الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِوَقْتِ الْأَدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَلَا) يَجِبُ (شِرَاءُ) الرَّقَبَةِ (بِغَبْنٍ) أَيْ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهَا، وَإِنْ قُلْت نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ ذَاكَ مَرْدُودٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ لِلصَّوْمِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ إلَى الْوُجُودِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ غَابَ مَالُهُ وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى وُصُولِهِ أَيْضًا، وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِمَا بِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ مُدَّةَ الصَّبْرِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ فِيهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ دَمِ التَّمَتُّعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ لِلصَّوْمِ وَإِنْ أَيْسَرَ بِبَلَدِهِ بِأَنَّ ذَاكَ وَقَعَ تَابِعًا لِمَا هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ فَلَمْ يَتَمَحَّضْ مِنْهُ تَوْرِيطُ نَفْسِهِ فِيهِ، بِخِلَافِ هَذَا فَغُلِّظَ فِيهِ أَكْثَرُ، وَمَا فِي الْكَافِي مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شِرَاءِ أَمَةٍ بَارِعَةٍ فِي الْحُسْنِ تُبَاعُ بِالْوَزْنِ لِخُرُوجِهَا عَنْ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ مَحَلُّ وَقْفَةٍ لِأَنَّهَا حَيْثُ بِيعَتْ بِثَمَنِ مِثْلِهَا فَاضِلًا عَمَّا ذَكَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ فِي نَحْوِ الْمِحَفَّةِ فِي الْحَجِّ نَظِيرَهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ.
(وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ)(اعْتِبَارُ الْيَسَارِ) الَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ (بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) لِلْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَوُضُوءٍ وَتَيَمُّمٍ وَقِيَامِ صَلَاةٍ وَقُعُودِهَا فَاعْتُبِرَ وَقْتُ أَدَائِهَا. وَالثَّانِي بِوَقْتِ الْوُجُوبِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْعُقُوبَةِ كَمَا لَوْ زَنَى قِنٌّ ثُمَّ عَتَقَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْقَنِّ. وَالثَّالِثُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتَيْ الْأَدَاءِ وَالْوُجُوبِ. وَالرَّابِعُ الْأَغْلَظُ مِنْهُمَا وَأَعْرَضَ عَمَّا بَيْنَهُمَا.
(فَإِنْ)(عَجَزَ) الْمُظَاهِرُ مَثَلًا (عَنْ عِتْقٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَا مَا يَصْرِفُهُ فِيهَا فَاضِلًا عَمَّا ذَكَرَ أَوْ وَجَدَهَا لَكِنَّهُ قَتَلَهَا مَثَلًا كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ، أَوْ كَانَ عَبْدًا إذْ لَا يُكَفِّرُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ وَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ (صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) لِلْآيَةِ، فَإِنْ تَكَلَّفَ الْعِتْقَ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ بَانَ بَعْدَ صَوْمِهِمَا أَنَّ لَهُ مَالًا وَرِثَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِصَوْمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَعْتَبِرَانِ (بِالْهِلَالِ) وَإِنْ نَقَصَا لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَأَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاقِعَةً بَعْدَ فَقْدِ الرَّقَبَةِ لَا قَبْلَهَا وَأَنْ تَكُونَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا يُفَارِقُهُ) أَيْ الْمَسْكَنَ.
(قَوْلُهُ فَيُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى وُصُولِهِ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ انْتِظَارُ حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِمَا) أَيْ مَنْ وَجَدَ الْعَبْدَ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَمَنْ غَابَ مَالُهُ وَلَوْ فَوْقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ) وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَ مَا هُنَا وَعَدَمِ لُزُومِ جَمْعِ الْأُجْرَةِ الْمَارِّ بِأَنَّهُ هُنَا مَالِكٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ فَكَأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ تَحْصِيلُهُ حَالًا لِغَيْبَتِهِ وَمَا مَرَّ فَاقِدٌ لِثَمَنِهِ وَجَمْعُ الْأُجْرَةِ تَحْصِيلٌ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ فَلَمْ يُكَلَّفْهُ (قَوْلُهُ: مَحَلُّ وَقْفَةٍ) مُعْتَمَدٌ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ كَلَامَ الْكَافِي مَا فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ كَأَنْ بَلَغَتْ الشَّرْبَةُ دَنَانِيرَ لَا يُكَلَّفُ شِرَاءَهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَ فِي التَّيَمُّمِ حَالَةُ ضَرُورَةٍ لِلنَّاسِ اقْتَضَتْ بَذْلَ الْمَالِ الْكَثِيرِ فِي الشَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ إنْقَاذًا لِلرُّوحِ مِنْ الْهَلَاكِ وَلَيْسَ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِالْمَالِ، بِخِلَافِ ارْتِفَاعِ ثَمَنِ الْأَمَةِ هُنَا فَإِنَّهُ لِوَصْفٍ قَائِمٍ بِهَا فَلَا يُعَدُّ بَذْلُ الزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِهَا غَبْنًا.
(قَوْلُهُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) يُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ وَقْتِ الْأَدَاءِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ خَامِلًا لَا يَحْتَاجُ لِخَادِمٍ ثُمَّ صَارَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ اُعْتُبِرَ حَالُهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَلَا نَظَرَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ، وَقِيَاسُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يُكَلَّفُ النُّزُولَ عَنْ الْوَظَائِفِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ وَظَائِفُ يَزِيدُ مَا يُحَصِّلُ مِنْهَا عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفَقَتِهِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ النُّزُولَ عَنْ الزَّائِدِ لِتَحْصِيلِ الْكَفَّارَةِ.
(قَوْلُهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَيْ فِي مَحَلِّ إرَادَةِ الْأَدَاءِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا تَحْصُلُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهَا لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ قَتَلَهَا مَثَلًا) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِمَا) أَيْ مَنْ وَجَدَ الْعَبْدَ بِغَبْنٍ وَمَنْ غَابَ مَالُهُ
[اعْتِبَارُ الْيَسَارِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ لِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ]
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي بِوَقْتِ الْوُجُوبِ إلَى آخِرِ الْأَقْوَالِ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ: وَالثَّالِثُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتَيْ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ وَالرَّابِعُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ انْتَهَتْ.
وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ سِيَاقُ الثَّانِي كَالثَّالِثِ فِي عِبَارَةِ الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَلَّفَ الْعِتْقَ إلَخْ.) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْعَبْدِ فَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا
مُلْتَبِسَةً (بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ جِهَتَهَا فَلَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِنِيَّتِهَا وَعَلَيْهِ كَفَّارَتَا وِقَاعٍ وَظِهَارٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَجْعَلْ الْأَوَّلَ عَنْ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِيَ عَنْ أُخْرَى وَهَكَذَا لِانْتِفَاءِ التَّتَابُعِ، وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرَهُ السَّابِقَ فِي الْعَبْدَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ تَتَابُعٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ وَهُوَ لَا تَجِبُ نِيَّتُهُ كَالِاسْتِقْبَالِ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ مُتَتَابِعَيْنِ مَا بِأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَهُمَا عَالِمًا طُرُوُّ مَا يَقْطَعُهُ كَيَوْمِ النَّحْرِ: أَيْ أَوْ جَاهِلًا فِيمَا يَظْهَرُ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا أَتَى بِهِ، وَلَكِنْ يَقَعُ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ نَفْلًا لَا الْعِلْمِ الَّذِي ذَكَرُوهُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لِصَوْمِ الْكَفَّارَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِطُرُوِّ مُبْطِلِهِ تَلَاعُبٌ فَهُوَ كَالْإِحْرَامِ بِالظُّهْرِ قَبْلَ وَقْتِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كُلَّ لَيْلَةٍ لِيَكُونَ مُتَعَرِّضًا لِخَاصَّةِ هَذَا الصَّوْمِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِمَوْتِهِ أَثْنَاءَهُ لِأَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ رَافِعٍ لِلتَّكْلِيفِ قَبْلَهُ فَالنِّيَّةُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ جَازِمَةٌ.
(فَإِنْ بَدَأَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ حَسَبَ الشَّهْرَ بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ) لِتَمَامِهِ (وَأَتَمَّ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ) لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ بِتَلْفِيقِهِ مِنْ شَهْرَيْنِ.
(وَيَزُولُ التَّتَابُعُ بِفَوَاتِ يَوْمٍ) مِنْ الشَّهْرَيْنِ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا (بِلَا عُذْرٍ) كَأَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لِنِسْبَتِهِ إلَى نَوْعِ تَقْصِيرٍ وَيَنْقَلِبُ مَا مَضَى نَفْلًا وَإِنْ أَفْسَدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَكَذَا) بِعُذْرٍ يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ كَسَفَرٍ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ وَخَوْفِ مُرْضِعٍ وَحَامِلٍ وَ (مَرَضٌ فِي الْجَدِيدِ) لِإِمْكَانِ الصَّوْمِ مَعَ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ كَفِطْرِ مَنْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ، وَالْقَدِيمُ لَا يُقْطَعُ التَّتَابُعَ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَصْلِ وُجُوبِ رَمَضَانَ وَهُوَ يَسْقُطُ بِالْمَرَضِ (لَا) بِفَوَاتِ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إذْ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِثْلُهَا فِيمَا ذَكَرَ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَوْ بَاعَهَا وَأَتْلَفَ ثَمَنَهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتَدَّ بِصَوْمِهِ) أَيْ وَيَقَعُ لَهُ نَفْلًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَجْعَلْ الْأَوَّلَ) أَيْ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ أَوْ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ وَمَا يَقْطَعُهُ كَيَوْمٍ) أَيْ أَوْ صَوْمِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الصَّوْمِ حَيْثُ عَلِمَ طُرُوُّ مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمَوْتِهِ) أَيْ أَوْ بِطُرُوِّ نَحْوِ الْحَيْضِ.
