الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأُنْثَيَاهُ فَفِي الْأَظْهَرِ) تَجِبُ (قِيمَتَانِ) كَمَا يَجِبُ فِيهِمَا مِنْ الْحُرِّ دِيَتَانِ، نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدًا مَثَلًا، وَجِنَايَةُ الثَّانِي قَبْلَ انْدِمَالِ الْأُولَى، وَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمَا لَزِمَهُ نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْأُولَى ثَمَانِمِائَةٍ لَزِمَ الثَّانِيَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لَا أَرْبَعُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى لَمْ تَسْتَقِرَّ وَقَدْ أَوْجَبْنَا نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَأَنَّ الْأَوَّلَ انْتَقَصَ نِصْفَهَا (وَالثَّانِي) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) عَلَى الضَّعِيفِ (فَلَا شَيْءَ) وَخَرَجَ بِالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضُ، فَفِي طَرَفٍ مِنْ نِصْفِهِ حُرٌّ نِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْحُرِّ وَنِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْقِنِّ فَفِي يَدِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ الْقِيمَةِ وَفِي أُصْبُعِهِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِيمَا زَادَ مِنْ الْجِرَاحَةِ أَوْ نَقَصَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَدَّرَ كُلُّهُ حُرًّا ثُمَّ قِنًّا وَيُنْظَرَ وَاجِبُ ذَلِكَ الْجُرْحِ ثُمَّ يُقَدَّرَ نِصْفُهُ الْحُرُّ قِنًّا وَيُنْظَرَ مَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ مِنْ قِيمَتِهِ ثُمَّ يُوَزَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَلَوْ وَجَبَ بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَبِالثَّانِي رُبْعُ الْقِيمَةِ وَجَبَ فِيمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ رُبْعِ الْقِيمَةِ.
بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ
غَيْرُ مَا مَرَّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْبَابَيْنِ فِيهِ تَغْلِيبٌ بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْقِصَاصِ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَيْنِ، وَهُوَ صَحِيحٌ (وَالْعَاقِلَةُ) عَطْفٌ عَلَى: مُوجِبَاتُ (وَالْكَفَّارَةُ) لِلْقَتْلِ وَجِنَايَةِ الْقِنِّ وَالْغُرَّةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ مَعِيبٍ، إذَا (صَاحَ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِآلَةٍ مَعَهُ (عَلَى صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ) وَإِنْ تَعَدَّى بِدُخُولِهِ ذَلِكَ الْمَحَلَّ أَوْ مَعْتُوهٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَا مَرَّ) أَيْ مِمَّا يُوجِبُ الدِّيَةَ ابْتِدَاءً كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، وَكَصُوَرِ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ اهـ زِيَادِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ صَحِيحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيبَ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْبَابِ بَدَلَ الْكِتَابِ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فَيَجُوزُ أَنَّهُ سَمَّاهُ بَابًا بِنَاءً عَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ
(قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَةُ) يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى كُلٍّ انْتَهَى حَجّ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، فَإِنْ أَرَادَ وَمِنْ الْعَاقِلَةِ فَالْمُرَادُ صِحَّتُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ الصَّحِيحَ فِي الْقَرِينَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمَعَاطِيفَ إذَا تَكَرَّرَتْ تَكُونُ كُلُّهَا عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَكُنْ بِحَرْفٍ مُرَتَّبٍ عَلَى مَا فِي الْمُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا أُورِدَ عَلَى الْمُقَدَّرِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّرْجَمَةِ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ وَالْغُرَّةَ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَابِ
(قَوْلُهُ: إذَا صَاحَ بِنَفْسِهِ إلَخْ)[تَنْبِيهٌ] فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ: لَوْ صَاحَ بِدَابَّةِ الْغَيْرِ أَوْ هَيَّجَهَا بِوَثْبَةٍ وَنَحْوِهَا فَسَقَطَتْ فِي مَاءٍ أَوْ وَهْدَةٍ فَهَلَكَتْ وَجَبَ الضَّمَانُ كَالصَّبِيِّ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ، وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا حَجّ فِي شَرْحِهِ عَنْ نَقْلِهِمَا لَهُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَقَيَّدَ الضَّمَانَ بِقَوْلِهِ أَيْ إنْ ارْتَعَدَتْ قَبْلَ سُقُوطِهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِآلَةٍ) وَمِنْهَا نَائِبُهُ الَّذِي يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّى) أَيْ الصَّبِيُّ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعْتُوهٍ) نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُبَرْسَمٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ إلَخْ.) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا مِنْ خُصُوصِ قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: رُبْعُ الْقِيمَةِ) يَعْنِي: رُبْعَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
[بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ]
أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مُبَرْسِمٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ مُوَسْوَسٍ أَوْ مَصْعُوقٍ أَوْ مَذْعُورٍ أَوْ امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ وَلَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ فِي مَعْنَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، بَلْ الْمُمَيِّزُ الَّذِي لَمْ يَصِرْ مُرَاهِقًا مُتَيَقِّظَا مِثْلَهُمْ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا أَمْ جَالِسًا أَمْ مُضْطَجِعًا أَمْ مُسْتَلْقِيًا (عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ شَفِيرِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ جَبَلٍ صَيْحَةً مُنْكَرَةً (فَوَقَعَ) عَقِبَهَا (بِذَلِكَ) الصِّيَاحِ، وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ الِارْتِعَادُ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الْإِحَالَةِ عَلَى السَّبَبِ؛ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ (فَمَاتَ) مِنْهَا وَحَذْفُهَا لِدَلَالَةِ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ عَلَيْهَا، لَكِنَّ الْفَوْرِيَّةَ الَّتِي أَشْعَرَتْ بِهَا غَيْرُ شَرْطٍ حَيْثُ بَقِيَ أَثَرُهَا إلَى الْمَوْتِ (فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) ؛ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ لَا قَوَدٌ لِانْتِفَاءِ غَلَبَةِ إفْضَاءِ ذَلِكَ إلَى الْمَوْتِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَثُرَ إفْضَاؤُهُ إلَيْهِ أَحَلْنَا الْهَلَاكَ عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الِارْتِعَادَ وَالصَّائِحُ عَدَمَهُ صُدِّقَ الصَّائِحُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِعَادِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ مَشْيُهُ مَثَلًا ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ كَذَلِكَ أَيْضًا بِأَرْشِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلَى صَبِيٍّ صِيَاحُهُ عَلَى غَيْرِهِ الْآتِي وَبِطَرَفِ سَطْحٍ نَحْوُ وَسَطِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّرَفُ أَخْفَضَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَتَدَحْرَجُ الْوَاقِعُ بِهِ إلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ) فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَدِيَةٌ عَلَى الْجَانِي مُغَلَّظَةٌ لِغَلَبَةِ تَأْثِيرِهِ، وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ
(وَلَوْ)(كَانَ) غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَنَحْوُهُ (بِأَرْضٍ) فَصَاحَ عَلَيْهِ فَمَاتَ (أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ بِطَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَسَقَطَ وَمَاتَ (فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ) لِنُدْرَةِ الْمَوْتِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الصِّيَاحَ حَصَلَ بِهِ فِي الصَّبِيِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: أَوْ مُوَسْوَسٍ) أَصْلُهُ وَسْوَسَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَهُوَ مُوَسْوَسٌ إلَيْهِ لَكِنَّهُ حَذَفَ الْجَارَّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ) أَيْ ضَعِيفَةِ الْعَقْلِ
(قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الشَّارِحُ نُكْتَةَ حَذْفِ قَيْدِ الِارْتِعَادِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ إذْ الْمَعْنَى بِسَبَبِ الصِّيَاحِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ سَبَبَهُ إذَا وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى السَّبَبِيَّةِ كَالِارْتِعَادِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ مَا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ عَلَى الِارْتِعَادِ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ وَدَلَالَةَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ اكْتِفَاءً إلَخْ بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ فَقَدْ حُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِلذِّكْرِ فِي الثَّانِي فَيُقَدَّرُ فِي الْأَوَّلِ نَظِيرُهُ
(قَوْلُهُ: إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مُوَافَقَةَ قَدَرٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الِارْتِعَادِ وَعَدَمِهِ صُدِّقَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِارْتِعَادِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي
(قَوْلُهُ: فَمَاتَ مِنْهَا) أَيْ أَوْ زَالَ عَقْلُهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ وَسَيَأْتِي
(قَوْلُهُ: وَحَذَفَهَا) أَيْ حَذَفَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِدَلَالَةِ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَتَبَادَرُ السَّبَبِيَّةُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقَامِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ فَوَقَعَ بِذَلِكَ، أَوْ يُقَالُ وُقُوعُهُ جَوَابَ الشَّرْطِ الْمُحْتَاجَ إلَى تَقْدِيرِهِ دَلِيلُ كَوْنِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ بَقِيَ أَثَرُهَا) قَالَ م ر: الْمَوْتُ لَيْسَ شَرْطًا، فَلَوْ وَقَعَ فَتَلِفَ عُضْوُهُ أَوْ مَنْفَعَتُهُ ضَمِنَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ التَّثْلِيثِ
(قَوْلُهُ: صُدِّقَ الصَّائِحُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ) ذَكَرَ هَذِهِ فِيمَا لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ بِطَرَفِ سَطْحٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ بِالْأَرْضِ أَوْ عَلَى بَالِغٍ مُتَيَقِّظٍ فَزَالَ عَقْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ.
