المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في ذكر صحيح البخاري وفيه أوصال - الحطة في ذكر الصحاح الستة

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌خطْبَة الْكتاب

- ‌فَاتِحَة وفيهَا فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي فَضِيلَة الْعلم وَالْعُلَمَاء وَمَا يُنَاسِبهَا تدرسون الْفَوَائِد الْعليا

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي شرف علم الحَدِيث وفضيلة الْمُحدثين

- ‌ الْبَاب الأول فِي معرفَة علم الحَدِيث ومبدأ جمعه وتدوينه ونقلته وَمَا يتَّصل بذلك وَفِيه فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول فِي معرفَة علم الحَدِيث

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي مبدأ جمع الحَدِيث وتأليفه وانتشاره

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي اخْتِلَاف الْأَغْرَاض فِي تصانيف علم الحَدِيث

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي أَنْوَاع كتب الحَدِيث كثر الله سوادها

- ‌الْقسم الأول من المصنفات فِي الْأَحَادِيث

- ‌الْقسم الثَّانِي من المصنفات فِي الحَدِيث المسانيد

- ‌وَالْقسم الثَّالِث مِنْهَا المعجم

- ‌وَالْقسم الرَّابِع مِنْهَا الْأَجْزَاء

- ‌وَالْقسم الآخر مِنْهَا أَرْبَعُونَ حَدِيثا

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي ذكر نقلة الحَدِيث من أهل الِاجْتِهَاد والْحَدِيث

- ‌ الْبَاب الثَّانِي فِي فروع علم الحَدِيث وَذكر الْكتب المصنفة فِيهَا

- ‌الْفَصْل الأول فِي علم الحَدِيث رِوَايَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي علم الحَدِيث دراية

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي علم نَاسخ الحَدِيث ومنسوخه

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي علم النّظر فِي الْأَسَانِيد

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي علم الثقاة والضعفاء من رُوَاة الحَدِيث

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي علم تلفيق الحَدِيث

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي علم الْجرْح وَالتَّعْدِيل

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي علم أَسمَاء الرِّجَال

- ‌الْفَصْل التَّاسِع فِي علم رجال الْأَحَادِيث أَي رواتها

- ‌الْفَصْل الْعَاشِر فِي علم أَحْوَال رُوَاة الحَدِيث من وفياتهم وقبائلهم وأوطانهم وجرحهم وتعديلهم وَغير ذَلِك

- ‌الْفَصْل الْحَادِي عشر فِي علم غَرِيب الحَدِيث وَالْقُرْآن

- ‌الْفَصْل الثَّانِي عشر فِي علم شرح الحَدِيث

- ‌الْفَصْل الثَّالِث عشر فِي علم الْأَدْعِيَة والأوراد

- ‌الْفَصْل الرَّابِع عشر فِي علم طب النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي علم متن الحَدِيث

- ‌الْفَصْل السَّادِس عشر فِي علم رموز الحَدِيث

- ‌الْفَصْل السَّابِع عشر فِي علم وضع الحَدِيث

- ‌ الْبَاب الثَّالِث فِي طَبَقَات كتب الحَدِيث وَذكر الْأَحَادِيث المحتج بهَا فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وأنواع ضبط الحَدِيث وَتحمل الحَدِيث وتعريف الْمُحدث وَمَا يتَّصل بذلك وَفِيه فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول فِي طَبَقَات كتب الحَدِيث

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر الْأَحَادِيث المحتج بهَا فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي ضبط الحَدِيث ودرسه وتحمله

- ‌فِي صفة الْمُحدث وتقصير النَّاس فِي طلب علم الحَدِيث وَمَا يُنَاسِبه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي قلَّة علم الحَدِيث بِأَرْض الْهِنْد وَمَا يُنَاسِبهَا

- ‌ الْبَاب الرَّابِع فِي ذكر الْأُمَّهَات السِّت وشروحها وَمَا يَليهَا وَفِيه فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول فِي ذكر موطأ مَالك بن أنس رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر صَحِيح البُخَارِيّ وَفِيه أوصال

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي ذكر الْجَامِع الصَّحِيح للْإِمَام الْحَافِظ أبي الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج الْقشيرِي الشَّافِعِي الْمُتَوفَّى سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي ذكر الْجَامِع الصَّحِيح للْإِمَام الْحَافِظ أبي عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى البوغي التِّرْمِذِيّ رَحمَه الله تَعَالَى

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي ذكر السّنَن لأبي دَاوُد سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث بن اسحاق الْأَزْدِيّ السجسْتانِي الْمُتَوفَّى سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي ذكر السّنَن لأبي عبد الرَّحْمَن بن شُعَيْب النَّسَائِيّ الْحَافِظ المتوفي سنة ثَلَاث وثلاثمائة

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي ذكر سنَن ابْن مَاجَه لأبي عبد الله بن يزِيد بن مَاجَه الْقزْوِينِي الْحَافِظ المتوفي سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي ذكر مُسْند الإِمَام أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل المتوفي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ

- ‌ الْبَاب الْخَامِس فِي تراجم أَصْحَاب الْأُمَّهَات السِّت وَالْإِمَام مَالك وَأحمد بن حَنْبَل رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَفِيه فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول فِي تَرْجَمَة الإِمَام مَالك

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن اسماعيل البُخَارِيّ

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي تَرْجَمَة مُسلم بن الْحجَّاج

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي تَرْجَمَة أبي دَاوُد السجسْتانِي

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي تَرْجَمَة أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي تَرْجَمَة النَّسَائِيّ

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي تَرْجَمَة ابْن مَاجَه

- ‌الْفَصْل الثَّامِن فِي تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد

- ‌خَاتِمَة

الفصل: ‌الفصل الثاني في ذكر صحيح البخاري وفيه أوصال

ابْن الْقَاسِم الْمصْرِيّ امتاز بالاختصاص فِي صَحبه مَالك مَعَ طولهَا وَحسن الْعِنَايَة بمتابعته مَعَ مَا كَانَ فِيهِ من الْفَهم وَالْعلم والورع وسلامته من التكثر فِي النَّقْل من غير مَالك وَشَرحه أَعنِي الْمُوَطَّأ خَاتِمَة الْمُحدثين مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن يُوسُف بن أَحْمد بن علوان الزّرْقَانِيّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي المتوفي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَة وَألف شرحا بسيطا فِي ثَلَاث مجلدات انْتهى مُلَخصا

‌الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر صَحِيح البُخَارِيّ وَفِيه أوصال

وَهُوَ الْمسند الْجَامِع الصَّحِيح الْمُخْتَصر من أُمُور رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه كَمَا سَمَّاهُ مُؤَلفه الْمَشْهُور بِصَحِيح البُخَارِيّ للْإِمَام الْحَافِظ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث أبي عبد الله مُحَمَّد بن اسماعيل الْجعْفِيّ البُخَارِيّ المتوفي بقرية خرتنك سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَهَذَا الْفَصْل يَشْمَل أوصالا وصل

هُوَ أول مُصَنف صنف فِي الصَّحِيح الْمُجَرّد وَأول الْكتب السِّتَّة فِي الحَدِيث وأفضلها عِنْد الْجُمْهُور على الْمَذْهَب الْمُخْتَار الْمَنْصُور قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح صَحِيح مُسلم اتّفق الْعلمَاء على أَن أصح الْكتب بعد الْقُرْآن الْكَرِيم الصحيحان صَحِيح البُخَارِيّ وصحيح مُسلم وتلقاهما الْأَئِمَّة بِالْقبُولِ وَكتاب البُخَارِيّ أصَحهمَا صَحِيحا وأكثرهما فَوَائِد وَقد صَحَّ أَن مُسلما كَانَ مِمَّن يَسْتَفِيد مِنْهُ ويعترف بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَظِير فِي علم الحَدِيث وَهَذَا التَّرْجِيح هُوَ الْمُخْتَار الَّذِي قَالَه الْجُمْهُور ثمَّ إِن شَرطهمَا أَن يخرجَا الحَدِيث الْمُتَّفق على ثِقَة نقلته إِلَى الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور من غير اخْتِلَاف بَين الثِّقَات وَيكون إِسْنَاده مُتَّصِلا غير مَقْطُوع وَإِن كَانَ للصحابي راويان فَصَاعِدا فَحسن وَإِن لم يكن لَهُ إِلَّا راو وَاحِد وَصَحَّ الطَّرِيق إِلَى ذَلِك الرَّاوِي أَخْرجَاهُ وَالْجُمْهُور على تَقْدِيم

ص: 168

صَحِيح البُخَارِيّ قلت وَبَعض المغاربة رجحوا صَحِيح مُسلم على صَحِيح البُخَارِيّ وَالْجُمْهُور يَقُولُونَ أَن هَذَا فِيمَا يرجع إِلَى حسن الْبَيَان والسياق وجودة الْوَضع وَالتَّرْتِيب ورعاية دقائق الإشارات ومحاسن النكات فِي الْأَسَانِيد وَهَذَا خَارج عَن الْبَحْث وَالْكَلَام فِي الصِّحَّة وَالْقُوَّة وَمَا يتَعَلَّق بهَا وَلَيْسَ كتاب يُسَاوِي صَحِيح البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب بِدَلِيل كَمَال الصِّفَات الَّتِي اعْتبرت فِي الصِّحَّة فِي رِجَاله وَبَعْضهمْ توقف فِي تَرْجِيح أَحدهمَا على الآخر وَالْحق هُوَ الأول انْتهى قَالَ الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن الديبع نظم

(تنَازع قوم فِي البُخَارِيّ وَمُسلم

لدي وَقَالُوا أَي ذين يقدم)

(فَقلت لقد فاق البُخَارِيّ صِحَة

كَمَا فاق فِي حسن الصِّنَاعَة مُسلم) وَقَالَ بَعضهم نظم

(قَالُوا لمُسلم فضل

قلت البُخَارِيّ جللا)

(قَالُوا البُخَارِيّ يُكَرر

قلت المكرر أحلى)

