المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إيذاء الكفار له صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ١٤

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌تَزَيُّنُ الْمَرْأَةِ بِالطِّيبِ وَالْبَخُور

- ‌تَطَيُّبُ الْمَرْأَة خَارِج بَيْتهَا

- ‌مَلَابِسُ الْمَرْأَةِ الْمُحِدَّة وتَطَيُّبُهَا

- ‌تَطْيِيبُ مَوْضِعِ الدَّمِ لِلْمُغْتَسِلَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ غَيْرِ الْمُحْرِمَة

- ‌الِاكْتِحَالُ وِتْرًا لِلزِّينَةِ

- ‌التَّزَيُّنُ بِحَمْلِ الْعَصَا

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْم

- ‌التَّزَيُّنُ بِالْوَشْر

- ‌إِعَارَة مَا يُتَزَيَّن بِهِ

- ‌تَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الزِّينَةِ وَالْعَكْس

- ‌التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ فِي زِينَتِهمْ

- ‌السَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَر

- ‌شَدُّ الرِّحَالِ لِلسَّفَرِ لِلْمَسَاجِدِ الثَلَاثَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَة

- ‌اشْتِرَاطُ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ فِي سَفَرِ الْمَرْأَة

- ‌سَفَرُ الْمَرْأَةِ لِلْحَجّ

- ‌آدَابُ السَّفَر

- ‌آدَابُ قَبْلِ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ كِتَابَةُ الْوَصِيَّة

- ‌إِشْهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرهمْ

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَأمِينُ نَفَقَةِ الْأَهْل

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ الِاسْتِخَارَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ اِخْتِيَار الصُّحْبَة الصَّالِحَة

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَشْييعُ الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ قَبْلِ السَّفَرِ تَوْدِيعُ الْمُسَافِر

- ‌السَّفَرُ يَوْمَ الْخَمِيس

- ‌السَّفَرُ أَوَّلَ النَّهَار

- ‌الْآدَابُ أَثْنَاءَ السَّفَر

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ تَعْيِينُ أَمِير

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الْأَذْكَار

- ‌دُعَاءُ رُكُوبِ الدَّابَّة

- ‌دُعَاء السَّفَر

- ‌التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ فِي السَّفَرِ (كُلَّمَا صَعِدَ شَرَفًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا)

- ‌إِذَا نَزَلَ الْمُسَافِرُ مَنْزِلًا

- ‌دُعَاءُ دُخُولُ الْقَرْيَة

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ مُسَاعَدَةُ الرُّفَقَاءِ

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرِّفْقُ بِالضُّعَفَاءِ فِي السَّيْر

- ‌مِنْ الْآدَابِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ الرَّحْمَةُ بِالدَّابَّةِ

- ‌عَدَمُ تَعْلِيقِ الْجَرَسِ فِي الدَّابَّة

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ اِخْتِيَارُ مَكَانٍ لِلنُّزُول

- ‌مِنْ آدَابِ السَّفَرِ الْحِرَاسَة (تَوْظِيفُ حَارِس)

- ‌حُكْمُ السَّيْرُ لَيْلًا

- ‌الْإسْرَاعُ عِنْدَ الْمُرُورِ بِأَرْضِ الْمُعَذَّبِين

- ‌آدَابُ بَعْدَ السَّفَر (عِنْدَ الْقُدُوم)

- ‌مِنْ آدَابِ بَعْدِ السَّفَرِ التَّعْجِيلُ إِلَى الْأَهْل

- ‌عَدَمُ طُرُوقِ الْآتِي مِنْ السَّفَرِ أَهْلَهُ لَيْلًا

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ تَلَقِّي الْمُسَافِر

- ‌مِنْ آدَابِ الْعَودِ بَعْدَ السَّفَرِ الِابْتِدَاءُ بِالْمَسْجِدِ وصَلَاةُ رَكْعَتَيْن

- ‌اِعْتِنَاقُ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ وَتَقْبِيلُه

- ‌ السِّيَرِ وَالْمَنَاقِب

- ‌سِيَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُل

- ‌سِيَرُ الْأُمَمِ السَّابِقَة

- ‌سِيرَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَبْشِيرُ الْأَنْبِيَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌انْتِظَارُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ ظُهُورَه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ صِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ السَّابِقَة

- ‌أَسْمَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَسَبُهُ الشَّرِيفُ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَارِيخُ مِيلَادِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ فِي مَكَّة

