الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و "وضع الجوائح"1.
وقد اشتهر هذا عنهم في وقائع كثيرة، مما يدل على اتفاقهم على الرجوع إلى هذه الألفاظ.
واتفاق السلف على نقل هذه الألفاظ دليل على اتفاقهم على العمل بها، إذ لو لم يكن كذلك: لكان اللفظ مجملًا.
ثم لو كانت القضية في شخص واحد: وجب التعميم، لما ذكرناه في المسألة الأخرى2.
= المساقاة: السلم، حديث "1604" كما أخرجه أصحاب الكتب الستة "جامع الأصول 2/ 17" والسلم والسلف بمعنى واحد، إلا أن السلم لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق.
1 الجوائح: هي الآفات التي تصيب الثمار فتهلكها.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو بعت من أخيك ثمرًا، فأصابته جائحة، فلا يحل ذلك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ " رواه مسلم. انظر: سبل السلام "3/ 48".
2 وهي مسألة: العام الوارد على سبب خاص، وأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فصل: [الخطاب المضاف إلى الناس والمؤمنين يعم العبيد والنساء]
وما ورد من خطاب مضافًا إلى "الناس" و"المؤمنين"1 دخل فيه العبد، لأنه من جملة من يتناوله اللفظ.
1 ومثل ذلك: الأمة والمكلفين، وما أشبه ذلك.
وخروجه عن بعض التكاليف1 لا يوجب رفع العموم فيه، كالمريض، والمسافر، والحائض.
ويدخل النساء في الجمع المضاف إلى "الناس" وما لا يتبين فيه لفظ التذكير والتأنيث، كأدوات الشرط2.
ولا يدخلن فيما يختص بالذكور من الأسماء، كالرجال والذكور. فأما الجمع بالواو والنون، كالمسلمين، وضمير المذكرين، كقوله، تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} 3 فاختار القاضي أنهن يدخلن فيه4.
وهو قول بعض الحنفية وابن داود5.
واختار أبو الخطاب والأكثرون: أنهن لا يدخلن فيه، لأن الله -تعالى- ذكر "المسلمات"6 بلفظ متميز، فيما يثبته ابتداء، ويخصه بلفظ "المسلمين" لا يدخلن فيه إلا بدليل آخر، من قياس، أو كونه في معنى المنصوص، وما يجري مجراه7.
1 كعدم وجوب الحج، والجهاد، والجمعة، وغير ذلك لا يخرجه عن هذا العموم؛ لأنها أمور عارضة، كالمرض والسفر، والحيض.
2 مثل: "من دخل دارك فأكرمه" فإنه يتناول النساء.
3 سورة الأعراف من الآية "31".
4 انظر: العدة: 2/ 351".
5 هو: محمد بن داود بن خلف الظاهري. تقدمت ترجمته.
6 قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات....} [الأحزاب: 35] .
7 خلاصة الخلاف في هذه المسألة: أن ما اختص بالرجال، كالرجال، والذكور والفتيان، والكهول، والشيوخ لا يتناول النساء باتفاق الجميع.
وما يختص بالنساء، كلفظ النساء، والفتيات، والعجائز لا يتناول الرجال باتفاق أيضًا. =
ولنا: أنه متى اجتمع المذكر والمؤنث، غلب التذكير.
ولذلك: لو قال، لمن بحضرته من الرجال والنساء:"قوموا واقعدوا" يتناول جميعهم.
ولو قال: قوموا، وقمن، واقعدوا، واقعدن: عُدَّ تطويلًا ولكنه1.
ويبينه قوله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ} 2، وكان ذلك خطابًا لآدم وزجته والشيطان.
وأكثر خطاب الله -تعالى- في القرآن بلفظ التذكير، كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} 3 و {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} 4، و {هُدىً لِلْمُتَّقِين} 5، {وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين} 6، {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِين} 7 والنساء يدخلن في جملته.
وذكره لهن بلفظ مفرد -تبيينًا وإيضاحًا- لا يمنع دخولهن في اللفظ
= وما يعم الذكور والإناث مثل: الناس، والبشر، والإنسان، إذا أريد به النوع أو الشخص، وولد آدم وذريته، وكذلك أدوات الشرط، فإن ذلك كله يدخل فيه النساء.
أما جمع المذكر السالم، وضمير الجمع المتصل بالفعل، مثل: المسلمين، "وكلوا واشربوا" وقاموا وقعدوا، ويأكلون ويشربون، فهذا هو محل النزاع انظر: شرح مختصر الروضة "2/ 514 وما بعدها".
1 اللكنة: العيّ وثقل اللسان.
2 سورة البقرة من الآية "36".
3 آيات كثيرة وردت بهذا اللفظ، منها: البقرة "104"، "153"، "172".
4 سورة الزمر من الآية "53".
5 سورة البقرة من الآية "2".
6 سورة البقرة "97" والنمل "2".
7 سورة الحج من الآية "34".
العام الصالح لهن، كقوله تعالى:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال} 1 وهما من الملائكة.
وقوله: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} 2
وقد يعطف العام على الخاص، كقوله تعالى:{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُم} 3 والمال عام في الكل.
1 سورة البقرة من الآية "98" وهو من عطف الخاص على العام.
2 سورة الرحمن آية "68" وهو من عطف الخاص على العام أيضًا.
3 سورة الأحزاب من الآية "27".
وقد اعترض الطوفي على دخول النساء في الصيغ المذكورة بأصل وضع اللغة، ورجح أنها بقرائن تدل على ذلك فقال: "لا نسلم أن تناول الصيغ المذكورة
للنساء في الوجوه التي ذكرتموها بأصل الوضع، بل بقرائن، لشرف الذكورية في الوجه الأول والثالث، ويسمى: التغليب، وهو أنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث، غلب المذكر في الخطاب، لشرف الذكورية، كما غلب القمر على الشمس في قولهم: القمران، لشرف الذكورية وخفتها، فالتغليب يقع في اللغة لمعان: منها: شرف الذكورية، ومنها: خفة اللفظ، كتغليب "عمر" على "أبي بكر" رضي الله عنهما في قولهم:"العمران" لخفة الإفراد، وكذلك لو قال: يا عبادي وإمائي الذين آمنوا، ويا أيها الذين آمنوا واللاتي آمنّ، وقوموا وقمن كان عيًّا في عرف اللغة، فلقرينة لزوم العي من إفرادهن بالذكر حكمنا بدخولهن في الخطاب المذكور، لا بوضع اللغة.
وكذلك في قوله: أوصيت لهم، إنما تناول النساء بقرينة الإيصاء الأول فإنه لما صرح بالوصية لهن فيه، ثم قال: أوصيت لهم، دل على أنه أراد جميع من أوصى له أولًا". شرح مختصر الروضة "2/ 522-523".