المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سير الأنبياء والرسل - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌تَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ بِالطِّيبِ وَالْبَخُور

- ‌تَطَيُّبُ الْمَرْأَة خَارِج بَيْتهَا

- ‌مَلَابِسُ الْمَرْأَةِ الْمُحِدَّة وتَطَيُّبُهَا

- ‌تَطْيِيبُ مَوْضِعِ الدَّمِ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ غَيْرِ الْمُحْرِمَة

- ‌الِاكْتِحَالُ وِتْرًا لِلزِّينَةِ

- ‌التَّزَيُّنُ بِحَمْلِ الْعَصَا

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْم

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْر

- ‌إِعَارَة مَا يُتَزَيَّن بِهِ

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الزِّينَةِ وَالْعَكْس

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ فِي زِينَتِهمْ

- ‌السَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَرِ لِلْمَسَاجِدِ الثَلَاثَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَة

- ‌اشْتِرَاطُ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ فِي سَفَرِ الْمَرْأَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَةِ لِلْحَجّ

- ‌آدَابُ السَّفَر

- ‌آدَابُ قَبْلِ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ كِتَابَةُ الْوَصِيَّة

- ‌إِشْهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرهمْ

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَأمِينُ نَفَقَةِ الْأَهْل

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ الِاسْتِخَارَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ اِخْتِيَار الصُّحْبَة الصَّالِحَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَشْييعُ الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَوْدِيعُ الْمُسَافِر

- ‌السَّفَرُ يَوْمَ الْخَمِيس

- ‌السَّفَرُ أَوَّلَ النَّهَار

- ‌الْآدَابُ أَثْنَاءَ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ تَعْيِينُ أَمِير

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الْأَذْكَار

- ‌دُعَاءُ رُكُوبِ الدَّابَّة

- ‌دُعَاء السَّفَر

- ‌التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ فِي السَّفَرِ (كُلَّمَا صَعِدَ شَرَفًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا)

- ‌إِذَا نَزَلَ الْمُسَافِرُ مَنْزِلًا

- ‌دُعَاءُ دُخُولُ الْقَرْيَة

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ مُسَاعَدَةُ الرُّفَقَاءِ

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرِّفْقُ بِالضُّعَفَاءِ فِي السَّيْر

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرَّحْمَةُ بِالدَّابَّةِ

- ‌عَدَمُ تَعْلِيقِ الْجَرَسِ فِي الدَّابَّة

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ اِخْتِيَارُ مَكَانٍ لِلنُّزُول

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ الْحِرَاسَة (تَوْظِيفُ حَارِس)

- ‌حُكْمُ السَّيْرُ لَيْلًا

- ‌الْإسْرَاعُ عِنْدَ الْمُرُورِ بِأَرْضِ الْمُعَذَّبِين

- ‌آدَابُ بَعْدَ السَّفَر (عِنْدَ الْقُدُوم)

- ‌مِنْ آدَابِ بَعْدِ السَّفَرِ التَّعْجِيلُ إِلَى الْأَهْل

- ‌عَدَمُ طُرُوقِ الْآتِي مِنْ السَّفَرِ أَهْلَهُ لَيْلًا

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ تَلَقِّي الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ الِابْتِدَاءُ بِالْمَسْجِدِ وصَلَاةُ رَكْعَتَيْن

- ‌اِعْتِنَاقُ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ وَتَقْبِيلُه

- ‌ السِّيَرِ وَالْمَنَاقِب

- ‌سِيَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌سِيَرُ الْأُمَمِ السَّابِقَة

- ‌سِيرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَبْشِيرُ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌انْتِظَارُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ ظُهُورَه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ السَّابِقَة

- ‌أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَسَبُهُ الشَّرِيفُ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَارِيخُ مِيلَادِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ فِي مَكَّة

- ‌سِيرَتُهُ قَبْلَ الْبِعْثَة

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ يَوَمَ مَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُرْضِعَاتُه صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَاتُهُ الْخَلْقِيَّة صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ مِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شَقُّ الصَّدْر

- ‌رَعْيُ الْغَنَم

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى الرَّاهِب

- ‌تَسْلِيمُ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ فِي سَلَامَةِ فِطْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دَنَسِ الشِّرْك قَبْلَ البِعْثَة

- ‌عِصْمَتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ ضَلَالَاتِ الْجَاهِلِيَّة

- ‌تَوْفِيقُ اللهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌مَا جَاءَ فِي رَجَاحَةِ عَقْلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شُهُودُهُ صلى الله عليه وسلم حِلْفَ الْفُضُول

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌جَهْلُ العَرَبِ وَضَلَالُ البَشَرِيَّةِ قَبْلَ بِعْثَتِه صلى الله عليه وسلم

- ‌سِنُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ والْمُدَّةُ الَّتِي قَضَاهَا فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّه

- ‌وَقْتُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌طَرِيقَةُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شِدَّةُ الْوَحْيِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ عِنْدَ بِعْثَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَرْحَلَةُ الدَّعْوَةِ السِّرِّيِّة

- ‌أَوَّلُ مَنْ أَسْلَم

- ‌بَدْءُ الدَّعْوَةِ الْجَهْرِيِّة

- ‌مَا جَاءَ فِي جُحُودِ الْكُفَّارِ بِدَعْوَتِهِ صلى الله عليه وسلم رَغْمَ إقْرَارِهِمْ بِصِدْقِهَا

- ‌الْفُقَرَاءُ هُمْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ فِي بِدَايَةِ الدَّعْوَة

- ‌تَمَسُّكُهُ صلى الله عليه وسلم بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَرَفْضُهُ التَّنَازُلَ عَنْهَا مَهْمَا كَانَ الْمُقَابِل

- ‌طَلَبُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الْآيَاتِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُجَادَلَتُهُمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌إيذَاءُ الْكُفَّارِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل

- ‌دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ لَمَّا كُذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْه

- ‌تَعْذِيبُ قُرَيْشٍ لِمَنْ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ آمَنَ بِهِ أَنْ يُهَاجِرَ إلَى الْحَبَشَة

- ‌إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌حِصَارُ قُرَيْشٍ لِمَنَ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِعْبِ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها

- ‌رِحْلَتُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِف

- ‌دُخُولُهُ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الطَّائِفِ فِي جِوَارِ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ

- ‌مَا جَاءَ فِي رِحْلَةِ الْإسْرَاءِ وَالْمِعْرَاج

- ‌طَلَبُهُ صلى الله عليه وسلم النُّصْرَةَ مِنَ الْقَبَائِلِ فِي مَوَاسِمِ الْحَجّ

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَى

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة

- ‌هِجْرَتُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَة

- ‌صُعُوبَةُ فُقْدَانِ الْوَطَنِ وَحَنِينُ الْمُهَاجِرِينَ لِمَكَّة

- ‌مَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا اسْتَقَرَّ بِالْمَدِينَة

- ‌بِنَاء الْمَسْجْدِ النَّبَويّ

- ‌الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار

- ‌تَضْحِيَةُ الْأَنْصَارِ بِأَمْوَالِهِمْ لِإخْوَانِهِمْ الْمُهَاجِرِين

- ‌تَحْوِيلُ الْقِبْلِةِ إِلَى الْكَعْبَة

- ‌غَزْوَةُ الْعُشَيْر

- ‌غَزْوَةُ بَدْر

- ‌فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِين

- ‌عَدَدُ الصَّحَابَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْر

- ‌أَسْبَابُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌أَحْدَاثُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ لِلْقِتَالِ يَوْمَ بَدْر

- ‌مَا حَدَثَ لِبَعْضِ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْر

- ‌سَرِيَّةُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِت رضي الله عنه

- ‌إِجْلَاءُ بَنِي قَيْنُقَاع

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَف

- ‌غَزْوَةُ أُحُد

- ‌غَزْوَةُ حَمْرَاءِ الْأَسَد

- ‌إِجْلَاء بَنِي النَّضِير

- ‌مُحَاوَلَةُ الْمُنَافِقِينَ تَثْبِيتَ يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ وَحَضِّهِمْ عَلَى عَدَمِ الْجَلَاء

- ‌حَادِثَةُ بِئْرِ مَعُونَة

- ‌غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِق (الْمُرَيْسِيع)

- ‌مَا حَدَثَ بَعْدَ الْغَزْوَة

الفصل: ‌سير الأنبياء والرسل

(كر)، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَوَّلُ نَبِيٍّ أُرْسِلَ: نُوحٌ عليه السلام "(1)

(1) تفسير ابن أبي حاتم: 8647 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2585 ،

وله شاهد من حديث الشفاعة: (خ م ت)" قَالَ: فَيَأتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَسَمَّاكَ اللهُ {عَبْدًا شَكُورًا} ". وانظر حديث رقم: 1466 في صحيح الجامع

ص: 108

(حم حب طب)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:(أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهو فِي الْمَسْجِدِ ، فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، كَمْ وَفَاءُ عِدَّةِ الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: " مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا ")(1)(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟)(2)(قَالَ: " ثَلَاثُ مِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا ")(3)(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ كَانَ أَوَّلُهُمْ؟، قَالَ: " آدَمُ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ؟، قَالَ: " نَعَمْ، خَلَقَهُ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قِبَلًا (4)") (5) (قُلْتُ: فَكَمْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟) (6) (قال: " كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ ") (7) (قُلْتُ: كَمْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ؟ ، قال: " عَشَرَةُ قُرُونٍ ") (8)

(1)(طب) 7871 ، (ك) 4166 ، المشكاة: 5737، وهداية الرواة: 5669

(2)

(حب) 361 ، انظر صحيح موارد الظمآن: 81، 1745

(3)

(حم) 21586 ، (طب) 7871 ، انظر الصَّحِيحَة: 2668

(4)

(قبلا): أي مقابلة.

(5)

(حب) 361 ، (حم) 21586

(6)

(حب) 6190 ، (طس) 403 ، انظر الصَّحِيحَة: 3289

(7)

(ك) 3654 ، (حب) 6190 ، (طس) 403 ، انظر الصَّحِيحَة: 3289

ورواية (ك) موقوفة على ابن عباس ، لكن الألباني قال في الصحيحة: فإنه وإن كان موقوفاً روايةً؛ فهو مرفوع درايةً. أ. هـ

(8)

(طب) 7545 ، انظر الصَّحِيحَة: 3289

ص: 109

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ، إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ، قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ، قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ، قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ، قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ، وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ، فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ، قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ، قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ، قَالُوا فَأتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ، قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ، قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ، فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ، ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ، قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ، أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ، قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ، قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ، وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ، وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ، وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ، وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (1)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ، قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ، قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ، قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (2)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ، وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]

(1)[الأنبياء: 51 - 73]

(2)

[البقرة: 124]

ص: 110

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عليه السلام قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ)(1)(ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللهِ عز وجل (2) قَوْلَهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} (3) وَقَوْلَهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} (4)) (5)(وَوَاحِدَةٌ فِي شَأنِ سَارَةَ ، فَإِنَّهُ)(6)(هَاجَرَ بِسَارَةَ)(7)(وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ)(8)(فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنْ الْمُلُوكِ أَوْ جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ)(9)(فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ ، رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ ، فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلَّا لَكَ)(10)(فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتِي مَعَكَ؟ ، فَقَالَ: أُخْتِي ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا)(11)(فَقَالَ: يَا سَارَةُ ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ ، وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي ، فلَا تُكَذِّبِينِي)(12)(فَإِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِي ، يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ، فَإِنْ سَأَلَكِ ، فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي ، فَإِنَّكِ أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ)(13)(فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا)(14)(فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِلَى الصَلَاةِ)(15)(وَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي ، فلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ)(16)(فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقُبِضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً)(17)(حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ (18)) (19)(فَقَالَ لَهَا: ادْعِي اللهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي ، وَلَا أَضُرُّكِ)(20)(فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ: هِيَ قَتَلَتْهُ ، فَأُرْسِلَ)(21)(فَعَادَ ، فَقُبِضَتْ يَدُهُ أَشَدَّ مِنْ الْقَبْضَةِ الْأُولَى، فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَتْ، فَعَادَ ، فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنْ الْقَبْضَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَقَالَ: ادْعِي اللهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِي، فَلَكِ اللهَ أَنْ لَا أَضُرَّكِ، فَفَعَلَتْ ، وَأُطْلِقَتْ يَدُهُ، فَدَعَا الَّذِي جَاءَ بِهَا ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ ، وَلَمْ تَأتِنِي بِإِنْسَانٍ، فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِي ، وَأَعْطِهَا هَاجَرَ ، قَالَ: فَأَقْبَلَتْ تَمْشِي ، فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ)(22)(وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي)(23)(انْصَرَفَ فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ (24)؟ قَالَتْ: خَيْرًا، كَفَّ اللهُ يَدَ الْفَاجِرِ، وَأَخْدَمَ خَادِمًا (25) " ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ (26) يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ (27)) (28).

(1)(م) 154 - (2371)

(2)

في حديث الشفاعة أنها ثلاث في ذات الله: وهي قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} ، وَقَوْلُهُ:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ، وَقَوْلُهُ فِي الْكَوْكَبِ:{هَذَا رَبِّي} . ع

(3)

[الصافات/89]

(4)

[الأنبياء/63]

(5)

(خ) 3179

(6)

(م) 154 - (2371)

(7)

(خ) 2104

(8)

(م) 154 - (2371)

(9)

(خ) 2104

(10)

(م) 154 - (2371)

(11)

(خ) 2104

(12)

(خ) 3179

(13)

(م) 154 - (2371)

(14)

(خ) 3179

(15)

(خ) 3179

(16)

(خ) 2104

(17)

(م) 154 - (2371)

(18)

رَكَضَ أَيْ: حَرَّكَ. فتح الباري (ج 19 / ص 413)

(19)

(خ) 2104

(20)

(م) 154 - (2371)

(21)

(خ) 2104

(22)

(م) 154 - (2371)

(23)

(خ) 3179

(24)

أَيْ: ماذا حدث؟.

(25)

أَيْ: وَهَبَنِي خَادِمًا وَهِيَ هَاجَرَ، وَالْخَادِمُ يَقَع عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى. شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 100)

(26)

أَيْ: هاجر.

(27)

قَالَ كَثِيرُونَ: الْمُرَاد بِبَنِي مَاءِ السَّمَاء: الْعَرَبُ كُلّهمْ، لِخُلُوصِ نَسَبِهِمْ وَصَفَائِهِ.

وَقِيلَ: لِأَنَّ أَكْثَرهمْ أَصْحَاب مَوَاشِي، وَعَيْشهمْ مِنْ الْمَرْعَى وَالْخِصْب وَمَا يَنْبُتُ بِمَاءِ السَّمَاء.