وَقَدْ يُقَالُ: الصِّيَاحُ وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ الْمَوْتَ لَكِنَّهُ قَدْ يُؤَثِّرُ زَوَالَ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِزْعَاجُ الْمُفْضِي إلَى زَوَالِ الْعَقْلِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَنْعِ ذَلِكَ) أَيْ وَالْمَانِعُ لَا يُطَالَبُ بِدَلِيلٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمَانِعِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَدِلِّ بِصِحَّةِ دَلِيلِهِ، فَلَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يَذْكُرْ سَنَدَ الْمَنْعِ
(قَوْلُهُ: أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ إلَخْ) أَيْ مُتَيَقِّظٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ ثُمَّ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَصْدِ أَذِيَّةِ غَيْرِهِ عُزِّرَ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ) يُؤْخَذُ مِنْ الِاقْتِصَارِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا إلَخْ.) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْبِيرِ هُنَا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهُوَ وَاقِفٌ أَوْ جَالِسٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحُذِفَ مِنْ أَصْلِهِ) قَرَّرَ سم أَنَّهُ لَمْ يَحْذِفْ مِنْ أَصْلِهِ شَيْئًا، إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَوَقَعَ بِذَلِكَ إلَّا مَعْنَى تَسَبُّبِ الصِّيَاحِ، بَلْ ادَّعَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ أَصْرَحُ (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً إلَخْ.) فِيهِ تَوَقُّفٌ وَأَشَارَ إلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: مِنْهُ)
الْمَوْتُ وَفِي الْبَالِغِ عَدَمُ التَّمَاسُكِ الْمُفْضِي إلَيْهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ مَوْتَ الصَّبِيِّ بِمُجَرَّدِ الصِّيَاحِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَعَدَمُ تَمَاسُكِ الْبَالِغِ بِهِ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ حَالِهِ فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدَرٍ
(وَشَهْرُ سِلَاحٍ) عَلَى بَصِيرٍ رَآهُ (كَصِيَاحٍ) فِي تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ (وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مُتَيَقِّظٌ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى قُوَّةِ التَّمْيِيزِ لَا الْمُرَاهَقَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ تَدَافُعَ مَفْهُومِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُمَيِّزِ
(وَلَوْ)(صَاحَ) مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ أَوْ غَيْرِهِ (عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ) غَيْرُ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ مَرَّ وَهُوَ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ لَا أَرْضٍ (وَسَقَطَ) وَمَاتَ مِنْهُ (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ خَطَأٌ
(وَلَوْ)(طَلَبَ سُلْطَانٌ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُ وَلَوْ قَاضِيًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِهِ أَوْ كَاذِبٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ (مَنْ ذُكِرَتْ) عِنْدَهُ (بِسُوءٍ) جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَطَلَبَهَا بِدَيْنٍ، وَهِيَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُخَدَّرَةٌ مُطْلَقًا أَوْ بَرْزَةٌ وَهُوَ مِمَّنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُ، فَإِنْ لَمْ تَخْشَ مِنْهُ فَلَا أَوْ لِإِحْضَارِ نَحْوِ وَلَدِهَا أَوْ طَلَبِ مَنْ هُوَ عِنْدَهَا، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ بِذِكْرِ السُّوءِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى التَّضْمِينِ جَوْرًا بِالْأُولَى (فَأُجْهِضَتْ) أَيْ أَلْقَتْ جَنِينًا فَزَعًا مِنْهُ وَلَا يُعْتَرَضُ بِاخْتِصَاصِ الْإِجْهَاضِ بِالْإِبِلِ لُغَةً؛ لِأَنَّ عُرْفَ الْفُقَهَاءِ بِخِلَافِهِ فَلَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ (ضُمِنَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (الْجَنِينُ) بِالْغُرَّةِ أَيْ ضَمِنَتْهَا عَاقِلَتُهُ، وَخَرَجَ بِأُجْهِضَتْ مَا لَوْ مَاتَتْ فَزَعًا فَلَا ضَمَانَ وَلَا وَلَدَهَا الشَّارِبَ لَبَنَهَا بَعْدَ الْفَزَعِ لِعَدَمِ إفْضَائِهِ لِذَلِكَ عَادَةً، نَعَمْ إنْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى الدِّيَةِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ قَطْعًا اهـ عَمِيرَةُ
(قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدَرٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى الصَّائِحِ
(قَوْلُهُ: وَشَهْرُ سِلَاحٍ عَلَى بَصِيرٍ) قَدْ يُقَالُ: أَوْ عَلَى أَعْمَى إذَا مَسَّهُ عَلَى وَجْهٍ يُؤَثِّرُ وَيُرْعِبُ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ أَوْ نَحْوُهُ) مِنْ النَّحْوِ مَشَايِخُ الْبُلْدَانِ وَالْعُرْبَانُ وَالْمُشِدُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِرَسُولِهِ) اعْتَمَدَ م ر فِيمَا لَوْ طَلَبَهَا الرُّسُلُ كَذِبًا أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الرُّسُلِ، وَقَالَ: أَوْ طَلَبَهَا رُسُلُ السُّلْطَانِ بِأَمْرِهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِظُلْمِهِ ضَمِنُوا إلَّا أَنْ يُكْرِهَهُمْ كَمَا فِي الْجَلَّادِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَلَوْ زَادَ الرَّسُولُ فِي طَلَبِهِ عَلَى مَا قَالَهُ السُّلْطَانُ كَذِبًا مُهَدِّدًا وَحَصَلَ الْإِجْهَاضُ بِزِيَادَتِهِ فَقَطْ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا السُّلْطَانُ أَصْلًا، فَلَوْ جُهِلَ الْحَالُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ تَأْثِيرَ الزِّيَادَةِ فِي الْإِجْهَاضِ أَوْ كَلَامِ السُّلْطَانِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّسُولِ لِتَعَدِّيهِ بِالْمُخَالَفَةِ، وَلَوْ جُهِلَ هَلْ زَادَ أَوْ لَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ دُونَ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ كَاذِبٍ عَلَيْهِ) الضَّمَانُ فِي هَذِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) تُخْشَى سَطْوَتُهُ أَمْ لَا، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ لَمْ تُذْكَرْ بِهِ كَأَنْ طُلِبَتْ بِدَيْنٍ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَخْ اهـ حَجّ
(قَوْلُهُ: بِالْأَوْلَى) وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ ذِكْرَهَا بِسُوءٍ مَظِنَّةٌ لِعُقُوبَتِهَا فَيُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تُذْكَرْ بِسُوءٍ، فَإِنْ طَلَبَهَا مَعَ عَدَمِ ذَكَرِهَا بِسُوءٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَا لِغَرَضِ الْعُقُوبَةِ بَلْ لِيَسْأَلَهَا عَنْ حَالِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ لِمُشَاهَدَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: أَيْ ضَمِنَتْهَا عَاقِلَتُهُ) أَيْ السُّلْطَانِ أَوْ الْكَاذِبِ
(قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ لَهَا
(قَوْلُهُ: وَلَا وَلَدَهَا) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ وَلَدَهَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ عَادَةً) أَيْ فَلَا نَظَرَ إلَيْهَا بِخُصُوصِهَا إنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهَا بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: بِالْإِجْهَاضِ) أَيْ بِسَبَبِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ الْوُقُوعِ، وَفِي نُسَخٍ تَأْنِيثُ الضَّمَائِرِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ مُتَيَقِّظٍ) فِي هَذَا الْعِلْمِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَقُّظِ زِيَادَةً عَلَى التَّكْلِيفِ إذْ هُوَ قَيْدٌ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لَكِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ إلَخْ.) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالصَّبِيِّ وَلَا بِطَرَفِ السَّطْحِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَتَدَحْرَجُ الْوَاقِعُ) أَيْ وَتَدَحْرَجَ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ) فِيهِ مَنْعٌ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ مَا قَابَلَ الْمُمَيِّزَ الْمُتَيَقِّظَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ
(قَوْلُهُ: فَطَلَبَهَا بِدَيْنٍ) لَيْسَ فِي كَلَامِهِ خَبَرٌ لِهَذَا فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ
كَالْغُرَّةِ، وَلَوْ قُذِفَتْ فَأُجْهِضَتْ ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْقَاذِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ فَلَا، كَمَا لَوْ أَفْسَدَ ثِيَابَهَا حَدَثٌ خَرَجَ مِنْهَا فَزَعًا، وَلَوْ أَتَاهَا بِرَسُولِ الْحَاكِمِ لِتَدُلَّهُمَا عَلَى أَخِيهَا مَثَلًا فَأَخَذَهَا فَأُجْهِضَتْ اُتُّجِهَ عَدَمُ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَحْوُ إفْزَاعٍ، نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ تَتَأَثَّرْ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الرَّسُولِ.
أَمَّا مَنْ هِيَ كَذَلِكَ لَا سِيَّمَا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَخَذَهَا فَتَضْمَنُ الْغُرَّةَ عَاقِلَتُهُمَا، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذَا أَرَادَ طَلَبَ امْرَأَةٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَمْلِهَا ثُمَّ يَتَلَطَّفَ فِي طَلَبِهَا
(وَلَوْ)(وَضَعَ) جَانٍ (صَبِيًّا) حُرًّا (فِي مَسْبَعَةٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ: أَيْ مَحَلِّ السِّبَاعِ وَلَوْ زُبْيَةَ سَبُعٍ غَابَ عَنْهَا (فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ، إذْ الْوَضْعُ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُلْجِئْ السَّبُعَ إلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَلْقَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ فِي زُبْيَتِهِ مَثَلًا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ يَثِبُ فِي الْمَضِيقِ وَيَنْفِرُ بِطَبْعِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الْمُتَّسَعِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا خُصَّ الصَّبِيُّ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِيهِ (وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ) عَنْ الْمُهْلِكِ فِي مَحَلِّهِ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ إهْلَاكٌ لَهُ عُرْفًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتَرَكَهُ أَوْ وَضَعَهُ بِغَيْرِ مَسْبَعَةٍ فَاتُّفِقَ أَنَّ سَبُعًا أَكَلَهُ أَوْ كَانَ بَالِغًا هُدِرَ قَطْعًا كَمَا لَوْ قَصَدَهُ فَتَرَكَ عَصَبَ جُرْحِهِ حَتَّى مَاتَ.
أَمَّا الْقِنُّ فَيَضْمَنُهُ بِالْيَدِ مُطْلَقًا.
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ اسْتَمَرَّتْ إلَى الِافْتِرَاسِ تَصْوِيرٌ لَا قَيْدٌ، نَعَمْ لَوْ كَتَّفَهُ وَقَيَّدَهُ وَوَضَعَهُ فِي الْمَسْبَعَةِ ضَمِنَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ ضَمِنَ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ عَجَزَ لِضَعْفِهِ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ بِلَا رَبْطٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَلَوْ مَكْتُوفًا: أَيْ لِتَمَكُّنِهِ مَعَهُ مِنْ الْهَرَبِ وَكَلَامُنَا فِي مَكْتُوفٍ مُقَيَّدٍ (وَلَوْ)(تَبِعَ بِسَيْفٍ) وَنَحْوِهِ مُمَيِّزًا (هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ) أَوْ عَلَيْهِ فَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ فِيهِ لِمُبَاشَرَتِهِ إهْلَاكَ نَفْسِهِ عَمْدًا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ هُنَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَكْرَهَ إنْسَانًا عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ فَقَتَلَهَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرَهِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ هُنَا، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّهُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ (فَلَوْ)(وَقَعَ) بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (جَاهِلًا) بِهِ (لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ) مَثَلًا أَوْ تَغْطِيَةِ بِئْرٍ أَوْ أَلْجَأَهُ إلَى السَّبُعِ بِمَضِيقٍ (ضَمِنَهُ) تَابِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْقَاذِفِ) أَيْ ضَمَانَ شِبْهِ عَمْدٍ
(قَوْلُهُ: وَلَا أَتَاهَا بِرَسُولِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَيْ بِلَا إرْسَالٍ مِنْ الْحَاكِمِ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَتَضْمَنُ الْغُرَّةَ عَاقِلَتُهُمَا.
