الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ النَّفَقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا
وَأُخِّرَتْ إلَى هُنَا لِوُجُوبِهَا فِي النِّكَاحِ وَبَعْدَهُ وَجُمِعَتْ لِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهَا الْآتِيَةِ النِّكَاحِ وَالْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ، وَأُورِدَ عَلَيْهَا أَسْبَابٌ أُخَرُ، وَلَا تُرَدُّ لِأَنَّ بَعْضَهَا خَاصٌّ وَبَعْضَهَا ضَعِيفٌ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْخَيْرِ كَمَا مَرَّ.
وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَبَدَأَ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ التَّمَتُّعِ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَقَالَ (عَلَى مُوسِرٍ) حُرٍّ كُلُّهُ (لِزَوْجَتِهِ) وَلَوْ أَمَةً كَافِرَةً وَمَرِيضَةً (كُلَّ يَوْمٍ) بِلَيْلَتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا لَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ عِنْدَ الْغُرُوبِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ غُرُوبِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إلَى الْفَجْرِ دُونَ مَا مَضَى مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ ثُمَّ تَسْتَقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْفَجْرِ دَائِمًا، وَمَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِسْطُ مُطْلَقًا مَرْدُودٌ وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ مَا قَدْ يُوَافِقُهُ (مُدَّا طَعَامٍ وَ) عَلَى (مُعْسِرٍ) وَمِنْهُ كَسُوبٌ وَإِنْ قَدَرَ زَمَنَ كَسْبِهِ عَلَى مَالٍ وَاسِعٍ وَمُكَاتَبٍ وَإِنْ أَيْسَرَ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَمُبَعَّضٍ لِنَقْصِهِ، وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ مُوسِرًا فِي الْكَفَّارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِطْعَامِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّغْلِيظِ: أَيْ وَلِأَنَّ النَّظَرَ لِلْإِعْسَارِ فِيهَا يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا وَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كِتَابُ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) كَالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) كَأَنْ طَلُقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ حُرٌّ كُلُّهُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَيَجُوزُ جَرُّ حُرٍّ نَعْتًا لِمُوسِرٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ وَاسِعٍ) أَيْ وَهُوَ مُعْسِرٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا مَالَ بِيَدِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ اكْتَسَبَ حَصَلَ مَالًا كَثِيرًا وَمُوسِرٌ حَيْثُ اكْتَسَبَ وَصَارَ بِيَدِهِ مَالٌ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَفِي سم مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَمِنْهُ كَسُوبٌ: أَيْ قَادِرٌ عَلَى الْمَالِ بِالْكَسْبِ، فَإِنْ حَصَلَ مَالًا مِنْهُ نُظِرَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ إلَخْ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُعْسِرًا وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ) أَيْ الْمُبَعَّضَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَبْنَاهَا) أَيْ الْكَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ النَّفَقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]
كِتَابُ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: أَسْبَابٌ أُخَرُ) كَالْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَيْنِ وَالْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا خَاصٌّ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْخُصُوصِ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا ضَعِيفٌ) أَيْ كَالْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ وَيَرْجِعُ إلَى الصَّوْمِ فَهُوَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّهُ فِي كَفَّارَةِ نَحْوِ الظِّهَارِ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ الْإِعْسَارَ فِيهَا لَا يُسْقِطُ الْإِطْعَامَ الَّذِي هُوَ آخِرُ الْمَرَاتِبِ بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ. وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ النَّظَرَ لِلْإِعْسَارِ إلَخْ. تَعْلِيلٌ ثَانٍ، وَقَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ أَيْ مَحْذُورٌ يَتَرَتَّبُ عَلَى إسْقَاطِهَا مِنْ أَصْلِهَا بِالْمَعْنَى الْمَارِّ، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ الْمَذْكُورُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْلِيلِ الَّذِي قَبْلَهُ إذْ سُقُوطُهَا مِنْ أَصْلِهَا يُنَافِي التَّغْلِيظَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ كَانَ
كَذَلِكَ هُنَا، وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ احْتِيَاطًا لَهُ لِشِدَّةِ لُصُوقِهِ بِهِ وَصِلَةً لِرَحِمِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ الْيَسَارُ وَالْإِعْسَارُ يَتَفَاوَتُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ لِاخْتِلَافِ مَدَارِكِهَا لَمْ يَبْعُدْ (مُدٌّ وَمُتَوَسِّطُ مُدٍّ وَنِصْفٌ) وَلَوْ لِرَفِيعَةٍ.
أَمَّا أَصْلُ التَّفَاوُتِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] وَأَمَّا ذَلِكَ التَّقْدِيرُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَالٌ.
وَجَبَ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ كَفَّارَةً نَحْوَ الْحَلْقِ فِي النُّسُكِ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ لَهُ مُدٌّ فِي كَفَّارَةِ نَحْوِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَهُوَ يُكْتَفَى بِهِ الزَّهِيدُ وَيَنْتَفِعُ بِالرَّغِيبِ فَلَزِمَ الْمُوسِرَ الْأَكْثَرُ وَالْمُعْسِرَ الْأَقَلُّ وَالْمُتَوَسِّطَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ شَرَفُ الْمَرْأَةِ وَضِدُّهُ لِأَنَّهَا لَا تُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَلَا الْكِفَايَةُ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَرِيضَةِ وَالشَّبْعَانَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ خَبَرِ هِنْدٍ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» مِنْ تَقْدِيرِهَا بِالْكِفَايَةِ الَّذِي ذَهَبَ إلَى اخْتِيَارِهِ جَمْعٌ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَأَطَالُوا الْقَوْلَ فِيهِ.
يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهَا فِيهِ بِالْكِفَايَةِ فَقَطْ بَلْ بِهَا بِحَسَبِ الْمَعْرُوفِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرُوهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ فِي الْعُقُولِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَوْ فَتَحَ لِلنِّسَاءِ بَابَ الْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لَوَقَعَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ فَتَعَيَّنَ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ اللَّائِقُ بِالْعُرْفِ فَاتَّضَحَ كَلَامُهُمْ، وَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا رضي الله عنه سَلَفًا فِي التَّقْدِيرِ بِالْأَمْدَادِ، وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَقُلْت الصَّوَابُ أَنَّهَا بِالْمَعْرُوفِ تَأَسِّيًا وَاتِّبَاعًا، وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهَا فِي مُقَابِلِهِ وَهِيَ تَقْتَضِي التَّقْدِيرَ فَتَعَيَّنَ.
وَأَمَّا تَعَيُّنُ الْحَبِّ فَلِأَنَّهَا أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْكَفَّارَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُقَابِلٍ وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِي الْقَدْرِ، لِأَنَّا وَجَدْنَا ذَوِي النُّسُكِ مُتَفَاوِتِينَ فِيهِ، فَأَلْحَقْنَا مَا هُنَا بِذَلِكَ فِي أَصْلِ التَّقْدِيرِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُهُ تَعَيَّنَ اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى يُوجِبُ التَّفَاوُتَ وَهُوَ مَا تَقَرَّرَ (وَالْمُدُّ) الْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِهِ الْكَيْلُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْوَزْنَ اسْتِظْهَارًا أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ كَمَا مَرَّ ثُمَّ الْوَزْنَ اخْتَلَفُوا فِيهِ (مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ (قُلْت: الْأَصَحُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ) دِرْهَمًا (وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ فِيهِ (وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ) الْمَارُّ ضَابِطُهُ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ هُوَ (مُعْسِرٌ) وَفَقِيرُهَا بِالْأَوْلَى، وَدَعْوَى أَنَّ عِبَارَتَهُ مَقْلُوبَةٌ وَصَوَابُهَا وَالْمُعْسِرُ هُوَ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ مَرْدُودَةٌ.
وَمِمَّا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ قَدْ يُسْقِطُهَا وَإِلَّا فَالْإِعْسَارُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَنْتَقِلُ مَعَهُ لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: يَتَفَاوَتُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُسْتَغْنَى عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْجِيهِ لِأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى الْحِكْمَةِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ أَحْوَالِ الْمُبَعَّضِ يَسَارًا وَإِعْسَارًا بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِرَفِيعَةٍ) أَيْ رَفِيعَةُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَكْتَفِي بِهِ الزَّهِيدُ) أَيْ قَلِيلُ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا رضي الله عنه سَلَفًا) لَمْ يَظْهَرْ مِمَّا ذَكَرَهُ رَدٌّ لِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَ لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا سَلَفًا وَلَمْ يَقُلْ لَا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا فَلَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ إلَّا إذَا نَقَلَ عَمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِنَا مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنَّهَا فِي مُقَابِلِهِ) أَيْ الشَّيْءِ وَهُوَ التَّمَتُّعُ (قَوْلُهُ الْمَارُّ ضَابِطُهُ) أَيْ بِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ مَالٌ أَوْ كَسْبٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكْفِيهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
هَذَا هُوَ الْمُرَادُ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظِ لِأَنَّ بِأَنْ يَقُولَ وَالنَّظَرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ) أَيْ، وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ مُوسِرًا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ إذْ هَذَا لَيْسَ إلَّا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ: وَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا إلَخْ.) أَيْ انْدَفَعَ بِالنَّظَرِ إلَى آخِرِ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَقُلْت إلَخْ. وَأَمَّا أَوَّلُ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا رضي الله عنه سَلَفًا بِالتَّقْدِيرِ بِالْأَمْدَادِ فَالشَّارِحُ مُسَلِّمُهُ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَتَفَاوَتُوا فِي الْقَدْرِ إلَخْ.) اُنْظُرْ هَلْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ: أَمَّا أَصْلُ التَّفَاوُتِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا ذَلِكَ التَّقْدِيرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا ذَوِي النُّسُكِ مُتَفَاوِتِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ دُونَ النُّسُكِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْقَدْرِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُعْسِرِ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ بِاعْتِبَارِ الْمُوجِبِ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ شَخْصٍ عَلَى حِدَتِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّا رَاعَيْنَا حَالَ الشَّخْصِ، فَأَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ مَا لَمْ نُوجِبْهُ عَلَى الْمُعْسِرِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُوجِبِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَرَّرَ فِي ذَوِي النُّسُكِ.
