الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: تراجم لبعض رواة الحديث من التابعين
من هم التابعون: قال الخطيب: التابعي من صحب صحابيا، ولا يكتفى فيه بمجرد اللقى، بخلاف الصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يكتفي فيه بذلك، لشرف النبي صلى الله عليه وسلم، وعلو منزلته، فالاجتماع به يؤثر في النور القلبي أضعاف ما يؤثره الاجتمع الطويل بالصحابي، وغيره من الأخيار. وقال أكثر المحدثين: هو من لقي صحابيا، وإن لم يصحبه ولذلك ذكر مسلم وابن حبان "الأعمش" في طبقة التابعين؛ لأن له لقيا وحفظا، رأى أنس بن مالك، وإن لم يصح له سماع المسند عنه. وعد الحافظ عبد الغني فيهم "يحيى بن أبي كثير" لكونه لقي أنسا. وعد فيهم أيضا "موسى بن أبي عائشة"، لكونه لقي عمرو بن حريث. واشترط ابن حبان التمييز عند اللقى، فإن كان صغيرا لم يضبط فلا عبرة برؤيته، كخلف بن خليفة عده من أتباع التابعين، وإن رأى عمرو بن حريث لكونه كان صغيرا لا يميز. قال العراقي:"وما اختاره ابن حبان له وجه كما اشترط في الصحابي رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو مميز". قال: "وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة، والتابعين بقوله: "طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن رأى من رآني" الحديث. فاكتفى فيها بمجرد الرؤية""التدريب ص212".
هذا والتابعون كثيرون لا يحصون؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار المختلف، وكل من التقى بواحد منهم فهو تابعي.
هذا ومن أشهر الرواة من التابعين بالمدينة: سعيد بن المسيب المتوفى سنة "93هـ"، وعروة بن الزبير المتوفى سنة "94"، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المتوفى سنة "94"، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة المتوفى سنة "99"، وسالم بن عبد الله بن عمر المتوفى سنة "106"، وسليمان بن يسار المتوفى سنة "93"، والقاسم بن محمد بن أبي بكر المتوفى سنة "112" ونافع مولى ابن عمر المتوفى سنة "117" وابن،شهاب الزهري المتوفى سنة "124" وأبو الزناد المتوفى سنة "130".
ومن أشهرهم بمكة: عكرمة مولى ابن عباس "105"، وعطاء بن أبي رباح "115"، وأبو الزبير محمد بن مسلم "128".
ومن أشهرهم بالكوفة: الشعبي عامر بن شراحيل "104"، وإبراهيم النخعي "96"، وعلقمة بن قيس بن عبد الله النخعي "62".
ومن أشهرهم بالبصرة: الحسن بن أبي الحسن البصري "110"، ومحمد بن سيرين "110"، وقتادة بن دعامة الدوسي "117".
ومن أشهرهم بالشام: عمر بن عبد العزيز "101"، ومكحول "118"، وقبيصة
بن ذؤيب "86"، وكعب الأحبار "32".
ومن أشهرهم بمصر: أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني "90"، ويزيد بن أبي حبيب "128".
ومن أشهرهم باليمن: طاوس بن كيسان اليماني الحميري "106"، ووهب بن منبه "110".
وقد تكفلت كتب الرجال بتراجمهم، وبيان من أخذوا عنه ومن أخذ عنهم، ولنترجم باختصار لطائفة يسيرة منهم فنقول:
ابن شهاب الزهري:
هو، أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة القرشي، الزهري المدني. سكن الشام.
يقولون تارة الزهري، وتارة ابن شهاب نسبة إلى جد جده، وهو معدود في صغار التابعين. سمع أنس بن مالك، وسهل بن سعد، والسائب بن يزيد وشبيبا أبا جميلة، وعبد الرحمن بن أزهر، وربيعة بن عتاد، ومحمود بن الربيع وأبا الطفيل وغيرهم من الصحابة، كما سمع من كبار التابعين.
وروى عنه الحديث خلق كثير من كبار التابعين وصغارهم، ومن أتباع التابعين وشيوخه. اتفق العلماء على إمامته في الحديث، وكثرة حفظه له وتمكنه فيه مع أمانته وثقته. وشهادات المحدثين له أشهر من أن تذكر، فهذا عمرو بن دينار يقول:"ما رأيت أنص للحديث من الزهري"، وهذا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يقول: قلت لأبي بم فاقكم الزهري، قال: كان يأتي المجالس من صدرها، ولا يأتيها من خلفها، ولا يبقى في المجلس شابا إلا سأله، ولا كهلا إلا سأله ولا فتى إلا سأله ولا عجوزا ولا كهلة إلا سألها حتى يحاول ربات الحجال"، وقال الليث بن سعد: ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب، ولا أكثر علما منه"، ويروي البخاري عن علي بن المديني أنه قال:"للزهري نحو ألفي حديث"، وهذا أحمد بن الفرات يقول:"ليس فيهم أجود مسندا من الزهري".
رزق الزهري حافظة قوية متقدة، حتى لقد روى البخاري في تاريخه
أنه حفظ القرآن في ثمانين ليلة. وقال الزهري: ما استودعت حفظي شيئا فخانني". وعن سعد بن إبراهيم أنه قال: "ما أرى أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع ما جمع الزهري".
وقد جمع الزهري إلى حفظ الحديث كتابته، وتدوينه حتى فاق أقرانه، قال صالح بن كيسان: كنت أطلب العلم أنا والزهري فقال: تعال نكتب السنن فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: تعال نكتب ما جاء عن الصحابة فكتب ولم نكتب فنجح وضيعنا.
لقد كان ابن شهاب أول من كتب الحديث، وجمعه بأمر عمر بن عبد العزيز أيام خلافته، وبالجملة فقد كان ابن شهاب أمة وحده في العلم والحفظ والضبط، جماعا للحديث ثقة فيه. سأله هشام بن عبد الملك يوما أن يملي على بعض ولده شيئا، فأملى عليه أربعمائة حديث، ثم لقيه هشام بعد شهر أو نحوه فقال له: إن ذلك الكتاب قد ضاع فدعا بكاتب، فأملاها عليه، ثم قابل ذلك بالكتاب الأول فما غادر منها حرفا واحدا.