أَمَّا إذَا كَانَ بِإِرْسَالِهِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِهِ
(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ لَمْ تَتَأَثَّرْ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ شَخْصٌ تَصَوَّرَ بِصُورَةِ سَبُعٍ وَدَخَلَ فِي غَفْلَةٍ عَلَى نِسْوَةٍ بِهَيْئَةٍ مُفْزِعَةٍ عَادَةً فَأَجْهَضَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ، وَهُوَ أَنَّ عَاقِلَتَهُ تَضْمَنُ الْغُرَّةَ بَلْ وَتَضْمَنُ دِيَةَ الْمَرْأَةِ إنْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ بِدُونِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ) أَيْ يَجِبُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَضَعَ جَانٍ صَبِيًّا) هَلْ هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرَاهِقِ اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ مُرَاهِقًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ بِالْقَوَدِ
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ حُرًّا
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَتَّفَهُ) أَيْ الْحُرُّ.
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: بَابُهُ ضَرَبَ
(قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ ضَمَانَ شِبْهِ عَمْدٍ اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: مُمَيِّزًا) التَّقْيِيدُ بِهِ وَاضِحٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، فَإِنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ فَلَا ضَمَانَ أَوْ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ بِقَوْلِهِ: وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الرَّامِي نَفْسَهُ صَبِيًّا وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ لَهُ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ مُمَيِّزًا وَلَعَلَّهُ ضَمَانُ التَّابِعِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَلَا فِعْلٍ فَيُنْسَبُ وُقُوعُهُ لِلتَّابِعِ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِ) اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ عَنْ الْمُهْلِكِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ:)
(وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَخْ.) صَوَابُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ، فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ، وَقَوْلُهُ: إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ إلَخْ. يَعْنِي: إذْ بَعْضُ مَا صَدَقَاتِهِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَهُ لَفْظُ حَيْثُ أَوْ نَحْوِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْجَأَهُ إلَى السَّبُعِ) أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الصَّنِيعُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ
إهْلَاكَ نَفْسِهِ وَقَدْ أَلْجَأَهُ التَّابِعُ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي لِلْهَلَاكِ فَتَلْزَمُ عَاقِلَتَهُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ
(وَكَذَا لَوْ)(انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ) لَمْ يَرْمِ نَفْسَهُ عَلَيْهِ (فِي هَرَبِهِ) لِضَعْفِ السَّقْفِ وَقَدْ جَهِلَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَهُ تَابِعُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالْمَهْلَكِ
(وَلَوْ)(سُلِّمَ صَبِيٌّ) وَلَوْ مُرَاهِقًا مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ كَوْنِهِ مُشَارِكًا لِلسَّبَّاحِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ هُوَ مُبَاشِرٌ وَمُسَلِّمُهُ مُتَسَبِّبٌ (إلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ) السِّبَاحَةَ أَيْ الْعَوْمَ فَتَسَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ لَا بِنَائِبِهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ أَحَدٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَعَلَّمَهُ أَوْ عَلَّمَهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ (فَغَرِقَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ) دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِإِهْمَالِهِ حَتَّى غَرِقَ مَعَ كَوْنِ الْمَاءِ مِنْ شَأْنِهِ الْإِهْلَاكُ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَضْعَ فِي مَسْبَعَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا الْإِهْلَاكُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا سَلَّمَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ لَا تَكُونُ عَاقِلَتُهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ أَمَرَهُ السَّبَّاحُ بِدُخُولِ الْمَاءِ فَدَخَلَ مُخْتَارًا فَغَرِقَ ضَمِنَهُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ، فَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ مُخْتَارًا مِنْ تَحْتِهِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ فَغَرِقَ ضَمِنَهُ بِالْقَوَدِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَغْرَقَهُ، وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغُ فَلَا يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي رَفْعِ يَدِهِ مِنْ تَحْتِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ
(وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرِ عُدْوَانٍ) كَأَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ وَإِنْ أَذِنَهُ الْإِمَامُ وَكَانَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ إذْ لَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ فِيمَا يَضُرُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، أَوْ وَاسِعٍ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَأْذَنْهُ الْإِمَامُ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ مَالٍ عَلَيْهِ وَحُرٌّ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِتَعَدِّيهِ وَرِضَاهُ بِاسْتِبْقَائِهَا وَمَنْعِهِ مِنْ طَمِّهَا أَوْ مِلْكِهِ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ الْمَحْفُورِ فِيهَا كَالْإِذْنِ فِيهِ فَيُمْنَعُ الضَّمَانُ وَلَا يُفِيدُهُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي الْإِذْنِ بَعْدَ التَّرَدِّي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، فَلَوْ تَعَدَّى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْمُكْرِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ
(قَوْلُهُ وَقَدْ جَهِلَهُ) أَيْ ضَعْفَ السَّقْفِ
(قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ
(قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ السَّبَّاحِ أَوْ الْوَلِيِّ فِيمَا لَوْ عَلَّمَهُ بِنَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: إذْ هُوَ مُبَاشِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ
(قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ) أَيْ بِتَسَلُّمِهِ إيَّاهُ (قَوْلُهُ: مُخْتَارًا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَّاحُ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ السَّبَّاحُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَالِغِ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الشَّارِعِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ إلَخْ، وَكَأَنَّ وَجْهَ ذِكْرِهِ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْعُدْوَانِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ
(قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ اُتُّفِقَ أَنَّ غَيْرَهُ انْتَفَعَ بِهَا
(قَوْلُهُ: وَمَا تَلِفَ بِهِ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَرِضَاهُ) أَيْ الْمَالِكِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُهُ) أَيْ الْحَافِرَ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّرَدِّي) أَيْ أَمَّا قَبْلَ التَّرَدِّي فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ قَبْلُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ عُدَّ هَذَا إذْنًا، فَإِذَا وَقَعَ التَّرَدِّي بَعْدَهُ كَانَ بَعْدَ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الْحَافِرِ لِتَقْدِيرِ أَنَّهُ حَفَرَ بِلَا إذْنٍ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي الْإِذْنِ بَعْدَ التَّرَدِّي لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَفْرَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ الْأَصْلُ فِيهِ التَّعَدِّي، وَهُوَ يَقْتَضِي ضَمَانَ الْحَافِرِ، فَقَوْلُ الْمَالِكِ: كُنْت أَذِنْت يُسْقِطُهُ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ بِإِخْبَارٍ وَاحِدٍ غَيْرُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَبَيْنَ مَا مَرَّ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: لَا بِنَائِبِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَلَّمَهُ بِنَائِبِهِ: أَيْ وَعَلَّمَهُ النَّائِبُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ الْمُعَلِّمِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِالْتِزَامِهِ الْحِفْظَ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي تَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمِ أَحَدٍ. اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بِتَسَلُّمِهِ لَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِنَفْسِهِ مُلْتَزِمٌ لِلْحِفْظِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ مُعْتَبَرٌ
(قَوْلُهُ: وَرِضَاهُ) يَعْنِي: الْمَالِكَ، وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَنَعَهُ، وَأَمَّا ضَمِيرُ قَوْلِهِ وَمَلَكَهُ فَهُوَ لِلْحَافِرِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ تَشْبِيهُ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّرِيقِ بِالْمَالِكِ
بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ عُدْوَانًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لِتَعَدِّي الْوَاقِعِ فِيهَا بِالدُّخُولِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الدُّخُولِ وَعَرَّفَهُ بِالْبِئْرِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا ضَمِنَ الْحَافِرُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ.
