الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إيذَاءُ الْكُفَّارِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْقَوْلِ وَالْفِعْل
وَقَالَ تَعَالَى: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ، بَلِ افْتَرَاهُ ، بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ، فَلْيَأتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (2)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ، وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (3)
وَقَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (4)
(1)[الفرقان: 4 - 6]
(2)
[الأنبياء: 5]
(3)
[ص: 4]
(4)
[الذاريات: 52]
(5)
[الأنعام/34]
(م جة حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(قَدِمَ ضِمَادٌ الْأَزْدِيُّ مَكَّةَ)(1)(وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ (2) فَسَمِعَ سُفَهَاءَ (3) مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ ، فَقَالَ: لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ ، لَعَلَّ اللهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ ، فَلَقِيَهُ ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ ، وَإِنَّ اللهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ ، فَهَلْ لَكَ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ) (4) (وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا) (5) (وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا) (6) (مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَمَّا بَعْدُ "، فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ ، " فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ ، وَلَقَدْ بَلَغْنَ) (7)(قَامُوسَ الْبَحْرِ (8)) (9)(فَهَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ)(10)(فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)(11)(قَالَ: " فَبَايَعَهُ ")(12)(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَسْلَمَ:)(13)(" وَعَلَى قَوْمِكَ؟ " ، قَالَ: وَعَلَى قَوْمِي ، قَالَ: " فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً " ، فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ ، فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً ، فَقَالَ: رُدُّوهَا ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ)(14).
(1)(حم) 2749 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(2)
أي: يعالج من مسَّ الجن ، والسحر ونحوه.
(3)
السَّفَه: الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه: إذا كان مَضْطربا ، لَا اسِتقامَةَ له، والسفيه: الجاهلُ.
(4)
(م) 46 - (868)
(5)
(حم) 2749 ، (جة) 1893
(6)
(جة) 1893
(7)
(م) 46 - (868) ، (س) 3278
(8)
أَيْ: قَعْرَه.
(9)
(حم) 2749 ، (م) 46 - (868)
(10)
(م) 46 - (868)
(11)
(حم) 2749
(12)
(م) 46 - (868)
(13)
(حم) 2749
(14)
(م) 46 - (868) ، (حم) 2749 ، انظر صحيح السيرة ص133
(حب ك)، وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنها قَالَتْ:(لَمَّا نَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}، أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلِ بِنْتُ حَرْبٍ (1) وَلَهَا وَلْوَلَةٌ ، وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ (2) وَهِيَ تَقُولُ: مُذَمَّمًا (3) أَبَيْنَا، وَدِينَهُ قَلَيْنَا (4) وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا - " وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ "، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ) (5)(إِنَّهَا امْرَأَةٌ بَذِيئَةٌ ، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَكَ، فَلَوْ قُمْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي)(6)(وَقَرَأَ قُرْآنًا فَاعْتَصَمَ بِهِ ، كَمَا قَالَ تعالى: {وَإِذَا قَرَأتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} (7) " ، فَوَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَلَمْ تَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، فَقَالَ: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ) (8)(وَمَا يَقُولُ الشِّعْرَ، قَالَتْ: أَنْتَ عِنْدِي مُصَدَّقٌ، وَانْصَرَفَتْ)(9)(وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي بِنْتُ سَيِّدِهَا)(10).
وفي رواية (11): فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ تَرَكَ؟، قَالَ:" لَا، لَمْ يَزَلْ مَلَكٌ يَسْتُرُنِي عَنْهَا بِجَنَاحِهِ "
(1) اسمها: أروى بنت حرب بن أمية ، أخت أبي سفيان. صحيح السيرة ص142
(2)
الفِهر: حجرٌ مِلء الكف.
(3)
المُذَمَّم: يقصدون مذموما ، وهم بذلك يعرضون بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(4)
قَلَينا: هجرنا.