وَقَالَ الْقَاضِي: الْأَظْهَر عِنْدِي أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ الْأَنْصَار خَاصَّة، وَنِسْبَتُهُمْ إِلَى جَدّهمْ عَامِر بْن حَارِثَة بْن اِمْرِئِ الْقَيْس بْن ثَعْلَبَة بْن مَازِن بْن الْأَدَد ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِمَاءِ السَّمَاء، وَهُوَ الْمَشْهُور بِذَلِكَ، وَالْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ مِنْ وَلَد حَارِثَة بْن ثَعْلَبَة بْن عَمْرو بْن عَامِر الْمَذْكُور. وَاللهُ أَعْلَمُ. النووي (ج 8 / ص 100)

(28)

(م) 154 - (2371) ، (خ) 3179 ، (ت) 3166 ، (د) 2212

ص: 111

(خ حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ (1) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(" إنَّ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ (2) مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ (3) ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ ، عِنْدَ دَوْحَةٍ (4) فَوْقَ زَمْزَمَ ، فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ (5) وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ ، فَوَضَعَهُمَا هُنَاكَ ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ ، وَسِقَاءً (6) فِيهِ مَاءٌ ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ (7) مُنْطَلِقًا ، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ ، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا ، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ لَهُ: اللهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ، ثُمَّ رَجَعَتْ ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ (8) حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ (9) وَدَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ ، فَقَالَ:{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ، رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَلَاةَ ، فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ، وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (10) وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ ، وَعَطِشَ ابْنُهَا ، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى ، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا ، فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ تَنْظُرُ ، هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ ، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ (11) حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ ، ثُمَّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا ، وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ ، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا ، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ ، سَمِعَتْ صَوْتًا ، فَقَالَتْ: صَهٍ (12) - تُرِيدُ نَفْسَهَا - ثُمَّ تَسَمَّعَتْ ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا ، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ (13) فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ ، أَوْ قَالَ: بِجَنَاحِهِ ، حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا ، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنْ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا ، وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَمَا تَغْرِفُ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ ، أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ ، لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا (14)) (15) (تَجْرِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (16) (قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا ، فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ: لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ (17) فَإِنَّ هَاهُنَا بَيْتُ اللهِ ، يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ ، وَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ ، وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنْ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ (18) تَأتِيهِ السُّيُولُ ، فَتَأخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ (19) حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ (20) مِنْ جُرْهُمَ (21) مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ (22) فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا (23) فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ) (24)(فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ فَنَظَرَ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ ، فَأَتَوْا إِلَيْهَا)(25)(فَقَالُوا: أَتَأذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ ، قَالَتْ: نَعَمْ ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ ، قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ، وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ ، فَنَزَلُوا ، وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ ، حَتَّى كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ ، وَشَبَّ الْغُلَامُ ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ (26) وَأَنْفَسَهُمْ (27) وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ (28) فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا (29) ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السلام، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ (30) فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا ، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ ، قَالَتْ: نَعَمْ ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَنَا عَنْكَ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ (31) وَشِدَّةٍ، قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ ، فَطَلَّقَهَا ، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ ، فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ ، وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللهِ عز وجل فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ ، قَالَتْ: اللَّحْمُ ، قَالَ: فَمَا شَرَابُكُمْ؟ ، قَالَتْ: الْمَاءُ ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ ، دَعَا لَهُمْ فِيهِ ، قَالَ: فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السلام ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ ، قَالَتْ: نَعَمْ ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ ، قَالَتْ: نَعَمْ ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، وَيَأمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي ، وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا (32) لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ ، قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ ، وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ (33) ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ ، إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟ ، قَالَ: وَأُعِينُكَ ، قَالَ: فَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا - وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ (34) مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا - قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ (35) فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأتِي بِالْحِجَارَةِ ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي ، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ ، جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ (36) فَوَضَعَهُ لَهُ ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي ، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ ، وَهُمَا يَقُولَانِ:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (37) ") (38)

(1) هذا الحديث رواه ابن عباس موقوفا في بدايته ، لكنه صرح بالتحديث عند قَوْلُهُ:(يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ، لَوْ تَرَكْت زَمْزَم، أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ تَغْرِف مِنْ زَمْزَم)

قال الحافظ في الفتح (ج 10 / ص 146): وَهَذَا الْقَدْر صَرَّحَ اِبْنُ عَبَّاس بِرَفْعِهِ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ إِشْعَار بِأَنَّ جَمِيع الْحَدِيث مَرْفُوع. أ. هـ

(2)

(الْمِنْطَق): مَا يُشَدّ بِهِ الْوَسَط.

(3)

قال الحافظ في الفتح: وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِكَ أَنَّ سَارَةَ كَانَتْ وَهَبَتْ هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيم ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِإِسْمَاعِيل، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ غَارَتْ مِنْهَا ، فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَة أَعْضَاء ، فَاِتَّخَذَتْ هَاجَرُ مِنْطَقًا فَشَدَّتْ بِهِ وَسَطهَا وَهَرَبَتْ ، وَجَرَّتْ ذَيْلهَا لِتُخْفِي أَثَرهَا عَلَى سَارَةَ، وَيُقَال: إِنَّ إِبْرَاهِيم شَفَعَ فِيهَا ، وَقَالَ لِسَارَةَ: حَلِّلِي يَمِينك بِأَنْ تَثْقُبِي أُذُنَيْهَا وَتَخْفِضِيهَا ، وَكَانَتْ أَوَّل مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.

وَيُقَال: إِنَّ سَارَةَ اِشْتَدَّتْ بِهَا الْغَيْرَة ، فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّه إِلَى مَكَّة لِذَلِكَ.

(4)

الدوحة: الشَّجَرَة الْكَبِيرَة.

(5)

أَيْ: مَكَان الْمَسْجِد، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بُنِيَ حِينَئِذٍ. فتح الباري (10/ 146)

(6)

السِّقَاء: قِرْبَة صَغِيرَة.

(7)

أَيْ: وَلَّى رَاجِعًا إِلَى الشَّام.

(8)

الثَّنِيَّةُ: مَا اِرْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ ، وَقِيلَ: الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ.

(9)

فيه دليل على استحباب استقبال القبلة عند الدعاء ، وكذلك رفع اليدين فيه. ع

(10)

[إبراهيم/37]

(11)

أَيْ: سَعْيَ الْإِنْسَانِ الَّذِي أَصَابَهُ الْجَهْد ، وَهُوَ الْأَمْر الْمُشِقُّ. (ج10 ص 146)

(12)

قكَأَنَّهَا خَاطَبَتْ نَفْسهَا فَقَالَتْ لَهَا: اُسْكُتِي. فتح الباري (ج 10 / ص 146)

(13)

أَيْ: غَوْث.

(14)

أَيْ: عَيْنًا ظَاهِرًا جَارِيًا عَلَى وَجْه الْأَرْض.

قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ: كَانَ ظُهُور زَمْزَم نِعْمَة مِنْ اللهِ مَحْضَة بِغَيْرِ عَمَل عَامِل، فَلَمَّا خَالَطَهَا تَحْوِيط هَاجَرَ ، دَاخَلَهَا كَسْب الْبَشَر ، فَقَصُرَتْ عَلَى ذَلِكَ. فتح (10/ 146)

(15)

(خ) 3184 ، (حم) 3390

(16)

(حم) 2285 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(17)

أَيْ: لَا تَخَافُوا الْهَلَاك.

(18)

الرَّابية: ما ارْتفع من الأرض.

(19)

قَوْلُهُ: (فَكَانَتْ) أَيْ: هَاجَرُ ، (كَذَلِكَ) أَيْ: عَلَى الْحَال الْمَوْصُوفَة، وَفِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَذِي بِمَاءِ زَمْزَم ، فَيَكْفِيهَا عَنْ الطَّعَام وَالشَّرَاب. فتح الباري (ج 10 / ص 146)

(20)

(الرُّفْقَة): الْجَمَاعَة الْمُخْتَلِطُونَ ، سَوَاء كَانُوا فِي سَفَر أَمْ لَا.

(21)

(جُرْهُم): اِبْن قَحْطَان بْن عَامِر بْن شَالِخٍ بْن أرفخشد بْن سَام بْن نُوح. فتح الباري (ج 10 / ص 146)

(22)

كُدَى: منطقة فِي أَسْفَل مَكَّة.

(23)

(العَائِف): الَّذِي يَحُوم عَلَى الْمَاء ، وَيَتَرَدَّد ، وَلَا يَمْضِي عَنْهُ.

(24)

(خ) 3184

(25)

(خ) 3185

(26)

فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّ لِسَان أُمّه وَأَبِيهِ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا، وَفِيهِ تَضْعِيف لِقَوْلِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَوَّل مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك بِلَفْظِ:" أَوَّل مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيل ".

وَرَوَى الزُّبَيْر بْن بَكَّارٍ فِي النَّسَب مِنْ حَدِيث عَلِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ: " أَوَّل مَنْ فَتَقَ الله لِسَانه بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَة إِسْمَاعِيل " ، وَبِهَذَا الْقَيْد يُجْمَع بَيْن الْخَبَرَيْنِ ، فَتَكُون أَوَّلِيَّتُه فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الزِّيَادَة فِي الْبَيَان ، لَا الْأَوَّلِيَّة الْمُطْلَقَة ، فَيَكُونُ بَعْد تَعَلُّمِه أَصْلَ الْعَرَبِيَّة مِنْ جُرْهُم ، أَلْهَمَهُ اللهُ الْعَرَبِيَّة الْفَصِيحَة الْمُبِينَة ، فَنَطَقَ بِهَا. فتح (10/ 146)

(27)

أَيْ: كَثُرَتْ رَغْبَتهمْ فِيهِ.

(28)

أَيْ: يَتَفَقَّد حَال مَا تَرَكَهُ هُنَاكَ.

قَالَ اِبْن التِّين: هَذَا يُشْعِر بِأَنَّ الذَّبِيح إِسْحَاق ، لِأَنَّ الْمَأمُور بِذَبْحِهِ كَانَ عِنْدَمَا بَلَغَ السَّعْي، وَقَدْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيث:" إِنَّ إِبْرَاهِيم تَرَكَ إِسْمَاعِيل رَضِيعًا وَعَادَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَزَوِّج " ، فَلَوْ كَانَ هُوَ الْمَأمُور بِذَبْحِهِ ، لَذُكِرَ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ فِي خِلَال ذَلِكَ بَيْن زَمَان الرَّضَاع وَالتَّزْوِيج.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث نَفْيُ هَذَا الْمَجِيء، فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون جَاءَ وَأُمِرَ بِالذَّبْحِ ، وَلَمْ يُذْكَر فِي الْحَدِيث.

قُلْت: وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ مَجِيئِهِ بَيْن الزَّمَانَيْنِ فِي خَبَر آخَر، فَفِي حَدِيث أَبِي جَهْم:" كَانَ إِبْرَاهِيم يَزُور هَاجَرَ كُلّ شَهْر عَلَى الْبُرَاق ، يَغْدُو غَدْوَة فَيَأتِي مَكَّة ، ثُمَّ يَرْجِع فَيُقِيل فِي مَنْزِله بِالشَّامِ ".

وَرَوَى الْفَاكِهِيّ مِنْ حَدِيث عَلِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ نَحْوه ، وَأَنَّ إِبْرَاهِيم كَانَ يَزُورُ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ عَلَى الْبُرَاق.

فَعَلَى هَذَا ، فَقَوْله:" فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيل " أَيْ: بَعْد مَجِيئِهِ قَبْل ذَلِكَ مِرَارًا ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فتح (10/ 146)

(29)

أَيْ: يَطْلُب لَنَا الرِّزْق.

(30)

(عَتَبَة البَاب): كِنَايَة عَنْ الْمَرْأَة، وَسَمَّاهَا بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ الصِّفَات الْمُوَافِقَة لَهَا ، وَهُوَ حِفْظُ الْبَاب ، وَصَوْنُ مَا هُوَ دَاخِله ، وَكَوْنُهَا مَحَلَّ الْوَطْء. فتح الباري (ج 10 / ص 146)

(31)

الجَهد: المشقة.

(32)

(النَّبْل): السَّهْم قَبْل أَنْ يُرَكَّب فِيهِ نَصْلُه وَرِيشه. فتح الباري (ج10ص146)

(33)

أَيْ: كَمَا يَصْنَع الْوَالِد بِالْوَلَدِ ، وَالْوَلَد بِالْوَالِدِ ، مِنْ الِاعْتِنَاق وَالْمُصَافَحَة وَتَقْبِيل الْيَد ، وَنَحْو ذَلِكَ.

(34)

الأَكَمَة: ما ارتفع من الأرض دون الجبل.

(35)

وفِي رِوَايَة أَحْمَد عَنْ اِبْن عَبَّاس: " الْقَوَاعِدُ الَّتِي رَفَعَهَا إِبْرَاهِيم ، كَانَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ قَبْل ذَلِكَ ".

وَفِي رِوَايَة مُجَاهِد عِنْد اِبْن أَبِي حَاتِم " أَنَّ الْقَوَاعِد كَانَتْ فِي الْأَرْض السَّابِعَة " وَمِنْ طَرِيق سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " رَفَعَ الْقَوَاعِدَ الَّتِي كَانَتْ قَوَاعِدَ الْبَيْت قَبْل ذَلِكَ ".

وَمِنْ طَرِيق عَطَاء قَالَ: " قَالَ آدَم يَا رَبّ: إِنِّي لَا أَسْمَع أَصْوَات الْمَلَائِكَة، قَالَ: اِبْنِ لِي بَيْتًا ، ثُمَّ اُحْفُفْ بِهِ كَمَا رَأَيْت الْمَلَائِكَة تَحُفُّ بَيْتِيَ الَّذِي فِي السَّمَاء " ، وَفِي حَدِيث عُثْمَان وَأَبِي جَهْم " فَبَلَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ الْأَسَاسِ أَسَاسَ آدَم ، وَجَعَلَ طُولَه فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ أَذْرُع ، وَعَرْضه فِي الْأَرْض - يَعْنِي دُوره - ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا " وَكَانَ ذَلِكَ بِذِرَاعِهِمْ.

وَزَادَ أَبُو جَهْم: " وَأَدْخَلَ الْحِجْرَ فِي الْبَيْت، وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ زَرْبًا لِغَنَمِ إِسْمَاعِيل، وَإِنَّمَا بَنَاهُ بِحِجَارَةٍ بَعْضهَا عَلَى بَعْض ، وَلَمْ يَجْعَل لَهُ سَقْفًا وَجَعَلَ لَهُ بَابًا ، وَحَفَرَ لَهُ بِئْرًا ، عِنْد بَابه خِزَانَة لِلْبَيْتِ ، يُلْقَى فِيهَا مَا يُهْدَى لِلْبَيْتِ ".

وَفِي حَدِيثه أَيْضًا:" أَنَّ الله أَوْحَى إِلَى إِبْرَاهِيم أَنْ اِتَّبِعْ السَّكِينَة، فَحَلَّقَتْ عَلَى مَوْضِع الْبَيْت كَأَنَّهَا سَحَابَة ، فَحَفَرَا يُرِيدَانِ أَسَاسَ آدَمَ الْأَوَّل " ،

وَفِي حَدِيث عَلِيّ عِنْد الطَّبَرِيِّ وَالْحَاكِم:" رَأَى عَلَى رَأسه فِي مَوْضِع الْبَيْت مِثْل الْغَمَامَة ، فِيهِ مِثْلُ الرَّأس ، فَكَلَّمَهُ فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيم ، اِبْنِ عَلَى ظِلِّي - أَوْ عَلَى قَدْرِي - وَلَا تَزِدْ وَلَا تَنْقُص، وَذَلِكَ حِين يَقُول الله: {وَإِذْ بَوَّأنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} الْآيَةَ ". فتح الباري (ج 10 / ص 146)

(36)

أَيْ: الْمَقَام، وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن نَافِع:" حَتَّى اِرْتَفَعَ الْبِنَاء ، وَضَعُفَ الشَّيْخ عَنْ نَقْل الْحِجَارَة ، فَقَامَ عَلَى حَجَر الْمَقَام "(خ) 3185

وزَادَ فِي حَدِيث عُثْمَان: " وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّكْن وَالْمَقَام ، فَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقُوم عَلَى الْمَقَام يَبْنِي عَلَيْهِ ، وَيَرْفَعهُ لَهُ إِسْمَاعِيل، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَوْضِع الَّذِي فِيهِ الرُّكْن ، وَضَعَهُ يَوْمئِذٍ مَوْضِعَه ، وَأَخَذَ الْمَقَامَ ، فَجَعَلَهُ لَاصِقًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بِنَاء الْكَعْبَة ، جَاءَ جِبْرِيلُ فَأَرَاهُ الْمَنَاسِك كُلَّهَا، ثُمَّ قَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الْمَقَامِ ، فَقَالَ: يَا أَيّهَا النَّاس أَجِيبُوا رَبَّكُمْ، فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ تِلْكَ الْمَوَاقِف وَحَجَّهُ إِسْحَاقُ وَسَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِس، ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيم إِلَى الشَّامِ ، فَمَاتَ بِالشَّامِ "

وَرَوَى الْفَاكِهِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: " قَامَ إِبْرَاهِيم عَلَى الْحَجَر فَقَالَ: يَا أَيّهَا النَّاس ، كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ ، فَأَسْمَعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاء، فَأَجَابَهُ مَنْ آمَنَ ، وَمَنْ كَانَ سَبَقَ فِي عِلْم الله أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة: لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ ".

