المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: [المجتهد لا يقلد غيره] - روضة الناظر وجنة المناظر - ت شعبان - جـ ٢

[ابن قدامة]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌باب: العموم

- ‌مدخل

- ‌فصل: [تعريف العام]

- ‌فصل: [أقسام العام والخاص]

- ‌فصل: [في ألفاظ العموم]

- ‌فصل: [في الخلاف في عموم بعض الصيغ]

- ‌فصل: [في حكم العام الوارد على سبب خاص]

- ‌فصل: [حكاية الفعل من الصحابي تقتضي العموم]

- ‌فصل: [الخطاب المضاف إلى الناس والمؤمنين يعم العبيد والنساء]

- ‌فصل: [العام بعد التخصيص حجة]

- ‌فصل: [العام بعد التخصيص حقيقة]

- ‌فصل: [فيما ينتهي إليه التخصيص]

- ‌فصل: [الخطاب العام يتناول من صدر منه]

- ‌فصل: [العام يجب اعتقاد عمومه في الحال]

- ‌فصل: [تعريف القياس الجلي والخفي]

- ‌فصل: في تعارض العمومين

- ‌فصل: في الاستثناء

- ‌فصل: [في شروط الاستثناء]

- ‌فصل: [في حكم الاستثناء بعد جمل متعددة]

- ‌فصل: في المطلق والمقيد

- ‌فصل: [في حمل المطلق على المقيد]

- ‌باب: في الفحوى والإشارة

- ‌فصل: فيما يقتبس من الألفاظ من فحوها وإشارتها لا من صيغها

- ‌باب: القياس

- ‌فصل: تعريف القياس

- ‌فصل: في العلة

- ‌فصل: [طرق الاجتهاد في إثبات العلة]

- ‌فصل: [الأدلة النقلية للمنكرين للقياس]

- ‌فصل: [الأدلة العقلية للمنكرين للقياس]

- ‌فصل: [في مذهب النظام في الإلحاق بالعلة المنصوصة]

- ‌فصل: [في أوجه تطرق الخطأ إلى القياس]

- ‌فصل: [في أقسام إلحاق المسكوت بالمنطوق]

- ‌فصل: تقسيم المناسب من حيث تأثيره في الحكم أو عدم تأثيره

- ‌فصل: [مراتب الجنسية]

- ‌فصل: [أمور لا تكفي لإفساد علة الخصم]

- ‌فصل: [هل تثبت العلة بشهادة الأصول]

- ‌فصل: [في المسالك الفاسدة]

- ‌فصل: [في حكم العلة إذا استلزمت مفسدة]

- ‌فصل: في قياس الشَّبه

- ‌فصل: في قياس الدلالة

- ‌باب: أركان القياس

- ‌مدخل

- ‌فصل: [الركن الأول: الأصل وشروطه]

- ‌فصل: الركن الثاني: الحكم. [وشروطه]

- ‌فصل: الركن الثالث: الفرع [وشروطه]

- ‌فصل: الركن الرابع: العلة

- ‌باب: [كتاب الاجتهاد]

- ‌فصل: في حكم المجتهد

- ‌فصل: [شروط المجتهد]

- ‌فصل: مسألة: [في جواز التعبد بالقياس والاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل: [في تعبد النبي صلى الله عليه وسلم-بالاجتهاد]

- ‌فصل: [في خطأ المجتهد وإصابته]

- ‌فصل: [في تعارض الأدلة]

- ‌فصل: [هل للمجتهد أن يقول قولين في مسألة واحدة]

- ‌فصل: [المجتهد لا يقلد غيره]

- ‌فصل: [إذا نصّ المجتهد على حكم لعلة في مسألة فهو مذهبه في كل ما توجد فيه هذه العلة]

- ‌فصل: في التقليد

- ‌فصل: [فيمن يستفتيه العامّي]

- ‌فصل: [إذا تعدد المجتهدون فللمقلد سؤال من شاء]

