الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَرِيحِ أَفَادَ رَفْعَ النَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَلَوْ رَفَعَهُ خَطَأً، وَكَانَ الْإِيضَاحُ عَمْدًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَثَلَاثَةُ أُرُوشٍ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِيلَ: وَثَالِثٌ لِرَفْعِ الْحَاجِزِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ قَبْلَ الرَّفْعِ بِيَمِينِهِ مُنْحَلٌّ إلَى قَوْلِهِ لِرَفْعِهِ الْحَاجِزَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ الْكَائِنِ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ الْحَاصِلِ قَبْلَهُ بِيَمِينِهِ فَقِيلَ: صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ.
(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا
يُنْدَبُ فِي قَوَدِ مَا سِوَى النَّفْسِ التَّأْخِيرُ لِلِانْدِمَالِ، وَيَمْتَنِعُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ
وَاتَّفَقُوا فِي قَوَدِ مَا سِوَاهَا عَلَى ثُبُوتِهِ لِكُلِّ الْوَرَثَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوَدِهَا هَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَارِثٍ أَوْ لَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ لِكُلِّ وَارِثٍ) بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ بِحَسَبِ إرْثِهِمْ الْمَالَ، سَوَاءٌ أُورِثَ بِنَسَبٍ وَإِنْ بَعُدَ كَذِي رَحِمٍ إنْ وَرَّثْنَاهُ أَمْ بِسَبَبٍ كَالزَّوْجَيْنِ وَالْمُعْتَقِ وَالْإِمَامِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مُسْتَغْرِقٌ، وَمَرَّ أَنَّ وَارِثَ الْمُرْتَدِّ لَوْلَا الرِّدَّةُ يَسْتَوْفِي قَوَدَ طَرَفِهِ، وَيَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَنَّ قَتْلَهُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ دُونَ الْوَرَثَةِ حَيْثُ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْيَمِينِ وَقَالَ فِي جَانِبِ الْجَرِيحِ حَلَفَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَفَعَهُ) أَيْ الْحَاجِزَ
(قَوْلُهُ: مُنْحَلٌّ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ: وَقَوْلُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَقِيلَ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: صِفَةٌ لِلِانْدِمَالِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.
(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا) أَيْ كَعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْ الْقِصَاصِ الثَّابِتِ لِلْمَجْنُونِ وَحَبْسِ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ التَّأْخِيرُ لِلِانْدِمَالِ) أَيْ انْدِمَالِ جُرْحِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ الْعَفْوُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ السِّرَايَةِ لَا يَدْرِي هَلْ مُسْتَحِقُّهُ الْقَوَدُ أَوْ الطَّرَفُ فَيَلْغُو الْعَفْوُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا وَلَمْ يَسْرِ بَلْ انْدَمَلَ الْجُرْحُ لَا يُتَبَيَّنُ صِحَّةُ الْعَفْوِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) أَمَّا لَوْ عَفَا مَجَّانًا فَلَا يَمْتَنِعُ كَمَا يَأْتِي بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ مُوجَبِ الْعَمْدِ أَوْ لَفْظُ إبْرَاءٍ أَوْ إسْقَاطٍ أَوْ عَفْوٍ سَقَطَ: أَيْ الْأَرْشُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِالنَّفْسِ فَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِمَا ذَكَرَهُ تَخْصِيصُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنَّفْسِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ شَامِلَةً لِغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ) أَيْ ابْتِدَاءً لَا تَلَقِّيًا زِيَادِيٌّ، وَقَالَ م ر فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك إلَخْ مَا نَصُّهُ: وَالْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْمُوَرَّثِ ابْتِدَاءً كَالدِّيَةِ، وَلِهَذَا أُخْرِجَتْ مِنْهَا دُيُونُهُ وَوَصَايَاهُ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الزِّيَادِيِّ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ وَجَبَ مَالٌ فَعَلَى أَنَّهُ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً لَا يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ تَلَقِّيًا يُقْضَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَوْفِيَةِ الدُّيُونِ
(قَوْلُهُ: يُسْتَوْفَى قَوَدُ طَرَفِهِ) أَيْ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَقِيلَ صِفَةٌ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَغْوٌ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الِانْدِمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ) الْمُنَاسِبُ كَمَا قَالَهُ سم لِقَوْلِهِ الِانْدِمَالِ.
[فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]
(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ
(قَوْلُهُ: بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا لِيَشْمَلَ عُمُومَ الْقَرَابَةِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ كَذِي رَحِمٍ (قَوْلُهُ: أَمْ بِسَبَبٍ) فِي جَعْلِهِ مُقَابِلًا لِنَسَبٍ مُسَاهَلَةٌ لِأَنَّ النَّسَبَ أَيْضًا سَبَبٌ كَمَا عَدُّوهُ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ فَالْمُرَادُ السَّبَبُ غَيْرُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: يُسْتَوْفَى قَوَدُ طَرَفِهِ) أَيْ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ
كَمَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا قِيلَ: إنَّهُ يُفْهَمُ ثُبُوتُ كُلِّهِ لِكُلِّ وَارِثٍ لِمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ، وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْعَارِ فَاخْتَصَّ بِهِمْ، وَقِيلَ لِلْوَارِثِ بِالنَّسَبِ دُونَ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي، وَالسَّبَبُ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ (وَيُنْتَظَرُ) حَتْمًا (غَائِبُهُمْ) إلَى حُضُورِهِ أَوْ إذْنِهِ (وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ) بِبُلُوغِهِ (وَمَجْنُونِهِمْ) بِإِفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لِلتَّشَفِّي وَلَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَاءِ غَيْرِهِمْ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ بَقِيَّتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَقِيرَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ لِلنَّفَقَةِ جَازَ لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمُ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ دُونَ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ لَهُ غَايَةً تُنْتَظَرُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ إذْ لَيْسَ لِإِفَاقَتِهِ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ: أَيْ مُعَيَّنًا فَلَا يَرِدُ مُعْتَادُ الْإِفَاقَةِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ قَرُبَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذْ لِبُلُوغِهِ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ
(وَيُحْبَسُ) وُجُوبًا (الْقَاتِلُ) أَيْ الْجَانِي عَلَى نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ كَمَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى طَلَبِ وَلِيٍّ وَلَا حُضُورِ غَائِبٍ ضَبْطًا لِلْحَقِّ مَعَ عُذْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ حَبْسُ الْحَامِلِ عَلَى طَلَبِهِ لِلْمُسَامَحَةِ فِيهَا رِعَايَةً لِلْحَمْلِ مَا لَمْ يُسَامِحْ فِي غَيْرِهَا (وَلَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، أَمَّا هُوَ فَيَقْتُلُهُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا
(وَلْيَتَّفِقُوا) أَيْ مُسْتَحِقُّو الْقَوَدِ الْمُكَلَّفُونَ الْحَاضِرُونَ (عَلَى مُسْتَوْفٍ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُخَصِّصُ مَا هُنَا انْتَهَى سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: سَيُصَرِّحُ بِهِ) أَيْ إذْ لَوْ ثَبَتَ كُلُّهُ لِكُلِّ وَارِثٍ لَمْ يَسْقُطْ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.
وَنَظِيرُهُ فِي عَدَمِ السُّقُوطِ بِعَفْوِ الْبَعْضِ مَا لَوْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّ لِغَيْرِ الْعَافِي اسْتِيفَاءَ الْجَمِيعِ
(قَوْلُهُ: وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ) لَوْ اسْتَوْفَاهُ الصَّبِيُّ حَالَ صِبَاهُ فَيَنْبَغِي الِاعْتِدَادُ بِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَا يُشْكِلُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ وَكَانَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه أَوْلَادٌ صِغَارٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ مَذْهَبٌ لَهُ لَا يَنْهَضُ صِحَّةً عَلَى غَيْرِهِ وَأَيْضًا فَقَتْلُ الْإِمَامِ مِنْ الْمَفَاسِدِ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ كَقَتْلِ غَيْرِهِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَمَجْنُونِهِمْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّ إفَاقَتَهُ مَأْيُوسٌ مِنْهَا فَيُحْتَمَلُ تَعَذُّرُ الْقِصَاصِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّى أَحَدُهُمَا، وَقَتَلَ فَهَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ أَوْ الدِّيَةُ وَيَكُونُ قَصْدُ الِاسْتِيفَاءِ شُبْهَةً؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لِأَنَّ الْقَوَدَ لِلتَّشَفِّي وَلَا يَحْصُلُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: جَازَ لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلنَّفَقَةِ، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَبْعُدْ.