توفي الزهري سنة مائة وأربع وعشرين، ودفن بالشام بقرية تسمى "شغبدا" انظر تهذيب الأسماء واللغات "ج1-ص90"، وتهذيب التهذيب "9-445".
عكرمة مولى ابن عباس:
هو، التابعي الكبير أبو عبد الله عكرمة مولى ابن عباس وراويته.
أصله بربري من أهل المغرب، تملكه عبد الله بن عباس، وهو وال على البصرة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. وعني بتعليمه القرآن، والسنن أشد العناية حتى حدث عكرمة عن نفسه أن ابن عباس كان يضع في رجله القيد، ويعلمه القرآن والسنن، وما زال عكرمة ينهل من مناهل ابن عباس
حتى تأهل للفتيا وأذنه مولاه بها، فقصده الناس من كل صوب وطرقوا باب للرواية والفتيا، وكان إلى جانب علمه بالسنة، والفقه من مشاهير القراء والمفسرين. وقد ظل على الرق حتى مات ابن عباس، وصار إلى ولده علي فباعه إلى خالد بن يزد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فجاء عكرمة إلى علي وقال له ما خير لك. بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار، فاستقال علي من بيعه وأعتقه.
عاش عكرمة إلى سنة 105 من الهجرة، وله من العمر نيف وثمانون سنة.
شيوخه وتلاميذه، ومنزلته في الرواية:
أخذ عكرمة الحديث عن كثير من الصحابة، منهم عبد الله بن عباس مولاه والحسن بن علي وأبو قتادة وابن عمر، وأبو هريرة وأبوسعيد ومعاوية وابن عمرو بن العاص.
وتلقى عنه الحديث جماعات من التابعين، منهم أبو الشعثاء والشعبي، والنخعي وأبو إسحاق السبيعي، وابن سيرين وعمرو بن دينار، وكثير من التابعين وغيرهم.
وقد وثق الأئمة، والمحققون عكرمة واحتجوا به، ومن هؤلاء البخاري وأصحاب السنن، ولكن مسلما تركه، فلم يخرج له إلا حديثا واحدا في الحج مقرونا بسعيد بن جبير. وإنما تركه لطعن طائفة من العلماء فيه بأنه كذاب، وبأنه كان يرى رأي الخوارج، وبأنه كان يقبل جوائز الأمراء.
وقد صنف كثير من الأئمة كتبا في الذب، عن عكرمة منهم أبو جعفر بن جرير الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو عبد الله بن منده، وأبو حاتم ابن حبان، وأبو عمر بن عبد البر وغيرهم. وممن تصدى للدفاع عنه
أيضا الحافظ ابن حجر في مختصره لتهذيب الكمال، وفي مقدمته لفتح الباري، وكلهم مجمعون على تبرئته من الكذب، وأن الأثر الوارد عن ابن عمر أنه قال لنافع:"لا تكذب علي كما كذب عكرمة علي ابن عباس"، لم يثبت؛ لأنه من رواية أبي خلف الجزار عن يحيى البكاء، أنه سمع ابن عمر يقول ذلك، ويحيى البكاء متروك الحديث. ومن المحال أن يجرح العدل بكلام المجروح. وهم مجمعون أيضا على أنه لم يثبت عنه أنه كان يرى رأي الخوارج، وغاية ما هناك أنه كان يرى في بعض المسائل ما يوافق آراءهم من غير أن يقصد إلى هذا الوفاق، ولكن بناء على ما قام لديه من الأدلة، فنسبوه إليهم عن غير بينة ولا برهان، ولو كان من ادعى عليه أنه ينتحل مذهبا رديئا، يعد مجروحا لمجرد الدعوة لسقطت عدالة أكثر المحدثين؛ لأنه ما من أحد منهم، إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه.
وأما قبول جوائز الأمراء فالأئمة والنقاد، وجماهير المحدثين لا يرون ذلك مانعا من قبول الرواية، وهذا محمد بن شهاب الزهري، كان في ذلك أشهر من عكرمة، ومع ذلك لم يترك أحد من الأئمة الرواية عنه بسبب ذلك.
طرف من ثناء العلماء عليه:
قال البخاري: "ليس أحد من أصحابنا، إلا احتج بعكرمة"، وعن ابن معين:"إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة، فاتهمه على الإسلام"، وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: "أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا، منهم أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وأبو نور
ويحيى بن معين. ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه فقال: عكرمة عندنا أمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه"، وقال ابن منده: "عدله أمة من التابعين تزيد على سبعين رجلا من خيار التابعين، وهذه منزلة لا تكاد توجد لأحد من كبار التابعين، على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه، ولم يستغن عن حديثه. وكان حديثه متلقى بالقبول قرنا بعد قرن إلى زمن الأئمة، الذين أخرجوا الصحيح. على أن مسلما، وكان أسوأهم رأيا فيه قد أخرج له مقرونا بغيره". ا. هـ.
وقال أبو عمر بن عبد البر: "كان عكرمة من جلة العلماء، ولا يقدح فيه كلام من تكلم فيه؛ لأنه لا حجة مع أحد منهم"، قال:"وزعموا أن مالكا أسقط ذكر عكرمة من الموطأ، ولا أدري ما صحته؛ لأنه قد ذكره في الحج وصرح باسمه ومال إلى روايته عن ابن عباس، وترك عطاء في تلك المسألة مع كون عطاء أجل التابعين في علم المناسك". ا. هـ.
ومن ذلك يتضح أنه إذا روى الثقات عن عكرمة حديثا، فلا ينبغي أن يرتاب فيه "تهذيب الأسماء 1-340، ومقدمة فتح الباري 2-148، وما بعدها وتهذيب التهذيب 7-263".
عمر بن عبد العزيز:
هو، أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي، الأموي التابعي العظيم، الخليفة الراشد، والإمام العادل والعالم الكامل. ولد عمر بمصر ببلدة حلوان، وأبوه أمير عليها سنة إحدى وستين، جمع القرآن وهو صغير وبعثه أبوه إلى المدينة يتادب بها، ويتعلم الدين، ويحفظ السنن، فكان يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فلما توفي أبوه طلبه عبد الملك بن مروان إلى دمشق وزوجه ابنته
فاطمة. وولي إمارة المدينة زمنا في خلافة الوليد، ثم قدم الشام سنة 93، وبويع بالخلافة سنة 99.