- ‌باب: في ترتيب الأدلة ومعرفة الترجيح

- ‌مدخل

- ‌فصل: [تعريف التعارض]

- ‌فصل: في ترجيح المعاني

- ‌الفهارس

- ‌موضوعات الجزء الثاني:

- ‌الفهارس العامة:أولًا: فهرس الآيات القرآنية

- ‌ثانيا: فهرس الأحاديث

- ‌ثالثا: فهرس الآثار

- ‌رابعا: فهرس الأبيات الشعرية

- ‌خامسًا: فهرس الأعلام

- ‌سادسًا: فهرس الفرق والطوائف والملل:

- ‌سابعًا: فهرس المراجع:

- ‌باب: بيان بالأخطاء المطبعية التي وقعت في كتاب

الفصل: ‌فصل: [المجتهد لا يقلد غيره]

قد بينا أن ما كان كذلك لم يكن له في المسألة قول أصلًا. ثم كان ينبغي أن ينبه على ذلك، ويقول:

لي في المسألة نظر" أو يقول: "الحق في أحد هذين القولين".

إما إطلاقه فلا وجه له.

وهذا هو الجواب عن الآخر1.

أما ما يحكى عن غيره من الأئمة من الروايتين، فإنما يكون ذلك في حالتين، لاختلاف الاجتهاد، والرجوع عما رأى إلى غيره "ثم إن علمنا المتأخر عملنا به وألغينا المتقدم، وإن لم نعلم"2 المتقدم منهما، فيكونان كالخبرين المتعارضين.

1 وهو قولهم: "إنه قال ذلك لينبه أصحابه على طريق الاجتهاد". ومعناه: أنه كان يجب عليه أن يبين ولا يطلق.

2 ما بين القوسين زيادة من ط الدكتور عبد العزيز السعيد- حفظه الله – ص "376" وهو وإن لم يذكر مصدر هذه الزيادة، إلا أن هذا موافق لما قاله القاضي أبو يعلى في العدة "5/ 1616 – 1617" حيث قال:"قيل: الروايتان لم يقلهما أحمد في حالٍ واحدةٍ، فيؤدي ذلك إلى أن يكون الشيء الواحد حلالًا حرامًا، وإنما قال ذلك في وقتين مختلفينن رجع عن الأول منهما. ولو علمنا المتأخر منهما صرنا إليه، وجعلناه رجوعًا عن الأول، فلما لم نعرف المتقدم من المتأخر، جعلنا الحكم فيها مختلفًا؛ لأنه ليس تقديم أحدهما أولى من تأخيره".

ص: 373

‌فصل: [المجتهد لا يقلد غيره]

اتفقوا على أن المجتهد إذا اجتهد فغلب على ظنه الحكم، لم يجزْ له تقليد غيره.

ص: 373

وعلى أن العامّي له تقليد المجتهد.

فأما المتمكن من الاجتهاد في بعض المسائل، ولا يقدر على الاجتهاد في البعض إلا بتحصيل علم على سبيل الابتداء، كالنحو في مسألة نحوية، وعلم صفات الرجال في مسألة خبرية، فالأشبه: أنه كالعامّي فيما لم يُحصّل علمُه؛ فإنه كما يمكنه تحصيله، فالعامّي يمكنه ذلك مع المشقة التي تلحقه.

إنما المجتهد الذي صارت العلوم عنده حاصلة بالقوة القريبة من الفعل، من غير حاجة إلى تعب كثير بحيث لو بحث عن المسألة، ونظر في الأدلة استقل بها، ولم يفتقر إلى تعلُّمٍ من غيره.

فهذا المتجهد هل يجوز له تقليد غيره.

قال أصحابنا: ليس له تقليد مجتهد آخر، مع ضيق الوقت، ولا سعته، لا فيما يخصه، ولا فيما يفتي به.