نَعَمْ لَوْ تَعَمَّدَ الْوُقُوعَ فِيهَا هُدِرَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ: لَوْ كَانَ لَيْلًا أَوْ أَعْمَى وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ، وَإِنْ كَانَ نَهَارًا أَوْ بَصِيرًا فَلَا ضَمَانَ، وَيَضْمَنُ الْقِنُّ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ، فَإِنْ عَتَقَ فَمِنْ حِينِ عِتْقِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَوْ عَرَضَ لِلْوَاقِعِ بِهَا مُزْهِقٌ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْوُقُوعُ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ لِانْقِطَاعِ سَبَبِهِ (لَا) مَحْفُورَةَ (فِي مِلْكِهِ) وَمَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ بِوَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤَبَّدَةً فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ لِصِدْقِ اسْتِحْقَاقِهِ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنْ تَعَدَّى بِالْحَفْرِ لِاسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ لَا يَشْمَلُ الْحَفْرَ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِجَارَةِ (وَمَوَاتٍ) لِتَمَلُّكٍ وَارْتِفَاقٍ، بَلْ أَوْ عَبَثًا فِيمَا يَظْهَرُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ كَالْحَفْرِ فِي مِلْكِهِ، وَعَلَيْهِ حَمَلُوا حَدِيثَ مُسْلِمٍ «الْبِئْرُ جُبَارٌ» وَلَوْ تَعَدَّى بِحَفْرِهِ فِي مِلْكِهِ لِكَوْنِهِ وَضَعَهُ بِقُرْبِ جِدَارِ جَارِهِ ضَمِنَ مَا وَقَعَ بِمَحَلِّ التَّعَدِّي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ الْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ فَغَيْرُ مُتَعَدٍّ كَمَا أَطْلَقَهُ أَيْضًا؛ إذْ التَّعَدِّي هُنَا لَيْسَ لِذَاتِ الْحَفْرِ بَلْ لِتَنْقِيصِ الْمَرْهُونِ، نَعَمْ لَوْ حَفَرَ بِالْحَرَمِ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ ضَمِنَ مَا وَقَعَ بِهَا مِنْ الصَّيْدِ، وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا قَرِيبَةَ الْعُمْقِ مُتَعَدِّيًا فَعَمَّقَهَا غَيْرُهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِمَا بِالسَّوِيَّةِ كَالْجِرَاحَاتِ
(وَلَوْ)(حَفَرَ بِدِهْلِيزِهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ (بِئْرًا)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
صَحِيحٍ، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ
(قَوْلُهُ: بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ) إشَارَةٌ إلَى تَقْيِيدِ ضَمَانِ الْحَافِرِ عُدْوَانًا بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاقِعَ بِدُخُولِهِ
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْأَنْوَارِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ يَضْمَنُ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ حَيْثُ تَعَمَّدَ الْوُقُوعَ (قَوْلُهُ: فَمِنْ حِينِ عِتْقِهِ) أَيْ ضَمَانُ الْوُقُوعِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى عَاقِلَتِهِ سم عَلَى حَجّ وَكُتِبَ فَمِنْ حِينِ عِتْقِهِ إلَخْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمِيزَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ الْوَضْعِ أَوْ الْبِنَاءِ اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَجَدُّدَ لُزُومِ الضَّمَانِ لِعَاقِلَةِ الْقِنِّ كَحُدُوثِ الْعَاقِلَةِ وَقْتَ التَّلَفِ، وَرَقَبَةُ الْقِنِّ كَالْعَاقِلَةِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْبِنَاءِ أَوْ الْوَضْعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي فَصْلِ الْعَاقِلَةِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ الضَّمَانَ لَمَّا تَلِفَ بَعْدَ عِتْقِهِ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَضَ لِلْوَاقِعِ بِهَا مُزْهِقٌ) كَحَيَّةٍ نَهَشَتْهُ أَوْ حَجَرٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مَثَلًا أَوْ ضَاقَ نَفَسُهُ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ فِيهَا وَلَوْ بِوَاسِطَةِ ضِيقِهَا
(قَوْلُهُ: لَا مَحْفُورَةَ) أَيْ لَا بِئْرَ مَحْفُورَةً إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَمَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِالْحَفْرِ فِيمَا اسْتَعَارَهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ
(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِعْمَالِهِ) عِلَّةٌ لِلتَّعَدِّي
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِاسْتِعْمَالِهِ
(قَوْلُهُ: لَا يَشْمَلُ الْحَفْرَ) أَيْ وَإِنْ تَوَقَّفَ تَمَامُ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِجَارَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا، وَإِنْ تَعَدَّى بِالْحَفْرِ
(قَوْلُهُ: «الْبِئْرُ جُبَارٌ» ) وَفِي نُسْخَةٍ «جُرْحُهَا جُبَارٌ» وَالْجُبَارُ بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ: الْهَدَرُ الَّذِي لَا طَلَبَ فِيهِ، وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي السَّيْلَ جُبَارًا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَفِي الْحَدِيثِ «الْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ» يَعْنِي أَنَّ نُزُولَ إنْسَانٍ فِي بِئْرٍ أَوْ مَعْدِنٍ يَحْفِرُهُ بِكِرَاءٍ فَهَلَكَ فِيهِ فَيُهْدَرُ اهـ تَرْتِيبُ الْمَطَالِعِ لِلْفَيُّومِيِّ.
وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ يُفْهِمُ هَذَا الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا دَلَالَةَ لِلْحَدِيثِ عَلَيْهِ، نَعَمْ رِوَايَةُ «الْبِئْرُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» قَدْ يُفْهِمُهُ كَأَنْ يُقَالَ جُرْحُهَا أَيْ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِهَا
(قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ التَّعَدِّي) وَهُوَ مَا حَفَرَهُ زِيَادَةً عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ حَفَرَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ لَا فِي مِلْكِهِ، فَإِنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ فِيهِ شَامِلٌ لِلْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: فَعَمَّقَهَا) أَيْ تَعْمِيقًا لَهُ دَخْلٌ فِي الْإِهْلَاكِ وَإِنْ قَلَّ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْمِيقِ الْأَوَّلِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ (قَوْلُهُ: إذْ التَّعَدِّي هُنَا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ عَقِبَ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْهُونِ
أَوْ كَانَ بِهِ بِئْرٌ لَمْ يَتَعَدَّ حَافِرُهَا (وَدَعَا رَجُلًا) أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ امْرَأَةً إلَى دَارِهِ فَدَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ وَكَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا (فَسَقَطَ) فِيهَا جَاهِلًا بِهَا لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ أَوْ تَغْطِيَةٍ لَهَا فَهَلَكَ (فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ) إيَّاهُ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ لِكَوْنِهِ غَرَّهُ وَلَمْ يَقْصِدْ هُوَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ قَاطِعًا، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ إنَّهُ يَضْمَنُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ بِالْقَوَدِ كَالْمُكْرَهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوُقُوعُ بِهَا يُهْلِكُ غَالِبًا وَعُلِمَ بِنَحْوِ الظُّلْمَةِ وَأَنَّ الْمَارَّ حِينَئِذٍ يَقَعُ فِيهَا غَالِبًا، فَإِنْ لَمْ يَدْعُهُ هُدِرَ مُطْلَقًا، وَكَذَا إنْ دَعَاهُ وَأَعْلَمَهُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُغَطَّاةً، وَخَرَجَ بِالْبِئْرِ نَحْوُ كَلْبٍ عَقُورٍ بِدِهْلِيزِهِ فَلَا يَضْمَنُ مَنْ دَعَاهُ فَأَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّ افْتِرَاسَهُ عَنْ اخْتِيَارِ وَلِإِمْكَانِ اجْتِنَابِهِ بِظُهُورِهِ، وَالثَّانِي لَا ضَمَانَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَدْعُوَّ غَيْرُ مُلْجَأٍ (أَوْ) حَفَرَ بِئْرًا (بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ) فِي (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمَالِكِ فِي الْحَفْرِ (فَمَضْمُونٌ) ذَلِكَ الْحَفْرُ، فَعَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَدَلُ مَا تَلِفَ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ؛ وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ فَقَدْ ذَكَرَهُ لِلْإِيضَاحِ عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ لَمْ يُعْلَمْ صَرِيحًا إلَّا مِنْ هَذِهِ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذِهِ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ مُشْتَرَكٌ أَيْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا كَانَ لَازِمًا لَا يَكُونُ اسْمُ مَفْعُولِهِ إلَّا مَوْصُولًا بِحَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ أَوْ مَصْدَرٍ، ثُمَّ يُتَوَسَّعُ بِحَذْفِ الْجَارِّ فَيَصِيرُ الضَّمِيرُ مُتَّصِلًا فَيَسْتَتِرُ
(أَوْ) حَفَرَ (بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ)(فَكَذَا) هُوَ مَضْمُونٌ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ لِتَعَدِّيهِمَا (أَوْ) حَفَرَ بِطَرِيقٍ (لَا يَضُمُّ) الْمَارَّةَ لِسَعَتِهَا أَوْ لِانْحِرَافِ الْبِئْرِ عَنْ الْجَادَّةِ (وَأَذِنَ) لَهُ (الْإِمَامُ) فِي الْحَفْرِ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ لِلتَّالِفِ بِهَا وَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ، وَهِيَ غَيْرُ ضَارَّةٍ (فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ فَالضَّمَانُ) عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (أَوْ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى لِمَصْلَحَتِهِ فَالْقَوْلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِهِ بِئْرٌ لَمْ يَتَعَدَّ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ تَعَدَّى فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الْمَالِكِ كَمَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ دَعَاهُ وَأَعْلَمَهُ) وَلَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الدَّارِ وَالْمُسْتَحِقُّ فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ تُعْلِمْهُ وَقَالَ الْمَالِكُ: أَعْلَمْته، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْلَامِ، وَلَا يُقَالُ.
وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: أَمَّا أَوَّلًا فَالْأَصْلُ فِي الْبِئْرِ الْمَحْفُورَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَحَلِّ الضَّمَانُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُسْقِطِ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَقْصِدُ إهْلَاكَ نَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَعْلَمَهُ لَاحْتَرَزَ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهَا
(قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ مَنْ دَعَاهُ) وَكَذَا مَنْ لَمْ يَدْعُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى
(قَوْلُهُ: وَهَذَا وَإِنْ عُلِمَ إلَخْ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ يُتَوَجَّهُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ إلَخْ.
وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مَبْدَأٌ لِلتَّقْسِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ يَضُرُّ الْمَارَّةَ) وَلَيْسَ مِمَّا يَضُرُّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَفْرِ الشَّوَارِعِ لِلْإِصْلَاحِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا تَعَدِّيَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ
الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
(قَوْلُهُ: لِتَعَدِّيهِمَا) الْحَافِرِ وَالْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ السَّابِقُ غَيْرَ نَفْسٍ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ حَيْثُ كَانَ نَفْسًا، وَلَوْ رَقِيقًا لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ قِيمَةَ الرَّقِيقِ عَلَى الْعَاقِلَةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّ مَا يَقَعُ لِأَهْلِ الْقُرَى مِنْ حَفْرِ آبَارٍ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ لِلِاسْتِقَاءِ مِنْهَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالْمُرُورِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الْحَافِرِ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ وَاسِعٍ لَا يَضُرُّ بِهِمْ، فَإِنْ فَعَلَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ كَسَقْيِ دَوَابِّهِ مِنْهَا وَأَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ ضَمِنَ وَإِنْ انْتَفَعَ غَيْرُهُ تَبَعًا، وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهُ مُلْتَزِمَ الْبَلَدِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَالْمُسْتَأْجَرِ نَصُّهَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي الْأَوَّلِ إذَا نَقَصَ الْحَفْرُ قِيمَتَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّعَدِّيَ هُنَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَالِكِ) أَيْ وَلَوْ لِلْبَعْضِ لِيَشْمَلَ الشَّرِيكَ (قَوْلُهُ: إلَّا مَوْصُولًا بِحَرْفِ جَرٍّ) بِأَنْ يَكُونَ مَعَ مَجْرُورِهِ مَرْفُوعًا بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ظَرْفٌ أَوْ مَصْدَرٌ بِأَنْ يَكُونَا مَرْفُوعَيْنِ بِهِ، وَشَرْطُ الْمَصْدَرِ أَنْ يَكُونَ مُتَصَرِّفًا غَيْرَ مُؤَكِّدٍ، وَشَرْطُ الظَّرْفِ أَنْ يَكُونَ مُتَصَرِّفًا خَاصًّا
(قَوْلُهُ: عَلَى لِمَصْلَحَتِهِ) صَوَابُهُ عَلَى مَصْلَحَتِهِ
بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مَرْدُودٌ كَحَفْرِهِ لِاسْتِقَاءٍ أَوْ جَمْعِ مَاءِ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الزَّازِ (فَلَا) ضَمَانَ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِجَوَازِهِ.