قَالَ النَّوَوِيّ وَأما رجحانه من حَيْثُ الِاتِّصَال فلاشتراطة أَن يكون الرَّاوِي قد ثَبت لَهُ لِقَاء من روى عَنهُ وَلَو مرّة وَاكْتفى مُسلم بِمُطلق المعاصرة وَأما رجحانه من حَيْثُ الْعَدَالَة والضبط فَلِأَن الرِّجَال الَّذين تكلم فيهم من رجال مُسلم أَكثر عددا من رجال البُخَارِيّ مَعَ أَن البُخَارِيّ لم يكثر من إِخْرَاج حَدِيثهمْ وَأما رجحانه من حَيْثُ عدم الشذوذ والإعلال فَمَا انتقد على البُخَارِيّ من الْأَحَادِيث أقل عددا مِمَّا انتقد على مُسلم وَأما الَّتِي انتقدت عَلَيْهِمَا فأكثرها لَا يقْدَح فِي أصل مَوْضُوع الصَّحِيح فَإِن جَمِيعهَا وَارِدَة من جِهَة أُخْرَى وَقد علم أَن الْإِجْمَاع وَاقع على تلقي كتابهما بِالْقبُولِ وَالتَّسْلِيم إِلَّا مَا انتقد عَلَيْهِمَا وَالْجَوَاب عَن ذَلِك على الْإِجْمَال أَنه لَا ريب فِي تَقْدِيم الشَّيْخَيْنِ على أَئِمَّة عصرهما وَمن بعدهمَا فِي معرفَة الصَّحِيح والعلل وَقد روى الْفربرِي عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ مَا أدخلت فِي الصَّحِيح حَدِيثا إِلَّا بعد أَن استخرت الله تَعَالَى وَثبتت صِحَّته وَكَانَ مُسلم يَقُول عرضت كتابي على أبي زرْعَة

ص: 169

فَكلما أَشَارَ إِلَى أَن لَهُ عِلّة تركته فَإِذا علم هَذَا فقد تقرر أَنَّهُمَا لَا يخرجَانِ من الحَدِيث إِلَّا مَا لَا عِلّة لَهُ أَو لَهُ عِلّة إِلَّا أَنَّهَا غير مُؤثرَة وعَلى تَقْدِير تَوْجِيه كَلَام من انتقد عَلَيْهِمَا يكون كَلَامه مُعَارضا لتصحيحهما وَلَا ريب فِي تقديمهما فِي ذَلِك على غَيرهمَا فيندفع الِاعْتِرَاض من حَيْثُ الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل فِي مَحَله وصل

إعلم أَن البُخَارِيّ قد الْتزم مَعَ صِحَة الْأَحَادِيث استنباط الْفَوَائِد الْفِقْهِيَّة والنكتة الْحكمِيَّة فاستخرج بفهمه الثاقب من الْمُتُون مَعَاني كَثِيرَة فرقها فِي أبوابه بِحَسب الْمُنَاسبَة واعتنى فِيهَا بآيَات الْأَحْكَام وسلك فِي الإشارات إِلَى تَفْسِيرهَا السبل الوسيعة وَمن ثمَّ أخلى كثيرا من الْأَبْوَاب من ذكر إِسْنَاد الحَدِيث وَاقْتصر على قَوْله فلَان عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد يذكر الْمَتْن بِغَيْر إِسْنَاد وَقد يُورِدهُ مُعَلّقا لقصد الِاحْتِجَاج إِلَى مَا ترْجم لَهُ وَأَشَارَ للْحَدِيث لكَونه مَعْلُوما سبق قَرِيبا وَيَقَع فِي كثير من أبوابه أَحَادِيث كَثِيرَة وَفِي بَعْضهَا آيَة من الْقُرْآن فَقَط وَفِي بَعْضهَا لَا شَيْء فِيهِ

ذكر أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ فِي رجال البُخَارِيّ أَنه استنسخ البُخَارِيّ من أَصله الَّذِي كَانَ عِنْد الْفربرِي فَرَأى أَشْيَاء لم تتمّ وَأَشْيَاء مبيضة مِنْهَا تراجم لم يثبت بعْدهَا شَيْء وَأَحَادِيث لم ترْجم لَهَا فأضاف بعض ذَلِك إِلَى بعض قَالَ وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَن رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي والكشمهيني وَابْن زيد الْمروزِي مُخْتَلفَة بالتقديم وَالتَّأْخِير مَعَ أَنهم استنسخوها من أصل وَاحِد وَإِنَّمَا ذَلِك بِحَسب مَا قد رأى كل مِنْهُم وَيبين ذَلِك أَنَّك تَجِد ترجمتين وَأكْثر من ذَلِك متصلتان لَيْسَ بَينهمَا أَحَادِيث وَفِي قَول الْبَاجِيّ نظر من حَيْثُ أَن الْكتاب قري على مُؤَلفه وَلَا ريب أَنه لم يقْرَأ عَلَيْهِ إِلَّا مُرَتبا مبوبا فَالْعِبْرَة بالرواية

ثمَّ إِن تراجم الْأَبْوَاب قد تكون ظَاهِرَة وخفية فالظاهرة أَن تكون دَالَّة بالمطابقة لما يُورِدهُ وَقد تكون بِلَفْظ المترجم لَهُ أَو بِبَعْضِه أَو بِمَعْنَاهُ

ص: 170

وَكَثِيرًا مَا يترجم بِلَفْظ الِاسْتِفْهَام وبأمر ظَاهر وبأمر يخْتَص بِبَعْض الوقائع وَكَثِيرًا مَا يترجم بِلَفْظ يُؤَدِّي إِلَى معنى حَدِيث وَلم يَصح على شَرطه أَو يَأْتِي بِلَفْظ الحَدِيث الَّذِي لم يَصح على شَرطه صَرِيحًا فِي التَّرْجَمَة ويورد فِي الْبَاب مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ بِأَمْر ظَاهر تَارَة وَتارَة بِأَمْر خَفِي فَكَأَنَّهُ يَقُول لم يَصح فِي الْبَاب شَيْء على شرطي وَلِهَذَا اشْتهر فِي قَول جمع من الْفُضَلَاء فقه البُخَارِيّ فِي تراجمه وللغفلة عَن هَذِه الدقيقة اعْتقد من لم يمعن النّظر أَنه ترك الْبَاب بِلَا تبييض وَبِالْجُمْلَةِ فتراجمه حيرت الأفكار وأدهشت الْعُقُول والأبصار وَإِنَّمَا بلغت هَذِه الْمرتبَة لما رُوِيَ أَنه بيضها بَين قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومنبره وَإنَّهُ كَانَ يُصَلِّي لكل تَرْجَمَة رَكْعَتَيْنِ وَأما تقطيعه للْحَدِيث واختصاره وإعادته فِي الْأَبْوَاب فَإِنَّهُ كَانَ يذكر الحَدِيث فِي مَوَاضِع ويستدل بِهِ فِي كل بَاب بِإِسْنَاد آخر ويستخرج مِنْهُ معنى يَقْتَضِيهِ الْبَاب الَّذِي أخرجه فِيهِ وقلما يُورد حَدِيثا فِي موضِعين بِإِسْنَاد وَاحِد وَلَفظ وَاحِد وَإِنَّمَا يُورِدهُ من طَرِيق أُخْرَى لمعان وَالَّتِي ذكرهَا فِي موضِعين سندا ومتنا مَعًا ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ حَدِيثا وَأما اقْتِصَاره على بعض الْمَتْن من غير أَن يذكر الْبَاقِي فِي مَوضِع آخر فَإِنَّهُ لَا يَقع لَهُ ذَلِك فِي الْغَالِب إِلَّا حَيْثُ يكون الْمَحْذُوف مَوْقُوفا على الصَّحَابِيّ وَفِيه شَيْء قد يحكم بِرَفْعِهِ فَيقْتَصر على الْجُمْلَة الَّتِي حكم لَهَا بِالرَّفْع ويحذف الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَا تعلق لَهُ بِموضع كِتَابه كَذَا فِي مُقَدّمَة فتح الْبَارِي وصل

وَأما إِيرَاد البُخَارِيّ الْأَحَادِيث الْمُعَلقَة مَرْفُوعَة وموقوفة فيوردها تَارَة مَجْزُومًا بهَا كقال وَفعل فعلهَا حكم الصَّحِيح وَتارَة غير مجزوم بهَا كيروى وَيذكر وَتارَة يُوجد فِي مَوضِع آخر مِنْهُ مَوْصُولا وَتارَة معلقَة للاختصار أَو لكَونه لم يحصل عِنْده مسموعا أَو شكّ فِي سَمَاعه أَو سَمعه مذاكرة وَلم يُورِدهُ فِي مَوضِع آخر فَمِنْهُ مَا هُوَ صَحِيح إِلَّا أَنه لَيْسَ على شَرطه وَمِنْه مَا هُوَ حسن وَمِنْه مَا هُوَ ضَعِيف وَأما الْمَوْقُوفَات فَإِنَّهُ يجْزم فِيهَا بِمَا صَحَّ عِنْده وَلم يكن على شَرطه وَلَا يجْزم بِمَا كَانَ فِي إِسْنَاده ضعف أَو انْقِطَاع وَإِنَّمَا يُورِدهُ على طَرِيق الِاسْتِئْنَاس والتقوية

ص: 171

لما يختاره من الْمذَاهب والمسائل الَّتِي فِيهَا الْخلاف بَين الْأَئِمَّة فَجَمِيع مَا يُورِدهُ فِيهِ إِمَّا أَن يكون مِمَّا ترْجم بِهِ أَو مِمَّا ترْجم لَهُ فالمقصود فِي هَذَا التَّأْلِيف بِالذَّاتِ هُوَ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَهِي الَّتِي ترْجم لَهَا وَالْمَذْكُور بِالْعرضِ والتبع الْآثَار الْمَوْقُوفَة والمعلقة والآيات المكرمة فَجَمِيع ذَلِك ترْجم لَهُ فقد بَان أَن مَوْضُوعه إِنَّمَا هُوَ المسندات وَالْمُعَلّق لَيْسَ بِمُسْنَد انْتهى من هدي الساري مُقَدّمَة فتح الْبَارِي

وَقَالَ الشَّيْخ عبد الْحق الدهلوي فِي مُقَدّمَة اللمعات التعليقات كَثِيرَة فِي تراجم صَحِيح البُخَارِيّ وَلها حكم الِاتِّصَال لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْكتاب لَا يَأْتِي إِلَّا بِالصَّحِيحِ وَلكنهَا لَيست فِي مرتبَة مسانيدها إِلَّا مَا ذكر مِنْهَا مُسْندًا فِي مَوضِع آخر من كِتَابه وَقد يفرق فِيهَا بِأَن مَا ذكر بِصِيغَة الْجَزْم والمعلوم كقال فلَان أَو ذكر فلَان دلّ على ثُبُوت إِسْنَاده عِنْده فَهُوَ صَحِيح قطعا وَمَا ذكره بِصِيغَة التمريض والمجهول كقيل وَيُقَال وَذكر فَفِي صِحَّته عِنْده كَلَام وَلكنه لما أوردهُ فِي هَذَا الْكتاب كَانَ لَهُ أصل ثَابت وَلِهَذَا قَالُوا تعليقات البُخَارِيّ مُتَّصِلَة صَحِيحَة انْتهى

