الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ كَلَامه أَوْ ذَوْقه ثُمَّ عَادَ]
(6930)
فَصْلٌ: وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ، فَذَهَبَ كَلَامُهُ أَوْ ذَوْقُهُ، ثُمَّ عَادَ، لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ، وَلَوْ ذَهَبَ لَمْ يَعُدْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ الدِّيَةَ رَدَّهَا. وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ، فَعَادَ، لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا رَدَّهَا. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِعَوْدِهِ، وَاخْتِصَاصُ هَذَا بِعَوْدِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هِبَةٌ مُجَدَّدَةٌ.
وَلَنَا، أَنَّهُ عَادَ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ، فَوَجَبَ رَدُّ الدِّيَةِ، كَالْأَسْنَانِ وَسَائِرِ مَا يَعُودُ. وَإِنْ قَطَعَ إنْسَانٌ نِصْفَ لِسَانِهِ، فَذَهَبَ كَلَامُهُ كُلُّهُ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ، فَعَادَ كَلَامُهُ، لَمْ يَجِبْ رَدُّ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي كَانَ بِاللِّسَانِ قَدْ ذَهَبَ، وَلَمْ يَعُدْ إلَى اللِّسَانِ، وَإِنَّمَا عَادَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ، فَذَهَبَ كَلَامُهُ، ثُمَّ عَادَ اللِّسَانُ دُونَ الْكَلَامِ، لَمْ يَرُدَّ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ مَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِ بِانْفِرَادِهِ. وَإِنْ عَادَ كَلَامُهُ دُونَ لِسَانِهِ، لَمْ يَرُدَّهَا أَيْضًا؛ لِذَلِكَ.
[فَصْلٌ كَانَ لِلِسَانِهِ طَرَفَانِ فَقَطَعَ أَحَدُهُمَا فَذَهَبَ كَلَامه]
(6931)
فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ لِلِسَانِهِ طَرَفَانِ، فَقَطَعَ أَحَدَهُمَا، فَذَهَبَ كَلَامُهُ، فَفِيهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ ذَهَابَ الْكَلَامِ بِمُفْرَدِهِ يُوجِبُ الدِّيَةَ. وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ، نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ الطَّرَفَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ، وَكَانَ مَا قَطَعَهُ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْكَلَامِ، وَجَبَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ، وَجَبَ الْأَكْثَرُ، عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ، وَجَبَ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ اللِّسَانِ مِنْ الدِّيَةِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُنْحَرِفًا عَنْ سَمْتِ اللِّسَانِ، فَهُوَ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ، وَفِيهِ حُكُومَةٌ.
وَإِنْ قَطَعَ جَمِيعَ اللِّسَانِ، وَجَبَتْ الدِّيَةُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُنْحَرِفًا عَنْ سَمْتِ اللِّسَانِ، وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَحُكُومَةٌ فِي الْخِلْقَةِ الزَّائِدَةِ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ عَيْبٌ وَنَقْصٌ يُرَدُّ بِهَا الْمَبِيعُ، وَيَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهِ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا شَيْءٌ كَالسِّلْعَةِ فِي الْيَدِ. وَرُبَّمَا عَادَ الْقَوْلَانِ إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْحُكُومَةَ لَا يَخْرُجُ بِهَا شَيْءٌ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَيْبًا.
[مَسْأَلَةٌ دِيَة الْأَسْنَانِ]
(6932)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، إذَا قُلِعَتْ مِمَّنْ قَدْ أَثْغَرَ، وَالْأَضْرَاسُ وَالْأَنْيَابُ كَالْأَسْنَانِ) لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي أَنَّ دِيَةَ الْأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ فِي كُلِّ سِنٍّ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِي الْأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. فَأَمَّا الْأَضْرَاسُ وَالْأَنْيَابُ، فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهَا مِثْلُ الْأَسْنَانِ؛ وَمِنْهُمْ عُرْوَةُ وَطَاوُسٌ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَضَى فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كُنْت أَنَا، لَجَعَلْت فِي الْأَضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ، فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ. وَرَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ، فِي " مُوَطَّئِهِ " وَعَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ، أَنَّ فِي جَمِيعِ الْأَسْنَانِ وَالْأَضْرَاسِ الدِّيَةَ.
فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ سَعِيدٍ؛ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ، وَوُرُودِ الْحَدِيثِ بِهِ، فَيَكُونُ فِي الْأَسْنَانِ سِتُّونَ بَعِيرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ اثْنَيْ عَشَرَ سِنًّا، أَرْبَعُ ثَنَايَا، وَأَرْبَعُ رُبَاعِيَّاتٍ، وَأَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ، فِيهَا خَمْسٌ خَمْسٌ، وَفِيهِ عِشْرُونَ ضِرْسًا، فِي كُلِّ جَانِبٍ عَشَرَةٌ، خَمْسَةٌ مِنْ فَوْقُ، وَخَمْسَةٌ مِنْ أَسْفَلَ، فَيَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُونَ بَعِيرًا، فِي كُلِّ ضِرْسٍ بَعِيرَانِ، فَتَكْمُلُ الدِّيَةُ. وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا، أَنَّهُ ذُو عَدَدٍ يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ، فَلَمْ تَزِدْ دِيَتُهُ عَلَى دِيَةِ الْإِنْسَانِ، كَالْأَصَابِعِ، وَالْأَجْفَانِ، وَسَائِرِ مَا فِي الْبَدَنِ، وَلِأَنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى مَنْفَعَةِ جِنْسٍ، فَلَمْ تَزِدْ دِيَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ، كَسَائِرِ مَنَافِعِ الْجِنْسِ، وَلِأَنَّ الْأَضْرَاسَ تَخْتَصُّ بِالْمَنْفَعَةِ دُونَ الْجَمَالِ، وَالْأَسْنَانُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ وَجَمَالٌ، فَاخْتَلَفَا فِي الْأَرْشِ.
وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ، وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ، الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ» ، هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ ". وَهَذَا نَصٌّ. وَقَوْلُهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ: فِي «الْأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ.» وَلَمْ يُفَصِّلْ، يَدْخُلُ فِي عُمُومِهَا الْأَضْرَاسُ؛ لِأَنَّهَا أَسْنَانٌ، وَلِأَنَّ كُلَّ دِيَةٍ وَجَبَتْ فِي جُمْلَةٍ كَانَتْ مَقْسُومَةً عَلَى الْعَدَدِ دُونَ الْمَنَافِعِ، كَالْأَصَابِعِ، وَالْأَجْفَانِ، وَالشَّفَتَيْنِ، وَقَدْ أَوْمَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى هَذَا، فَقَالَ: لَا أَعْتَبِرُهَا بِالْأَصَابِعِ فَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمَعْنَى، فَلَا بُدَّ مِنْ مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ فِيهِ، فَمَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِنَا، خَالَفَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِهِمْ، خَالَفَ التَّسْوِيَةَ الثَّابِتَةَ، بِقِيَاسِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَكَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ مَعَ مُوَافَقَةِ الْأَخْبَارِ وَقَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْلَى.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ، أَنَّ فِي كُلِّ ضِرْسٍ بَعِيرًا، فَيُخَالِفُ الْقِيَاسَيْنِ جَمِيعًا، وَالْأَخْبَارَ، فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ ثَمَانِينَ بَعِيرًا، وَيُخَالِفُ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ الْمُتَجَانِسَةِ. وَإِنَّمَا يَجِبُ هَذَا الضَّمَانُ فِي سِنِّ مَنْ قَدْ ثُغِرَ، وَهُوَ الَّذِي أَبْدَلَ أَسْنَانَهُ، وَبَلَغَ حَدًّا إذَا قُلِعَتْ سِنُّهُ لَمْ يَعُدْ بَدَلُهَا. وَيُقَالُ: ثُغِرَ، وَاثَّغَرَ، وَاتَّغَرَ. إذَا