وَالثَّانِي قَالَ الْجَوَازُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَخَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَحْكَمَ رَأْسَهَا، فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْهَا وَتَرَكَهَا مَفْتُوحَةً ضَمِنَ مُطْلَقًا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ أَحْكَمَ رَأْسَهَا مُحْتَسِبٌ ثُمَّ جَاءَ ثَالِثٌ وَفَتَحَهُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ كَمَا لَوْ طَمَّهَا فَجَاءَ آخَرُ وَحَفَرَهَا، وَتَقْرِيرُ الْإِمَامِ بَعْدَ الْحَفْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَرْفَعُ الضَّمَانَ كَتَقْرِيرِ الْمَالِكِ السَّابِقِ، وَأَلْحَقَ الْعَبَّادِيُّ وَالْهَرَوِيُّ الْقَاضِيَ بِالْإِمَامِ حَيْثُ قَالَا لَهُ الْإِذْنُ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ وَاِتِّخَاذِ سِقَايَةٍ بِالطَّرِيقِ حَيْثُ لَا تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا لَمْ يَخُصَّ الْإِمَامُ بِالنَّظَرِ بِالطَّرِيقِ غَيْرَهُ (وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ) فَلَوْ حَفَرَ بِهِ بِئْرًا أَوْ بَنَاهُ فِي شَارِعٍ أَوْ وَضَعَ سِقَايَةً عَلَى بَابِ دَارِهِ لَمْ يَضْمَنْ الْهَالِكُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَوْ حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمُصَلِّينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَعُدْوَانٌ إنْ أَضَرَّ بِالنَّاسِ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ بَلْ الْحَفْرُ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا فَالتَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، نَعَمْ لَوْ بَنَى مَسْجِدًا فِي مَوَاتٍ فَهَلَكَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَا يَضْمَنُ بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ وَفَرْشِ حَصِيرٍ أَوْ حَشِيشٍ وَنَصْبِ عُمُدٍ وَبِنَاءِ سَقْفٍ وَتَطْيِينِ جِدَارٍ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِنَحْوِ جِذَاذٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فَسَقَطَ أَوْ انْهَارَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا تَنْهَارُ أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ، إذْ لَا تَقْصِيرَ بَلْ الْمُقَصِّرُ الْأَجِيرُ لِعَدَمِ احْتِيَاطِهِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ جَهِلَ الِانْهِيَارَ (وَمَا تَوَلَّدَ) مِنْ فِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ لَا يَضْمَنُهُ كَجَرَّةٍ سَقَطَتْ وَقَدْ وُضِعَتْ بِحَقٍّ، وَحَطَبٍ كَسَرَهُ فَطَارَ بَعْضُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا وَدَابَّةٍ رَبَطَهَا فِيهِ فَرَفَسَتْ إنْسَانًا خَارِجَهُ، فَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ نَارٍ أَوْقَدَهَا بِمِلْكِهِ وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ لَا إنْ هَبَّتْ بَعْدَ الْإِيقَادِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ فَلَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ الْإِمَامُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَضَمِنَ وَقَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ: أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَالْحَالُ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا لَوْ حَفَرَ لِمَصْلَحَةٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَوْ حَفَرَ إلَخْ) أَيْ الْحَافِرُ فِيمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْمَحَلِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ جَمَعَ مَاءَ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلِّينَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ إلَخْ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَوْ دَعَاهُ لِيُنَجِّدَ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ تَبَرُّعًا، بَلْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِ فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا أَحْدَثَ فِيهِ فِعْلًا (قَوْلُهُ: وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ فِي مِلْكِهِ) أَوْ خَارِجِهِ
(قَوْلُهُ: وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ) وَيُقَالُ بِمِثْلِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لَكِنْ بِمَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِيقَادِ فِيهِ كَمَا يَقَعُ لِأَرْبَابِ الزِّرَاعَاتِ مِنْ أَنَّهُمْ يُوقِدُونَ نَارًا فِي غِيطَانِهِمْ لِمَصَالِحَ تَتَعَلَّقُ بِهِمْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَفْهُومُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ كَسَرَ حَطَبًا بِشَارِعٍ ضَيِّقٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهَا فَلَمْ يَفْعَلْ) أَيْ أَوْ نَهَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَلَوْ حَفَرَ بِهِ بِئْرًا أَوْ بَنَاهُ فِي شَارِعٍ) اعْلَمْ أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ لَمَّا حَلَّ الْمَتْنَ حَمَلَهُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْهُ حَيْثُ قَالَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ: أَيْ الْحَفْرُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَيَصِحُّ حَمْلُ الْمَتْنِ بِتَكَلُّفٍ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْمَسْجِدِ وَمِثْلُهُ السِّقَايَةُ بِطَرِيقٍ كَالْحَفْرِ فِيهَا، فَيَأْتِي هُنَا تَفْصِيلُهُ اهـ.
وَالشَّارِحُ أَشَارَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ إلَى حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ مَعًا، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ اتَّخَذَا سِقَايَةً فِي بَابِ دَارِهِ لَيْسَ حَقَّ التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ وُضِعَتْ بِحَقٍّ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ مَفْهُومِهِ مَعَ أَنَّهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَعَلَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَتْ تَضُرُّ الْمَارَّةُ (قَوْلُهُ: وَحَطَبٌ كَسَرَهُ) أَيْ فِي مِلْكِهِ كَمَا هُوَ الصُّورَةُ.
أَمَّا تَكْسِيرُهُ فِي الشَّوَارِعِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقْتَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ)
أَوْ جَاوَزَ فِي إيقَادِهَا ذَلِكَ أَوْ سَقَى أَرْضَهُ وَأَسْرَفَ أَوْ كَانَ بِهَا شَقٌّ، وَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَحْتَطْ لِسَدِّهِ أَوْ مِنْ رَشِّهِ لِلطَّرِيقِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ مَعَ مُجَاوَزَةِ الْعَادَةِ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ ضَمِنَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِيهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ، وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدَوَامِ الْحَفْرِ وَتَوَلُّدِ الْمَفَاسِدِ مِنْهُ فَتَوَقَّفَ عَلَى إذْنِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَفْصِيلِهِمْ فِي الرَّشِّ أَنَّ تَنْحِيَتَهُ أَذَى الطَّرِيقِ كَحَجَرٍ فِيهَا إنْ قَصَدَ بِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً لَمْ يَضْمَنْ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا لَتَرَكَ النَّاسُ هَذِهِ السُّنَّةَ الْمُتَأَكِّدَةَ أَوْ (مِنْ جَنَاحٍ) أَيْ خَشَبٍ خَارِجٍ عَنْ مِلْكِهِ (إلَى شَارِعٍ) وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فَسَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ مِنْ تَكْسِيرِ حَطَبٍ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ أَوْ مِنْ مَشْيِ أَعْمَى بِلَا قَائِدٍ أَوْ مِنْ عَجْنِ طِينٍ فِيهِ وَقَدْ جَاوَزَ الْعَادَةَ أَوْ مِنْ وَضْعِ مَتَاعِهِ لَا عَلَى بَابِ حَانُوتِهِ عَلَى الْعَادَةِ (فَمَضْمُونٌ) لَكِنَّهُ فِي الْجَنَاحِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمِيزَابِ مِنْ ضَمَانِ الْجَمِيعِ بِالْخَارِجِ وَالنِّصْفِ بِالْكُلِّ وَإِنْ جَازَ إشْرَاعُهُ بِأَنْ لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ قَوْلِ الْإِمَامِ لَوْ تَنَاهَى فِي الِاحْتِيَاطِ فَجَرَتْ حَادِثَةٌ لَا تُتَوَقَّعُ أَوْ صَاعِقَةٌ فَسَقَطَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَنْ يُرِيدُ الْفِعْلَ
(قَوْلُهُ: فِي إيقَادِهَا ذَلِكَ) أَيْ الْعَادَةُ
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِهَا شَقٌّ) يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ رَشِّهِ لِلطَّرِيقِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا) وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ وَالضَّامِنَ الْمُبَاشِرَ لِلرَّشِّ، فَإِذَا قَالَ لِلسَّقَّاءِ رُشَّ هَذِهِ الْأَرْضَ حُمِلَ عَلَى الْعَادَةِ فَحَيْثُ جَاوَزَ الْعَادَةَ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ السَّقَّاءَ بِمُجَاوَزَةِ الْعَادَةِ فِي الرَّشِّ فَعُلِّقَ الضَّمَانُ بِالْآمِرِ، وَانْظُرْ لَوْ جُهِلَ الْحَالُ هَلْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَادَةِ نَشَأَتْ مِنْ السَّقَّاءِ أَوْ مِنْ الْآمِرِ أَوْ تَنَازَعَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى السَّقَّاءِ لَا الْآمِرِ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ أَمْرِهِ بِالْمُجَاوَزَةِ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْأَمْرِ
(قَوْلُهُ: كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ الْمُقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَفْرِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ فَلَعَلَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَفْرِ وَالرَّشِّ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَفِي الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا فَلَا يَتَأَتَّى الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَفْرِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْفَرْقُ عَلَى كَلَامِهِ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً) أَيْ وَذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ ضَمِنَ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ فِي الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مَأْمُورٌ بِهِ فَيَحْصُلُ فِعْلُهُ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ الشَّارِعِ بِفِعْلِ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ
(قَوْلُهُ: فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِمَا تَلِفَ بِتَكْسِيرِهِ بِشَارِعٍ وَاسِعٍ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ بِفِعْلِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ مَشْيِ أَعْمَى بِلَا قَائِدٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِقَائِدٍ لَا ضَمَانَ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَان فِي مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ أَنَّهُ مَعَ الْقَائِدِ يَضْمَنُ بِالْأَوْلَى، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي إتْلَافِ الدَّوَابِّ أَنَّ الْأَعْمَى لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ دُونَ مُسَيِّرِهَا، وَعِبَارَتُهُ: فَرْعٌ: سُئِلَ شَيْخُنَا طب رحمه الله عَنْ أَعْمَى رَكِبَ دَابَّةً وَقَادَهُ سَلِيمٌ فَأَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ عَيْنًا فَالضَّمَانُ عَلَى أَيِّهِمَا؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ أَعْمَى أَوْ غَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَبِتَضْمِينِ الْمَذْكُورِ جَزَمَ م ر اهـ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ رَبْطِ جَرَّةٍ وَإِدْلَائِهَا فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ أَوْ فِي دَارِ جَارِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا سَقَطَ مِنْ الْجَنَاحِ فَيَضْمَنُهُ وَاضِعُ الْجَرَّةِ
(قَوْلُهُ: لَوْ تَنَاهَى فِي الِاحْتِيَاطِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ) هُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ كَالْحَفْرِ بِالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ) لَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَسْأَلَتَيْنِ
بِهَا وَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَسْت أَرَى إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ انْتَهَى.
وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْبِئْرِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ هُنَا أَغْلَبُ وَأَكْثَرُ فَلَا يُمْكِنُ إهْدَارُهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْقُطْ فَلَا يَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ بِهِ وَنَحْوَهُ كَمَا لَوْ سَقَطَ وَهُوَ خَارِجٌ إلَى مِلْكِهِ وَإِنْ سَبَّلَ مَا تَحْتَهُ شَارِعًا أَوْ إلَى مَا سَبَّلَهُ بِجَنْبِ دَارِهِ مُسْتَثْنِيًا مَا يُشْرَعُ إلَيْهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِمَا أَوْ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ بِإِذْنِ جَمِيعِ الْمُلَّاكِ وَإِلَّا ضَمِنَ
(وَيَحِلُّ) لِمُسْلِمٍ لَا ذِمِّيٍّ فِي شَوَارِعِنَا (إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ) الْعَالِيَةِ الَّتِي لَا تَضُرُّ الْمَارَّةَ (إلَى شَارِعٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (وَالتَّالِفُ بِهَا مَضْمُونٌ فِي الْجَدِيدِ) وَكَذَا بِمَا يَقْطُرُ مِنْهَا لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَاحِ، وَكَمَا لَوْ وَضَعَ تُرَابًا فِي الطَّرِيقِ لِيُطَيِّنَ بِهِ سَطْحَهُ مَثَلًا وَقَدْ خَالَفَ الْعَادَةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَنْ يُزْلَقُ بِهِ، وَالْقَدِيمُ لَا ضَمَانَ فِيهِ لِضَرُورَةِ تَصْرِيفِ الْمِيَاهِ، وَمَنَعَ الْأَوَّلَ الضَّرُورَةُ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ (فِي الْجِدَارِ فَسَقَطَ الْخَارِجُ) أَوْ بَعْضُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا (فَكُلُّ الضَّمَانِ) عَلَى وَاضِعِهِ أَوْ عَاقِلَتِهِ لِوُقُوعِ التَّلَفِ بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ خَاصَّةً، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بَعْضُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَيْءٌ فِيهِ بِأَنْ سَمَّرَهُ فِيهِ فَيَضْمَنَ الْكُلَّ، وَلَوْ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ وَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَالْجِدَارِ (وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ) أَوْ الْخَارِجُ وَبَعْضُ الدَّاخِلِ أَوْ عَكْسُهُ فَأَتْلَفَ شَيْئًا بِكُلِّهِ أَوْ بِأَحَدِ طَرَفَيْهِ (فَنِصْفُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ انْكَسَرَ فِي الْهَوَاءِ نِصْفَيْنِ وَقَدْ سَقَطَ كُلُّهُ ثُمَّ أَصَابَ نُظِرَ إنْ أَصَابَ بِمَا كَانَ فِي الْجِدَارِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بِالْخَارِجِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَلَوْ نَامَ عَلَى طَرَفِ سَطْحِهِ فَانْقَلَبَ إلَى الطَّرِيقِ عَلَى مَارٍّ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِانْهِيَارِ الْحَائِطِ مِنْ تَحْتِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ لِتَقَلُّبِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ بَالَغَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: فَلَسْت أَرَى إطْلَاقَ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ) أَيْ بَلْ أَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ بِهِ) أَيْ تَلِفَ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَّلَ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِمَا: أَيْ قَوْلُهُ إلَى مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا سَبَّلَهُ
(قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَضُرُّ الْمَارَّةَ) أَيْ أَمَّا الَّتِي تَضُرُّ فَيَمْتَنِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ
(قَوْلُهُ: إلَى شَارِعٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَكَذَا يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ جَنَاحٍ خَارِجٍ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ أَيْ لَيْسَ فِيهِ نَحْوُ مَسْجِدٍ، وَإِلَّا فَكَشَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِيًا اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ بِالْإِذْنِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ وَلَمْ يَنْهَهُ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ جَمَعَ مَاءَ مَطَرٍ وَلَمْ يَنْهَهُ الْإِمَامُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي الْفَرْجِ الزَّازِ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا بِمَا يَقْطُرُ مِنْهَا) مِثْلُهُ وَأَوْلَى مَا يَقْطُرُ مِنْ الْكِيزَانِ الْمُعَلَّقَةِ أَجْنِحَةً بِالْبُيُوتِ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: لِيُطَيِّنَ بِهِ سَطْحَهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ لِيَجْمَعَهُ ثُمَّ يَنْقُلَهُ إلَى الْمَزْبَلَةِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ: وَمَنَعَ الْأَوَّلَ الضَّرُورَةُ) وَعَلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ لَا الْبَنَّاءِ
(قَوْلُهُ: فَكُلُّ الضَّمَانِ عَلَى وَاضِعِهِ) أَيْ إنْ وَضَعَهُ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْآمِرِ بِالْوَضْعِ
(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ) أَيْ الْمِيزَابُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْجِدَارِ
(قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ الدَّاخِلِ وَبَعْضِ الْخَارِجِ وَقَدْ يُشْكِلُ تَصَوُّرُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يُمْكِنُ تَصَوُّرُهُ بِمَا لَوْ انْفَصَلَ كُلُّ الدَّاخِلِ عَنْ الْخَارِجِ وَكَانَ الْخَارِجُ مُلْتَصِقًا مَثَلًا بِالْجِدَارِ فَانْشَرَخَ وَسَقَطَ بَعْضُهُ مَعَ جَمِيعِ الدَّاخِلِ
(قَوْلُهُ: إنْ أَصَابَ بِمَا كَانَ فِي الْجِدَارِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ اخْتَلَفَ صَاحِبُ الْجَنَاحِ وَمَنْ تَلِفَ مَتَاعُهُ فَقَالَ صَاحِبُ الْجَنَاحِ تَلِفَ بِالدَّاخِلِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ: تَلِفَ بِالْخَارِجِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ صَاحِبِ الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَامَ) أَيْ شَخْصٌ وَلَوْ طِفْلًا
(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ) أَيْ الْجِدَارِ الدَّاخِلِ فِي هَوَاءِ الْمِلْكِ كَمَا لَا يَخْفَى بِخِلَافِ الْجِدَارِ الْمُرَكَّبِ عَلَى الرَّوْشَنِ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي غَالِبِ الْمَيَازِيبِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي ضَمَانُ التَّالِفِ بِهَذَا الْمِيزَابِ مُطْلَقًا إذْ هُوَ تَابِعٌ لِلْجِدَارِ، وَالْجِدَارُ نَفْسُهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ لِكَوْنِهِ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ كَمَا مَرَّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ) ذِكْرُ الْجَنَاحِ هُنَا خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ السِّيَاقِ مَعَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: السَّابِقُ لَكِنَّهُ فِي الْجَنَاحِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمِيزَابِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَفْرُوضٌ فِي خُصُوصِ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسُقُوطِ بَعْضِهِ) حَقُّ الْغَايَةِ وَلَوْ بِسُقُوطِ كُلِّهِ لِأَنَّ
فِي نَوْمِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِفِعْلِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَ مَاؤُهُ شَيْئًا ضَمِنَ نِصْفَهُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ وَالْبَاقِي خَارِجَهُ، وَلَوْ اتَّصَلَ مَاؤُهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ تَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ.
قَالَ الْغَزِّيِّ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَيْسَ مِنْهُ خَارِجٌ لَا ضَمَانَ فِيهِ لَكِنْ أُطْلِقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانُ بِالْمِيزَابِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي مَحَلِّ الْمَاءِ جَرَيَانُهُ فِي نَفْسِ الْمَاءِ لِتَمَيُّزِ دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَمُجَرَّدُ مُرُورِهِ بِغَيْرِ الْمَضْمُونِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ ضَمَانِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ مُرُورِهِ بَعْدُ عَلَى الْمَضْمُونِ وَهُوَ الْخَارِجُ، وَبِهَذَا الْأَخِيرِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَطَايَرَ مِنْ حَطَبٍ كَسَرَهُ فِي مِلْكِهِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الرَّوْضَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَا يُبَرَّأُ وَاضِعُ مِيزَابٍ وَجَنَاحٍ وَبَانِي جِدَارٍ مَائِلًا لِغَيْرِ مِلْكِهِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ.
