المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أمره صلى الله عليه وسلم من آمن به أن يهاجر إلى الحبشة - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌تَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ بِالطِّيبِ وَالْبَخُور

- ‌تَطَيُّبُ الْمَرْأَة خَارِج بَيْتهَا

- ‌مَلَابِسُ الْمَرْأَةِ الْمُحِدَّة وتَطَيُّبُهَا

- ‌تَطْيِيبُ مَوْضِعِ الدَّمِ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ غَيْرِ الْمُحْرِمَة

- ‌الِاكْتِحَالُ وِتْرًا لِلزِّينَةِ

- ‌التَّزَيُّنُ بِحَمْلِ الْعَصَا

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْم

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْر

- ‌إِعَارَة مَا يُتَزَيَّن بِهِ

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الزِّينَةِ وَالْعَكْس

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ فِي زِينَتِهمْ

- ‌السَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَرِ لِلْمَسَاجِدِ الثَلَاثَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَة

- ‌اشْتِرَاطُ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ فِي سَفَرِ الْمَرْأَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَةِ لِلْحَجّ

- ‌آدَابُ السَّفَر

- ‌آدَابُ قَبْلِ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ كِتَابَةُ الْوَصِيَّة

- ‌إِشْهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرهمْ

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَأمِينُ نَفَقَةِ الْأَهْل

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ الِاسْتِخَارَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ اِخْتِيَار الصُّحْبَة الصَّالِحَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَشْييعُ الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَوْدِيعُ الْمُسَافِر

- ‌السَّفَرُ يَوْمَ الْخَمِيس

- ‌السَّفَرُ أَوَّلَ النَّهَار

- ‌الْآدَابُ أَثْنَاءَ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ تَعْيِينُ أَمِير

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الْأَذْكَار

- ‌دُعَاءُ رُكُوبِ الدَّابَّة

- ‌دُعَاء السَّفَر

- ‌التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ فِي السَّفَرِ (كُلَّمَا صَعِدَ شَرَفًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا)

- ‌إِذَا نَزَلَ الْمُسَافِرُ مَنْزِلًا

- ‌دُعَاءُ دُخُولُ الْقَرْيَة

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ مُسَاعَدَةُ الرُّفَقَاءِ

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرِّفْقُ بِالضُّعَفَاءِ فِي السَّيْر

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرَّحْمَةُ بِالدَّابَّةِ

- ‌عَدَمُ تَعْلِيقِ الْجَرَسِ فِي الدَّابَّة

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ اِخْتِيَارُ مَكَانٍ لِلنُّزُول

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ الْحِرَاسَة (تَوْظِيفُ حَارِس)

- ‌حُكْمُ السَّيْرُ لَيْلًا

- ‌الْإسْرَاعُ عِنْدَ الْمُرُورِ بِأَرْضِ الْمُعَذَّبِين

- ‌آدَابُ بَعْدَ السَّفَر (عِنْدَ الْقُدُوم)

- ‌مِنْ آدَابِ بَعْدِ السَّفَرِ التَّعْجِيلُ إِلَى الْأَهْل

- ‌عَدَمُ طُرُوقِ الْآتِي مِنْ السَّفَرِ أَهْلَهُ لَيْلًا

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ تَلَقِّي الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ الِابْتِدَاءُ بِالْمَسْجِدِ وصَلَاةُ رَكْعَتَيْن

- ‌اِعْتِنَاقُ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ وَتَقْبِيلُه

- ‌ السِّيَرِ وَالْمَنَاقِب

- ‌سِيَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌سِيَرُ الْأُمَمِ السَّابِقَة

- ‌سِيرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَبْشِيرُ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌انْتِظَارُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ ظُهُورَه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ السَّابِقَة

- ‌أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَسَبُهُ الشَّرِيفُ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَارِيخُ مِيلَادِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ فِي مَكَّة

- ‌سِيرَتُهُ قَبْلَ الْبِعْثَة

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ يَوَمَ مَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُرْضِعَاتُه صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَاتُهُ الْخَلْقِيَّة صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ مِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شَقُّ الصَّدْر

- ‌رَعْيُ الْغَنَم

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى الرَّاهِب

- ‌تَسْلِيمُ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ فِي سَلَامَةِ فِطْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دَنَسِ الشِّرْك قَبْلَ البِعْثَة

- ‌عِصْمَتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ ضَلَالَاتِ الْجَاهِلِيَّة

- ‌تَوْفِيقُ اللهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌مَا جَاءَ فِي رَجَاحَةِ عَقْلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شُهُودُهُ صلى الله عليه وسلم حِلْفَ الْفُضُول