لكن يجوز له أن ينقل للسمتفتي مذهب الأئمة، كأحمد والشافعي، ولا يفتي مِنْ عند نفسه بتقليد غيره؛ لأن تقليدَ مَنْ لا تثبت عصمته، ولا تعلم إصابته: حكمٌ شرعيٌّ لا يثبت إلا بنص، أو قياس، ولا نص ولا قياس؛ إذ المنصوص عليه العامّي مع المجتهد، وليس ما اختلفنا فيه مثله؛ فإن العامّي عاجز عن تحصيل العلم والظن بنفسه، والمجتهد قادر، فلا يكون في معناه.

فإن قيل: هو لا يقدر على غير الظن، وظن غيره كظنه.

قلنا:

مع هذا إذا حصل ظنه: لم يجزْ له اتباع ظن غيره، فكان ظنه أصلًا، وظن غيره بدلًا، فلا يجوز إثباته إلا بالدليل.

ولأنه إذا لم يجزْ له العدول إليه مع وجود المبدل، لم يجزْ مع

ص: 374

القدرة عليه، كسائر الأبدال والمبدلات.

فإن قيل: "لا نسلم عدم النص في المسألة، بل فيها نصوص: كقوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 1. وهذا لا يعلم هذه المسألة.

وقوله: {

أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} 2.

قلنا:

المراد بالأولى: أمر العامّة بسؤال العلماء؛ إذ ينبغي أن يتميز السائل عن المسؤول، فالعالم مسؤول غير سائل، ولا يخرج عن العلماء بكون المسألة غير حاضرة في ذهنه إذا كان متمكنًا من معرفتها من غير تعلُّمٍ من غيره.

الثاني3:

يحتمل أن يكون معناه: اسألوا لتعلموا، أي: سلوا عن الدليل ليحصل العلم، كما يقال:"كُلْ لتشبع" و"اشرب لتروي" والمراد بـ {أُولِي الْأَمْرِ} : الولاة، لوجوب طاعاتهم؛ إذ لا يجب على المجتهد طاعة المجتهد.

وإن كان المراد به العلماء، فالطاعة على العوامّ.

ثم هو معارض بعمومات أخرى أقوى مما ذكروه، يمكن التمسك بها في المسألة:

كقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} 4، وقوله تعالى:

1 سورة النحل، من الآية:"43"، والأنبياء، من الآية:"7".

2 سورة النساء، من الآية:"59".

3 أي: المعنى الثاني الذي يمكن أن يؤخذ من قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ} .

4 سورة الحشر، من الآية:"2".

ص: 375

{لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} 1، وقوله سبحانه:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} 2 وقوله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} 3.

وهذا أمر بالتدبر والاستنباط، والخطاب مع العلماء.

ثم لا فرق بين المماثل والأعلم؛ فإن الواجب أن ينظر إن وافق اجتهاده الأعلم: فذاك.

وإن خالفه فمن أين ينفع كونه أعلم وقد صار مزيفًا؟! 4 عنده، وظنه عنده أقوى من ظن غيره، وله الأخذ بظن نفسه اتفاقًا، ولم يلزمه الأخذ بقول غيره؟! وإن كان أعلم، فينبغي أن لا يجوز تقليده.

فإن قيل: فلم ينقل عن طلحة والزبير ونظرائهما نظر في الأحكام، مع ظهور الخلاف، فالأظهر أنهم أخذوا بقول غيرهم.

قلنا:

كانوا لا يفتون، اكتفاءً بغيرهم، وأما علمهم لنفوسهم: لم يكن إلا بما عرفوه، فإن أشكل عليهم شاوروا غيرهم، لتعرّف الدليل، لا للتقليد، والله أعلم.

1 سورة النساء، من الآية:"83".

2 سورة محمد صلى الله عليه وسلم من الآية: "24".

3 سورة النساء، من الآية:"59".

4 أصل التزييف: تمييز الرائج من الزائف، وهو الرديء، ثم استعمل في الرد والإبطال. تاج العروس مادة "زيف".

ص: 376