نَعَمْ إنْ بَنَاهُ مَائِلًا لِمِلْكِ غَيْرِهِ عُدْوَانًا وَبَاعَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ بَرِئَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْوَاضِعِ وَالْبَانِي الْمَالِكُ الْآمِرُ لَا الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ الْوَضْعِ أَوْ الْبِنَاءِ اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ (وَإِنْ)(بَنَى جِدَارَهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ) أَوْ مَسْجِدًا وَمِلْكِ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمِنْهُ السِّكَّةُ الَّتِي لَا تَنْفُذُ كَمَا مَرَّ (فَكَجَنَاحٍ) فَيَضْمَنُ الْكُلَّ إنْ حَصَلَ التَّلَفُ بِالْمَائِلِ وَالنِّصْفَ إنْ حَصَلَ بِالْكُلِّ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا مِنْ أَصْلِهِ ضَمِنَ كُلَّ التَّالِفِ مُطْلَقًا وَهُوَ وَاضِحٌ، أَوْ إلَى مِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ لِثُبُوتِ التَّصَرُّفِ لَهُ كَيْفَ شَاءَ، وَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَلَكَهُ مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ لِلْغَيْرِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَوَاءً مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ مَرْدُودٌ، وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ بِنَقْضِهِ أَوْ إصْلَاحِهِ كَأَغْصَانِ شَجَرَةٍ انْتَشَرَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فَلَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ لِعُذْرِهِ، وَقَوْلُهُ ضَمِنَ: أَيْ بِدِيَةِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَ مَاؤُهُ شَيْئًا) أَيْ مَاءُ الْمِيزَابِ
(قَوْلُهُ: ضَمِنَ نِصْفَهُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ إلَخْ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ السَّطْحِ وَيَمُرُّ مِنْ الْمِيزَابِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَاءِ يَمُرُّ عَلَى الْخَارِجِ، أَمَّا إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَاءَ نَزَلَ بَعْضُهُ مِنْ الْمَطَرِ فِي دَاخِلِ الْمِيزَابِ وَبَعْضُهُ فِي خَارِجِهِ فَتَنْصِيفُ الضَّمَانِ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ: لَكِنْ أُطْلِقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانُ بِالْمِيزَابِ إلَخْ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي التَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ النِّصْفَ حَيْثُ جَرَى الْمَاءُ عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ
(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْمِيزَابِ الَّذِي لَيْسَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ الضَّمَانَ بِالْمِيزَابِ) مُعْتَمَدٌ: أَيْ فَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِمَائِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الْمِيزَابِ عَنْ مِلْكِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا الْأَخِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا مَعَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: كَسَرَهُ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ) مَعَ أَنَّ كُلًّا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ سَلَّمَهُ أَيْ عَنْ الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: بَرِئَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ صَارَ يَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُ وَلَا يُكَلَّفُ هَدْمَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْوَاضِعِ وَالْبَانِي الْمَالِكُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِكِ أَعَمُّ مِنْ مَالِكِ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ إخْرَاجُ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: اُخْتُصَّ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ الْآمِرِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ كُلَّ التَّالِفِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ بِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَلَكَهُ) أَيْ الَّذِي أَخْرَجَ إلَيْهِ الْمِيزَابَ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ، أَيْ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقُ غَيْرِهِ عَارِضٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ) وَخَرَجَ بِصَاحِبِ الْمِلْكِ الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى الشَّارِعِ بِنَقْضِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ مُطَالَبَةِ الْحَاكِمِ مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ مَالَ جِدَارُهُ إلَى مِلْكِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِرَفْعِهِ بِأَنْ كَانَ يَرَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ نَقْضُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
ضَمَانَ الْكُلِّ بِسُقُوطِ الْبَعْضِ هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُتْلِفَ مَاؤُهُ) أَيْ الْمِيزَابِ
(قَوْلُهُ: بُرِئَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَضْمَنُ لَهُ فَقَطْ فَحَيْثُ مَلَكَ الْجِدَارَ بَرِئَ هُوَ مِنْ عُهْدَتِهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ إلَخْ.) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ: اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهِ) أَيْ بِالْبَانِي مَثَلًا
لَكِنْ لَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ بِهِ (أَوْ) بِنَاءً (مُسْتَوِيًا فَمَالَ) إلَى مَمَرٍّ (وَسَقَطَ) وَأَتْلَفَ شَيْئًا حَالَ سُقُوطِهِ أَوْ بَعْدَهُ (فَلَا ضَمَانَ) إذْ الْمَيْلُ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ (وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ أَوْ إصْلَاحُهُ ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْهَدْمِ وَالْإِصْلَاحِ، وَعَلَيْهِ فَيُتَّجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُطَالَبَ بِهَدْمِهِ وَرَفْعِهِ أَمْ لَا
(وَلَوْ)(سَقَطَ) مَا بَنَاهُ مُسْتَوِيًا وَمَالَ (بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ شَخْصٌ أَوْ تَلِفَ) بِهِ (مَالٌ)(فَلَا ضَمَانَ) وَإِنْ أَمَرَهُ الْوَالِي بِرَفْعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ.
وَالثَّانِي نَعَمْ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ رَفْعِ مَا سَقَطَ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ تَبَعًا لِجَمْعٍ إنَّهُ لَوْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهِ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّأْخِيرِ رَأْيٌ ضَعِيفٌ وَلَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَقْضِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْمَارِّينَ نَقْضُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ
(وَلَوْ)(طُرِحَ قُمَامَاتٌ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ كُنَاسَاتٍ (وَقُشُورٌ) نَحْوُ (بِطِّيخٍ) وَرُمَّانٍ (بِطَرِيقٍ) أَيْ شَارِعٍ (فَمَضْمُونٌ) بِالنِّسْبَةِ لِلْجَاهِلِ بِهَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا مَرَّ فِي الْجَنَاحِ، وَلَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ عَنْ الشَّارِعِ لَا يَحْتَاجُ الْمَارُّ إلَيْهِ أَصْلًا فَلَا ضَمَانَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَالْغَزِّيُّ إنَّهُ حَقٌّ، وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَإِنْ فُرِضَ عَدُّهُ مِنْ الشَّارِعِ فَالتَّقْصِيرُ مِنْ الْمَارِّ بِعُدُولِهِ إلَيْهِ فَيَسْقُطُ مَا لِلْبُلْقِينِيِّ هُنَا.
وَالثَّانِي لَا ضَمَانَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي طَرْحِ مَا ذُكِرَ، وَخَرَجَ بِالشَّارِعِ مِلْكُهُ وَالْمَوَاتُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا مُطْلَقًا، وَبِطَرْحِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا بِرِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ مَا يُتْرَكُ بِأَرْضِ الْحَمَّامِ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ يَكُونُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ عَلَى وَاضِعِهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ فِي الثَّانِي لِاعْتِيَادِ تَنْظِيفِهِ كُلَّ يَوْمٍ، وَخَالَفَهُ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ: إنْ نَهَى الْحَمَّامِيُّ عَنْهُ ضَمِنَ الْوَاضِعُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا يَغْرَمُهُ عَلَى النَّقْضِ ثُمَّ رَأَيْت الدَّمِيرِيِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَيُتَّجَهُ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ.
[فَرْعٌ] قَالَ ع: لَوْ اخْتَلَّ جِدَارُهُ فَطَلَعَ السَّطْحَ وَدَقَّ لِإِصْلَاحِهِ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ، قَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ سَقَطَ حَالَ الدَّقِّ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَقَوْلُ سم: حَالَ الدَّقِّ: أَيْ أَمَّا بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ السُّقُوطُ مُتَرَتِّبًا عَلَى الدَّقِّ السَّابِقِ لِحُصُولِ خَلَلٍ بِهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَنَاهُ مَائِلًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَنَاهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ عَنْ سم
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ الْحَاكِمُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَحَ قُمَامَاتٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْقُمَامَاتِ مَا يَحْصُلُ فِي أَيَّامِ الْمَطَرِ إذَا حَصَلَ الْمَاءُ عَلَى بَعْضِ الْأَبْوَابِ فَنُحِّيَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُ الْقُمَامَاتِ فَيَضْمَنُ الْمُنَحِّي مَنْ تَلَفَ بِهِ حَيْثُ كَانَ جَاهِلًا وَلَمْ يَكُنْ فِي مُنْعَطَفٍ عَنْ الشَّارِعِ لَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَارَّةُ، وَقَوْلُهُ وَقُشُورُ نَحْوِ بِطِّيخٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ مَحَلِّيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِلْجَاهِلِ بِهَا، فَلَوْ قَالَ: أَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ إلَخْ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ: مُسْتَحَقَّةٌ: أَيْ لِلْوَاضِعِ
(قَوْلُهُ: فَالتَّقْصِيرُ مِنْ الْمَارِّ بِعُدُولِهِ إلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْدِلْ إلَيْهِ اخْتِيَارًا بَلْ لِلْعُرُوضِ زَحْمَةٌ أَلْجَأَتْهُ إلَيْهِ ضَمِنَ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ قَوْلِهِ أَوَّلًا نَعَمْ إنْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا لِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ اسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةً مُسْتَحَقَّةً لَهُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمَا مُطْلَقًا: أَيْ جَاهِلًا كَانَ أَوْ عَالِمًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دَعَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ
(قَوْلُهُ: وَبِطَرْحِهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ الْمَالِكُ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ
(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ فِي الْجِدَارِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ
(قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ) وَمِنْهُ النُّخَامَةُ
(قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْوَاضِعُ) أَيْ وَلَوْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: فَعَثَرَ) هُوَ بِتَثْلِيثِ الْمُثَلَّثَةِ فِي الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْإِحْيَاءِ حَسْبَمَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ: إذَا اغْتَسَلَ إنْسَانٌ فِي الْحَمَّامِ وَتَرَكَ الصَّابُونَ أَوْ السِّدْرَ الْمُزَلِّقَيْنِ بِأَرْضِ الْحَمَّامِ فَتَزَلَّقَ بِهِ إنْسَانٌ وَتَلِفَ بِهِ عُضْوٌ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَظْهَرُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى تَارِكِهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ فِي الثَّانِي لِأَنَّ الْعَادَةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَهُ فِي فَتَاوِيهِ) قَدْ يُقَالُ: لَا مُخَالَفَةَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْفَتَاوَى تَقْيِيدًا لِمَا فِي الْإِحْيَاءِ
وَكَذَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ وَلَا نَهَى لَكِنْ جَاوَزَ فِي اسْتِكْثَارِهِ الْعَادَةَ وَهُوَ أَقْرَبُ
(وَلَوْ)(تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ هُوَ أَوْ عَاقِلَتِهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ الثَّانِي (بِأَنْ حَفَرَ) وَاحِدٌ بِئْرًا عُدْوَانًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ؛ إذْ غَيْرُ الْعُدْوَانِ يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى (وَضَعَ آخَرُ) أَهْلًا لِلضَّمَانِ قَبْلَ الْحَفْرِ أَوْ بَعْدَهُ (حَجَرًا) وَضْعًا (عُدْوَانًا) نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَرَّرْنَاهُ أَوْ حَالٌ بِتَأْوِيلِهِ بِمُتَعَدِّيًا (فَعُثِرَ بِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَوَقَعَ) الْعَاثِرُ (بِهَا) فَهَلَكَ (فَعَلَى الْوَاضِعِ) الَّذِي هُوَ السَّبَبُ الْأَوَّلُ؛ إذْ الْمُرَادُ بِهِ الْمُلَاقِي لِلتَّلَفِ أَوَّلًا لَا الْمَفْعُولُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ التَّعَثُّرَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فَكَأَنَّ وَاضِعَهُ أَخَذَهُ وَرَدَّاهُ فِيهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاضِعُ أَهْلًا فَسَيَأْتِي (فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاضِعُ) الْأَهْلَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِمِلْكِهِ وَحَفَرَ آخَرَ عُدْوَانًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَعَثَرَ شَخْصٌ وَوَقَعَ بِهَا (فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُ الْحَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي، وَفَارَقَ حُصُولَ الْحَجَرِ عَلَى طَرَفِهَا بِنَحْوِ سَبُعٍ أَوْ حَرْبِيٍّ أَوْ سَيْلٍ بِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا أَهْلٌ لِلضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ تَعَيَّنَ شَرِيكُهُ، بِخِلَافِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ أَصْلًا فَسَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا يُنَافِي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا بِمِلْكِهِ وَوَضَعَ آخَرُ فِيهَا سِكِّينًا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، أَمَّا الْمَالِكُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْوَاضِعُ فَلِأَنَّ السُّقُوطَ فِي الْبِئْرِ هُوَ الْمُفْضِي لِلسُّقُوطِ عَلَى السِّكِّينِ فَكَانَ الْحَافِرُ كَالْمُبَاشِرِ وَالْآخَرُ كَالْمُتَسَبِّبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى تَعَدِّي الْوَاقِعِ بِمُرُورِهِ أَوْ كَانَ النَّاصِبُ غَيْرَ مُتَعَدٍّ.