(قَوْلُهُ: بِفَوَاتِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ هَلْ يَبْنِي وَارِثُهُ عَلَيْهِ أَوْ يَسْتَأْنِفُ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ التَّتَابُعِ، وَعَلَيْهِ فَيُخْرِجُ مِنْ تَرِكَتِهِ جَمِيعَ الْكَفَّارَةِ لِبُطْلَانِ مَا مَضَى مِنْ صَوْمِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ بِمَوْتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَارِثِهِ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِعُذْرٍ) أَفْهَمَ أَنْ مَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ كَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ جَمِيعَ النَّهَارِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِثْلُهَا فِيمَا ذَكَرَ) ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّتَابُعُ إذَا صَامَتْ عَنْ غَيْرِهَا، وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّهُ: أَيْ صَوْمِ جَمَاعَةٍ عَنْ شَخْصٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي صَوْمٍ لَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّتَابُعُ اهـ. وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي الصِّيَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ صَحَّ نَصُّهَا: وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِ فِعْلِ الصَّوْمِ أَكَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا، لِأَنَّ التَّتَابُعَ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ لِمَعْنًى لَا يُوجَبُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى أَصْلِ الصَّوْمِ فَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ اهـ. وَفِي سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِثْلُهُ، وَعَلَيْهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَوْتَ غَيْرُ رَافِعٍ لِلتَّكْلِيفِ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرَيْنِ، وَالْأَقْرَبُ الْفَرْقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ إشْغَالُهُ بِالصَّوْمِ احْتِرَامًا لِلْوَقْتِ.
وَأَمَّا هُنَا فَلَا فَائِدَةَ لِصَوْمِهِ لِتَيَقُّنِهِ عَدَمَ حُصُولِ التَّكْفِيرِ بِذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعْدِلُ إلَى الْإِطْعَامِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: إنْ أَفْسَدَهُ بِعُذْرٍ إلَخْ.) فِي نُسْخَةٍ وَإِنْ أَفْسَدَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا سَوَاءٌ أَفْسَدَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلْيُرَاجَعْ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: بِعُذْرٍ يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّوْمُ) بِمَعْنَى يَصِحُّ مَعَهُ الصَّوْمُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي حَتَّى لَا يَرِدَ الْمَرَضُ
وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِأَنْ تَصُومَ امْرَأَةٌ عَنْ مُظَاهِرٍ مَيِّتٍ قَرِيبٍ لَهَا أَوْ بِإِذْنِ قَرِيبِهِ أَوْ بِوَصِيَّتِهِ (بِحَيْضٍ) مِمَّنْ لَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ شَهْرَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَهْرٌ غَالِبًا، وَتَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ لِسِنِّ الْيَأْسِ خَطَرٌ. أَمَّا إذَا اعْتَادَتْ ذَلِكَ فَشَرَعَتْ فِي وَقْتٍ يَتَخَلَّلُهُ الْحَيْضُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ إلْحَاقُهُمْ النِّفَاسَ بِالْحَيْضِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مَجِيءِ الْحَيْضِ أَضْبَطُ مِنْهَا فِي مَجِيءِ النِّفَاسِ (وَكَذَا)(جُنُونٌ) فَاتَ بِهِ يَوْمٌ فَأَكْثَرُ لَا يَضُرُّ فِي التَّتَابُعِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ وَيَأْتِي فِي الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ، مَا مَرَّ عَنْ الذَّخَائِرِ وَالْإِغْمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ كَالْجُنُونِ، وَلَوْ صَامَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِنِيَّتِهِمَا بَطَلَ صَوْمُهُ وَيَأْثَمُ بِقَطْعِ صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ لِيَسْتَأْنِفْ إذْ هُمَا كَصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ وَطِئَ الْمُظَاهِرُ فِيهِمَا لَيْلًا عَصَى وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَا الْمَرَضِ.