(قَوْلُهُ: وَدَعْوَى أَنَّ عِبَارَتَهُ مَقْلُوبَةٌ إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ هِيَ الَّتِي تَنْبَغِي
يُبْطِلُ حَصْرَهُ مَا مَرَّ أَنَّ ذَا الْكَسْبِ الْوَاسِعِ مُعْسِرٌ هُنَا وَلَيْسَ مِسْكِينَ زَكَاةٍ فَتَعَيَّنَ مَا عَبَّرَ بِهِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَمَنْ فَوْقَهُ) فِي التَّوَسُّعِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَالِ لَا الْكَسْبِ (إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ) كُلَّ يَوْمٍ لِزَوْجَتِهِ (رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْجِعْ مِسْكِينًا لَوْ كُلِّفَ ذَلِكَ (فَمُوسِرٌ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، زَادَ فِي الْمَطْلَبِ: وَقِلَّةُ الْعِيَالِ وَكَثْرَتُهَا، حَتَّى إنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ قَدْ يَلْزَمُهُ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةُ مُوسِرٍ وَلَا يَلْزَمُهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ إلَّا نَفَقَةُ مُتَوَسِّطٍ أَوْ مُعْسِرٍ، وَلَوْ ادَّعَتْ يَسَارَ زَوْجِهَا وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْوَدِيعَةِ (وَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلُّ الزَّوْجَةِ مِنْ بُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَأَقِطٍ كَالْفِطْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهَا وَلَا أَلْفَتْهُ إذْ لَهَا إبْدَالُهُ.
(قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ مَحَلِّهَا أَوْ أَصْلُ قُوتِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَالِبٌ (وَجَبَ لَائِقٌ بِهِ) أَيْ بِيَسَارِهِ أَوْ ضِدِّهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ تَوَسُّعًا أَوْ بُخْلًا مَثَلًا (وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ) مِنْ التَّوَسُّطِ وَالْإِعْسَارِ (طُلُوعُ الْفَجْرِ) إنْ كَانَتْ مُمْكِنَةً حِينَئِذٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاحْتِيَاجِهَا لِطَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عَقِبَ طُلُوعِهِ إنْ قَدَرَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَكِنَّهُ لَا يُخَاصَمُ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ عَلَى الْعَادَةِ، أَمَّا الْمُمْكِنَةُ بَعْدَهُ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ عَقِبَ التَّمْكِينِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (تَمْلِيكُهَا) يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةً وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهَا وَسَيِّدِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَلَوْ مَعَ سُكُوتِ الدَّافِعِ وَالْأَخْذِ بَلْ الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهَا كَافٍ (حَبًّا) سَلِيمًا إنْ كَانَ وَاجِبُهُ كَالْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي النَّفْعِ فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَتْ (وَكَذَا) عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِنْ اعْتَادَتْ فِعْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا (طَحْنُهُ) وَعَجْنُهُ (وَخَبْزُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا.
وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَالْكَفَّارَاتِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا اسْتَحَقَّتْ مُؤَنَ ذَلِكَ فِي أَوْجَهِ احْتِمَالَيْنِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ بِطُلُوعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ مُعْسِرٌ هُنَا) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ اكْتِسَابِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ لِزَوْجَتِهِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يُقَسَّطُ عَلَى بَقِيَّةِ غَالِبِ الْعُمْرِ فَإِنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ مُدَّيْنِ رَجَعَ مُعْسِرًا كَانَ مُتَوَسِّطًا وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: تَنْبِيهٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الْإِنْفَاقِ الَّذِي لَوْ كُلِّفَ بِهِ لَوَصَلَ إلَى حَدِّ الْمِسْكَيْنِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْإِنْفَاقُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ مُعْتَبِرًا يَوْمًا بِيَوْمٍ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ فِي يَوْمٍ مُوسِرًا وَفِي آخَرَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَقِلَّةُ الْعِيَالِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْ زَوْجَةٍ وَخَادِمِهَا وَأُمِّ وَلَدٍ وَمَا كَانَ ضَرُورِيًّا لَهُ كَخَادِمِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَضْلُ عَمَّنْ ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ: غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ وَقْتَ الْوُجُوبِ إنْ قَدَرَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَحِينَئِذٍ يَأْثَمُ بِعَدَمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْمُطَالَبَةِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يُخَاصِمُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِنْ جَازَ لِلْقَاضِي أَمْرُهُ بِالدَّفْعِ إذَا طَلَبَتْ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ اهـ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ اعْتِبَارُ الْقَصْدِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ يَعْنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: طَحَنَهُ) أَيْ إنْ أَرَادَتْهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ لَهَا أُجْرَةُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَيًّا اسْتَحَقَّتْ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
حَتَّى لَا يَلْزَمَ خُلُوُّ الْمَتْنِ عَنْ بَيَانِ الْمُعْسِرِ وَعَدَمُ تَمَامِ الضَّابِطِ الَّذِي هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا الْكُسُوبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَلِهَذَا احْتَاجَ هُوَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ فَوْقَهُ مَا قَرَّرَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِاحْتِيَاجِهَا لِطَحْنِهِ إلَخْ.) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عِلَّةً لِلُزُومِ الْأَدَاءِ عَقِبَ الْفَجْرِ الَّذِي ذَكَرَ هُوَ بَعْدُ لَا لِاعْتِبَارِ الْيَسَارِ
الْفَجْرِ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْمُؤَنُ فَلَمْ تَسْقُطْ بِمَا فَعَلَتْهُ، وَكَذَا عَلَيْهِ مُؤْنَةُ اللَّحْمِ وَمَا يُطْبَخُ بِهِ أَيْ وَإِنْ أَكَلَتْهُ نِيئًا أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ دَقِيقٍ أَوْ قِيمَةٍ بِأَنْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ بَذَلَهُ هُوَ فَذَكَرَ الطَّلَبَ فِيهِ لِلتَّغْلِيبِ أَوْ لِكَوْنِ بَذْلِهِ مُتَضَمِّنًا لِطَلَبِهِ مِنْهَا قَبُولَ مَا بَذَلَهُ (لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ) لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَشَرْطُهُ التَّرَاضِي (فَإِنْ اعْتَاضَتْ) عَنْ وَاجِبِهَا فِي الْيَوْمِ نَقْدًا أَوْ عَرَضًا مِنْ الزَّوْجِ لَا غَيْرَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ بِالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) كَالْقَرْضِ بِجَامِعِ اسْتِقْرَارِ كُلٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ، فَخَرَجَ بِالِاسْتِقْرَارِ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَالنَّفَقَةُ الْمُسْتَقْبِلَةُ كَمَا جَزَمَا بِهِ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُمَا عَنْ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلسُّقُوطِ (إلَّا خُبْزًا وَدَقِيقًا) وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَوَّضَهُ عَنْ الْحَبِّ الْمُوَافِقِ لَهُ جِنْسًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ رِبًا، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ عَنْ كَثِيرِينَ، ثُمَّ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ اعْتِيَاضٌ بِعَقْدٍ.
وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مُجَرَّدَ اسْتِيفَاءٍ.
قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ (وَلَوْ أَكَلَتْ) مُخْتَارَةً عِنْدَهُ (مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ) أَوْ وَحْدَهَا أَوْ أَضَافَهَا شَخْصٌ إكْرَامًا لَهُ (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) إنْ أَكَلَتْ قَدْرَ الْكِفَايَةِ وَإِلَّا رَجَعَتْ بِالتَّفَاوُتِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ، قَالَ: وَتَصْدُقُ هِيَ فِي قَدْرِ مَا أَكَلَتْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا مَا نَفَتْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ وَلَمْ يَنْقُلْ خِلَافَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ لَهُنَّ الرُّجُوعَ وَلَمْ يَقْضِ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ.
وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ اللَّحْمِ) وَقِيَاسُ وُجُوبِ أُجْرَةِ الْخُبْزِ وُجُوبُ أُجْرَةِ الطَّبْخِ وَقَدْ تَصْدُقُ الْمُؤْنَةُ بِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عَنْ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَا يُطْبَخُ بِهِ) أَيْ مِنْ قُلْقَاسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْحَطَبِ الَّذِي يُوقَدُ بِهِ وَالتَّوَابِلُ الَّتِي يُصْلَحُ بِهَا عَلَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ دَقِيقٍ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَبِّ الْوَاجِبِ لِمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اعْتِيَاضِ الدَّقِيقِ عَنْ الْحَبِّ حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِعَقْدٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَاضَتْ عَنْ وَاجِبِهَا) أَيْ يَوْمُ الِاعْتِيَاضِ، أَمَّا الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ فَيَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ) أَيْ لِكَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ) أَيْ وَهُوَ الْجَوَازُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ بِعَقْدٍ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكَلَتْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَطْلَقَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا لَهُ فَلَا يَسْقُطُ وَتَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَلَوْ سَفِيهَةً، أَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ إكْرَامًا لَهُ) أَيْ وَحْدَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَيَنْبَغِي سُقُوطُ النِّصْفِ أَوْ لَهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَتْ بِالتَّفَاوُتِ) أَيْ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِعَادَتِهَا فِي الْأَكْلِ بَقِيَّةَ الْأَيَّامِ.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إعْلَامُ زَوْجَتِهِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَمْ لَا؟ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ ظَنَّتْ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً إنْ لَمْ تَفْعَلْهُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَى الْفِعْلِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَتْهُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَةٌ عَلَى الْفِعْلِ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَيِّنْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَغَيْرِهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعَلَّلَ الْجَلَالُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَلَيْهِ مُؤْنَةُ اللَّحْمِ) أَيْ مِنْ الْأَفْعَالِ كَالْإِيقَادِ تَحْتَ الْقِدْرِ وَوَضْعِ الْقِدْرِ وَغَسْلِ اللَّحْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ وَمَا يَطْبُخُ بِهِ، أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ كَالْأَرُزِّ وَالتَّوَابِلِ وَالْأَدْهَانِ وَالْوُقُودِ (قَوْلُهُ: يُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) يَعْنِي: مِنْ طَعَامِهِ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يَأْكُلُ مِنْ عِنْدِ فُلَانٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَضَافَهَا شَخْصٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى عِنْدَهُ
(قُلْت إلَّا أَنْ تَكُونَ) قِنَّةً أَوْ (غَيْرَ رَشِيدَةٍ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهَا بِأَنْ اسْتَمَرَّ سَفَهُهَا الْمُقَارِنُ لِلْبُلُوغِ أَوْ طَرَأَ وَحَجَرَ عَلَيْهَا وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِ الْوَلِيِّ (وَلَمْ يَأْذَنْ) سَيِّدُهَا الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفَ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ أَوْ (وَلِيُّهَا) فِي أَكْلِهَا مَعَهُ فَلَا تَسْقُطُ قَطْعًا لِتَبَرُّعِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِثْلُ نَفَقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ كِسْوَتُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَاسْتِشْكَالُ ذَلِكَ بِإِطْبَاقِ السَّلَفِ السَّابِقِ إذْ لَا اسْتِفْصَالَ فِيهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالِاحْتِمَالَاتِ، فَانْدَفَعَ أَخْذُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ قَضِيَّتِهِ سُقُوطَهَا بِأَكْلِهِ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَاكْتَفَى بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مَعَ أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ لَغْوٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ بِإِذْنِهِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ فِي إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ لَهَا حَظٌّ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِإِذْنِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مُقَدَّرٌ لَهَا.
وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَقَالَتْ قَدْ قَصَدْت التَّبَرُّعَ فَقَالَ بَلْ قَصَدْت كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى كَوْنَهُ عَنْ الْمَهْرِ وَادَّعَتْ هِيَ الْهَدِيَّةَ (وَيَجِبُ) لَهَا (أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْقُوتِ، وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي اخْتِلَافِ الْغَالِبِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا يَتَنَاوَلُهُ الزَّوْجُ (كَزَيْتٍ) بَدَأَ بِهِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا «كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ «فَإِنَّهُ طَيِّبٌ مُبَارَكٌ» (وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَتَمْرٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يَنْسَاغُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقُوتُ نَحْوَ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ اكْتَفَى بِهِ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَادُ اقْتِيَاتَهُ وَحْدَهُ، وَيَجِبُ لَهَا أَيْضًا مَاءٌ تَشْرَبُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الظَّرْفُ وَجَبَ الْمَظْرُوفُ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكِفَايَةُ، قَالَا: وَيَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا حَتَّى لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ وَلَمْ تَشْرَبْهُ لَمْ تَمْلِكْهُ، وَإِذَا شَرِبَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَاءً مِلْحًا وَخَوَاصُّهَا عَذْبًا وَجَبَ مَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ اهـ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَيَخْتَلِفُ) الْأُدْمُ (بِالْفُصُولِ) الْأَرْبَعَةِ فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَعْتَادُ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى الْفَوَاكِهُ فَتَكْفِي عَنْ الْأُدْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا.
نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَأَنَّهُ يَجِبُ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَيَانٌ لِعَدَمِ نَقْلِ خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَى الْوَلِيِّ أَيْضًا إذْ غَايَةُ مَا يُتَخَيَّلُ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّغْرِيرِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا اهـ.
وَقَوْلُهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهَا قَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مَجَّانًا وَإِنَّمَا دَفَعَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْمَقْبُوضُ بِهَا مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ وَقَعَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ كَلَامَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِفَسَادِ إذْنِ الْوَلِيِّ، أَوْ يُقَالُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مُعَاقَدَةٌ وَالشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ أُلْغِيَ فِعْلُهَا وَعُدَّ دَفْعُهُ لَهَا تَبَرُّعًا لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ لَحْمٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لَهَا مُؤْنَةُ نَحْوِ طَبْخِ اللَّحْمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَبَنٌ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ تُعْطَى قَدْرًا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مُدَّانِ مَثَلًا مِنْ الْأَقِطِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إذَا كَانُوا يَقْتَاتُونَ اللَّبَنَ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ اللَّبَنِ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ صَاعٌ مِنْ الْأَقِطِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: لَا تَمْلِيكًا) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْكُولِ تَفَاهَتُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمَلِّكَهَا مَا يَكْفِيهَا غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَتَكْفِي عَنْ الْأُدُمِ) أَيْ إنْ اُعْتِيدَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا عَنْ الْأُدُمِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَّجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ) .
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ) أَيْ الرَّشِيدَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ قَصَدْت كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ) اُنْظُرْ هَلْ قَصَدَ كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ مُعْتَبَرٌ فِي سُقُوطِهَا عَنْهُ، وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ هُنَا فَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ التَّبَرُّعَ لِيَشْمَلَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ فَلْيُرَاجَعْ.
الْأُدْمِ مَا يَلِيقُ بِالْقُوتِ، بِخِلَافِ نَحْوِ خَلٍّ لِمَنْ قُوتُهَا التَّمْرُ وَجُبْنٍ لِمَنْ قُوتُهَا الْأَقِطُ (وَيُقَدِّرُهُ) كَاللَّحْمِ الْآتِي (قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا إذْ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ (وَيُفَاوِتُ) فِيهِ قَدْرًا وَجِنْسًا (بَيْنَ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ) فَيَفْرِضُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَبِالْمُدِّ أَوْ الْمُدَّيْنِ أَوْ الْمُدِّ وَالنِّصْفِ وَتَقْدِيرُ الشَّافِعِيِّ بِمَكِيلَةِ سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ حَمَلُوهُ عَلَى التَّقْرِيبِ وَهِيَ أُوقِيَّةٌ، وَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لَا بِوَزْنِ بَغْدَادَ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الدُّهْنِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ الْأُدْمِ وَأَخَفُّهُ مُؤْنَةً، وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِجِنْسٍ مِنْ الْأُدْمِ الْوَاجِبِ لَهَا لَمْ يُبْدَلْ لِرَشِيدَةٍ إذْ لَهَا إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ وَصَرْفِهِ لِلْقُوتِ وَعَكْسِهِ، وَقِيلَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ إبْدَالِ الْأَشْرَفِ بِالْأَخَسِّ وَيَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ إنْ أَفْضَى إلَى نَقْصِ تَمَتُّعٍ بِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ بِالْأَوْلَى، أَمَّا غَيْرُ رَشِيدَةٍ لَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِإِبْدَالِهِ فَيُبْدِلُهُ الزَّوْجُ لَهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وُجُوبُ سِرَاجٍ لَهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي مَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ وَلَهَا إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ (وَ) يَجِبُ لَهَا (لَحْمٌ) يُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا بِاجْتِهَادِهِ مُعْتَبِرًا فِي قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَزَمَنِهِ (مَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ) وَتَوَسُّطِهِ (كَعَادَةِ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلُّ الزَّوْجَةِ فِي أَكْلِهِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ وَزَمَنِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِشَيْءٍ إذْ لَا تَوْقِيفَ فِيهِ.
وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِرِطْلٍ: أَيْ بَغْدَادِيٍّ عَلَى مُعْسِرٍ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ: أَيْ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّوْسِيعِ جَرَى عَلَى عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ قَدِيمًا لِعِزَّةِ اللَّحْمِ عِنْدَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ تُعْتَبَرُ عَادَةُ أَهْلِ الْقُرَى مِنْ عَدَمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
[تَنْبِيهٌ] يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ نَحْوَ الْقَهْوَةِ إذَا اُعْتِيدَتْ وَنَحْوَ مَا تَطْلُبُهُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَا يُسَمَّى بِالْوَحَمِ مِنْ نَحْوِ مَا يُسَمَّى بِالْمُلُوحَةِ إذَا اُعْتِيدَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْفَاكِهَةُ وَالْقَهْوَةُ وَنَحْوُ مَا يُطْلَبُ عِنْدَ الْوَحَمِ يَكُون عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، فَلَوْ فَوَّتَهُ اسْتَقَرَّ لَهَا وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَلَوْ اعْتَادَتْ نَحْوَ اللَّبَنِ وَالْبُرْشِ بِحَيْثُ يُخْشَى بِتَرْكِهِ مَحْذُورٌ مِنْ تَلَفِ نَفْسٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّدَاوِي فَلْيُتَأَمَّلْ مَرَّ.
[تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ قَاعِدَةِ الْبَابِ وَإِنَاطَتُهُ بِالْعَادَةِ وُجُوبُ مَا يُعْتَادُ مِنْ الْكَعْكِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ وَاللَّحْمِ فِي الْأَضْحَى، لَكِنْ لَا يَجِبُ عَمَلُ الْكَعْكِ عِنْدَهَا بِأَنْ يُحْضِرَ إلَيْهَا مُؤْنَةً مِنْ الدَّقِيقِ وَغَيْرِهِ لِيُعْمَلَ عِنْدَهَا إلَّا إنْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ فَيَجِبُ، فَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ بَلْ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ تَحْصِيلُهُ لَهَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَيَكْفِي تَحْصِيلُهُ لَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يَجِبُ الذَّبْحُ عِنْدَهَا حَيْثُ لَمْ يُعْتَدْ ذَلِكَ لِمِثْلِهِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِلَحْمٍ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ فَعَمِلَ الْكَعْكَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا لَهَا وَذَبَحَ عِنْدَهَا وَاشْتَرَى لِلْأُخْرَى كَعْكًا أَوْ لَحْمًا كَانَ جَائِزًا بِحَسَبِ الْعَادَةِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَعْكِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وُجُوبُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرِنَا مِنْ عَمَلِ الْكِشْكِ فِي الْيَوْمِ الْمُسَمَّى بِأَرْبِعَاءِ أَيُّوبَ وَعَمَلِ الْبَيْضِ فِي الْخَمِيسِ الَّذِي يَلِيهِ وَالطَّحِينَةِ بِالسُّكْرِ فِي السَّبْتِ الَّذِي يَلِيهِ وَالْبُنْدُقِ الَّذِي يُؤْخَذُ فِي رَأْسِ السَّنَةِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أُوقِيَّةٌ) أَيْ بِالْحِجَازِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي) أَيْ لَا تَنْفَعُ، وَقَوْلُهُ عَنْهَا: أَيْ الْمَرْأَةِ، وَقَوْلُهُ شَيْئًا: أَيْ حَاجَةً (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الدُّهْنِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَزَيْتٍ إلَخْ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَدْهَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَبَرَّمَتْ) أَيْ تَضَجَّرَتْ (قَوْلُهُ: جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ أَصْلًا كَمَنْ تَنَامُ صَيْفًا بِنَحْوِ سَطْحٍ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِأَوَّلِ اللَّيْلِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِالسِّرَاجِ جَمِيعَ اللَّيْلِ لَا يَجِبُ.
وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ عَدَمِ وُجُوبِهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ إذْ هِيَ إطْفَاؤُهُ قَبْلَ النَّوْمِ لِلْأَمْرِ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ الْأَقْرَبُ وُجُوبُهُ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَوُجُوبِ الْحَمَّامِ لِمَنْ اعْتَادَتْهُ مَعَ كَرَاهَةِ دُخُولِهِ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا إبْدَالُهُ) أَيْ السِّرَاجِ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِهِ: أَيْ بِأَنْ تَصْرِفَهُ لِغَيْرِ السِّرَاجِ اهـ حَجّ.
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ تُرِكَ السِّرَاجُ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا) أَيْ وَهِيَ وَزْنُ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: لَا بِوَزْنِ بَغْدَادَ) وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا تَقْرِيبًا (قَوْلُهُ: فِي أَكْلِهِ)
تَنَاوُلِهِمْ لَهُ إلَّا نَادِرًا وَعَادَةُ أَهْلِ الْمُدُنِ رُخْصًا وَغَلَاءً، وَقَرَّبَهُ الْبَغَوِيّ بِقَوْلِهِ عَلَى مُوسِرٍ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلٌ وَمُتَوَسِّطٍ كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمُعْسِرٍ كُلَّ أُسْبُوعٍ، وَقَوْلُ طَائِفَةٍ لَا يُزَادُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ النَّصِّ لِأَنَّ فِيهِ كِفَايَةً لِمَنْ قَنَعَ مَرْدُودٌ، وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ وُجُوبِ أُدْمِ يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَهُمَا احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُوسِرِ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ اللَّحْمَ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً، وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (وَلَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ الْأُدْمُ) وَلَمْ يَنْظُرْ لِعَادَتِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ
(وَكُسْوَةٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى أُدْمٍ أَوْ عَلَى جُمْلَةِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ: أَيْ وَعَلَى زَوْجٍ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ كِسْوَةٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّهَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَلِأَنَّ الْبَدَنَ لَا يَقُومُ بِدُونِهَا كَالْقُوتِ، وَمِنْ ثَمَّ مَعَ كَوْنِ اسْتِمْتَاعِهِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ لَمْ يَكْفِ فِيهَا مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ (تَكْفِيهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِحَسَبِ بَدَنِهَا وَلَوْ أَمَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ حَيْثُ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ عَادَةِ أَهْلِ بَلَدٍ بِقَصْرِهَا كَثِيَابِ الرِّجَالِ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَهَا ذِرَاعًا كَمَا فِي خَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ نِصْفِ سَاقِهَا أُجِيبَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ سِتْرِهَا الَّذِي حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَقْدِيرِهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِمُشَاهَدَةِ كِفَايَةِ الْبَدَنِ الْمَانِعَةِ مِنْ وُقُوعِ تَنَازُعٍ فِيهَا، وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ حَرًّا وَبَرْدًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا لِلنَّوْمِ ثَوْبًا وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَجَوْدَتُهَا وَضِدُّهَا بِيَسَارِهِ وَضِدِّهِ.
(فَيَجِبُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ) أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَادَةِ مَحَلِّهَا (وَخِمَارٌ) لِرَأْسِهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَذَلِكَ، وَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْخِمَارِ وَالْمِقْنَعَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِمَا أَوْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ (وَمِكْعَبٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَوْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَوْ نَحْوِهِ يُدَاسُ فِيهِ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ عِنْدَ اعْتِيَادِهِ إلَّا أَنْ لَا يُعْتَادَ كَأَهْلِ الْقُرَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيُوَجَّهَ بِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالسِّرَاجِ وَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ فَإِنْ أَرَادَهُ لِنَفْسِهِ هَيَّأَهُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْأُدُمُ) وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عَكْسِهِ بِأَنْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْأُدُمَ وَحْدَهُ فَيَجِبُ الْخُبْزُ: أَيْ بِأَنْ يَدْفَعَ لَهَا الْحَبَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ قُوتُهُمْ الْغَالِبُ اللَّحْمَ وَالْأَقِطَ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَا هُنَا قُوتُهُ الْحَبُّ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِلْأُدُمِ فَوَجَبَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ الَّذِي ذُكِرَ بِأَنْ يُقَالَ هُوَ فِيمَنْ قُوتُهُ الْأُدُمُ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِلْخُبْزِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَكِسْوَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْكِسْوَةِ وَالْفِرَاشِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا الْمِنْدِيلُ الْمُعْتَادُ لِلْفِرَاشِ وَأَنَّهُ إنْ أَرَادَهُ حَصَّلَهُ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَحْصِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهِ) أَيْ وَهُوَ أَفْصَحُ اهـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ.
وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ الْكَسْرُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى) أَيْ لِقُرْبِ الْعَامِلِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تَكْفِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كِفَايَتِهَا بِأَوَّلِ فَجْرِ الْفَصْلِ، فَلَوْ كَانَتْ هَزِيلَةً عِنْدَهُ وَجَبَ مَا يَكْفِيهَا وَإِنْ سَمِنَتْ فِي بَاقِيهِ مَرَّ.
[فَرْعٌ] لَوْ اعْتَادُوا الْعُرْيَ وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَلْ تَجِبُ بَقِيَّةُ الْكِسْوَةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْأَرِقَّاءِ إذَا اعْتَادُوا الْعُرْيَ أَوْ يَجِبُ سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي؟ الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْبَقِيَّةِ هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ كِسْوَةَ الزَّوْجَةِ تَمْلِيكٌ وَمُعَاوَضَةٌ وَإِنْ لَمْ تَلْبَسْهَا وَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهَا وَكِسْوَةُ الرَّقِيقِ إمْتَاعٌ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُعْتَادَ) أَيْ الْمِكْعَبُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ الْقُرَى) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَادُونَهُ فِي الْقُرَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي كَيْفِيَّتِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَطْبُوخًا أَوْ مَشْوِيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَرَّبَهُ الْبَغَوِيّ إلَخْ.) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ تَقْرِيبٌ لِحَالَةِ الرُّخْصِ خَاصًّا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي وَقْتِ الْغَلَاءِ فِي أَيَّامٍ مَرَّةً عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يُعْتَادَ كَأَهْلِ الْقُرَى) عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ: وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ
كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهَذَا فِي كُلٍّ مِنْ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (وَيَزِيدُ فِي الشِّتَاءِ) عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَحَلِّ الْبَارِدِ (جُبَّةً) مَحْشُوَّةً أَوْ نَحْوَهَا فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ حَاجَتِهَا أَوْ جِنْسِهَا: أَيْ الْكِسْوَةُ (قُطْنٍ) لِأَنَّهُ لِبَاسُ أَهْلِ الدِّينِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ تَرَفُّهٌ وَرُعُونَةٌ، فَعَلَى مُوسِرٍ لَيِّنَةٌ وَمُعْسِرٍ خَشِنَةٌ وَمُتَوَسِّطٌ مُتَوَسِّطَةٌ (فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّتِي هِيَ فِيهِ (لِمِثْلِهِ) مَعَ مِثْلِهَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ هُنَا (بِكَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ وَجَبَ) مُفَاوِتًا فِي مَرَاتِبِ ذَلِكَ الْجِنْسِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَضِدَّيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ (فِي الْأَصَحِّ) عَمَلًا بِالْعَادَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَيُقْتَصَرُ عَلَى الْقُطْنِ، وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَوْ اُعْتِيدَ بِمَحَلِّ لُبْسِ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَلَوْ أُدْمًا كَفَى، أَوْ لُبْسِ ثِيَابٍ رَفِيعَةٍ لَا تَسْتُرُ الْبَشَرَةَ أُعْطِيت مِنْ صَفِيقٍ يُقَارِبُهَا، وَيَجِبُ تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ تِكَّةِ سَرَاوِيلَ وَكُوفِيَّةٍ وَزِرٍّ نَحْوَ قَمِيصٍ أَوْ جُبَّةٍ أَوْ طَاقِيَّةٍ لِلرَّأْسِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ أُجْرَةَ الْخَيَّاطِ وَخَيْطَهُ عَلَيْهِ دُونَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الطَّحْنِ.
(وَيَجِبُ مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ) وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجِ (كَزِلِّيَّةِ) عَلَى مُتَوَسِّطٍ صَيْفًا وَشِتَاءً، وَهِيَ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِضْرَبٌ صَغِيرٌ، وَقِيلَ بِسَاطٌ كَذَلِكَ وَكَطَنْفَسَةٍ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ، وَقِيلَ كِسَاءٌ فِي الشِّتَاءِ وَنَطْعٌ فِي الصَّيْفِ عَلَى مُوسِرٍ، قَالَا: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا بَعْدَ بَسْطِ زِلِّيَّةِ وَحَصِيرٍ فَإِنَّهُمَا لَا يُبْسَطَانِ وَحْدَهُمَا (أَوْ لِبْدٌ) شِتَاءً (أَوْ حَصِيرٌ) صَيْفًا عَلَى فَقِيرٍ لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ (وَكَذَا) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مَعَ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْفِرَاشِ لِلنَّهَارِ (فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ) غَيْرُ فِرَاشِ النَّهَارِ (فِي الْأَصَحِّ) لِذَلِكَ فَيَجِبُ مُضَرِيَّةٌ لَيِّنَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ وَهِيَ دِثَارٌ مُخْمَلٌ وَقَوْلُ الْبَيَانِ بِاخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِزَوْجَةِ الْمُوسِرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَيَكْفِيهَا فِرَاشُ النَّهَارِ مَرْدُودٌ إذْ هُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ.
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَنَامُ عَلَى مَا تَفْرِشُهُ نَهَارًا، وَاعْتَرَضَ صَنِيعَهُمَا هَذَا بِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي كُتُبِ الطَّرِيقَيْنِ عَكْسُهُ مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَ كَذَا وَالْجَزْمُ فِيمَا بَعْدَهَا (وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَ) يَجِبُ لَهَا مَعَ ذَلِكَ (لِحَافٌ) أَوْ كِسَاءٌ (فِي الشِّتَاءِ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَرْدِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شِتَاءً، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ وُجُوبِهِ فِي الشِّتَاءِ مُطْلَقًا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَحَلِّ الْبَارِدِ فِي غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ، أَمَّا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْبَرْدِ وَلَوْ فِي وَقْتِ الشِّتَاءِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ فَيَجِبُ لَهَا رِدَاءٌ أَوْ نَحْوُهُ إنْ كَانُوا مِمَّنْ يَعْتَادُونَ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ أَوْ يَنَامُونَ عَرَايَا كَمَا هُوَ السُّنَّةُ، وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ هَذَا كُلِّهِ كَالْجُبَّةِ إلَّا وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَادَةً (وَ) يَجِبُ لَهَا أَيْضًا (آلَةُ تَنْظِيفٍ) لِبَدَنِهَا وَثِيَابِهَا وَيَرْجِعُ فِي قَدْرِ ذَلِكَ وَوَقْتِهِ لِلْعَادَةِ (كَمُشْطٍ) قَالَ الْقَفَّالُ: وَخِلَالٌ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ وُجُوبُ السِّوَاكِ بِالْأَوْلَى (وَدُهْنٌ) كَزَيْتٍ وَلَوْ مُطَيَّبًا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ لِجَمِيعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: جُبَّةً) مِثْلُ غُرْفَةٍ اهـ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: مُعْتَبَرٌ هُنَا) أَيْ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ الْحَبِّ وَالْأُدُمِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بِمَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ (قَوْلُهُ مُفَاوِتًا) أَيْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُدْمًا) أَيْ جِلْدًا (قَوْلُهُ مِنْ صَفِيقٍ يُقَارِبُهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا بِتَوْسِعَةِ ثِيَابِهِمْ إلَى حَدٍّ تَظْهَرُ مَعَهُ الْعَوْرَةُ أُعْطِيت مِنْهُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ مَعَ مُقَارَبَتِهِ لِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ تِكَّةٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: وَخَيْطُهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ فَعَلَتْهُ بِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَكَطَنْفَسَةٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ.
