المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نزول الملائكة للقتال يوم بدر - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌تَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ بِالطِّيبِ وَالْبَخُور

- ‌تَطَيُّبُ الْمَرْأَة خَارِج بَيْتهَا

- ‌مَلَابِسُ الْمَرْأَةِ الْمُحِدَّة وتَطَيُّبُهَا

- ‌تَطْيِيبُ مَوْضِعِ الدَّمِ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ غَيْرِ الْمُحْرِمَة

- ‌الِاكْتِحَالُ وِتْرًا لِلزِّينَةِ

- ‌التَّزَيُّنُ بِحَمْلِ الْعَصَا

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْم

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْر

- ‌إِعَارَة مَا يُتَزَيَّن بِهِ

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الزِّينَةِ وَالْعَكْس

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ فِي زِينَتِهمْ

- ‌السَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَرِ لِلْمَسَاجِدِ الثَلَاثَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَة

- ‌اشْتِرَاطُ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ فِي سَفَرِ الْمَرْأَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَةِ لِلْحَجّ

- ‌آدَابُ السَّفَر

- ‌آدَابُ قَبْلِ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ كِتَابَةُ الْوَصِيَّة

- ‌إِشْهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرهمْ

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَأمِينُ نَفَقَةِ الْأَهْل

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ الِاسْتِخَارَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ اِخْتِيَار الصُّحْبَة الصَّالِحَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَشْييعُ الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَوْدِيعُ الْمُسَافِر

- ‌السَّفَرُ يَوْمَ الْخَمِيس

- ‌السَّفَرُ أَوَّلَ النَّهَار

- ‌الْآدَابُ أَثْنَاءَ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ تَعْيِينُ أَمِير

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الْأَذْكَار

- ‌دُعَاءُ رُكُوبِ الدَّابَّة

- ‌دُعَاء السَّفَر

- ‌التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ فِي السَّفَرِ (كُلَّمَا صَعِدَ شَرَفًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا)

- ‌إِذَا نَزَلَ الْمُسَافِرُ مَنْزِلًا

- ‌دُعَاءُ دُخُولُ الْقَرْيَة

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ مُسَاعَدَةُ الرُّفَقَاءِ

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرِّفْقُ بِالضُّعَفَاءِ فِي السَّيْر

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرَّحْمَةُ بِالدَّابَّةِ

- ‌عَدَمُ تَعْلِيقِ الْجَرَسِ فِي الدَّابَّة

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ اِخْتِيَارُ مَكَانٍ لِلنُّزُول

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ الْحِرَاسَة (تَوْظِيفُ حَارِس)

- ‌حُكْمُ السَّيْرُ لَيْلًا

- ‌الْإسْرَاعُ عِنْدَ الْمُرُورِ بِأَرْضِ الْمُعَذَّبِين

- ‌آدَابُ بَعْدَ السَّفَر (عِنْدَ الْقُدُوم)

- ‌مِنْ آدَابِ بَعْدِ السَّفَرِ التَّعْجِيلُ إِلَى الْأَهْل

- ‌عَدَمُ طُرُوقِ الْآتِي مِنْ السَّفَرِ أَهْلَهُ لَيْلًا

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ تَلَقِّي الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ الِابْتِدَاءُ بِالْمَسْجِدِ وصَلَاةُ رَكْعَتَيْن

- ‌اِعْتِنَاقُ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ وَتَقْبِيلُه

- ‌ السِّيَرِ وَالْمَنَاقِب

- ‌سِيَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌سِيَرُ الْأُمَمِ السَّابِقَة

- ‌سِيرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَبْشِيرُ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌انْتِظَارُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ ظُهُورَه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ السَّابِقَة

- ‌أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَسَبُهُ الشَّرِيفُ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَارِيخُ مِيلَادِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ فِي مَكَّة

- ‌سِيرَتُهُ قَبْلَ الْبِعْثَة

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ يَوَمَ مَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُرْضِعَاتُه صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَاتُهُ الْخَلْقِيَّة صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ مِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شَقُّ الصَّدْر

- ‌رَعْيُ الْغَنَم

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى الرَّاهِب

- ‌تَسْلِيمُ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ فِي سَلَامَةِ فِطْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دَنَسِ الشِّرْك قَبْلَ البِعْثَة

- ‌عِصْمَتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ ضَلَالَاتِ الْجَاهِلِيَّة

- ‌تَوْفِيقُ اللهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌مَا جَاءَ فِي رَجَاحَةِ عَقْلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شُهُودُهُ صلى الله عليه وسلم حِلْفَ الْفُضُول

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌جَهْلُ العَرَبِ وَضَلَالُ البَشَرِيَّةِ قَبْلَ بِعْثَتِه صلى الله عليه وسلم

- ‌سِنُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ والْمُدَّةُ الَّتِي قَضَاهَا فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّه

- ‌وَقْتُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌طَرِيقَةُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شِدَّةُ الْوَحْيِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ عِنْدَ بِعْثَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَرْحَلَةُ الدَّعْوَةِ السِّرِّيِّة

- ‌أَوَّلُ مَنْ أَسْلَم

- ‌بَدْءُ الدَّعْوَةِ الْجَهْرِيِّة

- ‌مَا جَاءَ فِي جُحُودِ الْكُفَّارِ بِدَعْوَتِهِ صلى الله عليه وسلم رَغْمَ إقْرَارِهِمْ بِصِدْقِهَا

- ‌الْفُقَرَاءُ هُمْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ فِي بِدَايَةِ الدَّعْوَة