(فَإِنْ)(عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ) أَوْ تَتَابُعِهِ (بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ عَلَى مَا قِيلَ (قَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) وَقَالَ الْأَقَلُّونَ كَالْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ فِي ظَنِّهِ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي مِثْلِهِ أَوْ بِقَوْلِ الْأَطِبَّاءِ، وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلٍ مِنْهُمْ (أَوْ لَحِقَهُ بِالصَّوْمِ) أَوْ تَتَابُعِهِ (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَوْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُؤَيِّدُهُ تَمْثِيلُهُمْ لَهَا بِالشَّبَقِ. نَعَمْ غَلَبَةُ الْجُوعِ لَيْسَتْ عُذْرًا عَنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْهُ أَفْطَرَ وَانْتَقَلَ لِلْإِطْعَامِ، بِخِلَافِ الشَّبَقِ لِوُجُودِهِ عِنْدَ الشُّرُوعِ إذْ هُوَ شِدَّةُ الْغُلْمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ دُونَ الصَّيْفِ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى الْإِطْعَامِ لِعَجْزِهِ الْآنَ عَنْ الصَّوْمِ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ الْآنَ وَعَرَفَ أَنَّهُ لَوْ صَبَرَ قَدَرَ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الصَّوْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ (أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ كَفَّرَ) فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَمَا يَأْتِي (بِإِطْعَامِ) أَيْ تَمْلِيكٍ وَآثَرَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ فَحَسْبُ إذْ لَا يُجْزِئُ حَقِيقَةُ إطْعَامٍ.
وَقِيَاسُ الزَّكَاةِ الِاكْتِفَاءُ بِالدَّفْعِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ، وَاقْتِضَاءُ الرَّوْضَةِ اشْتِرَاطَهُ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِهَا (سِتِّينَ مِسْكِينًا) لِلْآيَةِ لَا أَقَلَّ حَتَّى لَوْ دَفَعَ لِوَاحِدٍ سِتِّينَ مُدًّا فِي سِتِّينَ يَوْمًا لَمْ يُجْزِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَمَعَ السِّتِّينَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا وَيُتَصَوَّرُ إلَخْ مُجَرَّدُ تَأَتِّي صَوْمِهَا عَنْ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ التَّتَابُعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْكِلُ) أَيْ مَعَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرَ بَلْ مَعَ لُزُومِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ: أَيْ شَهْرَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ بِالْحَيْضِ: أَيْ فِي أَنْ لَا يَنْقَطِعَ: أَيْ فَكَيْفَ اُغْتُفِرَ مَعَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ وَلَمْ يُغْتَفَرْ الْحَيْضُ عِنْدَ اعْتِيَادِ انْقِطَاعِهِ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَضْبَطُ مِنْهَا فِي مَجِيءِ النِّفَاسِ) أَيْ فَلَهَا الشُّرُوعُ فِي الصَّوْمِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا طُرُوُّ النِّفَاسِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الصَّوْمِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ الْإِجْزَاءُ وَإِنْ أَخَّرَتْ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ عَنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِهَا فِيهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهَا لَوْ شَرَعَتْ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا تَأْمَنُ حُصُولَ إجْهَاضٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا جُنُونٌ) وَلَوْ أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ لِلِاسْتِسْقَاءِ فَصَادَفَ ذَلِكَ صَوْمًا عَنْ كَفَّارَةٍ مُتَتَابِعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصُومَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَحْصُلَ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ شُغْلِ الْأَيَّامِ بِالصَّوْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ، وَعِبَارَةُ حَجّ: نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ جَاءَ فِيهِ تَفْصِيلُ الْحَيْضِ.