وَفِي الْخَطِيبِ هِيَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ بِسَاطٌ صَغِيرٌ إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِلشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَنِطْعٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يَعْتَادُ لِمِثْلِهَا (قَوْلُهُ: مُخْمَلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُخَفَّفَةً اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَخْمَلَهُ إذَا جَعَلَ لَهُ خُمْلًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَفْرِشُهُ) بِالضَّمِّ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ الطَّرِيقَيْنِ) أَيْ الْمَرَاوِزَةِ وَالْعِرَاقِيِّينَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ طَاقِيَّةٍ لِلرَّأْسِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَمِيصٍ: أَيْ وَزِرِّ طَاقِيَّةٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُقَالُ لَهُ زِنَاقٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِسَاطٌ كَذَلِكَ) أَيْ صَغِيرٌ
الْبَدَنِ (وَمَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ) عَادَةً مِنْ سِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَمَرْتَكٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ (وَنَحْوُهُ) كَإِسْفِيذَاجٍ وَتُوتْيَا وَرَاسَخَتٍ (لِدَفْعِ صُنَانٍ) إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِنَحْوِ رَمَادٍ لِتَأَذِّيهَا بِبَقَائِهِ، وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ نَحْوِ الْمَرْتَكِ لِلشَّرِيفَةِ وَإِنْ قَامَ التُّرَابُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ تَعْتَدَّهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا عَدَمُ وُجُوبِ آلَةِ تَنْظِيفٍ لِبَائِنٍ حَامِلٍ وَإِنْ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا كَالرَّجْعِيَّةِ، نَعَمْ يَجِبُ لَهَا مَا يُزِيلُ شُعْثَهَا فَقَطْ وَوُجُوبُهُ لِمَنْ غَابَ عَنْهَا (لَا كُحْلٌ وَخِضَابٌ وَمَا يَزِينُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ كَطِيبٍ وَعِطْرٍ لِأَنَّهُ لِزِيَادَةِ التَّلَذُّذِ فَهُوَ حَقُّهُ، فَإِنْ أَرَادَهُ هَيَّأَهُ وَلَزِمَهَا اسْتِعْمَالُهُ، وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمَرْأَةَ السَّلْتَاءَ» أَيْ الَّتِي لَا تَخْتَضِبُ، " وَالْمَرْهَاءَ " أَيْ الَّتِي لَا تَكْتَحِلُ مِنْ الْمَرَهِ بِفَتْحَتَيْنِ: أَيْ الْبَيَاضُ، ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ لِيُكْرِهَهَا وَيُفَارِقَهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا غَيْرُهُ «إنِّي لَأَبْغَضُ الْمَرْأَةَ السَّلْتَاءَ وَالْمَرْهَاءَ» وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُزَوَّجَةِ.
أَمَّا الْخَلِيَّةُ فَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْإِحْرَامِ وَشُرُوطِ الصَّلَاةِ
(وَدَوَاءُ مَرَضٍ وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحَاجِمٍ) وَفَاصِدٍ وَخَاتِنٍ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَصْلِ (وَلَهَا طَعَامُ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَأُدْمُهَا) وَكِسْوَتُهَا وَآلَةُ تَنَظُّفِهَا وَتَصَرُّفُهُ لِلدَّوَاءِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لَهُ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ أُجْرَةِ حَمَّامٍ) لِمَنْ اعْتَادَتْهُ: أَيْ وَلَا رِيبَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ تَدْخُلُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ مَثَلًا مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ (بِحَسَبِ الْعَادَةِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فِي الشَّهْرِ فَهُوَ لِلتَّمْثِيلِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ دُخُولِهِ وَإِنْ كُرِهَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ حَرُمَ دُخُولُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ حَادِثَةٍ مُسْتَدِلًّا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ مُصَرِّحَةٍ بِمَنْعِهِ، وَأَطَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ.
وَالثَّانِي لَا تَجِبُ إلَّا إنْ اشْتَدَّ الْبَرْدُ وَعَسُرَ الْغُسْلُ فِي غَيْرِ الْحَمَّامِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ بِحَيْثُ اقْتَضَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا إخْلَاءَ الْحَمَّامِ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إخْلَاؤُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَأَفْتَى فِيمَنْ يَأْتِي أَهْلَهُ فِي الْبَرْدِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ بَذْلِ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَلَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلُ فِي الْبَيْتِ لِخَوْفِ نَحْوِ هَلَاكٍ بِعَدَمِ جَوَازِ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى وَطِئَهَا لَيْلًا لَمْ تَغْتَسِلْ قَبْلَ الصُّبْحِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بِنَحْوِ رَمَادٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ سِرْجِينٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا تَضَمَّخَ بِهَا عَبَثًا (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُهُ) أَيْ مَا يُزِيلُ الشَّعَثَ (قَوْلُهُ: لِمَنْ غَابَ عَنْهَا) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ فِيمَنْ غَابَ عَنْهَا، فَإِنَّ التَّنَظُّفَ إنَّمَا يُطْلَبُ لِلزَّوْجِ وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ فِيهَا بِمَا يُزِيلُ شَعَثَهَا، هَذَا إنْ رَجَعَ ضَمِيرُ وُجُوبِهِ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّنَظُّفُ، فَإِنْ رَجَعَ لِمَا يُزِيلُ الشَّعَثَ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَمَا يَزِينُ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ فِي الْأَصْدَاغِ وَنَحْوِهَا لِلنِّسَاءِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ، لَكِنْ إذَا أَحْضَرَهُ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ إذَا طَلَبَ تَزَيُّنَهَا بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَهُ هَيَّأَهُ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ اسْتِعْمَالِهِ مِنْهَا صَرِيحًا بَلْ يَكْفِي فِي اللُّزُومِ الْقَرِينَةُ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَخْتَضِبُ) أَيْ بِالْحِنَّاءِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَمَلَهُ) أَيْ الْمَاوَرْدِيُّ
(قَوْلُهُ: وَدَوَاءُ مَرَضٍ) عَطْفٌ عَلَى كُحْلٍ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِحِفْظِ الْأَصْلِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِمَا يُزِيلُ مَا يُصِيبُهَا مِنْ الْوَجَعِ الْحَاصِلِ فِي بَاطِنِهَا وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّوَاءِ، وَكَذَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ عَمَلِ الْعَصِيدَةِ وَاللُّبَابَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهَا مِنْ النِّسَاءِ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّفَقَةِ بَلْ وَلَا مِمَّا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ أَصْلًا وَلَا نَظَرَ لِتَأَذِّيهَا بِتَرْكِهِ، فَإِنْ أَرَادَتْهُ فَعَلَتْ مِنْ عِنْدِهَا نَفْسَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ) أَيْ لِلنِّسَاءِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى دُخُولِهَا رُؤْيَةُ عَوْرَةِ غَيْرِهَا أَوْ عَكْسُهُ وَإِلَّا حَرُمَ، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْمُرَهَا حِينَئِذٍ بِتَرْكِهِ كَبَقِيَّةِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنْ أَبَتْ إلَّا الدُّخُولَ لَمْ يَمْنَعْهَا وَيَأْمُرُهَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْغَضِّ عَنْ رُؤْيَةِ عَوْرَةِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ جَوَازِ امْتِنَاعِهَا)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَالرَّجْعِيَّةِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَجِبُ لَهَا آلَةُ تَنْظِيفٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُهُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى عَدَمُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ فَقِيرٍ فَلْيُرَاجَعْ
وَتَفُوتُهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَفِي فَتَاوَى الْأَحْنَفِ نَحْوُهُ (وَثَمَنُ مَاءِ غُسْلِ) مَا تَسَبَّبَ عَنْهُ لِنَحْوِ مُلَاعَبَةٍ أَوْ (جِمَاعٍ) مِنْهُ (وَنِفَاسٍ) مِنْهُ يَعْنِي وِلَادَةً وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ عَدَمُ لُزُومِ مَاءٍ لَلسُّنَّةِ بَلْ الْوُجُوبُ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ بِالْأَصَالَةِ الْمَاءُ لَا ثَمَنُهُ (لَا حَيْضٌ وَاحْتِلَامٌ فِي الْأَصَحِّ) وَأُلْحِقَ بِهِ اسْتِدْخَالُهَا لِذَكَرِهِ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِانْتِفَاءِ صُنْعِهِ كَغُسْلِ زِنَاهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَوِلَادَتِهَا مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَمَاءُ هَذِهِ عَلَيْهَا دُونَ الْوَاطِئِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَوْنِهِ زَوْجًا وَبِفِعْلِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ يُنْظَرُ إلَى وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَيْهَا، وَفِي الثَّانِي يُنْظَرُ إلَى حَاجَتِهَا، وَفَارَقَ الزَّوْجُ غَيْرَهُ بِأَنَّهُ لَهُ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا مَاءُ وُضُوءٍ وَجَبَ بِتَسَبُّبِهِ فِيهِ كَلَمْسِهِ وَإِنْ شَارَكَتْهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَاءُ غُسْلِ مَا تَنَجَّسَ مِنْ بَدَنِهَا أَوْ ثِيَابِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِتَسَبُّبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ كَمَاءِ نَظَافَتِهَا بَلْ أَوْلَى
(وَلَهَا) عَلَيْهِ أَيْضًا (آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ كَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَمِغْرَفَةٍ (وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَنَحْوِهَا) كَإِجَّانَةٍ تَغْسِلُ ثِيَابَهَا فِيهَا، إذْ الْمَعِيشَةُ لَا تَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إبْرِيقُ الْوُضُوءِ وَالسِّرَاجُ وَمَنَارَتُهُ إنْ اُعْتِيدَتْ وَيَرْجِعُ فِي جِنْسِ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَيْهَا كَالنُّحَاسِ لِلشَّرِيفَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْخَزَفِ لِغَيْرِهَا وَيُفَاوِتُ فِيهِ الْمُوسِرُ وَضِدَّيْهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ
(وَ) لَهَا أَيْضًا عَلَيْهِ (مَسْكَنٌ) تَأْمَنُ فِيهِ لَوْ خَرَجَ عَنْهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَإِنْ قَلَّ لِلْحَاجَةِ بَلْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَكَالْمُعْتَدَّةِ بَلْ أَوْلَى (يَلِيقُ بِهَا) عَادَةً لِعَدَمِ مِلْكِهَا إبْدَالَهُ إذْ هُوَ إمْتَاعٌ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُمَا أَوْ إبْدَالِهِمَا فَاعْتُبِرَا بِهِ لَا بِهَا، وَلَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مَنْزِلِهَا بِإِذْنِهَا أَوْ لِامْتِنَاعِهَا مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ أَوْ فِي مَنْزِلٍ نَحْوَ أَبِيهَا بِإِذْنِهِ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ النُّقْلَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةٌ إذْ الْإِذْنُ الْعَارِي عَنْ ذِكْرٍ عِوَضُ مَنْزِلٍ عَلَى الْإِعَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ بِخِلَافِهِ مَعَ السُّكُوتِ كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ قُبَيْلَ الِاسْتِبْرَاءِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَعَلَيْهِ فَتُطَالِبُهُ بَعْدَ التَّمْكِينِ بِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ بِالرَّفْعِ لِقَاضٍ (قَوْلُهُ: وَتَفُوتُهَا) أَيْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَيَأْمُرُهَا) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ وَنِفَاسٍ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ غَالِبِهِ أَوْ أَكْثَرِهِ فَأَخَذَتْ مِنْهُ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ عَادَ عَلَيْهَا الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إبْدَالُ الْأُجْرَةِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مِنْ بَقَايَا الْأَوَّلِ وَعُذْرُهَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجِبُ إبْدَالُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ دَفَعَ لَهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَنَحْوِهَا وَتَلِفَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُجَدَّدُ فِيهِ عَادَةً حَيْثُ لَا يُبَدَّلُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَائِمٌ) أَيْ وَلَوْ اسْتَيْقَظَ وَنَزَعَ ثُمَّ أَعَادَ لِحُصُولِ الْجَنَابَةِ بِفِعْلِهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الزَّوْجَ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ الزَّانِي وَالْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ثِيَابُهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَهَاوَنَتْ فِي سَبَبِ ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ مِنْهَا وَخَالَفَتْ عَادَةَ أَمْثَالِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا مَانِعَ مِنْهُ.
وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ فِي بَدَنِهَا لِكَثْرَةِ نَحْوِ عَرَقِهَا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ لِأَنَّ إزَالَتَهُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَمِغْرَفَةٌ) وَالْمِغْرَفَةُ بِالْكَسْرِ مَا يُغْرَفُ بِهِ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: إبْرِيقُ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمُصَلِّينَ (قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَيْهَا) أَيْ عَادَةً
(قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِمُؤْنِسَةٍ حَيْثُ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا، فَلَوْ لَمْ تَأْمَنْ أَبْدَلَ لَهَا الْمَسْكَنَ بِمَا تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فِيهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيهِ الْغَلَطُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَمَالُهَا) أَيْ أَوْ اخْتِصَاصُهَا (قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَا بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ مَعَ السُّكُوتِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا مَعَ سُكُوتِهَا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا وَسُكُوتُ أَبِيهَا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيمَا ذُكِرَ، لَكِنْ هَذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِلسُّنَّةِ) أَيْ سُنَّةِ الْغُسْلِ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، أَمَّا مَاءُ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ فَمَعْلُومٌ عَدَمُ وُجُوبِهِ مِمَّا يَأْتِي بِالْأُولَى
(قَوْلُهُ: فَاعْتَبِرُوا بِهِ لَا بِهَا) هُوَ مُسَلَّمٌ فِي النَّفَقَةِ لَا فِي الْكِسْوَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا
(وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِغَيْرِهِ كَمُعَارٍ وَمُسْتَأْجَرٍ وَلَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ
(وَعَلَيْهِ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا بِأَنْ كَانَتْ حُرَّةً وَمِثْلُهَا يُخْدَمُ عَادَةً فِي بَيْتِ أَبِيهَا) مَثَلًا، بِخِلَافِ مَنْ لَا تُخْدَمُ فِيهِ وَإِنْ حَصَلَ لَهَا شَرَفٌ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ يُعْتَادُ لِأَجْلِهِ إخْدَامُهَا لِأَنَّ الْأُمُورَ الطَّارِئَةَ لَا تُعْتَبَرُ (إخْدَامُهَا) وَلَوْ بَدْوِيَّةً لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَبَائِنًا حَامِلًا لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا، وَحَيْثُ وَجَبَ فَوَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرُ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَمْرَضْ وَتَحْتَجْ فَيَجِبْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَهُ مَنْعُ مَنْ لَا تُخْدَمُ مِنْ إدْخَالِ وَاحِدَةٍ وَمَنْ تُخْدَمُ وَلَيْسَتْ مَرِيضَةً مِنْ إدْخَالِ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ دَارِهِ سَوَاءٌ أُكَنَّ مِلْكَهَا أَمْ بِأُجْرَةٍ وَالزَّوْجَةُ مُطْلَقًا مِنْ زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا وَإِنْ اُحْتُضِرَا وَشُهُودِ جِنَازَتِهِمَا وَمَنْعِهِمَا مِنْ دُخُولِهِمَا لَهَا كَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءً إلَيْهِ فَلَهُ إخْدَامُهَا (بِحُرَّةٍ) وَلَوْ مُتَبَرِّعَةً، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: لَهَا الِامْتِنَاعُ لِلْمِنَّةِ، يُرَدُّ بِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا تَبَرَّعَتْ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا (أَوْ أَمَةٍ لَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ) إنْ رَضِيَ بِهَا أَوْ صَبِيٍّ غَيْرِ مُرَاهِقٍ أَوْ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ مَمْسُوحٍ أَوْ عَبْدِهَا أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لَهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لَا ذِمِّيَّةٍ لِمُسْلِمَةٍ وَلَا عَكْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا كَبِيرٍ وَلَوْ شَيْخَاهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي كَالْإِسْنَوِيِّ، وَلَهَا الِامْتِنَاعُ إذَا أَخَدَمَهَا أَحَدَ أُصُولِهَا كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَوَلَّى خِدْمَتَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي مِنْهُ غَالِبًا أَوْ تَتَعَيَّرُ بِهِ، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَنْ تَتَوَلَّى خِدْمَةَ نَفْسِهَا لِيَتَوَفَّرَ لَهَا مُؤْنَةُ الْخَادِمِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ مُبْتَذَلَةً، وَلَوْ قَالَ أَنَا أَخْدُمُك لِتَسْقُطَ عَنِّي مُؤْنَةُ الْخَادِمِ لَمْ تُجْبَرْ هِيَ، وَلَوْ فِيمَا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ كَغَسْلِ ثَوْبٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ وَطَبْخٍ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَسْتَحِي مِنْهُ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ قَطْعًا تَبِعَ فِيهِ الْقَفَّالَ، وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا ابْتِدَاءً مَا إذَا أَخَدَمَهَا مَنْ أَلِفَتْهَا أَوْ حَمَلَتْ مَأْلُوفَةً مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ إبْدَالُهَا مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ أَوْ خِيَانَةٍ وَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَسَبَقَ فِي الْإِجَارَةِ.
وَيَأْتِي آخِرَ الْأَيْمَانِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْخِدْمَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ لِإِنَاطَةِ كُلٍّ بِعُرْفٍ يَخُصُّهُ (وَسَوَاءٌ فِي هَذَا) أَيْ وُجُوبُ الْإِخْدَامِ بِشَرْطِهِ (مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ وَعَبْدٌ) كَسَائِرِ الْمُؤَنِ، وَمَا اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُعْسِرِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوجِبْ لِفَاطِمَةَ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنهما خَادِمًا لِإِعْسَارِهِ مَرْدُودٌ بِعَدَمِ ثُبُوتِ تَنَازُعِهِمَا فِيهِ فَلَمْ يُوجِبْهُ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ عَدَمِ إيجَابِهِ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ فَلِمَا طُبِعَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمُسَامَحَةِ بِحُقُوقِهِ وَحُقُوقِ أَهْلِهِ عَلَى أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمِلَةٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا (فَإِنْ أَخَدَمَهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا) أَيْ الْأُجْرَةَ (أَوْ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا) وَلَوْ أَمَتَهَا (لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا) لَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نَقَلَهُ قُبَيْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا سَكَنَ بِالْإِذْنِ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَّ مَفْهُومَهُ فَالْمُرَادُ بِمَا مَرَّ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَثْبُتُ بَدَلُ الْمَسْكَنِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ إذَا لَمْ يَسْكُنْهَا مُدَّةً لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ
(قَوْلُهُ: فَوَاحِدَةٌ) أَيْ فَالْوَاجِبُ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا شَرِيفَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُمَا مِنْ دُخُولِهِمَا لَهَا) أَيْ وَإِنْ اُحْتُضِرَتْ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ يَقُومُ بِتَمْرِيضِهَا (قَوْلُهُ: كَوَلَدِهَا) أَوْ وَلَوْ صَغِيرًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَةٌ لَهُ) يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى شِرَاءِ أَمَةٍ وَلَا عَلَى اسْتِئْجَارِ حُرَّةٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا فِي الْخِدْمَةِ الْبَاطِنَةِ أَمَّا الظَّاهِرَةُ فَتَتَوَلَّاهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَالْمَمَالِيكِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَوَلَّى خِدْمَتَهَا بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ نَحْوَ طَبْخٍ اهـ حَجّ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجٍ) شَمِلَ زَوْجًا غَيْرَهُ سَابِقًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَمْلُوكَةٌ لَهُ أَوْ لَهَا) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ، إذْ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِحُرَّةٍ لَا عَلَى قَوْلِهِ مِنْ حُرَّةٍ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنَا أَخْدُمُك إلَخْ.) تَقَدَّمَ قَرِيبًا مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا لَا تَسْتَحِي مِنْهُ) أَيْ فِي الْعَادَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي وَتَسْتَحْيِي مِنْهُ
قَوْلِهِ أَوَّلًا أَوْ بِالْإِنْفَاقِ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَيَانِ أَقْسَامِ وَاجِبِ الْإِخْدَامِ وَهَذَا لِبَيَانِ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدٌ تِلْكَ الْأَقْسَامَ مَا الَّذِي يَلْزَمُهُ.
فَقَوْلُهُ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مُكَرَّرٌ اسْتِرْوَاحٌ، وَتَمْلِكُ نَفَقَةَ مَمْلُوكِهَا الْخَادِمِ لَهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لَا نَفَقَةَ الْحُرَّةِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ بَلْ تَمْلِكُهَا الْخَادِمَةُ كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا لَكِنْ لِلزَّوْجَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا لَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَةِ مَمْلُوكَتِهِ وَلَا مُسْتَأْجَرَةٍ (وَجِنْسُ طَعَامِهَا) أَيْ الَّتِي صَحِبَتْهَا (جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ) لَكِنْ يَكُونُ أَدْوَنَ مِنْهُ نَوْعًا لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ (وَهُوَ) مِنْ جِهَةِ الْمِقْدَارِ (مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) إذْ النَّفْسُ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) عَلَيْهِ مُدٌّ (فِي الصَّحِيحِ) كَالْمُعْسِرِ وَكَأَنَّ وَجْهَ إلْحَاقِهِمْ لَهُ بِهِ هُنَا لَا فِي الزَّوْجِيَّةِ أَنَّ مَدَارَ نَفَقَةِ الْخَادِمِ عَلَى سَدِّ الضَّرُورَةِ لَا الْمُوَاسَاةِ، الْمُتَوَسِّطُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَسَاوَى الْمُعْسِرَ بِخِلَافِ الْمُوسِرِ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ مُدٌّ وَثُلُثٌ كَالْمُوسِرِ، وَالثَّالِثُ مُدٌّ وَسُدُسٌ لِيَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ فِي الْخَادِمَةِ كَالْمَخْدُومَةِ (وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ) وَوَجْهُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمَةِ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثُلُثَا نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ عَلَيْهِ فَجُعِلَ الْمُوسِرُ كَذَلِكَ إذْ الْمُدُّ وَالثُّلُثُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ (وَلَهَا) أَيْ الَّتِي صَحِبَتْهَا (كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا) فَتَكُونُ دُونَ كِسْوَةِ الْمَخْدُومَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا كَقَمِيصٍ وَنَحْوَ مُكْعِبٍ وَجُبَّةٍ شِتَاءً كَالْعَادَةِ، وَكَذَا مِقْنَعَةٌ وَمِلْحَفَةٌ وَخُفٌّ لِحُرَّةٍ وَأَمَةٍ شِتَاءً وَصَيْفًا، وَنَحْوُ قُبَعٍ لِذَكَرٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ وُجُوبُ الْخُفِّ وَالرِّدَاءِ لِلْمَخْدُومَةِ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الضَّرُورَاتِ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، وَبِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِلْمَخْدُومَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْإِزَارِ الَّذِي يَسْتُرُهَا مِنْ فَرْقِهَا إلَى قَدِمَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمَ وُجُوبِ الْخُفِّ لِلْمَخْدُومَةِ، وَمَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ كَحَصِيرٍ صَيْفًا وَقِطْعَةِ لِبَدٍ شِتَاءً وَمِخَدَّةٍ كَمَا صَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَمَا تَتَغَطَّى بِهِ لَيْلًا شِتَاءً كَكِسَاءٍ، وَلَوْ احْتَاجَتْ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ إلَى حَطَبٍ أَوْ فَحْمٍ وَاعْتَادَتْهُ وَجَبَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ اعْتَادَتْ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ زِبْلَ نَحْوِ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ (وَكَذَا) لَهَا (أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْعَيْشَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ كَجِنْسِ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ وَدُونِهِ نَوْعًا وَقَدْرُهُ بِحَسَبِ الطَّعَامِ، وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ اللَّحْمِ لَهُ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِهِ.
وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَيَكْتَفِي بِمَا فَضَلَ مِنْ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ (لَا آلَةُ تَنَظُّفٍ) فَلَا تَجِبُ لَهَا لِأَنَّ اللَّائِقَ بِحَالِهَا عَدَمُهُ لِئَلَّا تَمْتَدَّ إلَيْهَا الْأَعْيُنُ (فَإِنْ كَثُرَ وَسَخٌ وَتَأَذَّتْ) الْأُنْثَى وَنَصَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْأَغْلَبُ وَإِلَّا فَالذَّكَرُ كَذَلِكَ (بِقُمَّلٍ وَجَبَ أَنْ تَرِفَّهُ) بِأَنْ تُعْطَى مَا يُزِيلُ ذَلِكَ (وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ إنْ احْتَاجَتْ إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا) وَلَوْ أَمَةً بِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ لِلضَّرُورَةِ (وَلَا إخْدَامَ لِرَقِيقَةٍ) أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ فِي زَمَنِ صِحَّتِهَا وَلَوْ جَمِيلَةً لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهَا (وَفِي الْجَمِيلَةِ وَجْهٌ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ وَقَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ لِعُرُوضِ سَبَبِ مَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ (وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ امْتِنَاعٌ) لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ فَأَشْبَهَ الْخَادِمَ الْمَعْلُومَ مِمَّا قَدَّمَهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) مُرَادُهُ الْمَحَلِّيُّ رحمه الله (قَوْلُهُ اسْتِرْوَاحٍ) أَيْ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ: مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) اُنْظُرْ مَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الْأَقَلَّ عَكْسَ مَا قَدَّمَهُ فِي الزَّوْجَةِ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ قَصْدُ الْمُعَادَلَةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَظِيرُ الِاحْتِبَاكِ الَّذِي هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ تَرْكِيبَيْنِ يُحْذَفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نَظِيرَ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَالرِّدَاءُ) اسْمٌ لِلْإِزَارِ الْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتَاجَتْ) أَيْ الْخَادِمَةُ وَمِثْلُهَا الزَّوْجَةُ بِالْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ احْتِيَاجِهَا لَهُ اسْتِغْنَاءً بِاللِّبَاسِ الْمَطْلُوبِ لَهَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَسِّطُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ أَنَّ مَدَارَ نَفَقَةِ الْخَادِمِ إلَخْ. الصَّرِيحُ فِي أَنَّ وَاجِبَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، نَعَمْ يُرَدُّ الْمُوسِرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتَاجَتْ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ إلَى حَطَبٍ إلَخْ.) هَذَا فِي الرَّوْضِ إنَّمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الزَّوْجَةِ دُونَ الْخَادِمَةِ عَكْسُ مَا فِي الشَّرْحِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ) يَعْنِي: أَنَّ حُكْمَ الْمَسْكَنِ الْإِمْتَاعُ
وَذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ لَهُ نَقْلَ زَوْجَتِهِ مِنْ حَضَرٍ لِبَادِيَةٍ وَإِنْ خَشِنَ عَيْشُهَا لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُقَدَّرَةٌ: أَيْ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ.
وَأَمَّا خُشُونَةُ عَيْشِ الْبَادِيَةِ فَهِيَ بِسَبِيلٍ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهَا بِالْإِبْدَالِ كَمَا مَرَّ، قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ سَدُّ طَاقِ مَسْكَنِهَا عَلَيْهَا، وَلَهُ إغْلَاقُ الْبَابِ عَلَيْهَا عِنْدَ خَوْفِ لُحُوقِ ضَرَرٍ لَهُ مِنْ فَتْحِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَحْوِ غَزْلٍ وَخِيَاطَةٍ فِي مَنْزِلِهِ اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ زَمَنِ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي يُرِيدُهُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ بِهِ، وَفِي سَدِّ الطَّاقَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى طَاقَاتٍ لَا رِيبَةَ فِي فَتْحِهَا وَإِلَّا فَلَهُ السَّدُّ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِوُجُوبِهِ فِي طَاقَاتٍ تَرَى الْأَجَانِبَ مِنْهَا: أَيْ وَعُلِمَ مِنْهَا تَعَمُّدُ رُؤْيَتِهِمْ (وَ)(فِي) مَا يُسْتَهْلَكُ (كَطَعَامٍ) لَهَا أَوْ لِخَادِمِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا (تَمْلِيكٌ لِلْحُرَّةِ) وَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا أَنَّ الْحُرَّةَ وَسَيِّدَ الْأَمَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا (يَتَصَرَّفُ فِيهِ) بِمَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا مَعَ غَرَضِ التَّقْسِيمِ وَطَّأَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا تَمْلِيكُهَا حَبًّا (فَلَوْ قَتَرَتْ) أَيْ ضَيَّقَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِثْلُهَا فِي هَذَا سَيِّدُ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِمَا يَضُرُّهَا) وَلَوْ بِأَنْ يُنَفِّرَهُ عَنْهَا أَوْ بِمَا يَضُرُّ خَادِمَهَا (مَنَعَهَا) لِحَقِّ التَّمَتُّعِ
(وَمَا دَامَ نَفْعُهُ كَكِسْوَةٍ) وَمِنْهَا الْفِرَاشُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ (وَظُرُوفِ طَعَامٍ) لَهَا وَمِنْهُ الْمَاءُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا (وَمُشْطٍ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ آلَاتِ التَّنْظِيفِ (تَمْلِيكٌ) كَالطَّعَامِ بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ وَاسْتِقْلَالِهَا بِأَخْذِهِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِلْكَهُ وَتَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا شَاءَتْ إلَّا أَنْ تَقْتُرَ وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَلَا تَسْقُطُ بِمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ، فَلَوْ لَبِسَتْ الْمُسْتَعَارَ وَتَلِفَ: أَيْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ فَضَمَانُهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعِيرُ وَهِيَ نَائِبَةٌ عَنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمُسْتَأْجَرِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهَا ذَلِكَ عَنْ كِسْوَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ وَالْكَلَامُ حَيْثُ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَكَلَتْ غَيْرُ الرَّشِيدَةِ مَعَهُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ.
[فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَفِي الْكَافِي لَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدِيبَاجًا لِزَوْجَتِهِ وَزَيَّنَهَا بِذَلِكَ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ فِي الْإِهْدَاءِ وَالْعَارِيَّةِ صُدِّقَ، وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمَا مَرَّ آخِرَ الْعَارِيَّةِ وَالْقِرَاضِ، وَفِي الْكَافِي أَيْضًا: لَوْ جَهَّزَ بِنْتَه بِجِهَازٍ لَمْ تَمْلِكْهُ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ صِلْحَةً أَوْ صَبَاحِيَّةً كَمَا اُعْتِيدَ بِبَعْضِ الْبِلَادِ لَا تَمْلِكُهُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ قَصْدِ إهْدَاءٍ وَإِفْتَاءُ غَيْرِ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا مَصْرُوفًا لِلْعُرْسِ وَدَفْعًا وَصَبَاحِيَّةً فَنَشَزَتْ اسْتَرَدَّ الْجَمِيعَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ التَّقْيِيدُ بِالنُّشُوزِ لَا يَتَأَتَّى فِي الصَّبَاحِيَّةِ لِمَا قَرَرْته فِيهَا كَالْمَصْلَحَةِ، لِأَنَّهُ إنْ تَلَفَّظَ بِالْإِهْدَاءِ أَوْ قَصَدَهُ مَلَكَتْهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِلْكُهُ.