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌جَهْلُ العَرَبِ وَضَلَالُ البَشَرِيَّةِ قَبْلَ بِعْثَتِه صلى الله عليه وسلم

- ‌سِنُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ والْمُدَّةُ الَّتِي قَضَاهَا فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّه

- ‌وَقْتُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌طَرِيقَةُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شِدَّةُ الْوَحْيِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ عِنْدَ بِعْثَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَرْحَلَةُ الدَّعْوَةِ السِّرِّيِّة

- ‌أَوَّلُ مَنْ أَسْلَم

- ‌بَدْءُ الدَّعْوَةِ الْجَهْرِيِّة

- ‌مَا جَاءَ فِي جُحُودِ الْكُفَّارِ بِدَعْوَتِهِ صلى الله عليه وسلم رَغْمَ إقْرَارِهِمْ بِصِدْقِهَا

- ‌الْفُقَرَاءُ هُمْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ فِي بِدَايَةِ الدَّعْوَة

- ‌تَمَسُّكُهُ صلى الله عليه وسلم بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَرَفْضُهُ التَّنَازُلَ عَنْهَا مَهْمَا كَانَ الْمُقَابِل

- ‌طَلَبُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الْآيَاتِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُجَادَلَتُهُمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌إيذَاءُ الْكُفَّارِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل

- ‌دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ لَمَّا كُذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْه

- ‌تَعْذِيبُ قُرَيْشٍ لِمَنْ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ آمَنَ بِهِ أَنْ يُهَاجِرَ إلَى الْحَبَشَة

- ‌إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌حِصَارُ قُرَيْشٍ لِمَنَ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِعْبِ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها

- ‌رِحْلَتُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِف

- ‌دُخُولُهُ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الطَّائِفِ فِي جِوَارِ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ

- ‌مَا جَاءَ فِي رِحْلَةِ الْإسْرَاءِ وَالْمِعْرَاج

- ‌طَلَبُهُ صلى الله عليه وسلم النُّصْرَةَ مِنَ الْقَبَائِلِ فِي مَوَاسِمِ الْحَجّ

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَى

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة

- ‌هِجْرَتُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَة

- ‌صُعُوبَةُ فُقْدَانِ الْوَطَنِ وَحَنِينُ الْمُهَاجِرِينَ لِمَكَّة

- ‌مَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا اسْتَقَرَّ بِالْمَدِينَة

- ‌بِنَاء الْمَسْجْدِ النَّبَويّ

- ‌الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار

- ‌تَضْحِيَةُ الْأَنْصَارِ بِأَمْوَالِهِمْ لِإخْوَانِهِمْ الْمُهَاجِرِين

- ‌تَحْوِيلُ الْقِبْلِةِ إِلَى الْكَعْبَة

- ‌غَزْوَةُ الْعُشَيْر

- ‌غَزْوَةُ بَدْر

- ‌فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِين

- ‌عَدَدُ الصَّحَابَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْر

- ‌أَسْبَابُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌أَحْدَاثُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ لِلْقِتَالِ يَوْمَ بَدْر

- ‌مَا حَدَثَ لِبَعْضِ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْر

- ‌سَرِيَّةُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِت رضي الله عنه

- ‌إِجْلَاءُ بَنِي قَيْنُقَاع

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَف

- ‌غَزْوَةُ أُحُد

- ‌غَزْوَةُ حَمْرَاءِ الْأَسَد

- ‌إِجْلَاء بَنِي النَّضِير

- ‌مُحَاوَلَةُ الْمُنَافِقِينَ تَثْبِيتَ يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ وَحَضِّهِمْ عَلَى عَدَمِ الْجَلَاء

- ‌حَادِثَةُ بِئْرِ مَعُونَة

- ‌غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِق (الْمُرَيْسِيع)

- ‌مَا حَدَثَ بَعْدَ الْغَزْوَة

الفصل: ‌أمره صلى الله عليه وسلم من آمن به أن يهاجر إلى الحبشة

‌أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ آمَنَ بِهِ أَنْ يُهَاجِرَ إلَى الْحَبَشَة

(خ حم)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا " يَأتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً " ، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْحَبَشَةِ ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ ، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ فَأَعْبُدَ رَبِّي)(1)(قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ ، وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَرَجَعَ ، وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ، وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ؟، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِصَلَاتِهِ، وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً ، لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ - فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ بِالصَلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تُرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللهِ عز وجل)(2).