سمع الحديث من أنس بن مالك، والسائب بن يزيد ويوسف بن عبد الله بن سلام، وخولة بنت حكيم، وغيرهم من الصحابة ومن التابعين كابن المسيب، وعروة وأبي بكر بن عبد الرحمن، والربيع بن سبرة وغيرهم.
وروى عنه كثير من التابعين، أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، والزهري ويحيى الأنصاري، ومحمد بن المنكدر وحميد الطويل وآخرون.
أجمع العلماء على كثرة علمه وصلاحه، وزهده وورعه وعدله، وحرصه على اتباع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين. كان عمر كثير الاهتمام بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظا، وجمعا حتى إنه لما أن تولى الخلافة، أصدر أمره إلى علماء الآفاق، بكتابة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أمرهم بالجلوس للتحديث، والرواية حتى لا تضيع الأحاديث بموت كبار العلماء من التابعين، وهو أول خليفة أمر بذلك. وكان عمر ثقة حجة، حافظا شهد له بذلك العلماء، حتى لقد كان يقرن بالزهري في علمه. قال مجاهد: أتيناه لنعلمه فما برحنا حتى تعلمنا منه. وما زال هذا شأنه حتى وافته منيته سنة إحدى ومائة من الهجرة. انظر تاريخ الخلفاء ص153، تهذيب الأسماء 2-17، وتهذيب التهذيب 7-475.
كعب الأحبار:
هو، أبو إسحاق كعب بن مانع الحميري، كان من أحبار اليهود، وأوسعهم اطلاعا على كتبهم، ويقال له: كعب الحبر وكعب الأحبار، وهو
من المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية، والإسلام ولد باليمن وأقام بها، وفي خلافة عمر رضي الله عنه أسلم، وانتقل إل المدينة، فأخذ عن الصحابة الكتاب والسنة، وشارك في غزو الروم ثم انتقل إلى الشام في خلافة عثمان، رضي الله عنه، وأقام بمدينة حمص إلى أن مات بها سنة ثنتين وثلاثين، وقيل أربع وثلاثين، وقد بلغ مائة وأربع سنين. وذكر ابن سعد بطريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان، عن ابن المسيب أن العباس، قال لكعب: ما منعك أن تسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر حتى أسلمت في خلافة عمر، قال: إن أبي كان كتب لي كتابا من التوراة، فقال: اعمل بهذا وختم على سائر كتبه، وأخذ علي بحق الوالد على الولد أن لا أفض الختم عنها، فلما رأيت ظهور الإسلام، قلت لعلي: أبي غيب عني علما ففتحتها، فإذا صفة محمد وأمته فجئت الآن مسلما. ا. هـ. وفي سند هذا الخبر حماد بن سلمة، وهو مختلط تحاماه البخاري، وتحاماه مسلم أيضا لكن في غير روايته عن ثابت لبقائها في ذهنه، كما هي بعد الاختلاط، وفيه أيضا علي بن زيد بن جدعان، وضعفه غير واحد.
روى كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا، وعن عمر وصهيب وعائشة وروى عنه معاوية، وأبو هريرة، وابن عباس وعبد الله بن عمرو. وعبد الله بن عمر، وابن الزبير، وأنس، وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم وأخرج له البخاري ومسلم وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
ثناء العلماء عليه: ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام، واتفقت كلمة نقاد الحديث على توثيقه، ولذا لا تجد له ذكرا في كتب الضعفاء والمتروكين، وترجم له النووي في تهذيبه وقال: اتفقوا على كثرة علمه، وتوثيقه. قالوا: ذكر أبو الدرداء كعبا فقال: إن عند ابن الحميرية لعلما كثيرا وذكره معاوية، فقال: ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء إن كان عنده لعلم كالبحار وإن كنا لمفرطين، ولقيه عبد الله بن سلام عند أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، فقال له يا كعب: من العلماء
قال: الذين يعملون بالعلم قال: فما يذهب العلم من قلوب العلماء، قال: الطمع وشره النفس، وتطلب الحاجات إلى الناس قال: صدقت.
طعن بعض المعاصرين فيه، وتفنيد ذلك: ومع ثناء العلماء عليه، وتوثيق النقاد له وإخراج البخاري، ومسلم وأصحاب السنن عنه نجد بعض المغرورين في هذا العصر من أدعياء العلم، يطعن في كعب بأنه كان يكذب في الأخبار، وأن له يدا في مقتل عمر رضي الله عنه.
أما إنه كان يكذب في الأخبار، فدليله عندهم ما رواه البخاري في كتاب الاعتصام، عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية، يحدث رهطا من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب"، والجواب عن ذلك أن هذا القول من معاوية، توثيق لكعب وثناء عليه بأنه أصدق المحدثين عن أهل الكتاب، وأن في بعض تلك الأخبار التي ينقلا بأمانة ما لا يطابق الواقع، فالكذب حينئذ مضاف إلى تلك الكتب، التي ينقل عنها لا إلى كعب، ولذلك يقول ابن الجوزي: المعنى أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبا لا أنه يتعمد الكذب، وإلا فقد كان كعب من أخيار الأحبار". ا. هـ فما أشبه قول معاوية: "وإن كنا لنبلو عليه الكذب"، بقول ابن عباس فيه:"بدل من قبله وقع في الكذب".