وَفِي حَدِيث أَبِي جَهْم: " ذَهَبَ إِسْمَاعِيلُ إِلَى الْوَادِي يَطْلُبُ حَجَرًا، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَد ، وَقَدْ كَانَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاء حِين غَرِقَتْ الْأَرْض، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل فَرَأَى الْحَجَر الْأَسْوَدَ ، قَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا، مَنْ جَاءَك بِهِ؟ ، قَالَ إِبْرَاهِيم: مَنْ لَمْ يَكِلْنِي إِلَيْكَ وَلَا إِلَى حَجَرك ". فتح الباري (ج 10 / ص 146)

(37)

[البقرة/127]

(38)

(خ) 3184

ص: 112

(حم)، وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ:(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا أُمِرَ بِالْمَنَاسِكِ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى ، فَسَابَقَهُ ، فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ (1) ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ - وَثَمَّ (2) تَلَّهُ لِلجَبِينِ (3) وَعَلَى إِسْمَاعِيلَ قَمِيصٌ أَبْيَضُ - وَقَالَ: يَا أَبَتِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي ثَوْبٌ تُكَفِّنُنِي فِيهِ غَيْرُهُ ، فَاخْلَعْهُ حَتَّى تُكَفِّنَنِي فِيهِ ، فَعَالَجَهُ لِيَخْلَعَهُ ، فَنُودِيَ مِنْ خَلْفِهِ:{أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ، إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (4) فَالْتَفَتَ إِبْرَاهِيمُ ، فَإِذَا هو بِكَبْشٍ أَبْيَضَ ، أَقْرَنَ ، أَعْيَنَ " - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَبِيعُ ذَلِكَ الضَّرْبَ مِنْ الْكِبَاشِ - قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى الْجَمْرَةِ الْقُصْوَى ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى مِنًى ، قَالَ: هَذَا مِنًى ، وفي رواية:(هَذَا مُنَاخُ النَّاسِ) ، ثُمَّ أَتَى بِهِ جَمْعًا ، فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى عَرَفَةَ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِي لِمَ سُمِّيَتْ عَرَفَةَ؟ ، قُلْتُ: لَا قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ: هَلْ عَرَفْتَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَتْ عَرَفَةَ ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرِي كَيْفَ كَانَتْ التَّلْبِيَةُ؟ ، قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَتْ؟ ، قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُمِرَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ، خَفَضَتْ لَهُ الْجِبَالُ رُءُوسَهَا ، وَرُفِعَتْ لَهُ الْقُرَى ، فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ") (5)

(1) وفي رواية عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " إِنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ "(خ) 1566 ، (م) 241 - (1266) ، (ت) 863 ، (س) 2979

(2)

(ثَمَّ) أَيْ: هناك.

(3)

قال مجاهد في قوله (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) قال: وضع وجهه للأرض وقال: لا تذبحني وأنت تنظر إلى وجهي عسى أن ترحمني ولا تُجْهِزْ عليّ، واربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي للأرض. تفسير الطبري - (ج 21 / ص 76)

(4)

[الصافات/104 - 107]

(5)

(حم) 2707 ، (طل) 2697 ، (طب) ج10/ص268 ح10628 ، (هب) 4077 ، وصححه أحمد شاكر ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: رجاله ثقات رجال الصحيح ، غير أبي عاصم الغنوي

فذكر حاله وقول الحافظ في التقريب: مقبول ، قال: ولمعظم هذا الحديث شواهد وطرق يقوى بها.

ص: 113

(كر)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ إِبْرَاهِيمُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ عَلَى رَأسِ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ "(1)

(1) رواه ابن عساكر (2/ 167 / 1)، (هب) 9170 ، انظر الصَّحِيحَة: 725

ص: 114

(هب)، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ} (1) قَالَ: مَا نَزَا ذَكَرٌ عَلَى ذَكَرٍ ، حَتَّى كَانَ قَوْمُ لُوطٍ. (2)

(1)[العنكبوت/28]

(2)

(هب) 5017 ، (مي) 1139 ، إسناده صحيح.

ص: 115

(الشيرازي في الألقاب)، وَعَنْ علي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ لِسَانُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَةِ إِسْمَاعِيلُ ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً "(1)

(1) صَحِيح الْجَامِع: 2581

ص: 116

(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:(سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ ، قَالَ: " أَتْقَاهُمْ " ، قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلُكَ)(1)(قَالَ: " الْكَرِيمُ ، ابْنُ الْكَرِيمِ ، ابْنِ الْكَرِيمِ ، ابْنِ الْكَرِيمِ ، يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عليهم السلام (2)(نَبِيُّ اللهِ ، ابْنُ نَبِيِّ اللهِ ، ابْنِ نَبِيِّ اللهِ ، ابْنِ خَلِيلِ اللهِ ")(3)

(1)(خ) 3203

(2)

(خ) 3210 ، (ت) 3116

(3)

(خ) 3175 ، (م) 168 - (2378) ، (حم) 5712

ص: 117

(طب)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " عَجِبْتُ لِصَبْرِ أَخِي يُوسُفَ وكَرَمِهِ ، وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ ، حَيْثُ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ليُسْتَفْتَى فِي الرُّؤْيَا، وَلَوكُنْتُ أَنَا ، لَمْ أَفْعَلْ حَتَّى أَخْرُجَ، وعَجِبْتُ لصَبْرِهِ وكَرَمِهِ ، وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ، أُتِي لِيُخْرَجَ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى أَخْبَرَهُمْ بِعُذْرِهِ، وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَبَادَرْتُ (1) الْبَابَ "(2)

(1) بادر الشيءَ: عجل إليه واستبق وسارع.

(2)

(طب) ج11/ص249 ح11640 ، صَحِيح الْجَامِع: 3984 ، الصَّحِيحَة: 1945

تنبيه: جاء في رواية صحيح الجامع تكملة صححها الألباني وهي: " وَلَوْلَا الْكَلِمَةُ لَمَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ ، حَيْثُ يَبْتَغِي الْفَرَجَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ قَوْلُهُ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} " ، ولكن الألباني عندما ذكر الحديث في الصحيحة اقتصر على ما ذكرناه ، وأعرض عن هذه الزيادة ، حيث قال الألباني: وقد استنكرها (الزيادة) الحافظ ابن كثير. أ. هـ

ولذلك فضلتُ عدم وضعها في الكتاب ، لاحتمال عدم صحتها ، هذا أولا.

وثانيا: لأن هذا يتنافى مع الأدلة الدامغة حول مفهوم القضاء والقدر ، الذي لا تَعَارُض فيه بين التوكل على الله ، والأخذ بالأسباب. ع

ص: 118

(خ م ت حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ، ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لَأَجَبْتُهُ (1) ثُمَّ قَرَأَ: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ ، قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ، إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} (2) فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ كُنْتُ ، أَنَا لَأَسْرَعْتُ الْإِجَابَةَ ، وَمَا ابْتَغَيْتُ الْعُذْرَ "(3)

(1) قَوْلُهُ: (لَأَجَبْت الدَّاعِي) أَيْ: أَسْرَعْت الْإِجَابَة فِي الْخُرُوج مِنْ السِّجْن ، وَلَمَا قَدَّمْت طَلَب الْبَرَاءَة، فَوَصَفَهُ بِشِدَّةِ الصَّبْر ، حَيْثُ لَمْ يُبَادِر بِالْخُرُوجِ ، وَإِنَّمَا قَالَهُ صلى الله عليه وسلم تَوَاضُعًا، وَالتَّوَاضُع لَا يَحُطّ مَرْتَبَة الْكَبِير ، بَلْ يَزِيدهُ رِفْعَة وَجَلَالًا،

وَقِيلَ: هُوَ مِنْ جِنْس قَوْله " لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ " وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ قَالَهُ قَبْل أَنْ يَعْلَم أَنَّهُ أَفْضَل مِنْ الْجَمِيع. فتح الباري

(2)

[يوسف/50]

(3)

(حم) 8535 ، (ك) 2948 ، انظر الصَّحِيحَة: 3150

ص: 119

(ش)، وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ شَطْرَ الْحُسْنِ "(1)

(1)(ش) 31920 ، (ك) 4082 ، (م) 259 - (162) ، (حم) 14082 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 1063 ، والصحيحة: 1481

ص: 120

(حب)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيًا فَأَكْرَمَهُ، فَقَالَ لَهُ:" ائْتِنَا "، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" سَلْ حَاجَتَكَ "، فَقَالَ: نَاقَةً نَرْكَبُهَا، وَأَعْنُزًا يَحْلُبُهَا أَهْلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" عَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ "، فَقَالُوا: وما عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟، قَالَ:" إِنَّ مُوسَى لَمَّا سَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ ضَلُّوا الطَّرِيقَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ ، فَقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ: إِنَّ يُوسُفَ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ ، أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقًا مِنَ اللهِ أَنْ لَا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا ، قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ؟ ، قَالُوا: عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا ، فَأَتَتْهُ ، فَقَالَ: دُلِّينِي عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ ، قَالَتْ: حَتَّى تُعْطِيَنِي حُكْمِي (1) قَالَ: مَا حُكْمُكِ؟ قَالَتْ: أَكُونُ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذَلِكَ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا حُكْمَهَا فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ إِلَى بُحَيْرَةٍ - مَوْضِعِ مُسْتَنْقَعِ مَاءٍ - فَقَالَتْ: أَنْضِبُوا (2) هَذَا الْمَاءَ ، فَأَنْضَبُوهُ ، قَالَتِ: احْتَفِرُوا ، فَاحْتَفِرُوا ، فَاسْتَخْرِجُوا عِظَامَ يُوسُفَ، فَلَمَّا أَقَلُّوهَا إِلَى الْأَرْضِ ، إِذَا الطَّرِيقُ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ "(3)

(1) أَيْ: طلبي.

(2)

أَيْ: جفِّفُوا.

(3)

(حب) 723 ، (ك) 3523 ، (يع) 7254 ، انظر الصحيحة: 313

وقال الألباني: (فائدة) كنت استشكلت قديما قوله في هذا الحديث " عظام يوسف " لأنه يتعارض بظاهره مع الحديث الصحيح: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "، حتى وقفت على حديث ابن عمرب" أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن قال له تميم الداري: أَلَا أتخذ لك منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك؟ ، قال: بلى فاتخذ له منبرا مرقاتين " أخرجه أبو داود (1081) بإسناد جيد على شرط مسلم ، فعلمت منه أنهم كانوا يطلقون " العظام " ويريدون البدن كله ، من باب إطلاق الجزء ، وإرادة الكل، كقوله تعالى {وقرآن الفجر} أي: صلاة الفجر ، فزال الإشكال والحمد لله، فكتبتُ هذا لبيانه. أ. هـ

