الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} 1 دل على تسعمائة وخمسين وضعًا، فكأن العرب وضعت لذلك عبارتين
ويمكن أن يقال: ما صار بالوضع عبارة عن هذا القدر، بل بقي الألف للألف، والخمسون للخمسين، و"إلا" للرفع بعد الإثبات، فإذا رفعنا من الألف خمسين بقي تسعمائة وخمسون.
أما زيادة الواو والنون: فلا معنى لها في نفسها، بخلاف هذا.
ووجه قول القاضي: أن القرينة المنفصلة من الشرع كالقرينة المتصلة؛ لأن كلام الشارع يجب بناء بعضه على بعض، فهو كالاستثناء، وقد تبين الكلام فيه.
1 سورة العنكبوت من الآية "14" وتمام الآية {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} .
فصل: [فيما ينتهي إليه التخصيص]
ويجوز تخصيص العموم على أن يبقى واحد1.
وقال الرازي2 والقفال3 والغزالي: لا يجوز النقصان من أقل
1 وهو مذهب أكثر الحنابلة، والمختار عند الحنفية، وهو قول مالك وبعض الشافعية. انظر: العدة "2/ 544" الإحكام للآمدي "2/ 283"، شرح تنقيح الفصول ص224، فتح الغفار "1/ 108".
2 تقدمت ترجمته.
3 هو: محمد بن إسماعيل، أبو بكر، القفال الكبير، الشاشي موطنًا، شافعي المذهب فقيه أصولي، متكلم، مفسر، محدث، له مؤلفات كثيرة، منها: =
الجمع؛ لأنه يخرج به عن الحقيقة1.
ولنا: أن القرينة المتصلة كالقرينة المنفصلة وفي القرينة المتصلة يجوز ذلك، فكذلك في المنفصلة2.
= شرح الرسالة" للإمام الشافعي، "كتاب في أصول الفقه". توفي سنة "365هـ". انظر: طبقات الشافعية الكبرى "3/ 200"، النجوم الزاهرة "2/ 111".
والمنقول عن القفال -كما في الإحكام للآمدي "2/ 283"- أنه يجوز التخصيص إلى أن ينتهى إلى أقل المراتب التي ينطلق عليها ذلك اللفظ المخصوص، مراعاة لمدلول الصيغة، فإن كان جمعًا فيجوز تخصيصه إلى ثلاثة، وإن كان غير الجمع مثل "من" و"ما" فيجوز تخصيصها إلى الواحد.
1 وفي المسألة مذاهب أخرى كثيرة تراجع في: العدة "2/ 544"، المعتمد "1/ 253"، شرح الكوكب المنير "3/ 271 وما بعدها".
2 معنى كلامه: أن القرينة المتصلة كالاستثناء المتصل والشرط والصفة والغاية يجوز التخصيص بها إلى أن يبقى واحد، فكذلك القرينة المنفصلة، إذ لا فارق بينهما.
وهذا لا يصلح أن يكون حجة على الجواز -كما يقول الجمهور- لأن المانعين يمنعون التخصيص إلى واحد، سواء أكان ذلك في القرينة المتصلة أم في المنفصلة، فلا يصح الاحتجاج به.
والجواب الصحيح ما ذكره الطوفي في شرحه "2/ 548" حيث قال: "التخصيص بيان أن بعض العام غير مراد بالحكم، والبعض المخصوص أعم من أن يكون أقل العموم أو أكثره أو نصفه، فما عدا الواحد يصدق عليه اسم البعض، فيجوز بيان أنه غير مراد، وهو المطلوب". أو أن يقال: "إن التخصيص تابع للمخصص، والعام متناول للواحد، ويلزم من ذلك جواز التخصيص إليه".