الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الربع الثالث من الحزب السابع والعشرين
في المصحف الكريم (ت)
عباد الله
حصة هذا اليوم تتناول الربع الثالث من الحزب السابع والعشرين في المصحف الكريم، ابتداء من قوله تعالى في مطلع سورة النحل المكية:{بسم الله الرحمن الرحيم أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} إلى قوله تعالى: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} .
ــ
في نهاية الربع الماضي ختمنا بفضل الله سورة الحجر المكية، وفي بداية هذا الربع نشرع بعون الله في تفسير سورة النحل المكية أيضا، وقد سميت هذه السورة " سورة النحل " أخذا من قوله تعالى فيها:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .
وقوله تعالى في بداية هذه السورة: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} إخبار عن قرب الساعة رغما عما يظهر من بعدها، فكل آت قريب، على غرار قوله تعالى في آية ثانية:
{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]، وقوله تعالى في آية ثالثة:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1]، ووضع الفعل الماضي في الآية موضع المستقبل، لتحقق وقوع " أمر الله " وهو يوم القيامة، إذ هو أمر واقع، ما له من دافع.
وقوله تعالى هنا: {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} يشبه قوله تعالى في آية أخرى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [الشورى: 18].
وقوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} المراد " بالروح " هنا النبوة والوحي، ويشبهه قوله تعالى في آية أخرى:{يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: 15]، ويصدق هذا على " الذكر الحكيم " فهو بمنزلة الروح التي يحيى بها المؤمن، إذ يكيف حياته في الدنيا فيجعلها حياة طيبة، ويعده للحياة الدائمة في الدار الآخرة، فيفوز بالخلود في جنات النعيم.
وبخصوص التعبير " بالروح " عن القرآن الكريم جاء قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52]، فالقرآن روح حقيقية ومعنوية، أحيا الله بها الإنسانية دينا ودنيا، وقد كان نزوله نقطة تحول في تاريخ النوع
البشري ومرحلة حاسمة في تطور العقائد والشعائر والشرائع، ونقطة انطلاق في حياة الأمم والشعوب والسلالات، مما أدى إلى تغيير خريطة العالم في أكثر البلدان والأقاليم والقارات، فعالم ما بعد القرآن غير عالم ما قبل القرآن، بشهادة الأصدقاء والأعداء.
وقوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} إشارة إلى بداية الإنسان المتواضعة، وإلى نهايته المستكبرة، التي يبرز فيها الكبر والعناد، والتمرد على أوامر الله وتوجيهاته للعباد.
ثم انتقلت الآيات الكريمة إلى تعداد النعم التي أنعم الله بها على الإنسان متاعا وانتفاعا، رحمة منه وإحسانا، وبينت جملة من أنواع الدواب التي سخرها لخدمته ومنفعته، مما يرتفق به في مرافقه الضرورية، أو يتغذى منه بأطيب الأغذية، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} . وأشارت الآيات الكريمة إلى المنظر الجميل الذي تكون عليه الأنعام عند عرضها حين سرحها وذهابها إلى المراعي، وحين رجوعها ورواحها منها:{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} . قال أبو القاسم ابن جزي: " وإنما قدم {تُرِيحُونَ} على {تَسْرَحُونَ} لأن جمال الأنعام بالعشي أكثر، حيث أنها ترجع من المراعي وبطونها ملأى، وضروعها حافلة ".
وقوله تعالى في نهاية هذه الآية: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} إشارة إلى ما تبرزه القدرة الإلهية جيلا بعد جيل، من وسائل جديدة للنقل أو المواصلات، وأصناف جديدة من الأغذية والمأكولات، وما وراء ذلك مما لا يحيط بعلمه إلا بديع الأرض والسماوات.
قال القاضي أبو بكر (ابن العربي) عند تفسيره قوله تعالى هنا: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} : " في هذا دليل على لباس الصوف، فهو أول ذلك وأولاه، فإنه شعار المتقين، ولباس الصالحين، وشارة الصحابة والتابعين، واختيار الزهاد والعارفين، وهو يلبس لينا وخشنا، وجيدا ومقاربا ورديئا، واليه نسب جماعة من الناس (الصوفية)، لأنه لباسهم في الغالب، فالياء للنسب والهاء للتأنيث ".
وقال (ابن العربي) عند تفسير قوله تعالى هنا: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ} : " والجمال يكون في الصورة وتركيب الخلقة، ويكون في الأخلاق الباطنة، ويكون في الأفعال.
" فأما جمال الخلقة فهو أمر يدركه البصر، فيلقيه إلى القلب متلائما، فتتعلق به النفس، من غير معرفة بوجه ذلك ولا بسببه لأحد من البشر.
" وأما جمال الأخلاق فبكونها على الصفات المحمودة، من العلم والحكمة، والعدل والعفة، وكظم الغيظ، وإرادة الخير لكل واحد.
" وأما جمال الأفعال فهو وجودها ملائمة لصالح الخلق، وقاضية بجلب المنافع إليهم، وصرف الشر عنهم.
" وجمال الأنعام والدواب من جمال الخلقة محسوب، وهو مرئي بالأبصار، موافق للبصائر، ومن جمالها كثرتها "، إلى أن قال رحمه الله: " وليس في الحمير زينة، ولكن المنفعة بها مضمونة.
" وهذا الجمال والتزين وإن كان من متاع الدنيا فقد أذن الله فيه لعباده، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:(الإبل عز لأهلها، والغنم بركة، والخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
" وإنما جمع الله العز في الإبل، لأن فيها اللباس والأكل واللبن والحمل والغزو، وإن نقصها الكر والفر، وجعل البركة في الغنم، لما فيها من اللباس والطعام والشراب وكثرة الولادة، فإنها تلد في العام ثلاث مرات، إلى ما يتبعها من السكينة وتحمل عليه صاحبها من خفض الجناح ولين الجانب
…
وقرن صلى الله عليه وسلم الخير بنواصي الخيل بقية الدهر، لما فيها من الغنيمة، المستفادة للكسب والمعاش، وما توصل إليه من قهر الأعداء، وغلبة الكفار، وإعلاء كلمة الله ".
ونبه القاضي أبو بكر (ابن العربي) عند تفسير قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} على ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرفق بالدواب، وإراحتها، ومراعاة التفقد لعلفها وسقيها. وفي الموطأ قال مالك عن أبي عبيد عن خالد بن معدان: " إن الله رفيق يحب الرفق، ويرضى به،
ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها " إلى آخر الحديث.
وقوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ} يشبه قوله تعالى في آية أخرى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]. والمراد بقوله: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} كما قال مجاهد: " طريق الحق المؤدية إلى الله "، قال ابن كثير بعد ذكره أقوالا أخرى في تفسير هذه الآية:" وقول مجاهد أقوى من حيث السياق، لأنه تعالى أخبر أن ثم طرقا تسلك إليه، فليس يصل إليه منها إلا طريق الحق، وهي الطريق التي شرعها ورضيها، وما عداها من الطرق مسدودة، والأعمال فيها مردودة ". وقال ابن جزي: " معنى القصد في قوله {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ}: القاصد الموصل، وإضافته إلى السبيل من إضافة الصفة إلى الموصوف، فكأنه قال: وعلى الله بيان السبيل القاصد الموصل إليه ".
وقوله تعالى: {وَمِنْهَا جَائِرٌ} الضمير يعود على " السبيل " المراد به هنا الجنس، ومعنى " الجائر " الحائد والمائل عن الحق، والخارج عن الصواب.
وقوله تعالى هنا: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} على غرار قوله تعالى في آية ثانية: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [هود: 118] لكنه خلق الإنسان حرا مختارا، فلم
يكرهه على الإيمان، ولم يلجئه إلى الإذعان، فكان منه مؤمن وكافر، وشقي وسعيد.
ثم انتقل كتاب الله إلى عرض جملة من النعم الأخرى في معرض امتنانه على الإنسان، وتذكيره بالحقوق التي عليه لربه، ابتداء من قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} إلى قوله تعالى في نفس السياق: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} .
وفي هذا السياق بين كتاب الله العبرة المقصودة من عرض النعم التي أنعم بها على الإنسان، فقال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ، وقال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ، وقال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} ، وقال تعالى:{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فمن له عقل وفكر استيقظ وتذكر، ونظر واعتبر، وفكر وقدر، وشكر وما كفر.
ثم تصدى كتاب الله للرد على عبدة الأصنام والأوثان، وسجل عليهم جملة من الادعاءات الباطلة القائمة على مجرد الزور والبهتان، وجدد دعوته لهم إلى الإيمان والإذعان، ببالغ الحجة وساطع البرهان، وذكرهم بسوء المنقلب الذي آل إليه أمر الكافرين والماكرين قبلهم منذ قديم الزمان، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لَا جَرَمَ} أي لا بد ولا شك {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ * قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} .
وقوله تعالى هنا: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} اللام فيه للأمر، وبمعنى هذه الآية ورد الحديث النبوي الشريف (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)، وقوله عليه السلام:(من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) أو كما قال عليه السلام.
وقوله تعالى في ختام هذا الربع: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} إخبار من الله تعالى عن حال المشركين والكافرين الذين ظلموا أنفسهم بالشرك والكفر، ولم يقدروا الله حق
قدره، فكان شركهم بالله ظلما عظيما، ووصف لهم كيف يكونون عند الاحتضار ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم الخبيثة، حيث يظهرون، وقتئذ السمع والطاعة، ويتبرأون مما عملوا من السيئات، فيكذب الملائكة دعواهم، بشهادة الله التي لا مرد لها، ويخبرونهم عن مصيرهم المفجع، قائلين:{فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} .