قَالَ الْمولى ولي الله الْمُحدث الدهلوي أول مَا صنف أهل الحَدِيث فِي علم الحَدِيث وجعلوه مدونا فِي أَرْبَعَة فنون فِي السّنة أَعنِي الَّذِي يُقَال لَهُ الْفِقْه مثل موطأ مَالك وجامع سُفْيَان وفن التَّفْسِير مثل كتاب ابْن جريج وفن السّير مثل كتاب مُحَمَّد بن اسحاق وفن الزّهْد مثل كتاب ابْن الْمُبَارك فَأَرَادَ البُخَارِيّ أَن يجمع الْفُنُون الْأَرْبَعَة فِي كتاب ويجرد مَا حكم لَهُ الْعلمَاء بِالصِّحَّةِ قبل البُخَارِيّ وَفِي زَمَانه ويجرده للْحَدِيث الْمَرْفُوع الْمسند وَمَا فِيهِ من الْآثَار وَغَيرهَا إِنَّمَا جَاءَ بتبعا لَا بِالْأَصَالَةِ لهَذَا سمي كِتَابه بالجامع الصَّحِيح الْمسند وَأَرَادَ أَن يفرغ جهده فِي الاستنباط من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ويستنبط من كل حَدِيث مسَائِل كَثِيرَة جدا وَهَذَا أَمر لم يسْبقهُ إِلَيْهِ غَيره غير أَنه اسْتحْسنَ أَن يفرق الْأَحَادِيث فِي الْأَبْوَاب ويودع فِي تراجم الْأَبْوَاب سر الاسنباط

ص: 172

وصل

وَجُمْلَة تراجم أبوابه تَنْقَسِم أقساما مِنْهَا أَنه يترجم بِحَدِيث مَرْفُوع لَيْسَ على شَرطه وَيذكر فِي الْبَاب حَدِيثا شَاهدا لَهُ على شَرطه

وَمِنْهَا أَنه يترجم بِحَدِيث مَرْفُوع لَيْسَ على شَرطه لمسألة استنبطها من الحَدِيث بِنَحْوِ من الاستنباط من نَصه أَو إِشَارَته أَو عُمُومه أَو إيمائه أَو فحواه

وَمِنْهَا أَنه يترجم بِمذهب ذهب إِلَيْهِ ذَاهِب قبله وَيذكر فِي الْبَاب مَا يدل عَلَيْهِ بِنَحْوِ من الدّلَالَة لَو يكون شَاهدا لَهُ فِي الْجُمْلَة من غير قطع يترجيح ذَلِك الْمَذْهَب فَيَقُول بَاب من قَالَ كَذَا

وَمِنْهَا أَنه يترجم بِمَسْأَلَة اخْتلف فِيهَا الْأَحَادِيث فَيَأْتِي بِتِلْكَ الْأَحَادِيث على اختلافها ليقرب إِلَى الْفَقِيه من بعده أمرهَا مِثَاله بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز جمع فِيهِ حديثين مُخْتَلفين

وَمِنْهَا أَنه قد يتعارض الْأَدِلَّة وَيكون عِنْد البُخَارِيّ وَجه تطبيق بَينهَا يحمل كل وَاحِد محمل فيترجم بذلك الْمحمل إِشَارَة إِلَى التطبيق مِثَاله بَاب خوف الْمُؤمن أَن يحبط عمله وَمَا يحذر من الْإِصْرَار على التقابل والعصيان ذكر فِيهِ حَدِيث سباب الْمُسلم فسوق وقتاله كفر

وَمِنْهَا أَنه قد يجمع فِي الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة كل وَاحِد مِنْهَا يدل على التَّرْجَمَة ثمَّ يظْهر لَهُ فِي حَدِيث وَاحِد فَائِدَة أُخْرَى سوى الْفَائِدَة المترجم عَلَيْهَا فَيعلم ذَلِك الحَدِيث بعلامة الْبَاب وَلَيْسَ غَرَضه أَن الْبَاب الأول قد انْقَضى بِمَا فِيهِ وَجَاء الْبَاب الآخر بِرَأْسِهِ وَلَكِن قَوْله بَاب هُنَالك بِمَنْزِلَة مَا يكْتب أهل الْعلم على الْفَائِدَة المهمة لفظ تَنْبِيه أَو لفظ فَائِدَة أَو لفظ وقف مِثَاله قَوْله فِي كتاب بَدْء الْخلق بَاب قَول الله تَعَالَى {وَبث فِيهَا من كل دَابَّة} ثمَّ قَالَ بعد أسطر بَاب خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال وَأخرج هَذَا الحَدِيث بِسَنَدِهِ ثمَّ ذكر حَدِيث

ص: 173

الْفَخر وَالْخُيَلَاء فِي أهل الْخَيل ثمَّ وَثمّ ماليس من ذكر الْغنم فَكَأَنَّهُ أعلم هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ مَعَ دُخُوله فِي الْبَاب فِيهِ فَائِدَة أُخْرَى من منقبة الْغنم

وَمِنْهَا أَنه قد يكْتب لفظ بَاب مَكَان قَول الْمُحدثين وَبِهَذَا الْإِسْنَاد وَذَلِكَ حَيْثُ جَاءَ حديثان بِإِسْنَاد وَاحِد كَمَا يكْتب حَيْثُ جَاءَ حَدِيث وَاحِد بِإِسْنَادَيْنِ مِثَاله بَاب ذكر الْمَلَائِكَة أَطَالَ فِيهَا الْكَلَام حَتَّى أخرج حَدِيث الْمَلَائِكَة يتعاقبون مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ وملائكة بِالنَّهَارِ بِرِوَايَة شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة ثمَّ كتب بَاب إِذا قَالَ أحدكُم آمين وَالْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء آمين فَوَافَقت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ثمَّ أخرج حَدِيث أَن الْمَلَائِكَة لَا تدخل بَيْتا فِيهِ صُورَة ثمَّ وَثمّ ماليس فِيهِ ذكر آمين لَا يعد كثير

قَالَ الاسماعيلي فِي مَوضِع الْبَاب وَبِهَذَا الْإِسْنَاد كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى لفظ بَاب عَلامَة لقَوْله وَبِهَذَا الْإِسْنَاد وَمِنْهَا أَنه قد يترجم بِمذهب بعض النَّاس أَو بِمَا كَاد يذهب إِلَيْهِ بَعضهم أَو بِحَدِيث لم يثبت عِنْده ثمَّ يَأْتِي بِحَدِيث يسْتَدلّ بِهِ على خلاف ذَلِك الْمَذْهَب والْحَدِيث إِمَّا بِعُمُومِهِ أَو غير ذَلِك

وَمِنْهَا أَنه يذهب فِي كثير من التراجم إِلَى طَريقَة أهل السّير فِي استنباطهم خصوصيات الوقائع وَالْأَحْوَال من إشارات طرق الحَدِيث وَرُبمَا يتعجب الْفَقِيه من ذَلِك لعدم ممارسة هَذَا الْفَنّ لَكِن أهل السّير لَهُم اعتناء شَدِيد بِمَعْرِِفَة تِلْكَ الخصوصيات

وَمِنْهَا أَنه يقْصد التمرن على ذكر الحَدِيث وفْق الْمَسْأَلَة الْمَطْلُوبَة وَيهْدِي طَالب الحَدِيث إِلَى هَذَا النَّوْع مِثَاله بَاب ذكر الصواغ بَاب ذكر الْخياط وَقد فرق البُخَارِيّ فِي تراجم الْأَبْوَاب علما كثيرا من شرح غَرِيب الْقُرْآن وَذكر آثَار الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْأَحَادِيث الْمُعَلقَة وَفِيه يذكر حَدِيثا لَا يدل هُوَ بِنَفسِهِ على التَّرْجَمَة أصلا لَكِن لَهُ طرق وَبَعض طرقه يدل عَلَيْهَا إِشَارَة أَو عُمُوما وَقد أَشَارَ بِذكر الحَدِيث إِلَى أَن فِيهِ أصلا صَحِيحا يتَأَكَّد بِهِ ذَلِك الطَّرِيق وَمثل هَذَا لَا ينْتَفع بِهِ إِلَّا المهرة من أهل الحَدِيث وَكَثِيرًا مَا يترجم لأمر ظَاهر قَلِيل الجدوى

ص: 174

وَلكنه إِذا تحَققه متأمل أجدى كَقَوْلِه بَاب قَول الرجل فَإِنَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّد على من كره ذَلِك

قلت وَأكْثر ذَلِك تعقبات وتنكبات على عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة فِي تراجم مصنفها أَو شَوَاهِد الْآثَار يرويان عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فِي مصنفها وَمثل هَذَا لَا ينْتَفع بِهِ إِلَّا من مارس الْكِتَابَيْنِ واطلع على مَا فيهمَا وَكثير مَا يخرج الأداب المفهومة بالْقَوْل من الْكتاب وَالسّنة بِنَحْوِ من الِاسْتِدْلَال والعادات الكائنة فِي زَمَانه عليه الصلاة والسلام وَمثل هَذَا لَا يدْرك حسنه إِلَّا من مارس كتب الْآدَاب وأجال عقله فِي ميدان آدَاب قومه ثمَّ طلب لَهَا أصلا من السّنة وَكَثِيرًا مَا يَأْتِي بشواهد الحَدِيث من الْآيَات وبشواهد الْآيَة من الْأَحَادِيث تظاهرا أَو لتعيين بعض المحتملات دون الْبَعْض فَيكون المُرَاد بِهَذَا الْعَام الْمَخْصُوص أَو بِهَذَا الْخَاص الْعُمُوم وَنَحْو ذَلِك وَمثل هَذَا لَا يدْرك إِلَّا بفهم ثاقب وقلب حَاضر فَهَذِهِ مُقَدّمَة لَا بُد من حفظهَا لمن أَرَادَ أَن يقْرَأ البُخَارِيّ وَالْحَمْد لله أَوله وَآخره وصل