ص: 121

(يع)، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ قَوْلِ اللهِ عز وجل لِمُوسَى صلى الله عليه وسلم: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} (1)، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفُتُونِ ، فَقَالَ: اسْتَأنِفِ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا طَوِيلًا، قَالَ: فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لَأَنْتَجِزَ مَا وَعَدَنِي مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ، فَقَالَ: تَذَاكَرَ فِرْعَوْنُ وَجُلَسَاؤُهُ مَا كَانَ اللهُ عز وجل وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءً وَمُلُوكًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَيَنْتَظِرُونَ ذَلِكَ ، مَا يَشُكُّونَ فِيهِ ، وَقَدْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمَا الصَلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلَمَّا هَلَكَ ، قَالُوا: لَيْسَ هَكَذَا كَانَ، إِنَّ اللهَ عز وجل وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِرْعَوْنُ: فَكَيْفَ تَرَوْنَ؟ ، فَأتَمَرُوا وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ رِجَالًا بِالشِّفَارِ (2) يَطُوفُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فلَا يَجِدُونَ مَوْلُودًا ذَكَرًا إِلَّا ذَبَحُوهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا أَنْ رَأَوْا أَنَّ الْكِبَارَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يَمُوتُونَ بِآجَالِهِمْ ، وَالصِّغَارَ يُذْبَحُونَ ، قَالُوا: تُوشِكُونَ أَنْ تُفْنُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَتَصْيرُونَ إلَى أَنْ تُبَاشِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْخِدْمَةِ الَّذِينَ كَانُوا يَكْفُونَكُمْ ، فَاقْتُلُوا عَامًا كُلَّ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ ، فَيَقِلَّ نَبَاتُهُمْ ، وَدَعُوا عَامًا ، فلَا تَقْتُلُوا مِنْهُمْ أَحَدًا ، فَيَنْشَأُ الصِّغَارُ مَكَانَ مَنْ يَمُوتُ مِنَ الْكِبَارِ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَكْثُرُوا بِمَنْ تَسْتَحْيُوا مِنْهُمْ ، فَتَخَافُوا مُكَاثَرَتَهُمْ إيَّاكُمْ ، وَلَنْ يَفْنَوْا بِمَنْ تَقْتُلُونَ ، فَتَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَحَمَلَتْ أُمُّ مُوسَى بِهَارُونَ عليه السلام فِي الْعَامِ الَّذِي لَا يُذْبَحُ فِيهِ الْغِلْمَانُ ، فَوَلَدَتْهُ عَلَانِيَةً آمِنَةً، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَمَلَتْ بِمُوسَى عليه السلام فَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِنَ الْهَمِّ وَالْحُزْنِ، فَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، مَا دَخَلَ مِنْهُ فِي قَلْبِ أُمِّهِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ، فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَيْهَا:{وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ، إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (3) وَأَمَرَهَا إِذَا وَلَدَتْ أَنْ تَجْعَلَهُ فِي تَابُوتٍ ، ثُمَّ تُلْقِيهِ فِي الْيَمِّ، فَلَمَّا وَلَدَتْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِهِ ، فَأَلْقَتْهُ فِي الْيَمِّ، فَلَمَّا تَوَارَى عَنْهَا ابْنُهَا ، أَتَاهَا الشَّيْطَانُ ، فَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا: مَا فَعَلْتُ بِابْنِي؟ ، لَوْ ذُبِحَ لَبِثَ عِنْدِي ، فَرَأَيْتُهُ وَكَفَّنْتُهُ ، كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُلْقِيهِ بِيَدِي إِلَى دَوَابِّ الْبَحْرِ وَحِيتَانِهِ، وَانْتَهَى الْمَاءُ بِهِ حَتَّى أَرْفَأَ بِهِ عِنْدَ فُرْضَةِ (4) مُسْتَقَى جَوَارِي امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَخَذْنَهُ، فَهَمَمْنَ أَنْ يَفْتَحْنَ التَّابُوتَ ، فَقَالَتْ بَعْضُهُنَّ: إِنَّ فِي هَذَا مَالًا، وَإِنَّا إِنْ فَتَحْنَاهُ لَمْ تُصَدِّقْنَا امَرْأَةُ الْمَلِكِ بِمَا وَجَدْنَا فِيهِ، فَحَمَلْنَهُ بِهَيْئَةٍ لَمْ يُحَرِّكْنَ مِنْهُ شَيْئًا ، حَتَّى دَفَعْنَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتْ فِيهِ غُلَامًا، فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَحَبَّةً لَمْ تُلْقَ مِثْلُهَا عَلَى الْبَشَرِ قَطُّ، وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا مِنْ ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ ، إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى عليه السلام فَلَمَّا سَمِعَ الذَّابِحُونَ بِأَمْرِهِ ، أَقْبَلُوا بِشِفَارِهِمْ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ لِيَذْبَحُوهُ، وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَتْ لِلذَّبَّاحِينَ: اتْرُكُوهُ، فَإِنَّ هَذَا الْوَاحِدَ لَا يَزِيدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، حَتَّى آتِيَ فِرْعَوْنَ فَأَسْتَوْهِبُهُ مِنْهُ، فَإِنْ وَهَبَهُ لِي ، كُنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ، وَإِنْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ ، لَمْ أَلُمْكُمْ، فَأَتَتْ بِهِ فِرْعَوْنَ ، فَقَالَتْ:{قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} (5) قَالَ فِرْعَوْنُ: يَكُونُ لَكِ فَأَمَّا لِي ، فلَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ ، لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ كَمَا أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ ، لَهَداهُ اللهُ بِهِ ، كَمَا هَدى بِهِ امْرَأَتَهُ، وَلَكِنَّ اللهَ حَرَمَهُ ذَلِكَ " ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَنْ حَوْلِهَا مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا لَبَنٌ تَخْتَارُ لَهَا ظِئْرًا (6) فَجَعَلَ كُلَّمَا أَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فَتُرْضِعُهُ ، لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَهَا، حَتَّى أَشْفَقَتْ عَلَيْهِ امَرْأَةُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللَّبَنِ فَيَمُوتَ، فَأَحْزَنَهَا ذَلِكَ فَأَمَرَتْ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى السُّوقِ ، وَتَجَمَّعَ النَّاسُ ، تَرْجُو أَنْ تَجِدَ لَهُ ظِئْرًا يَأخُذُ مِنْهَا، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَأَصْبَحَتْ أُمُّ مُوسَى وَالِهَةً (7) فَقَالَتْ لِأُخْتِهِ: قُصِّيهِ - يَعْنِي أَثَرَهُ، وَاطْلُبِيهِ - هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا؟ ، أَحَيٌّ ابْنِي؟ ، أَمْ قَدْ أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ؟ ، وَنَسِيَتْ مَا كَانَ اللهُ عز وجل وَعَدَهَا فِيهِ، فَبَصُرَتْ بِهِ أُخْتُهُ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، وَالْجُنُبُ: أَنْ يَسْمُوَ بَصَرُ الإِنْسَانِ إِلَى الشَّيْءِ الْبَعِيدِ ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ لا يَشْعُرُ بِهِ، فَقَالَتْ مِنَ الْفَرَحِ حِينَ أَعْيَاهُمُ الطَّلَبُ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ، وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ، فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا: وَمَا يُدْرِيكَ مَا نُصْحُهُمْ لَهُ؟ ، هَلْ يَعْرِفُونَهُ؟ - حَتَّى شَكُّوا فِي ذَلِكَ - فَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَتْ: نَصِيحَتُهُمْ لَهُ وَشَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ رَغْبَةً فِي صِهْرِ المَلِكٍ ، وَرَجَاءَ مَنْفَعَتِهِ، فَأَرْسَلُوهَا، فَانْطَلَقَتْ إِلَى أُمِّهَا فَأَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ ، فَلَمَّا وَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا، نَزَا إِلَى ثَدْيِهَا فَمَصَّهُ ، حَتَّى امْتَلَأَ جَنْبَاهُ رِيًّا، وَانْطَلَقَ الْبَشِيرُ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ ، يُبَشِّرُهَا أَنْ قَدْ وَجَدْنَا لابْنِكِ ظِئْرًا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا ، فَأَتَتْ بِهَا وَبِهِ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا يَصْنَعُ بِهَا ، قَالَتْ لَهَا: امْكُثِي عِنْدِي ، تُرْضِعِينَ ابْنِي هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أُحِبَّ حُبَّهُ شَيْئًا قَطُّ، فَقَالَتْ أُمُّ مُوسَى: لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَ بَيْتِي وَوَلَدِي فَنَضِيعُ، فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُكِ أَنْ تُعْطِينِيهِ، فَأَذْهَبَ بِهِ إِلَى بَيْتِي، فَيَكُونَ مَعِي ، لا آلُوهُ (8) خَيْرًا، وَإِلَّا ، فَإِنِّي غَيْرُ تَارِكَةٍ بَيْتِي وَوَلَدِي - وَذَكَرَتْ أُمُّ مُوسَى مَا كَانَ اللهُ عز وجل وَعَدَهَا، فَتَعَاسَرَتْ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ، وَأَيْقَنَتْ أَنَّ اللهَ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ - فَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا بِابْنِهَا، فَأَصْبَحَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ مُجْتَمِعِينَ ، يَمْتَنِعُونَ مِنَ السُّخْرَةِ وَالظُّلْمِ مَا كَانَ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَرَعْرَعَ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لأُمِّ مُوسَى: أُرِيدُ أَنْ تُرِينِي ابْنِي، فَوَعَدَتْهَا يَوْمًا تُرِيهَا إِيَّاهُ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِخُزَّانِهَا وَقَهَارِمَتِهَا وَظُئُورَتِهَا: لا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلا اسْتَقْبِلَ ابْنِي الْيَوْمَ بِهَدِيَّةٍ وَكَرَامَةٍ ، لأَرَى ذَلِكَ فِيهِ، وَأَنَا بَاعِثَةٌ أَمِينًا يُحْصِيَ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ، فَلَمْ تَزَلِ الْهَدَايَا وَالْكَرَامَةُ وَالنِّحَلُ تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ حِينِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِ أُمِّهِ إِلَى أَنْ أُدْخِلَ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا بَجَّلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ، وَفَرِحَتْ بِهِ وَأَعْجَبَهَا، وَبَجَّلَتْ أُمَّهُ بِحُسْنِ أَثَرِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ: لآتِيَنَّ بِهِ فِرْعَوْنَ ، فَلَيُبَجِّلَنَّهُ وَلَيُكْرِمَنَّهُ، فَلَمَّا دَخَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ جَعَلَتْهُ فِي حِجْرِهِ، فَتَنَاوَلَ مُوسَى لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ فَمَدَّهَا إِلَى الأَرْضِ، فَقَالَ الْغُوَاةُ أَعْدَاءُ اللهِ لِفِرْعَوْنَ: أَلا تَرَى إِلَى مَا وَعَدَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّهُ أَنَّهُ يَرُبُّكَ وَيَعْلُوكَ وَيَصْرَعُكَ؟ ، فَأَرْسَلَ إِلَى الذَّبَّاحِينَ لِيَذْبَحُوهُ، وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ ، بَعْدَ كُلِّ بَلاءٍ ابْتُلِيَ، وَأَرْبِكْ بِهِ فُتُونًا ، فَجَاءَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْعَى إِلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَتْ: مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الْغُلامِ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي؟ ، قَالَ: تَرَيْنَهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَصْرَعُنِي وَيَعْلُونِي، قَالَتِ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْرًا تَعْرِفُ الْحَقَّ فِيهِ: ائْتِ بِجَمْرَتَيْنِ وَلُؤْلُؤَتَيْنِ ، فَقَرِّبْهُنَّ إِلَيْهِ، فَإِنْ بَطَشَ بِاللُّؤْلُؤَتَيْنِ ، وَاجْتَنَبَ الْجَمْرَتَيْنِ ، عَرَفْتَ أَنَّهُ يَعْقِلُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ ، وَلَمْ يُرِدِ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ ، عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا لا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَهُوَ يَعْقِلُ، فَقَرَّبَ ذَلِكَ، فَتَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ، فَانْتَزَعُوهُمَا مِنْ يَدِهِ مَخَافَةَ أَنْ تَحْرِقَاهُ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَلا تَرَى؟ ، فَصَرَفَهُ اللهُ عَنْهُ بَعْدَمَا كَانَ قَدْ هَمَّ بِهِ ، وَكَانَ اللهُ عز وجل بَالِغًا فِيهِ أَمْرَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ أَشَدَّهُ وَكَانَ مِنَ الرِّجَالِ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ بِظُلْمٍ وَلا سُخْرَةٍ ، حَتَّى امْتَنَعُوا كُلَّ الامْتِنَاعِ، فَبَيْنَمَا مُوسَى فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ ، إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ ، أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ ، وَالآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ، فَاسْتَغَاثَهُ الإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ، فَغَضِبَ مُوسَى غَضَبًا شَدِيدًا ، لأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَةَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَحِفْظِهُ لَهُمْ ، لا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمُّ مُوسَى، إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللهُ أَطْلَعَ مُوسَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، فَوَكَزَ مُوسَى الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ - وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ وَالإِسْرَائِيلِيُّ - فَقَالَ مُوسَى حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ:{هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ، إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} ، ثُمَّ قَالَ:{رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (9) وَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ الأَخْبَارَ، فَأُتِيَ فِرْعَوْنُ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا رَجُلا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ، فَخُذْ لَنَا حَقَّنَا وَلا تُرَخِّصْ لَهُمْ، فَقَالَ: ابْغُونِي قَاتِلَهُ وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَفْوُهُ مَعَ قَوْمٍ ، لا يَسْتَقِيمُ لَهُ أَنْ يُقِيدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلا ثَبْتٍ، فَاطْلُبُوا لِي عِلْمَ ذَلِكَ ، آخُذْ لَكُمْ بِحَقِّكُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لا يَجِدُونَ ثَبْتًا ، إِذَا مُوسَى قَدْ رَأَى مِنَ الْغَدِ ذَلِكَ الإِسْرَائِيلِيَّ يُقَاتِلُ رَجُلا آخَرَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، فَاسْتَغَاثَهُ الإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ ، فَصَادَفَ مُوسَى قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَكَرِهَ الَّذِي رَأَى لِغَضَبِ الإِسْرَائِيلِيِّ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بِالْفِرْعَوْنِيِّ، فَقَالَ لِلإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فَعَلَ أَمْسِ وَالْيَوْمَ:{إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} (10) فَنَظَرَ الإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى حِينَ قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَإِذَا هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالأَمْسِ، فَخَافَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ ، وَمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ - وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ ، إِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ - فَخَافَ الإِسْرَائِيلِيُّ ، فَحَاجَزَ الْفِرْعَوْنِيَّ ، وَقَالَ:{يَا مُوسَى ، أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ؟} (11) وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلَهُ، وَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ إِلَى قَوْمِهِ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حِينَ يَقُولُ:{أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى، فَأَخَذَ رُسُلُ فِرْعَوْنَ الطَّرِيقَ الأَعْظَمَ يَمْشُونَ عَلَى هِينَتِهِمْ يَطْلُبُونَ مُوسَى ، وَهُمْ لا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، فَاخْتَصَرَ طَرِيقًا قَرِيبًا حَتَّى يَسْبِقَهُمْ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَخَرَجَ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ مَدْيَنَ ، لَمْ يَلْقَ بَلاءً قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ بِالطَّرِيقِ عِلْمٌ إِلا حُسْنَ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ عز وجل فَإِنَّهُ قَالَ:{عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ، وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} (12) يَعْنِي بِذَلِكَ: حَابِسَتَيْنِ غَنَمَهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: مَا خَطْبُكُمَا مُعْتَزِلَتَيْنِ لا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاسِ؟ ، قَالَتَا: لَيْسَ لَنَا قُوَّةٌ نُزَاحِمُ الْقَوْمَ، وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ فُضُولَ حِيَاضِهِمْ، فَسَقَى لَهُمَا، فَجَعَلَ يَغْرِفُ فِي الدَّلْوِ مَاءً كَثِيرًا ، حَتَّى كَانَ أَوَّلَ الرِّعَاءِ فَرَاغًا، فَانْصَرَفَتَا بِغَنَمِهِمَا إِلَى أَبِيهِمَا، وَانْصَرَفَ مُوسَى فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ:{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (13) فَاسْتَنْكَرَ أَبُوهُمَا سُرْعَةَ صُدُورِهِمَا بِغَنَمِهِمَا حُفَّلا بِطَانًا، فَقَالَ: إِنَّ لَكُمَا الْيَوْمَ لَشَأنًا، فَأَخْبَرَتَاهُ بِمَا صَنَعَ مُوسَى، فَأَمَرَ إِحْدَاهُمَا تَدْعُوهُ لَهُ، فَأَتَتْ مُوسَى فَدَعَتْهُ، فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ:{لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (14) لَيْسَ لِفِرْعَوْنَ وَلا لِقَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَانٌ، وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَتِهِ، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا:{يَا أَبَتِ اسْتَأجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} (15)، فَاحْتَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى أَنْ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكِ مَا قُوَّتُهُ وَمَا أَمَانَتُهُ؟ ، قَالَتْ: أَمَّا قُوَّتُهُ، فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ فِي الدَّلْوِ حِينَ سَقَى لَنَا، لَمْ أَرَ رَجُلا أَقْوَى فِي ذَلِكَ السَّقْيِ مِنْهُ، وَأَمَّا أَمَانَتُهُ، فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ حِينَ أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَشَخَصْتُ لَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي امْرَأَةٌ صَوَّبَ رَأسَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ حَتَّى بَلَّغْتُهُ رِسَالَتَكَ، ثُمَّ قَالَ: امْشِي خَلْفِي وَانْعَتِي لِيَ الطَّرِيقَ، فَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا الأَمْرَ إِلَّا وَهُوَ أَمِينٌ، فَسُرِّيَ عَنْ أَبِيهَا ، فَصَدَّقَهَا وَظَنَّ بِهِ الَّذِي قَالَتْ، فَقَالَ لَهُ:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ، فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ، سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} (16) فَفَعَلَ ، فَكَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللهِ مُوسَى عليه السلام ثَمَانُ سِنِينَ وَاجِبَةً، وَكَانَتْ سَنَتَانِ عِدَةً مِنْهُ، فَقَضَى اللهُ عَنْهُ عِدَتَهُ ، فَأَتَمَّهَا عَشْرًا، قَالَ سَعِيدٌ: فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي أَيُّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ ، قُلْتُ: لا - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ لا أَدْرِي - فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ثَمَانِيًا كَانَ عَلَى مُوسَى وَاجِبَةً وَلَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللهِ لِيَنْقُصَ مِنْهَا شَيْئًا؟، وَيَعْلَمُ أَنَّ اللهَ قَاضٍ عَنْ مُوسَى عِدَتَهُ الَّتِي وَعَدَ، فَإِنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ، فَلَقِيتُ النَّصْرَانِيَّ فَأَخْبَرْتُهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: الَّذِي سَأَلْتَهُ فَأَخْبَرَكَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِذَلِكَ؟ ، قُلْتُ: أَجَلْ، وَأَوْلَى، فَلَمَّا سَارَ مُوسَى بِأَهْلِهِ ، كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّارِ وَالْعَصَا وَيَدِهِ مَا قَصَّ اللهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ ، فَشَكَا إِلَى رَبِّهِ تبارك وتعالى مَا يَتَخَوَّفُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فِي الْقَتْلِ، وَعَقْدِ لِسَانِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهِ عُقْدَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْكَلامِ، وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعِينَهُ بِأَخِيهِ هَارُونَ ، يَكُونُ لَهُ رِدْءًا (17) وَيَتَكَلَّمُ عَنْهُ بِكَثِيرٍ مِمَّا لا يُفْصِحُ بِهِ لِسَانُهُ، فَآتَاهُ اللهُ سُؤْلَهُ ، وَحَلَّ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِهِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَارُونَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْقَاهُ، فَانْدَفَعَ مُوسَى بِعَصَاهُ حَتَّى لَقِيَ هَارُونَ، فَانْطَلَقَا جَمِيعًا إِلَى فِرْعَوْنَ، فَأَقَامَا عَلَى بَابِهِ حِينًا لا يُؤْذَنُ لَهُمَا، ثُمَّ أُذِنَ لَهُمَا بَعْدَ حِجَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالا: إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ قَالَ: فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى؟، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَصَّ اللهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: فَمَا تُرِيدُ - وَذَكَّرَهُ الْقَتِيلَ - فَاعْتَذَرَ بِمَا قَدْ سَمِعْتَ، وَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ ، وَتُرْسَلَ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَقَالَ: ائْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهَا ، مُسْرِعَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا ، فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ ، وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ ، فَفَعَلَ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ ، فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سَوْءٍ - يَعْنِي مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ - ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الأَوَّلِ، فَاسْتَشَارَ فِرْعَوْنُ الْمَلأَ حَوْلَهُ فِيمَا رَأَى، فَقَالُوا لَهُ:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} (18) يَعْنِي مُلْكَهُمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ ، وَالْعَيْشَ، فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا مِمَّا طَلَبَ ، وَقَالُوا لَهُ: اجْمَعْ لَنَا السَّحَرَةَ، فَإِنَّهُمْ بِأَرْضِكَ كَثِيرٌ ، حَتَّى يَغْلِبَ سِحْرُهُمْ سِحْرَهُمَا، فَأَرْسَلَ فِي الْمَدِينَةِ فَحُشِرَ لَهُ كُلُّ سَاحِرٍ مُتَعَالِمٍ، فَلَمَّا أَتَوْا فِرْعَوْنَ قَالُوا: بِمَ يَعْمَلُ هَذَا السَّاحِرُ (19)؟ ، قَالُوا: يَعْمَلُ بِالْحَيَّاتِ، قَالُوا: فَلا وَاللهِ مَا أَحَدٌ فِي الأَرْضِ يَعْمَلُ السَّحَرَ بِالْحَيَّاتِ وَالْعِصِيِّ الَّذِي نَعْمَلُ، فَمَا أَجْرُنَا إِنْ نَحْنُ غَلَبْنَا؟ ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ أَقَارِبِي وَخَاصَّتِي، فَأَنَا صَانِعٌ إِلَيْكُمْ كُلَّ مَا أَحْبَبْتُمْ، فَتَوَاعَدُوا يَوْمَ الزِّينَةِ ، وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى، قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ يَوْمَ الزِّينَةِ ، الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَالسَّحَرَةِ، وَهُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ ، قَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا فَلْنَحْضُرْ هَذَا الأَمْرَ {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} (20) يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُونَ ، اسْتِهْزَاءً بِهِمَا ، فَقَالُوا: يَا مُوسَى {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} (21){قَالَ بَلْ أَلْقُوا} (22){فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ، وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} (23) فَرَأَى مُوسَى مِنْ سِحْرِهِمْ مَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً، فَأَوْحَى اللهُ تبارك وتعالى إِلَيْهِ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ، فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَتْ ثُعْبَانًا عَظِيمًا فَاغِرَةً فَاهَا، فَجَعَلَتِ الْعِصِيُّ بِدَعْوَةِ مُوسَى تَلَبَّسُ بِالْحِبَالِ ، حَتَّى صَارَتْ جُرَزًا (24) إِلَى الثُّعْبَانِ تَدْخُلُ فِيهِ، حَتَّى مَا أَبْقَتْ عَصًا وَلا حَبْلا إِلا ابْتَلَعَتْهُ، فَلَمَّا عَرَفَ السَّحَرَةُ ذَلِكَ قَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا سِحْرًا لَمْ يَبْلُغْ مِنْ سِحْرِنَا هَذَا، وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ أَمْرِ اللهِ تبارك وتعالى، آمَنَّا بِاللهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، وَنَتُوبُ إِلَى اللهِ عز وجل مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ، وَكَسَرَ اللهُ ظَهْرَ فِرْعَوْنَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَأَشْيَاعِهِ، وَأَظْهَرَ الْحَقَّ {وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (25) وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ بَارِزَةٌ (26) مُتَبَذِّلَةٌ تَدْعُو اللهَ بِالنَّصْرِ لِمُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَمَنْ رَآهَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ، ظَنَّ أَنَّهَا ابْتَذَلَتْ لِلشَّفَقَةِ عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ حُزْنُهَا وَهَمُّهَا لِمُوسَى، فَلَمَّا طَالَ مُكْثُ مُوسَى لِمَوَاعِيدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ، كُلَّمَا جَاءَهُ بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِذَا مَضَتْ أَخْلَفَ مَوَاعِيدَهُ وَقَالَ: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يَصْنَعَ غَيْرَ هَذَا؟ ، فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ {الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ} (27) كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إِلَى مُوسَى ، وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ، وَيُوَافِقُهُ أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِذَا كَفَّ ذَلِكَ عَنْهُ ، أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ ، وَنَكَثَ عَهْدَهُ، حَتَّى أُمِرَ مُوسَى بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ وَرَأَى أَنَّهُمْ قَدْ مَضَوْا، أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، يَتْبَعُهُمْ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى الْبَحْرِ: أَنْ إِذَا ضَرَبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ، فَانْفَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ فِرْقًا ، حَتَّى يَجُوزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ الْتَقِ عَلَى مَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} وَتَقَارَبَا، قَالَ قَوْمُ مُوسَى:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} (28) فَضَرَبَ مُوسَى الْبَحْرَ بِعَصَاهُ، فَانْفَرَقَ لَهُ حِينَ دَنَا أَوَائِلُ جُنْدِ فِرْعَوْنَ مِنْ أَوَاخِرِ جُنْدِ مُوسَى، فَانْفَرَقَ الْبَحْرُ كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ، فَلَمَّا أَنْ جَاوَزَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمْ ، وَدَخَلَ فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ، الْتَقَى عَلَيْهِمْ كَمَا أَمَرَ اللهُ، فَلَمَّا أَنْ جَاوَزَ مُوسَى الْبَحْرَ قَالُوا: إِنَّا نَخَافُ أَنْ لا يَكُونَ فِرْعَوْنُ غَرِقَ، فَلا نُؤْمِنُ بِهَلاكِهِ، فَدَعَا رَبَّهُ فَأَخْرَجَهُ لَهُ بِبَدَنِهِ ، حَتَّى اسْتَيْقَنُوا بِهَلاكِهِ، ثُمَّ {أَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ ، قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ، قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ ، وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (29) قَدْ رَأَيْتُمْ مِنَ الْعِبَرِ ، وَسَمِعْتُمْ مَا يَكْفِيكُمْ، وَمَضَى مُوسَى فَأَنْزَلَهُمْ مَنْزِلا ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَطِيعُوا هَارُونَ، فَإِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُهُ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي، وَأَجَّلَهُمْ ثَلاثِينَ يَوْمًا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَتَى رَبَّهُ ، أَرَادَ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي ثَلاثِينَ ، وَقَدْ صَامَهُنَّ ، لَيْلَهُنَّ وَنَهَارَهُنَّ، كَرِهَ أَنْ يُكَلِّمَ رَبَّهُ وَيَخْرُجَ مِنْ فَمِهِ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ، فَتَنَاوَلَ مُوسَى شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الأَرْضِ فَمَضَغَهُ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ حِينَ أَتَاهُ: أَفَطَرْتَ؟ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِالَّذِي كَانَ - قَالَ: رَبِّ كَرِهْتُ أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلا وَفَمِي طَيِّبُ الرِّيحِ، قَالَ: أَوَمَا عَلِمْتَ يَا مُوسَى أَنَّ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؟ ، ارْجِعْ حَتَّى تَصُومَ عَشْرًا ، ثُمَّ ائْتِنِي، فَفَعَلَ مُوسَى مَا أُمِرَ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ لِلأَجَلِ ، سَاءَهُمْ ذَلِكَ، وَكَانَ هَارُونُ قَدْ خَطَبَهُمْ ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ ، وَلِقَوْمِ فِرْعَوْنَ عَوَارٍ (30) وَوَدَائِعُ، وَلَكُمْ فِيهِم مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَا أَرَى أَنْ تَحْتَسِبُوا مَالَكُمْ عِنْدَهُمْ، وَلا أُحِلُّ لَكُمْ وَدِيعَةً وَلا عَارِيَةً، وَلَسْنَا بِرَادِّينَ إِلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَلا مُمْسِكِيهِ لأَنْفُسِنَا، فَحَفَرَ حَفِيرًا، وَأَمَرَ كُلَّ قَوْمٍ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَنْ يَقْذِفُوهُ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ، ثُمَّ أَوَقَدَ عَلَيْهِ النَّارَ فَأَحْرَقَهُ، فَقَالَ: لا يَكُونُ لَنَا وَلا لَهُمْ ، وَكَانَ السَّامِرِيُّ رَجُلا مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ ، جِيرَانٍ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَاحْتَمَلَ مَعَ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ احْتَمَلُوا، فَقُضِيَ لَهُ أَنْ رَأَى أَثَرًا ، فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْضَةً، فَمَرَّ بِهَارُونَ، فَقَالَ لَهُ هَارُونُ: يَا سَامِرِيُّ، أَلا تُلْقِي مَا فِي يَدِكَ؟ - وَهُوَ قَابِضٌ عَلَيْهِ ، لا يَرَاهُ أَحَدٌ طَوَالَ ذَلِكَ - قَالَ: هَذِهِ قَبْضَةٌ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاوَزَ بِكُمُ الْبَحْرَ، فَلا أُلْقِيهَا بِشَيْءٍ، إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ اللهَ إِذَا أَلْقَيْتُهَا أَنْ يَكُونَ مَا أُرِيدُ، فَأَلْقَاهَا، وَدَعَا لَهُ هَارُونُ، وَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُكَوِّنَ عِجْلًا، فَاجْتَمَعَ مَا كَانَ فِي الْحُفْرَةِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ، فَصَارَ عِجْلا أَجْوَفَ ، لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ لَهُ خُوَارٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلا وَاللهِ مَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ قَطُّ، إِنَّمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ ، وَتَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَتَفَرَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرَقًا ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَا سَامِرِيُّ، مَا هَذَا؟ ، فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ؟ ، قَالَ: هَذَا رَبُّكُمْ، وَلَكِنَّ مُوسَى أَضَلَّ الطَّرِيقَ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لا نُكَذِّبُ بِهَذَا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى، فَإِنْ كَانَ رَبَّنَا لَمْ نَكُنْ ضَيَّعْنَاهُ وَعَجَزْنَا فِيهِ حِينَ رَأَيْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّنَا ، فَإِنَّا نَتَّبِعُ قَوْلَ مُوسَى، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هَذَا عَمَلُ الشَّيْطَانِ ، وَلَيْسَ بِرَبِّنَا ، وَلا نُؤْمِنُ بِهِ ، وَلا نُصَدِّقُ، وَأُشْرِبَ فِرْقَةٌ فِي قُلُوبِهِمُ التَّصْدِيقَ بِمَا قَالَ السَّامِرِيُّ فِي الْعِجْلِ، فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ:{يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} (31) لَيْسَ هَكَذَا، قَالُوا: فَمَا بَالُ مُوسَى وَعَدَنَا ثَلاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْلَفَنَا؟ ، هَذِهِ أَرْبَعُونَ قَدْ مَضَتْ، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: أَخْطَأَ رَبَّهُ ، فَهُوَ يَطْلُبُهُ وَيَتْبَعُهُ، فَلَمَّا كَلَّمَ اللهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ ، أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ، {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} (32) فَقَالَ لَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآنِ:{وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ ، وَأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} (33) ثُمَّ إِنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، وَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ ، قَالَ: قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَفَطِنْتُ لَهَا، وَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا ، {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ ، وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ ، وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ، لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} (34) وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ نَخْلُصْ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ، فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَاغْتَبَطَ الَّذِينَ كَانَ رَأيُهُمْ فِيهِ مِثْلَ رَأي هَارُونَ، وَقَالُوا جَمَاعَتُهُمْ لِمُوسَى: سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ تَوْبَةٍ نَصْنَعُهَا ، فَتُكَفِّرَ مَا عَمِلْنَا فَاخْتَارَ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِذَلِكَ ، لإِتْيَانِ الْجَبَلِ ، مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْعِجْلِ، فَانْطَلَقَ بِهِمْ لِيَسْأَلَ لَهُمُ التَّوْبَةَ، فَرَجَفَتْ بِهِمُ الأَرْضُ، فَاسْتَحْيَا نَبِيُّ اللهِ مِنْ قَوْمِهِ وَوَفْدِهِ حِينَ فُعِلَ بِهِمْ مَا فُعِلَ، فَقَالَ:{رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ ، أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} (35) وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ اللهُ اطَّلَعَ عَلَى مَا أُشْرِبَ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ إِيمَانًا بِهِ، فَلِذَلِكَ رَجَفَتْ بِهِمُ الأَرْضُ، فَقَالَ:{عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ، فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} (36) فَقَالَ: رَبِّ سَأَلْتُكَ التَّوْبَةَ لِقَوْمِي ، فَقُلْتَ: إِنَّ رَحْمَتَكَ كَتَبْتَهَا لِقَوْمٍ غَيْرِ قَوْمِي، فَلَيْتَكَ أَخَّرْتَنِي حَتَّى تُخْرِجَنِي حَيًّا فِي أُمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْحُومَةِ، فَقَالَ اللهُ عز وجل لَهُ: إِنَّ تَوْبَتَهُمْ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كُلَّ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ، فَيَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ لا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ، وَيَأتِي أُولَئِكَ الَّذِينَ خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ مَا اطَّلَعَ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ ، وَاعْتَرَفُوا بِهَا ، وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ، فَغَفَرَ اللهُ لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ، ثُمَّ سَارَ بِهِمْ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَخَذَ الأَلْوَاحَ بَعْدَمَا سَكَتَ عَنْهُ الْغَضَبُ، فَأَمَرَهُمْ بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ مِنَ الْوَظَائِفِ، فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا، فَنَتَقَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ (37)} (38) وَدَنَا مِنْهُمْ ، حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، فَأَخَذُوا الْكِتَابَ بِأَيْمَانِهِمْ ، وَهُمْ مُصْغُونَ إِلَى الْجَبَلِ وَالأَرْضِ، وَالْكِتَابُ بِأَيْدِيهِمْ ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْجَبَلِ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى أَتَوُا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، فَوَجَدُوا فِيهَا مَدِينَةً فِيهَا قَوْمٌ جَبَّارُونَ، خَلْقُهُمْ خَلْقٌ مُنْكَرٌ، وَذَكَرُوا مِنْ ثِمَارِهِمْ أَمْرًا عَجِيبًا مِنْ عِظَمِهَا، فَقَالُوا:{يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} (39) لا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ، وَلا نَدْخُلُهَا مَا دَامُوا فِيهَا، فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ، قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ مِنَ الْجَبَّارِينَ: إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تَخَافُونَ مِمَّا تَرَوْنَ مِنْ أَجْسَامِهِمْ وَعِدَّتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ لا قُلُوبَ لَهُمْ ، وَلا مَنَعَةَ عِنْدَهُمْ، فَادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ، فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ، {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا ، فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ ، فَقَاتِلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} (40) فَأَغْضَبُوا مُوسَى ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ ، وَسَمَّاهُمْ فَاسِقِينَ - وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ - لِمَا رَأَى مِنْهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَإِسَاءَتِهِمْ ، حَتَّى كَانَ يَوْمُئِذٍ، فَاسْتَجَابَ اللهُ لَهُ ، فَسَمَّاهُمْ كَمَا سَمَّاهُمْ مُوسَى:{فَاسِقِينَ} ، وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} (41) يُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ ، فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ، ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لا تَبْلَى وَلا تَتَّسِخُ، وَجَعَلَ بَيْنَ ظُهُورِهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا، وَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ، فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلاثَةُ أَعْيُنٍ، وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ مِنْهَا لا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ (42) إِلَّا وُجِدَ ذَلِكَ الْحَجَرُ فِيهِمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِالأَمْسِ، رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَدَّقَ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْفِرْعَوْنِيُّ هَذَا الَّذِي أَفْشَى عَلَى مُوسَى أَمْرَ الْقَتِيلِ الَّذِي قُتِلَ، قَالَ: فَكَيْفَ يُفْشِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ وَلا ظَهَرَ عَلَيْهِ إِلا الإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي حَضَرَ ذَلِكَ وَشَهِدَهُ؟ ، فَغَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَخَذَ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ هَلْ تَذْكُرُ يَوْمَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتِيلِ مُوسَى الَّذِي قَتَلَهُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ؟ ، الإِسْرَائِيلِيُّ أَفْشَى عَلَيْهِ ، أَمِ الْفِرْعَوْنِيُّ؟ ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَفْشَى عَلَيْهِ الْفِرْعَوْنِيُّ بِمَا سَمِعَ مِنَ الإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي شَهِدَ ذَلِكَ وَحَضَرَهُ. (43)