وأما قولهم: أن له يدا في مقتل عمر رضي الله عنه، فدليله عندهم ما رواه ابن جرير أن كعبا، جاء إلى عمر بن الخطاب قبل مقتله بثلاثة أيام، وقال له: اعهد فإنك ميت في ثلاثة أيام، قال وما يدريك، قال: أجده في كتاب الله عز وجل في التواة، قال عمر: إنك لتجد عمر بن
الخطاب في التوراة، قال: اللهم لا، ولكن أجد صفتك وحليتك، وأنه قد فني أجلك" قالوا: فهذه القصة تدل على وقوف كعب على مكيدة قتل عمر، بل على اشتراكه فيها، ثم وضعها هو في هذه الصيغة الإسرائيلية ليدفع عن نفسه التهمة، ولينال ثقة المسلمين فيما يخبرهم به عن التوراة وغيرها. والجواب أن ابن جرير، وغيره من المؤرخين لم يلتزموا الصحة فيما ينقلون ويحكون، ولذا تجد في كتبهم الضعيف والموضوع، والباحث المنصف إذا نقل خبرا من هذه الكتب ينبغي أن يمحصه سندا ومتنا، ولا يأخذه قضية مسلمة. ونحن إذا نظرنا في هذه القصة لا نشك في أنها تنادي على نفسها بالكذب والاختلاق، وذلك:
1-
لأنها لو كانت في التوراة لما اختص بعلمها كعب وحده، ولكن كان يشاركه العلم بها، أمثال عبد الله بن سلام ممن لهم علم بالتوراة.
2-
ولأنها لو صحت لكان المنتظر من عمر حينئذ أن لا يكتفي بقول كعب، ولكن يجمع طائفة ممن أسلم من أهل الكتاب، ولهم إحاطة بالتوراة، ويسألهم عن هذه القصة، وهو لو فعل لافتضح أمر كعب، وظهر للناس كذبه، ولتبين لعمر أنه شريك في مؤامرة دبرت لقتله، أو أنه على علم بها، وحينئذ يعمل عمر على الكشف عنها بشتى الوسائل، وينكل بمدبريها، ومنهم كعب هذا هو المنتظر من أي حاكم عادي يقال له مثل ذلك، فضلا عن عمر، المعروف بكمال الفطنة، وحدة الذهن، وتمحيص الأخبار. لكن شيئا من ذلك لم يحصل، فكان ذلك دليلا على اختلاقها.
3-
وأيضا فإنها لو صحت لكان معناها أن كعبا له يد في المؤامرة، وأنه يكشف عن نفسه بنفسه، وذلك باطل لمخالفته طباع الناس، إذ المعروف أن من اشترك في مؤامرة، يبالغ في كتمانها بعد وقوعها، تفاديا من تحمل تبعتها، ويشتد حرصه، وتزداد مبالغته في الكتمان قبل وقوعها، حرصا على نجاحها، فالكشف عن المؤامرة قبل وقوعها لا يكون إلا من مغفل أبله، وهذا خلاف ما كان عليه كعب، من حدة الذهن، ووفرة الذكاء.
4-
ثم ما للتوراة وتحديد أعمار الناس، وتاريخ وفياتهم؟ إن الله إنما أنزل الكتب نورا وهدى للناس، لا لمثل لهذه الأخبار التي لا تعدو أصحابها.
ومن ذلك كله يتبين لك أن هذه القصة مفتراة بدون أدنى اشتباه، وإن رمي كعب بالكيد للإسلام في شخص عمر، والكذب في النقل عن التوراة، اتهام باطل لا يستند على دليل أو برهان، ومن عجيب أمر هؤلاء الطاعنين، أنهم يجعلون روايات المؤرخين حجة، لا يأتيها الباطل بحال إذا كان لهم غرض في إثبات مضمونها، ويتشككون في روايات البخاري، ومسلم إذا جاءت على غير ما يشتهون.
وهب بن منبه:
هو، التابعي العابد الثقة، أبو عبد الله وهب بن منبه، اليماني الصنعاني، عالم أهل اليمن وحافظهم، وقاضيهم على مدينة صنعاء، كان من أبناء فارس، وأصل والده "منبه" من خراسان، من أهل هراة، بعثه كسرى فيمن بعثه لأخذ اليمن، وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وولد له وهب هذا سنة أربع وثلاثين، وهو باليمن
وكانت له -إلى جانب علمه بالكتاب والسنة- خبرة واسعة بكتب أهل الكتاب والتاريخ والشعر، حتى اجتمع له علم عبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، روى عنه أنه قال: يقولون عبد الله بن سلام أعلم أهل زمانه، وكعب أعلم أهل زمانه، أفرأيت من جمع علمهما، "يعني نفسه"، روى الحديث عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي سعيد الخدري وجابر وغيرهم. وروى عنه ابناه عبد الله وعبد الرحمن، وابن أخيه عبد الصمد وعمرو بن دينار وسماك بن الفضل، وعوف الأعرابي وآخرون. وأخرج له البخاري، ومسلم وأبو داود والنسائي، والترمذي -وكانت وفاته سنة مائة وعشر في أحد الأقوال.
ثناء العلماء عليه: قال العجيلي: كان وهب ثقة تابعيا، وقال الذهبي: كان ثقة صادقا كثير النقل من كتب الإسرائيليات، وقال النسائي: ثقة، وقال أحمد: كان يتهم بشيء من القدر ثم رجع، وقال ابن حجر: وثقة الجمهور وشذ الفلاس فقال: كان ضعيفا وشبهته في ذلك أنه كان يتهم بالقول في القدر، وقال مثنى بن الصباح: لبث وهب عشرين سنة لم يجعل بين الفجر، والعشاء وضوءا. وممن أثنى عليه عمر بن عبد العزيز، كتب إليه وهب: إني فقدت من بيت مال اليمن دنانير، فكتب إليه عمر: أما بعد فإني لست أتهم دينك ولا أمانتك، ولكن أتهم تضييعك وتفريطك، وإنما أنا حجيج المسلمين في مالهم، وإنما لأشحهم يمينك فاحلف لهم، والسلام.
وإذ قد تبين لك مما أسلفنا أن كعبا، ووهبا كانا من خيار التابعين، نرانا مسوقين إلى ذكر كلمة عن "الإسرائيليات" يتبين لك منها -إن شاء الله- مدى كذب من يقدحون فيهما، وفيمن أخذ عنهم فنقول:
الإسرائيليات:
"على أي وجه كانت تروى وتؤخذ، أخذها بالميزان الشرعي لا يعد طعنا في الصحابة والتابعين، لا خطر من الإسرائيليات إذا وزنت بميزان الشرع، التوفيق بين النهي عن سؤال أهل الكتاب، والإذن بالتحديث عنهم، ذكر الإسرائيليات في كتب الأئمة لا يفيد أنها صحيحة. كعب ووهب ليسا من اليهود".