- ‌سِيرَتُهُ قَبْلَ الْبِعْثَة

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ يَوَمَ مَوْلِدِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُرْضِعَاتُه صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَاتُهُ الْخَلْقِيَّة صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ مِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شَقُّ الصَّدْر

- ‌رَعْيُ الْغَنَم

- ‌قِصَّةُ بَحِيرَى الرَّاهِب

- ‌تَسْلِيمُ الشَّجَرِ وَالْحَجَرِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا جَاءَ فِي سَلَامَةِ فِطْرَتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دَنَسِ الشِّرْك قَبْلَ البِعْثَة

- ‌عِصْمَتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ ضَلَالَاتِ الْجَاهِلِيَّة

- ‌تَوْفِيقُ اللهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌مَا جَاءَ فِي رَجَاحَةِ عَقْلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شُهُودُهُ صلى الله عليه وسلم حِلْفَ الْفُضُول

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها

- ‌مُقَدِّمَة

- ‌جَهْلُ العَرَبِ وَضَلَالُ البَشَرِيَّةِ قَبْلَ بِعْثَتِه صلى الله عليه وسلم

- ‌سِنُّهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ بُعِثَ والْمُدَّةُ الَّتِي قَضَاهَا فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّه

- ‌وَقْتُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌طَرِيقَةُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌شِدَّةُ الْوَحْيِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا حَدَثَ فِي الْعَالَمِ عِنْدَ بِعْثَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَرْحَلَةُ الدَّعْوَةِ السِّرِّيِّة

- ‌أَوَّلُ مَنْ أَسْلَم

- ‌بَدْءُ الدَّعْوَةِ الْجَهْرِيِّة

- ‌مَا جَاءَ فِي جُحُودِ الْكُفَّارِ بِدَعْوَتِهِ صلى الله عليه وسلم رَغْمَ إقْرَارِهِمْ بِصِدْقِهَا

- ‌الْفُقَرَاءُ هُمْ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ فِي بِدَايَةِ الدَّعْوَة

- ‌تَمَسُّكُهُ صلى الله عليه وسلم بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَرَفْضُهُ التَّنَازُلَ عَنْهَا مَهْمَا كَانَ الْمُقَابِل

- ‌طَلَبُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ الْآيَاتِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌مُجَادَلَتُهُمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌إيذَاءُ الْكُفَّارِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل

- ‌دُعَاؤُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ لَمَّا كُذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْه

- ‌تَعْذِيبُ قُرَيْشٍ لِمَنْ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ آمَنَ بِهِ أَنْ يُهَاجِرَ إلَى الْحَبَشَة

- ‌إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌حِصَارُ قُرَيْشٍ لِمَنَ آمَنَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِعْبِ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ أَبِي طَالِب

- ‌وَفَاةُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها

- ‌رِحْلَتُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِف

- ‌دُخُولُهُ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الطَّائِفِ فِي جِوَارِ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيّ

- ‌مَا جَاءَ فِي رِحْلَةِ الْإسْرَاءِ وَالْمِعْرَاج

- ‌طَلَبُهُ صلى الله عليه وسلم النُّصْرَةَ مِنَ الْقَبَائِلِ فِي مَوَاسِمِ الْحَجّ

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَى

- ‌بَيْعَةُ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَة

- ‌هِجْرَتُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌سِيرَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَة

- ‌صُعُوبَةُ فُقْدَانِ الْوَطَنِ وَحَنِينُ الْمُهَاجِرِينَ لِمَكَّة

- ‌مَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا اسْتَقَرَّ بِالْمَدِينَة

- ‌بِنَاء الْمَسْجْدِ النَّبَويّ

- ‌الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار

- ‌تَضْحِيَةُ الْأَنْصَارِ بِأَمْوَالِهِمْ لِإخْوَانِهِمْ الْمُهَاجِرِين

- ‌تَحْوِيلُ الْقِبْلِةِ إِلَى الْكَعْبَة

- ‌غَزْوَةُ الْعُشَيْر

- ‌غَزْوَةُ بَدْر

- ‌فَضْلُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِين

- ‌عَدَدُ الصَّحَابَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْر

- ‌أَسْبَابُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌أَحْدَاثُ مَعْرَكَةِ بَدْر

- ‌نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ لِلْقِتَالِ يَوْمَ بَدْر