(1) سورة: طه آية رقم: 40

(2)

الشِّفار: جمع شفرة ، وهي السكين العريضة.

(3)

[القصص/7]

(4)

فُرْضَة النَّهر: ثُلْمَتُه التي يُسْتَقَى منها. وفُرضة البَحْر أيضاً: مَحَطُّ السُّفُن. مختار الصحاح - (ج 1 / ص 238)

(5)

[القصص/9]

(6)

الظّئْر: المُرْضِع.

(7)

الوالِه: التي تحنُّ لفقد ولدها.

(8)

لا آلو: لا أُقَصِّر.

(9)

[القصص/16]

(10)

[القصص/18]

(11)

[القصص/19]

(12)

[القصص22/ 23]

(13)

[القصص/24]

(14)

[القصص/25]

(15)

[القصص/26]

(16)

[القصص/27]

(17)

الرِّدْء: القوة ، والعماد ، والناصر ، والمعين.

(18)

[طه/63]

(19)

الذي زعموا أنه ساحر هو: موسى.

(20)

[الشعراء/40]

(21)

[الأعراف/115]

(22)

[طه/66]

(23)

[الشعراء/44]

(24)

(الْجَرْزُ) الْقَطْعُ (وَمِنْهُ) أَرْضٌ جُرُزٌ: لَا نَبَاتَ بِهَا. المُغْرِب (1/ 339)

(25)

[الأعراف/118، 119]

(26)

أَيْ: ظَاهِرة غَيْر مُحْتَجِبة، وَالْبُرُوز الظُّهُور.

(27)

[الأعراف/133]

(28)

[الشعراء/61]

(29)

[الأعراف/138]

(30)

العواري: جمع عارية ، وهي الشيء الذي يُستعار من متاع البيت وغيره.

(31)

[طه/90]

(32)

[طه/86]

(33)

[الأعراف/150]

(34)

[طه/96، 97]

(35)

[الأعراف/155]

(36)

[الأعراف/156، 157]

(37)

قوله تعالى: {وَإِذ نَتَقْنَا الجبل} معناه: رفعنا ، {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} أَيْ: كأنه لارتفاعه سحابة تُظِلّ. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج 1 / ص 2225)

(38)

[الأعراف/171]

(39)

[المائدة/22]

(40)

[المائدة/24]

(41)

[المائدة/26]

(42)

المَنْقَلةُ: المَرْحلة من مَراحل السفر. لسان العرب - (ج 11 / ص 674)

(43)

قال البوصيري في إتخاف الخيرة المهرة [5760/ 2]: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ ، فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ، هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.

ص: 122

(ت)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَمَّا أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَوْنَ قَالَ: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (1) فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ ، فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ (2) فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ ، مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ "(3)

(1)[يونس/90]

(2)

قال في النِّهاية: " الحالُ: الطين الأسود ، كالحمأة ".

(3)

(ت) 3107 ، (ن) 11238 ، (حم) 2144، انظر الصَّحِيحَة: 2015

ص: 123

(يع)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ فِرْعَوْنَ أَوْتَدَ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ فِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا، فَكَانَ إِذَا تَفَرَّقُوا عَنْهَا ظَلَّلَتْهَا الْمَلَائِكَةُ، فَقَالَتْ:{رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ ، وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (5) فَكَشَفَ لَهَا عَنْ بَيْتِهَا فِي الْجَنَّةِ. (1)

(1)(يع) 6431 ، وقال الشيخ الألباني في الصَّحِيحَة: 2508: حديث موقوف على أبي هريرة غير مرفوع، وهو في حكم المرفوع، لأنه لَا يقال بمجرد الرأي، مع احتمال كونه من الإسرائيليات ، وإسناده صحيح على شرط مسلم. أ. هـ

ص: 124

(خ م)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ (1) عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ (2) "(3)

(1) الثريد: الطعام الذي يصنع بخلط اللحم والخبز المُفَتَّت مع المرق ، وأحيانا يكون من غير اللحم.

(2)

فيه دليل على فضل الثريد على غيره من الأطعمة. انظر مختصر الشمائل: 148

(3)

(خ) 3230، (م) 70 - (2431)، (ت) 1834، (س) 3947

ص: 125

(خ م حم)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ:(" بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً لَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا)(1)(لَمْ يَرْضَهُ، فَقَالَ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ وَقَالَ: تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا، وَفُلَانٌ لَطَمَ وَجْهِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ قَالَ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا " فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(2)(فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)(3)(فَأُصْعَقُ مَعَهُمْ)(4)(ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى)(5)(فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأسَهُ)(6) وفي رواية: (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ)(7)(فَإِذَا مُوسَى عليه السلام آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ)(8)(فلَا أَدْرِي، أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَاهُ اللهُ عز وجل (9)) (10)(فَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ)(11)(وَلَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى)(12)(- وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ -)(13)(أَصَابَ ذَنْبًا ، ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ ")(14)

(1)(خ) 3233

(2)

(م) 2373 ، (خ) 3233

(3)

(خ) 3233

(4)

(خ) 2280

(5)

(خ) 3233

(6)

(حم) 9820 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.

(7)

(خ) 2280

(8)

(خ) 6991

(9)

الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (مِمَّنْ اِسْتَثْنَى اللهُ) قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ} . [الزمر/68]

(10)

(خ) 2280 ، (م) 2373 ، (حم) 7576

(11)

(خ) 3233 ، (م) 2373

(12)

(خ) 3234 ، (م) 2376

(13)

(حم) 3180 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.

(14)

(حم) 3252، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

ص: 126

(ك)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ ، صَفِيُّ اللهِ "(1)

(1)(ك) 4100 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 6633 ، الصَّحِيحَة: 2364

ص: 127

(خ م حم)، وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" قَامَ مُوسَى عليه السلام خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا ، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ)(1)(فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ)(2)(قَالَ: يَا رَبِّ فَدُلَّنِي عَلَيْهِ)(3)(فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا)(4)(مَالِحًا)(5)(فِي مِكْتَلٍ (6)) (7)(فَإِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ ، فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ)(8)(حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ)(9)(فَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلَا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ)(10)(وَقَالَ لِفَتَاهُ: لَا أُكَلِّفُكَ إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنِي بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ، قَالَ: مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} (11)) (12)(حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا ، فَرَقَدَ مُوسَى ، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فَخَرَجَ فَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ، فَأَمْسَكَ اللهُ عَنْ الْحُوتِ جِرْيَةَ الْمَاءِ)(13)(فَجَعَلَ لَا يَلْتَئِمُ عَلَيْهِ ، حتى صَارَ مِثْلَ الْكَوَّةِ (14)) (15)(قال سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ (16): قَالَ لِي عَمْرو بْنِ دِينَارٍ: هَكَذَا ، كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ، وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيَانِهِمَا) (17) (فَقَالَ فَتَاهُ: لَا أُوقِظُهُ) (18)(فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى عليه السلام نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالْحُوتِ فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا)(19)(فَلَمَّا أَصْبَحَ مُوسَى قَالَ لِفَتَاهُ: {آتِنَا غَدَاءَنَا ، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنْ النَّصَبِ (20) حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ:{أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ، وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا} ) (21)(فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا ، وَلِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا ، فَقَالَ مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ (22) فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} ، فرَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ) (23) (فَوَجَدَا فِي الْبَحْرِ كَالطَّاقِ مَمَرَّ الْحُوتِ) (24) (فَقَالَ مُوسَى: هَاهُنَا وُصِفَ لِي) (25)(فَأَطَافَ بِهَا)(26)(فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ)(27)(مُسَجًّى (28) بِثَوْبٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى) (29) (فَكَشَفَ الْخَضِرُ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلَامٍ (30)؟، مَنْ أَنْتَ؟ ، فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟، قَالَ: نَعَمْ) (31)(قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟)(32)(قَالَ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا؟ ، قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} يَا مُوسَى، إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلَّمَنِيهِ ، لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ اللهُ ، لَا أَعْلَمُهُ)(33)(أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ ، وَأَنَّ الْوَحْيَ يَأتِيكَ؟)(34)({وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}، شَيْءٌ أُمِرْتُ بِهِ أَنْ أَفْعَلَهُ ، إِذَا رَأَيْتَهُ لَمْ تَصْبِرْ ، {قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: {فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا})(35)(قَالَ: نَعَمْ)(36)(فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا)(37)(فعَرَفُوا الْخَضِرُ)(38)(فَقَالُوا: عَبْدُ اللهِ الصَّالِحُ خَضِرٌ؟ ، لَا نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ)(39)(فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ (40) فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى) (41)(مَا عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ ، إِلَّا مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ)(42) فـ (خَرَجَ مَنْ كَانَ فِيهَا (43) وَتَخَلَّفَ لِيَخْرِقَهَا) (44)(فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ)(45)(فَخَرَقَهَا ، وَوَتَّدَ فِيهَا وَتَدًا ، فَقَالَ مُوسَى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا})(46)(قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟)(47)({لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}، قَالَ مُجَاهِدٌ: مُنْكَرًا ، {قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ ، قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ، وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا})(48)(فَكَانَتْ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا)(49)(وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا)(50)(فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ الْبَحْرِ ، مَرُّوا بِغُلَامٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ ، فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأسِهِ فَقَلَعَهُ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَأَوْمَأَ سُفْيَانُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ يَقْطِفُ شَيْئًا -)(51) وفي رواية: (فَأَضْجَعَهُ ، ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ)(52)(فَذُعِرَ عِنْدَهَا مُوسَى عليه السلام ذَعْرَةً مُنْكَرَةً)(53)(فَقَالَ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} مُسْلِمَةً {بِغَيْرِ نَفْسٍ} لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ)(54)({لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ، قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟} - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنْ الْأُولَى)(55)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ هَذَا الْمَكَانِ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى ، لَوْلَا أَنَّهُ عَجِلَ ، لَرَأَى الْعَجَبَ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ، {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فلَا تُصَاحِبْنِي ، قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}، وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ ، قَالَ أُبَيٌّ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ ، فَقَالَ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي كَذَا - {فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} لِئَامًا ، فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ فَـ {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ})(56)(قَالَ: مَائِلٌ)(57)({فَأَقَامَهُ} أَوْمَأَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ يَمْسَحُ شَيْئًا إِلَى فَوْقُ -)(58)(فَاسْتَقَامَ)(59)(فَقَالَ لَهُ مُوسَى مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ مِنْ الْجَهْدِ (60):) (61)(قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، عَمَدْتَ إِلَى حَائِطِهِمْ؟ {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا})(62)(قَالَ سَعِيدُ بنُ جُبَيْر: أَجْرًا نَأكُلُهُ)(63)({قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ})(64)(فَأَخَذَ مُوسَى عليه السلام بِطَرَفِ ثَوْبِهِ ، فَقَالَ: حَدِّثْنِي ، قال: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ، أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا})(65)(قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقْرَأُ: {وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا})(66)(فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ)(67)(وَجَدَهَا مُنْخَرِقَةً)(68)(فيَدَعَهَا لِعَيْبِهَا، فَإِذَا جَاوَزُوا ، أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا)(69){وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ} (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ})(70)(يَقُولُ: وَأَمَّا الْغُلَامُ فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا، وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْهِ)(71)({فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} يَقُولُ: فَخَشِينَا أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ)(72)(فَلَوْ أَنَّهُ أَدْرَكَ ، أَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا)(73)({فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدَلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} لِقَوْلِهِ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} يَقُولُ: هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِ الَّذِي قَتَلَهُ خَضِرٌ)(74)(فَوَقَعَ أَبُوهُ عَلَى أُمِّهِ ، فَعَلِقَتْ (75) فَوَلَدَتْ مِنْهُ خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ، {وَأَمَّا الْجِدَارُ ، فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ، وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا ، وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا، فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا ، وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا ، رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي، ذَلِكَ تَأوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} (76)) (77)(قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ ، حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا ")(78)

(1)(خ) 3220

(2)

(خ) 122

(3)

(م) 172 - (2380)

(4)

(خ) 122

(5)

(م) 172 - (2380)

(6)

المِكْتَل: الزِّنبيل ، أَيْ: السلة أو القفة الضخمة تصنع من الخوص.

(7)

(خ) 3220

(8)

(خ) 3219

(9)

(خ) 4449

(10)

(خ) 122

(11)

[الكهف: 60]

(12)

(خ) 4449

(13)

(خ) 3220

(14)

الكَوَّة: النافذة.

(15)

(م) 172 - (2380)

(16)

هو سفيان بن عيينة بن أبى عمران: ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي، المكي، مولى محمد بن مزاحم (أخي الضحاك بن مزاحم)، المولد: 107 هـ ، الطبقة: 8: من الوسطى من أتباع التابعين ، الوفاة: 198 هـ بمكة روى له: (البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه) رتبته عند ابن حجر: ثقة حافظ فقيه إمام حجة ، إلا أنه تغير حفظه بأَخِرة (أَيْ: في آخر عمره) ، وكان ربما دلس ، لكن عن الثقات، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار ، رتبته عند الذهبي: أحد الأعلام، ثقة ثبت ، حافظ إمام.

(17)

(خ) 4449

(18)

(خ) 4449

(19)

(خ) 4448

(20)

النصب: التعب.

(21)

(خ) 122

(22)

قَوْله: {مَا كُنَّا نَبْغِ} أَيْ: نَطْلُب؛ لِأَنَّ فَقْد الْحُوت جُعِلَ آيَة أَيْ: عَلَامَة عَلَى الْمَوْضِع الَّذِي فِيهِ الْخَضِر. فتح الباري (ج 1 / ص 121)

(23)

(خ) 3220

(24)

(خ) 4450

(25)

(م) 172 - (2380)

(26)

(حم) 21156 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(27)

(م) 172 - (2380)

(28)

أَيْ: تغطى.

(29)

(خ) 4450

(30)

الْمَعْنَى مِنْ أَيْنَ السَّلَام فِي هَذِهِ الْأَرْض الَّتِي لَا يُعْرَف فِيهَا؟ ، وَكَأَنَّهَا كَانَتْ بِلَاد كُفْر، أَوْ كَانَتْ تَحِيَّتهمْ بِغَيْرِ السَّلَام ، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاء وَمَنْ دُونهمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ الْغَيْب إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ الله، إِذْ لَوْ كَانَ الْخَضِر يَعْلَم كُلّ غَيْب ، لَعَرَفَ مُوسَى قَبْل أَنْ يَسْأَلهُ. فتح الباري (ح122)

(31)

(خ) 4449

(32)

(م) 172 - (2380)

(33)

(خ) 122

(34)

(خ) 4449

(35)

(م) 172 - (2380)

(36)

(م) 170 - (2380)

(37)

(خ) 122

(38)

(خ) 3220

(39)

(خ) 4449

(40)

(نَوْل) أَيْ: أُجْرَة. فتح الباري (ح122)

(41)

(خ) 122

(42)

(خ) 4448

(43)

أي: السفينة.

(44)

(حم) 21156

(45)

(خ) 122

(46)

(خ) 4449

(47)

(خ) 122

(48)

(خ) 4449

(49)

(خ) 3220

(50)

(خ) 2578

(51)

(خ) 3220

(52)

(خ) 4449

(53)

(م) 172 - (2380)

(54)

(خ) 4449

(55)

(خ) 4448

(56)

(م) 172 - (2380)

(57)

(خ) 4448

(58)

(خ) 2146

(59)

(خ) 4449

(60)

الجَهد: الجوع.

(61)

(حم) 21156

(62)

(خ) 3220

(63)

(خ) 4449

(64)

(خ) 122

(65)

(حم) 21156 ، (م) 172 - (2380)

(66)

(خ) 4448

(67)

(خ) 4449

(68)

(م) 172 - (2380)

(69)

(خ) 4449

(70)

(خ) 4448

(71)

(م) 172 - (2380)

(72)

(خ) 4449

(73)

(م) 172 - (2380)

(74)

(خ) 4449

(75)

أَيْ: حملت.

