الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَى
(خ م س حم)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(دَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم)(1)(فِي أَيَّامِ مِنًى)(2)(- وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ -)(3)(وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ)(4)(- وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ -)(5)(تَضْرِبَانِ بِدُفَّيْنِ)(6)(وَتُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ (7) الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ (8)) (9)(يَوْمٌ قُتِلَ فِيهِ صَنَادِيدُ (10) الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ) (11)
(1)(خ) 907
(2)
(خ) 944 ، (م) 17 - (892)
(3)
(س) 1597
(4)
(م) 16 - (892) ، (جة) 1898
(5)
(خ) 909 ، (م) 16 - (892) ، (جة) 1898
(6)
(س) 1593 ، (حم) 24095 ، (خ) 944
(7)
تقاولت: خاطب بعضهم بعضا ، والمراد: الأشعار.
(8)
وَقْعَة بُعَاثٍ: كَانَتْ قَبْلَ اَلْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَهُوَ اَلْمُعْتَمَدُ، نَعَمْ ، دَامَتْ اَلْحَرْبُ بَيْنَ اَلْحَيَّيْنِ اَلْأَوْس وَالْخَزْرَج مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً إِلَى اَلْإِسْلَامِ ، فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ شَهِيرَة، إِلَى أَنْ كَانَ آخِرَ ذَلِكَ يَوْم بُعَاث. فتح الباري (ج 3 / ص 371)
و (بُعَاث) هُوَ مَكَان ، وَيُقَال: حِصْن ، وَقِيلَ: مَزْرَعَة ، عِنْد بَنِي قُرَيْظَة ، عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْمَدِينَة، كَانَتْ بِهِ وَقْعَة بَيْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج، فَقُتِلَ فِيهَا كَثِير مِنْهُمْ ، وَكَانَ رَئِيس الْأَوْس فِيهِ: حُضَيْر وَالِد أُسَيْدِ بْن حُضَيْر ، وَكَانَ يُقَال لَهُ: حُضَيْر الْكَتَائِب ، وَكَانَ رَئِيس الْخَزْرَج يَوْمَئِذٍ: عَمْرو بْن النُّعْمَان الْبَيَاضِيّ ، فَقُتِلَ فِيهَا أَيْضًا، وَكَانَ النَّصْر فِيهَا أَوَّلًا لِلْخَزْرَجِ ، ثُمَّ ثَبَّتَهُمْ حُضَيْر ، فَرَجَعُوا ، وَانْتَصَرَتْ الْأَوْس ، وَجُرِحَ حُضَيْر يَوْمئِذٍ فَمَاتَ فِيهَا، وَذَلِكَ قَبْل الْهِجْرَة بِخَمْسِ سِنِينَ. فتح الباري (ج 11 / ص 81)
(9)
(م) 16 - (892) ، (خ) 909
(10)
الصناديد: سادة الناس، وزعماؤهم، وعظماؤهم، وأشرافهم.
(11)
(حم) 25072 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(خ)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم " فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " وَقَدْ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ ، وَقُتِّلَتْ سَرَوَاتُهُمْ (1) وَجُرِّحُوا، " فَقَدَّمَهُ اللهُ لِرَسُولِهِ فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ (2) "(3)
(1) السَّرَوَات: جَمْع سَرَاة، وَالسَّرَاة: جَمْع سَرِيّ ، وَهُوَ الشَّرِيف. فتح (11/ 81)
(2)
ذَكَرَ أَبُو الْفَرَج الْأَصْبَهَانِيُّ أَنَّ سَبَب يَوْمِ بُعَاثٍ ، أَنَّهُ كَانَ مِنْ قَاعِدَتهمْ أَنَّ الْأَصِيل لَا يُقْتَل بِالْحَلِيفِ، فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْأَوْس حَلِيفًا لِلْخَزْرَجِ، فَأَرَادُوا أَنْ يُقِيدُوهُ فَامْتَنَعُوا، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ الْحَرْب لِأَجْلِ ذَلِكَ، فَقُتِلَ فِيهَا مِنْ أَكَابِرهمْ مَنْ كَانَ لَا يُؤْمِن ، أَيْ: يَتَكَبَّر وَيَأنَف أَنْ يَدْخُل فِي الْإِسْلَام حَتَّى لَا يَكُون تَحْت حُكْم غَيْره. فتح الباري (ج 11 / ص 81)
(3)
(خ) 3566 ، (حم) 24365
(دلائل النبوة لأبي نعيم) ، وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: لَمَّا لَقِيَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا: " مَنْ أَنْتُمْ؟ "، قُلْنَا: نَحْنُ الْخَزْرَجُ ، قَالَ:" أَمِنْ مَوَالِي الْيَهُودِ؟ "، قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ:" أَفَلا تَجْلِسُونَ حَتَّى أُكَلِّمَكُمْ؟ "، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَجَلَسْنَا مَعَهُ ، " فَدَعَانَا إِلَى اللهِ عز وجل وَعَرَضَ عَلَيْنَا الْإِسْلَامَ ، وتلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ "، قَالَ: وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللهُ تَعَالَى بِنَا فِي الْإِسْلَامِ، أَنَّ يَهُودَ كَانُوا مَعَنَا فِي بِلادِنَا، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَكُنَّا أَهْلَ شِرْكٍ ، أَصْحَابَ أَوْثَانٍ ، وَكَانَتِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ قَدْ عَزُّوهُمْ بِبِلادِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ قَالُوا لَهُمْ: إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوثٌ الْآنَ ، قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ ، نَتَّبِعُهُ فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، قَالَ:" فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُولَئِكَ النَّفَرَ ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ "، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا قَوْمِ ، تَعْلَمُونَ وَاللهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي تَوَعَّدُكُمْ بِهِ الْيَهُودُ، فلَا تَسْبِقِنَّكُمْ إِلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ ، وَصَدَّقُوهُ ، وَقَبِلُوا مِنْهُ مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَقَالُوا لَهُ: إِنَّا كُنَّا قَدْ تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُمْ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ لَكَ، فَسَنَقْدَمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكَ ، وَنَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَجَبْنَاكَ إِلَيْهِ مِنْ هَذَا الدِّينِ فَإِنْ يَجْمَعْهُمُ اللهُ ، فلَا رَجُلَ أَعَزُّ مِنْكَ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعِينَ إِلَى بِلادِهِمْ ، قَدْ آمَنُوا وَصَدَّقُوا. (1)
(1) دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني: 218 ، دلائل النبوة للبيهقي: 698 ، انظر فقه السيرة ص146
(خ م س حم حب)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ:(إِنِّي لَمِنْ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(1)(فِي الْعَقَبَةِ الْأُولَى)(2)(وَكُنَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا ، فَبَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ الْحَرْبُ)(3) وفي رواية: (كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ:)(4)(" أَلَا تُبَايِعُونِي (5) عَلَى مَا بَايَعَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ؟ ، أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا ، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَزْنُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ) (6) وفي رواية:(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ)(7)(وَلَا تَأتُوا بِبُهْتَانٍ (8) تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) (9) وفي رواية: (وَلَا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا)(10)(وَلَا نَنْتَهِبَ (11)) (12)(وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ (13)) (14)(وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ كُلَّهَا)(15)({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} (16)") (17) (قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:) (18) (" فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ (19) فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (20) وفي رواية: (" فَإِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمْ الْجَنَّةُ ")(21) وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ) (22)(فِي الدُّنْيَا (23) فَهُوَ (24) كَفَّارَةٌ لَهُ وَطَهُور (25)) (26)(وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ (27) إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ (28) ") (29)
(1)(م) 44 - (1709) ، (حم) 22794
(2)
(حم) 22752 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(3)
(حم) 22806 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(4)
(خ) 6402 ، (م) 41 - (1709) ، (س) 4210 ، (حم) 22730
(5)
الْمُبَايَعَة عِبَارَة عَنْ الْمُعَاهَدَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِالْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّة ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ الله اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّة} . (فتح الباري) ح18
(6)
(س) 4162 ، (خ) 18 ، (م) 41 - (1709) ، (ت) 1439 ، (حم) 22720
(7)
(م) 41 - (1709) ، (خ) 3680
(8)
الْبُهْتَان: الْكَذِب يَبْهَت سَامِعَه، وَخَصَّ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل بِالِافْتِرَاءِ لِأَنَّ مُعْظَم الْأَفْعَال تَقَع بِهِمَا، إِذْ كَانَتْ هِيَ الْعَوَامِل وَالْحَوَامِل لِلْمُبَاشَرَةِ وَالسَّعْي، وَكَذَا يُسَمُّونَ الصَّنَائِع الْأَيَادِي ، وَقَدْ يُعَاقَب الرَّجُل بِجِنَايَةٍ قَوْلِيَّة فَيُقَال: هَذَا بِمَا كَسَبَتْ يَدَاك.
