الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: تقسيم المناسب من حيث تأثيره في الحكم أو عدم تأثيره
…
[تقسيم المناسب من حيث تأثيره في الحكم أو عدم تأثيره]
إذا ثبت هذا: فالمناسب ثلاثة أنواع:
مؤثر، وملائم، وغريب.
فالمؤثر: ما ظهر تأثيره في الحكم بنص أو إجماع1.
وهو شيئان:
أحدهما: ما يظهر تأثير عينه في عين الحكم، كقياس الأمة على الحرة في سقوط الصلاة بالحيض، لما فيه من مشقة التكرار، إذ قد يظهر تأثير عينه في عين الحكم بالإجماع، لكن في محل مخصوص، فعدّيناه إلى محل آخر2.
وهذا لا خلاف في اعتباره عند القائلين بالقياس.
ومن خاصيته: أنه لا يحتاج إلى نفي ما عداه في الأصل.
ولو ظهر في الأصل مؤثر آخر: لم يضر، بل يعلل بهما، فإن
1 ومعنى ذلك: أننا إذا وجدنا حكمًا ترتب على وصف مناسب ثبتت مناسبته بنص أو إجماع، ألحقنا به إثبات عين ذلك الحكم أو جنسه بدليل الوصف المناسب في صورة أخرى، كالأمثلة الآتي ذكرها.
2 هذا المثال إنما يصح لو أن سقوط الصلاة على الحائض خاصة بالحرة، لكن الدليل الدال على سقوط الصلاة جاء عامًّا، فيشمل الحرة والأمة، وهو: ما روي أن عَمرَة قالت لعائشة رضي الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ أخرجه البخاري حديث "321" ومسلم "335" وغيرهما.
وأولى من ذلك: التمثيل بإلحاق الأمة بالعبد في سراية العتق، وإلحاق ولاية النكاح بولاية المال، بجامع الصغر، فالصغر وصف أثر عينه في عين الحكم، وهو الولاية على الصغير، ولم يختلف إلا محل الولاية وهو المال والنكاح. انظر: شرح مختصر الروضة "3/ 390-391".
"الحيض" و"العدة" و"الردة" قد تجتمع في امرأة، ويعلل تحريم الوطء بالجميع1.
وهو قسمان:
أحدهما: أن يظهر أثر عينه في عين ذلك الحكم، فهو الذي يقال: إنه في معنى الأصل.
وربما يقرّ به منكرو القياس؛ إذ لا يبقى بين الفرع والأصل مباينة إلا تعدد المحل، كقولنا:"إذا ثبت أن الكيل علة في تحريم الربا في البر، فالزبيب ملحق به".
ويكون هذا كظهور أثر الوقاع في إيجاب الكفارة على الأعرابي، فالتركي والهندي في معناه2.
الرتبة الثانية: أن يظهر أثر عينه في جنس ذلك الحكم:
كظهور أثر الأخوة من الأبوين في التقديم في الميراث، فيقاس عليه ولاية النكاح، فإن الولاية في النكاح ليست هي عين الميراث، لكن بينهما مجانسة3.
1 فلو أردنا أن نقيس الأمة على الحرة في ذلك بأحد هذه الأوصاف صح، كما يصح أن نعلل تحريم وطئها بالأوصاف الثلاثة مجتمعة.
2 أي: أن هذا شبيه بما تقدم في "تنقيح المناط" حيث أثر الدفاع في نهار رمضان في عين الحكم، وهو وجوب الكفارة على الأعرابي الذي قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم:"واقعت أهلي في نهار رمضان"، وأوجب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكفارة، فيقاس عليه الأعجمي والتركي؛ لأن العلة عامة، تشمل الأعرابي وغيره، وهي:"الوقاع في نهار رمضان من شخص مكلف" فالفرع هنا في معنى الأصل.
3 هذا هو القسم الثاني من أقسام المؤثر، وهو: ما أثر عينه في جنس الحكم كقولنا: الأخ للأبوين مقدم في ولاية النكاح، قياسًا على تقديمه في الإرث، =
النوع الثاني: الملائم1:
وهو: ما ظهر تأثير جنسه في عين الحكم.
كظهور أثر المشقة في إسقاط الصلاة عن الحائض، فإنه ظهر تأثير جنس الحرج في إسقاط قضاء الصلاة، كتأثير مشقة السفر في إسقاط الركعتين الساقطتين بالقصر2.
= فالوصف الذي هو الأخوة في الأصل والفرع متحد بالنوع، والحكم الذي هو الولاية والإرث متحدان بالجنس لا بالنوع، فهذا وصف أثر عينه في جنس الحكم، وهو جنس التقديم. انظر: شرح المختصر "3/ 392".
والملاحظ هنا: أن المؤلف كرر تقسيم المؤثر، فبعد أن عرفه قال: "وهو شيئان: أحدهما ما يظهر تأثير عينه في عين الحكم
…
وذكر أمثلته
…
" ثم قال: وهو قسمان: أحدهما: أن يظهر أثر عينه في عين ذلك الحكم" وهو السابق بعينه فليتنبه لذلك.
1 معنى "الملائم" الموافق، سمي بذلك لموافقته تصرف الشارع في تأثير جنس الأسباب في أعيان الأحكام، وهو تخصيص اصطلح عليه العلماء للتفرقة بين الأنواع الثلاثة، وإلا فجميعها ملائمة وموافقة لجنس مراعاة الشرع للمصالح المناسبة. انظر: شرح المختصر "3/ 393".
2 توضيح ذلك: أن جنس المشقة أثر في عين السقوط، إذ مشقة تكرار الصلاة في حق الحائض مخالفة لمشقة إتمامها في حق المسافر، إن لم يكن بالحقيقة والماهية فبالكمية والكيفية، أما ماهية السقوط في حقهما فواحدة.
وقد اعترض على هذا التمثيل: بأنه من القسم الأول، وهو: ما أثر عينه في عين الحكم؛ لأن نوع المشقة في التأثير واحد، وكذا نوع الحكم، وإن اختلفا من جهة سببهما؛ إذ هي مشقة تكرار، وهذا مشقة إتمام، وهذا سقوط أصل الصلاة، وذاك سقوط ركعتين منها.
فالأولى أن يقال: كإسقاط الصلاة عن الحائض للمشقة فإن جنس المشقة أثر في عين هذا السقوط من غير تعرض لمسافر ولا غيره. انظر: المرجع السابق.