(76)

[الكهف/82]

(77)

(حم) 21156

(78)

(خ) 4450 ، (م) 172 - (2380) ، (ت) 3149

ص: 128

(ت)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّمَا سُمِّيَ الْخَضِرَ ، لِأَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ (1) فَاهْتَزَّتْ تَحْتَهُ خَضْرَاءَ "(2)

(1) الْفَرْوَةُ: الْحَشِيشُ الْأَبْيَضُ وَمَا يُشْبِهُهُ. (حم) 8211

(2)

(ت) 3151 ، (خ) 3221 ، (حم) 8211

ص: 129

(خ م ت حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً ، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ)(1)(وَكَانَ نَبِيُّ اللهِ مُوسَى عليه السلام رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيراً ، مَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ)(2)(يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ)(3)(وَيَسْتَتِرُ إِذَا اغْتَسَلَ)(4)(فَقَالُوا: وَاللهِ مَا يَسْتَتِرُ مُوسَى هَذَا السِّتْرَ ، إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ ، إِمَّا بَرَصٌ ، وَإِمَّا أُدْرَةٌ (5) وَإِمَّا آفَةٌ (6) وَإِنَّ اللهَ عز وجل أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا) (7)(فَذَهَبَ مُوسَى عليه السلام يَوْمًا يَغْتَسِلُ)(8)(فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ)(9)(ثُمَّ اغْتَسَلَ ، فَلَمَّا فَرَغَ ، أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأخُذَهَا)(10)(فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ)(11)(فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ)(12)(فَخَرَجَ فِي إِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ ، ثَوْبِي يَا حَجَرُ)(13)(حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)(14)(وَتَوَسَّطَهُمْ)(15)(فَرَأَوْهُ عُرْيَاناً (16)) (17)(فَإِذَا أَحْسَنُ النَّاسِ خَلْقًا)(18)(وَأَعْدَلَهُمْ صُورَةً)(19)(وَأَبْرَأَهُ مِمَّا كَانُوا يَقُولُونَ)(20)(فَقَالَ الْمَلَأُ: قَاتَلَ اللهُ أَفَّاكِي (21) بَنِي إِسْرَائِيلَ) (22)(وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأسٍ)(23)(فَقَامَ الْحَجَرُ، وَأَخَذَ نَبِيُّ اللهِ ثَوْبَهُ وَلَبِسَهُ ، وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْباً بِعَصَاهُ ، فَوَاللهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنُدَباً مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ، ثَلَاثاً ، أَوْ أَرْبَعاً أَوْ خَمْساً)(24)(فَكَانَتْ بَرَاءَتُهُ الَّتِي بَرَّأَهُ اللهُ عز وجل بِهَا)(25)(فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى ، فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا ، وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً} (26) ") (27)

(1)(م) 339 ، (خ) 274

(2)

(خ) 3223 ، (ت) 3221

(3)

(خ) 274 ، (م) 339

(4)

(حم) 9080 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: صحيح.

(5)

الأُدْرة: انتفاخ في الخصية.

(6)

أي: عيب وقُبح.

(7)

(خ) 3223 ، (ت) 3221

(8)

(خ) 274 ، (م) 339

(9)

(خ) 274 ، (م) 339

(10)

(خ) 3223 ، (ت) 3221

(11)

(خ) 274 ، (م) 339

(12)

(خ) 3223 ، (ت) 3221

(13)

(خ) 274 ، (حم) 10927

(14)

(خ) 3223 ، (م) 339

(15)

(حم) 10927 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: صحيح.

(16)

فيه دليل أنه عليه السلام كان يغتسل عريانا رغم استتاره ، وكذلك في قصة أيوب عليه السلام قال صلى الله عليه وسلم: " بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ. (خ)275. ع

(17)

(خ) 3223 ، (ت) 3221

(18)

(ت) 3221 ، (حم) 10927

(19)

(حم) 10927

(20)

(خ) 3223 ، (ت) 3221

(21)

الأفّاك: الكذّاب.

(22)

(حم) 10927

(23)

(خ) 274 ، (م) 339

(24)

(خ) 3223 ، (م) 339

(25)

(حم) 10927

(26)

[الأحزاب/69]

(27)

(خ) 3223 ، (ت) 3221

ص: 130

(خ م حم ك)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام يَأتِي النَّاسَ عِيَانًا)(1)(فَأُرْسِلَ إِلَى مُوسَى عليه السلام)(2)(فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ (3)) (4)(فَلَطَمَهُ مُوسَى عليه السلام)(5)(فَفَقَأَ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ ، فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللهِ تَعَالَى ، فَقَالَ:)(6)(يَا رَبِّ)(7)(إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي)(8)(وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْكَ ، لَعَنُفْتُ بِهِ)(9) وفي رواية: (لَشَقَقْتُ عَلَيْهِ)(10)(فَرَدَّ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ عَيْنَهُ ، وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ:)(11)(الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ ، فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ)(12)(فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ (13)) (14)(فَلَكَ)(15)(بِكُلِّ شَعْرَةٍ غَطَّتْهَا يَدُكَ)(16)(فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً)(17)(فَقَالَ مُوسَى: فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ؟ ، قَالَ: الْمَوْتُ ، قَالَ: فَالْآنَ إِذًا)(18)(فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ (19)) (20)(فَشَمَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ شَمَّةً ، فَقَبَضَ رُوحَهُ)(21)(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كُنْتُ ثَمَّ (22) لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ وفي رواية: (تَحْتَ)(23) الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ (24)) (25)(وَكَانَ (26) بَعْدَ ذَلِكَ يَأتِي النَّاسَ فِي خِفْيَةٍ ") (27)

الشرح (28)

(1)(حم) 10917 ، (ك) 4107 ، انظر الصحيحة: 3279

(2)

(خ) 1274 ، (م) 2372

(3)

مَعْنَاهُ: جِئْت لِقَبْضِ رُوحك. شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 104)

(4)

(م) 2372 ، (حم) 8157

(5)

(حم) 10917 ، (خ) 1274

(6)

(م) 2372 ، (س) 2089

(7)

(حم) 10917 ، (ك) 4107

(8)

(م) 2372 ، (خ) 1274

(9)

(حم) 10917

(10)

(ك) 4107

(11)

(خ) 1274 ، (م) 2372

(12)

(م) 2372 ، (حم) 8157

(13)

أَيْ: ظهر ثور.

(14)

(م) 2372 ، (خ) 1274

(15)

(خ) 1274 ، (م) 2372

(16)

(خ) 3226 ، (م) 2372

(17)

(م) 2372 ، (حم) 8157

(18)

(ك) 4107 ، (خ) 1274

(19)

أَيْ: قَدْر رَمْيَة حَجَر ، والْحِكْمَة فِي أَنَّهُ لَمْ يَطْلُب دُخُولهَا لِيُعْمِيَ مَوْضِعَ قَبْره لِئَلَّا تَعْبُدهُ الْجُهَّال مِنْ مِلَّته ، أَنْ يَكُون سِرّ ذَلِكَ أَنَّ الله لَمَّا مَنَعَ بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ دُخُول بَيْت الْمَقْدِس وَتَرَكَهُمْ فِي التِّيه أَرْبَعِينَ سَنَة إِلَى أَنْ أَفْنَاهُمْ الْمَوْت فَلَمْ يَدْخُل الْأَرْض الْمُقَدَّسَة مَعَ يُوشَع إِلَّا أَوْلَادهمْ، وَلَمْ يَدْخُلهَا مَعَهُ أَحَد مِمَّنْ اِمْتَنَعَ أَوَّلًا أَنْ يَدْخُلهَا ، وَمَاتَ هَارُون ثُمَّ مُوسَى عليهما السلام قَبْل فَتْح الْأَرْض الْمُقَدَّسَة، فَكَأَنَّ مُوسَى لَمَّا لَمْ يَتَهَيَّأ لَهُ دُخُولهَا لِغَلَبَةِ الْجَبَّارِينَ عَلَيْهَا ، وَلَا يُمْكِن نَبْشه بَعْد ذَلِكَ لِيُنْقَلَ إِلَيْهَا ، طَلَبَ الْقُرْب مِنْهَا ، لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْء يُعْطَى حُكْمه وَقِيلَ: إِنَّمَا طَلَبَ مُوسَى الدُّنُوّ ، لِأَنَّ النَّبِيّ يُدْفَن حَيْثُ يَمُوت ، وَلَا يُنْقَل،

وَفِيهِ نَظَر ، لِأَنَّ مُوسَى قَدْ نَقَلَ يُوسُف عليه السلام مَعَهُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ مِصْر، وَهَذَا كُلّه بِنَاء عَلَى الِاحْتِمَال الثَّانِي ، وَالله أَعْلَم. وَاخْتُلِفَ فِي جَوَاز نَقْل الْمَيِّت مِنْ بَلَد إِلَى بَلَد، فَقِيلَ: يُكْرَه لِمَا فِيهِ مِنْ تَأخِير دَفْنه ، وَتَعْرِيضه لِهَتْكِ حُرْمَته،

وَقِيلَ: يُسْتَحَبّ، وَالْأَوْلَى تَنْزِيل ذَلِكَ عَلَى حَالَتَيْنِ: فَالْمَنْع حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَرَض رَاجِح كَالدَّفْنِ فِي الْبِقَاع الْفَاضِلَة، وَتَخْتَلِف الْكَرَاهَة فِي ذَلِكَ ، فَقَدْ تَبْلُغ التَّحْرِيم، وَالِاسْتِحْبَاب ، حَيْثُ يَكُون ذَلِكَ بِقُرْبِ مَكَان فَاضِل ، كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيّ عَلَى اِسْتِحْبَاب نَقْل الْمَيِّت إِلَى الْأَرْض الْفَاضِلَة ، كَمَكَّة وَغَيْرهَا. وَالله أَعْلَم. فتح الباري (ج 4 / ص 404)

(20)

(خ) 1274 ، (م) 2372

(21)

(حم) 10917 ، (ك) 4107

(22)

أَيْ: هناك.

(23)

(خ) 3226 ، (م) 2372

(24)

وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ قَبْرٍ بِأَريحَاءَ عِنْدَهُ كَثِيبٌ أَحْمَرُ أَنَّهُ قَبْرُ مُوسَى، وَأَريحَاءُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَوَلَّوْا دَفْنَ مُوسَى وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. فتح الباري (ج10ص204)

(25)

(خ) 1274 ، (م) 2372

(26)

أَيْ: ملك الموت.

(27)

(ك) 4107 ، (حم) 10917

(28)

قَالَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ: أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُبْتَدَعَةِ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَقَالُوا: إِنْ كَانَ مُوسَى عَرَفَهُ ، فَقَدْ اِسْتَخَفَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْهُ فَكَيْفَ لَمْ يُقْتَصَّ لَهُ مِنْ فَقْءِ عَيْنِهِ؟ ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْ مَلَكَ الْمَوْتِ لِمُوسَى وَهُوَ يُرِيدُ قَبْضَ رُوحِهِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا بَعَثَهُ إِلَيْهِ اِخْتِبَارًا ، وَإِنَّمَا لَطَمَ مُوسَى مَلَكَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ رَأَى آدَمِيًّا دَخَلَ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، وَقَدْ أَبَاحَ الشَّارِعُ فَقْءَ عَيْنِ النَّاظِرِ فِي دَارِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ إِذْنٍ ، وَقَدْ جَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِلَى لُوطٍ فِي صُورَةِ آدَمِيِّينَ فَلَمْ يَعْرِفَاهُمْ اِبْتِدَاءً وَلَوْ عَرَفَهُمْ إِبْرَاهِيمُ لَمَا قَدَّمَ لَهُمْ الْمَأكُولَ، وَلَوْ عَرَفَهُمْ لُوطٌ لَمَا خَافَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ.

وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ عَرَفَهُ ، فَمِنْ أَيْنَ لِهَذَا الْمُبْتَدِعِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْبَشَرِ؟ ، ثُمَّ مِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ طَلَبَ الْقِصَاصَ مِنْ مُوسَى ، فَلَمْ يَقْتَصَّ لَهُ؟.

وَزَادَ الْخَطَّابِيُّ: أَنَّ مُوسَى دَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا رُكِّبَ فِيهِ مِنْ الْحِدَّةِ، وَأَنَّ اللهَ رَدَّ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ لِيَعْلَمَ مُوسَى أَنَّهُ جَاءَهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، فَلِهَذَا اِسْتَسْلَمَ حِينَئِذٍ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا لَطَمَهُ لِأَنَّهُ جَاءَ لِقَبْضِ رُوحِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخَيِّرَهُ، لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ، فَلِهَذَا لَمَّا خَيَّرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَذْعَنَ.

وَفِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّهُ يَعُودُ أَصْلُ السُّؤَالِ ، فَيُقَالُ: لِمَ أَقْدَمَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى قَبْضِ نَبِيِّ اللهِ ، وَأَخَلَّ بِالشَّرْطِ؟.

فَيَعُودُ الْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ اِمْتِحَانًا ، وَرَدَّ اللهُ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عَيْنَهُ الْبَشَرِيَّةَ ، لِيَرْجِعَ إِلَى مُوسَى عَلَى كَمَالِ الصُّورَةِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَقْوَى فِي اِعْتِبَارِهِ.

وَفِيهِ أَنَّ الْمَلَكَ يَتَمَثَّلُ بِصُورَةِ الْإِنْسَانِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ.

وَفِيهِ فَضْلُ الدَّفْنِ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. فتح الباري (ج10ص204)

ص: 131

(خ م ت حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ (1) امْرَأَةٍ ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا ، وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا (2)) (3)(وَلَا آخَرُ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا ، وَلَمَّا يَرْفَعْ سَقْفَهَا ، وَلَا آخَرُ قَدْ اشْتَرَى غَنَمًا ، أَوْ خَلِفَاتٍ (4) وَهُوَ مُنْتَظِرٌ وِلَادَهَا، قَالَ: فَغَزَا ، فَأَدْنَى لِلْقَرْيَةِ (5) حِينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأمُورَةٌ ، وَأَنَا مَأمُورٌ ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا ، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا) (6)(- وَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ سُودِ الرُّءُوسِ مِنْ قَبْلِكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأكُلُهَا -)(7)(فَجَاءَتْ النَّارُ لِتَأكُلَهَا ، فَلَمْ تَطْعَمْهَا، فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا (8) فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ) (9)(فَبَايَعُوهُ، فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمْ الْغُلُولُ، فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَبَايَعَتْهُ فَلَصِقَتْ بِيَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَقَالَ: فِيكُمْ الْغُلُولُ ، أَنْتُمْ غَلَلْتُمْ، قَالَ: فَأَخْرَجُوا لَهُ مِثْلَ رَأسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَوَضَعُوهُ فِي الْمَالِ وَهُوَ بِالصَّعِيدِ (10) فَأَقْبَلَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ، فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ تبارك وتعالى رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا) (11)(فَأَحَلَّهَا)(12)(وَطَيَّبَهَا لَنَا ")(13)

(1)(الْبُضْع) بِضَمِّ الْبَاء: فَرْج الْمَرْأَة.

(2)

البناء: الدخول بالزوجة.

(3)

(خ) 2956

(4)

(الْخَلِفَات) هِيَ الإبل الْحَوَامِل.

(5)

أَيْ: قَرُبَ ، مَعْنَاهُ: أَدْنَى جُيُوشه وَجُمُوعه لِلْقَرْيَةِ. شرح النووي (6/ 192)

(6)

(م) 32 - (1747) ، (خ) 2956 ، (حم) 8221

(7)

(ت) 3085 ، (حم) 7427 ، صحيح الجامع: 5196 ، الصَّحِيحَة: 2155

(8)

الغلول: الخيانة والسرقة.

(9)

(خ) 2956

(10)

الصعيد: المكان المستوي الواسع.