1-
ما رواه الصحابة رضوان الله عليهم، عن كعب الأحبار ووهب ابن منبه وأضرابهما ليس هو الحديث النبوي، وإنما هو أخبار إسرائيلية، نقلها هؤلاء عن كتب أهل الكتاب.
2-
وقد أخبر الله عن أهل الكتاب أنهم غيروا في كتبهم وبدلوا، فامتزج الحق فيها بالباطل، والصدق بالكذب، ومن أجل ذلك كان موقف الصحابة إزاء ما يروى لهم منها:
1-
أن يصدقوا ما وافق القرآن أو السنة؛ لأن هذه الموافقة دليل على أن الموافق لم تتناوله يد التحريف والتبديل.
2-
وأن يكذبوا ما جاء على خلاف القرآن أو السنة؛ لأنا المخالفة دليل على أن أيديهم قد امتدت إليها بالعبث والتغيير.
3-
وأما ما لا يصدقه شرعنا ولا يكذبه، واحتمل أن يكون وأن لا يكون، فقد جاء فيه حديث البخاري، عن أبي هريرة قال:"كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، و {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم}
…
الآية "، وحديث ابن عبد البر، عن عطاء بن يسار قال: "كانت يهود يحدثون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيسبحون كأنهم يتعجبون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالذي
أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد، ونحن له مسلمون"، وحكمة النهي عن التصديق، والتكذيب في هذا الضرب من أخبارهم أفصح عنها حديث أبي نملة الأنصاري عند ابن عبد البر: "أنه بينا هو جالس عند رسول الله صلى الله عله وسلم جاءه رجل من اليهود، فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الله أعلم"، فقال اليهودي: أنا أشهد أنها تتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله، فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم"، ولفظ عبد الرزاق في هذا الحديث: "فإن كان باطلا لم تصدقوه، وإن كان حقا لم تكذبوه"، وقد أشار إلى ما أسلفنا صاحب فتح الباري إذ يقول: "قوله لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم"، أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا، لئلا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه، أو كذبا فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه، ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي رحمه الله. ا. هـ "ج8-ص129 من الأميرية".
3-
ولا ينبغي أن يجعل من تلقى الإسرائيليات على هذا الوجه، ذريعة للطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك؛ لأنهم كانوا يزنوها بالميزان الشرعي كما أسلفنا، وكان ذلك منهم بعد استقرار أصول الشريعة وإرساء قواعدها، وكان في الأخبار والقصص لا في العقائد والأحكام، فلم تكن رواية هذه الأخبار بالتي تزلزل عقائدهم، أو تشوش أفكارهم، ومنزلتهم معروفة في العلم والدين -كما لا ينبغي أن يتخذ من رواية هذه الإسرائيليات، وسيلة للطعن في رواتها من
أمثال كعب ووهب ممن أثنى عليهم الصحابة، وزكاهم أهل البصر بالتعديل والتجريح، وذلك؛ لأنهم حكوها عن الكتب غير مصدقين لها على الإطلاق، بل كانت عقيدتهم فيا كعقيدة الصحابة، ما جاء على وفق شرعنا صدقوه، وما خالفه كذبوه، وما لم يوافق أو يخالف شرعنا ردوا فيه العلم إلى الله عز وجل، وما مثلهم فيما ينقلون، ويحكون إلا كمثل رجل أمين أراد أن يطلعك على كتاب مؤلف بغير لسانك، فترجمه إلى لغة تفهمها، لعرف ما فيه إن صدقا، وإن كذبا، والصدق أو الكذب حينئذ يضاف إلى الكتاب لا إلى الناقل، وليس أمثال ابن مسعود، وابن عباس وأبي هريرة، وابن عمرو بالقاصرين عن تمييز الخبيث من الطيب حتى يقال: أن نقلها إليهم يشوش على أفكارهم وعقائدهم.
4-
أما إذا أخذت الإسرائيليات على غير المنهج الشرعي، كأن صدق الآخذ جميع ما فيها أو كذبه، أو كان غير ملم باصول الشريعة وقواعدها، أو لم يكن لديه من قوة النظر، وشفوف الذهن ما به يستطيع أن يميز بين حقها وباطلها، أو جعلها من موارد الشريعة، يأخذ عنها العقائد والأحكام، فإنه حينئذ يكون لها أكبر الأثر في إفساد العقيدة، وتشويش الأفكار، وقد نهى الشارع عن أخذها كذلك أعظم النهي، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله
عليه وسلم أحدث، تقرءونه محضا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم، عن الذي أنزل عليكم" وروى عبد الرازق عن عبد الله "هو ابن مسعود" قال: لا تسألوا أهل
الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم، وقد أضلوا أنفسهم، فتكذبون بحق، وتصدقون بباطل، "زاد في رواية" إن كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه"، وروى ابن عبد البر عن يحيى بن جعدة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب في كتف، فقال: كفى بقوم حمقا وضلالة، أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم، فأنزل الله عز وجل: أو لم يكفهم إنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
…
الآية"، وأخرج ابن عبد البر بإسناد فيه "مجالد": أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض الكتب، فقال: يا رسول الله إني أصبت كتابا حسنا من بعض أهل الكتاب، قال: فغضب وقال: "أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيحدثونكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا، ما وسعه إلا أن يتبعني"، إلى غير ذلك من الأحاديث والآثار، وإن يكن في بعضها مقال، فتعدد طرقها، يعطيها قوة تجعلها صالحة للاحتجاج.
5-
وقد التبس على بعض المعاصرين، الذين اعتادوا أن يتلقفوا عن الكتب كل صحيح وسقيم، وجه التفويق بين هذه الأحاديث، والآثار التي تفيد النهي عن سؤال أهل الكتاب، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص في جواز الإذن بالتحديث عن أهل الكتاب، وهو ما رواه البخاري عنه، رضي الله عنه، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار"، فزعم أن الحديث باطل غير صحيح، والحديث صحيح والحمد لله، ويكفيك أنه في صحيح البخاري مسندا موصولا،
ولم يتكلم فيه أحد من أهل هذا الشأن بكلمة، ولا تعارض بينه، وبين ما ذكرنا من الأحاديث والآثار، وذلك؛ لأن المعنى حدثوا عنهم بما تعلمون صدقه، وهو ما يوافق القرآن، أو السنة الصحيحة، لما في الحديث عنهم من العظة والاعتبار، ولا يجوز أن يكون المعنى، حدثوا عنهم بكل حديث حق أو باطل، إذ من المعلوم ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحديث بالكذب، كما لا يجوز أن يكون المعنى.