- ‌مَا حَدَثَ لِبَعْضِ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْر

- ‌سَرِيَّةُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِت رضي الله عنه

- ‌إِجْلَاءُ بَنِي قَيْنُقَاع

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَف

- ‌غَزْوَةُ أُحُد

- ‌غَزْوَةُ حَمْرَاءِ الْأَسَد

- ‌إِجْلَاء بَنِي النَّضِير

- ‌مُحَاوَلَةُ الْمُنَافِقِينَ تَثْبِيتَ يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ وَحَضِّهِمْ عَلَى عَدَمِ الْجَلَاء

- ‌حَادِثَةُ بِئْرِ مَعُونَة

- ‌غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِق (الْمُرَيْسِيع)

- ‌مَا حَدَثَ بَعْدَ الْغَزْوَة

الفصل: ‌إيذاء الكفار له صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل

‌إيذَاءُ الْكُفَّارِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل

قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ، فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ، وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ، قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} (1)

وَقَالَ تَعَالَى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ، بَلِ افْتَرَاهُ ، بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ، فَلْيَأتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (2)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ، وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (3)

وَقَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (4)

قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ، فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا ، حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ، وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ، وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} (5)

(1)[الفرقان: 4 - 6]

(2)

[الأنبياء: 5]

(3)

[ص: 4]

(4)

[الذاريات: 52]

(5)

[الأنعام/34]

ص: 304

(م جة حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(قَدِمَ ضِمَادٌ الْأَزْدِيُّ مَكَّةَ)(1)(وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ (2) فَسَمِعَ سُفَهَاءَ (3) مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ ، فَقَالَ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ ، لَعَلَّ اللهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ ، فَلَقِيَهُ ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ ، وَإِنَّ اللهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ ، فَهَلْ لَكَ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ) (4) (وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا) (5) (وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا) (6) (مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَمَّا بَعْدُ "، فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ ، " فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ ، وَلَقَدْ بَلَغْنَ) (7)(قَامُوسَ الْبَحْرِ (8)) (9)(فَهَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ)(10)(فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)(11)(قَالَ: " فَبَايَعَهُ ")(12)(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَسْلَمَ:)(13)(" وَعَلَى قَوْمِكَ؟ " ، قَالَ: وَعَلَى قَوْمِي ، قَالَ: " فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً " ، فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ ، فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً ، فَقَالَ: رُدُّوهَا ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ)(14).

(1)(حم) 2749 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(2)

أي: يعالج من مسَّ الجن ، والسحر ونحوه.

(3)

السَّفَه: الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه: إذا كان مَضْطربا ، لَا اسِتقامَةَ له، والسفيه: الجاهلُ.

(4)

(م) 46 - (868)

(5)

(حم) 2749 ، (جة) 1893

(6)

(جة) 1893

(7)

(م) 46 - (868) ، (س) 3278

(8)

أَيْ: قَعْرَه.

(9)

(حم) 2749 ، (م) 46 - (868)

(10)

(م) 46 - (868)

(11)

(حم) 2749

(12)

(م) 46 - (868)

(13)

(حم) 2749

(14)

(م) 46 - (868) ، (حم) 2749 ، انظر صحيح السيرة ص133

ص: 305

(حب ك)، وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها قَالَتْ:(لَمَّا نَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}، أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلِ بِنْتُ حَرْبٍ (1) وَلَهَا وَلْوَلَةٌ ، وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ (2) وَهِيَ تَقُولُ: مُذَمَّمًا (3) أَبَيْنَا، وَدِينَهُ قَلَيْنَا (4) وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا - " وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ "، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ) (5)(إِنَّهَا امْرَأَةٌ بَذِيئَةٌ ، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَكَ، فَلَوْ قُمْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي)(6)(وَقَرَأَ قُرْآنًا فَاعْتَصَمَ بِهِ ، كَمَا قَالَ تعالى: {وَإِذَا قَرَأتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} (7) " ، فَوَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَلَمْ تَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، فَقَالَ: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ) (8)(وَمَا يَقُولُ الشِّعْرَ، قَالَتْ: أَنْتَ عِنْدِي مُصَدَّقٌ، وَانْصَرَفَتْ)(9)(وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي بِنْتُ سَيِّدِهَا)(10).

وفي رواية (11): فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ تَرَكَ؟، قَالَ:" لَا، لَمْ يَزَلْ مَلَكٌ يَسْتُرُنِي عَنْهَا بِجَنَاحِهِ "

(1) اسمها: أروى بنت حرب بن أمية ، أخت أبي سفيان. صحيح السيرة ص142

(2)

الفِهر: حجرٌ مِلء الكف.

