُونَ السَّيِّدِ (وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ) وَذُو أَمَانٍ (بِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَبِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) لِتَسَاوِيهِمَا حَالَةَ الْجِنَايَةِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُوبَاتِ بِحَالِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّقِيقَ لَوْ زَنَى أَوْ قَذَفَ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يُحَدَّ إلَّا حَدَّ الْقِنِّ (وَلَوْ)(جَرَحَ ذِمِّيٌّ) أَوْ ذُو أَمَانٍ (ذِمِّيًّا) أَوْ ذَا أَمَانٍ (وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ) عَلَى كُفْرِهِ (فَكَذَا) لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ قَطْعًا، وَلَا فِي النَّفْسِ (فِي الْأَصَحِّ) لِلتَّكَافُؤِ حَالَ الْجُرْحِ الْمُفْضِي لِلْهَلَاكِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الزُّهُوقِ (وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ) وَلَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِ حَذَرًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْلَمَ فَوَّضَهُ لَهُ (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ) وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ (بِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْكُفْرِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ فَكَانَا كَالذِّمِّيَّيْنِ، وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الذِّمِّيِّ لِإِهْدَارِ دَمِهِ وَعَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَعَدَمِ تَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يُقْتَلَ بِالذِّمِّيِّ الثَّابِتِ لَهُ ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ.
وَرُدَّ بِأَنَّ بَقَاءَهَا يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ، وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا لِكَافِرٍ مِنْ جُمْلَةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ؛ إذْ لَوْ صَحَّحْنَاهُ لِلْكَافِرِ فَوَّتَ عَلَيْنَا مُطَالَبَتَهُ بِالْإِسْلَامِ بِإِرْسَالِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِإِغْرَائِهِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ بَاطِنًا (وَبِمُرْتَدٍّ) لِمَا مَرَّ، وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قَوَدًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ قُتِلَ بِهَا وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ عَلَى مِثْلِهِ إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوَدِ خَاصَّةً فَلَوْ عُفِيَ عَنْهُ فَلَا دِيَةَ، وَالثَّانِي لَا إذْ الْمَقْتُولُ مُبَاحُ الدَّمِ (لَا ذِمِّيٍّ) فَلَا يُقْتَلُ (بِمُرْتَدٍّ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِتَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَلَوْ كَانَ عَطْفُهُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ بَيْنَهُمَا لَوَجَبَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْتَأْمَنِ كَمَا قُتِلَ الْمُعَاهَدُ بِهِ مَعَ أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَقُولُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِحَالِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُنْظَرُ) وَعَلَى الْأَوَّلِ تُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ الْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى الزُّهُوقِ وَسَيَأْتِي لَنَا مَا فِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ الْآتِي
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ إلَخْ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُرْتَدَّةِ أَوْ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُكَافَأَتِهِ لَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ وَإِنْ أَسْلَمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْمُرْتَدِّ هُنَا أَيْضًا، وَإِنْ أَسْلَمَ الْجَارِحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مُكَافَأَتُهُ لَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ، أَمَّا عَلَى الْعِلَّةِ النَّافِيَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا فَلَا
(قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَلَا دِيَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَمَهُ مُهْدَرٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْقَوَدُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّشَفِّي فَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَالِ مَعَ قَتْلِهِ قِصَاصًا، وَخَرَجَ بِالْمُرْتَدِّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلَهُمْ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِمْ وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ حَدًّا عَلَى قَتْلِهِ قِصَاصًا، وَلَوْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الدِّيَةِ وَجَبَتْ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمُرْتَدِّ. [فَرْعٌ]
وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَصَوَّرَ وَلِيٌّ فِي غَيْرِ صُورَةِ آدَمِيٍّ وَقَتَلَهُ شَخْصٌ وَعَمَّا لَوْ قَتَلَ الْجِنِّيَّ شَخْصٌ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ: إنْ عَلِمَ الْقَاتِلُ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ الْمَقْتُولَ وَلِيٌّ تَصَوَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ، لَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا يَظُنُّهُ صَيْدًا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِ الْمُكَافَأَةِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ لَا يَفْضُلَ الْقَاتِلُ قَتِيلَهُ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ إلَخْ أَنَّ الْقَاتِلَ إنْ عَلِمَ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُمَا إذْ لَا دَخْلَ لِلْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فِي اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ (قَوْله لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ شَرْعًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمَتْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا لِأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا عِنْدَهُمْ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِاخْتِلَافِ مِلَّتِهِمَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَيَكُونُ الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةً وَاحِدَةً: أَيْ مِنْ حَيْثُ أَنَّ النَّسْخَ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قَوَدًا إلَخْ.) أَيْ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوَدٌ أَيْ لِغَيْرِ مِثْلِهِ
وَإِنْ قَلَّ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ وَلِخَبَرِ «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ قَطْعِ طَرَفِهِ بِطَرَفِهِ، وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ أَنْفَهُ جَدَعْنَاهُ، وَمَنْ خَصَاهُ خَصَيْنَاهُ» فَغَيْرُ ثَابِتٍ أَوْ مَنْسُوخٌ لِخَبَرِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَزَّرَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ» أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَتَلَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُ سَبْقِ الرِّقِّ لَهُ فِيهِ، وَلَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ مَنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ أَوْ حُرِّيَّتَهُ وَالْقَاتِلُ مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ، وَيُفَارِقُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ حُرٌّ لَقِيطًا فِي صِغَرِهِ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي قَتْلِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَمَا هُنَاكَ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِيهِ بِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ، وَفَرَّقَ الْقَمُولِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَدَّعِي الْكَفَاءَةَ وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ (وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِتَكَافُئِهِمْ بِتَسَاوِيهِمْ فِي الْمَمْلُوكِيَّةِ، وَقُرْبُ بَعْضِهِمْ لِلْحُرِّيَّةِ غَيْرُ مُفِيدٍ لِمَوْتِهِ قِنًّا، نَعَمْ لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِقِنِّهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ رِقًّا أَوْ كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَمَيُّزِهِ عَلَيْهِ بِسِيَادَتِهِ وَالْفَضَائِلُ لَا يُقَابَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ
(وَلَوْ)(قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ)(أَوْ) جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ (عَتَقَ) الْجَارِحُ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ)(فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ) لِلْقَاتِلِ وَالْجَارِحِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ زَادَتْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ؛ إذْ الْحُرِّيَّةُ شَائِعَةٌ فِيهِمَا بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْقِصَاصِ فَعُدِلَ عَنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ لِبَدَلِهِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمَالِ حَيْثُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ فِي مَالِهِ وَيَتَعَلَّقُ الرُّبْعَانِ الْبَاقِيَانِ بِرَقَبَتِهِ، وَلَا نَقُولُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَنْ نِصْفُهُ قِنٌّ لَوْ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ لَزِمَهُ لِسَيِّدِهِ ثَمَنُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ مَضْمُونَةٌ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَرُبْعُ الْقِيمَةِ يُسْقِطُ رُبْعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلِ لِلْحُرِّيَّةِ، إذْ لَا يَجِبُ لِلشَّخْصِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ الْمُقَابِلُ لِلرِّقِّ كَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ لِلسَّيِّدِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ عَبْدَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ مَالٌ وَيَبْقَى مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْحُرِّ وَهُوَ ثُمُنُ الْقِيمَةِ فَيَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهِ الْآنَ أَوْ حَتَّى يُوسِرَ (وَقِيلَ: إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ) بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ (وَجَبَ) الْقَوَدُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْحَصْرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا قَتَلَهُ جِنِّيٌّ قُتِلَ بِهِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَتَلَ وَلِيًّا تَصَوَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يُقْتَلُ بِالْجِنِّيِّ مُطْلَقًا.
أَقُولُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَعْرِفْ أَحْكَامَ الْجِنِّ وَلَا خُوطِبْنَا بِهَا، قَالَ: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ إنَّمَا هِيَ لِلْمُكَافَأَةِ بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ لَا مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: وَمَنْ جَدَعَ) هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَنَّهُ) أَيْ لِأَجْلِ خَبَرِ أَنَّهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِخَبَرِ وَهِيَ أَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: «عَزَّرَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ» ) وَفِي نُسْخَةٍ عَزَّرَ أَيْ لَمْ يَلُمْهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا قِصَاصَ فِي قَتْلِ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّسَاوِي) أَيْ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ (قَوْلُهُ: يَسْقُطُ رُبْعُ الدِّيَةِ) أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ رُبْعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلَ لِلْحُرِّيَّةِ جَنَى عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْحُرُّ، وَالْجُزْءُ الرَّقِيقُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ ثَمَنُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الْحُرِّ وَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ الْآخَرُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ رُبْعُ الدِّيَةِ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ لَوْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ لَوَجَبَ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ أَسْقَطْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ بَلْ فِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: وَرُبْعُ الْقِيمَةِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَمَا هُنَاكَ فِي قَتْلِهِ بِدَارِنَا) أَيْ وَهُوَ حِينَئِذٍ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ شَرْعًا وَلَيْسَ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةُ اللَّقِيطِ) عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ كَمَسْأَلَةِ اللَّقِيطِ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي إلَخْ.) هَذَا بَيَانُ الْكَيْفِيَّةِ عِنْدَ الرُّجُوعِ إلَى الْبَلَدِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا بَيَانُ لِلنَّظِيرِ، فَلَوْ قَالَ، فَيَجِبُ عِنْدَ التَّسَاوِي إلَخْ. لَكَانَ ظَاهِرًا وَمُرَادُهُ بِالنَّظِيرِ كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا بِقِنٍّ وَثَوْبٍ مَثَلًا وَاسْتَوَوْا قِيمَةً لَا نَجْعَلُ الشِّقْصَ أَوْ السَّيْفَ مُقَابِلًا لِلْقِنِّ أَوْ الثَّوْبِ بَلْ الْمُقَابِلُ لِكُلِّ النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ الْحَصْرِ)
لَا الْإِشَاعَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَذَلِكَ لِلْمُسَاوَاةِ فِي الْأُولَى وَلِزِيَادَةِ فَضْلِ الْمَقْتُولِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْمَفْضُولَ يُقْتَلُ بِالْفَاضِلِ: أَيْ مُطْلَقًا، وَلَا عَكْسَ إنْ انْحَصَرَ الْفَضْلُ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَوْصَافٌ طَرْدِيَّةٌ لَمْ يُعَوِّلْ الشَّارِعُ عَلَيْهَا.
لَا يُقَالُ: الْخِلَافُ هُنَا قَوِيٌّ فَلَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ بِقِيلِ لِمَا مَرَّ فِي الْخِطْبَةِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بَيَانَ مَرْتَبَةِ الْخِلَافِ فِي قِيلَ، وَقَوْلُهُ: ثَمَّ فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَيْ فِي الْحُكْمِ لَا الْمُدْرَكِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ) أَيْ قِنٍّ (مُسْلِمٍ وَحُرٍّ ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ بِأَنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ وَلَا الْحُرُّ بِالْقِنِّ، وَفَضِيلَةُ كُلٍّ لَا تَجْبُرُ نَقِيصَتَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ مُقَابَلَةُ الْفَضِيلَةِ بِالنَّقِيصَةِ نَظِيرَ مَا تَقَرَّرَ آنِفًا