(1)(خ) 2176

(2)

(خ) 3694

ص: 329

(حب)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَالْمُشْرِكُونَ ، وَالْجِنُّ ، وَالْإِنْسُ "(1)

(1)(حب) 2763 ، (خ) 1021 ، (ت) 575، (ك) 3745

ص: 330

(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(" قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةَ النَّجْمِ)(1)(بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا ")(2)(فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ الْقَوْمِ إِلَّا سَجَدَ)(3)(غَيْرَ رَجُلٌ رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا)(4)(مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ ، فَرَفَعَهُ)(5)(إِلَى جَبْهَتِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا)(6)(قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ)(7)(بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا)(8)(وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ)(9).

(1)(خ) 1020

(2)

(خ) 1017

(3)

(خ) 1020

(4)

(خ) 3640

(5)

(خ) 1020

(6)

(خ) 1017

(7)

(خ) 1020

(8)

(خ) 1017 ، (م) 105 - (576) ، (د) 1406 ، (حم) 3682

(9)

(خ) 4582

ص: 331

(حم)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:" سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ فِي النَّجْمِ "، إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ ، أَرَادَا بِذَلِكَ الشُّهْرَةَ. (1)

(1)(حم) 9710 ، (ش) 4253 ، (هق) 3572 ، وقال الأرناؤوط: إسناده قوي.

ص: 332

(حم ، دلائل النبوة للبيهقي)، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:(لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ ، وَأُوذِيَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفُتِنُوا ، وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ، " وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَعَةٍ (1) مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ عَمِّهِ، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مِمَّا يَنَالُ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ ، فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ ، حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ "، فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالًا (2) حَتَّى اجْتَمَعْنَا، فَنَزَلْنَا بِخَيْرِ دَارٍ ، وَإِلَى خَيْرِ جَارٍ) (3)(- النَّجَاشِيِّ -)(4)(فَآمَنَنَا عَلَى دِينِنَا ، وَلَمْ نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا)(5)(وَعَبَدْنَا اللهَ ، لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ)(6)(فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّا قَدْ أَصَبْنَا دَارًا وَأَمْنًا)(7)(ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ)(8)(فَيُخْرِجَنَا مِنْ بِلَادِهِ ، وَيَرُدَّنَا عَلَيْهِمْ)(9)(وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ ، وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأتِيهِ مِنْهَا إِلَيْهِ الْأَدَمُ (10) فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا ، وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا (11) إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً) (12)