(قَوْلُهُ: عَنْ ابْتِدَاءِ عَقْدِهِ) أَيْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عُذْرًا) أَيْ الشَّبَقُ (قَوْلُهُ: فَحَسْبُ) أَيْ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ مُعْتَمَدٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي مَجِيءِ الْحَيْضِ أَضْبَطُ) وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ النِّفَاسَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ قَطْعُ التَّتَابُعِ وَإِنْ شَرَعَتْ فِيهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ وِلَادَتِهَا لَيْلًا وَنِفَاسُهَا لَحْظَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ عَنْ الذَّخَائِرِ) اُنْظُرْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالْإِغْمَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ) أَيْ لِجَمِيعِ النَّهَارِ إذْ غَيْرُهُ بِأَنْ أَفَاقَ فِي النَّهَارِ وَلَوْ لَحْظَةً لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ كَمَا مَرَّ
وَوَضَعَ الطَّعَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسَّوِيَّةِ فَقَبِلُوهُ وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بِالتَّفَاوُتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إنْ أَخَذُوهُ بِالسَّوِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ إلَّا مَنْ أَخَذَ مُدًّا لَا دُونَهُ.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ وَتِلْكَ بِأَنَّ الْمُمَلِّكَ ثَمَّ الْقَبُولُ الْوَاقِعُ بِالتَّسَاوِي قَبْلَ الْأَخْذِ وَهُنَا لَا مُمَلِّكَ إلَّا الْأَخْذُ فَاشْتُرِطَ التَّسَاوِي فِيهِ (أَوْ فَقِيرًا) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا أَوْ الْبَعْضُ فُقَرَاءُ وَالْبَعْضُ مَسَاكِينُ، وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَلَوْ لِمُدَّةٍ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ فَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ (لَا كَافِرًا) وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا مَكْفِيًّا بِنَفَقَةِ غَيْرِهِ وَلَا قِنًّا وَلَوْ لِلْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِأَنَّ الدَّفْعَ لَهُ حَقِيقَةٌ (وَلَا هَاشِمِيًّا وَمُطَّلِبِيًّا) وَنَحْوَهُمْ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ التَّطْهِيرِ (سِتِّينَ مُدًّا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ لِأَنَّهُ صَحَّ فِي رِوَايَةٍ وَصَحَّ فِي أُخْرَى سِتُّونَ صَاعًا، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ الصَّادِقِ بِالنَّدْبِ لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ فَتَعَيَّنَ الْجَمْعُ بِمَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ هُنَا (مِمَّا) أَيْ مِنْ طَعَامٍ (يَكُونُ فِطْرَةً) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحَلِّ الْمُكَفِّرِ فِي غَالِبِ السَّنَةِ كَالْأَقِطِ وَلَوْ لِلْبَلَدِيِّ فَلَا يُجْزِئُ نَحْوُ دَقِيقٍ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ اللَّبَنُ يُجْزِئُ ثَمَّ لَا هُنَا عَلَى مَا وَقَعَ لَلْمُصَنِّفِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ إجْزَاؤُهُ هُنَا أَيْضًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَفِّرِ هُنَا الْمُخَاطَبُ بِالْكَفَّارَةِ لَا مَأْذُونُهُ أَوْ وَلِيُّهُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، ثُمَّ إنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا الْمُؤَدِّي فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الصَّوْمِ، وَلَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى بَعْضِ عِتْقٍ أَوْ صَوْمٍ، بِخِلَافِ بَعْضِ الطَّعَامِ وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ إذْ لَا بَدَلَ لَهُ فَيُخْرِجُهُ، ثُمَّ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ إلَى يَسَارِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَلَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى رَقَبَةٍ أَعْتَقَهَا عَنْ إحْدَاهُمَا وَصَامَ عَنْ الْأُخْرَى إنْ قَدَرَ وَإِلَّا أَطْعَمَ. .
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَقَوْلُهُ وَتِلْكَ هِيَ قَوْلُهُ وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُدٍّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَمْدَادِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ: أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الصَّحِيحَ إجْزَاؤُهُ هُنَا أَيْضًا) أَيْ حَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ سِتُّونَ مُدًّا مِنْ الْأَقِطِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ إلَخْ) وَيَحْصُلُ الْعَجْزُ عَنْ الْإِطْعَامِ بِعَدَمِ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْإِعْتَاقِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ دَفْعِ الْكَفَّارَةِ لِلْجِنِّ هَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ إجْزَاءِ دَفْعِهَا لَهُمْ، بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا مِثْلُ الْكَفَّارَةِ النَّذْرُ وَالزَّكَاةُ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الزَّكَاةِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» إذَا الظَّاهِرُ مِنْهُ فُقَرَاءُ بَنِي آدَمَ وَإِنْ احْتَمَلَ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ الصَّادِقَ بِالْجِنِّ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ جُعِلَ لِمُؤْمِنِهِمْ طَعَامٌ خَاصٌّ وَهُوَ الْعَظْمُ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُمْ شَيْءٌ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ الْآدَمِيُّونَ، عَلَى أَنَّا لَا نُمَيِّزُ بَيْنَ فُقَرَائِهِمْ وَأَغْنِيَائِهِمْ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْخَوَاصِّ لِأَنَّا لَا نُعَوِّلُ عَلَى الْأُمُورِ النَّادِرَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَنْ الْإِعْتَاقِ أَوْ الصَّوْمِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُدِّ أَوْ بَعْضِهِ لَا يَنْتَقِلُ لِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ الصَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى صَوْمٍ أَوْ عِتْقٍ إلَخْ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ النَّسْخِ إلَخْ.) يَعْنِي: لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ لَا يُصَارُ إلَى النَّسْخِ فَتَأَمَّلْ.