وَقَدْ يُقَالُ هُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ
(قَوْلُهُ: دُونَ الصَّبِيِّ) أَيْ دُونَ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ قِصَاصِ الصَّبِيِّ، فَلَوْ كَانَ لِلْوَلِيِّ حَقٌّ فِي الْقِصَاصِ كَأَنْ كَانَ أَبَا الْقَتِيلِ جَازَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ حِصَّتِهِ، ثُمَّ إنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ وَجَبَتْ وَسَقَطَ الْقَوَدُ بِعَفْوِهِ وَتَجِبُ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ حِصَّتُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ بَعْضُ الْقِصَاصِ بِعَفْوِهِ سَقَطَ بَاقِيهِ قَهْرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا يُعْلَمُ كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: أَيْ مُعَيَّنًا) حَالٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرُبَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْإِفَاقَةِ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ وُجُوبًا الْقَاتِلُ) أَيْ وَالْحَابِسُ لَهُ الْحَاكِمُ وَمُؤْنَةُ حَبْسِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَفِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ
(قَوْلُهُ: عَلَى طَلَبِهِ) أَيْ مُسْتَحِقِّهِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ) مِثْلُ طَلَبَ يَطْلُبُ انْتَهَى مُخْتَارٌ
(قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ فَيَقْتُلُهُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا) وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ، لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَتَلَهُ يَكُونُ لِنَحْوِ الصَّبِيِّ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ: أَيْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ حَقِّهِ اهـ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَلْيَتَّفِقُوا) وُجُوبًا فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ الِاسْتِقْلَالُ،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى طَلَبِ وَلِيٍّ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فَرْعُ دَعْوَى الْوَلِيِّ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَلَا حُضُورُ غَائِبٍ: أَيْ بِأَنْ ادَّعَى الْحَاضِرُ وَأَثْبَتَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ حَبْسُ الْحَامِلِ) أَيْ الَّتِي أَخَّرَ قَتْلَهَا لِأَجْلِ الْحَمْلِ وَالصُّورَةُ أَنَّ الْوَلِيَّ كَامِلٌ حَاضِرٌ
لَهُ مُسْلِمٍ فِي الْمُسْلِمِ وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ نَحْوِ قَطْعِهِ وَلَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْقَوَدُ بِنَحْوِ إغْرَاقٍ جَازَ اجْتِمَاعُهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَفِي قَوَدِ نَحْوِ طَرَفٍ يَتَعَيَّنُ كَمَا يَأْتِي تَوْكِيلُ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا بَالَغَ فِي تَرْدِيدِ الْآلَةِ فَشَدَّدَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مُسْتَوْفٍ وَقَالَ كُلٌّ: أَنَا أَسْتَوْفِيهِ (فَقُرْعَةٌ) يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ اسْتَوْفَى بِإِذْنِ الْبَاقِي؛ إذْ لَهُ مَنْعُهُ وَطَلَبُ الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَا تَسْتَوْفِ وَأَنَا أَسْتَوْفِي، وَإِنَّمَا جَازَ لِلْقَارِعِ فِي النِّكَاحِ فِعْلُهُ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنٍ لِمَبْنَى مَا هُنَا عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ وَمَبْنَى ذَلِكَ عَلَى التَّعْجِيلِ مَا أَمْكَنَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَضَلُوا نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُمْ، وَفَائِدَةُ الْإِذْنِ بَعْدَ الْقُرْعَةِ تَعْيِينُ الْمُسْتَوْفِي وَمَنْعُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ أَنَا أَسْتَوْفِي وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ لِلْقَارِعِ لَا تَسْتَوْفِ أَنْتَ بَلْ أَنَا كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُنَا: بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ (يَدْخُلُهَا)(الْعَاجِزُ) عَنْ اسْتِيفَاءٍ كَشَيْخٍ هَرَمٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ (وَيَسْتَنِيبُ) إذَا قُرِعَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَوِيَّةً جَلْدَةً (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ) هَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُدْخَلُ بَيْنَ الْمُتَأَهِّلِينَ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ خَرَجَتْ لِقَادِرٍ فَعَجَزَ أُعِيدَتْ بَيْنَ الْبَاقِينَ
(وَلَوْ)(بَدَرَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ (فَقَتَلَهُ) عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْمُبَادَرَةِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ، نَعَمْ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ قُتِلَ جَزْمًا أَوْ بِاسْتِقْلَالِهِ لَمْ يُقْتَلْ جَزْمًا كَمَا لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ، وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُ فَحَقُّ الْقَوَدِ لِوَرَثَتِهِ لَا لِمُسْتَحِقِّ قَتْلِهِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِيمَا ذُكِرَ، وَكَذَا فِيمَا إذَا لَزِمَ الْمُبَادِرَ الْقَوَدُ وَقَتَلَ (قِسْطُ الدِّيَةِ) لِفَوَاتِ الْقَوَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ (مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْجَانِي الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادِرَ فِيمَا وَرَاءَ حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ أَخَذَ الْوَرَثَةُ الدِّيَةَ مِنْ تَرِكَةِ الْجَانِي لَا مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ جَوَازُ كَوْنِ الْمُسْتَوْفِي مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ذَكَرًا أَجْنَبِيًّا إذَا كَانَ الْجَانِي أُنْثَى اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ فَاغْتُفِرَ النَّظَرُ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، كَمَا أَنَّ الشَّاهِدَ يَجُوزُ لَهُ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِثُبُوتِ حَقٍّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ لَهَا
(قَوْلُهُ: وَلَا يُمَكِّنُهُمْ) أَيْ الْإِمَامُ
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ إغْرَاقٍ) أَيْ أَوْ تَحْرِيقٍ شَرْحُ رَوْضٍ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ بَيْنَهُمْ) أَيْ حَيْثُ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى الْقُرْعَةِ بِأَنْفُسِهِمْ وَخَرَجَتْ لِوَاحِدٍ فَرَضَوْا بِهِ وَأَذِنُوا لَهُ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْقَاضِي
(قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ اسْتَوْفَى) وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ أُعِيدَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْبَاقِينَ كَمَا سَيَأْتِي
(قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْبَاقِي) يَنْبَغِي حَتَّى مِنْ الْعَاجِزِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ
(قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقُرْعَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بَعْدَ إذْنٍ مِنْهُمْ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ: يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ تَوَقُّفِ الْقُرْعَةِ عَلَى الْإِذْنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ إسْقَاطَ قَوْلِهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ
(قَوْلُهُ: إذَا قُرِعَ) أَيْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ
(قَوْلُهُ: قَوِيَّةً جَلْدَةً) بِسُكُونِ اللَّامِ.
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَالْجَلَدُ الصَّلَابَةُ وَالْجَلَادَةُ، تَقُولُ مِنْهُ جَلُدَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ فَهُوَ جَلْدٌ وَجَلِيدٌ بَيِّنُ الْجَلَدِ وَالْجَلَادَةِ وَالْجُلُودَةِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْقُرْعَةَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَدَرَ أَحَدُهُمْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ مُبَادَرَةً بِلَا إذْنٍ وَلَا عَفْوٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ اهـ سم حَجّ.
وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ شَامِلٌ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ
(قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ) أَيْ الْجَانِيَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامَ أَوْ وَلِيَّ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَحَقُّ الْقَوَدِ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْجَانِي
(قَوْلُهُ: وَلِلْبَاقِينَ) أَخْرَجَ الْمُبَادِرَ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَجُلًا؛ لِأَنَّ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَقَتَلَ: أَيْ وَكَذَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ قَطْعِهِ) مَا أَوْهَمَهُ هَذَا مِنْ جَوَازِ قَطْعِ الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ عَدَمِ الِاجْتِمَاعِ مَدْفُوعٌ بِمَا يَأْتِي بَعْدَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ كُلٌّ أَنَا أَسْتَوْفِيهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي كَوْنِهِ يُقْرَعُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ كَمَا يَخْفَى
الْأَجْنَبِيِّ فَكَذَا هُنَا، وَلِوَارِثِ الْجَانِي عَلَى الْمُبَادِرِ مَا زَادَ مِنْ دِيَتِهِ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ لِاسْتِيفَائِهِ مَا سِوَاهُ بِقَتْلِهِ الْجَانِيَ، كَذَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ سُقُوطِهِ عَنْهُ تَقَاصًّا بِمَالِهِ عَلَى تَرِكَةِ الْجَانِي مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ جَرَيَانُ التَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهَا (وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمُبَادِرِ) لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى لِلْكُلِّ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَةً أَحَدُ مَالِكِيهَا يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْوَدِيعِ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، بِخِلَافِ النَّفْسِ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ، إذْ لَوْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ (وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ) عَفْوِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَ (عَفْوِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ لَا حَقَّ لَهُ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ قَتَلَ بَعْدَ الْعَزْلِ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ مُرَاجَعَتِهِ لِغَيْرِهِ الْمُسْتَحِقِّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ (وَقِيلَ لَا) قِصَاصَ إلَّا إذَا عَلِمَ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَيَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْعَفْوِ (وَ) لَمْ (يَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِهِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ
(وَلَا يُسْتَوْفَى) حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ أَوْ (قِصَاصٌ) فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ.
الَّذِي تَنَاوَلَتْ وِلَايَتُهُ إقَامَةَ الْحُدُودِ، وَلَا يُتَوَقَّفُ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّ إقَامَتَهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ الْمُتَأَهِّلِ، وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ بِهِ لَهُ مَعَ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَا يَحْتَاجُ لِلْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ وَذَلِكَ لِخَطَرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّظَرِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شُرُوطِهِ، وَيَلْزَمُهُ تَفَقُّدُ آلَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَالْأَمْرِ بِضَبْطِهِ فِي قَوَدِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
إنْ لَمْ يَقْتُلْ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: مَا زَادَ مِنْ دِيَتِهِ) أَيْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ عَلَى نَصِيبِهِ أَيْ الْمُبَادِرِ
(قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ مَا سِوَاهُ) أَيْ سِوَى مَا زَادَ وَذَلِكَ السِّوَى هُوَ نَصِيبُ الْمُبَادِرِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ سُقُوطِهِ) أَيْ مَا زَادَ وَقَوْلُهُ بِمَالِهِ: أَيْ الْمُبَادِرِ بَدَلٌ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُبَادِرَ بِإِتْلَافِ الْجَانِي أَتْلَفَ مَحَلَّ تَعَلُّقِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُبَادِرِ مَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَيَجِبُ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي بِقَدْرِ ذَلِكَ فَأَسْقَطْنَا مَا يَجِبُ لَهُ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْبَقِيَّةِ تَقَاصًّا، وَقَوْلُهُ عَنْهُ: أَيْ الْمُبَادِرِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ هُنَا
(قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ) أَيْ فَمَقْصُودُ الْمَتْنِ نَفْيُ الْمَجْمُوعِ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرَانِ فَتَقْدِيرُ لَمْ فِي الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ وَيُحْكَمُ إلَخْ لِبَيَانِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا لِبَيَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ) أَيْ الِاسْتِيفَاءُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ حُضُورُ الْحَاكِمِ بِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ، وَقَوْلُهُ لَهُ: أَيْ لِلْقِصَاصِ
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) تَوْجِيهٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ
(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرِ بِضَبْطِهِ) أَيْ بِأَنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ جَمَاعَاتٌ إلَخْ.) حَاصِلُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى مُفَادُهَا أَنَّ الْمُبَادِرَ يُجْعَلُ بِنَفْسِ مُبَادَرَتِهِ مُسْتَوْفِيًا لِحِصَّتِهِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا زَادَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي وَمُفَادُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ بِمُبَادَرَتِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لِوَرَثَةِ الْجَانِي جَمِيعُ دِيَتِهِ، فَيَسْقُطُ مِنْهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي نَظِيرِ الْحِصَّةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا فِي تَرِكَةِ الْجَانِي تَقَاصَّا وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَفَاوَتَ الدِّيَتَانِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ مَا زَادَ عَلَى دِيَتِهِ لِلْجَانِي وَفِي كُلٍّ مِنْ نَصِيبِهِ وَمُوَرِّثِهِ لِلْمُبَادِرِ وَفِي سُقُوطِهِ لِمَا زَادَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْمَرْجُوحِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: الَّذِي تَنَاوَلَتْ وِلَايَتُهُ إلَخْ.) أَيْ كَالْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: الْمُتَأَهِّلِ) أَيْ الْمُتَأَهِّلِ لِلطَّلَبِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ مُسْتَحِقٍّ مُتَأَهِّلٍ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسْتَحِقٌّ ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَأَهِّلًا فِي الْحَالِ طَلَبَ حَالًا، وَإِلَّا فَحَتَّى يَتَأَهَّلَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِخَطَرِهِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْقِصَاصِ، فَيَشْهَدَانِ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْنِي الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ بِوُقُوعِ الْقِصَاصِ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَإِحْضَارُهُمَا مِمَّنْ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ كَغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ آكَدُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: بِضَبْطِهِ) أَيْ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ
غَيْرِ النَّفْسِ حَذَرًا مِنْ الزِّيَادَةِ بِاضْطِرَابِهِ، وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ كَمَا فِي السَّيِّدِ وَالْقَاتِلِ فِي الْحِرَابَةِ وَالْمُسْتَحِقِّ الْمُضْطَرِّ أَوْ الْمُنْفَرِدِ بِحَيْثُ لَا يُرَى كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا سِيَّمَا إنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) مُسْتَحِقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَاعْتُدَّ بِهِ (وَيَأْذَنُ) الْإِمَامُ (لِأَهْلٍ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (فِي نَفْسٍ) طَلَبَ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ أَحْسَنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْبَقِيَّةُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لَا مِنْ الْحَيْفِ (لَا) فِي اسْتِيفَاءِ (طَرَفٍ) أَوْ إيضَاحٍ أَوْ مَعْنًى كَعَيْنٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِيَ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِذْنُ فِي اسْتِيفَاءِ تَعْزِيرٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ.
أَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ كَشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ وَذِمِّيٍّ لَهُ قَوَدٌ عَلَى مُسْلِمٍ لِكَوْنِهِ قَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ، وَفِي نَحْوِ الطَّرَفِ فَيَأْمُرُهُ بِالتَّوْكِيلِ لِأَهْلٍ كَمُسْلِمٍ فِي الْأَخِيرَةِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ عَدُوًّا لِلْجَانِي لِئَلَّا يُعَذِّبَهُ، وَلَوْ قَالَ جَانٍ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي لَمْ يُجَبْ؛ لِأَنَّ التَّشَفِّيَ لَا يَتِمُّ بِفِعْلِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَوَانَى فَيُعَذِّبُ نَفْسَهُ، فَإِنْ أُجِيبَ أَجْزَأَ فِي الْقَطْعِ لَا الْجَلْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوهِمُ الْإِيلَامَ وَلَمْ يُؤْلَمْ، وَمِنْ ثَمَّ أَجْزَأَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَطْعُ السَّارِقِ لَا جَلْدُ الزَّانِي أَوْ الْقَاذِفِ لِنَفْسِهِ (فَإِنْ)(أَذِنَ لَهُ) أَيْ لِلْأَهْلِ (فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا) بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) لِأَهْلِيَّتِهِ (وَإِنْ قَالَ) كُنْت (أَخْطَأْتُ وَأَمْكَنَ) كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ كَتِفَهُ مِمَّا يَلِي عُنُقَهُ (عَزَلَهُ) ؛ لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَزْلِهِ وَلِهَذَا لَوْ عُرِفَتْ مَهَارَتُهُ لَمْ يَعْزِلْهُ (وَلَمْ يُعَزَّرْ) إذَا حَلَفَ أَنَّهُ أَخْطَأَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ.
أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ كَأَنْ ضَرَبَ وَسَطَهُ فَكَالْمُتَعَمِّدِ
(وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) حَيْثُ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَهُوَ مِنْ نُصِّبَ لِاسْتِيفَاءِ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ وُصِفَ بِأَغْلَبِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَقُولَ لِشَخْصٍ: أَمْسِكْ يَدَهُ حَتَّى لَا يَزِلَّ الْجَلَّادُ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي
(قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ) اُنْظُرْ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا لِلْعِلَّةِ لِمَا أَشَارُوا إلَيْهِ مِنْ الضَّرُورَةِ فِي غَيْرِ السَّيِّدِ.
وَأَمَّا فِيهِ فَلِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ فَلَا افْتِيَاتَ عَلَيْهِ أَصْلًا
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَقَلَّ مُسْتَحِقُّهُ) أَيْ أَمَّا غَيْرُهُ وَلَوْ إمَامًا فَيُقْتَلُ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَأْذَنُ الْإِمَامُ لِأَهْلٍ) مِنْ شُرُوطِ الْأَهْلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتَ النَّفْسِ قَوِيَّ الضَّرْبِ عَارِفًا بِالْقَوَدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ أَحْسَنَهُ وَرَضِيَ بِهِ الْبَقِيَّةُ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ عَلَى مُسْتَوْفٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ.
فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا فَقُرْعَةٌ، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِمْ هُنَا: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَقِلُّونَ بِاسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَطَرِيقُهُمْ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ أَوَّلًا عَلَى مُسْتَوْفٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ يَسْتَأْذِنُونَ الْإِمَامَ فِي أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ فَيُعَذِّبُ نَفْسَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلِأَنَّهُ إذَا مَسَّتْهُ الْحَدِيدَةُ فَيَرْفَعُ يَدَهُ وَلَا يَحْصُلُ الزَّهُوقُ إلَّا بِأَنْ يُعَذِّبَ نَفْسَهُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ اهـ.
وَقَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ الزَّهُوقُ إلَخْ بِشُمُولِ الْمَسْأَلَةِ الِاقْتِصَاصَ فِي النَّفْسِ حَتَّى إذَا أُجِيبَ أَجْزَأَ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أُجِيبَ فَهَلْ يَجْزِي؟ وَجْهَانِ اهـ.
وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم لَمْ يَصِحَّ: أَيْ لِاشْتِرَاطِهِمْ فِي الْوَكِيلِ تَمَامَ الْحَيَاةِ إلَى تَمَامِ مَا وُكِّلَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: قَطْعُ السَّارِقِ) أَيْ لِنَفْسِهِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: فَكَالْمُتَعَمِّدِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْذَرَ إلَّا إذَا اعْتَرَفَ بِالتَّعَمُّدِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) وَيُعْتَبَرُ فِي مِقْدَارِهَا مَا يَلِيقُ بِفِعْلِ الْجَلَّادِ حَدًّا كَانَ أَوْ قَتْلًا أَوْ قَطْعًا،
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ فِي الْحِرَابَةِ) أَيْ فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْإِمَامِ الِانْفِرَادُ بِقَتْلِهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: كَمُسْلِمٍ فِي الْأَخِيرَةِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْوَكِيلُ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّوْكِيلِ
أَوْصَافِهِ (عَلَى الْجَانِي) الْمُوسِرِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ، وَإِنْ قَالَ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَتَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اُتُّجِهَ كَوْنُ الْمُؤْنَةِ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ
(وَيُقْتَصُّ) فِي نَفْسٍ وَطَرَفٍ وَمِثْلُهُمَا جَلْدُ الْقَذْفِ (عَلَى الْفَوْرِ) إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوَدِ الْإِتْلَافُ فَعُجِّلَ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَلْزَمُ الْإِجَابَةُ لَهُ (وَ) يُقْتَصُّ فِيهِمَا (فِي الْحَرَمِ) وَإِنْ الْتَجَأَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَسْجِدِهِ أَوْ الْكَعْبَةِ فَيُخْرَجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيُقْتَلُ مَثَلًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا بِدَمٍ» وَيُخْرَجُ أَيْضًا مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ خُشِيَ تَنَجُّسُ بَعْضِهَا فَإِنْ اقْتَصَّ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ وَأَمِنَ التَّلْوِيثَ كُرِهَ (وَ) يُقْتَصُّ فِيهِمَا فِي (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ) وَإِنْ لَمْ تَقَعْ الْجِنَايَةُ فِيهَا بِخِلَافِ قَطْعِ السَّرِقَةِ مِمَّا هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِبِنَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَحَقِّ اللَّهِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ
(وَتُحْبَسُ) وُجُوبًا بِطَلَبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَبِطَلَبِ وَلِيِّهِ (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًا وَإِنْ حَدَثَ حَمْلُهَا بَعْدَ تَوَجُّهِ الْقُرْبِ عَلَيْهَا (فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ) وَجَلْدِ الْقَذْفِ (حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَيَسْتَغْنِيَ بِغَيْرِهَا) كَبَهِيمَةٍ يَحِلُّ لَبَنُهَا صِيَانَةً لَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَرَاضِعُ مِنْ إرْضَاعِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ اللَّبَنِ أَجْبَرَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ بِالْأُجْرَةِ وَلَا يُؤَخِّرُ الِاسْتِيفَاءَ (أَوْ) بِوُقُوعِ (فِطَامٍ) لَهُ (لِحَوْلَيْنِ) إذَا ضَرَّهُ النَّقْصُ عَنْهُمَا وَإِلَّا نَقَصَ، وَلَوْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْفِعْلِ، فَقَدْ يُعْتَبَرُ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَبْحِ الْبَهِيمَةِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لَا تَحْصُلُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ بِخِلَافِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَانِي الْمُوسِرِ) يَخْرُجُ الْجَانِي الرَّقِيقُ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ تَبَيَّنَ زَوَالُ الْمِلْكِ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَنِيٌّ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ بِحَيْثُ يَتَيَسَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لِلْمُسْتَحِقِّ: إمَّا أَنْ تَغْرَمَ الْأُجْرَةَ لِتَصِلَ إلَى حَقِّك أَوْ تُؤَخِّرَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى أَنْ تَتَيَسَّرَ الْأُجْرَةُ إمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: جَلْدُ الْقَذْفِ) يَنْبَغِي وَالتَّعْزِيرُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى مَسْجِدِهِ) أَيْ الْحَرَمِ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ خَشِيَ تَنَجُّسَ بَعْضِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ نَجِسًا؛ لِأَنَّ النَّجِسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ
(قَوْلُهُ: فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يُؤَخَّرُ: أَيْ الْقِصَاصُ لِحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمَرَضٍ، وَلَوْ فِي الْأَطْرَافِ وَيَقْطَعُهَا مُتَوَالِيَةً وَلَوْ فُرِّقَتْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي قَوَدِ مَا سِوَى النَّفْسِ التَّأَخُّرُ لِلِانْدِمَالِ، فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ لِغَيْرِ النَّفْسِ حَتَّى يَزُولَ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ وَالْمَرَضُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَلِيُّ لَمْ تُحْبَسْ وَإِنْ خِيفَ هَرَبًا؛ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَبِطَلَبِ وَلِيِّهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَلِيُّ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ حَبْسُهَا لِمَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَلْدُ الْقَذْفِ) هَلْ التَّعْزِيرُ كَذَلِكَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَيَنْبَغِي أَنَّهُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ التَّعْزِيرُ اللَّائِقُ بِهَا شَدِيدًا يَقْتَضِي الْحَالُ تَأْخِيرَهُ لِلْحَمْلِ وَخَرَجَ بِهِ جَلْدُهَا لِلْخَمْرِ فَلَا تُحْبَسُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ.
وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ زَنَتْ بِكْرًا وَأُرِيدَ تَغْرِيبُهَا فَهَلْ تُغَرَّبُ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: أَمَّا حَقُّهُ تَعَالَى فَلَا تُحْبَسُ فِيهِ بَلْ تُؤَخَّرُ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَتُغَرَّبُ وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ التَّغْرِيبِ (قَوْلُهُ: حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ ع: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ حِفْظُهُ مُجْتَنًّا فَمَوْلُودٌ أَوْلَى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: عَقِبَ الْوِلَادَةِ) لَمْ يُبَيِّنْ مَا يَنْتَهِي بِهِ، وَقَالَ حَجّ: وَالْمَرْجِعُ فِي مُدَّتِهِ الْعُرْفُ اهـ
(قَوْلُهُ: أَجْبَرَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ) وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَامِلِ أَنَّهُ لَوْ صَالَتْ هِرَّةٌ حَامِلٌ وَأَدَّى دَفْعُهَا لِقَتْلِ جَنِينِهَا لَا تُدْفَعُ، وَفِي ذَلِكَ كَلَامٌ فِي بَابِهِ فَرَاجِعْهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) يَعْنِي: الْمُسْتَحِقَّ
احْتَاجَ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهِمَا زِيدَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَوَافُقِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْمَالِكِ عَلَى فَطْمٍ يَضُرُّهُ، وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ وُجُودِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْحَبْسِ أَوَّلَ الْبَابِ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُضَايَقَةِ أَمَّا حَقُّهُ تَعَالَى فَلَا تُحْبَسُ فِيهِ بَلْ تُؤَخَّرُ مُطْلَقًا إلَى تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَوُجُودِ كَافِلٍ (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا فِي حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) بِيَمِينِهَا حَيْثُ لَا مَخِيلَةَ وَبِلَا يَمِينٍ مَعَ الْمَخِيلَةِ.
وَالثَّانِي قَالَ: الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَمْلِ، وَمَحَلُّ التَّصْدِيقِ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَتْ آيِسَةً فَلَا تُصَدَّقُ، وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ تَصْدِيقِهَا الصَّبْرُ إلَى وَقْتِ ظُهُورِ الْحَمْلِ لَا إلَى انْقِضَاءِ أَرْبَعِ سِنِينَ بَعْدَهُ بِلَا ثُبُوتٍ، وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا وَإِلَّا فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ دَائِمٌ فَيَفُوتُ الْقَوَدُ عَلَى مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ، لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْقِصَاصِ، وَلَوْ قَتَلَهَا الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْجَلَّادُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَجَبَتْ غُرَّةٌ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ عِلْمًا بِالْحَمْلِ أَوْ جَهْلًا لَا إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ دُونَهُ وَالْإِثْمُ مَنُوطٌ بِالْعِلْمِ وَلَا كَذَلِكَ الضَّمَانُ
(وَمَنْ قَتَلَ) هُوَ مِثَالٌ فَغَيْرُ الْقَتْلِ مِثْلُهُ إنْ أَمْكَنَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ لَا قَطْعُ طَرَفٍ بِمُثَقَّلٍ، وَإِيضَاحٌ بِهِ أَوْ بِسَيْفٍ لَمْ يُؤْمَنْ فِيهِ الزِّيَادَةُ بَلْ يَتَعَيَّنُ نَحْوُ الْمُوسَى كَمَا مَرَّ (بِمُحَدَّدٍ) كَسَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ كَحَجَرٍ (أَوْ خَنِقٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرًا (أَوْ تَجْوِيعٍ وَنَحْوِهِ) كَتَغْرِيقٍ بِمَاءٍ مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ وَإِلْقَاءٍ مِنْ عُلُوٍّ (اقْتَصَّ) إنْ شَاءَ لِمَا يَأْتِي أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ إلَى السَّيْفِ (بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ مِقْدَارًا وَمَحَلًّا وَكَيْفِيَّةً حَيْثُ كَانَ غَرَضُهُ إزْهَاقَ رُوحِهِ لَوْ لَمْ تُفِدْ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِالْأُجْرَةِ: أَيْ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْحَبْسِ) أَيْ فِي حَبْسِ الشَّاةِ أَوْ ذَبْحِهَا حَتَّى مَاتَ وَلَدُهَا.
وَفَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ فَهَلَكَ حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْهُ بِأَنَّهُ هُنَا أَتْلَفَ مَا هُوَ مُتَعَيَّنٌ لِفَنَائِهِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِ الطَّعَامِ مِنْ غَيْرِهِ، وَزَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَكَمَا لَوْ جَوَّعَ شَخْصًا حَتَّى مَاتَ اهـ
(قَوْلُهُ: وَوُجُودِ كَافِلٍ) أَيْ لِلْوَلَدِ
(قَوْلُهُ: لَا إلَى انْقِضَاءِ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِثْلُهُ فِي حَجٍّ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: تُمْهَلُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ اهـ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ دَائِمٌ) أَيْ يُمْكِنُ وُجُودُهُ كُلَّ وَقْتٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الْقِصَاصِ) أَيْ بِأَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْوَطْءُ وَطَالَ الزَّمَنُ حَتَّى وَلَدَتْ بِتَقْدِيرِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا مُدَّةَ الرَّضَاعِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَحْبَلَ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الثَّانِي فَيُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ إلَى الْوِلَادَةِ وَهَكَذَا.
(قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْإِمَامِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَجَبَتْ غُرَّةٌ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّهُ بِتَمْكِينِ الْمُقْتَصِّ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْمُبَاشِرِ إذْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ الِاسْتِيفَاءُ بِدُونِ إذْنِهِ
(قَوْلُهُ: لَا إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ) زَادَ حَجّ أَوْ الْجَلَّادُ أَيْ فَإِنَّهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ الضَّمَانُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِلْمِ بَلْ قَدْ يُوجَدُ فِيمَا لَوْ جَهِلَا مَعًا
(قَوْلُهُ: لَا قَطْعُ طَرَفٍ) قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ وَمَنْ قَتَلَ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ: لَا إنْ قَطَعَ، لَكَانَ أَوْضَحَ، هَذَا وَالْأَظْهَرُ جَعْلُهُ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِقْدَارًا وَمَحَلًّا) .
[فَرْعٌ] لَوْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الْآلَةِ فَهَلْ يَأْخُذُ بِالْيَقِينِ أَوْ يَعْدِلُ إلَى السَّيْفِ؟ الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْبَابِ) يَعْنِي: أَوَّلَ بَابِ الْجِرَاحِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَافِلٍ) أَيْ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ: عَلِمَا بِالْحَمْلِ أَوْ جَهِلَا) أَيْ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ مِنْ مُسْتَحِقٍّ أَوْ جَلَّادُو الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ) أَيْ أَوْ الْجَلَّادُ وَالضَّمَانُ حِينَئِذٍ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا لَا عَلَى الْإِمَامِ
(قَوْلُهُ: لَمْ تُؤْمَنْ فِيهِ الزِّيَادَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا أُمِنَتْ جَازَ وَهُوَ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرًا) أَيْ كَكَذِبٍ وَمُضَارِعُهُ يَخْنُقُ بِضَمِّ النُّونِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَجَوَّزَ فِيهِ الْفَارَابِيُّ إسْكَانَ النُّونِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَحْرِيرِهِ فَقَالَ وَيَجُوزُ إسْكَانُ النُّونِ مَعَ فَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا.