(عَلَى حِدَةٍ)(13)(ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ ، وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ ، وَقَالُوا لَهُمَا: ادْفَعُوا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ ، ثُمَّ قَدِّمُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ ، ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ ، فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ وَعِنْدَ خَيْرِ جَارٍ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ ثُمَّ قَالَا لِكُلِّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ: إِنَّهُ قَدْ صَبَأَ إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ (14) فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِيَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ ، فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ ، فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْنَا وَلَا يُكَلِّمَهُمْ ، فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا ، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا لَهُمَا: نَعَمْ ، ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ ، فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا ، ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّهُ قَدْ صَبَأَ إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ ، وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ ، وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ ، مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ ، فَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا ، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ) (15) (فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ) (16)(قَوْمُهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا ، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ)(17)(وَإِنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ فَتَمْنَعَهُمْ بِذَلِكَ)(18)(فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا ، فَلْيَرُدَّاهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ ، فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللهِ لَا أُسْلِمُ قَوْمًا)(19)(لَجَئُوا إِلَى بِلَادِي ، وَاخْتَارُوا جِوَارِي عَلَى جِوَارِ غَيْرِي (20)) (21)(حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلَهُمْ مَاذَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ ، فَإِنْ كَانُوا كَمَا تَقُولُونَ ، أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا ، وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا)(22)(وَلَمْ أُخَلِّ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ)(23)(وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي - قَالَتْ: وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلَامَنَا - فَأَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُمْ ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُ النَّجَاشِيِّ اجْتَمَعُوا ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ؟ ، قَالُوا: نَقُولُ وَاللهِ مَا عَلَّمَنَا وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ ، فَلَمَّا جَاءُوهُ)(24)(دَخَلُوا عَلَيْهِ)(25)(وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ (26) فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ) (27)(وكَانَ الَّذِي يكَلِّمُهُ مِنْهُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه)(28)(فَسَأَلَهُ النَّجَاشِيُّ ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا)(29)(فِي يَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ)(30)(وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ؟ ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا)(31)(عَلَى الشِّرْكِ)(32)(نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأكُلُ الْمَيْتَةَ)(33)(وَنَسْتَحِلُّ الْمَحَارِمَ بَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ ، فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ وَغَيْرِهَا، لَا نُحِلُّ شَيْئًا وَلَا نُحَرِّمُهُ)(34)(وَنَأتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، وَيَأكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ ، وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ ، وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَلَاةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصِّيَامِ - قَالَتْ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ - فَصَدَّقْنَاهُ ، وَآمَنَّا بِهِ ، وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ ، فَعَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا ، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا ، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا ، فَعَذَّبُونَا ، وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا ، لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ ، فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا ، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا ، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ ، وَرَجَوْنَا أَيُّهَا الْمَلِكُ أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ ، فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللهِ مِنْ شَيْءٍ؟ ، فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ ، فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: اقْرَأهُ عَلَيَّ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ {كهيعص} ، قَالَتْ: فَبَكَى وَاللهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَاللهِ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ ، وفي رواية: (إِنَّ هَذَا الْكَلامَ لَيَخْرُجُ مِنَ الْمِشْكَاةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا عِيسَى)(35) انْطَلِقَا ، فَوَاللهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ) (36)(فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا)(37)(وَلَأُنَبِّئَنَّهُ بِعَيْبِهِمْ عِنْدَهُ)(38)(وَلَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ إِلَهَهُ الَّذِي يَعْبُدُ - عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - عَبْدٌ)(39)(ثُمَّ أَسْتَأصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ (40) قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ - وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا -: لَا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا ، فَقَالَ عَمْرٌو: وَاللهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ) (41)(قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ ، دَخَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا ، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلْهُمْ)(42)(عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا يَسْأَلُنَا عَنْهُ - وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهُ - فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ ، فَقَالُوا: نَقُولُ وَاللهِ فِيهِ مَا قَالَ اللهُ ، وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ)(43)(فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ بَطَارِقَتُهُ، فَقَالَ لَنَا: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟)(44)(فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا ، هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَرُوحُهُ ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ (45)) (46)(قَالَتْ: فَدَلَّى النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ)(47)(فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ، ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ ، فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللهِ ، اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي - وَالسُّيُومُ: الْآمِنُونَ - مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ ، ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا ذَهَبًا ، وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ - وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْجَبَلُ - رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا ، فلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا ، فَوَاللهِ مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي ، فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ ، فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ (48) قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ (49) مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ ، قَالَتْ: فَوَاللهِ إِنَّا عَلَى ذَلِكَ ، إِذْ نَزَلَ بِالنَّجَاشِيِّ مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ ، فَيَأتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ ، قَالَتْ: وَسَارَ النَّجَاشِيُّ ، وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ ، ثُمَّ يَأتِيَنَا بِالْخَبَرِ؟ ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ رضي الله عنه: أَنَا - وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا - فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ، ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا ، حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ ، قَالَتْ: وَدَعَوْنَا اللهَ لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ ، وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ ، فَاسْتَوْثَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَبَشَةِ ، فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ) (50)(حَتَّى خَرَجَ مَنْ خَرَجَ مِنَّا رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ، وَأَقَامَ مَنْ أَقَامَ)(51).

(1) المنعة: القوة.

(2)

الأَرْسَال: جمع رَسَل ، وهي الأَفْوَاج ، والفِرَق المُتَقَطِّعَة ، التي يَتْبَع بَعْضهمْ بَعْضًا.

(3)

(هق) 17512 ، انظر الصَّحِيحَة: 3190

(4)

(حم) 1740 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(5)

(هق) 17512

(6)

(حم) 1740

(7)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(8)

(حم) 1740

(9)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(10)

الأدَم: الجلد المدبوغ.

(11)

البِطْرِيق: رئيس رؤساء الأساقفة.

(12)

(حم) 1740

(13)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(14)

السَّفَه: الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لَا اسِتقامَةَ له، والسفيه: الجاهلُ.

(15)

(حم) 1740

(16)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(17)

(حم) 1740

(18)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(19)

(حم) 1740

(20)

الجوار: الأمان والحماية والمنعة والوقاية.

(21)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(22)

(حم) 1740

(23)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(24)

(حم) 1740

(25)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(26)

الأساقفة: جمع الأسقف ، وهو رئيس من رؤساء النصارى ، فوق القسيس ودون المطْران.