(5)
(ك) 3376 ، صححه الألباني في صحيح السيرة ص138
(6)
(حب) 6511، صحيح موارد الظمآن: 1761، التعليقات الحسان: 6477
(7)
[الإسراء/45]
(8)
(ك) 3376
(9)
(حب) 6511
(10)
(ك) 3376
(11)
(حب) 6511
(س)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " انْظُرُوا كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ ، إِنَّهُمْ يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا ، وَأَنَا مُحَمَّدٌ "(1)
(1)(س) 3438 ، (خ) 3340 ، (حم) 7327
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (1)(قَالَ: نَزَلَتْ " وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ ، رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ " ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ ، سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} ، أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} ، عَنْ أَصْحَابِكَ ، فلَا تُسْمِعُهُمْ)(2)({وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} ، يَقُولُ: بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ)(3)(فَأَسْمِعْهُمْ ، وَلَا تَجْهَرْ ، حَتَّى يَأخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ)(4).
(1)[الإسراء/110]
(2)
(خ) 4445 ، (م) 145 - (446) ، (ت) 3146 ، (س) 1011
(3)
(م) 145 - (446)
(4)
(خ) 7052 ، (ت) 3145
(ابن إسحاق) قَالَ أَبُو جَهْلٍ بْنِ هِشَامٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَتَتْرُكَنَّ سَبَّ آلِهَتِنَا أَوْ لَنَسُبَّنَّ إِلَهَكَ الذي تَعْبُدُ ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ، ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ ، فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1). (2)
(1)[الأنعام: 108]
(2)
صحيح السيرة ص196
(خ م ت حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟، فَقِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ)(1)(فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " لَوْ فَعَلَهُ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ)(2)(عِيَانًا ")(3) وفي رواية: (" لَوْ دَنَا مِنِّي ، لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا ")(4)(قَالَ: فَأَتَى أَبُو جَهْلٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ ، وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟، فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ، وَهَوْلًا ، وَأَجْنِحَةً)(5)(فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟، أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟)(6)(" فَانْتَهَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(7)(وَتَهَدَّدَهُ " ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَتُهَدِّدُنِي)(8)(يَا مُحَمَّدُ؟، فَوَاللهِ)(9)(إِنَّكَ لَتَعْلَمُ)(10)(أَنِّي أَكْثَرُ أَهْلِ الْوَادِي نَادِيًا)(11)(فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ، إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ، عَبْدًا إِذَا صَلَّى ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى - يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ - أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى ، كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ، فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ - يَعْنِي قَوْمَهُ - سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)(12)(- يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ - كَلَّا ، لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (13)) (14)(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ، لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ الْعَذَابِ)(15)(مِنْ سَاعَتِهِ)(16).
(1)(م) 38 - (2797) ، (خ) 4675
(2)
(خ) 4675 ، (حم) 3483
(3)
(ت) 3348، (حم) 2225 ، انظر الصحيحة: 3296
(4)
(م) 38 - (2797) ، (حم) 8817
(5)
(م) 38 - (2797) ، (حم) 8817
(6)
(ت) 3349
(7)
(حم) 2321 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي.
(8)
(حم) 3045 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(9)
(حم) 2321
(10)
(ت) 3349
(11)
(حم) 3045 ، (ت) 3349
(12)
(م) 38 - (2797) ، (حم) 3045
(13)
[العلق/6 - 19]
(14)
(حم) 8817 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(15)
(حم) 2321 ، (ت) 3349
(16)
ابن جرير في تفسيره (30/ 164)، انظر الصحيحة: 275
(خ حم)، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ:(سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما فَقُلْتُ لَهُ:)(1)(مَا أَكْثَرُ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشًا أَصَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَتْ تُظْهِرُ مِنْ عَدَاوَتِهِ؟ ، فَقَالَ: حَضَرْتُهُمْ وَقَدْ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ ، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ ، سَفَّهَ أَحْلَامَنَا ، وَشَتَمَ آبَاءَنَا ، وَعَابَ دِينَنَا ، وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا ، وَسَبَّ آلِهَتَنَا ، لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ " إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ ، فَلَمَّا أَنْ مَرَّ بِهِمْ " غَمَزُوهُ بِبَعْضِ مَا يَقُولُ ، قَالَ: " فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ الثَّانِيَةَ " ، غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا ، " فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ مَضَى ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ الثَّالِثَةَ " ، فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا ، فَقَالَ: " تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؟ ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ " ، فَأَخَذَتْ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا كَأَنَّمَا عَلَى رَأسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَصَاةً قَبْلَ ذَلِكَ لَيَرْفَؤُهُ (2) بِأَحْسَنِ مَا يَجِدُ مِنْ الْقَوْلِ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، انْصَرِفْ رَاشِدًا ، فَوَاللهِ مَا كُنْتَ جَهُولًا ، قَالَ:" فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ ، اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ ، وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ ، حَتَّى إِذَا بَادَأَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ ، تَرَكْتُمُوهُ؟ ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ ، " إِذْ طَلَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ، فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَأَحَاطُوا بِهِ ، يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ - لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمْ عَنْهُ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ - فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ ، أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ " قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ) (3)(فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ)(4)(وَهُوَ يَبْكِي)(5)(حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ ، وَدَفَعَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ؟})(6)(ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَأَشَدُّ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ)(7).