(11)

(حم) 8221 ، (خ) 2956

(12)

(خ) 2956

(13)

(حم) 8221 ، (م) 32 - (1747) ، (حب) 4808

ص: 132

(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ ، إِلَّا لِيُوشَعَ ، لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. (1)

(1)(حم) 8298 ، الخطيب (9/ 99)، ابن عساكر (21/ 229)، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5612 ، الصحيحة: 202 ، 2226

ص: 133

(ت)، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَانَ دَاوُدُ عليه السلام أَعْبَدَ الْبَشَرِ "(1)

(1)(ت) 3490 ، (ك) 3621 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 4453 ، الصَّحِيحَة: 707

ص: 134

(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ ، صِيَامُ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَصُومُ يَوْمًا ، وَيُفْطِرُ يَوْمًا ، وَأَحَبُّ الصَلَاةِ إِلَى اللهِ صَلَاةُ دَاوُدَ ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ (1)) (2)(وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى ")(3)

(1) قَالَ الْمُهَلَّب: كَانَ دَاوُدَ عليه السلام يُجِمّ نَفْسه بِنَوْمٍ أَوَّل اللَّيْل ، ثُمَّ يَقُوم فِي الْوَقْت الَّذِي يُنَادِي اللهِ فِيهِ: هَلْ مِنْ سَائِل فَأُعْطِيَهُ سُؤْله، ثُمَّ يَسْتَدِرْك بِالنَّوْمِ مَا يَسْتَرِيح بِهِ مِنْ نَصَب الْقِيَام فِي بَقِيَّة اللَّيْل، وَهَذَا هُوَ النَّوْم عِنْد السَّحَر كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّف وَإِنَّمَا صَارَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَة أَحَبّ ، مِنْ أَجْل الْأَخْذ بِالرِّفْقِ لِلنَّفْسِ الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا السَّآمَة، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللهَ لَا يَمَلّ حَتَّى تَمَلُّوا " ، وَاللهُ أَحَبَّ أَنْ يُدِيم فَضْله وَيُوَالِي إِحْسَانه، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَرْفَق ، لِأَنَّ النَّوْم بَعْد الْقِيَام يُرِيح الْبَدَن ، وَيُذْهِب ضَرَر السَّهَر ، وَذُبُول الْجِسْم ، بِخِلَافِ السَّهَر إِلَى الصَّبَاح ، وَفِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَة أَيْضًا: اِسْتِقْبَال صَلَاة الصُّبْح وَأَذْكَار النَّهَار بِنَشَاطٍ وَإِقْبَال، وَأَنَّهُ أَقْرَب إِلَى عَدَم الرِّيَاء ، لِأَنَّ مَنْ نَامَ السُّدُس الْأَخِير أَصْبَحَ ظَاهِر اللَّوْن سَلِيم الْقُوَى ، فَهُوَ أَقْرَب إِلَى أَنْ يُخْفِي عَمَله الْمَاضِي عَلَى مَنْ يَرَاهُ ، وقَوْل عَائِشَة رضي الله عنها:" مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا "، أَرَادَ الْبُخَارِيّ بِذَلِكَ بَيَان الْمُرَاد بِقَوْلِهِ:" وَيَنَام سُدُسه "، أَيْ: السُّدُس الْأَخِير، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يُوَافِق ذَلِكَ حَدِيث عَائِشَة ، أَيْ:" لَمْ يَجِئ السَّحَرُ وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عِنْدِي إِلَّا وَجَدَهُ نَائِمًا ". (فتح الباري)(10/ 217)

(2)

(خ) 3238 ، (م) 189 - (1159) ، (س) 1630 ، (حم) 6491

(3)

(خ) 1876 ، (م) 186 - (1159) ، (ت) 770

ص: 135

(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ عليه السلام الْقِرَاءَةُ ، فَكَانَ يَأمُرُ بِدَابَّتِهِ فَتُسْرَجُ ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَابَّتُهُ ، وَكَانَ لَا يَأكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ "(1)

(1)(حم) 8145 ، (خ) 4436 ، 3235

ص: 136

(خ م س)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" خَرَجَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا صَبِيَّانِ لَهُمَا ، فَعَدَا الذِّئْبُ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ وَلَدَهَا)(1)(فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ، وَقَالَتْ الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عليه السلام فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه السلام فَأَخْبَرَتَاهُ ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ)(2)(أَقْطَعُهُ)(3)(بَيْنَكُمَا)(4)(نِصْفَيْنِ، لِهَذِهِ نِصْفٌ، وَلِهَذِهِ نِصْفٌ فَقَالَتْ الْكُبْرَى: نَعَمْ ، اقْطَعُوهُ ، وَقَالَتْ الصُّغْرَى: لَا تَقْطَعْهُ)(5)(يَرْحَمُكَ اللهُ ، هُوَ ابْنُهَا)(6)(فَقَالَ: هُوَ ابْنُكِ)(7)

(فَقَضَى بِهِ لِلَّتِي أَبَتْ أَنْ يَقْطَعَهُ ")(8)(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلَّا يَوْمَئِذٍ ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا الْمُدْيَةَ)(9).

(1)(س) 5402 ، (خ) 3244

(2)

(م) 20 - (1720) ، (خ) 6387

(3)

(س) 5403

(4)

(م) 20 - (1720)

(5)

(س) 5403

(6)

(خ) 3244

(7)

(س) 5402 ، (خ) 3244

(8)

(س) 5403 ، (خ) 3244

(9)

(خ) 3244 ، (م) 20 - (1720) ، (حم) 8263

ص: 137

(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" كَانَ لِنَبِيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه السلام)(1)(مِائَةُ امْرَأَةٍ)(2)(فَقَالَ: لَأَطُوفَنَّ (3) اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي ، فَلَتَحْمِلْنَّ) (4) (كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ) (5) (وَلَتَلِدَنَّ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ) (6) (فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ) (7)(فَطَافَ عَلَيْهِنَّ (8) جَمِيعًا ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ ، جَاءَتْ) (9) (بِنِصْفِ إِنْسَانٍ) (10) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوَ قَالَ إِنْ شَاءَ اللهُ) (11)(لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا)(12)(وَلَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ)(13)

(أَجْمَعُونَ (14) ") (15)

(1)(خ) 7031

(2)

(خ) 4944

(3)

كناية عن الجماع.

(4)

(خ) 7031

(5)

(م) 1654

(6)

(خ) 7031

(7)

(خ) 4944

(8)

أَيْ: جَامَعَهُنَّ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 186)

(9)

(خ) 6263

(10)

(خ) 4944

(11)

(خ) 6263

(12)

(خ) 7031

(13)

(خ) 3242

(14)

قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَوْلُهُ " لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللهُ "، قِيلَ: هُوَ خَاصٌّ بِسُلَيْمَانَ عليه السلام وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ " إِنْ شَاءَ اللهُ " ، حَصَلَ مَقْصُودُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَهَا وَقَعَ مَا أَرَادَ ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عليه السلام قَالَهَا عِنْدَمَا وَعَدَ الْخَضِرَ أَنْ يَصْبِرُ عَمَّا يَرَاهُ مِنْهُ ، وَلَا يَسْأَلْهُ عَنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَصْبِرْ ، كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:" لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ ، حَتَّى يَقُصَّ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِمَا " ، وَقَدْ قَالَهَا الذَّبِيحُ ، فَوَقَعَ فِي قَوْلِهِ عليه السلام:{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ الصَّابِرِينَ} فَصَبَرَ حَتَّى فَدَاهُ اللهُ بِالذَّبْحِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 186)

(15)

(خ) 6263

ص: 138

(د)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" قَدِمَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَفِي سَهْوَتِهَا (1) سِتْرٌ، فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لُعَبٍ لِي، فَقَالَ: " مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ " ، قُلْتُ: بَنَاتِي ، " وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟ " قُلْتُ: فَرَسٌ، قَالَ: " وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟ " ، قُلْتُ: جَنَاحَانِ، قَالَ: " فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟ " ، قُلْتُ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟، قَالَتْ: " فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَه (2) " (3)

(1) أَيْ: صُفَّتهَا قُدَّام الْبَيْت ، وَقِيلَ: بَيْت صَغِير مُنْحَدِر فِي الْأَرْض قَلِيلًا شَبِيه بِالْمَخْدَعِ، وَقِيلَ: هُوَ شَبِيه بِالرَّفِّ وَالطَّاق يُوضَع فِيهِ الشَّيْء. عون (10/ 463)

(2)

النواجذ: هي أواخُر الأسنان ، وقيل: التي بعد الأنياب.

(3)

(د) 4932 ، انظر المشكاة: 3265 ، وآداب الزفاف ص203

ص: 139

(خ م حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ: أَسَرَقْتَ؟، قَالَ: كَلَّا، وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)(1)(مَا سَرَقْتُ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللهِ وَكَذَّبْتُ بَصَرِي ")(2)

(1)(خ) 3260 ، (م) 149 - (2368)

(2)

(حم) 8961 ، (خ) 3260 (م) 149 - (2368) ، (س) 5427

ص: 140

(حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا قَدْ أَخْطَأَ ، أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ، لَيْسَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا "(1)

(1)(حم) 2689 ، (ك) 4149 ، انظر الصَّحِيحَة: 2984

ص: 141

(يع طب)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّ أَيُّوبَ نَبِيَّ اللهِ عليه السلام لَبِثَ بِهِ بَلاؤُهُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ ، إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ إِخْوَانِهِ ، كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخْوَانِهِ، كَانَا يَغْدُوَانِ (1) إِلَيْهِ وَيَرُوحَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَاتَ يَوْمٍ: تَعْلَمُ وَاللهِ ، لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: وَمَا ذَاكَ؟ ، قَالَ: مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرحَمْهُ اللهُ فَيَكْشِفَ مَا بِهِ، فَلَمَّا رَاحَا إِلَى أَيُّوبَ ، لَمْ يَصْبِرِ الرَّجُلُ حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ أَيُّوبُ: مَا أَدْرِي مَا تَقُولَانِ ، غَيْرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَمُرُّ بِالرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ ، فَيَذْكُرَانِ اللهَ، فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللهُ إِلَّا فِي حَقٍّ ، قَالَ: وَكَانَ أَيُّوبُ يَخْرُجُ لِحَاجَتِهِ، فَإِذَا قَضَى حَاجَتَهُ ، أَمْسَكَتِ امْرَأَتُهُ بِيَدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَبْطَأَ عَلَيْهَا، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى أَيُّوبَ أَنِ:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} (2) فَاسْتَبْطَأَتْهُ ، فَبَلَغَتْهُ تَنْظُرُ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا قَدْ أَذْهَبَ اللهُ مَا بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ ، فَهو أَحْسَنُ مَا كَانَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: أَيْ بَارِكَ اللهُ فِيكَ، هَلْ رَأَيْتَ نَبِيَّ اللهِ هَذَا الْمُبْتَلَى؟) (3)(وَاللهِ عَلَى ذَلِكَ ، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إِذْ كَانَ صَحِيحًا ، قَالَ: فَإِنِّي أَنَا هو، وَكَانَ لَهُ أَنْدَرَانِ (4): أَنْدَرُ الْقَمْحِ، وَأَنْدَرُ الشَّعِيرِ، فَبَعَثَ اللهُ سَحَابَتَيْنِ، فَلَمَّا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى أَنْدَرِ الْقَمْحِ ، أَفْرَغَتْ فِيهِ الذَّهَبَ حَتَّى فَاضَ، وَأَفْرَغَتِ الْأُخْرَى عَلَى أَنْدَرِ الشَّعِيرِ الْوَرِقَ حَتَّى فَاضَ ") (5)

(1) الغُدُو: السير أول النهار.

(2)

[ص/42]

(3)

الطبراني في الأحاديث الطوال ج 1/ ص 284 ح40

(4)

أي: بيدران.

(5)

(يع) 3617 ، (حب) 2898 ، (ك) 4115 ، انظر الصَّحِيحَة: 17

وقال الألباني: وهذا الحديث مما يدل على بطلان الحديث الذي في الجامع الصغير بلفظ: أبى الله أن يجعل للبلاء سلطانا على عبده المؤمن. الضعيفة 471. أ. هـ

ص: 142

(خ س حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" بَيْنَمَا أيُّوبُ عليه السلام يَغْتَسِلُ عُرْيَاناً ، خَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ عز وجل: يَا أيُّوبُ، أَلَمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟)(1)(أَلَمْ يَكْفِكَ مَا أَعْطَيْنَاكَ؟)(2)(قَالَ: بَلَى يَارَبِّ ، وَلَكِنْ لَا غِنَى لِي عَنْ)(3)(بَرَكَاتِكَ)(4) وفي رواية: (عَنْ فَضْلِكَ ")(5)

(1)(خ) 275 ، (س) 409

(2)

(حم) 7307 ، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

(3)

(خ) 3211

(4)

(س) 409 ، (خ) 275

(5)

(حم) 7307 ، (حب) 6230

ص: 143

(ت حم)، عَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ)(1) وفي رواية: (الْفَجْرَ)(2)(أَيَّامَ حُنَيْنٍ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِشَيْءٍ)(3)(لَمْ نَكُنْ نَرَاهُ يَفْعَلُهُ)(4)(قَبْلَ ذَلِكَ ")(5)(فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ)(6)(إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ الْعَصْرَ هَمَسْتَ)(7)(فَمَا هَذَا الَّذِي تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ؟)(8)(قَالَ: " إِنِّي قَدْ ذَكَرْتُ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ)(9)(فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، أَعْجَبَتْهُ كَثْرَةُ أُمَّتِهِ)(10)(فَقَالَ: مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلَاءِ؟ ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: أَنْ اخْتَرْ لِقَوْمِكَ إِحْدَى ثَلَاثٍ:)(11)(إِمَّا أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ ، أَوْ الْجُوعَ)(12)(وَإِمَّا أَنْ أُرْسِلَ عَلَيْهِمْ الْمَوْتَ)(13)(فَاسْتَشَارَ قَوْمَهُ فِي ذَلِكَ)(14)(فَقَالُوا: أَمَّا الْعَدُوُّ فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ ، وَأَمَّا الْجُوعُ فَلَا صَبْرَ لَنَا عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ الْمَوْتُ)(15)(قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَسُلِّطَ عَلَيْهِمْ الْمَوْتُ)(16)(فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَنَا أَقُولُ الْآنَ حَيْثُ أَرَى كَثْرَتَكُمْ:)(17)(اللَّهُمَّ بِكَ أَحُولُ ، وَبِكَ أَصُولُ ، وَبِكَ أُقَاتِلُ ")(18)(وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ")(19)

(1)(ت) 3340

(2)

(حم) 18960 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(3)

(حم) 18953 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(4)

(حم) 18960

(5)

(حم) 18953

(6)

(حم) 18960

(7)

(ت) 3340

(8)

(حم) 18960

(9)

(حم) 18957 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(10)

(حم) 18960

(11)

(حم) 23972 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(12)

(حم) 18953

(13)

(حم) 18960

(14)

(حم) 18957

(15)

(حم) 18960

(16)

(حم) 18957

(17)

(حم) 18960 ، (ت) 3340

(18)

(حم) 23973 ، انظر الصَّحِيحَة: 2459

ثم قال الشيخ الألباني: (تنبيه): جاء في " الأذكار " للإمام النووي ما نصه: " وذكر الإمام أبو محمد القاضي حسين من أصحابنا رحمه الله في كتابه " التعليق في المذهب " قال: " نظر بعض الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إلى قومه يوما ، فاستكثرهم وأعجبوه، فمات منهم في ساعة سبعون ألفا، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه: إنك عِنْتهم (أصبتهم بالعين)! ، ولو أنك إذا عِنتهم حصنتهم لم يهلكوا، قال: وبأي شيء أحصنهم؟ فأوحى الله تعالى إليه: تقول: حصنتهم بالحي القيوم الذي لَا يموت أبدا، ودفعت عنكم السوء بلا حول ولا قوة إِلَّا بالله العلي العظيم ".

فأقول: وهو بهذا السياق منكر عندي ، لأنه يخالف الرواية الصحيحة المتقدمة من وجوه لَا تخفى، والعجيب أن النووي قال عقبه:" قال المعلق عن القاضي حسين: وكان عادة القاضي رحمه الله إذا نظر إلى أصحابه فأعجبه سمتهم وحسن حالهم حصنهم بهذا المذكور ".

قلت: فسكت عليه النووي، فكأنه أقرَّه واستحسنه، ولو كان هذا حديثا ضعيفا لقلنا: إنه حمله على ذلك قوله:" يُعْمَل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال " فكيف وهو لم يذكره حديثا مرفوعا ، ولو ضعيفا؟ ، فكيف وهو مخالف للحديث الصحيح؟ ، أفليس هذا من شؤم القول المذكور؟ ، يحملهم على العمل حتى بما لَا أصل له من الحديث؟ ، بلى ، فهل من معتبر؟. أ. هـ

(19)

(حم) 18957 ، (حب) 1972 ، انظر الصحيحة: 1061

ص: 144

(د)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا أَدْرِي ، أَتُبَّعٌ لَعِينٌ هُوَ أَمْ لَا؟، وَمَا أَدْرِي ، أَعُزَيْرٌ نَبِيٌّ هُوَ أَمْ لَا؟ "(1)

(1)(د) 4674

ص: 145

(حم)، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَسُبُّوا تُبَّعًا ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ "(1)

(1)(حم) 22931 ، (طس) 1419 ، صَحِيح الْجَامِع: 7319 ، الصَّحِيحَة: 2423

ص: 146

(ك) ، وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ تُبَّعٌ رَجُلًا صَالِحًا، أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ عز وجل ذَمَّ قَوْمَهُ وَلَمْ يَذُمَّهُ؟. (1)

(1)(ك) 3681 ، انظر الصَّحِيحَة تحت حديث: 2423

ص: 147