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون قَوْله " بَيْن أَيْدِيكُمْ " أَيْ: فِي الْحَال، وَقَوْله " وَأَرْجُلكُمْ "
أَيْ: فِي الْمُسْتَقْبَل؛ لِأَنَّ السَّعْي مِنْ أَفْعَال الْأَرْجُل.
وَقَيل: أَصْل هَذَا كَانَ فِي بَيْعَة النِّسَاء، وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ نِسْبَة الْمَرْأَة الْوَلَد الَّذِي تَزْنِي بِهِ أَوْ تَلْتَقِطهُ إِلَى زَوْجهَا ، ثُمَّ لَمَّا اِسْتَعْمَلَ هَذَا اللَّفْظ فِي بَيْعَة الرِّجَال اُحْتِيجَ إِلَى حَمْله عَلَى غَيْر مَا وَرَدَ فِيهِ أَوَّلًا. وَالله أَعْلَم. (فتح الباري) ح18
(9)
(خ) 18 ، (ت) 1439 ، (س) 4162
(10)
(م) 43 - (1709) ، (حم) 22784
العَضْهُ: النميمة والإفساد بين الناس.
(11)
قوله " وَلَا ننْتَهِب " مِمَّا يُتَمَسَّك بِهِ فِي أَنَّ الْبَيْعَة مُتَأَخِّرَة؛ لِأَنَّ الْجِهَاد عِنْد بَيْعَة الْعَقَبَة لَمْ يَكُنْ فُرِضَ، وَالْمُرَاد بِالِانْتِهَابِ: مَا يَقَع بَعْد الْقِتَال فِي الْغَنَائِم. فتح (ح18)
(12)
(خ) 3680 ، (م) 44 - (1709)
(13)
الْمَعْرُوف: مَا عُرِفَ مِنْ الشَّارِع حُسْنه نَهْيًا وَأَمْرًا.
قَالَ النَّوَوِيّ: يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى: وَلَا تَعْصُونِي وَلَا أَحَد أُولِي الْأَمْر عَلَيْكُمْ فِي الْمَعْرُوف، فَيَكُون التَّقْيِيد بِالْمَعْرُوفِ مُتَعَلِّقًا بِشَيْءٍ بَعْده. وَقَالَ غَيْره: نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ طَاعَة الْمَخْلُوق إِنَّمَا تَجِب فِيمَا كَانَ غَيْر مَعْصِيَة للهِ، فَهِيَ جَدِيرَة بِالتَّوَقِّي فِي مَعْصِيَة الله. (فتح الباري) ح18
(14)
(خ) 7030 ، (م) 43 - (1709) ، (س) 4161 ، (حم) 22720
(15)
(خ) 6402 ، (م) 42 - (1709) ، (س) 4210 ، (حم) 22730
(16)
[الممتحنة: 12]
(17)
(م) 42 - (1709) ، (حم) 22730
(18)
(س) 4162 ، (خ) 18
(19)
أَيْ: ثَبَتَ عَلَى الْعَهْد. (فتح الباري) ح18
(20)
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ اِقْتَصَرَ عَلَى الْمَنْهِيَّات وَلَمْ يَذْكُر الْمَأمُورَات؟ ، فَالْجَوَاب أَنَّهُ لَمْ يُهْمِلهَا، بَلْ ذَكَرَهَا عَلَى طَرِيق الْإِجْمَال فِي قَوْله " وَلَا تَعْصُوا " ، إِذْ الْعِصْيَان مُخَالَفَة الْأَمْر، وَالْحِكْمَة فِي التَّنْصِيص عَلَى كَثِير مِنْ الْمَنْهِيَّات دُون الْمَأمُورَات أَنَّ الْكَفّ أَيْسَر مِنْ إِنْشَاء الْفِعْل؛ لِأَنَّ اِجْتِنَاب الْمَفَاسِد مُقَدَّم عَلَى اِجْتِلَاب الْمَصَالِح، وَالتَّخَلِّي عَنْ الرَّذَائِل قَبْل التَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ. (فتح الباري) ح18
(21)
(حم) 22806 ، (خ) 3680 ، (م) 44 - (1709)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(22)
(خ) 6402 ، (م) 43 - (1709) ، (ت) 1439 ، (س) 4161
(23)
قَالَ اِبْن التِّين: يُرِيد بِهِ الْقَطْع فِي السَّرِقَة وَالْجَلْد أَوْ الرَّجْم فِي الزِّنَا ، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي إِسْمَاعِيل وَغَيْره أَنَّ قَتْل الْقَاتِل إِنَّمَا هُوَ رَادِع لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَة فَالطَّلَب لِلْمَقْتُولِ قَائِم؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ حَقّ.