(1)(خ) 3475
(2)
رَفأَ الرجلَ ، يَرْفَؤُه رَفْأً: سكَّنَه ، وفي الدعاءِ لِلمُمْلِكِ: بالرَّفاءِ والبَنِينَ ، أَي: بالالتئام والاتِّفاقِ ، وحُسْنِ الاجْتماع. لسان العرب - (ج 1 / ص 86)
(3)
(حم) 7036 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(4)
(خ) 3643
(5)
(حم) 7036
(6)
(خ) 3643 ، 3475 ، (حم) 6908
(7)
(حم) 7036 ، (حب) 6567 ، انظر صحيح السيرة ، ص149، صحيح موارد الظمآن: 1404
(حب)، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا أَرَادُوا قَتْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا يَوْمًا ، رَأَيْتُهُمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، " وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ "، فَقَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَجَعَلَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ جَذَبَهُ ، حَتَّى " وَجَبَ (1) رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرُكْبَتَيْهِ "، وَتَصَايَحَ النَّاسُ ، فَظُنُّوا أَنَّهُ مَقْتُولٌ ، وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَشْتَدُّ (2) حَتَّى أَخَذَ بِضَبْعَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ؟} ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ إِلَّا بِالذَّبْحِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ - "، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ، مَا كُنْتَ جَهُولا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَنْتَ مِنْهُمْ "(3)
(1) أَيْ: سقط.
(2)
أَيْ: يسرع.
(3)
(حب) 6569 ، (يع) 7339 ، (خ) 3475 ، (حم) 6908 ، انظر صحيح موارد الظمآن: 1403
(حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ ، فَتَعَاقَدُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى ، وَنَائِلَةَ وَإِسَافٍ ، لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدًا ، لَقَدْ قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ ، فَأَقْبَلَتْ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ رضي الله عنها تَبْكِي ، حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَدْ تَعَاقَدُوا عَلَيْكَ ، لَوْ قَدْ رَأَوْكَ ، لَقَدْ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ ، فَقَالَ:" يَا بُنَيَّةُ ، أَرِينِي وَضُوءًا ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ الْمَسْجِدَ "، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَاهُوَ ذَا ، وَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ ، وَسَقَطَتْ أَذْقَانُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ ، وَعَقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ بَصَرًا ، وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلٌ ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ التُّرَابِ ، فَقَالَ: شَاهَتْ الْوُجُوهُ ، ثُمَّ حَصَبَهُمْ بِهَا ، فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَصَى حَصَاةٌ ، إِلَّا قُتِلَ كَافِرًا يَوْمَ بَدْرٍ " (1)
(1)(حم) 2762 ، (حب) 6502 ، (ك) 583 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3702 الصَّحِيحَة: 2824 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(جة)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ ، قَدْ خُضِّبَ بِالدِّمَاءِ ، قَدْ ضَرَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ ، قَالَ: فَعَلَ بِي هَؤُلَاءِ ، وَفَعَلُوا ، قَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، أَرِنِي ، فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي، قَالَ: ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَدَعَاهَا، فَجَاءَتْ تَمْشِي حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: قُلْ لَهَا فَلْتَرْجِعْ، فَقَالَ لَهَا ، فَرَجَعَتْ حَتَّى عَادَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: حَسْبِي "(1)
(1)(جة) 4028 ، (حم) 12133 ، انظر صحيح السيرة ص138 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده قوي.