(3)

المُذَمَّم: يقصدون مذموما ، وهم بذلك يعرضون بالنبي صلى الله عليه وسلم.

(4)

قَلَينا: هجرنا.

(5)

(ك) 3376 ، صححه الألباني في صحيح السيرة ص138

(6)

(حب) 6511، صحيح موارد الظمآن: 1761، التعليقات الحسان: 6477

(7)

[الإسراء/45]

(8)

(ك) 3376

(9)

(حب) 6511

(10)

(ك) 3376

(11)

(حب) 6511

ص: 306

(س)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " انْظُرُوا كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ ، إِنَّهُمْ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا ، وَأَنَا مُحَمَّدٌ "(1)

(1)(س) 3438 ، (خ) 3340 ، (حم) 7327

ص: 307

(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (1)(قَالَ: نَزَلَتْ " وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ ، رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ " ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ ، سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} ، أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} ، عَنْ أَصْحَابِكَ ، فلَا تُسْمِعُهُمْ)(2)({وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} ، يَقُولُ: بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ)(3)(فَأَسْمِعْهُمْ ، وَلَا تَجْهَرْ ، حَتَّى يَأخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ)(4).

(1)[الإسراء/110]

(2)

(خ) 4445 ، (م) 145 - (446) ، (ت) 3146 ، (س) 1011

(3)

(م) 145 - (446)

(4)

(خ) 7052 ، (ت) 3145

ص: 308

(ابن إسحاق) قَالَ أَبُو جَهْلٍ بْنِ هِشَامٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَتَتْرُكَنَّ سَبَّ آلِهَتِنَا أَوْ لَنَسُبَّنَّ إِلَهَكَ الذي تَعْبُدُ ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ، ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ ، فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1). (2)

(1)[الأنعام: 108]

(2)

صحيح السيرة ص196

ص: 309

(خ م ت حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟، فَقِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ)(1)(فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " لَوْ فَعَلَهُ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ)(2)(عِيَانًا ")(3) وفي رواية: (" لَوْ دَنَا مِنِّي ، لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا ")(4)(قَالَ: فَأَتَى أَبُو جَهْلٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ ، وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟، فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ، وَهَوْلًا ، وَأَجْنِحَةً)(5)(فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟)(6)(" فَانْتَهَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(7)(وَتَهَدَّدَهُ " ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَتُهَدِّدُنِي)(8)(يَا مُحَمَّدُ؟، فَوَاللهِ)(9)(إِنَّكَ لَتَعْلَمُ)(10)(أَنِّي أَكْثَرُ أَهْلِ الْوَادِي نَادِيًا)(11)(فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ، إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ، عَبْدًا إِذَا صَلَّى ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى - يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ - أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى ، كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ، فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ - يَعْنِي قَوْمَهُ - سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)(12)(- يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ - كَلَّا ، لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (13)) (14)(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ، لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ الْعَذَابِ)(15)(مِنْ سَاعَتِهِ)(16).

(1)(م) 38 - (2797) ، (خ) 4675

(2)

(خ) 4675 ، (حم) 3483

(3)

(ت) 3348، (حم) 2225 ، انظر الصحيحة: 3296

(4)

(م) 38 - (2797) ، (حم) 8817

(5)

(م) 38 - (2797) ، (حم) 8817

(6)

(ت) 3349

(7)

(حم) 2321 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي.

(8)

(حم) 3045 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

(9)

(حم) 2321

(10)

(ت) 3349

(11)

(حم) 3045 ، (ت) 3349

(12)

(م) 38 - (2797) ، (حم) 3045

(13)

[العلق/6 - 19]

(14)

(حم) 8817 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

(15)

(حم) 2321 ، (ت) 3349

(16)

