الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرق بينهما1: أن العامّي ليس عليه دليل، ولا هو متعبد باتباع موجب ظنه.
بخلاف المجتهد؛ فإنه متعبد بذلك، ومع التعارض لا ظنّ له، فيجب عليه التوقف.
ولهذا لا يحتاج العامّي إلى الترجيح بين المفتين على هذا الوجه، ولا يلزمه العمل بالراجح، بخلاف المجتهد.
ولا ينكر التخيير في الشرع2، لكن التخيير بين النقيضين ليس له في الشرع مجال، وهو في نفسه محال. والله أعلم.
1 أي: بين العامّي والمجتهد.
2 مثل التخيير في كفارة اليمين بين الإطعام والكسوة والعتق، وبين إخراج أربع حقاق، أو خمس بنات لبون في مائتين من الإبل، كما تقدم.
فصل: [هل للمجتهد أن يقول قولين في مسألة واحدة]
وليس للمجتهد أن يقول في المسألة قولين في حالٍ واحدة، في قول عامّة الفقهاء.
وقال ذلك الشافعي في مواضع1.
منها: قال في المسترسل من اللحية قولان:
أحدهما: يجب غسله.
1روي أن ذلك وقع منه رضي الله عنه– في ستة عشر أو سبعة عشر مسألة. انظر: نهاية السول للإسنوي "3/ 184".
والآخر: لا يجب1.
فقيل عنه: لعله تكافأ عنده الدليلان، فقال بهما على التخيير. أو علم الحق في أحدهما لا بعينه فقال ذلك، لينظر فيهما، فاخترمه الموت، أو نبه أصحابه على طريق الاجتهاد.
ولا يصح شيء من ذلك؛ فإن القولين لا يخلو:
إما أن يكونا صحيحين، أو فاسدين.
أو أحدهما صحيح، والآخر فاسد.
فإن كانا فاسدين: فالقول بهما حرام.
وإن كانا صحيحين، وهما ضدان: فكيف يجتمع ضدان؟!
وإن كان أحدهما فاسدًا، لم يخلُ:
إما أن يعلم فساد الفاسد، أولا يعلمه.
فإن علمه، فكيف يقول قولًا فاسدًا؟! أم كيف يلبّس2 على الأمة بقول يحرم القول به؟!
وإن اشتبه عليه الصحيح بالفاسد، لم يكن عالمًا بحكم المسألة، ولا قول له فيها أصلًا، فكيف يكون له قولان؟!.
قولهم: "تكافأ عنده دليلان". قد أبطلناه3.
ثم لو صح، فحكمه التخيير، وهو قول واحد.
وقولهم: "إنه علم الحق في أحدهما لا بعينه".
1 انظر: الأم "1/ 25" طبعة دار المعرفة – لبنان.
2 في المصباح المنير مادة "لبس": "ولبست الأمر لبسًا- من باب ضرب- خلطته، وفي التنزيل {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] . والتشديد مبالغة".
3 في قوله- سابقًا: "وإن كانا صحيحين وهما ضدان، فكيف يجتمع ضدان؟! ".