حدثوا عنهم بما لاتعلمون كذبه، لما سنذكره، وقوله في الحديث:"ولا حرج" أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم؛ لأنه كان قد تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم، والنظر في كتبهم، على ما سمعت، ثم حصل التوسع في ذلك، لا لكل أحد، ولكن لم رسخ في علوم الشريعة، وتمكن من معرفة أصولها، وصار لديه من قوة النظر، ما به يستطيع أن يميز بين الحق والباطل، والصواب والخطأ، كما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص، أصاب يوم "اليرموك" زاملتين من علوم أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما أذن به الشارع لا بكل ما فيهما، "كما يقول الجاهلون والمقصرون"- هذا وحذاق العلماء قديما وحديثا، من دأبهم أن ينظروا في كتب أهل الكتاب، ليجادلوهم بالتي هي أحسن، وليقيموا عليهم الحجة على صحة الرسالة المحمدية بما يعتقدون، وقد قال تعالى:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} ، وقال:{قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، وقال:{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ، أي التوراة. قال الحافظ في الفتح "ج6-ص361 من الأميرية": "وكأن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية، والقواعد الدينية،
خشية الفتنة، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك، لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار". ا. هـ وينبغي أن يخص الإذن بمن تمكن في علوم الشريعة، وقويت معرفته بأصولها كما ذكرنا، وإلا لحدث اللبس والتخليط في العقائد1 وقد صرح بذلك الحافظ نفسه في موضع آخر من فتح الباري "ج13-ص438" إذ يقول: "والأولى في هذه المسألة التفرقة بين من لم يتمكن، ويصر من الراسخين في الإيمان، فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك، بخلاف الراسخ فيجوز له، ولا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف، ويدل على ذلك نقل الأئمة قديما وحديثا من التوراة، وإلزامهم اليهود بالتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم، بما يستخرجونه من كتابهم، ولولا اعتقادهم جواز النظر فيه لما فعلوه، وتواردوا عليه". ا. هـ وبهذا البيان تجتمع لديك الأحاديث والآثار، ولا يكون بينها تناقض أو اختلاف -ويرى بعضهم أن معنى حديث عبد الله بن عمرو: حدثوا عن بن إسرائيل بما لم يثبت لديكم كذبه في المواعظ والقصص، لا في العقائد والأحكام- وحمل
1 من هنا تستطيع التوفيق بين منع ابن مسعود، وابن عباس عن سؤال أهل الكتاب والنظر في كتبهم، وما كان منهما من الأخذ عن كعب، وغيره من مسلمي أهل الكتاب. كما تستطيع أن تفهم سر منع عمر بن الخطاب كعبا من رواية الإسرائيليات، وقوله له:"إن كنت تعلم أنها التوراة التي أنزلها الله على موسى، فاقرأها آناء الليل والنهار"، فعمر يخشى على عامة الناس أن لا يميزوا بين الحق والباطل، فتتشوش عليهم عقائدهم، ويرى أن مدارسة القرآن والحديث أهم من هذا، وكعب يرى أن ذكر ما في التوراة من البشائر النبوية، وغيرهما مما أخبر عنه القرآن، والحديث، يزيد المؤمنين إيمانا، "ولكل وجهة هو موليها"، هذا هو الباعث لكل منهما، لا ما يزعمه المبشرون وأذنابهم من أن كعبا كان كاذبا في الحديث عن التوراة، وأنه كان يهوديا يتظاهر بالإسلام ليفسد عقائد المسلمين، ومن أجل ذلك منعه عمر فيما يزعمون.
الحديث على هذا المعنى غير مرضي عندنا، وذلك؛ لأن ما لم يثبت كذبه نوعان:"أحدهما" ما ثبت صدقه، وهذا تجوز حكايته بإطلاق، ولا ينبغي أن يخص بالمواعظ والقصص، و"ثانيهما" ما لم يثبت صدقه ولا كذبه، ولا فائدة تعود على المسلمين من التحديث بهذا النوع، بعد قوله صلى الله عليه وسلم فيه:"لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم"
…
الحديث" وشرعنا والحمد لله مكتف بنفسه، وليس بحاجة إلى مثل هذا، ففيه من العقائد والأحكام، والأخلاق والآداب، والمواعظ والأمثال، ما فيه من العقائد والأحكام، والأخلاق والآداب، والمواعظ والأمثال، ما فيه كفاية وذكرى، لكل من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.
6-
وفي تفاسير كبار الأئمة كثير من الإسرائيليات المنسوبة إلى كعب ووهب وغيرهما، كما تراه في تفسير ابن جرير وغيره، ولا ينبغي أن يذم هؤلاء الأئمة بذكرها في كتبهم؛ لأنهم رووها على أنها إسرائيليات توزن بميزان الشرع؛ ولأنهم قد ذكروا أسانيدها إلى قائليها، تاركين تمييز صحيحها من باطلها لمن يأتي بعدهم، كما فعل المحدثون عند تدوين الحديث؛ ولأنهم بذكر الإسناد قد برئوا من عهدتها؛ لأن أحوال الرجال كانت معروفة لمعاصريهم، على خلاف ما نحن عليه اليوم.
هذا وليس كل ما ينسب إلى كعب، ووهب وأضرابهما صحيحا، فقد اختلق عليهم الوضاعون كثيرا، ليروجوا باطلهم بنسبته إليهم، وتناقل هذه الأخبار المكذوبة بعض القصاص والمؤرخين والأدباء، وبعض القاصرين من المفسرين، على أنها حقائق، من غير أن يتثبتوا من صحة نسبتها إلى من عزيت له، وبدون أن يفطنوا إلى أنهم كانوا يروونها على أنها إسرائيليات بتقدير صحتها عنهم، فضلوا وأضلوا، والذنب ليس ذنب كعب ووهب، ولكنه ذنب القصور والتقصير.