قُلْت: بَلْ وَصَلَ إِلَيْهِ حَقّ أَيُّ حَقّ فَإِنَّ الْمَقْتُول ظُلْمًا تُكَفَّر عَنْهُ ذُنُوبه بِالْقَتْلِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَر الَّذِي صَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَغَيْره " إِنَّ السَّيْف مَحَّاء لِلْخَطَايَا "، فَلَوْلَا الْقَتْل مَا كُفِّرَتْ ذُنُوبه، وَأَيّ حَقّ يَصِل إِلَيْهِ أَعْظَم مِنْ هَذَا؟ ، وَلَوْ كَانَ حَدّ الْقَتْل إِنَّمَا شُرِعَ لِلرَّدْعِ فَقَطْ لَمْ يُشْرَع الْعَفْو عَنْ الْقَاتِل.
وَهَلْ تَدْخُل فِي الْعُقُوبَة الْمَذْكُورَة الْمَصَائِب الدُّنْيَوِيَّة مِنْ الْآلَام وَالْأَسْقَام وَغَيْرهَا؟ فِيهِ نَظَر. وَيَدُلّ لِلْمَنْعِ قَوْله " وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ الله " فَإِنَّ هَذِهِ الْمَصَائِب لَا تُنَافِي السَّتْر، وَلَكِنْ بَيَّنَتْ الْأَحَادِيث الْكَثِيرَة أَنَّ الْمَصَائِب تُكَفِّر الذُّنُوب، فَيُحْتَمَل أَنْ يُرَاد أَنَّهَا تُكَفِّر مَا لَا حَدَّ فِيهِ. (فتح الباري) ح18
(24)
أَيْ: الْعِقَاب. (فتح الباري) ح18
(25)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: ذَهَبَ أَكْثَر الْعُلَمَاء أَنَّ الْحُدُود كَفَّارَات ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيث، وَمِنْهُمْ مَنْ وَقَفَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لَا أَدْرِي الْحُدُود كَفَّارَة لِأَهْلِهَا أَمْ لَا "، وَيُمْكِن - عَلَى طَرِيق الْجَمْع بَيْنهمَا - أَنْ يَكُون حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَرَدَ أَوَّلًا قَبْل أَنْ يُعْلِمهُ الله، ثُمَّ أَعْلَمَهُ بَعْد ذَلِكَ.
لَكِنَّ الْقَاضِي عِيَاض وَمَنْ تَبِعَهُ جَازِمُونَ بِأَنَّ حَدِيث عُبَادَةَ هَذَا كَانَ بِمَكَّة لَيْلَة الْعَقَبَة لَمَّا بَايَعَ الْأَنْصَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْبَيْعَة الْأُولَى بِمِنًى، وَأَبُو هُرَيْرَة إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْد ذَلِكَ بِسَبْعِ سِنِينَ عَام خَيْبَر، فَكَيْفَ يَكُون حَدِيثه مُتَقَدِّمًا؟ ،
وَقَالُوا فِي الْجَوَاب عَنْهُ: يُمْكِن أَنْ يَكُون أَبُو هُرَيْرَة مَا سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ صَحَابِيّ آخَر كَانَ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَدِيمًا وَلَمْ يَسْمَع مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعْد ذَلِكَ أَنَّ الْحُدُود كَفَّارَة كَمَا سَمِعَهُ عُبَادَةَ، وَفِي هَذَا تَعَسُّف ، وَيُبْطِلهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ، وَأَنَّ الْحُدُود لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ إِذْ ذَاكَ.
