الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: [العام بعد التخصيص حجة]
العام إذا دخله التخصيص يبقى حجة فيما لم يخص عند الجمهور.
وقال أبو ثور1 وعيسى بن أبان2: لا يبقى حجة3؛ لأنه يصير مجازًا، فقد خرج الوضع من أيدينا، ولا قرينة تفصل وتحصر، فيبقى مجملًا.
1 هو: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان، أبو ثور البغدادي الكلبي، كان إمامًا جليلًا، وفقيهًا ورعًا، كان من أصحاب الرأي، ثم لما حضر الشافعي إلى بغداد حضر عليه ورجع إلى أهل الحديث، وهو الذي نقل الأقوال القديمة عن الشافعي. توفي ببغداد سنة "240هـ" انظر: وفيات الأعيان "1/ 7" طبقات الفقهاء ص110، طبقات الشافعية الكبرى "2/ 74".
2 هو: عيسى بن إبان بن صدقة، أبو موسى، الفقيه الحنفي، كان من أصحاب الحديث ثم غلب عليه الرأي، وتفقه على محمد بن الحسن -صاحب أبي حنيفة- تولى قضاء العسكر، ثم البصرة، قال عنه هلال بن أمية:"ما في الإسلام قاض أفقه منه". من مؤلفاته: "خبر الواحد" و"إثبات القياس" و"اجتهاد الرأي". توفي بالبصرة سنة "221هـ""الفوائد البهية ص151، طبقات الفقهاء ص137".
3 حكى المصنف في المسألة مذهبين، وفيها مذاهب أخرى حكاها الطوفي في شرحه "2/ 526" بالتفصيل فقال:"وفي المسألة مذاهب":
أحدها: أن العام بعد التخصيص حجة مطلقًا، وهو مذهب غالب الفقهاء.
والثاني: ليس بحجة مطلقًا، وهو مذهب أبي ثور، وعيسى بن أبان.
والثالث: أنه إن خص بدليل متصل كالاستثناء والشرط، فهو حجة، وإن خص بدليل منفصل لم يبق حجة، وهو مذهب البلخي.
والرابع: إن كان العام قبل التخصيص ممكن الامتثال دون بيان، فهو حجة بعد التخصيص، وإلا فلا. وهو قول القاضي عبد الجبار
ولنا: تمسك الصحابة رضي الله عنهم بالعمومات1، وما من عموم: إلا وقد تطرق إليه التخصيص -إلا اليسير- كقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} 2، و {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 3
فعلى قولهم4، لا يجوز التمسك بعمومات القرآن أصلًا.
ولأن لفظ "السارق" يتناول كل سارق بالوضع، فالمخصص صرف دلالته عن البعض، فلا تسقط دلالته عن الباقي، كالاستثناء.
وقولهم: "يصير مجازًا" ممنوع5.
وإن سلم: فالمجاز دليل إذا كان معروفًا، لأنه يعرف منه المراد، فهو كالحقيقة.
= والخامس: أنه يكون حجة في أقل الجمع، لا فيما زاد عليه، وهو مذهب قوم من الأصوليين، وفيه عرف ذلك.
1 مثل قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ....} [النساء:11] فإنه خص منه الكافر والقاتل.
2 سورة هود من الآية "6".
3 سورة الأنفال من الآية "75" ولفظ البقرة {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} من الآية "231".
وقد أورد المصنف هاتين الآيتين مثالًا على العام الذي لم يدخله التخصيص.
4 أي: أنه ليس بحجة.
5 بين الطوفي وجه المنع فقال: "لا نسلم أن العام بعد التخصيص مجاز، بل هو حقيقة مستعمل في موضوعه أولًا، وذلك لأن اللفظ العام وإن كان واحدًا، لكنه في تقدير ألفاظ متعددة مطابقة لأفراد مدلوله في العدد.
مثاله: إذا قال: أكرم الرجال، وفرضنا أن جنس الرجال عشرون، فلفظ الرجال في تقدير عشرين لفظًا يدل كل لفظ منها على رجل من العشرين، فكأنه قال: أكرم زيدًا وعمرًا وبكرًا وخالدًا وجعفرًا وبشرًا
…
كذلك حتى سمى العشرين، فإذا قال، بعد ذلك: لا تكرم زيدًا، صار زيد مخصوصًا من =