(وَلَا) قِصَاصَ (بِقَتْلِ وَلَدٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى لِلْقَاتِلِ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) لِخَبَرِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ» وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِهِ فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ، فَلَوْ حَكَمَ بِقَتْلِهِ بِهِ حَاكِمٌ نُقِضَ إلَّا إنْ أَضْجَعَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ وَذَبَحَهُ وَحَكَمَ بِالْقَوَدِ حَاكِمٌ فَلَا نَقْضَ، وَلَوْ قَتَلَ وَلَدَهُ الْمَنْفِيَّ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ عُزِيَ ذَلِكَ إلَى مُقْتَضَى مَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى النَّفْيِ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ مَالَهُ وَفِي حَدِّهِ بِقَذْفِهِ وَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهُ (وَلَا قِصَاصَ) يَثْبُتُ (لَهُ) أَيْ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ كَأَنْ قَتَلَ عَتِيقَهُ أَوْ زَوْجَةَ نَفْسِهِ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ بِقَتْلِهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ بِمَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْجَانِيَ أَوْ فَرْعَهُ مَتَى مَلَكَ جُزْءًا مِنْ الْقَوَدِ سَقَطَ، وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ مِنْ عَدَمِ مُكَافَأَةِ الْوَلَدِ وَالِدَهُ ظَاهِرٌ لِتَمْيِيزِهِ عَلَيْهِ بِفَضِيلَةِ الْأَصَالَةِ، وَإِنْ زَعَمَ الْغَزَالِيُّ مُكَافَأَتَهُ لَهُ كَعَمِّهِ وَأَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِخَبَرِ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» إذْ يُرَدُّ بِانْتِفَاءِ الْأَصَالَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمِّهِ وَلِأَنَّ الْمُكَافَأَةَ فِي الْخَبَرِ غَيْرُهَا هُنَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ مُكَافَأَةٌ بِوَصْفٍ مِمَّا مَرَّ (وَيُقْتَلُ بِوَالِدِيهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ الْمُكَافَأَةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَبَقِيَّةُ الْمَحَارِمِ بِالْأَوْلَى إذْ لَا تَمَيُّزَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ أَبَاهُ ثُمَّ قَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَمَا مَرَّ لِشُبْهَةِ السَّيِّدِيَّةِ (وَلَوْ)(تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) نَسَبُهُ (فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا)(فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ) بِالْقَاتِلِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَوْ أَلْحَقَهُ (بِالْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ (اقْتَصَّ) هُوَ لِثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهِ (فَلَا) يَقْتَصُّ هُوَ بَلْ غَيْرُهُ إنْ أُلْحِقَ بِهِ وَادَّعَاهُ وَإِلَّا وُقِفَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ بِنَاءَهُ لِلْفَاعِلِ الْمُفْهِمِ مَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هَلَّا قِيلَ وَرُبْعُ الدِّيَةِ كَأَنْ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ شَائِعَةٌ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَيَبْقَى مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَهَذِهِ الْحَاشِيَةُ عَيْنُ الْحَاشِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ
(قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَتِيلُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ) قَدْ يُقَالُ لَوْ اقْتَصَّ بِقَتْلِ الْوَلَدِ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ بَلْ السَّبَبُ جِنَايَتُهُ: أَعْنِي الْوَالِدَ.
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْلَا تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ لَمَا قُتِلَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا فِي الْجُمْلَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةَ الرُّويَانِيِّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَإِنْ أَصَرَّ اهـ.
وَقَدْ يُفِيدُهُ عَدَمُ تَعَقُّبِ الشَّارِحِ لِلْأَوَّلِ بِتَنْبِيهِهِ عَلَى رُجْحَانِ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ) أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي فَرَّعَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِيهَا عَلَى الْمُكَافَأَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: غَيْرُهَا هُنَا) أَيْ إذْ الْمُرَادُ بِهَا فِي الْخَبَرِ الْمُسَاوَاةُ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الْمَوَانِعِ الْمُعْتَبَرَةِ فَيُؤْخَذُ الشَّرِيفُ بِالْوَضِيعِ، وَالنَّسِيبُ بِالدَّنِيءِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِخَبَرِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وُقِفَ) أَيْ إنْ رُجِيَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ قِنٍّ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ نَصُّهَا: وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقِنِّ وَالْكَافِرِ