ابن جرير في تفسيره (30/ 164)، انظر الصحيحة: 275

ص: 310

(خ حم)، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:(سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما فَقُلْتُ لَهُ:)(1)(مَا أَكْثَرُ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشًا أَصَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَتْ تُظْهِرُ مِنْ عَدَاوَتِهِ؟ ، فَقَالَ: حَضَرْتُهُمْ وَقَدْ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ ، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ ، سَفَّهَ أَحْلَامَنَا ، وَشَتَمَ آبَاءَنَا ، وَعَابَ دِينَنَا ، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا ، وَسَبَّ آلِهَتَنَا ، لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ " إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ ، فَلَمَّا أَنْ مَرَّ بِهِمْ " غَمَزُوهُ بِبَعْضِ مَا يَقُولُ ، قَالَ: " فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ الثَّانِيَةَ " ، غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا ، " فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ مَضَى ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ الثَّالِثَةَ " ، فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا ، فَقَالَ: " تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؟ ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ " ، فَأَخَذَتْ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا كَأَنَّمَا عَلَى رَأسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَصَاةً قَبْلَ ذَلِكَ لَيَرْفَؤُهُ (2) بِأَحْسَنِ مَا يَجِدُ مِنْ الْقَوْلِ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، انْصَرِفْ رَاشِدًا ، فَوَاللهِ مَا كُنْتَ جَهُولًا ، قَالَ:" فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ ، اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ ، وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ ، حَتَّى إِذَا بَادَأَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ ، تَرَكْتُمُوهُ؟ ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ ، " إِذْ طَلَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ، فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَأَحَاطُوا بِهِ ، يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ - لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمْ عَنْهُ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ - فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ ، أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ " قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ) (3)(فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ)(4)(وَهُوَ يَبْكِي)(5)(حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ ، وَدَفَعَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟})(6)(ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَأَشَدُّ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ)(7).

(1)(خ) 3475

(2)

رَفأَ الرجلَ ، يَرْفَؤُه رَفْأً: سكَّنَه ، وفي الدعاءِ لِلمُمْلِكِ: بالرَّفاءِ والبَنِينَ ، أَي: بالالتئام والاتِّفاقِ ، وحُسْنِ الاجْتماع. لسان العرب - (ج 1 / ص 86)

(3)

(حم) 7036 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(4)

(خ) 3643

(5)

(حم) 7036

(6)

(خ) 3643 ، 3475 ، (حم) 6908

(7)

(حم) 7036 ، (حب) 6567 ، انظر صحيح السيرة ، ص149، صحيح موارد الظمآن: 1404

ص: 311

(حب)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا أَرَادُوا قَتْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يَوْمًا ، رَأَيْتُهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، " وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ "، فَقَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَجَعَلَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ جَذَبَهُ ، حَتَّى " وَجَبَ (1) رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرُكْبَتَيْهِ "، وَتَصَايَحَ النَّاسُ ، فَظُنُّوا أَنَّهُ مَقْتُولٌ ، وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَشْتَدُّ (2) حَتَّى أَخَذَ بِضَبْعَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ؟} ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ إِلَّا بِالذَّبْحِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ - "، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ، مَا كُنْتَ جَهُولا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَنْتَ مِنْهُمْ "(3)

(1) أَيْ: سقط.

(2)

أَيْ: يسرع.

(3)

(حب) 6569 ، (يع) 7339 ، (خ) 3475 ، (حم) 6908 ، انظر صحيح موارد الظمآن: 1403

ص: 312

(حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ ، فَتَعَاقَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى ، وَنَائِلَةَ وَإِسَافٍ ، لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا ، لَقَدْ قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ ، فَأَقْبَلَتْ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ رضي الله عنها تَبْكِي ، حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ ، لَوْ قَدْ رَأَوْكَ ، لَقَدْ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ ، فَقَالَ:" يَا بُنَيَّةُ ، أَرِينِي وَضُوءًا ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ الْمَسْجِدَ "، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَاهُوَ ذَا ، وَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ ، وَسَقَطَتْ أَذْقَانُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ ، وَعَقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ بَصَرًا ، وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلٌ ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ التُّرَابِ ، فَقَالَ: شَاهَتْ الْوُجُوهُ ، ثُمَّ حَصَبَهُمْ بِهَا ، فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَصَى حَصَاةٌ ، إِلَّا قُتِلَ كَافِرًا يَوْمَ بَدْرٍ " (1)

(1)(حم) 2762 ، (حب) 6502 ، (ك) 583 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3702 الصَّحِيحَة: 2824 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

ص: 313

(جة)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ ، قَدْ خُضِّبَ بِالدِّمَاءِ ، قَدْ ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ ، قَالَ: فَعَلَ بِي هَؤُلَاءِ ، وَفَعَلُوا ، قَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، أَرِنِي ، فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي، قَالَ: ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَدَعَاهَا، فَجَاءَتْ تَمْشِي حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: قُلْ لَهَا فَلْتَرْجِعْ، فَقَالَ لَهَا ، فَرَجَعَتْ حَتَّى عَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: حَسْبِي "(1)

(1)(جة) 4028 ، (حم) 12133 ، انظر صحيح السيرة ص138 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.

ص: 314