7-
ومن المضحكات المبكيات، ما زعمه بعض أدعياء العلم في عصرنا، من أنه قد عني بمطالعة الكتب التي ألفها أعداء الدين، فوجد أكثر المطاعن التي تتخذ شبهة على الإسلام، مأخوذة عن إسرائيليات، تروى عن كعب ووهب، وهذا يدل -في نظره القاصر- على أنهما من اليهود الذين تظاهروا بالإسلام ليفسدوه، وزعم هذا الدعي أيضا أن الصحاة والتابعين، ومن بعدهم من علماء الجرح والتعديل، قد أثنوا عليهما خيرا وعدلوهما، من غير أن يفطنوا إلى ما فطن له هو من أمرهما -وهذا الزعم بنوعيه لا يصدر إلا عن جاهل قد ملأه الغرور، أو مجنون لا يدري ما يقول، ولو أنه كلف نفسه النظر في أسانيد هذه الروايات، التي تنسب إليهما ليتبين أصحيحة هي عنهما أم باطلة، ثم تأمل بعد ذلك إلى أنهما، كانا يرويانها على أنها إسرائيليات، ما رمى الصحابة والتابعين ومن بعدهما من حذاق الناقدين، بهذا البهتان المبين.
سعيد بن المسيب:
هو التابعي الجليل، أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي، أبوه وجده صحابيان، أسلما يوم فتح مكة.
ولد سعيد لسنتين مضا من خلافة عمر بن الخطاب. ورأى عمر وسمع منه ومن عثمان، وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن عباس، وابن عمر وجبير بن مطعم وعبد الله بن زيد بن عاصم، وحكيم بن حزام وأبي هريرة، ومعاوية وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعائشة وأم سلمة وغيرهم من الصحابة.
وروى عنه جماعات من أعلام التابعين، كعطاء بن أبي رباح ومحمد
الباقر وعمرو بن دينار، ويحيى الأنصاري والزهري "الذي أكثر عنه من الرواية" وخلائق غيرهم.
اتفق العلماء على إمامته وجلالته، وتقدمه على أهل عصره في الحديث والعلم والفضل، فقد كان رئيس أهل المدينة، في الفتوى والفقه حتى كانوا يسمونه "فقيه الفقهاء"، قال قتادة:"ما رأيت أحدا أعلم بحلال الله وحرامه من سعيد بن المسيب"، وقال مكحول:"طفت الأرض كلها في طلب العلم، فما لقيت أحدا أعلم من سعيد بن المسيب"، وكان سعيد يقول:"كنت أرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد".
أجمع أهل الحديث على ثقته، وعدالته وضبطه، وجدارته وشدة حرصه في طلب الحدث، وضعفه بحفظه وجمعه.
كان سعيد لا يأخذ عطاء السلطان، ويتعيش من تجارته في الزيت، وكان شديد الورع في الدين، زاهدا في الدنيا، توفي سنة 93هـ.
عروة بن الزبير:
هو، أبو محمد عروة بن الزبير بن العوام القرشي، الأسدي، المدني، التابعي الجليل، كان من حفاظ الحديث المتقنين. سمع أباه الزبير وأخاه عبد الله، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وخالته عائشة أم المؤمنين، وسعيد بن زيد وحكيم بن حزام، وأبا هريرة وكثيرا من الصحابة والتابعين، وروى عنه عطاء وابن أبي مليكة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن والزهري، وعمر بن عبد العزيز، كما روى عنه أبناؤه الخمسة هشام، ومحمد ويحيى وعبد الله وعثمان وغيرهم.
كان عروة كثير الحديث، بحكم اختلاطه بخالته عائشة أم المؤمنين،
وشدة حرصه في طلب العلم وروايته، مع الثقة التامة والضبط، والأمانة شهد له بذلك علماء الحديث من التابعين، وغيرهم. فابن شهاب الزهري يقول:"كان عروة بحرا لا يكدر".
وهذا ابنه هشام يقول: "والله ما تعلمنا منه جزءا من ألفي جزء من حديثه"، وابن عيينة يقول:"كان أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة، القاسم وعروة وعمرة"، وقال محمد بن سعد:"كان ثقة كثير الحديث، فقيها مأمونا عالما ثبتا"، توفي عروة سنة 94هـ. على أحد الأقوال.
نافع مولى ابن عمر:
هو، أبو عبد الله نافع مولى عبد الله عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، مكنت له سماحة الإسلام، أن أصبح من الأئمة الأعلام، مع أنه كان مملوكا لعبد الله بن عمر، فلم تلهه خدمة سيده عن التفقه في الدين، وحفظ كثير من حديث سيد المرسلين، فسمع سيده عبد الله بن عمر، وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري، وأبا لبابة ورافع بن خديج، وعائشة وغيرهم من الصحابة، وخلائق من التابعين، منهم القاسم وسالم ويزيد بن عبد الله، وأسلم مولى عمر وعبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق وغيرهم. وروى عنه أبو إسحاق السبيعي، والحكم بن عيينة ويحيى الأنصاري، ومحمد بن عجلان والزهري، وصالح بن كيسان وأيوب وحميد الطويل، وميمون بن مهران وموسى بن عقبة، وابن عون والأعمش وغيرهم من التابعين.
وروى عنه من غير التابعين ابن جريج، والأوزاعي ومالك والليث، ويونس بن عبيد وابن أبي ذؤيب، وبنو نافع عبد الله وعمر وأبو بكر، وابن أبي ليلى، والضحاك بن عثمان، وكثير غيرهم.
أجمعوا على توثيقه، وأمانته وعلو منزلته في رواية الحديث، حتى قال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، وقال مالك: إذا سمعت من نافع حديث عن ابن عمر، لا أبالي إلا أسمعه من غيره". وقال عبيد الله بن عمر: لقد من الله علينا بنافع"، وقال ابن عيينة: أي حديث أوثق من حديث نافع"، ولبعد شأوه في الحديث والفقه، ومعرفته بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتدبه عمر بن عبد العزيز الخليفة العالم، بمصر يعلمهم أحكام الدين، ويرويهم الحديث.