قَالَ: وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَتْحَ النُّونِ وَهُوَ
فَإِنْ قَصَدَ الْعَفْوَ حِينَئِذٍ فَلَا، وَذَلِكَ لِلْمُمَاثَلَةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّشَفِّي الدَّالِّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ فِي الْمُثْلَةِ مَخْصُوصٌ بِمَا سِوَى ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الضَّرَبَاتُ الَّتِي قَتَلَ بِهَا غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ ظَنًّا لِضَعْفِ الْمَقْتُولِ وَقُوَّةِ الْقَاتِلِ عَدَلَ إلَى السَّيْفِ، وَلَهُ الْعُدُولُ فِي الْمَاءِ عَنْ الْمِلْحِ لِلْعَذْبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ لَا عَكْسُهُ، فَإِنْ أَلْقَاهُ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ تَقْتُلُهُ، وَلَمْ يَمُتْ بِهَا بَلْ بِالْمَاءِ لَمْ يَجِبْ إلْقَاؤُهُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ بِهِمَا أَوْ كَانَتْ تَأْكُلُهُ أُلْقِيَ فِيهِ لِتَفْعَلَ بِهِ الْحِيتَانُ كَالْأَوَّلِ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ وَلَا تُلْقَى النَّارُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ فَعَلَ بِالْأَوَّلِ ذَلِكَ وَيُخْرَجُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُشْوَى جِلْدُهُ لِيُتَمَكَّنَ مِنْ تَجْهِيزِهِ، وَإِنْ أَكَلَتْ جَسَدَ الْأَوَّلِ.
وَقَدْ تَمْتَنِعُ الْمُمَاثَلَةُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمِثْلُ مُحَرَّمًا كَمَا قَالَ (أَوْ بِسِحْرٍ فَبِسَيْفٍ) غَيْرِ مَسْمُومٍ يَتَعَيَّنُ ضَرْبُ عُنُقِهِ بِهِ مَا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ: أَيْ وَلَيْسَ سُمُّهُ مُهْرِيًّا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لِحُرْمَةِ عَمَلِ السِّحْرِ وَعَدَمِ انْضِبَاطِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ بِإِنْهَاشِ أَفْعَى قُتِلَ بِالنَّهْشِ فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ تَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَفْعَى، فَإِنْ فُقِدَتْ فَمِثْلُهَا (وَكَذَا خَمْرٌ) أَوْ بَوْلٌ أَوْ جَرَّهُ حَتَّى مَاتَ (وَلِوَاطٌ) بِصَغِيرٍ يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ السَّيْفُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ، وَالثَّانِي فِي الْخَمْرِ يُوجَرُ مَائِعًا كَخَلٍّ أَوْ مَاءٍ، وَفِي اللِّوَاطِ يُدَسُّ فِي دُبُرِهِ خَشَبَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ آلَتِهِ وَيُقْتَلُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِلْمُمَاثَلَةِ) ع: دَلِيلُ ذَلِكَ حَدِيثُ الْجَارِيَةِ الَّتِي رَضَّ الْيَهُودِيُّ رَأْسَهَا، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ» اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ ظَنًّا) أَيْ بِحَسَبِ الظَّنِّ
(قَوْلُهُ: عَدَلَ إلَى السَّيْفِ) وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ لَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ وَكِيلًا وَأَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخَيَّرَ الْوَكِيلُ كَالْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا لَا يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَتُهُ وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ قَالَهُ طب اهـ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَفُّ) لَعَلَّ وَجْهَ الْخِفَّةِ أَنَّ الْغَرِيقَ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ عَادَةً، وَوُصُولُ الْعَذْبِ لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَةٌ كَوُصُولِ الْمِلْحِ
(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْهَا) أَيْ وُجُوبًا
(قَوْلُهُ: قُتِلَ بِالنَّهْشِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُهْرِيًّا أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ السَّيْفِ الْمُتَقَدِّمَةِ
(قَوْلُهُ: فِي أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ) خِلَافًا لحج حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ السِّحْرِ وَالْإِنْهَاشِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَتْ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجَانِي وَالْمُسْتَحِقُّ أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهَا مَثَلٌ فَيَنْبَغِي تَعَيُّنُ السَّيْفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَمْرٌ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ بِالْغَمْسِ فِي خَمْرٍ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ مِثْلُهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ حَرَامٌ لَا يُبَاحُ بِحَالٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَكَانَ كَشُرْبِ الْبَوْلِ، وَلَا نَظَرَ لِجَوَازِ التَّدَاوِي بِهِ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِجَوَازِ التَّدَاوِي بِصَرْفِ الْبَوْلِ، فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قَالَهُ: أَيْ مِنْ الْجَوَازِ الشَّارِحُ: يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ اهـ.
وَعَلَى مَا قَالَهُ فَيُفَارِقُ التَّغْرِيقُ فِي الْخَمْرِ نَحْوَ شُرْبِهَا وَاللِّوَاطِ بِأَنَّ إتْلَافَ النَّفْسِ مُسْتَحَقٌّ وَالتَّنْجِيسُ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ كَالتَّوَصُّلِ هُنَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: وَلِوَاطٌ بِصَغِيرٍ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُخْرِجُ الْبَالِغَ فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ لَاطَ بِهِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ تَمْكِينَهُ مِنْ نَفْسِهِ إذْنٌ فِي الْفِعْلِ فَلَا يُضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ) لَا يُقَالُ: يُشْكِلُ بِجَوَازِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
شَاذٌّ وَغَلَطٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ الْعَفْوَ حِينَئِذٍ فَلَا) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا مَعَ الْإِفْضَاءِ إلَى الْقَتْلِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْعَفْوِ قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِيمَا لَا يُقْتَصُّ بِهِ) كَإِجَافَةٍ وَكَسْرِ عَضُدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَلْقَاهُ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: أَوْ بِمَاءٍ فِيهِ حِيتَانٌ تَقْتُلُهُ وَلَا تَأْكُلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِهَا بَلْ بِالْمَاءِ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ بِهَا أَوْ كَانَتْ تَأْكُلُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ) قَالَ الشِّهَابُ سم: لَا يُقَالُ يُشْكِلُ بِجَوَازِ الِاقْتِصَاصِ بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ مَعَ تَحْرِيمِ ذَلِكَ.
لِأَنَّا نَقُولُ: نَحْوُ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ إنَّمَا حَرُمَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ، وَالْإِتْلَافُ
بِهَا، وَرُدَّ بِعَدَمِ حُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ بِذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ، وَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ جَزْمًا فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ، كَمَا لَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً فِي قُبُلِهَا فَقَتَلَهَا، وَلَوْ ذَبَحَهُ كَالْبَهِيمَةِ جَازَ قَتْلُهُ بِمِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ تَعَيُّنِ السَّيْفِ، وَلَهُ قَتْلُهُ بِمِثْلِ السُّمِّ الَّذِي قَتَلَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُهْرِيًّا يَمْنَعُ الْغُسْلَ، وَلَوْ أَوْجَرَهُ مَاءً مُتَنَجِّسًا أُوجِرَ مَاءً طَاهِرًا، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ زِنًا بَعْدَ رَجْمِهِ رُجِمُوا (وَلَوْ جُوِّعَ كَتَجْوِيعِهِ) أَوْ أُلْقِيَ فِي نَارٍ مِثْلَ مُدَّتِهِ أَوْ ضُرِبَ عَدَدَ ضَرْبِهِ (فَلَمْ يَمُتْ زِيدَ) مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ (حَتَّى يَمُوتَ) لِيُقْتَلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ قَدْ حَصَلَتْ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا تَفْوِيتُ الرُّوحِ فَوَجَبَ بِالْأَسْهَلِ، وَقِيلَ: يُفْعَلُ بِهِ الْأَهْوَنُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالسَّيْفِ.