- ‌تَمَسُّكُهُ صلى الله عليه وسلم بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَرَفْضُهُ التَّنَازُلَ عَنْهَا مَهْمَا كَانَ الْمُقَابِل

- ‌طَلَبُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الْآيَاتِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُجَادَلَتُهُمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌إيذَاءُ الْكُفَّارِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل

- ‌دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ لَمَّا كُذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْه

- ‌تَعْذِيبُ قُرَيْشٍ لِمَنْ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ آمَنَ بِهِ أَنْ يُهَاجِرَ إلَى الْحَبَشَة

- ‌إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌حِصَارُ قُرَيْشٍ لِمَنَ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِعْبِ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها

- ‌رِحْلَتُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِف

- ‌دُخُولُهُ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الطَّائِفِ فِي جِوَارِ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ

- ‌مَا جَاءَ فِي رِحْلَةِ الْإسْرَاءِ وَالْمِعْرَاج

- ‌طَلَبُهُ صلى الله عليه وسلم النُّصْرَةَ مِنَ الْقَبَائِلِ فِي مَوَاسِمِ الْحَجّ

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَى

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة

- ‌هِجْرَتُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَة

- ‌صُعُوبَةُ فُقْدَانِ الْوَطَنِ وَحَنِينُ الْمُهَاجِرِينَ لِمَكَّة

- ‌مَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا اسْتَقَرَّ بِالْمَدِينَة

- ‌بِنَاء الْمَسْجْدِ النَّبَويّ

- ‌الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار

- ‌تَضْحِيَةُ الْأَنْصَارِ بِأَمْوَالِهِمْ لِإخْوَانِهِمْ الْمُهَاجِرِين

- ‌تَحْوِيلُ الْقِبْلِةِ إِلَى الْكَعْبَة

- ‌غَزْوَةُ الْعُشَيْر

- ‌غَزْوَةُ بَدْر

- ‌فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِين

- ‌عَدَدُ الصَّحَابَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْر

- ‌أَسْبَابُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌أَحْدَاثُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ لِلْقِتَالِ يَوْمَ بَدْر

- ‌مَا حَدَثَ لِبَعْضِ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْر

- ‌سَرِيَّةُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِت رضي الله عنه

- ‌إِجْلَاءُ بَنِي قَيْنُقَاع

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَف

- ‌غَزْوَةُ أُحُد

- ‌غَزْوَةُ حَمْرَاءِ الْأَسَد

- ‌إِجْلَاء بَنِي النَّضِير

- ‌مُحَاوَلَةُ الْمُنَافِقِينَ تَثْبِيتَ يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ وَحَضِّهِمْ عَلَى عَدَمِ الْجَلَاء

- ‌حَادِثَةُ بِئْرِ مَعُونَة

- ‌غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِق (الْمُرَيْسِيع)

- ‌مَا حَدَثَ بَعْدَ الْغَزْوَة

الفصل: ‌نزول الملائكة للقتال يوم بدر

‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ لِلْقِتَالِ يَوْمَ بَدْر

قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ ، فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا ، سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (1)

(خ)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ (2): " هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأسِ فَرَسِهِ ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ (3) "(4)

(1)[الأنفال/12]

(2)

(تَنْبِيه): وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ وَالْأَصِيلِيِّ (ح3185): " قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْم أُحُد: هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأسِ فَرَسه " الْحَدِيث، وَهُوَ وَهُمْ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ فِي " بَابِ شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا " ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا أَبُو ذَرٍّ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ مُتْقِنِي رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ، وَلَا اسْتَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، وَلَا أَبُو نُعَيْمٍ.

ثَانِيهمَا: أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي هَذَا الْمَتْن يَوْمَ بَدْرٍ ، لَا يَوْمَ أُحُدٍ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ. فتح الباري (ج 11 / ص 373)

(3)

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيّ الدِّين السُّبْكِيّ: سُئِلْتُ عَنْ الْحِكْمَة فِي قِتَالِ الْمَلَائِكَةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَنَّ جِبْرِيلَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْكُفَّارَ بِرِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِه.

فَقُلْت: وَقَعَ ذَلِكَ لِإِرَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِه، وَتَكُونَ الْمَلَائِكَةُ مَدَدًا عَلَى عَادَةِ مَدَدِ الْجُيُوش ، رِعَايَةً لِصُورَةِ الْأَسْبَابِ وَسُنَّتِهَا الَّتِي أَجْرَاهَا اللهُ تَعَالَى فِي عِبَادَة، وَاللهُ تَعَالَى هُوَ فَاعِل الْجَمِيع ،وَاللهُ أَعْلَم. فتح (ج11ص327)

(4)

(خ) 3773

ص: 417

(حم)، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيَ وَلِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَ بَدْرٍ: " مَعَ أَحَدِكُمَا جِبْرِيلُ ، وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ ، وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ ، يَشْهَدُ الْقِتَالَ "(1)

(1)(حم) 1256 ، انظر الصَّحِيحَة: 3241

ص: 418

(حم)، وَعَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمَازِنِيِّ رضي الله عنه وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا - قَالَ: إِنِّي لَأَتْبَعُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِأَضْرِبَهُ ، إِذْ وَقَعَ رَأسُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ قَتَلَهُ غَيْرِي. (1)

(1)(حم) 23829 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

ص: 419

(يع)، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: أُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه يَوْمَ بَدْرٍ ، فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ (1) عَلَى وَجْنَتِهِ (2) فَأَرَادُوا أَنْ يَقْطَعُوهَا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" لَا، فَدَعَا بِهِ فَغَمَزَ (3) حَدَقَتَهُ بِرَاحَتِهِ "، فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيَّ عَيْنَيْهِ أُصِيبَتْ. (4)

(1) الحدقة: سواد مستدير وسط العين.