وَأَمَّا مَصْرُوفُ الْعُرْسِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِذَا صَرَفَتْهُ بِإِذْنِهِ ضَاعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّافِعُ: أَيْ الْمَهْرُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَرَدَّهُ وَإِلَّا فَلَا لِتَقَرُّرِهِ بِهِ فَلَا يُسْتَرَدُّ بِالنُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَاسْتَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَزِمَتْهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا مُقَدَّرَةٌ إلَخْ.) فِيهِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ جِنْسَهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْوَاجِبُ لَهَا فِي الْبَادِيَةِ إذَا أَبْدَلْته لَا يَكْفِيهَا كَمَا إذَا كَانَ قُوتُ الْبَادِيَةِ ذُرَةً وَهِيَ مُعْتَادَةٌ لِلْبُرِّ فَقَدْ يَكُونُ مُدُّ الذُّرَةِ لَا يُسَاوِي نِصْفَ مُدِّ بُرٍّ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يُقْرَأُ يُتَصَرَّفُ فِي الْمَتْنِ بِالْيَاءِ أَوَّلَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهَا) يَنْبَغِي أَوْ عَلَى خَادِمِهَا لِيُنَزَّلَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهَا (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا يَدُومُ نَفْعُهُ الْمُقَابِلُ لِمَا يُسْتَهْلَكُ فِي الْمَتْنِ؟ قُلْت: مَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ هُنَا أَنَّ مَا تَعَاطَاهُ إنَّمَا هُوَ لِاسْتِهْلَاكِهِ، وَإِنْ انْتَفَعَتْ بِهِ مُدَّةً
كَكُلِّ مَا يَكُونُ تَمْلِيكًا (وَقِيلَ إمْتَاعٌ) فَيَكْفِي نَحْوُ مُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ، وَلَا تَتَصَرَّفُ هِيَ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا كَالْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِهَذَيْنِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْكِسْوَةِ، وَاخْتِيرَ هَذَا فِي نَحْوِ فُرُشٍ وَلِحَافٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ تَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، لَكِنْ مَعَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ دَفْعُهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا يَجِبُ لَهَا، لَكِنْ فِي الصِّفَةِ دُونَ الْوَاجِبِ فَيَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِأَنَّ الصِّفَةَ الزَّائِدَةَ وَقَعَتْ تَابِعَةً فَلَمْ يَحْتَجْ لِلَّفْظِ، بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي الْجِنْسِ فَلَا تَمْلِكُهُ بِدُونِ لَفْظٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَيِّرُهَا قَاصِدًا تَجَمُّلَهَا بِهِ ثُمَّ يَسْتَرْجِعُهُ مِنْهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَ بِهِ الْهَدِيَّةَ مَلَكَتْهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَعْثٌ وَلَا إكْرَامٌ وَتَعْبِيرُهُمْ بِهِمَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ
(وَ) حِينَئِذٍ فَسُكُوتُهَا الْوَاجِبَةُ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ (تُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ) لِتَكُونَ عَنْ فَصْلِهِ وَفَصْلِ الرَّبِيعِ بَعْدَهُ (وَصَيْفٍ) لِيَكُونَ عَنْهُ وَعَنْ الْخَرِيفِ، هَذَا إنْ وَافَقَ وُجُوبُهَا أَوَّلَ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَإِلَّا أُعْطِيت وَقْتَ وُجُوبِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْأُجْرَةُ وَأَرْشُ مَا نَقَصَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الرَّشِيدَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ سَفِيهَةٍ وَصَغِيرَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهَا تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِأَمْتِعَتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيعِ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ طَبْخِهَا مَا يَأْتِي بِهِ الزَّوْجُ فِي الْآلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا وَأَكْلُ الطَّعَامِ فِيهَا وَتَقْدِيمُهَا لِلزَّوْجِ أَوْ لِمَنْ يَحْضُرُ عِنْدَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِإِتْلَافِهَا الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهَا، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اغْسِلْ ثَوْبِي وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أُجْرَةً بَلْ هُوَ أَوْلَى لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ كَثِيرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقَلَّ بِأَخْذِ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ مِنْهَا فَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِاسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْفِرَاشِ الْمُتَعَلَّقِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَصَرَّفُ) أَيْ عَلَى هَذَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا بِلَا قَصْدٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِمُجَرَّدِ إعْطَائِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ صَارِفٍ عَنْهُ.
قَالَ سم عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي عَدَمُ الصَّارِفِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْأَدَاءِ عَمَّا لَزِمَهُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خِلَافَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا اعْتِمَادُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي الْجِنْسِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ لَهَا فِي اللِّبَاسِ الْكَتَّانَ فَدَفَعَ لَهَا حَرِيرًا فَلَا تَمْلِكُهُ إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْوِيضَ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَيُعْطِي الْكِسْوَةَ إلَخْ) هَلْ هِيَ كَالنَّفَقَةِ فَلَا تُخَاصِمُ فِيهَا قَبْلَ تَمَامِ الْفَصْلِ كَمَا لَا تُخَاصِمُ فِي النَّفَقَةِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَوْ الْمُخَاصِمَةِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ أَوْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الدَّفْعِ حِينَئِذٍ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرَرَ بِتَأْخِيرِ الْكِسْوَةِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ إلَى آخِرِ الْيَوْمِ فِيهِ نَظَرٌ، الْمُتَّجَهُ الثَّانِي أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَى مَرَّ فَوَافَقَ عَلَى مَا اسْتَوْجَهَتْهُ فَلْيُرَاجَعْ.
قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْكِسْوَةُ هَذِهِ الْمُدَّةَ، فَلَوْ كَانُوا فِي بِلَادٍ لَا تَبْقَى فِيهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ لِفَرْطِ الْحَرَارَةِ أَوْ لِرَدَاءَةِ ثِيَابِهَا وَقِلَّةِ عَادَتِهَا اتَّبَعَتْ عَادَتَهُمْ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا يَعْتَادُونَ مَا يَبْقَى سَنَةً مَثَلًا كَالْأَكْسِيَةِ الْوَثِيقَةِ وَالْجُلُودِ كَأَهْلِ السَّرَاةِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، فَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ عَادَتِهِمْ، وَيُفْهَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اعْتَادُوا التَّجْدِيدَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَدَفَعَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فَلَمْ يَبْلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وُجُوبُ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ مَا أَخَذَتْهُ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُعْطِيت وَقْتَ وُجُوبِهَا) قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهَا تُعْطَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ مَكَّنَتْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ كَانَ وَقْتُ التَّمْكِينِ ابْتِدَاءَ الْفَصْلِ فِي حَقِّهَا فَتُعْطَى كِسْوَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَسْكَنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِسْوَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا تُسْتَهْلَكُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْته وَلِهَذَا الْتَحَقَ بِالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ عَلَى الصَّحِيحِ بِجَامِعِ الِاسْتِهْلَاكِ: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَمَّا كَانَ يَدُومُ نَفْعُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُسْتَهْلَكُ حَالًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِهَذَيْنِ) بِمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا فِي الِانْتِفَاعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ دَفَعَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا أُطْلِقَ فِي دَفْعِهِ
(قَوْلُهُ: هَذَا إنْ وَافَقَ وُجُوبَهَا إلَخْ.) وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ
ثُمَّ جَدَّدَتْ بَعْدَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ مَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَفُرُشِ وَبُسُطٍ وَجُبَّةٍ يُعْتَبَرُ فِي تَجْدِيدِهَا الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ تَلِفَتْ) الْكِسْوَةُ (فِيهِ) أَيْ أَثْنَاءِ الْفَصْلِ (بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُبَدَّلْ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ) كَنَفَقَةٍ تَلِفَتْ فِي يَدِهَا وَبِلَا تَقْصِيرٍ: أَيْ مِنْهَا، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا لَوْ بَلِيَتْ أَثْنَاءَ الْفَصْلِ لِسَخَافَتِهَا أَبْدَلَهَا لِتَقْصِيرِهِ (فَإِنْ) نَشَزَتْ أَثْنَاءَ الْفَصْلِ، سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ اتَّجَهَ عَوْدُهَا مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يُحْسَبُ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الْفَصْلِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ يَوْمِ النُّشُوزِ وَإِنْ (مَاتَتْ) أَوْ مَاتَ (فِيهِ) فِي أَثْنَائِهِ (لَمْ تَرُدَّ) إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لَمْ تَرُدَّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِهَا، فَإِنْ وَقَعَ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ قَبْلَ قَبْضِهَا وَجَبَ لَهَا مِنْ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ الْعِصْمَةِ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَنُقِلَ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وُجُوبُهَا كُلِّهَا وَإِنْ مَاتَتْ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِهِ الرُّويَانِيُّ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَأَطَالَ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ قَالَ: وَلَا يُهَوَّلُ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا كَيْفَ تَجِبُ كُلُّهَا بَعْدَ مُضِيِّ لَحْظَةٍ مِنْ الْفَصْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ جُعِلَ وَقْتًا لِلْإِيجَابِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ قَلِيلِ الزَّمَانِ وَطَوِيلِهِ: أَيْ وَمِنْ ثَمَّ مَلَكَتْهَا بِالْقَبْضِ وَجَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا، بَلْ لَوْ أَعْطَاهَا نَفَقَةً وَكِسْوَةً مُسْتَقْبَلَةً جَازَ وَمَلَكَتْ بِالْقَبْضِ وَجَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِيهَا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَيَسْتَرِدُّ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ، وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَوْلُهُمْ مَا وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ امْتَنَعَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ امْتِنَاعُ مَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ أَوْ فَصْلٍ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ سَبَبِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ أَوَّلُ فَجَازَ حِينَئِذٍ التَّعْجِيلُ مُطْلَقًا (وَلَوْ لَمْ يَكْسُ) هَا أَوْ يُنْفِقْهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ لِلشِّتَاءِ غَيْرُ الْمُنَاسِبِ لِلصَّيْفِ، وَالْفَصْلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَدْ يَكُونُ مُلَفَّقًا مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ.
هَذَا: وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ أَحَدِهِمَا فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي اهـ.
وَأَشَارَ بِمَا يَأْتِي إلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفُ عَلَى مُوسِرٍ لِزَوْجَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِيمَا لَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ عِنْدَ الْغُرُوبِ، لَكِنَّ حَاصِلَ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ الْقِسْطُ فَلْيُنْظَرْ مَا الْمُرَادُ بِالْقِسْطِ اهـ.
أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ قِيمَةَ مَا يَدْفَعُ إلَيْهَا عَنْ جَمِيعِ الْفَصْلِ فَيُقَسِّطَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَنْظُرَ لِمَا مَضَى قَبْلَ التَّمْكِينِ وَيَجِبُ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَشْتَرِي بِهِ لَهَا مِنْ جِنْسِ الْكِسْوَةِ مَا يُسَاوِيهِ وَالْخِيرَةُ لَهَا فِي تَعْيِينِهِ (قَوْلُهُ: كَفُرُشٍ) أَيْ وَأَثَاثٍ (قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ فِي تَجْدِيدِهَا الْعَادَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِ تَجْدِيدِهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى الْعَادَةِ وُجُوبُ إصْلَاحِهَا الْمُعْتَادِ كَالْمُسَمَّى بِالتَّنْجِيدِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ إصْلَاحُ مَا أَعَدَّهُ لَهَا مِنْ الْآلَةِ كَتَبْيِيضِ النُّحَاسِ (قَوْلُهُ: الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ) أَيْ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِيهَا لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ (قَوْلُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا لِمَا بَعْدَهُ بَلْ عَدَمُ الْإِبْدَالِ مَعَ التَّقْصِيرِ أَوْلَى بَلْ لِمُقَابِلِهِ وَهُوَ الْإِمْتَاعُ، أَمَّا مِنْهُ فَهُوَ قَيْدٌ لِمَا بَعْدَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا لَوْ إلَخْ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ دَفَعَهَا لَهَا قَبْلَ النُّشُوزِ اسْتَرَدَّهَا لِسُقُوطِهَا عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ ادَّعَى النُّشُوزَ لَسَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ أَوَاخِرَ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ وَمِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى سُقُوطَهُ بِنُشُوزِهَا فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُهَوَّلُ عَلَيْهِ) فِي الْمُخْتَارِ التَّهْوِيلُ التَّقْرِيعُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لِأَوَّلِ الشِّتَاءِ وَلَا لِأَوَّلِ الصَّيْفِ بَلْ الْمَدَارُ حِينَئِذٍ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ يَوْمِ النُّشُوزِ) أَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ لَحْظَةً مِنْ الْيَوْمِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ مَعَ لَيْلَتِهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ الشِّهَابِ حَجّ بِهَذَا مَا اخْتَارَهُ مِنْ حُسْبَانِ الْفَصْلِ بِأَوَّلِ عَوْدِهَا حَتَّى لَا يُؤَثِّرُ النُّشُوزُ إلَّا فِيمَا مَضَى فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ كَمَا لَا يَخْفَى.