قَالَا وَهُوَ أَقْرَبُ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْمُعْظَمِ
(وَمَنْ)(عَدَلَ) عَنْ مِثْلٍ (إلَى سَيْفٍ) بِأَنْ يَضْرِبَ بِهِ الْعُنُقَ (فَلَهُ) ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْجَانِي لِأَنَّهُ أَسْرَعُ وَأَوْحَى
(وَلَوْ)(قَطَعَ فَسَرَى) الْقَطْعُ لِلنَّفْسِ (فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ رَقَبَتِهِ) تَسْهِيلًا عَلَيْهِ (وَلَهُ الْقَطْعُ) طَلَبًا لِلْمُمَاثَلَةِ مَا لَمْ يَقُلْ: قَصْدِي الْعَفْوُ عَنْهُ بَعْدَهُ (ثُمَّ الْحَزُّ) لِلرَّقَبَةِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ) بَعْدَ الْقَطْعِ (السِّرَايَةَ) لِتَكْمُلَ الْمُمَاثَلَةُ وَلَيْسَ لِلْجَانِي فِي الْأُولَى طَلَبُ الْإِمْهَالِ بِقَدْرِ حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَنْ يُوَالِيَ عَلَيْهِ قَطْعَ أَطْرَافٍ فَرَّقَهَا وَلَا فِي الثَّانِيَةِ طَلَبُ الْقَتْلِ أَوْ الْعَفْوِ
(وَلَوْ)(مَاتَ بِجَائِفَةٍ أَوْ كَسْرِ عَضُدٍ فَالْحَزُّ) مُتَعَيَّنٌ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ (وَفِي قَوْلٍ) يَفْعَلُ بِهِ (كَفِعْلِهِ) وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَنَسَبَ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ لِسَبْقِ الْقَلَمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أَوْ كَسَرَ سَاعِدَهُ فَسَرَى لِنَفْسِهِ جَازَ قَطْعُ أَوْ كَسْرُ سَاعِدِهِ، فَالْقَوْلُ بِتَعَيُّنِ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَرْجُوحٍ وَلَوْ أَجَافَهُ مَثَلًا ثُمَّ عَفَا، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ الْإِجَافَةِ لَمْ يُعَزَّرْ وَإِلَّا عُزِّرَ، وَعَلَى الرَّاجِحِ (فَإِنْ) فَعَلَ بِهِ كَفِعْلِهِ وَ (لَمْ يَمُتْ لَمْ تُزَدْ الْجَوَائِفُ) فَلَا تُوَسَّعُ وَلَا تُفْعَلُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهَا بِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا.
وَالثَّانِي تُزَادُ حَتَّى يَمُوتَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إجَافَةٍ مَعَ إرَادَةِ عَفْوٍ بَعْدَهَا
(وَلَوْ)(اقْتَصَّ مَقْطُوعٌ) عُضْوُهُ الَّذِي فِيهِ نِصْفُ دِيَةٍ مِنْ قَاطِعِهِ (ثُمَّ مَاتَ) الْمُقْتَصُّ (بِسِرَايَةٍ)(فَلِلْوَلِيِّ حَزٌّ) لِرَقَبَةِ الْجَانِي فِي مُقَابَلَةِ نَفْسِ مُوَرِّثِهِ (وَلَهُ عَفْوٌ بِنِصْفِ دِيَةٍ) فَقَطْ لِأَخْذِهِ مَا قَابَلَ نِصْفَهَا الْآخَرَ وَهُوَ الْعُضْوُ الَّذِي قَطَعَهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الدِّيَتَيْنِ وَإِلَّا فَبِالنِّسْبَةِ، فَلَوْ قَطَعَتْ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ فَقَطَعَ يَدَهَا ثُمَّ مَاتَ فَالْعَفْوُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ دِيَةَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الِاقْتِصَاصِ بِنَحْوِ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ مَعَ تَحْرِيمِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: نَحْوُ التَّجْوِيعِ وَالتَّغْرِيقِ إنَّمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ، وَالْإِتْلَافُ هُنَا مُسْتَحَقٌّ فَلَا يُمْنَعُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَإِنْ أُمِنَ الْإِتْلَافُ فَهَذَا امْتَنَعَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ جَامَعَ صَغِيرَةً فِي قُبُلِهَا فَقَتَلَهَا) وَمَعْلُومٌ مِمَّا سَبَقَ فِي شُرُوطِ الْقِصَاصِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ جِمَاعُهُ يَقْتُلُ مِثْلَهَا غَالِبًا وَعَلِمَ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ قَتْلُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَلَوْ أَشْكَلَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ أَخَذَ بِالْيَقِينِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ أَقَلُّ مَا تَيَقَّنَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَمُتْ زِيدَ إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ وَقِيلَ يُزَادُ إلَخْ، اعْتَمَدَهُ م ر.
وَقِيلَ يُفْعَلُ بِهِ أَهْوَنُ الْأَمْرَيْنِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَشَيْخُنَا طب وَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ أَقْرَبُ
(قَوْلُهُ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ الْإِجَافَةِ إلَخْ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَفِي قَوْلٍ كَفِعْلِهِ
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إجَافَةٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أُجِيفُهُ ثُمَّ أَعْفُو عَنْهُ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَجَافَهُ مَثَلًا ثُمَّ عَفَا فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ إلَخْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
هُنَا مُسْتَحَقٌّ فَلَا يُمْنَعُ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَإِنْ أَمِنَ الْإِتْلَافَ فَلِهَذَا امْتَنَعَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ. .
اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَعَيُّنِهِ) يَعْنِي: مَا ذَبَحَهُ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا فِي الثَّانِيَةِ) يَعْنِي: مَسْأَلَةَ الْقَطْعِ بِقِسْمَيْهَا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضُهُ الْعَفْوَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ إلَخْ.) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ
رَجُلٍ سَقَطَ مِنْهَا مَا يُقَابِلُ رُبُعَ دِيَةِ رَجُلٍ، وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا فِي عَكْسِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا فَقَطَعَتْ يَدَهُ ثُمَّ مَاتَتْ سِرَايَةً، فَإِنْ أَرَادَ وَلِيُّهَا الْعَفْوَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ
(وَلَوْ)(قُطِعَتْ يَدَاهُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ مَاتَ) الْمُقْتَصُّ بِالسِّرَايَةِ (فَلِوَلِيِّهِ الْحَزُّ) بِنَفْسِ مُوَرِّثِهِ (فَإِنْ عَفَا فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِاسْتِيفَائِهِ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ، هَذَا إنْ اسْتَوَتْ الدِّيَتَانِ أَيْضًا فَفِي صُورَةِ الْمَرْأَةِ السَّابِقَةِ يَبْقَى لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ
(وَلَوْ)(مَاتَ جَانٍ) بِالسِّرَايَةِ (مِنْ قَطْعِ قِصَاصٍ)(فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ بِحَقٍّ (وَإِنْ)(مَاتَا سِرَايَةً) بَعْدَ الِاقْتِصَاصِ فِي الْيَدِ (مَعًا أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ)(فَقَدْ اقْتَصَّ) بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمَّا كَانَتْ كَالْمُبَاشَرَةِ فِي الْجِنَايَةِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي الِاسْتِيفَاءِ
(وَإِنْ)(تَأَخَّرَ) مَوْتُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَنْ مَوْتِ الْجَانِي بِالسِّرَايَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي (نِصْفُ الدِّيَةِ) إنْ اسْتَوَتْ الدِّيَتَانِ نَظِيرُ مَا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا كَانَ فِي مَعْنَى السَّلَمِ فِي الْقَوَدِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ مَاتَ عَنْ سِرَايَةٍ بِفِعْلِهِ وَحَصَلَتْ الْمُقَابَلَةُ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ فِي قَطْعِ يَدَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، قِيلَ جَزْمًا
(وَلَوْ)(قَالَ مُسْتَحِقُّ يَمِينٍ) وَهُوَ مُكَلَّفٌ لِحُرٍّ جَانٍ مُكَلَّفٍ (أَخْرِجْهَا) أَيْ يَمِينَك لِأَقْطَعَهَا قَوَدًا (فَأَخْرَجَ يَسَارًا وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) فَقَطَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ (فَمُهْدَرَةٌ) لَا ضَمَانَ فِيهَا: أَيْ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ حَتَّى لَوْ مَاتَ بِسِرَايَةٍ فَهَدَرٌ سَوَاءٌ أَتَلَفَّظَ بِالْإِذْنِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَهَا مَجَّانًا، وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ فِعْلُ الْإِخْرَاجِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ فَكَانَ كَالنُّطْقِ وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: ظَنَنْت إجْزَاءَهَا أَوْ أَخَذْتهَا عِوَضًا سَقَطَ قِصَاصُهَا وَوَجَبَتْ دِيَتُهَا.
أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ فَالْإِخْرَاجُ لَهُ يُهْدِرُهَا لِأَنَّهُ تَسْلِيطٌ لَهُ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا الْقِنُّ فَقَصْدُهُ الْإِبَاحَةَ لَا يُهْدِرُ يَسَارَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِمَالِكِهِ، نَعَمْ يُتَّجَهُ سُقُوطُ قَوَدِهَا إنْ كَانَ الْقَاطِعُ قِنًّا.
وَأَمَّا الْمُخْرِجُ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ فَلَا عِبْرَةَ بِإِخْرَاجِهِ، ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمُقْتَصُّ قُطِعَ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ (وَإِنْ)(قَالَ) الْمُخْرِجُ بَعْدَ قَطْعِهَا (جَعَلْتهَا) حَالَةَ الْإِخْرَاجِ عِوَضًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ إلَخْ) ع: فَهَذِهِ صُورَةٌ يُقَالُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا، وَإِذَا عَفَا عَلَى الدِّيَةِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ بِحَقٍّ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ " مَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا دِيَةَ "؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتَلَهُ اهـ.
وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَا سِرَايَةً مَعًا) لَوْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ يَنْبَغِي سُقُوطُ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ السَّابِقَ ثُمَّ نَسِيَ أَوْ عَلِمَ السَّبْقَ دُونَ السَّابِقِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَ أَوْ يُوقَفُ الْأَمْرُ لِلْبَيَانِ طب؟ أَقُولُ: اُنْظُرْ قَوْلَهُ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ سُقُوطُ الْقِصَاصِ، فَإِنَّ الْقِصَاصَ سَاقِطٌ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ فَلَعَلَّ الصَّوَابَ سُقُوطُ الدِّيَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مَوْتَ الْجَانِي لَمَّا سَبَقَ مَوْتَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَوْ قُلْنَا بِوُقُوعِهِ عَنْهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَخَذَ الْقَوَدَ مِنْ الْجَانِي قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ قَوَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْجِنَايَةِ
(قَوْلُهُ: فَمُهْدَرَةٌ) . [فَرْعٌ]
عَلَى الْمُبِيحِ الْكَفَّارَةُ إنْ مَاتَ سِرَايَةً كَقَاتِلِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ بِقَطْعٍ يُسْتَحَقُّ مِثْلُهُ اهـ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: سَقَطَ قِصَاصُهَا) أَيْ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ عَلِمَ الْمُقْتَصُّ) أَيْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَالْإِخْرَاجُ) أَيْ بِمُجَرَّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْقَاطِعُ قِنًّا) أَيْ أَمَّا إنْ كَانَ حُرًّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، فَالتَّقْيِيدُ بِالْقِنِّ لِتَصَوُّرِ كَوْنِ الْإِخْرَاجِ هُوَ الْمُسْقِطُ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّبِيُّ) أَيْ إخْرَاجُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا فِي خُصُوصِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ كَوْنِهِ جَانِيًا، وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ
(عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت إجْزَاءَهَا) عَنْهَا (فَكَذَّبَهُ) الْمُسْتَحِقُّ فِي الظَّنِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْجَعْلُ الْمَذْكُورُ (فَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) لِتَسْلِيطِ مُخْرِجِهَا عَلَيْهَا بِجَعْلِهَا عِوَضًا (وَتَجِبُ دِيَةٌ) فِيهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ الْقَاطِعُ: عَرَفْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ أَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) إلَّا إذَا ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَهَا أَوْ أَخَذَهَا عِوَضًا كَمَا مَرَّ، نَعَمْ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِهِ إلَى انْدِمَالِ يَسَارِهِ لِئَلَّا تُهْلِكَهُ الْمُوَالَاةُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهَا الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا بِلَا اسْتِحْقَاقٍ، وَأَشَرْتُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بِقَوْلِي: وَكَذَّبَهُ فِي الظَّنِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْجَعْلُ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا يُطَابِقُ قَوْلَ الْمُحَرَّرِ عَرَفْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ التَّاءَ مَفْتُوحَةً لِلْمُخَاطَبِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ تَكْذِيبَهُ فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ الْجَعْلُ هُوَ مَدْلُولُ قَوْلِ أَصْلِهِ وَعَرَفْت أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الْمُخْرِجُ (دَهِشْت) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَوْ ضَمِّهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ وَقَالَ الْقَاطِعُ) أَيْضًا (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا فِي الْأَصَحِّ وَتَجِبُ دِيَتُهَا وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ، نَعَمْ إنْ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ دَهِشْت فَلَمْ أَدْرِ مَا قَطَعْت لَزِمَهُ قِصَاصُهَا أَوْ ظَنَّ إجْزَاءَهَا أَوْ أَخَذَهَا عِوَضًا سَقَطَ قِصَاصُ الْيَمِينِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ الْمُخْرِجُ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ الْمُقْتَصِّ إلَّا قَوْلَهُ: أَخْرِجْ يَسَارَك أَوْ كَانَ مَجْنُونًا فَكَقَوْلِهِ دَهِشْت وَحَيْثُ وَجَبَتْ دِيَةُ الْيَسَارِ فَفِي مَالِهِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ عَلِمَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ
(قَوْلُهُ: فَكَذَّبَهُ) أَيْ أَوْ صَدَّقَهُ اهـ عَمِيرَةُ
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ظَنَّ الْقَاطِعُ) ع: مِثْلُهُ لَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا لَا تُجْزِي شَرْعًا وَلَكِنْ قَصَدْتُ جَعْلَهَا عِوَضًا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ الظَّانُّ الْمُسْتَحِقَّ وَوَكَّلَ فِي قَطْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَعَدَّى وَقَطَعَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الظَّانُّ هُوَ الْوَكِيلَ فَقَطْ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ إلَّا مُجَرَّدُ التَّوْكِيلِ فَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْقَوَدِ أَيْضًا كَمَا أَقَرَّهُ طب تَأَمَّلْ: أَيْ وَعَلَى الْوَكِيلِ دِيَةُ الْيَسَارِ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِيهَا لِظَنِّهِ الْإِجْزَاءَ اهـ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ التَّاءَ) أَيْ فِي ظَنَنْت مَفْتُوحَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمِّهِ) أَيْ فَهُوَ كَحُمَّ وَزُكِمَ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ صُورَةً وَلِلْفَاعِلِ مَعْنًى بَلْ قِيلَ إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ حَقِيقَةً وَالتَّجَوُّزُ فِي الصِّيغَةِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَأُرِيدَ الْمَبْنِيُّ لِلْفَاعِلِ
(قَوْلُهُ: فَكَقَوْلِهِ دَهِشْت) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: هَذَا مَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْفِعْلَ الْمُطَابِقَ لِلسُّؤَالِ كَالْإِذْنِ أَنْ يَلْتَحِقَ بِصُورَةِ الْإِبَاحَةِ اهـ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْمَحَلِّيِّ: أَيْ فَتَكُونُ مُهْدَرَةً (قَوْلُهُ: فَفِي مَالِهِ) أَيْ الْقَاطِعِ وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا.
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَخْ.) حَقُّ الْعِبَارَةِ سَوَاءٌ أَقَالَ الْقَاطِعُ إلَخْ. كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِي وَكَذَّبَهُ) يَنْبَغِي حَذْفُهُ لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ لَا مِنْ قَوْلِهِ هُوَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ) هُوَ عِلَّةٌ لِدَفْعِ الِاعْتِرَاضِ.
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالشَّارِحِ الْجَلَالِ، إنَّمَا أَشَارَ بِمَا ذُكِرَ لِدَفْعِ الِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ فَتْحِ التَّاءِ حَتَّى عَبَّرَ عَنْهُ بِالتَّكْذِيبِ، أَمَّا عَلَى مَا فَهِمَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ ضَمُّ التَّاءِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَرِضًا أَيْضًا إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُشِرْ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ عَنْهُ كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَالَ الْقَاطِعُ إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْقَاطِعِ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ دُهِشْت إلَخْ. .