(2)

الوجنة: أعلى الخد.

(3)

الغمز: الضغط باليد.

(4)

(يع) 1549 ، صححه الألباني في كتاب: بداية السول في تفضيل الرسول ص41

ص: 420

(خ م د حم)، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:(أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيْ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَفِينَا أُنْزِلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (1) قَالَ: هُمْ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ) (2)(عَلِيٌّ ، وَحَمْزَةُ ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ)(3)(لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَبَّرُ عَنْ بَدْرٍ ، فَلَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَقْبَلُوا سَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ " - وَبَدْرٌ بِئْرٌ - فَسَبَقَنَا الْمُشْرِكُونَ إِلَيْهَا ، فَوَجَدْنَا فِيهَا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ ، رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ ، وَمَوْلًى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ، فَأَمَّا الْقُرَشِيُّ فَانْفَلَتَ ، وَأَمَّا مَوْلَى عُقْبَةَ فَأَخَذْنَاهُ ، فَجَعَلْنَا نَقُولُ لَهُ: كَمْ الْقَوْمُ؟ ، فَيَقُولُ: هُمْ وَاللهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ ، شَدِيدٌ بَأسُهُمْ فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ ، حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: " كَمْ الْقَوْمُ؟ " ، قَالَ: هُمْ وَاللهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ ، شَدِيدٌ بَأسُهُمْ " فَجَهَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْبِرَهُ كَمْ هُمْ " ، فَأَبَى ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ: " كَمْ يَنْحَرُونَ مِنْ الْجُزُرِ؟ " ، فَقَالَ: عَشْرًا كُلَّ يَوْمٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْقَوْمُ أَلْفٌ ، كُلُّ جَزُورٍ وَتَبَعِهَا لِمِائَةٍ " ، ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَنَا مِنْ اللَّيْلِ طَشٌّ (4) مِنْ مَطَرٍ ، فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ (5) نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنْ الْمَطَرِ) (6)(وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ ، " إِلَّا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإنَّهُ)(7)(بَاتَ)(8)(تَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي)(9)(فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ، مَادًّا يَدَيْهِ ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ (10)" ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (11) فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ) (12) (قَالَ: فَلَمَّا أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ ، " نَادَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الصَلَاةَ عِبَادَ اللهِ " ، فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ ، " فَصَلَّى بِنَا ، وَحَرَّضَ عَلَى الْقِتَالِ ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ جَمْعَ قُرَيْشٍ تَحْتَ هَذِهِ الضِّلَعِ الْحَمْرَاءِ مِنْ الْجَبَلِ) (13)(ثُمَّ عَدَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صُفُوفَ أَصْحَابِهِ، وَفِي يَدِهِ قِدْحٌ (14) يَعْدِلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بِسَوَادِ بْنِ غَزِيَّةَ رضي الله عنه حَلِيفِ (15) بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ، وَهُوَ مُسْتَنْتِلٌ (16) مِنَ الصَّفِّ، " فَطَعَنَ رَسُولُ اللهِ فِي بَطْنِهِ بِالْقِدْحِ وَقَالَ: اسْتَوِ يَا سَوَادُ "، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْجَعْتَنِي، وَقَدْ بَعَثَكَ اللهُ بِالْعَدْلِ ، فَأَقِدْنِي، فَقال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اسْتَقِدْ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ طَعَنْتَنِي وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ، " فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَطْنِهِ وَقال: اسْتَقِدْ "، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَطْنَهُ) (17) (وقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ) (18) (فَقال: " مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ؟ " ، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، حَضَرَ مَا تَرَى، فَلَمْ آمَنِ الْقَتْلَ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ الْعَهْدِ بِكَ أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَكَ، " فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْرٍ ") (19) (فَلَمَّا دَنَا الْقَوْمُ مِنَّا وَصَافَفْنَاهُمْ ، إِذَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ يَسِيرُ فِي الْقَوْمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عَلِيُّ نَادِ لِي حَمْزَةَ - وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ - ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ يَأمُرُ بِخَيْرٍ ، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ " ، فَجَاءَ حَمْزَةُ ، فَقَالَ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَهُوَ يَنْهَى عَنْ الْقِتَالِ وَيَقُولُ لَهُمْ: يَا قَوْمُ ، إِنِّي أَرَى قَوْمًا مُسْتَمِيتِينَ ، لَا تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ يَا قَوْمِ ، اعْصِبُوهَا الْيَوْمَ بِرَأسِي ، وَقُولُوا: جَبُنَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ ، فَسَمِعَ ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ ، فَقَالَ: أَنْتَ تَقُولُ هَذَا؟ ، وَاللهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا لَأَعْضَضْتُهُ (20) قَدْ مَلَأَتْ رِئَتُكَ جَوْفَكَ رُعْبًا ، فَقَالَ عُتْبَةُ: إِيَّايَ تُعَيِّرُ يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ (21)؟ ، سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَيُّنَا الْجَبَانُ ، قَالَ: فَبَرَزَ عُتْبَةُ ، وَأَخُوهُ شَيْبَةُ ، وَابْنُهُ الْوَلِيدُ حَمِيَّةً ، فَقَالُوا: مَنْ يُبَارِزُ؟ ، فَخَرَجَ لَهُمْ فِتْيَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ) (22) (فَقَالَ عُتْبَةُ: مَنْ أَنْتُمْ؟ ، فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكُمْ ، إِنَّمَا أَرَدْنَا بَنِي عَمِّنَا) (23)(مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قُمْ يَا عَلِيُّ ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ ، وَقُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ")(24)(فَأَقْبَلَ حَمْزَةُ إِلَى عُتْبَةَ ، وَأَقْبَلْتُ إِلَى شَيْبَةَ)(25)(فَقَتَلَ اللهُ تَعَالَى عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ)(26)(وَاخْتُلِفَ بَيْنَ عُبَيْدَةَ وَالْوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ ، فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ، ثُمَّ مِلْنَا عَلَى الْوَلِيدِ فَقَتَلْنَاهُ ، وَاحْتَمَلْنَا عُبَيْدَةَ)(27)(وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأسِرُوهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا كُرْهًا)(28)(فَلَمَّا حَضَرَ الْبَأسُ يَوْمَ بَدْرٍ ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(29)(وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأسًا ، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ ")(30)(وَبَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ ، يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ ، وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ ، وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ ، فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " صَدَقْتَ ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ " ، فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ ، وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ)(31)(فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه أَسِيرًا ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ هَذَا وَاللهِ مَا أَسَرَنِي ، لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ (32) مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا ، عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ (33) مَا أُرَاهُ فِي الْقَوْمِ ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ:" اسْكُتْ ، فَقَدْ أَيَّدَكَ اللهُ تَعَالَى بِمَلَكٍ كَرِيمٍ "، قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: فَأَسَرْنَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: الْعَبَّاسَ ، وعَقِيلًا ، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ) (34) (" فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى (35)؟ " ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ ، هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ ، أَرَى أَنْ تَأخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً) (36) (فَيَكُونُ مَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ قُوَّةً لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلامِ ، فَيَكُونُونَ لَنَا عَضُدًا) (37) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ " ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ ، فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ - نَسِيبًا لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ) (38) (حَتَّى يَعْلَمَ اللهُ أَنَّهُ لَيْسَتْ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ ، فَإنَّ هَؤُلَاءِ صَنَادِيدُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ " فَهَوِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قَالَ عُمَرُ ، فَأَخَذَ مِنْهُمْ الْفِدَاءَ ") (39) (قَالَ عُمَرُ: فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً ، تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (40) (وَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ، تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ، لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (41) أَيْ: مِنْ الْفِدَاءِ ، ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمْ اللهُ الْغَنَائِمَ ، فَقَالَ:{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} (42) فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَهُشِمَتْ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأسِهِ ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا ، قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} (43) أي: بِأَخْذِكُمْ الْفِدَاءَ) (44).

