الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْتِظَارُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ ظُهُورَه صلى الله عليه وسلم
(ابن إسحاق)، عَن عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عن شيخ من بني قريظة، قال لي: هل تدري عَمَّ كان إسلام ثعلبة بن سِعية، وأسيد بن سعيد، وأسد بن عبيد؟ - نفر من بني هدل، إخوة بني قريظة ، كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا ساداتهم في الإسلام - قلت: لَا والله ، قال: فإن رجلا من اليهود من أرض الشام، يقال له: ابن الهيبان، قدم علينا قبل الإسلام بسنين ، فحلَّ بين أظهرنا ، لَا والله ما رأينا رجلا قطُّ لَا يصلي الخَمس أفضل منه ، فأقام عندنا، فَكُنَّا إذا قَحط عنَّا المطر، قلنا له: اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا ، فيقول: لَا والله حتى تُقَدِّموا بين يدي مَخْرَجِكُم صدقة ، فنقول: كم؟ ، فيقول: صاعا من تمر، أو مدين من شعير ، قال: فنخرجها ، ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرَّتنا، فيستسقي لنا ، فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقي ، قد فعل ذلك غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاث ، ثم حضرته الوفاة عندنا ، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود ، ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير، إلى أرض البؤس والجوع؟ ، فَقُلنا: أنت أعلم، قال: فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف (1) خروج نبي قد أظلَّ زمانُه ، هذه البلدة مُهاجَرُه ، فكنت أرجو أن يُبْعَثَ فأتَّبِعَه ، وقد أظلَّكم زمانُه، فلَا تُسبَقُنَّ إليه يا معشر يهود ، فإنه يُبْعَث بسفك الدماء، وسبي الذراري (2) ممن خالفه فلَا يمنعكم ذلك منه، " فلما بُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قريظة " قال هؤلاء الفتية - وكانوا شبابا أحداثا -: يا بني قريظة ، والله إنه لَلنَّبي الذي عهد إليكم فيه ابن الهيبان ، قالوا: ليس به ، قالوا: بلى والله، إنه لهو بصفته، فنزلوا فأسلموا، فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم. (3)
(1) التَّوَكُّف: التوقُّع والانتظار. لسان العرب - (ج 9 / ص 362)
(2)
(الذَّرَارِيّ): الأَوْلَادُ الصِّغَار، وَالنِّسَاء.
(3)
السيرة النبوية لابن كثير - (1/ 295)، انظر صحيح السيرة ص60
(ابن إسحاق)، وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ رجال مِنْ قَوْمِهِ قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام - مع رحمة الله تعالى وهُداهُ لنا - لِما كُنَّا نسمع من رجال يهود ، كُنَّا أهلَ شِرك ، أصحاب أوثان ، وكانوا أهلَ كتاب ، عندَهم علم ليس لنا ، وكانت لَا تزال بيننا وبينهم شُرور ، فإذا نِلْنا منهم بعض ما يكرهون ، قالوا لنا: إنه قد تقارب زمانُ نبيٍّ يُبْعث الآن ، نقتلكم معه قتلَ عادٍ وَإِرَمَ ، فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم ، فلما بَعَثَ اللهُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَجَبْناه حين دعانا إلى الله ، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به ، فبادرناهم (1) إليه ، فآمنا به ، وكفروا به ، ففينا وفيهم نزلت هذه الْآية:{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ ، وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ، فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (2). (3)
(1) بادر الشيءَ: عجل إليه واستبق وسارع.
(2)
[البقرة: 89]
(3)
سير أعلام النبلاء ط الرسالة (سيرة 1/ 98)، انظر صحيح السيرة ص57
(حم)، وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ رضي الله عنه وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ - قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَسِيرٍ ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا، عَلَيَّ بُرْدَةٌ (1) مُضْطَجِعًا فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي - فَذَكَرَ الْبَعْثَ ، وَالْقِيَامَةَ ، وَالْحِسَابَ ، وَالْمِيزَانَ ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ ، فَقَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ ، أَصْحَابِ أَوْثَانٍ ، لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ ، أَتَرَى هَذَا كَائِنًا؟ أَنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ؟ ، يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ؟ ، فَقَالَ: نَعَمْ ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ ، لَوَدَّ أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي الدُّنْيَا ، يُحَمُّونَهُ ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ ، فَيُطْبَقُ بِهِ عَلَيْهِ ، وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ - فَقَالُوا: وَمَتَى تَرَاهُ؟ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا ، فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ ، قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا (2) فَآمَنَّا بِهِ ، وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا ، فَقُلْنَا لَهُ: وَيْلَكَ يَا فُلَانُ ، أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ؟ ، قَالَ: بَلَى ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِهِ. (3)
(1) البْرُدُ والبُرْدة: الشَّمْلَةُ المخطَّطة، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ.
