الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَقَصُوا عَلَى الْخَمْسِينَ، كُرِّرَتْ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَتِمَّ، فَإِذَا حَلَفُوا، وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى بَاقِي الْخِطَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، وَجَبَتْ عَلَى سُكَّانِ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفُوا، حُبِسُوا حَتَّى يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا؛ لِمَا رُوِيَ، أَنَّ رَجُلًا وُجِدَ قَتِيلًا بَيْنَ حَيَّيْنِ، فَحَلَّفَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه خَمْسِينَ يَمِينًا وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى أَقْرَبِهِمَا. يَعْنِي أَقْرَبَ الْحَيَّيْنِ، فَقَالُوا: وَاَللَّهِ مَا وَقَتْ أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا، وَلَا أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: حَقَنْتُمْ بِأَمْوَالِكُمْ دِمَاءَكُمْ.
وَلَنَا، حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، وَقَوْلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» . وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ وَالْغُرْمُ، كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى مِنْ قَوْلِ عُمَرَ، وَأَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ، ثُمَّ قِصَّةُ عُمَرَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ اعْتَرَفُوا بِالْقَتْلِ خَطَأً، وَأَنْكَرُوا الْعَمْدَ، فَأُحْلِفُوا عَلَى الْعَمْدِ، ثُمَّ إنَّهُمْ لَا يَعْمَلُونَ بِخَبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُخَالِفِ لِلْأُصُولِ، وَقَدْ صَارُوا هَاهُنَا إلَى ظَاهِرِ قَوْلِ عُمَرَ الْمُخَالِفِ لِلْأُصُولِ، وَهُوَ إيجَابُ الْأَيْمَانِ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِلْزَامُهُمْ الْغُرْمَ مَعَ عَدَمِ الدَّعْوَى عَلَيْهِمْ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ تَحْلِيفِهِمْ وَتَغْرِيمِهِمْ وَحَبْسِهِمْ عَلَى الْأَيْمَانِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: سَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَسَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْقَتِيلِ الَّذِي وُجِدَ بِخَيْبَرَ، وَقَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ خَارِجٌ عَنْ هَذِهِ السُّنَنِ.
[فَصْلٌ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَيْر الْمُعِين]
(7011)
فَصْلٌ: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، فَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى أَهْلِ مَدِينَةٍ أَوْ مُحَلَّةٍ، أَوْ وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ، لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تُسْمَعُ، وَيُسْتَحْلَفُ خَمْسُونَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ ادَّعَوْا الْقَتْلَ عَلَى يَهُودِ خَيْبَرَ، وَلَمْ يُعَيِّنُوا الْقَاتِلَ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعْوَاهُمْ. وَلَنَا، أَنَّهَا دَعْوَى فِي حَقٍّ، فَلَمْ تُسْمَعْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.
فَأَمَّا الْخَبَرُ، فَإِنَّ دَعْوَى الْأَنْصَارِ الَّتِي سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى الَّتِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، فَإِنَّ تِلْكَ مِنْ شَرْطِهَا حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ، أَوْ تَعَذُّرُ حُضُورِهِ عِنْدَنَا، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الدَّعْوَى