(1)[الحج: 19]

(2)

(خ) 3747

(3)

(خ) 63 ، 3747

(4)

الطَّش من المطر: دون الوابل ، وفوق الرذاذ.

(5)

الحَجَف: جمع حجفة وهي التُّرس.

(6)

(حم) 948 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(7)

(حم) 1023 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(8)

(حم) 948

(9)

(حم) 1023

(10)

المنكب: مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد.

(11)

[الأنفال/9].

(12)

(م) 58 - (1763) ، (ت) 3081

(13)

(حم) 948

(14)

القِداح: السهام حين تبرى ، واحدتها قِدْح.

(15)

الحليف: المتعاهد والمتعاقد على التَّعاضُد والتَّساعُد والاتّفاق.

(16)

أَيْ: خارج.

(17)

معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني: 3133 ، (د) 5224 ، الصَّحِيحَة: 2835

(18)

(د) 5224

(19)

معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني: 3133

(20)

أَيْ: لقلت له: عُضَّ على كذا (شيء سيِّيء)، كقوله صلى الله عليه وسلم:" من تَعزَّى بعَزَاء الجاهلية ، فأعِضُّوه بِهَنِ أبيه ولا تَكْنُوا "

(21)

الاست: العَجُز ، والمؤخرة.

(22)

(حم) 948

(23)

(د) 2665

(24)

(حم) 948

(25)

(د) 2665

(26)

(حم) 948

(27)

(د) 2665

(28)

(حم) 676 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(29)

(حم) 1042 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(30)

(حم) 654 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(31)

(م) 58 - (1763)

(32)

الأجلح: الذي انحسر الشعر عن جانبي رأسه.

(33)

الأبلق: الذي به سواد وبياض.

(34)

(حم) 948

(35)

مشورة النبي لأصحابه في الأسرى ذكرها مسلم كما يبدو برواية معلقة ، لكن الألباني صححها في فقه السيرة ، ص 236

(36)

(م) 58 - (1763)

(37)

(حم) 208 ، (م) 58 - (1763)

(38)

(م) 58 - (1763)

(39)

(حم) 208 ، (م) 58 - (1763)

(40)

(م) 58 - (1763)

(41)

[الأنفال/67، 68]

(42)

[الأنفال/69]

(43)

[آل عمران/165]

(44)

(حم) 221 ، (م) 58 - (1763) ، انظر فقه السيرة ص236، والإرواء تحت حديث: 1218

ص: 421

(ت حب)، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:(" إِنَّ جِبْرَائِيلَ هَبَطَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: خَيِّرْ أَصْحَابَكَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ)(1)(إِنْ شَاءُوا الْقَتْلَ، وَإِنْ شَاءُوا الْفِدَاءَ (2) عَلَى أَنْ يُقْتَلَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ مِنْهُمْ (3) عِدَّتُهُمْ (4) " ، قَالُوا: الْفِدَاءُ، وَيُقْتَلُ مِنَّا عِدَّتُهُمْ) (5).