(2)
أي: اليهودي الذي أخبرهم عن البعث والنشور ، وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
(حم) 15879 ، (ك) 5764، انظر صحيح السيرة ص59 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(حم)، وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَالَ:" انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا كَنِيسَةَ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ عِيدٍ لَهُمْ " ، فَكَرِهُوا دُخُولَنَا عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ، أَرُونِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا يَشْهَدُونَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، يُحْبِطْ اللهُ عَنْ كُلِّ يَهُودِيٍّ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الْغَضَبَ الَّذِي غَضِبَ عَلَيْهِ "، قَالَ: فَأَسْكَتُوا مَا أَجَابَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، " ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ " فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، " ثُمَّ ثَلَّثَ " ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، فَقَالَ:" أَبَيْتُمْ؟ ، فَوَاللهِ إِنِّي لَأَنَا الْحَاشِرُ ، وَأَنَا الْعَاقِبُ ، وَأَنَا النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى ، آمَنْتُمْ أَوْ كَذَّبْتُمْ ، ثُمَّ انْصَرَفَ " وَأَنَا مَعَهُ ، حَتَّى إِذَا كِدْنَا أَنْ نَخْرُجَ نَادَى رَجُلٌ مِنْ خَلْفِنَا: كَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ ، " فَأَقْبَلَ "، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أَيَّ رَجُلٍ تَعْلَمُونَ أَنِّي فِيكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ؟ ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ مِنْكَ ، وَلَا أَفْقَهُ مِنْكَ ، وَلَا مِنْ أَبِيكَ قَبْلَكَ ، وَلَا مِنْ جَدِّكَ قَبْلَ أَبِيكَ ، قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ لَهُ بِاللهِ ، أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ الَّذِي تَجِدُونَهُ فِي التَّوْرَاةِ ، فَقَالُوا: كَذَبْتَ ، ثُمَّ رَدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ ، وَقَالُوا فِيهِ شَرًّا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَذَبْتُمْ ، لَنْ يُقْبَلَ قَوْلُكُمْ ، أَمَّا آنِفًا (1) فَتُثْنُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا أَثْنَيْتُمْ ، وَلَمَّا آمَنَ كَذَّبْتُمُوهُ وَقُلْتُمْ فِيهِ مَا قُلْتُمْ؟ فَلَنْ يُقْبَلَ قَوْلُكُمْ "، قَالَ: فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ ، وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِيهِ:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ، إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (2). (3)
(1) أي: قبل قليل.
(2)
[الأحقاف/10]
(3)
(حم) 24030 ، (حب) 7162 ، (ك) 5756 ، وصححه الألباني في صحيح السيرة ص81، صحيح موارد الظمآن: 1763، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في (حم): إسناده صحيح.
وقال الألباني في صحيح الموارد عقب الحديث: استبعدَ ابنُ كثير نزولها في عبد الله بن سلام ، لأنها مكية ، وابن سلام أسلم في المدينة!
قلت: لَا وجه لهذا الاستبعاد ، وذلك لوجوه:
الأول: مخالفته لهذا الحديث الصحيح ،وله شاهد عن سعد بن أبي وقاص قال:" مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ "، قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} الْآيَةَ ، أخرجه البخاري (3812) ومسلم (2483).
الثاني: أنه ليس هناك نصٌّ صريح على أن الْآية مكية، فيمكن أن تكون مدنية في سورة مكية. أ. هـ
(حم)، وَعَنْ أَبِي صَخْرٍ الْعُقَيْلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَلَبْتُ جَلُوبَةً (1) إِلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ بَيْعَتِي قُلْتُ: لَأَلْقَيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ ، فَلَأَسْمَعَنَّ مِنْهُ ، فَتَلَقَّانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يَمْشُونَ ، فَتَبِعْتُهُمْ حَتَّى كُنْتُ خَلْفَهُمْ ، فَأَتَوْا عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ نَاشِرًا التَّوْرَاةَ يَقْرَؤُهَا ، يُعَزِّي بِهَا نَفْسَهُ عَلَى ابْنٍ لَهُ فِي الْمَوْتِ ، كَأَحْسَنِ الْفِتْيَانِ وَأَجْمَلِهِ ، " فَمَالَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ ، وَأَنْشُدُكَ بِالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، هَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِكَ هَذَا صِفَتِي وَمَخْرَجِي؟ ، فَقَالَ بِرَأسِهِ هَكَذَا - أَيْ: لَا - فَقَالَ ابْنُهُ - وَهُوَ فِي الْمَوْتِ -: إِي وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى ، إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِنَا هَذَا صِفَتَكَ وَمَخْرَجَكَ ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَقِيمُوا الْيَهُودَ عَنْ أَخِيكُمْ ، ثُمَّ وَلِيَ كَفَنَهُ ، وَحَنَّطَهُ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ "(2)
(1) الجَلُوبة: ما يُجْلَبُ للبَيْع من كل شيءٍ. لسان العرب - (ج 1 / ص 268)
(2)
(حم) 23539 ، انظر الصَّحِيحَة: 3269 ، صحيح السيرة ص73
وقال هِرَقْلُ ملك الروم عندما استلم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ ، وَإِنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقًّا ، فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ (1) وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ (2) إِلَيْهِ ، لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ (3) وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ ، لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ (4). (5)
(1) أَيْ: بَيْتَ الْمَقْدِسِ، أَوْ أَرَادَ الشَّامَ كُلَّهُ لِأَنَّ دَارَ مَمْلَكَتِهِ كَانَتْ حِمْصَ.
(2)
أَيْ: أَصِلُ، يُقَالُ: خَلُصَ إِلَى كَذَا ، أَيْ: وَصَلَ.
(3)
أَيْ: تَكَلَّفْتُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنَ الْقَتْلِ إِنْ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ ? وَاسْتَفَادَ ذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ كَمَا فِي قِصَّةِ ضُغَاطِرَ الَّذِي أَظْهَرَ لَهُمْ إِسْلَامَهُ فَقَتَلُوهُ. فتح الباري
(4)
قَوْلُهُ: (لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ) مُبَالَغَةٌ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَالْخِدْمَةِ لَهُ ، وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى ذِكْرِ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْهُ - إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ سَالِمًا - لَا وِلَايَةً وَلَا مَنْصِبًا، وَإِنَّمَا يَطْلُبُ مَا تَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْبَرَكَةُ. فتح الباري
(5)
(خ) 2782