الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في تعارض العمومين
إذا تعارض عمومان: فأمكن الجمع بينهما، بأن يكون أحدهما أخص من الآخر، فيقدم الخاص1.
أو يكون أحدهما يمكن حمله على تأويل صحيح، والآخر غير ممكن تأويله، فيجب التأويل في المؤول، ويكون الآخر دليلًا على المراد منهن جمعًا بين الحديثين، إذ هو أولى من إلغائهما.
وإن تعذر الجمع بينهما، لتساويهما، ولكونهما متناقضين، كما لو قال:"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقتلُوه" 2، "مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَلَا تَقْتُلُوه": فلا بد أن يكون أحدهما ناسخًا للآخر.
فإن أشكل التاريخ طلب الحكم من دليل غيرهما.
وكذلك لو تعارض عمومان، كل واحد عام من وجه خاص من وجه، مثل قوله، عليه السلام:"مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَها فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا" 3، فإنه يتناول الفائتة بخصوصها، ووقت النهي بعمومه، مع
1 كما سبق في قول المصنف: "الرابع: النص الخاص يخصص اللفظ العام".
2 حديث صحيح: أخرجه البخاري: كتاب الجهاد، باب لا يعذب بعذاب الله، وفي كتاب استتابة المرتدين، باب حكم المرتد والمرتدة، عن ابن عباس مرفوعًا، وأبو داود: كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد، والترمذي: كتاب الحدود، باب ما جاء في المرتد، وقال:"هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه: كتاب الحدود، باب ما جاء في المرتد، وقال:"هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه: كتاب الحدود، باب المرتد عن دينه.
3 أخرجه البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها من حديث أنس مرفوعًا، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء =
قوله: "لَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ" 1 يتناول الفائتة بعمومه، والوقت بخصوصه.
وقوله: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوه" مع قوله: "نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ"2.
فهما سواء، لعدم ترجيح أحدهما على الآخر، فيتعارضان، ويعدل إلى دليل غيرهما.
= الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، كما أخرجه أبو داود وغيره.
1 أخرجه البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب من رخص في الركعتين بعد العصر إذا كانت الشمس مرتفعة، كما أخرجه الترمذي وابن ماجه والنسائي والدارمي وأحمد.
2 الذي في كتب الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن أمرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان. رواه البخاري، كتاب الجهاد "3014" و"3015" ومسلم في الجهاد أيضًا "827" والنسائي "1/ 278" وأحمد في المسند "3/ 95" من حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه.
فحديث "من بدل دينه...." عام في الرجل والمرأة، خاص في سبب القتل، وهو التبديل والردة، وحديث النهي عن قتل النساء، خاص في النساء، عام في النهي عن القتل، فيتعادلان، ويطلب المرجح.
وخلاصة هذا الفصل: أنه إذا تعارض عامان من كل وجه، بحث لا يمكن الجمع بينهما قدم أصحهما سندًا، فإن تساويا في السند، قدم ما يرجحه دليلًا خارجي، فإن لم يوجد مرجح: فإن علم التاريخ، فالمتأخر ناسخ للمتقدم، وإن جهل التاريخ وجب التوقف والبحث عن مرجح.
وإن تعارض العامان من بعض الوجوه وجب الجمع بينهما ما أمكن، بأن يكون أحدهما أخص من الآخر فيقدم الأخص، أو يحمل أحدهما على تأويل صحيح =