الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة
(حم)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ:(" مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ ، يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ بعُكَاظٍ وَمَجَنَّةَ ، وَفِي الْمَوَاسِمِ بِمِنًى ، يَقُولُ: مَنْ يُؤْوِينِي؟ ، مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي؟ ، وَلَهُ الْجَنَّةُ)(1)(فلَا يَجِدُ أَحَدًا يَنْصُرُهُ وَيُؤْوِيهِ ")(2)(حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ ، أَوْ مِنْ مُضَرَ ، فَيَأتِيهِ قَوْمُهُ ، فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلَامَ قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنُكَ ، " وَيَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ عز وجل " وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ ، حَتَّى بَعَثَنَا اللهُ إِلَيْهِ مِنْ يَثْرِبَ ، فَآوَيْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ ، فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنَّا ، فَيُؤْمِنُ بِهِ ، وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ ، فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ ، فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ ، إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ)(3)(ثُمَّ أتَمَرْنَا وَاجْتَمَعْنَا سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَّا)(4)(فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَتْرُكُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُطْرَدُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ ، فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ ، فَوَاعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ)(5)(فَقَالَ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ: يَا ابْنَ أَخِي ، إِنِّي لَا أَدْرِي مَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ جَاءُوكَ ، وَإِنِّي ذُو مَعْرِفَةٍ بِأَهْلِ يَثْرِبَ ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ)(6)(حَتَّى تَوَافَيْنَا)(7)(فَلَمَّا نَظَرَ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه فِي وُجُوهِنَا قَالَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا أَعْرِفُهُمْ ، هَؤُلَاءِ أَحْدَاثٌ (8) فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ عَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ ، قَالَ:" تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، وَعَلَى أَنْ تَقُولُوا فِي اللهِ ، لَا تَأخُذُكُمْ فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ يَثْرِبَ ، فَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ ، وَأَزْوَاجَكُمْ ، وَأَبْنَاءَكُمْ ، وَلَكُمْ الْجَنَّةُ "، قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ نُبَايِعُهُ ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ رضي الله عنه وَهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ - فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ ، فَإِنَّا لَمْ نَضْرِبْ أَكْبَادَ الْإِبِلِ ، إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ ، إِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ ، مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً ، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ ، وَأَنَّ تَعَضَّكُمْ السُّيُوفُ) (9)(فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ)(10)(فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللهِ عز وجل وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ)(11)(جَبِينَةً)(12)(فَذَرُوهُ ، فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ ، فَقَالُوا: أَمِطْ عَنَّا يَدَكَ)(13)(يَا أَسْعَدُ ، فَوَاللهِ لَا نَدَعُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ أَبَدًا)(14)(وَلَا نَسْتَقِيلُهَا)(15)(قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَبَايَعْنَاهُ)(16)(رَجُلًا رَجُلًا ، يَأخُذُ عَلَيْنَا بِشُرْطَةِ الْعَبَّاسِ ، وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ ")(17)
(1)(حم) 14496 ، انظر الصَّحِيحَة: 63 ، فقه السيرة ص148، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(2)
(حم) 14494 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(3)
(حم) 14496
(4)
(حم) 14694
(5)
(حم) 14496
(6)
(حم) 14694
(7)
(حم) 14496
(8)
أَيْ: صغار السن.
(9)
(حم) 14694 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(10)
(حم) 14496 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(11)
(حم) 14694
(12)
(حم) 14496
(13)
(حم) 14694
(14)
(حم) 14496
(15)
(حم) 14694
(16)
(حم) 14696
(17)
(حم) 14494 ، (حب) 7012 ، (ك) 4251
(حم)، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه وَكَانَ كَعْبٌ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا - قَالَ: خَرَجْنَا فِي حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا ، وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ، كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا ، فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا وَخَرَجْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ ، قَالَ الْبَرَاءُ لَنَا: يَا هَؤُلَاءِ ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللهِ رَأيًا ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي تُوَافِقُونِي عَلَيْهِ أَمْ لَا ، فَقُلْنَا لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَنْ لَا أَدَعَ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ مِنِّي بِظَهْرٍ - يَعْنِي الْكَعْبَةَ - وَأَنْ أُصَلِّيَ إِلَيْهَا ، فَقُلْنَا: وَاللهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الشَّامِ ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ ، فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي إِلَيْهَا ، فَقُلْنَا لَهُ: لَكِنَّا لَا نَفْعَلُ فَكُنَّا إِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ ، وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي ، انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْأَلْهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا ، فَإِنَّهُ وَاللهِ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ خِلَافِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ ، قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ ، لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ - فَلَقِيَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ ، قُلْنَا: لَا ، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ؟ ، قُلْنَا: نَعَمْ - وَكُنَّا نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ ، كَانَ لَا يَزَالُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا - قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ ، فَهُوَ الرَّجُلُ الْجَالِسُ مَعَ الْعَبَّاسِ قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ ، " وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ مَعَهُ " ، فَسَلَّمْنَا ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ: هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ، سَيِّدُ قَوْمِهِ ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" الشَّاعِرُ؟ "، قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ كَعْبٌ: فَوَاللهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا نَبِيَّ اللهِ ، إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا وَهَدَانِي اللهُ لِلْإِسْلَامِ ، فَرَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا ، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ ، حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، فَمَاذَا تَرَى يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ: لَقَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا ، قَالَ: فَرَجَعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ - قَالَ: وَأَهْلُهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى مَاتَ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ - قَالَ: وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ ، فَوَاعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ الْحَجِّ ، وَكَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ ، أَبُو جَابِرٍ ، سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا ، وَكُنَّا نَكْتُمُ مَنْ مَعَنَا مِنْ قَوْمِنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمْرَنَا ، فَكَلَّمْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا جَابِرٍ إِنَّكَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا ، وَشَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِنَا ، وَإِنَّا نَرْغَبُ بِكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ أَنْ تَكُونَ حَطَبًا لِلنَّارِ غَدًا ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَخْبَرْتُهُ بِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ ، وَشَهِدَ مَعَنَا الْعَقَبَةَ ، وَكَانَ نَقِيبًا ، قَالَ: فَنِمْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا ، حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ ، خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لِمِيعَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ الْقَطَا (1) حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ الْعَقَبَةِ ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا ، وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِنَا: نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ ، أُمُّ عُمَارَةَ ، إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلِمَةَ ، وَهِيَ أُمُّ مَنِيعٍ ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى " جَاءَنَا " ، وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ ، إِلَّا أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ وَيَتَوَثَّقُ لَهُ - فَلَمَّا جَلَسْنَا ، كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ - قَالَ: وَكَانَتْ الْعَرَبُ يُسَمُّونَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ الْأَنْصَارِ الْخَزْرَجَ ، أَوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا - إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ ، وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأيِنَا فِيهِ ، وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ ، وَمَنَعَةٍ فِي بَلَدِهِ ، فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ " فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَلَا ، وَدَعَا إِلَى اللهِ عز وجل وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ: أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ " فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا ، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ ، وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ (2) وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ ، قَالَ: فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ ، حَلِيفُ (3) بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالًا ، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا - يَعْنِي الْعُهُودَ - فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللهُ ، أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟ ، " فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: بَلْ الدَّمَ الدَّمَ ، وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ (4) أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي ، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ " ، فَأَخْرَجُوا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ، مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنْ الْخَزْرَجِ ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ الْأَوْسِ ، فَلَمَّا بَايَعَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَرَخَ الشَّيْطَانُ مِنْ رَأسِ الْعَقَبَةِ بِأَبْعَدِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ: يَا أَهْلَ الْجَبَاجِبِ (5) هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصُّبَاةُ مَعَهُ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ (6) هَذَا ابْنُ أَزْيَبَ ، اسْمَعْ أَيْ عَدُوَّ اللهِ ، أَمَا وَاللهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ارْفَعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ " ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لَئِنْ شِئْتَ ، لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ " ، فَرَجَعْنَا فَنِمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَتْ عَلَيْنَا جُلَّةُ قُرَيْشٍ ، حَتَّى جَاءُونَا فِي مَنَازِلِنَا ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا هَذَا تَسْتَخْرِجُونَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا ، وَتُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِنَا ، وَاللهِ إِنَّهُ مَا مِنْ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْكُمْ ، قَالَ: فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَالِكَ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِنَا يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللهِ مَا كَانَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ ، وَمَا عَلِمْنَاهُ -وَقَدْ صَدَقُوا ، لَمْ يَعْلَمُوا مَا كَانَ مِنَّا - قَالَ: وَبَعْضُنَا يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ. (7)
(1) الْقَطَا: ضَرْبٌ مِنْ الْحَمَامِ ، الْوَاحِدَةُ: قَطَاةٌ.
(2)
الحَلْقة بسكون اللام: السِّلاحُ عامًّا.
وقيل: هي الدُّروع خاصة. النهاية (ج 1 / ص 1032)
(3)
الحليف: المتعاهد ، والمتعاقد على التَّعاضُد ، والتَّساعُد ، والاتّفاق.
(4)
الهَدْمُ بالسكون وبالفتح أيضا: هو إهْدَارُ دَم القَتيل ، يقال: دِمَاؤُهمْ بَيْنَهُمْ هَدْمٌ أي: مُهْدَرَةٌ ، والمعنى: دَمي ودَمُكُم شيءٌ واحد ، إنْ طُلِبَ دَمُكُم ، فَقد طُلِبَ دَمِي ، وإنْ أُهْدِر دَمُكُم ، فَقد أُهْدِرَ دَمِي ، لاسْتِحْكامِ الأُلْفَةِ بَيْنَنا ، وهو قولٌ مَعْروف لِلعَرَب ، يَقُولون: دَمِي دَمُك ، وهَدْمِي هَدْمُك ، وذلك عِنْد المُعاهَدة والنُّصْرة. النهاية في غريب الأثر - (ج 5 / ص 573)
(5)
الْجَبَاجِبُ: الْمَنَازِلُ.
(6)
أَزَبُّ العَقَبةِ: هو الحَيّةُ. لسان العرب - (ج 1 / ص 212)
(7)
(حم) 15836 ، (حب) 7011 ، انظر فقه السيرة ص147، صحيح موارد الظمآن: 1900 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(خ)، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: كَانَ رِفَاعَةُ رضي الله عنه مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، وَكَانَ رَافِعٌ رضي الله عنه مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ ، فَكَانَ يَقُولُ لِابْنِهِ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا بِالْعَقَبَةِ ، قَالَ:" سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا "(1)
(1)(خ) 3772