الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة الكتاب
المبحث الأول: معنى السنة لغة واصطلاحا
…
مقدمة الكتاب:
وتشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول - معنى السنة لغة واصطلاحا.
المبحث الثاني - السنة من الوحي.
المبحث الثالث - منزلة السنة في الدين.
المبحث الرابع - السنة مبينة للقرآن الكريم.
المبحث الأول: معنى السنة لغة واصطلاحا
السنة في اللغة: الطريقة حسنة كانت أم سيئة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"من سن سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"، رواه مسلم. قال في لسان العرب "السنة السيرة حسنة كانت أو قبيحة. قال خالد بن عتبة الهذلي:-
فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها
…
فأول راض سنة من يسيرها
وسننتها سنا واستننتها سرتها، وسننت لكم سنة فاتبعوها، وفي
الحديث "من سن سنة حسنة" إلخ يريد عملها ليقتدَى به فيها. وكل من ابتدأ أمرا عمل به قوم بعده قيل: هو الذي سنه.
قال نصيب:-
كأني سننت الحب أول عاشق
…
من الناس إذ أحببت من بينهم وحدي
وقد تكرر في الحديث ذكر السنة، وما تصرف منها والأصل فيه الطريقة والسيرة. وإذا أطلقت في الشرع، فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا مما لم ينطق به الكتاب العزيز؛ ولهذا يقال في أدلة الشرع الكتاب والسنة أي القرآن والحديث". اهـ.
السنة في لسان أهل الشرع:
يختلف معنى السنة عند أهل الشرع حسب اختلاف الأغراض التي اتجهوا إليها من أبحاثهم، فمثلا علماء أصول الفقه عنوا بالبحث عن الأدلة الشرعية وعلماء الحديث عنوا بنقل ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعلماء الفقه عنوا بالبحث عن الأحكام الشرعية من: فرض وواجب ومندوب وحرام ومكروه. والمتصدرون للوعظ والإرشاد، عنوا بكل ما أمر به الشرع أو نهى عنه. لذلك اختلف المراد من لفظ السنة عندهم، بل وقد يقع الاختلاف أيضا بين علماء الطائفة الواحدة منهم.
فعلماء الأصول يطلقون لفظ السنة على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، وبعض الأصوليين يطلق لفظ السنة على ما عمل عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء أكان ذلك في الكتاب
العزيز أم عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، كما فعلوا في جمع المصحف وتدوين الدواوين ونحو ذلك. ويدل على هذا الإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي"، وذهب إلى هذا أيضا طائفة من المحدثين.
وعلماء الفقه، يريدون بالسنة الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب.
وعلماء الوعظ والإرشاد يريدون بالسنة ما قابل البدعة، فيقال عندهم فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عمل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك ما نص عليه في الكتاب العزيز، أم لا ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك.
وعلماء الحديث يريدون بالسنة -على ما ذهب إليه جمهورهم- أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، وصفاته الخلقية والخلقية وسيره، ومغازيه وبعض أخباره قبل البعثة مثل تحنثه في غار حراء، ومثل حسن سيرته؛ لأن الحال يستفاد منها ما كان عليه من كريم الأخلاق ومحاسن الأفعال؛ كقول خديجة أم المؤمنين له صلى الله عليه وسلم:"كلا والله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق"، ومثل أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وأنه عُرف بالصدق والأمانة، وما إلى ذلك من صفات الخير وحسن الخلق، فمثل ذلك يُنتفع به في إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم كثيرا، كما حصل من هرقل في حديثه المشهور. والسنة بهذا المعنى مرادفه للحديث النبوي عندهم.