وَأما عدد أَحَادِيث البُخَارِيّ فَقَالَ ابْن الصّلاح سَبْعَة الاف ومائتان وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ حَدِيثا بالأحاديث المكررة وَتَبعهُ النَّوَوِيّ فَذكرهَا مفصلة وَتعقب ذَلِك الْحَافِظ ابْن حجر بَابا بَابا محررا ذَلِك وَحَاصِله أَنه قَالَ جَمِيع أَحَادِيثه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات على مَا حررته وأتقنته سَبْعَة آلَاف وثلاثمائة وَسَبْعَة وَتسْعُونَ حَدِيثا فقد زَاد على مَا ذَكرُوهُ مائَة حَدِيث واثنين وَعشْرين حَدِيثا والخالص من ذَلِك بِلَا تَكْرِير ألفا حَدِيث وسِتمِائَة وحديثان وَإِذا ضم إِلَيْهِ الْمُتُون الْمُعَلقَة المرفوعة الَّتِي لم يوصلها فِي مَوضِع آخر مِنْهُ وَهِي مائَة وَتِسْعَة وَخَمْسُونَ حَدِيثا صَار مَجْمُوع الْخَالِص ألفي حَدِيث وَسَبْعمائة وَإِحْدَى وَسِتِّينَ حَدِيثا فجملة مَا فِيهِ من التَّعَالِيق ألف وثلاثمائة وَأحد وَأَرْبَعُونَ حَدِيثا وأكثرها مُكَرر فَخرج فِي الْكتاب أصُول متونه وَلَيْسَ فِيهِ من الْمُتُون الَّتِي لم تخرج من الْكتاب وَلَو من طَرِيق آخر إِلَّا مائَة وَسِتُّونَ حَدِيثا وَجُمْلَة مَا فِيهِ من المكرر تِسْعَة آلَاف وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ حَدِيثا خَارِجا عَن الْمَوْقُوفَات على

ص: 175

الصَّحَابَة والمقطوعات على التَّابِعين وَعدد كتبه كَمَا قَالَ فِي الْكَوَاكِب مائَة وَسِتُّونَ وأبوابه ثَلَاثَة الاف وَأَرْبَعمِائَة وَخَمْسُونَ بَابا مَعَ اخْتِلَاف قَلِيل فِي نسخ الْأُصُول وَعدد مشايخه الَّذين خرج عَنْهُم فِيهِ مِائَتَان وَتِسْعَة وَثَمَانُونَ وَعدد من تفرد بالرواية عَنْهُم دون مُسلم مائَة وَأَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ وَتفرد أَيْضا بمشايخ لم تقع الرِّوَايَة عَنْهُم كَبَقِيَّة أَصْحَاب الْكتب الْخَمْسَة إِلَّا بالواسطة وَوَقع لَهُ اثْنَان وَعِشْرُونَ حَدِيثا ثلاثيات الْإِسْنَاد وأفردها الْعلمَاء بالتأليف كالمولى عَليّ الْقَارِي الْهَرَوِيّ وَالشَّيْخ عبد الباسط القنوجي وَغَيره رَحمَه الله تَعَالَى من ثلاثياته

قَالَ حَدثنَا مكي بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا يزِيد بن أبي عبيد عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رضي الله عنه قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول من يقل عَليّ مَا لم أقل فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار أخرجه فِي كتاب الْعلم فِي بَاب إِثْم من كذب على النَّبِي صلى الله عليه وسلم

قَالَ البُخَارِيّ فِي بُدِئَ الْوَحْي وَهُوَ أول جَامعه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بَاب كَيفَ كَانَ بَدْء الْوَحْي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَول الله عز وجل {إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نوح والنبيين من بعده} الْآيَة

حَدثنَا الْحميدِي قَالَ حَدثنَا سُفْيَان قَالَ حَدثنَا يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ قَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي إِنَّه سمع عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ يَقُول سَمِعت عمر بن الْخطاب رضي الله عنه على الْمِنْبَر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى فَمن كَانَت هجرته إِلَى دنيا يُصِيبهَا أَو إِلَى امْرَأَة ينْكِحهَا فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ وصل

وَأما رِوَايَته فقد روينَا عَن الْفربرِي أَنه قَالَ سمع البُخَارِيّ من مُؤَلفه تسعون ألف رجل فَمَا بَقِي أحد يرويهِ عَنهُ غَيْرِي قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر أطلق ذَلِك بِنَاء على مَا فِي علمه وَقد تَأَخّر بعده بتسع سِنِين

ص: 176

أَبُو طَلْحَة مَنْصُور بن مُحَمَّد بن عَليّ بن قرنية الْبَزْدَوِيّ المتوفي سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة وَهُوَ آخر من حدث عَن البُخَارِيّ بصحيحه كَمَا جزم بِهِ أَبُو نصر بن مَاكُولَا وَغَيره وَقد عَاشَ بعده مِمَّن سمع من البُخَارِيّ القَاضِي حُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي بِبَغْدَاد وَلَكِن لم يكن عِنْده الْجَامِع الصَّحِيح وَإِنَّمَا سمع مِنْهُ مجَالِس أملاها بِبَغْدَاد فِي آخر مُقَدّمَة قدمهَا البُخَارِيّ وَقد غلط من روى الصَّحِيح من طَرِيق الْمحَامِلِي الْمَذْكُور غَلطا فَاحِشا وَمن رُوَاة الْجَامِع الصَّحِيح مِمَّن اتَّصَلت لنا رِوَايَته بِالْإِجَازَةِ إِبْرَاهِيم بن معقل النَّسَفِيّ الْحَافِظ وَفَاته مِنْهُ قِطْعَة من آخِره رَوَاهَا بِالْإِجَازَةِ وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ انْتهى

وَلذَلِك قيل أَن رِوَايَة إِبْرَاهِيم أنقص الرِّوَايَات فَإِنَّهَا تنقص من رِوَايَة الْفربرِي ثَلَاثمِائَة حَدِيث قَالَ ابْن حجر هَذَا غير مُسلم فَإِنَّهُم إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك تقليدا للحموي فَإِنَّهُ كتب البُخَارِيّ وَرَوَاهُ عَن الْفربرِي وعد كل بَاب عَنهُ ثمَّ جمع الْجُمْلَة وقلده كل من جَاءَ بعده نظرا مِنْهُم إِلَى أَنه رَاوِي الْكتاب وَله بِهِ الْعِنَايَة وَلَيْسَ كَذَلِك إِلَّا أَن حَمَّاد بن شَاكر فَاتَهُ من آخر البُخَارِيّ فَوت لم يروه فَبلغ مِائَتي حَدِيث فَقَالُوا رِوَايَته نَاقِصَة عَن رِوَايَة الْفربرِي وَفَاتَ ابْن معقل أَكثر من حَمَّاد فعدوه كَمَا فعلوا فِي رِوَايَة حَمَّاد وَذكره البقاعي فِي حَاشِيَة الألفية وَمِنْهُم حَمَّاد بن شَاكر النسوي الْمُتَوفَّى فِي حُدُود سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَفِي رِوَايَة طَرِيق الْمُسْتَمْلِي والسرخسي وَأبي عَليّ وَأبي السكن والكشمهيني وَأبي زيد الْمروزِي وَأبي عَليّ بن سِيبَوَيْهٍ وَأبي أَحْمد الْجِرْجَانِيّ وَالْكسَائِيّ وَهُوَ آخر من حدث عَن الْفربرِي وَالله أعلم وصل

وَأما فَضله فَهُوَ أصح الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا الشَّأْن والمتلقى بِالْقبُولِ من الْعلمَاء فِي كل زمَان يَقُول أَبُو زيد الْمروزِي كنت نَائِما بَين الرُّكْن وَالْمقَام فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام فَقَالَ لي يَا أَبَا زيد إِلَى مَتى تدرس الشَّافِعِي وَمَا تدرس كتابي فَقلت يَا رَسُول الله وَمَا كتابك قَالَ جَامع مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي

ص: 177

تأريخ الْإِسْلَام وَأما جَامع البُخَارِيّ الصَّحِيح فأجل كتب الْإِسْلَام وأفضلها بعد كتاب الله تَعَالَى وَهُوَ أَعلَى فِي وقتنا هَذَا إِسْنَادًا للنَّاس وَمن ثَلَاثِينَ سنة يفرحون بعلو سَمَاعه فَكيف الْيَوْم فَلَو رَحل الشَّخْص لسماعه من ألف فَرسَخ لما ضَاعَت رحلته انْتهى وَهَذَا قَالَه الذَّهَبِيّ فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة

وروى بِالْإِسْنَادِ الثَّابِت عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَأَنِّي وَاقِف بَين يَدَيْهِ وَبِيَدِي مروحة أذب بهَا عَنهُ فَسَأَلت بعض المعبرين فَقَالَ لي أَنْت تذب عَنهُ الْكَذِب فَهُوَ الَّذِي حَملَنِي على إخراح الصَّحِيح وَأَيْضًا قَالَ البُخَارِيّ كنت عِنْد إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فَقَالَ لي بعض أَصْحَابه لَو جمع أحد كتابا مُخْتَصرا فِي السّنَن الصَّحِيحَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّتِي بلغت من الصِّحَّة أقْصَى درجاتها كَانَ أحسن وتيسر الْعَمَل عَلَيْهِ للعاملين من دون مُرَاجعَة إِلَى الْمُجْتَهدين قَالَ فَوَقع ذَلِك فِي قلبِي وَأخذ بِمَجَامِع خاطري فصنفت هَذَا الْجَامِع الصَّحِيح

قَالَ النَّسَائِيّ أَجود هَذِه الْكتب كتاب البُخَارِيّ وَقَالَ البُخَارِيّ مَا كتبت فِي كتابي الصَّحِيح حَدِيثا إِلَّا اغْتَسَلت قبل ذَلِك وَصليت رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ أخرجته من نَحْو سِتّ مائَة ألف حَدِيث وصنفته فِي سِتّ عشرَة سنة وَجَعَلته حجَّة فِيمَا بيني وَبَين الله تَعَالَى وَقَالَ مَا أدخلت فِيهِ إِلَّا صَحِيحا وَمَا تركت من الصَّحِيح أَكثر حَتَّى يطول وَقَالَ صنفت كتابي هَذَا فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَا أدخلت فِيهِ حَدِيثا حَتَّى استخرت الله تَعَالَى وَصليت رَكْعَتَيْنِ وتيقنت صِحَّته

وَقَالَ الْفربرِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ البُخَارِيّ مَا وضعت فِي الصَّحِيح حَدِيثا إِلَّا اغْتَسَلت قبل ذَلِك وَصليت رَكْعَتَيْنِ وَأَرْجُو أَن يُبَارك الله تَعَالَى فِي هَذِه المصنفات