(27)

(حم) 1740

(28)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(29)

(حم) 1740

(30)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(31)

(حم) 1740

(32)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(33)

(حم) 1740

(34)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(35)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(36)

(حم) 1740

(37)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(38)

(حم) 1740

(39)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(40)

خضراؤهم: سوادهم.

(41)

(حم) 1740

(42)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(43)

(حم) 1740

(44)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(45)

أصل البَتْل: القطع ، وسميت البتول: لانقطاعها عن نساء زمانها ، فضْلا ودِينا ، وحَسَبا ، وقيل: لانقطاعها عن الدُّنيَا إلى الله تعالى ، وقيل: المُنْقَطِعة عن الرجال ، لا شهوةَ لها فيهم.

(46)

(حم) 1740

(47)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

(48)

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ عُرْوَةُ: هَلْ تَدْرِي مَا قَوْلُهُ: مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذُ الرِّشْوَةَ فِيهِ، وَلَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعُ النَّاسَ فِيهِ؟ ، قُلْتُ: لَا، إِنَّمَا حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ عُرْوَةُ: فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي: أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكَ قَوْمِهِ، وَكَانَ لَهُ أَخٌ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، وَلَمْ يَكُنْ لأَبِي النَّجَاشِيِّ وَلَدٌ غَيْرُ النَّجَاشِيِّ، فَأَدَارَتِ الْحَبَشَةُ رَأيَهَا بَيْنَهَا، فَقَالُوا: إِنَّا إِنْ قَتَلْنَا أَبَا النَّجَاشِيِّ، وَمَلَّكَنَا أَخَاهُ ، فَإِنَّ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ صُلْبِهِ، فَتَوَارَثُوا الْمُلْكَ ، لَبَقِيَتِ الْحَبَشَةُ عَلَيْهِمْ دَهْرًا طَوِيلا لَا يَكُونُ بَيْنَهُمُ اخْتِلافٌ، فَعَدَوْا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ ، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ، فَدَخَلَ النَّجَاشِيُّ بِعَمِّهِ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ ، فَلَا يُدَبِّرُ أَمْرَهُ غَيْرُهُ - وَكَانَ لَبِيبًا - فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ مَكَانَهُ مِنْ عَمِّهِ قَالُوا: لَقَدْ غَلَبَ هَذَا الْغُلامُ أَمْرَ عَمِّهِ، فَمَا نَأمَنُ أَنْ يُمَلِّكَهُ عَلَيْنَا ، وَقَدْ عَرَفَ أَنَّا قَدْ قَتَلْنَا أَبَاهُ، فَإِنْ فَعَلَ ، لَمْ يَدَعْ مِنَّا شَرِيفًا إِلَّا قَتَلَهُ، فَكَلَّمُوهُ فِيهِ فَلْنَقْتُلْهُ ، أَوْ نُخْرِجْهُ مِنْ بِلادِنَا ، فَمَشُوا إِلَى عَمِّهِ فَقَالُوا: قَدْ رَأَيْنَا مَكَانَ هَذَا الْفَتَى مِنْكَ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّا قَدْ قَتَلْنَا أَبَاهُ وَجَعَلْنَاكَ مَكَانَهُ، وَإِنَّا لَا نَأمَنُ أَنْ تُمَلِّكَهُ عَلَيْنَا فَيَقْتُلَنَا، فَإِمَّا أَنْ نَقْتُلَهُ ، وَإِمَّا أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ بِلادِنَا ، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ ، قَتَلْتُمْ أَبَاهُ بِالأَمْسِ ، وَأَقْتُلُهُ الْيَوْمَ؟ ، بَلْ أُخْرِجَهُ مِنْ بِلادِكُمْ، فَخَرَجُوا بِهِ فَوَقَفُوهُ بِالسُّوقِ، فَبَاعُوهُ مِنْ تَاجِرٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَقَذَفَهُ فِي سَفِينَةٍ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ ، أَوْ بِسَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَانْطَلَقَ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ ، هَاجَتْ سَحَابَةٌ مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ، فَجَعَلَ عَمُّهُ يَتَمَطَّرُ تَحْتَهَا، فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَقَتَلَتْهُ، فَفَزِعُوا إِلَى وَلَدِهِ، فَإِذَا هُمْ مُحَمَّقِينَ ، لَيْسَ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ خَيْرٌ، فَمَرَجَ عَلَى الْحَبَشَةِ أَمْرُهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعْلَمُونَ وَاللهِ إِنَّ مَلِكَكُمُ الَّذِي لَا يُصْلِحُ أَمْرَكُمْ غَيْرُهُ ، لَلَّذِي بِعْتُمْ بِالْغَدَاةِ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ بِأَمْرِ الْحَبَشَةِ حَاجَةٌ ، فَأَدْرِكُوهُ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ ، حَتَّى أَدْرَكُوهُ فَرَدُّوهُ، فَعَقَدُوا عَلَيْهِ تَاجَهُ، وَأَجْلَسُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ وَمَلَّكُوهُ، فَقَالَ التَّاجِرُ: رُدُّوا عَلَيَّ مَالِي كَمَا أَخَذْتُمْ مِنِّي غُلامِي، فَقَالُوا: لَا نُعْطِيكَ، فَقَالَ: إِذَنْ وَاللهِ أُكَلِّمَهُ، فَقَالُوا: وَإِنْ ، فَمَشَى إِلَيْهِ فَكَلَّمَهُ ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنِّي ابْتَعْتُ غُلَامًا، فَقَبَضُوا مِنِّي الَّذِي بَاعُونِيهِ ثَمَنَهُ، ثُمَّ عَدَمُوا عَلَيَّ غُلامِي فَنَزَعُوهُ مِنْ يَدِي ، وَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيَّ مَالِي، فَكَانَ أَوَّلُ مَا خُبِرَ مِنْ صَلابَةِ حُكْمِهِ وَعَدْلِهِ أَنْ قَالَ: لَتَرُدُّنَّ عَلَيْهِ مَالَهُ، أَوْ لَيَجْعَلَنَّ غُلامُهُ يَدَهُ فِي يَدِهِ، فَلْيَذْهَبَنَّ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، فَقَالُوا: بَلْ نُعْطِيهِ مَالَهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ، فَآخُذُ الرِّشْوَةَ مِنْهُ حَيْثُ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعُهُمْ فِيهِ " (البيهقي في دلائل النبوة)