الشرح (6)

(1)(ت) 1567 ، (حب) 4795

(2)

الْمَعْنَى أَنَّكُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ تَقْتُلُوا الْأَسَارَى، وَلَا يَلْحَقُكُمْ ضَرَرٌ مِنْ الْعَدُوِّ وَبَيْنَ أَنْ تَأخُذُوا مِنْهُمْ الْفِدَاءَ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 232)

(3)

أَيْ: مِنْ الصَّحَابَةِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 232)

(4)

يَعْنِي بِعَدَدِ مَنْ يُطْلَقُونَ مِنْهُمْ، وَقَدْ قُتِلَ مِنْ الْكُفَّارِ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ ، وَأُسِرَ سَبْعُونَ تحفة الأحوذي (ج 4 / ص 232)

(5)

(حب) 4795 ، (ت) 1567 ، انظر صحيح موارد الظمآن: 1411 ، المشكاة (3973 / التحقيق الثاني)

(6)

إِنَّمَا اِخْتَارُوا ذَلِكَ رَغْبَةً مِنْهُمْ فِي إِسْلَامِ أَسَارَى بَدْرٍ، وَفِي نَيْلِهِمْ دَرَجَةَ الشَّهَادَةِ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ ، وَشَفَقَةً مِنْهُمْ عَلَى الْأَسَارَى بِمَكَانِ قَرَابَتِهِمْ مِنْهُمْ.

وقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مُشْكِلٌ جِدًّا ، لِمُخَالَفَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ وَلِمَا صَحَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي أَمْرِ أَسَارَى بَدْرٍ أَنَّ أَخْذَ الْفِدَاءِ كَانَ رَأيًا رَأَوْهُ ، فَعُوتِبُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ تَخْيِيرٌ بِوَحْيٍ سَمَاوِيٍّ ، لَمْ تَتَوَجَّهْ الْمُعَاتَبَةُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} إِلَى قَوْلِهِ {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وَأَظْهَرَ لَهُمْ شَأنَ الْعَاقِبَةِ بِقَتْلِ سَبْعِينَ مِنْهُمْ بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} وَمِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ هَذَا التَّأوِيلُ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَلَعَلَّ عَلِيًّا ذَكَرَ هُبُوطَ جِبْرِيلَ فِي شَأنِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيَانِهَا ، فَاشْتَبَهَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ.

وَمِمَّا جَرَّأَنَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ ، فَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، وَالسَّمْعُ قَدْ يُخْطِئُ، وَالنِّسْيَانُ كَثِيرًا يَطْرَأُ عَلَى الْإِنْسَانِ، ثُمَّ إِنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ عَنْهُ مُتَّصِلًا ، وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ مُرْسَلًا، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الْقَوْلَ لِظَاهِرِهِ.

وقَالَ الطِّيبِيُّ: أَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْحَدِيثِ وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَالِامْتِحَانِ ، وَللهِ أَنْ يَمْتَحِنَ عِبَادَهُ بِمَا شَاءَ، اِمْتَحَنَ اللهُ تَعَالَى أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} الْآيَتَيْنِ ، وَامْتَحَنَ النَّاسَ بِتَعْلِيمِ السِّحْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} وَامْتَحَنَ النَّاسَ بِالْمَلَكَيْنِ ، وَجَعَلَ الْمِحْنَةَ فِي الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ بِأَنْ يَقْبَلَ الْعَامِلُ تَعَلُّمَ السِّحْرِ فَيَكْفُرَ، وَيُؤْمِنَ بِتَرْكِ تَعَلُّمِهِ، وَلَعَلَّ اللهَ تَعَالَى اِمْتَحَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: الْقَتْلِ وَالْفِدَاءِ، وَأَنْزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام بِذَلِكَ، هَلْ هُمْ يَخْتَارُونَ مَا فِيهِ رِضَا اللهِ تَعَالَى مِنْ قَتْلِ أَعْدَائِهِ ، أَمْ يُؤْثِرُونَ الْعَاجِلَةَ مِنْ قَبُولِ الْفِدَاءِ، فَلَمَّا اِخْتَارُوا الثَّانِيَ ، عُوقِبُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} .

وقَالَ الْقَارِي بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْكَلَامِ مَا لَفْظُهُ: قُلْتُ بِعَوْنِ اللهِ: إِنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، لِأَنَّهُ مَعْلُولٌ وَمَدْخُولٌ، فَإِنَّهُ إِذَا صَحَّ التَّخْيِيرُ ، لَمْ يَجُزْ الْعِتَابُ وَالتَّعْيِيرُ ، فَضْلًا عَنْ التَّعْذِيبِ وَالتَّعْزِيرِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ تَخْيِيرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُنَّ لَوْ اِخْتَرْنَ الدُّنْيَا لَعُذِّبْنَ فِي الْعُقْبَى ، وَلَا فِي الْأُولَى.

وَغَايَتُهُ أَنَّهُنَّ يُحْرَمْنَ مِنْ مُصَاحَبَةِ الْمُصْطَفَى ، لِفَسَادِ اِخْتِيَارِهِنَّ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى ، وَأَمَّا قَضِيَّةُ الْمَلَكَيْنِ ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيمِ السِّحْرِ، فَنَعَمْ ، اِمْتِحَانٌ مِنْ اللهِ وَابْتِلَاءٌ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ تَخْيِيرٌ لِأَحَدٍ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} أَنَّهُ أَمْرُ تَهْدِيدٍ لَا تَخْيِيرٍ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:" أَمْ يُؤْثِرُونَ الْأَعْرَاضَ الْعَاجِلَةَ مِنْ قَبُولِ الْفِدْيَةِ ، فَلَمَّا اِخْتَارُوهُ عُوقِبُوا بِقَوْلِهِ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ} الْآيَةَ "، فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْجُرْأَةِ الْعَظِيمَةِ ، وَالْجِنَايَةِ الْجَسِيمَةِ، فَإِنَّهُمْ مَا اخْتَارُوا الْفِدْيَةَ لَا لِلتَّقْوِيَةِ عَلَى الْكُفَّارِ ، وَلِلشَّفَقَةِ عَلَى الرَّحِمِ، وَلِرَجَاءِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ، أَوْ فِي أَصْلَابِهِمْ مَنْ يُؤْمِنُ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا وَقَعَ مِنْهُمْ اِجْتِهَادًا وَافَقَ رَأيَهُ صلى الله عليه وسلم غَايَتُهُ أَنَّ اِجْتِهَادَ عُمَرَ وَقَعَ أَصْوَبَ عِنْدَهُ تَعَالَى، فَيَكُونُ مِنْ مُوَافَقَاتِ عُمَرَ رضي الله عنه. اِنْتَهَى. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 232)

ص: 422

(ك)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أُسَارَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ [يَوْمَ بَدْرٍ] (1) أَرْبَعَمِائَةٍ "(2)

(1)(د) 2691 ، (ن) 8661، (ك) 2573

(2)

(ك) 2620 ، (د) 2691 ، (ن) 8661 ، (هق) 12625 ، وصححه الألباني في الإرواء: 1218

ص: 423

(د حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(" لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ (1) بِمَالٍ ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ لِخَدِيجَةَ رضي الله عنها أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا (2) " فَلَمَّا رَآهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً (3) وَقَالَ: إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا (4) فَافْعَلُوا " ، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُول اللهِ، فَأَطْلَقُوهُ ، وَرَدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا) (5) (" وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: كُونَا بِبَطْنِ يَأجِجَ (6) حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ، فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأتِيَا بِهَا (7) ") (8)

(1) أَيْ: زَوْجهَا. عون المعبود - (ج 6 / ص 129)

(2)

أَيْ: دَفَعَتْهَا إِلَيْهَا حِين دَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو الْعَاصِ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ. عون (ج6ص 129)

(3)

أَيْ: لِزَيْنَب يَعْنِي لِغُرْبَتِهَا وَوَحْدَتهَا، وَتَذَكَّرَ عَهْد خَدِيجَة وَصُحْبَتهَا، فَإِنَّ الْقِلَادَة كَانَتْ لَهَا ، وَفِي عُنُقهَا. عون المعبود - (ج 6 / ص 129)

(4)

أَيْ: مَا أَرْسَلْت. عون المعبود - (ج 6 / ص 129)

(5)

(حم) 26405 ، (د) 2692 ، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(6)

هُوَ مَوْضِع قَرِيب مِنْ التَّنْعِيم. عون المعبود - (ج 6 / ص 129)

(7)

فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز خُرُوج الْمَرْأَة الشَّابَّة الْبَالِغَة مَعَ غَيْر ذِي مَحْرَم لِضَرُورَةٍ دَاعِيَة ، لَا سَبِيل لَهَا إِلَّا إِلَى ذَلِكَ. عون المعبود - (ج 6 / ص 129)

(8)

(د) 2692 ، (ك) 4306 ، انظر الإرواء: 1216 ، هداية الرواة: 3897

ص: 424

(خ)، وَعَنْ أَنَسٌ رضي الله عنه (أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأذَنُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ) (1)(ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ ، قَالَ: " وَاللهِ)(2)(لَا تَدَعُونَ مِنْهَا دِرْهَمًا (3) ") (4)

(1)(خ) 2884

(2)

(خ) 3793

(3)

الْمُرَاد أَنَّهُمْ أَخْوَال أَبِيهِ عَبْد الْمُطَّلِب، فَإِنَّ أُمّ الْعَبَّاس هِيَ نُتَيْلَة بِنْت جِنَان بِالْجِيمِ وَالنُّون، وَلَيْسَتْ مِنْ الْأَنْصَار، وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ أُمّ عَبْد الْمُطَّلِب مِنْهُمْ، لِأَنَّهَا سَلْمَى بِنْت عَمْرو بْن أُحَيْحَة ، وَهِيَ مِنْ بَنِي النَّجَّار، وَمِثْله مَا وَقَعَ فِي حَدِيث الْهِجْرَة أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَلَى أَخْوَاله بَنِي النَّجَّار، وَأَخْوَاله حَقِيقَة إِنَّمَا هُمْ بَنُو زُهْرَة ، وَبَنُو النَّجَّار أَخْوَال جَدّه عَبْد الْمُطَّلِب.

قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ: وَإِنَّمَا قَالُوا: (اِبْن أُخْتنَا) لِتَكُونَ الْمِنَّة عَلَيْهِمْ فِي إِطْلَاقه ، بِخِلَافِهِ مَا لَوْ قَالُوا: عَمّك ، لَكَانَتْ الْمِنَّة عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا مِنْ قُوَّة الذَّكَاء وَحُسْن الْأَدَب فِي الْخِطَاب، وَإِنَّمَا اِمْتَنَعَ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِجَابَتهمْ لِئَلَّا يَكُونَ فِي الدِّين نَوْع مُحَابَاة. فتح الباري (ج 8 / ص 2)

(4)

(خ) 2400 ، (حب) 4794، (ك) 5408 ، (طس) 4624

ص: 425

(خ)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ، فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي المَسْجِدِ - وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ "، إِذْ جَاءَهُ العَبَّاسُ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي ، وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" خُذْ " ، فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ:" لَا " قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ:" لَا " ، فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ:" لَا "، قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ:" لَا " ، فَنَثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، " فَمَا زَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا - عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ - فَمَا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ "(1)

(1)(خ) 411 ، 2994 ، (هق) 12807

ص: 426

(حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِدَاءٌ ، " فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ "، قَالَ: فَجَاءَ يَوْمًا غُلَامٌ يَبْكِي إِلَى أَبِيهِ ، فَقَالَ: مَا شَأنُكَ؟ ، قَالَ: ضَرَبَنِي مُعَلِّمِي ، قَالَ: الْخَبِيثُ ، يَطْلُبُ بِذَحْلِ (1) بَدْرٍ وَاللهِ لَا تَأتِيهِ أَبَدًا. (2)

(1) أَيْ: بثأر.

(2)

(حم) 2216، (ك) 2621 ، (هق) 11460 ، وقال الأرناؤوط: حسن.

ص: 427

(خ)، وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُسَارَى بَدْرٍ: " لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ، ثُمَّ كَلَّمَنِي (1) فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ (2) "(3)

(1)(ثُمَّ كَلَّمَنِي) أَيْ: شَفَاعَةً. عون المعبود (7/ 252)

(2)

إِنَّمَا سَمَّاهُمْ نَتْنَى ، إِمَّا لِرِجْسِهِمُ الْحَاصِلِ مِنْ كُفْرِهِمْ عَلَى التَّمْثِيلِ ، أَوْ لِأَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ أَبْدَانُهُمْ وَجِيَفُهُمُ الْمُلْقَاةُ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ قاله القارىء.

" لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ " أَيْ: لَتَرَكْتُهُمْ لِأَجْلِهِ ، يَعْنِي: بِغَيْرِ فِدَاءٍ.

وَإِنَّمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ ، لِأَنَّهَا كَانَتْ لِلْمُطْعِمِ عِنْدَهُ يَدٌ ، وَهِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ فِي جِوَارِهِ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ ، وَذَبَّ الْمُشْرِكِينَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَحَبَّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ حَيًّا ، فَكَافَأَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ ، وَالْمُطْعِمُ الْمَذْكُورُ ، هُوَ وَالِدُ جُبَيْرٍ الرَّاوِي لِهَذَا الْحَدِيثِ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي الْحَدِيثِ إِطْلَاقُ الْأَسِيرِ ، وَالْمَنُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فِدَاءٍ. عون (7/ 253)

(3)

(خ) 2970، (د) 2689، (حم) 16779

ص: 428

(دلائل النبوة لأبي نعيم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا} ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، كَانَ يَجْلِسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ لَا يُؤْذِيِهِ، وَكَانَ رَجُلًا حَلِيمًا، وَكَانَ بَقِيَّةُ قُرَيْشٍ إِذَا جَلَسُوا مَعَهُ آذَوْهُ، وَكَانَ لعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ خَلِيلٌ غَائِبٌ عَنْهُ بِالشَّامِ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: صَبَأَ ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَقَدِمَ خَلِيلُهُ مِنَ الشَّامِ لَيْلًا ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ؟ ، فَقَالَتْ: أَشَدَّ مَا كَانَ أَمْرًا، فَقَالَ: مَا فَعَلَ خَلِيلِي ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ؟، فَقَالَتْ: صَبَأَ، فَبَاتَ بِلَيْلَةِ سُوءٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَاهُ ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَحَيَّاهُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ التَّحِيَّةَ، فَقَالَ: مَالَكَ لَا تَرُدُّ عَلَيَّ تَحِيَّتِي؟ ، فَقَالَ: كَيْفَ أَرُدُّ عَلَيْكَ تَحِيَّتَكَ وَقَدْ صَبَوْتَ؟ ، قَالَ: أَوَقَدْ فَعَلَتْهَا قُرَيْشٌ؟ ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يُبْرِئُ صُدُورَهُمْ إِنْ أَنَا فَعَلْتُهُ؟ ، قَالَ: تَأتِيهِ فِي مَجْلِسِهِ ، فَتَبْزُقُ فِي وَجْهِهِ ، وَتَشْتُمُهُ بِأَخْبَثِ مَا تَعْلَمُ مِنَ الشَّتْمِ، فَفَعَلَ ، " فَلَمْ يَزِدْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَسْحَ وَجْهَهُ مِنَ الْبُزَاقِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتُكَ خَارِجًا مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ ، أَضْرِبُ عُنُقَكَ صَبْرًا "، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، وَخَرَجَ أَصْحَابُهُ ، أَبَى أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: اخْرُجْ مَعَنَا، قَالَ: تَوَعَّدَنِي هَذَا الرَّجُلُ إِنْ وَجَدَنِي خَارِجًا مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي صَبْرًا، فَقَالُوا: لَكَ جَمَلٌ أَحْمَرُ لَا يُدْرَكُ، فَلَوْ كَانَتِ الْهَزِيمَةُ ، طِرْتَ عَلَيْهِ ، فَخَرَجَ مَعَهُمْ، فَلَمَّا هَزَمَ اللهُ الْمُشْرِكِينَ ، وَحَّلَ بِهِ جَمَلُهُ فِي جُدَدٍ (1) مِنَ الْأَرْضِ، " فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسِيرًا فِي سَبْعِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْتَلَ "، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ أُقْتَلُ؟، قَالَ:" نَعَمْ " فَقَالَ: لِمَ؟، قَالَ:" بِمَا بَزَقْتَ فِي وَجْهِي "، قَالَ: فَمَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ ، قَالَ:" النَّارُ "، فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ، يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (2). (3)