نَعَمْ قَدْ تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ بِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ بَرَزَتْ بَقْلَةٌ فِي الْأَرْضِ فَتَعَثَّرَ بِهَا مَارٌّ وَسَقَطَ عَلَى حَدِيدَةٍ مَنْصُوبَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا شَاذٌّ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ أَوْ بِأَنَّ الْبَقْلَةَ لَمَّا كَانَتْ بَعِيدَةَ التَّأْثِيرِ فِي الْقَتْلِ فَزَالَ أَثَرُهَا بِخِلَافِ الْحَجَرِ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَأَلْقَى رَجُلٌ رَجُلًا عَلَيْهَا فَهَلَكَ ضَمِنَهُ الْمُلْقِي لَا صَاحِبُ السِّكِّينِ إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ بِهَا، وَلَوْ وَقَفَا عَلَى بِئْرٍ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا هَوَى جَذَبَ مَعَهُ الدَّافِعَ فَسَقَطَا فَمَاتَا، فَإِنْ جَذَبَهُ طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ فَهُمَا ضَامِنَانِ خِلَافًا لِلصَّيْمَرِيِّ، وَإِنْ جَذَبَهُ لَا لِذَلِكَ بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ وَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا خَلَاصُ نَفْسِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ كَمَا لَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي الْيَوْمِ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالسَّبَبِ مَا لَهُ مَدْخَلٌ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ اصْطِلَاحِيٌّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ إنْ كَانَ التَّالِفُ مَالًا، وَقَوْلُهُ أَوْ عَاقِلَتِهِ: أَيْ إنْ كَانَ التَّالِفُ نَفْسًا
(قَوْلُهُ: فَعَثَرَ) هُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ وَمُضَارِعُهُ مِثْلُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَهُوَ ضَبْطٌ لَهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: وَوَضَعَ آخَرُ) أَيْ وَلَوْ تَعَدِّيًا كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُهُ فِيهَا سِكِّينًا: أَيْ وَتَرَدَّى بِهَا شَخْصٌ وَمَاتَ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ: أَيْ وَيَكُونُ الْوَاقِعُ هَدَرًا (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاضِعِ الْحَدِيدَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ) أَيْ فَإِنْ تَلَقَّاهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: فَهُمَا ضَامِنَانِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ كَالْمُصْطَدَمِينَ
(قَوْلُهُ: بَلْ لِإِتْلَافِ الْمَجْذُوبِ) أَيْ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
فِي إطْلَاقِهِ ضَمَانَ الْوَاضِعِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَاوَزَ فِي إكْثَارِهِ الْعَادَةَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ حِينَئِذٍ، وَالظَّاهِرُ لَا، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا أَذِنَهُ الْحَمَّامِيُّ فَانْظُرْ حُكْمَهُ
(قَوْلُهُ: عُدْوَانًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: عُدْوَانًا أَوْ لَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ إلَخْ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عُدْوَانًا رَاجِعٌ لِهَذَا أَيْضًا وَهُوَ مَا فِي أَصْلِهِ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْعُدْوَانِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: طَمَعًا فِي التَّخَلُّصِ وَكَانَتْ الْحَالُ تُوجِبُ ذَلِكَ) هَذَانِ قَيْدَانِ لِعَدَمِ الضَّمَانِ لَا لِلضَّمَانِ الَّذِي يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْمَرِيَّ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَالشَّارِحُ يَخْتَارُ الضَّمَانَ وَلَوْ مَعَ الْقَيْدَيْنِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُمَا غَايَةً بَعْدَ قَوْلِهِ فَهُمَا ضَامِنَانِ
تَجَارَحَا وَمَاتَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ كُلٍّ قَصَدْت الدَّفْعَ
(وَلَوْ)(وَضَعَ حَجَرًا) عُدْوَانًا بِطَرِيقٍ مَثَلًا (وَ) وَضَعَ (آخَرَانِ حَجَرًا) كَذَلِكَ بِجَنْبِهِ (فَعُثِرَ بِهِمَا)(فَالضَّمَانُ أَثْلَاثٌ) وَإِنْ تَفَاوَتَ فِعْلُهُمْ نَظَرًا إلَى رُءُوسِهِمْ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْجِرَاحَاتُ (وَقِيلَ) هُوَ (نِصْفَانِ) نِصْفٌ عَلَى الْوَاحِدِ وَنِصْفٌ عَلَى الْآخَرَيْنِ نَظَرًا لِلْحَجَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمُهْلِكَانِ (وَلَوْ)(وَضَعَ حَجَرًا) عُدْوَانًا (فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ) فَهَلَكَ (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) الَّذِي هُوَ الْعَاثِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ انْتِقَالَهُ إنَّمَا هُوَ بِفِعْلِهِ
(وَلَوْ)(عَثَرَ) مَاشٍ (بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِطَرِيقٍ) لِغَيْرِ غَرَضٍ فَاسِدٍ (وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا)(فَلَا ضَمَانَ) يَعْنِي عَلَى عَاقِلَةِ الْمَعْثُورِ بِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْعَاثِرِ ضَمَانُ الْمَعْثُورِ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ سَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى (إنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ) بِأَنْ لَمْ تَتَضَرَّرْ الْمَارَّةُ بِنَحْوِ النَّوْمِ فِيهِ أَوْ كَانَ بِمَوَاتٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَالْعَاثِرُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاحْتِرَازِ فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ أَوْ اتَّسَعَ وَوَقَفَ مَثَلًا لِغَرَضٍ فَاسِدٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لِلطُّرُوقِ فَهُمَا الْمُقَصِّرَانِ بِالنَّوْمِ وَالْقُعُودِ وَالْمُهْلِكَانِ لِنَفْسَيْهِمَا (لَا عَاثِرٌ بِهِمَا) بَلْ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهَا بَدَلُهُ (وَضَمَانُ وَاقِفٍ) لِاحْتِيَاجِ الْمَارِّ لِلْوُقُوفِ كَثِيرًا فَهُوَ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ (لَا عَاثِرٍ بِهِ) إذْ لَا حَرَكَةَ مِنْهُ فَالْهَلَاكُ حَصَلَ بِحَرَكَةِ الْمَاشِي، وَمَحَلُّ إهْدَارِ الْقَاعِدِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِمُنْعَطَفٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَعَدٍّ، وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا، وَلَوْ وُجِدَ مِنْ الْوَاقِفِ فِعْلٌ بِأَنْ انْحَرَفَ لِلْمَاشِي لَمَّا قَرُبَ مِنْهُ فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ وَمَاتَا فَكَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَسَيَأْتِي، وَلَوْ عَثَرَ بِجَالِسٍ بِمَسْجِدٍ لِمَا لَا يُنَزَّهُ عَنْهُ ضَمِنَهُ الْعَاثِرُ وَهُدِرَ، كَمَا لَوْ جَلَسَ بِمِلْكِهِ فَعَثَرَ بِهِ مَنْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنَائِمٍ بِهِ مُعْتَكِفًا كَجَالِسٍ وَجَالِسٌ لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ وَنَائِمٌ مُعْتَكِفٌ كَقَائِمٍ بِطَرِيقٍ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ وَاسِعٍ وَضَيِّقٍ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمْ.
وَالثَّالِثُ ضَمَانُ الْعَاثِرِ، وَإِهْدَارُ الْمَعْثُورِ بِهِ.
وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَاخْتَلَفَ وَارِثَاهُمَا فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ وَرَثَةِ الْجَاذِبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالَتِهِ أَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: بِمِثْلِ ذَلِكَ: أَيْ الْجَذْبِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ كُلٍّ) أَيْ بِأَنْ قَالَاهُ قَبْلَ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ: فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ فَهَلَكَ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْوَاضِعَ لِلْحَجَرِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ انْتِقَالَهُ إنَّمَا هُوَ بِفِعْلِهِ) قَدْ يُخْرِجُ مَا لَوْ تَدَحْرَجَ الْحَجَرُ إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَوْضِعِهِ الْأَوَّلِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِلْمَحَلِّ الْأَوَّلِ نَاشِئًا مِنْ الدَّحْرَجَةِ كَأَنْ دَفَعَهُ إلَى مَحَلٍّ مُرْتَفِعٍ فَرَجَعَ مِنْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُدَحْرِجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا مِنْهُ كَأَنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَحَلِّ الثَّانِي بِنَحْوِ هِرَّةٍ أَوْ رِيحٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ
(قَوْلُهُ: وَمَاتَا) أَيْ الْعَاثِرُ وَالْمَعْثُورُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) أَيْ وَوَاقِفٍ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ
(قَوْلُهُ: فِي مَتْنِ الطَّرِيقِ) أَيْ وَسَطِ الطَّرِيقِ
(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا) أَيْ وَيُهْدَرُ الْمَاشِي (قَوْلُهُ: لِمَا لَا يُنَزَّهُ عَنْهُ) أَيْ يُصَانُ عَنْهُ كَاعْتِكَافٍ وَنَحْوِهِ
(قَوْلُهُ: وَهُدِرَ) أَيْ الْعَاثِرُ سَوَاءٌ أَكَانَ أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا
(قَوْلُهُ: مَنْ دَخَلَهُ) أَيْ دَخَلَ مِلْكَهُ، وَقَوْلُهُ مُعْتَكِفًا يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فِي الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ كُلٍّ قَصَدْت الدَّفْعَ) أَيْ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَعْنِي مَا لَوْ تَجَارَحَا وَمَاتَا
(قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِمَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَاثِرُ نَحْوَ عَبْدٍ أَوْ بَهِيمَةٍ.