الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُصِيبَتُهَا. قَلَّ عَقْلُهَا، قَالَ: هَكَذَا السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي. وَهَذَا مُقْتَضَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. وَلِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ خِلَافُ ذَلِكَ، إلَّا عَنْ عَلِيٍّ، وَلَا نَعْلَمُ ثُبُوتَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَلِأَنَّ مَا دُونَ الثُّلُثِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، بِدَلِيلِ الْجَنِينِ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى.
فَأَمَّا الثُّلُثُ نَفْسُهُ، فَهَلْ يَسْتَوِيَانِ فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، يَسْتَوِيَانِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ حَدَّ الْقِلَّةِ؛ وَلِهَذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ. وَرُوِيَ أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام «حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ» . وَحَتَّى لِلْغَايَةِ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُخَالِفَةً لِمَا قَبْلَهَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] . وَلِأَنَّ الثُّلُثَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ.»
[فَصْلٌ دِيَةُ نِسَاءِ سَائِرِ أَهْلِ الْأَدْيَانِ]
(6839)
فَصْلٌ: فَأَمَّا دِيَةُ نِسَاءِ سَائِرِ أَهْلِ الْأَدْيَانِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: تُسَاوِي دِيَاتُهُنَّ دِيَاتِ رِجَالِهِمْ إلَى الثُّلُثِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه السلام: «عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ، حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا» . وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ دِيَةُ امْرَأَةٍ، فَسَاوَتْ دِيَةُ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا، كَالْمُسْلِمِينَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُسَاوِيَ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إلَى قَدْرِ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ التَّنْصِيفُ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ دِيَةُ الْمُسْلِمِ.
[مَسْأَلَة دِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ]
(6840)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَدِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ قِيمَتُهُمَا، بَالِغَةً مَا بَلَغَ ذَلِكَ) وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا مَضَى. وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ الْقِنِّ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَجْمَعَ عَوَامُّ الْفُقَهَاءِ، عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فِي جِنَايَتِهِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، إلَّا إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ: يُؤَدِّي بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ دِيَةَ الْحُرِّ، وَمَا بَقِيَ دِيَةُ الْعَبْدِ.
وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، فِي " سُنَنِهِ "، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " مُسْنَدِهِ "، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدّ ثِنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ " حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُكَاتَبِ يَقْتُلُ، أَنَّهُ يُؤَدَّى مَا أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ دِيَةَ الْحُرِّ، وَمَا بَقِيَ دِيَةُ الْعَبْدِ» . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَإِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ، وَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْسُوخًا أَوْ مُعَارِضًا بِمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ.