الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف:
الحمد لله رب العالمين. بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته، ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، الذين رفعوا منار الهداية، وحملوا راية السنة، وأعلوا شأن الرواية، وأحاطوا أحاديث نبيهم بسياج من الصيانة والرعاية؛ فنفوا عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وبعد فإن الله جلت حكمته، أنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، ثم وكل سبحانه إلى رسوله الأمين تبيان هذا الكتاب فقال سبحانه:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ، والرسول صلى الله عليه وسلم في بيانه للقرآن الكريم لا ينطق عن الهوى:{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} لذلك أوجب الله علينا طاعته، وحذرنا معصيته، فقال تبارك وتعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، وقال:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، فالقرآن والسنة هما أساس الدين، والنور الهادي إلى الصراط المستقيم.
ولما كان للسنة النبوية هذه المكانة العظمى، عرف السلف الصالح
للسنة قدرها ومكانتها، فرعوها حق رعايتها، وحفظوها في الصدور، وأودعوها سويداء القلوب، ودونوها في المصنفات والكتب، وحكموها في شئونهم، وكانوا بها مستمسكين، وعلى نهجها سائرين، وما زال العلماء في كل عصر يعنون بالسنة عناية تامة علما وعملا، حتى جاءت عصور ضعف فيها المسلمون، فخلف من بعد هؤلاء الأعلام خلف تهاونوا بشأنها، وتقاعدوا عن حفظها، فاستعجم عليهم فهمها، واستغلق لديهم الوقوف على أسانيدها ومتونها، وكان من أثر ذلك أن رأينا أرباب الأديان المبدلة، والعقائد الزائفة، والأهواء المتبعة، يطعنون في سنة نبينا، ويغضون من شأن الأحاديث النبوية، فمن قائل: لا يعتمد عليها الآن لانقطاع أسانيدها، ومن قائل: إن السنة ليست دينا عاما دائما، ومن قائل: إن الأغلبية العظمى من الأحاديث ليست إلا من وضع الوضاعين، واختلاق الكذابين، ومن طاعن في صحابة رسول الله وهم الحلقة الأولى في سلسلة الإسناد، الذي يصلنا بصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم، ومن مشوه للحقائق التاريخية الثابتة فتراه يخلط الحق بالباطل، ويحمل البريء تبعة المذنب، ويغلب الشر على الخير، ومن متلمس للهفوات يضخم من شأنها، فيرفعها إلى درجة العظائم، لينال من هذه الملة المطهرة، والسنة النبوية المشرفة، إلى غير ذلك من أنواع المكايد والطعون التي يبثها أعداء الإسلام.
فلما رأيت هذا الخلط والتلبيس، وذلك الطعن والأزراء، دون برهان ولا دليل، وغالب ذلك من المستشرقين، ومن حذا حذوهم من المفتونين، ورأيت القوم مسرفين في تبجح واسترسال؛ توجهت رغبتي إلى تأليف كتاب في تاريخ الحديث والمحدثين، يكشف القناع عن وجه الحقيقة، التي طالما شوه جمالها أصحاب الأهواء، ويوضح الحق من
الضلال ويميز الخطأ من الصواب، فأكون بذلك -إن شاء الله- منتظما في سلك المناضلين عن سنة خير المرسلين، ومنضويا تحت لواء البررة المجاهدين.
هذا ولما كانت السنة النوية قد تواردت عليها عصور مختلفة، وتدرجت في أطوار متباينة، ولكل طور منها طابعه الخاص؛ رأيت أن أرتب هذا الكتاب على مقدمة وسبعة أدوار وخاتمة.
المقدمة: في معنى السنة ونسبتها إلى الوحي، ومنزلتها في الدين وبيانها للقرآن الكريم.
الدور الأول: السنة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
الدور الثاني: السنة في عهد الخلافة الراشدة.
الدور الثالث: السنة بعد الخلافة الراشدة إلى منتهى القرن الأول الهجري.
الدور الرابع: السنة في القرن الثاني.
الدور الخامس: السنة في القرن الثالث.
الدور السادس: السنة من مبدأ القرن الرابع إلى سقوط بغداد عام 656هـ.
الدور السابع: السنة من عام 656هـ إلى عصرنا الحاضر.
الخاتمة: في ذكر أنواع من علوم الحديث ناطقة بجهود الأمة في خدمة السنة.
والله تعالى أسأل أن يوفقنا لخدمة العلم والدين، وأن يديم به النفع العميم إنه على ما يشاء قدير، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
محمد محمد أبو زهو