وَالْحَقّ عِنْدِي أَنَّ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة صَحِيح ، وَتَقَدَّمَ عَلَى حَدِيث عُبَادَةَ، وَالْمُبَايَعَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث عُبَادَةَ عَلَى الصِّفَة الْمَذْكُورَة لَمْ تَقَع لَيْلَة الْعَقَبَة، وَإِنَّمَا كَانَ لَيْلَة الْعَقَبَة مَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق وَغَيْره مِنْ أَهْل الْمَغَازِي أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ الْأَنْصَار " أُبَايِعكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ " ، فَبَايَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَى أَنْ يَرْحَل إِلَيْهِمْ هُوَ وَأَصْحَابه. ثُمَّ صَدَرَتْ مُبَايَعَات أُخْرَى ، مِنْهَا هَذِهِ الْبَيْعَة فِي حَدِيث الْبَاب فِي الزَّجْر عَنْ الْفَوَاحِش الْمَذْكُورَة. وَاَلَّذِي يُقَوِّي أَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْد فَتْح مَكَّة بَعْد أَنْ نَزَلَتْ الْآيَة الَّتِي فِي الْمُمْتَحِنَة ، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يُبَايِعْنَك} ، وَنُزُول هَذِهِ الْآيَة مُتَأَخِّر بَعْد قِصَّة الْحُدَيْبِيَة بِلَا خِلَاف، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ مَا عِنْد الْبُخَارِيّ فِي حَدِيث عُبَادَةَ هَذَا أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَايَعَهُمْ قَرَأَ الْآيَة كُلّهَا، وَعِنْده فِي تَفْسِير الْمُمْتَحِنَة مِنْ هَذَا الْوَجْه قَالَ:" قَرَأَ آيَة النِّسَاء " وَلِمُسْلِمٍ: " فَتَلَا عَلَيْنَا آيَة النِّسَاء قَالَ: أَنْ لَا تُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا " ، فَهَذِهِ أَدِلَّة ظَاهِرَة فِي أَنَّ هَذِهِ الْبَيْعَة إِنَّمَا صَدَرَتْ بَعْد نُزُول الْآيَة، بَلْ بَعْد صُدُور الْبَيْعَة، بَلْ بَعْد فَتْح مَكَّة، وَذَلِكَ بَعْد إِسْلَام أَبِي هُرَيْرَة بِمُدَّةٍ.
وَإِنَّمَا حَصَلَ الِالْتِبَاس مِنْ جِهَة أَنَّ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت حَضَرَ الْبَيْعَتَيْنِ مَعًا، وَكَانَتْ بَيْعَة الْعَقَبَة مِنْ أَجَلّ مَا يُتَمَدَّح بِهِ، فَكَانَ يَذْكُرهَا إِذَا حَدَّثَ تَنْوِيهًا بِسَابِقِيَّتِهِ، فَلَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْبَيْعَة الَّتِي صَدَرَتْ عَلَى مِثْل بَيْعَة النِّسَاء عَقِبَ ذَلِكَ تَوَهَّمَ مَنْ لَمْ يَقِف عَلَى حَقِيقَة الْحَال أَنَّ الْبَيْعَة الْأُولَى وَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ. وَعَلَيْك بِرَدِّ مَا أَتَى مِنْ الرِّوَايَات مُوهِمًا بِأَنَّ هَذِهِ الْبَيْعَة كَانَتْ لَيْلَة الْعَقَبَة إِلَى هَذَا التَّأوِيل الَّذِي نَهَجْت إِلَيْهِ فَيَرْتَفِع بِذَلِكَ الْإِشْكَال، وَلَا يَبْقَى بَيْن حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَة وَعُبَادَةَ تَعَارُض، وَلَا وَجْه بَعْد ذَلِكَ لِلتَّوَقُّفِ فِي كَوْن الْحُدُود كَفَّارَة.