كَانَ كَذَلِكَ. فَأَمَّا سِنُّ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُثْغَرْ، فَلَا يَجِبُ بِقَلْعِهَا فِي الْحَالِ شَيْءٌ. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَوْدُ سِنِّهِ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا فِي الْحَالِ شَيْءٌ، كَنَتْفِ شَعْرِهِ، وَلَكِنْ يُنْتَظَرُ عَوْدُهَا؛ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَيْأَسُ مِنْ عَوْدِهَا، وَجَبَتْ دِيَتُهَا. قَالَ أَحْمَدُ، يَتَوَقَّفُ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْغَالِبُ فِي نَبَاتِهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا سَقَطَتْ أَخَوَاتُهَا وَلَمْ تَعُدْ هِيَ، أُخِذَتْ الدِّيَةُ. وَإِنْ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى، لَمْ تَجِبْ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ نُتِفَ شَعْرُهُ فَعَادَ مِثْلُهُ. لَكِنْ إنْ عَادَتْ قَصِيرَةً أَوْ مُشَوَّهَةً فَفِيهَا حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا. وَإِنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ نَقْصِهَا عَنْ نَظِيرَتِهَا، فَفِيهَا مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ مَا نَقَصَ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ فِيهَا ثُلْمَةٌ أَمْكَنَ تَقْدِيرُهَا، فَفِيهَا بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْهَا، كَمَا لَوْ كَسَرَ مِنْ سِنِّهِ ذَلِكَ الْقَدْرَ. وَإِنْ نَبَتَتْ أَكْبَرَ مِنْ أَخَوَاتِهَا، فَفِيهَا حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ.
وَقِيلَ فِيهَا وَجْهٌ آخَرُ، لَا شَيْءَ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَيْنٌ حَصَلَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ، فَأَشْبَهَ نَقْصَهَا. وَإِنْ نَبَتَتْ مَائِلَةً عَنْ صَفِّ الْأَسْنَانِ، بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فَفِيهَا دِيَتُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَذَهَابِهَا، وَإِنْ كَانَتْ يُنْتَفَعُ بِهَا، فَفِيهَا حُكُومَةٌ؛ لِلشَّيْنِ الْحَاصِلِ بِهَا، وَنَقْصِ نَفْعِهَا. وَإِنْ نَبَتَتْ صَفْرَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ أَوْ مُتَغَيِّرَةً، فَفِيهَا حُكُومَةٌ؛ لِنَقْصِ جَمَالِهَا. وَإِنْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ خَضْرَاءَ، فَفِيهَا رِوَايَتَانِ، حَكَاهُمَا الْقَاضِي؛ إحْدَاهُمَا، فِيهَا دِيَتُهَا. وَالثَّانِيَةُ، فِيهَا حُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ سَوَّدَهَا مِنْ غَيْرِ قَلْعِهَا. وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ الْيَأْسِ مِنْ عَوْدِ سِنِّهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَعَادَتْ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا شَيْءٌ، كَمَا لَوْ نُتِفَ شَعْرُهُ. وَالثَّانِي: فِيهَا الدِّيَةُ لِأَنَّهُ قَلَعَ سِنًّا وَأَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا، فَوَجَبَتْ دِيَتُهَا، كَمَا لَوْ مَضَى زَمَنٌ تَعُودُ فِي مِثْلِهِ فَلَمْ تَعُدْ.
وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ مَنْ قَدْ ثُغِرَ، وَجَبَتْ دِيَتُهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَعُودُ، فَإِنْ عَادَتْ، لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا رَدَّهَا. وَبِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَرُدُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهَا لَا تَعُودُ، فَمَتَى عَادَتْ كَانَتْ هِبَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مُجَدَّدَةً، فَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ مَا وَجَبَ لَهُ بِقَلْعِ سِنِّهِ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَلَنَا، أَنَّهُ عَادَ لَهُ فِي مَكَانِهَا مِثْلُ الَّتِي قُلِعَتْ، فَلَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ، كَاَلَّذِي لَمْ يُثْغَرْ. وَإِنْ عَادَتْ نَاقِصَةً، أَوْ مُشَوَّهَةً، فَحُكْمُهَا حُكْمُ سِنِّ الصَّغِيرِ إذَا عَادَتْ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ مَنْ لَمْ يُثْغَرْ، فَمَضَتْ مُدَّةٌ يَيْأَسُ