(49)

أي: عَبْدُ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، وَعَمْرُو بْنِ الْعَاصِ.

(50)

(حم) 1740

(51)

(دلائل النبوة للبيهقي) 596

ص: 333

(حم)، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:" بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّجَاشِيِّ " وَنَحْنُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ رَجُلًا ، فِيهِمْ جَعْفَرٌ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُرْفُطَةَ ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ ، وَأَبُو مُوسَى ، فَأَتَوْا النَّجَاشِيَّ ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ سَجَدَا لَهُ ، ثُمَّ ابْتَدَرَاهُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَا لَهُ: إِنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عَمِّنَا نَزَلُوا أَرْضَكَ ، وَرَغِبُوا عَنَّا وَعَنْ مِلَّتِنَا ، قَالَ: فَأَيْنَ هُمْ؟ ، قَالَا: هُمْ فِي أَرْضِكَ ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا خَطِيبُكُمْ الْيَوْمَ ، فَاتَّبَعُوهُ ، فَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْجُدْ ، فَقَالُوا لَهُ: مَا لَكَ لَا تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ؟ ، قَالَ: إِنَّا لَا نَسْجُدُ إِلَّا للهِ عز وجل ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ ، قَالَ: إِنَّ اللهَ عز وجل بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم ، وَأَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْجُدَ لِأَحَدٍ إِلَّا للهِ عز وجل ، وَأَمَرَنَا بِالصَلَاةِ وَالزَّكَاةِ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ؟ ، قَالُوا: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل ، هُوَ كَلِمَةُ اللهِ ، وَرُوحُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ ، الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ ، وَلَمْ يَفْرِضْهَا وَلَدٌ ، فَرَفَعَ النَّجَاشِيُّ عُودًا مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ وَالْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ ، وَاللهِ مَا يَزِيدُونَ عَلَى الَّذِي نَقُولُ فِيهِ مَا يَسْوَى هَذَا ، مَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ ، فَإِنَّهُ الَّذِي نَجِدُ فِي الْإِنْجِيلِ ، وَإِنَّهُ الرَّسُولُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ ، وَاللهِ لَوْلَا مَا أَنَا فِيهِ مِنْ الْمُلْكِ ، لَأَتَيْتُهُ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ ، وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ الْآخَرِينَ فَرُدَّتْ إِلَيْهِمَا ، ثُمَّ تَعَجَّلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَدْرَكَ بَدْرًا ، وَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفَرَ لَهُ حِينَ بَلَغَهُ مَوْتُهُ. (1)

(1)(حم) 4400 ، هذا الحديث ضعفه الأرناؤوط ، وسكت عنه الألباني في صحيح السيرة ، وحسن إسناده أحمد شاكر.

ص: 334