وروى عَن عبد القدوس بن همام قَالَ سَمِعت عدَّة من الْمَشَايِخ يَقُولُونَ حول البُخَارِيّ تراجم جَامِعَة بَين قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومنبره وَكَانَ يُصَلِّي لكل تَرْجَمَة رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ يروون مِنْهُم أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي صنفه ببخارى وَقيل بِمَكَّة وَقيل بِالْبَصْرَةِ وكل هَذَا

ص: 178

صَحِيح وَمَعْنَاهُ أَنه كَانَ يصنف فِيهِ كل بلد من هَذِه الْبلدَانِ فَإِنَّهُ بَقِي فِي تصنيفه سِتّ عشرَة سنة قَالَ الْحَاكِم قَالَ أَبُو عَمْرو اسماعيل حَدثنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول أَقمت بِالْبَصْرَةِ خمس سِنِين معي كتبي أصنف وأحج فِي كل سنة وأرجع من مَكَّة إِلَى الْبَصْرَة انْتهى

وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أبي جَمْرَة قَالَ لي من لقِيت من العارفين عَمَّن لقِيه من السَّادة الْمقر لَهُم بِالْفَضْلِ أَن صَحِيح البُخَارِيّ مَا قرئَ فِي شدَّة إِلَّا فرجت وَلَا ركب بِهِ فِي مركب إِلَّا بخت قَالَ وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَقد دَعَا لقارئه

وَقَالَ الْحَافِظ عماد الدّين بن كثير وَكتاب البُخَارِيّ الصَّحِيح يستسقى بقرَاءَته الْغَمَام وَأجْمع على قبُوله وَصِحَّة مَا فِيهِ أهل الْإِسْلَام

قَالَ الشَّيْخ عبد الْحق الدهلوي فِي أشعة اللمعات قَرَأَ كثير من الْمَشَايِخ وَالْعُلَمَاء والثقات صَحِيح البُخَارِيّ لحُصُول المرادات وكفاية الْمُهِمَّات وَقَضَاء الْحَاجَات وَدفع البليات وكشف الكربات وَصِحَّة الْأَمْرَاض وشفاء المرضى عِنْد المضايق والشدائد فَحصل مُرَادهم وفازوا بمقاصدهم ووجدوه كالترياق مجربا وَقد بلغ هَذَا الْمَعْنى عِنْد عُلَمَاء الحَدِيث مرتبَة الشُّهْرَة والاستفاضة

وَنقل السَّيِّد جمال الدّين الْمُحدث عَن أستاذه السَّيِّد أصيل الدّين أَنه قَالَ قَرَأت صَحِيح البُخَارِيّ نَحْو عشْرين وَمِائَة مرّة فِي الوقائع والمهمات لنَفْسي وَلِلنَّاسِ الآخرين فَبِأَي نِيَّة قرأته حصل الْمَقْصُود وَكفى الْمَطْلُوب انْتهى مترجما بِالْعَرَبِيَّةِ وَمَا أحسن قَول الْبُرْهَان القيراطي رَحمَه الله تَعَالَى فِي صَحِيح البُخَارِيّ نظم

(حدث وشنف بِالْحَدِيثِ مسامعي

فَحَدِيث من أَهْوى حلى مسامعي)

(لله مَا أحلى مكرره الَّذِي

يحلو ويعذب فِي مذاق السَّامع)

(بِسَمَاعِهِ نلْت الَّذِي أملته

وَبَلغت كل مطالبي ومسامعي)

(وطلعت فِي أفق السَّعَادَة صاعدا

فِي خير أَوْقَات وأسعد طالع)

ص: 179

(وَلَقَد هديت لغاية الْقَصْد الَّتِي

صحت أدلته بِغَيْر ممانع)

(وَسمعت نصا للْحَدِيث مُعَرفا

مِمَّا تضمنه كتاب الْجَامِع)

(وَهُوَ الَّذِي يُتْلَى إِذا خطب عرى

فتراه للمحذور أعظمم دَافع)

(كم من يَد بَيْضَاء حواها طرسه

توى إِلَى طرق العلى بأصابع)

(وَإِذا بدا بِاللَّيْلِ أسود نقشه

يجلو علينا كل بدر سَاطِع)

(ملك الْقُلُوب بِهِ حَدِيث نَافِع

مِمَّا رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع)

(فِي سادة مَا إِن سَمِعت بمثلهم

من مسمع عالي السماع وسامع)

(وَقِرَاءَة الْقَارِي لَهُ أَلْفَاظه

تغريدها يزري بسجع الساجع) للْإِمَام أبي الْفتُوح الْعجلِيّ نظم

(صَحِيح البُخَارِيّ يَا ذَا الْأَدَب

قوي الْمُتُون على الرتب)

(قويم النظام بهيج الردا

خطير يروج كنقد الذَّهَب)

(فتبيانه موضح المعضلات

وَأَلْفَاظه نخبة للنخب)

(مُفِيد الْمَعَالِي شرِيف الْمَعَالِي

رَشِيق أنيق كثير الشّعب)

(سما عزه فَوق نجم السما

فَكل جميل بِهِ يجتلب)

(سناء مُنِير كضوء الضُّحَى

وَمتْن مزيج لشوب الريب)

(كَأَن البُخَارِيّ فِي جمعه

تلقى من الْمُصْطَفى مَا اكتتب)

(فَللَّه خاطره إِذْ وعى

وسَاق فرائده وانتخب)

(جزاه الْإِلَه بِمَا يرتضي

وبلغه عاليات الْقرب) وَلأبي عَامر الْفضل بن اسماعيل الْجِرْجَانِيّ الأديب رَحمَه الله تَعَالَى نظم

(صَحِيح البُخَارِيّ لَو أنصفوه

لما خطّ إِلَّا بِمَاء الذَّهَب)

(هُوَ الْفرق بَين الْعَمى وَالْهدى

هُوَ السد دون العنا والعطب)

(أسانيده مثل نُجُوم السَّمَاء

أَمَام متون كَمثل الشهب)

(بِهِ قَامَ ميزَان دين النَّبِي

ودان لَهُ الْعَجم بعد الْعَرَب)

(بأب من النَّار لَا شكّ فِيهِ

يُمَيّز بَين الرِّضَا وَالْغَضَب)

ص: 180

(خير رَفِيق إِلَى الْمُصْطَفى

وَنور مُبين لكشف الريب)

(يَا عَالما أجمع الْعَالمُونَ

على فضل رتبته فِي الرتب)

(حث الْأَئِمَّة فِيمَا جمعت

وفزت على زعمهم بالقصب)

(بت السقيم من الغافلين

وَمن كَانَ مُتَّهمًا بِالْكَذِبِ)

(حيت من عدلته الروَاة

وَصحت رِوَايَته فِي الْكتب)

(برزت فِي حسن ترتيبه

وتبويبه عجبا للعجب)

(فأعطاك رَبك مَا تشتهيه

وأجزل حظك فِيمَا يهب)

(يصك فِي عرصات الْجنان

بِخَير يَدُوم وَلَا يقتضب)

فَللَّه دره من تأليف رفع علم علمه بمعارف مَعْرفَته وتسلسل حَدِيثه الْجَامِع فَأكْرم بِسَنَدِهِ العالي ورفعته وللشيخ الْعَلامَة عَلَاء الدّين بن أيبك الدِّمَشْقِي رَحمَه الله تَعَالَى قصيدة فِي مدح الصَّحِيح ومؤلفه قَرَأَهَا عِنْد خَتمه وَقد اُعْتِيدَ قرَاءَتهَا عِنْد ختم صَحِيح البُخَارِيّ أوردتها فِي هَذَا الْمقَام تبركا وتيمنا بهَا وَهِي هَذِه القصيدة

(هَذَا البُخَارِيّ بِحَمْد الله قد ختما

وَلَيْسَ فِيهِ حَدِيث وَاحِد كتما)

(لَكِن قرأناه أبوابا مبوبة

مَمْلُوءَة أدبا موفورة حكما)

(وَقد قرعنا بِهِ الأسماع فانفتحت

من بعد مَا ملئت من قبله صمما)

(وأصبحت كل عين من بصائرنا

للحق مبصرة لَيْسَ تخَاف عَمَّا)

(هَذَا الْكتاب الَّذِي مَا شَاب قوته

ضعف وَصِحَّته مَا تعرف السقما)

(هَذَا الْكتاب الَّذِي نرجو الشِّفَاء بِهِ

هَذَا الْكتاب بِهِ نستدفع الألما)

(هَذَا الْكتاب الَّذِي فِيهِ الدَّوَاء لنا

هَذَا الْكتاب الَّذِي للداء قد حسما)

(هَذَا الْكتاب الَّذِي قد جَاءَ جَوْهَرَة

غلت لَهُ قيمَة لما علت قيمًا)

(من رَوْضَة كَانَ فِيهَا الشَّيْخ أَلفه

هبت لَهُ نسمَة قد أحيت النسما)

(لَا يستلذ بِهِ إِلَّا الْخَبِير وَلَا

يحلو مكرره إِلَّا لمن فهما)

(كم قد كشفنا بِهِ من كربَة عظمت

كم قد طرحنا بِهِ من حَادث هجما)

(كَأَن أسطره من عنبر رقمت

كَأَن أَلْفَاظه زهر قد ابتسما)

(مَا للْبُخَارِيّ نَظِير فِي جلالته

وَمثله حَافظ مَا أمسك القلما)

ص: 181

(قد كَانَ وَهُوَ صَغِير السن مُجْتَهدا

وَكَانَ ذَا همة قد فاقت الهمما)

(كَأَنَّمَا صَدره بَحر يموج ذكا

كَأَنَّمَا ذهنه غيث قد انسجما)

(شرقا وغربا على حفظ الحَدِيث سعى

دهرا وَلَا عربا أبقى وَلَا عجما)

(وَألف شيخ لَهُ فِي الأَرْض وَهُوَ على

تِلْكَ الْمَشَايِخ فِي علم الحَدِيث سما)

(كم قلبوا من أَسَانِيد الحَدِيث لَهُ

بالْأَمْس واقتسموها بَينهم قسما)

(فَردهَا مثل مَا كَانَت وصححها

وَصَارَ فِي علمه قدامهم علما)

(وَمَا أضرّ بِهِ الْمَكْر الَّذِي مكروا

لَكِن أقرّ لَهُ بِالْفَضْلِ من علما)

(وكل حفاظ بَغْدَاد لَهُ اعْتَرَفُوا

لما زكا بالذكا مَحْفُوظَة ونما)

(وَمُسلم قَامَ فِي عَيْنَيْهِ قبله

وَلم يَدعه البُخَارِيّ يلثم القدما)

(هما الإمامان فِي علم وَمَعْرِفَة

كالبحر حِين طمى والغيث حِين هما)

(لَو قيل من فاق أهل الإرض قاطبة

فِي الْعقل وَالنَّقْل والتحرير قلت هما)

(الله يجزيهما خيرا بِمَا فعلا

وَالله يجمعنا يَوْم اللقا بهما)

(يَا سَيِّدي يَا رَسُول الله يَا سندي

يَا من بحبي لَهُ اسْتوْجبَ النعما)

(يَا من بطيبه مِنْهُ طيب رَائِحَة

وَحُرْمَة لم تفارق ذَلِك الحرما)

(أَنْت الحبيب الَّذِي طَابَ الحَدِيث بِهِ

أَنْت الَّذِي تستقي من بحرك العلما)

(أَنْت الَّذِي للعلى فَوق الْبراق على

أَنْت الَّذِي قد سما من فَوق كل سما)

(أَنْت الَّذِي بك فِي دنيا وآخرة

من رَبنَا نرتجي الإفضال والنعما)

(أَنْت الَّذِي لم يخب من أَنْت شافعه

أَنْت الَّذِي بك كل النَّاس قد رحما)

(وَأَنت أفضل من صلى وَصَامَ وَمن

سعى وَطَاف وَمَسّ الرُّكْن واستلما)

(ونجل أَبِيك عبد الرّقّ خادمكم

مستشفع بك فِي الذَّنب الَّذِي عظما)

(وَهَا أساس الْقوي بالضعف مِنْهُ وَهَا

شبابه مذ عراه الشيب قد هرما)

(وَبِالثَّلَاثَةِ وَالسِّتِّينَ لمته

قد صبحته بصبح أذهب الظلما)

(وَقيل بالنيل داو الشيب قلت لَهُم

لَا ينفع النّيل شَيخا قَارب الهرما)

(يَا من صحابته نالوا بِصُحْبَتِهِ

فضلا وَأمته قد فاقت الأمما)

(أَنْت الشَّفِيع وَنحن المذنبون وَمَا

فِي جَمعنَا مذنب إِلَّا وَقد ندما)

ص: 182

(وَقد ختمنا حَدِيثا أَنْت قَائِله

يَا من بِهِ ربه للرسل قد ختما)

(فاشفع لنا وَلكُل الْمُسلمين وَمَا

شفعت فِي مُسلم إِلَّا وَقد سلما)

(عَلَيْك صلى إِلَه الْعَرْش مَا عبست

سَحَابَة وَرَاءَهَا الْبَرْق فابتسما)

(والآل والصحب مَا غنت مطوقة

فَوق الْأَرَاك ودمع الْعين منسجما) وَأنْشد الشَّيْخ الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان فِي مدحه وَللَّه دره نظم

(اسامع أَخْبَار الرَّسُول لَك الْبُشْرَى

لقد شدت فِي الدُّنْيَا وَقد فزت فِي الْأُخْرَى)

(تشنف آذَانا بِعقد جَوَاهِر

تود الغواني لَو تقلدنه التبرا)

(جواهركم حلت نفوسا نفيسة

فَحلت بهَا صَدرا وجلت بهَا قدرا)

(هَل الدّين إِلَّا مَا روته أكَابِر

لنا نقلوا الْأَخْبَار عَن طيب خَبرا)

(وأدوا أَحَادِيث الرَّسُول مصونة

عَن الزيف والتصحيف فاستوجبوا الشكرا)

(وَإِن البُخَارِيّ الإِمَام لجامع

بجامعه مِنْهَا اليواقيت والدررا)

(على مفرق الْإِسْلَام تَاج مرصع

أضابه بِهِ شمسا ونار بِهِ بَدْرًا)

(وبحر عُلُوم تلفظ الدّرّ لَا الْحَصَى

فأنفس بِهِ درا وَأعظم بِهِ بحرا)

(تصانيفه نور وَنور لناظر

فقد أشرقت زهرا وَقد اينعت زهرا)

(نحا سنة الْمُخْتَار ينظم سنة

يلخصها جمعا ويخلصها تبرا)

(وَكم بذل النَّفس المصونة جاهدا

فَجَاز لَهَا بحرا وَجَاز لَهَا برا)

(وطورا عراقيا وطورا يَمَانِيا

وطورا حجازيا وطورا أَتَى مصرا)

(إِلَى أَن حوى مِنْهَا الصَّحِيح صَحِيحه

فَوَافى كتابا قد غدى الْآيَة الْكُبْرَى)

(كتاب لَهُ من شرع أَحْمد شرعة

مطهرة تعلو السماكين والنسرا) الخ وَفِيه للشَّيْخ تَاج الدّين السُّبْكِيّ نظم

(علا عَن الْمَدْح حَتَّى لَا يزان بِهِ

كَأَنَّمَا الْمَدْح من مِقْدَاره يضع)

ص: 183

(لَهُ الْكتاب الَّذِي يَتْلُو الْكتاب هدى

هَذَا السِّيَادَة طود لَيْسَ ينصدع)

(الْجَامِع المانح الدّين القويم وَسنة

الشَّرِيعَة إِن تفتاله الْبدع)

(قاصي الْمَرَاتِب داني الْفضل تحسبه

كَالشَّمْسِ يَبْدُو سناها حِين يرْتَفع)

(ذلت رِقَاب جَمَاهِير الْأَنَام لَهُ

فكلهم وَهُوَ عَال فِيهَا خضعوا)

(لَا تسمعن حَدِيث الحاسدين لَهُ

فَإِن ذَلِك مَوْضُوع وَيَنْقَطِع)

(وَقل لمن لَام يحكيه اصطبارك لَا

تعجل فَإِن الَّذِي تبغيه مُمْتَنع)

(وهيك تَأتي كَمَا يَحْكِي شكالته

النقش يَحْكِي محيا الْجَامِع البيع) وصل

وَأما الشُّرُوح فقد اعتنى الْأَئِمَّة بِهِ قَدِيما وحديثا فصنفوا لَهُ شروحا كَثِيرَة مِنْهَا شرح الإِمَام أبي سُلَيْمَان أَحْمد بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن خطاب البستي الْخطابِيّ المتوفي سنة ثَمَان وثلاثمائة وَهُوَ شرح لطيف فِيهِ نكت لَطِيفَة ولطائف شريفة سَمَّاهُ أَعْلَام السّنَن أَوله الْحَمد لله الْمُنعم الخ ذكر فِيهِ أَنه لما فرغ عَن تأليف معالم السّنَن ببلخ سَأَلَهُ أَهلهَا أَن يصنف شرحا فَأجَاب وَهُوَ فِي مُجَلد واعتنى الإِمَام مُحَمَّد التَّمِيمِي بشرح مالم يذكرهُ الْخطابِيّ مَعَ التَّنْبِيه على أَوْهَامه وَكَذَا أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن سعيد الداؤدي وَهُوَ مِمَّن ينْقل عَنهُ ابْن التِّين وَشرح الْمُهلب بن أبي صفرَة الْأَزْدِيّ وَهُوَ مِمَّن اختصر الصَّحِيح ومختصر شرح الْمُهلب لتلميذه أبي عبد الله مُحَمَّد بن خلف المرابط وَزَاد عَلَيْهِ فَوَائِد وَلابْن عبد الْبر الْأَجْوِبَة على الْمسَائِل المستغربة من البُخَارِيّ سُئِلَ عَنهُ الْمُهلب وَكَذَا لأبي مُحَمَّد ابْن حزم عدَّة أجوبة عَلَيْهِ وَشرح أبي الزِّنَاد سراج وَشرح الإِمَام أبي الْحسن عَليّ بن خلف الشهير بِابْن بطال المغربي الْمَالِكِي المتوفي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وغالبه فقه الإِمَام مَالك من غير تعرض لموضوع الْكتاب وَشرح أبي حَفْص عمر بن الْحسن بن عمر الغوري الاشبيلي الْمُتَوفَّى سنة وَشرح أبي الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن در التَّمِيمِي

ص: 184

الْمُتَوفَّى سنة وَهُوَ وَاسع جدا وَشرح الإِمَام عبد الْوَاحِد بن التِّين بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة ثمَّ الْيَاء التَّحْتَانِيَّة السفاقسي الْمُتَوفَّى سنة وَشرح الإِمَام نَاصِر الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن الْمُنِير الاسكندراني المتوفي سنة وَهُوَ كَبِير فِي نَحْو عشر مجلدات وَله حواش على شرح ابْن بطال وَله أَيْضا كَلَام على التراجم سَمَّاهُ المتواري على تراجم البُخَارِيّ وَشرح أبي الْأَصْبَغ عِيسَى ابْن سهل بن عبد الله الْأَسدي المتوفي سنة وَشرح الإِمَام قطب الدّين عبد الْكَرِيم بن عبد النُّور بن مُنِير الْحلَبِي الْحَنَفِيّ المتوفي سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَهُوَ إِلَى نصفه فِي عشر مجلدات

وَشرح الإِمَام الْحَافِظ عَلَاء الدّين مغلطاي بن قليج التركي الْمصْرِيّ المتوفي سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَهُوَ شرح كَبِير سَمَّاهُ التَّلْوِيح وَهُوَ شرح بالْقَوْل أَوله الْحَمد لله الَّذِي أيقظ من خلقه الخ قَالَ صَاحب الْكَوَاكِب وَشَرحه بتتميم الْأَطْرَاف أشبه وبتصحيف تَصْحِيح التعليقات أمثل وَكَانَ من أخلائه من مَقَاصِد الْكتاب على ضَمَان وَمن شُرُوح أَلْفَاظه وتوضيح مَعَانِيه على أَمَان ومختصر شرح مغلطاي لجلال الدّين رَسُولا ابْن أَحْمد التباني المتوفي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَشرح الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ الْكرْمَانِي المتوفي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ شرح وسط مَشْهُور بالْقَوْل جَامع لفرائد الْفَوَائِد وزوائد الفرائد سَمَّاهُ الْكَوَاكِب الدراري أَوله الْحَمد لله الَّذِي أنعم علينا بجلائل النعم ودقائقها الخ ذكر فِيهِ أَن علم الحَدِيث أفضل الْعُلُوم وَكتاب البُخَارِيّ أجل الْكتب نقلا وأكثرها تعديلا وضبطا وَلَيْسَ لَهُ شرح مُشْتَمل على كشف بعض مَا يتَعَلَّق بِهِ فضلا عَن كلهَا فشرح الْأَلْفَاظ اللُّغَوِيَّة وَوجه الأعاريب النحوية الْبَعِيدَة وَضبط الرِّوَايَات وَأَسْمَاء الرِّجَال وألقاب الروَاة ووفق بَين الْأَحَادِيث المتنافية وَفرغ عَنهُ بِمَكَّة المكرمة سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة لَكِن قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي الدُّرَر الكامنة وَهُوَ شرح مُفِيد على أَوْهَام فِيهِ فِي النَّقْل لِأَنَّهُ لم يَأْخُذهُ إِلَّا من الصُّحُف انْتهى وَشرح وَلَده تَقِيّ الدّين يحيى بن مُحَمَّد الْكرْمَانِي المتوفي سنة استمد فِيهِ من شرح أَبِيه

ص: 185

وَشرح ابْن الملقن وأضاف إِلَيْهِ من شرح الزَّرْكَشِيّ وَغَيره وَمَا سنح لَهُ من حَوَاشِي الدمياطي وَفتح الْبَارِي والبدر وَسَماهُ بمجمع الْبَحْرين وجواهر النحرين وَهُوَ فِي ثَمَانِيَة أَجزَاء كبار بِخَطِّهِ وَشرح الإِمَام سراج الدّين عمر بن عَليّ الملقن الشَّافِعِي المتوفي سنة أَربع وثمان مائَة وَهُوَ شرح كَبِير فِي نَحْو عشْرين مجلدا أَوله رَبنَا آتنا من لَدُنْك رَحْمَة الْآيَة أَحْمد الله سبحانه وتعالى على توالي أنعامه الخ قدم فِيهِ مُقَدّمَة مهمة وَذكر أَنه حصر الْمَقْصُود فِي عشرَة أَقسَام فِي كل حَدِيث وَسَماهُ شَوَاهِد التَّوْضِيح

قَالَ السخاوي اعْتمد فِيهِ على شرح شَيْخه مفلطاي والقطب وَزَاد فِيهِ قَلِيلا

قَالَ ابْن حجر وَهُوَ فِي أَوَائِله أقعد مِنْهُ فِي أواخره بل هُوَ من نصفه الْبَاقِي قَلِيل الجدوى انْتهى

وَشرح الْعَلامَة شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الدَّائِم بن مُوسَى الرَّمَادِي الشَّافِعِي المتوفي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ شرح حسن فِي أَرْبَعَة أَجزَاء سَمَّاهُ اللامع الصبيح أَوله الْحَمد لله المرشد إِلَى الْجَامِع الصَّحِيح الخ ذكر فِيهِ أَنه جمع بَين شرح الْكرْمَانِي باقتصار وَبَين التَّنْقِيح للزركشي بإيضاح وتنبيه وَمن أُصُوله أَيْضا مُقَدّمَة فتح الْبَارِي وَلم يبيض إِلَّا بعد مَوته

وَشرح الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم بن مُحَمَّد الْحلَبِي الْمَعْرُوف بسبط ابْن العجمي المتوفي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَسَماهُ التلقيح لفهم قَارِئ الصَّحِيح وَهُوَ بِخَطِّهِ فِي مجلدين وَفِيه فَوَائِد حَسَنَة ومختصر هَذَا الشَّرْح للْإِمَام مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّافِعِي المتوفي سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَذَا الْتقط مِنْهُ الْحَافِظ ابْن حجر حَيْثُ كَانَ بحلب مَا ظن أَنه لَيْسَ عِنْده لكَونه لم يكن مَعَه إِلَّا كراريس يسيرَة من الْفَتْح

وَمن أعظم شُرُوح البُخَارِيّ شرح الْحَافِظ الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام أبي الْفضل أَحْمد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي المتوفي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ فِي عشر أَجزَاء ومقدمته فِي جُزْء وَسَماهُ فتح الْبَارِي

ص: 186

أَوله الْحَمد لله الَّذِي شرح صُدُور أهل الْإِسْلَام بِالْهدى ومقدمته على عشرَة فُصُول سَمَّاهَا هدي الساري وشهرته وانفراده بِمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الْفَوَائِد الحديثية والنكات الأدبية والفوائد الْفِقْهِيَّة تغني عَن وَصفه سِيمَا وَقد امتاز بِجمع طرق الحَدِيث الَّتِي رُبمَا يتَبَيَّن من بَعْضهَا تَرْجِيح أحد الِاحْتِمَالَات شرحا وإعرابا وطريقته فِي الْأَحَادِيث المكررة أَنه يشْرَح فِي كل مَوضِع مَا يتَعَلَّق بمقصد البُخَارِيّ يذكر فِيهِ يحِيل بباقي شَرحه على الْمَكَان المشروح فِيهِ وَكَذَا رُبمَا يَقع لَهُ تَرْجِيح أحد الْأَوْجه فِي الْإِعْرَاب أَو غَيره من الِاحْتِمَالَات أَو الْأَقْوَال فِي مَوضِع وَفِي مَوضِع آخر غَيره إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا طعن عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ بل هَذَا أَمر لَا يَنْفَكّ عَنهُ أحد من الْأَئِمَّة وَكَانَ ابْتِدَاء تأليفه فِي أَوَائِل سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة على طَرِيق الْإِمْلَاء بعد أَن كملت مُقَدّمَة فِي مُجَلد ضخيم فِي سنة ثَلَاث عشرَة وثمان وَمِائَة وَسبق مِنْهُ الْوَعْد للشرح ثمَّ صَار يكْتب بِخَطِّهِ شَيْئا فَشَيْئًا فَيكْتب الكراسة ثمَّ يَكْتُبهَا جمَاعَة من الْأَئِمَّة المعتبرين ويعارض بِالْأَصْلِ مَعَ المباحثة فِي يَوْم من الْأُسْبُوع وَذَلِكَ بِقِرَاءَة الْعَلامَة ابْن خضر فَصَارَ السّفر لَا يكمل مِنْهُ إِلَّا وَقد قوبل وحرر إِلَى أَن يَنْتَهِي فِي أول يَوْم رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ أوربعين وَثَمَانمِائَة سوى مَا ألحقهُ فِيهِ بعد ذَلِك فَلم ينْتَه إِلَّا قبيل وَفَاته وَلما تمّ عمل مُصَنفه وَلِيمَة عَظِيمَة لم يتَخَلَّف عَنْهَا من وُجُوه الْمُسلمين إِلَّا نَادرا بِالْمَكَانِ الْمُسَمّى بالتاج والسبع وُجُوه فِي يَوْم السبت ثَانِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وقريء فِي الْمجْلس الْأَخير وَهُنَاكَ حَضَره الْأَئِمَّة كالقاياني والونائي والسعد الديري وَكَانَ المصروف فِي الْوَلِيمَة الْمَذْكُورَة نَحْو خَمْسمِائَة دِينَار فَطَلَبه مُلُوك الْأَطْرَاف بالاستكتاب واشتري بِنَحْوِ ثَلَاثمِائَة دِينَار وانتشر فِي الْآفَاق

ومختصر هَذَا الشَّرْح للشَّيْخ أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن حُسَيْن المراغي المتوفي سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَمن الشُّرُوح الْمَشْهُورَة أَيْضا شرح الْعَلامَة بدر الدّين أبي مُحَمَّد مَحْمُود بن أَحْمد الْعَيْنِيّ الْحَنَفِيّ المتوفي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وهوشرح كَبِير أَيْضا فِي عشرَة أَجزَاء وأزيد وَسَماهُ عُمْدَة الْقَارِي أَوله الْحَمد لله الَّذِي أوضح وُجُوه معالم الدّين ذكر فِيهِ

ص: 187

أَنه لما دخل إِلَى الْبِلَاد الشمالية قبل ثَمَانمِائَة مستصحبا فِيهِ هَذَا الْكتاب ظفر هُنَاكَ من بعض مشايخه بِغَرَائِب النَّوَادِر الْمُتَعَلّقَة بذلك الْكتاب ثمَّ لما عَاد إِلَى مصر شَرحه وَهُوَ بِخَطِّهِ فِي أحد وَعشْرين مجلدا بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بحارة كتامة بِالْقربِ من الْجَامِع الْأَزْهَر وَشرع فِي تأليفه فِي أَوَاخِر شهر رَجَب سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَفرغ من نصف الثُّلُث الأول فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة واستمد فِيهِ من فتح الْبَارِي بِحَيْثُ ينْقل مِنْهُ الورقة بكمالها وَكَانَ يستعيره من الْبُرْهَان بن خضر باذن مُصَنفه لَهُ وَتعقبه فِي مَوَاضِع وَطوله بِمَا تعمد الْحَافِظ ابْن حجر حذفه من سِيَاق الحَدِيث بِتَمَامِهِ وإفراد كل من تراجم الروَاة بالْكلَام وتباين الْأَنْسَاب واللغات وَالْإِعْرَاب والمعاني وَالْبَيَان واستنباط الْفَوَائِد من الحَدِيث والأسئلة والأجوبة

وَحكي أَن بعض الْفُضَلَاء ذكر لِابْنِ حجر تَرْجِيح شرح الْعَيْنِيّ بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من البديع وَغَيره فَقَالَ بديهة هَذَا شَيْء نَقله من شرح ركن الدّين وَقد كنت وقفت عَلَيْهِ قبله وَلَكِن تركت النَّقْل مِنْهُ لكَونه لم يتم إِنَّمَا كتب مِنْهُ قِطْعَة وخشيت من تعبي بعد فراغها فِي الْإِرْسَال وَلذَا لم يتَكَلَّم الْعَيْنِيّ بعد تِلْكَ الْقطعَة بِشَيْء من ذَلِك انْتهى وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن شَرحه حافل كافل فِي مَعْنَاهُ لَكِن لم ينتشر كانتشار فتح الْبَارِي فِي حَيَاة مُؤَلفه وهلم جرا