قال محمد بن سعد: "بعث عمر بن عبد العزيز نافعا إلى مصر يعلمهم السنة" قال: "وكان كثير الحديث"، توفي نافع بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة:
هو، التابعي الجليل، والحافظ المتقن، عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني. اتفقوا على إمامته وجلالته، وكثرة حفظه للحديث، وضبطه له وثقته فيه، حتى كان ابن عباس يعزه ويكرمه، لنباهته وعلو شأنه في الحديث والفقه، ويقول الزهري:"ما جالست عالما، إلا ورأيت أني أتيت على ما عنده، إلا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فإني لم آته إلا وجدت عنده علما طريفا"،
قال عبيد الله: ما سمعت حديثا قط، فأشاء أن أعيه إلا وعيته"، ولعلو كعبه في علوم الدين وحفظه لكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختير لأن يكون معلما لعمر بن عبد العزيز. قال ابن سعد: "كان عالما ثقة، فقيها كثير الحديث".
أخذ عبيد الله العلم عن جماعات من الصحابة، فسمع ابن عباس وابن عمر، وأبا هريرة، وأبا سعيد الخدري، وأبا واقد الليثي، وزيد بن
خالد والنعمان بن بشير وعائشة، وفاطمة بنت قيس وغيرهم من الصحابة، كما سمع كثيرا من كبار التابعين. وروى عنه الحديث عراك بن مالك، والزهري وأبو الزناد، وصالح بن كيسان وغيرهم. وتوفي سنة 99 على أحد الأقوال.
سالم بن عبد الله بن عمر:
هو، أبو عبد الله سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، القرشي العدوي، المدني التابعي الإمام، سمع أباه وأبا أيوب الأنصاري، ورافع بن خديج، وأبا هريرة وعائشة، كما سمع جماعات من التابعين، وروى عنه من التابعين عمرو بن دينار، ونافع مولى أبيه والزهري، وموسى بن عقبة، وحميد الطويل، وصالح بن كيسان وغيرهم من التابعين، كما يروى عنه خلائق من أتباع التابعين.
أجمعوا على جلالته وإمامته في الفقه والحديث، حتى قال إسحاق بن راهويه: أصح الأسانيد الزهري، عن سالم عن أبيه، وقال محمد بن سعد:"كان سالم كثير الحديث عاليا في الرجال ورعا".
توفي سالم سنة ست ومائة في قول البخاري وأبي نعيم.
الشعبي:
هو عامر بن شراحيل علامة التابعين. ولد الشعبي في خلافة عمر بن الخطاب سنة سبع عشرة. وكان إماما حافظا، وفقيها بارعا. روى الحديث عن علي بن أبي طالب، وعن أبي هريرة وابن عباس وعائشة، وابن عمر وغيرهم. وهو أكبر شيخ للإمام أبي حنيفة رضي الله عنه. ولي قضاء الكوفة زمنا، وظهرت فتواه زمن الصحابة، مما يدل على أنه كان على جانب عظيم في الحديث، والفقه.
وقد اتفق العلماء على إمامته وثقته، وأثنوا على علمه وفضله، وتواضعه ونبله. قال مكحول: ما رأيت أعلم من الشعبي، وقال عنه أبو حصين: ما رأيت أحدا قط أفقه من الشعبي، وقال ابن سيرين لأبي بكر الهذلي: الزم الشعبي فقد رأيته يستفتى والصحابة متوافرون، وقال ابن أبي ليلى: كان الشعبي صاحب آثار وكان إبراهيم صاحب قياس، وجاء عن الشعبي أنه كان يقول:"إنا لسنا بالفقهاء، ولكنا سمعنا الحديث ورويناه، الفقيه من إذا علم عمل". توفي رحمه الله سنة 104 مائة وأربع هجرية.
إبراهيم النخعي:
هو، أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، الكوفي، فقيه أهل الكوفة، التابعي الجليل، دخل على عائشة رضي الله عنها، ولم يثبت له سماع عنها بل سمع جماعة من كبار التابعين، منهم علقمة وخالاه الأسود، وعبد الرحمن بنا يزيد ومسروق وغيرهم. وروى عنه جماعة من التابعين منهم السبيعي، وحبيب بن أبي ثابت، وسماك بن حرب والأعمش، وحماد بن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة.
أجمع العلماء على توثيقه وبراعته في الفقه، فالشعبي يقول حين توفي إبراهيم: ما ترك أحدا أعلم منه، أو أفقه قبل ولا الحسن وابن سيرين قال: ولا الحسن وابن سيرين، ولا من أهل البصرة ولا الكوفة، ولا الحجاز ولا الشام.
وإبراهيم وإن لم يحدث عن أحد من الصحابة، مع أنه أدرك جماعة منهم، فقد كان على منزلة في الحديث، ومكانة في علم الرواية، حتى قال الأعمش فيه:"كان النخعي صيرفي الحديث"، وهذه كلمة لها
مغزى عظيم، فإن العالم لا يبلغ أن يكون نقاده في الحديث إلا إذا حفظ كثيرا منه، وعرف كثيرا من أحوال رواته، وكذلك كان إبراهيم.
قال أبو زرعة: "النخعي علم من أعلام الإسلام"، وقال العجلي: كان النخعي فقيها، متوقيا قليل التكلف
…
توفي سنة 96هـ، سنة ست وتسعين.
علقمة:
هو، التابعي الكبير، والفقيه الجليل، أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي عم الأسود، وعبد الرحمن بني يزيد وخالي إبراهيم النخعي.
سمع عمر بن الخطاب وعثمان، وعليا وابن مسعود وسلمان الفارسي، وخبابا وحذيفة وأبا موسى، وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
وروى عنه أبو وائل وإبراهيم النخعي، والشعبي وابن سيرين، وعبد الرحمن بن يزيد وأبو الضحى، وغيرهم من التابعين.
أجمعوا على جلالته ووفور علمه، وجميل سيرته حتى قال إبراهيم:
"كان علقمة يشبه ابن مسعود"، وقال السبيعي: كان علقمة من الربانيين، وقال أحمد بن حنبل:"علقمة ثقة من أهل الخير"، وقال أبو سعد السمعاني:"كان علقمة أكبر أصحاب ابن مسعود وأشبههم هديا ودلا به". وتوفي سنة 62هـ.