(1) قَالَ الْفَرَّاءُ: الجُدَدُ: الخِطَطُ والطُّرُق تَكُونُ فِي الْجِبَالِ ، خِطَطٌ بِيضٌ وَسُودٌ وَحُمْرٌ كالطُّرُق، وَاحِدُهَا: جُدَّةٌ. لسان العرب (3/ 108)

(2)

[الفرقان/27 - 29]

(3)

صححه الألباني في صحيح السيرة ص205

ص: 429

(د)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(" قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ النَّفَلِ، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا ")(1)(قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ ، وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ فَلَمْ يَبْرَحُوهَا ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَالَ الْمَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا (2) لَكُمْ ، لَوْ انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا فلَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ وَنَبْقَى ، فَأَبَى الْفِتْيَانُ ، وَقَالُوا:" جَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَنَا "، فَأَنْزَلَ اللهُ:{يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَنْفَالِ ، قُلْ: الْأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ، وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .. إِلَى قَوْلِهِ: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ، يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} (3) يَقُولُ: فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَكُمْ ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَأَطِيعُونِي ، فَإِنِّي أَعْلَمُ بِعَاقِبَةِ هَذَا مِنْكُمْ) (4)(" فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّوَاءِ ")(5)

(1)(د) 2738

(2)

الرِّدْء: القوة ، والعماد ، والناصر ، والمعين.

(3)

[الأنفال/5، 6]

(4)

(د) 2737

(5)

جملة " فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللهِ بِالسَّوَاءِ " سكت عنها الألباني في سنن أبي داود: 2739

ص: 430

(حم)، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَى النَّاسُ ، فَهَزَمَ اللهُ تبارك وتعالى الْعَدُوَّ ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ ، يُحَرِّزُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً ، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَفَاءَ النَّاسُ (1) بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا، فَلَيْسَ لأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ، وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا ، نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا ، نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً ، وَاشْتَغَلْنَا بِهِ ، فَنَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَنْفَالِ ، قُلْ الْأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} " فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَاقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ "(2)

(1) أَيْ: رجعوا.

(2)

(حم) 22814 ، (حب) 4855 ، (ك) 2607 ، (هق) 17764 ، صححه الألباني في فقه السيرة ص234، صحيح موارد الظمآن: 1410

ص: 431

(م ت د)، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ:(أَصَبْتُ سَيْفًا)(1)(يَوْمَ بَدْرٍ ، فَجِئْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم)(2)(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِي (3) هَذَا السَّيْفَ) (4)(فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا لَيْسَ لِي وَلَا لَكَ (5)) (6)(ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ")(7)(فَانْطَلَقْتُ حَتَّى إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَضِ (8) لَامَتْنِي نَفْسِي ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ) (9) (فَقُلْتُ: نَفِّلْنِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ) (10)(عَسَى أَنْ يُعْطَى هَذَا مَنْ لَا يُبْلِي بَلَائِي (11)) (12)(" فَشَدَّ لِي صَوْتَهُ فَقَالَ: رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ")(13)(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِيهِ ، أَأُجْعَلُ كَمَنْ لَا غَنَاءَ لَهُ؟ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ")(14)(فَبَيْنَمَا أَنَا إِذْ جَاءَنِي الرَّسُولُ فَقَالَ: أَجِبْ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ بِكَلَامِي ، فَجِئْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكَ كُنْتَ سَأَلْتَنِي هَذَا السَّيْفَ ، وَلَيْسَ هُوَ لِي وَلَا لَكَ ، وَإِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَهُ لِي ، فَهُوَ لَكَ ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَنْفَالِ ، قُلْ الْأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ} ")(15)

(1)(م) 34 - (1748)

(2)

(ت) 3079

(3)

أَيْ: أَعْطنِي.

(4)

(م) 43 - (1748)

(5)

لِأَنَّهُ مِنْ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 402)

(6)

(ت) 3079 ، (د) 2740

(7)

(م) 34 - (1748)

(8)

(القَبْض): الْمَوْضِع الَّذِي تُجْمَعُ فِيهِ الْغَنَائِم. شرح النووي (ج 8/ ص 158)

(9)

(م) 43 - (1748)

(10)

(م) 34 - (1748)

(11)

أَيْ: لَا يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِي فِي الْحَرْبِ. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 402)

(12)

(ت) 3079 ، (د) 2740

(13)

(م) 43 - (1748)

(14)

(م) 34 - (1748)

(15)

(د) 2740 ، (ت) 3079 ، (حم) 1538 ، (م) 34 - (1748)، صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد: 18

ص: 432

(خ)، وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قَالَ: ضُرِبَ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِمِائَةِ سَهْمٍ. (1)

(1)(خ) 3803

ص: 433