وَيُسْتَفَاد مِنْ الْحَدِيث أَنَّ إِقَامَة الْحَدّ كَفَّارَة لِلذَّنْبِ وَلَوْ لَمْ يَتُبْ الْمَحْدُود، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور. وَقِيلَ لَا بُدّ مِنْ التَّوْبَة، وَبِذَلِكَ جَزَمَ بَعْض التَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْل لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَوَافَقَهُمْ اِبْن حَزْم وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ الْبَغَوِيّ وَطَائِفَة يَسِيرَة، وَاسْتَدَلُّوا بِاسْتِثْنَاءِ مَنْ تَابَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} وَالْجَوَاب فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي عُقُوبَة الدُّنْيَا، وَلِذَلِكَ قُيِّدَتْ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. فتح (ح18)
(26)
(خ) 6416 ، (م) 43 - (1709) ، (س) 4178 ، (حم) 22785
(27)
قَالَ الْمَازِنِيّ: فِيهِ رَدّ عَلَى الْخَوَارِج الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ، وَرَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَة الَّذِينَ يُوجِبُونَ تَعْذِيب الْفَاسِق إِذَا مَاتَ بِلَا تَوْبَة؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِأَنَّهُ تَحْت الْمَشِيئَة، وَلَمْ يَقُلْ:(لَا بُدّ أَنْ يُعَذَّبَ).
وَقَالَ الطِّيبِيّ: فِيهِ إِشَارَة إِلَى الْكَفّ عَنْ الشَّهَادَة بِالنَّارِ عَلَى أَحَد أَوْ بِالْجَنَّةِ لِأَحَدٍ إِلَّا مَنْ وَرَدَ النَّصّ فِيهِ بِعَيْنِهِ.
قُلْت: أَمَّا الشِّقّ الْأَوَّل فَوَاضِح ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْإِشَارَة إِلَيْهِ إِنَّمَا تُسْتَفَاد مِنْ الْحَمْل عَلَى غَيْر ظَاهِر الْحَدِيث وَهُوَ مُتَعَيَّن. (فتح) ح18
(28)
يَشْمَل مَنْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ، وَقَالَ بِذَلِكَ طَائِفَة، وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ مَنْ تَابَ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ مُؤَاخَذَة، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَأمَن مَكْر الله ، لِأَنَّهُ لَا اِطِّلَاع لَهُ هَلْ قُبِلَتْ تَوْبَته أَوْ لَا. وَقِيلَ: يُفَرَّق بَيْن مَا يَجِب فِيهِ الْحَدّ وَمَا لَا يَجِب وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتَى مَا يُوجِب الْحَدّ، فَقِيلَ: يَجُوز أَنْ يَتُوب سِرًّا وَيَكْفِيه ذَلِكَ. وَقِيلَ: بَلْ الْأَفْضَل أَنْ يَأتِي الْإِمَامَ وَيَعْتَرِف بِهِ وَيَسْأَلهُ أَنْ يُقِيم عَلَيْهِ الْحَدّ كَمَا وَقَعَ لِمَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ. وَفَصَلَ بَعْض الْعُلَمَاء بَيْن أَنْ يَكُون مُعْلِنًا بِالْفُجُورِ فَيُسْتَحَبّ أَنْ يُعْلِنَ بِتَوْبَتِهِ ، وَإِلَّا فَلَا. (فتح الباري) ح18
(29)
(خ) 3679 ، (م) 41 - (1709) ، (ت) 1439 ، (س) 4161
(خ حم)، وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ:(أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رضي الله عنهما)(1)(فَجَعَلَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ الْقُرْآنَ)(2)(ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا)(3)(بِلَالٌ ، وَسَعْدٌ ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله عنهم ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)(4).
(1)(خ) 4657
(2)
(حم) 18535 ، (خ) 4657
(3)
(خ) 3709
(4)
(خ) 3710
(خ)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:(لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ الْعُصْبَةَ (1) قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رضي الله عنهما وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا) (2)(فِيهِمْ عُمَرُ ، وَأَبُو سَلَمَةَ ، وَزَيْدٌ ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ)(3).
(1) العُصْبة: مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ ، ويسمى أيضا: الْمُعَصَّب.
(2)
(خ) 660
(3)
(خ) 6754، (د) 588