وَمِنْهَا شرح الشَّيْخ ركن الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُؤمن القريمي المتوفي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ الَّذِي ذكره ابْن حجر فِي الْجَواب عَن تَفْصِيل شرح الْعَيْنِيّ آنِفا وَشرح الشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن بهادر ابْن عبد الله الزَّرْكَشِيّ الشَّافِعِي المتوفي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسبع مائَة وَهُوَ شرح مُخْتَصر فِي مُجَلد أَوله الْحَمد لله مَا عَم بالأنعام قصد فِيهِ إِيضَاح غَرِيبه وإعراب غامضه وَضبط نسب أَو اسْم يخْشَى فِيهِ التَّصْحِيف منتخبا من الْأَقْوَال أَصَحهَا وَمن الْمعَانِي أوضحها مَعَ إيجاز الْعبارَة وَالرَّمْز بِالْإِشَارَةِ وإلحاق فَوَائِد يكَاد يَسْتَغْنِي بِهِ اللبيب عَن الشُّرُوح لِأَن أَكثر الحَدِيث ظَاهر لَا يحْتَاج إِلَى بَيَان كَذَا قَالَ وَسَماهُ التَّنْقِيح وَعَلِيهِ نكت

ص: 188

لِلْحَافِظِ ابْن حجر الْمَذْكُور وَهِي تعليقة بالْقَوْل وَلم تكمل وللقاضي محب الدّين أَحْمد بن نصر الله الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ المتوفي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة نكت أَيْضا على تَنْقِيح الزَّرْكَشِيّ

وَمِنْهَا شرح الْعَلامَة بدر الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر الدماميني المتوفي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَسَماهُ مصابيح الْجَامِع أَوله الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي خدمَة السّنة النَّبَوِيَّة أعظم سيادة الخ ذكرأنه أَلفه للسُّلْطَان أَحْمد شاه بن مُحَمَّد بن مظفر من مُلُوك الْهِنْد وعلقه على أَبْوَاب مِنْهُ ومواضع يحتوي على غَرِيب وإعراب وتنبيه قلت لم يذكر الدماميني فِي ديباجة شَرحه هَذَا الَّذِي نَقله الْمُؤلف لَكِن قَالَ فِي آخر نُسْخَة قديمَة كَانَ انْتِهَاء هَذَا التَّأْلِيف بزبيد من بِلَاد الْيمن قبل ظهر يَوْم الثُّلَاثَاء الْعَاشِر من شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة على يَد مُؤَلفه مُحَمَّد بن أبي بكر ابْن عمر بن أبي بكرالمخزومي الدماميني انْتهى

وَشرح الْحَافِظ جلال الدّين عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر السُّيُوطِيّ المتوفي سنة إِحْدَى عشرَة وتسع مائَة وَهُوَ تَعْلِيق لطيف قريب من تَنْقِيح الزَّرْكَشِيّ سَمَّاهُ التوشيح على الْجَامِع الصَّحِيح أَوله الْحَمد لله الَّذِي أجزل الْمِنَّة الخ وَله الترشيح أَيْضا وَلم يتم

وَشرح الإِمَام محيي الدّين يحيى بن شرف النَّوَوِيّ المتوفي سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة وَهُوَ شرح قِطْعَة من أول إِلَى آخر كتاب الْإِيمَان ذكر فِي شرح مُسلم أَنه جمع فِيهِ جملا مُشْتَمِلَة على نفائس من أَنْوَاع الْعُلُوم وَشرح الْحَافِظ عماد الدّين اسماعيل بن عمر بن كثير الدِّمَشْقِي الْمُتَوفَّى سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَهُوَ شرح قِطْعَة من أَوله أَيْضا وَشرح الْحَافِظ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن رَجَب الْحَنْبَلِيّ المتوفي سنة خمس وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَهُوَ شرح قِطْعَة من أَوله أَيْضا سَمَّاهُ فتح الْبَارِي قلت وصل فِيهِ إِلَى كتاب الْجَنَائِز قَالَه صَاحب الْجَوْهَر المنضد فِي طَبَقَات متأخري أَصْحَاب أَحْمد وَشرح الْعَلامَة سراج الدّين عمر بن رسْلَان البُلْقِينِيّ الشَّافِعِي المتوفي سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَهُوَ شرح قِطْعَة

ص: 189

من أَوله أَيْضا إِلَى كتاب الْإِيمَان فِي نَحْو خمسين كراسة وَسَماهُ الْفَيْض الْجَارِي

وَشرح الْعَلامَة مجد الدّين أبي طَاهِر مُحَمَّد بن يَعْقُوب الفيروزآبادي الشِّيرَازِيّ المتوفي سنة سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة سَمَّاهُ منح الْبَارِي بالسيح الفسيح المجاري كَمَا ربع الْعِبَادَات مِنْهُ فِي عشْرين مجلدا وَقدر تَمَامه فِي أَرْبَعِينَ مجلدا ذكر السخاوي فِي الضَّوْء اللامع أَن التقى الفاسي قَالَ فِي ذيل التَّقْيِيد إِن الْمجد لم يكن بالماهر فِي الصَّنْعَة الحديثية وَله فِيمَا يَكْتُبهُ من الْأَسَانِيد أَوْهَام وَأما شَرحه على البُخَارِيّ فقد ملأَهُ من غرائب المنقولات سِيمَا من الفتوحات المكية وَقَالَ ابْن حجر فِي أَبنَاء الْغمر لما اشْتهر بِالْيمن مقَالَة ابْن الْعَرَبِيّ ودعى إِلَيْهَا الشَّيْخ اسماعيل الجبرتي صَار الشَّيْخ يدْخل فِيهِ من الفتوحات مَا كَانَ سَببا لشين الْكتاب عِنْد الطاعنين فِيهِ قَالَ وَلم يكن اتهمَ بهَا لِأَنَّهُ كَانَ يحب المداراة وَكَانَ النَّاشِرِيّ بَالغ فِي الانكار على اسماعيل وَلما اجْتمعت بالمجد أظهر لي إِنْكَار مقالات ابْن الْعَرَبِيّ ورأيه يصدق بِوُجُود رتن وينكر قَول الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان بِأَنَّهُ لَا وجود لَهُ وَذكر أَنه رَحل قريته ورى ذُريَّته وهم مطبقون على تَصْدِيقه انْتهى وَذكر ابْن حجر أَنه رأى الْقطعَة الَّتِي كملت فِي حَيَاة مؤلفها قد أكلتها الأرضة بكمالها لَا يقدر على قِرَاءَة شَيْء مِنْهَا

وَشرح الإِمَام أبي الْفضل مُحَمَّد الْكَمَال بن مُحَمَّد بن أَحْمد النويري خطيب مَكَّة المكرمة المتوفي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ شرح مَوَاضِع مِنْهُ

وَشرح الْعَلامَة أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَرْزُوق التلمساني الْمَالِكِي شَارِح الْبردَة المتوفي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَسَماهُ المتجر الربيح والمسعى الرجيح وَلم يكمل أَيْضا وَشرح الْعَارِف الْقدْوَة عبد الله ابْن سعد بن أبي جَمْرَة بِالْجِيم الأندلسي وَهُوَ على مَا اخْتَصَرَهُ من البُخَارِيّ وَهُوَ نَحْو ثَلَاثمِائَة حَدِيث وَسَماهُ بهجة النُّفُوس وغايتها بِمَعْرِِفَة مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا

ص: 190

وَشرح برهَان الدّين ابْن النعماني إِلَى أثْنَاء الصَّلَاة وَلم يَفِ بِمَا الْتَزمهُ وَشرح الشَّيْخ أبي الْبَقَاء مُحَمَّد بن عَليّ بن خلف الأحمدي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل الْمَدِينَة وَهُوَ شرح كَبِير ممزوج وَكَانَ ابْتِدَاء تأليفه من شهر شعْبَان سنة تسع وَتِسْعمِائَة أَوله الْحَمد لله الْوَاجِب الْوُجُود الخ ذكر أَنه جعله كالوسيط برزخا بَين الْوَجِيز والبسيط مُلَخصا من شُرُوح الْمُتَأَخِّرين كالكرماني وَابْن حجر والعيني وَشرح جلال الدّين الْبكْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي المتوفي سنة

وَشرح الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الدلجي الشَّافِعِي المتوفي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة كتب قِطْعَة مِنْهُ وَشرح الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّحِيم ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد العباسي الشَّافِعِي المتوفي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة رتبه على تَرْتِيب عَجِيب وأسلوب غَرِيب فَوَضعه كَمَا قَالَ فِي ديباجته على منوال مُصَنف ابْن الْأَثِير ونباه على مِثَال جَامعه وجرده من الْأَسَانِيد راقما على هامشه بِإِزَاءِ كل حَدِيث حرفا أَو حروفا يعلم بهَا من وَافق البُخَارِيّ عل إِخْرَاج ذَلِك الحَدِيث من أَصْحَاب الْكتب الْخَمْسَة جاعلا إِثْر كل كتاب مِنْهُ بَابا لشرح غَرِيبه وَاضِعا للكلمات الغريبة بهيئتها على هَامِش الْكتاب موازيا لشرحها

وقرظ عَلَيْهِ الْبُرْهَان بن أبي شرِيف وَعبد الْبر بن الشّحْنَة المتوفي سنة والرضى الْغَزِّي وترجمان التراجم لأبي عبد الله مُحَمَّد بن عمر ابْن رشيد القهري السبتي المتوفي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة وَهُوَ على أَبْوَاب الْكتاب وَلم يكمله وَحل اغراض البُخَارِيّ المهمة فِي الْجمع بَين الحَدِيث والترجمة وَهِي مائَة تَرْجَمَة للفقيه أبي عبد الله مُحَمَّد بن مَنْصُور بن حمامة المغراوي السلجماسي المتوفي سنة

وانتقاض الِاعْتِرَاض للشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ ابْن حجر الْمَذْكُور سَابِقًا بحث فِيهِ عَمَّا اعْترض عَلَيْهِ الْعَيْنِيّ فِي شَرحه لكنه لم يجب عَن أَكْثَرهَا وَلكنه كَانَ يكْتب الاعتراضات ويبيضها ليجيب عَنْهَا فاخترمته الْمنية أَوله اللَّهُمَّ إِنِّي أحمدك الخ ذكر فِيهِ أَنه لما أكمل شَرحه كثرت الرغبات فِيهِ من مُلُوك الْأَطْرَاف فاستنسخت نُسْخَة لصَاحب الْمغرب أبي الْفَارِس

ص: 191

عبد الْعَزِيز وَصَاحب الْمشرق شاهرخ وللملك الظَّاهِر فحسده الْعَيْنِيّ وَادّعى الْفَضِيلَة عَلَيْهِ فَكتب فِي رده وَبَيَان غلطه فِي شَرحه وَأجَاب برمز ح ود وع إِلَى الْفَتْح وَأحمد والعيني والمعترض وَله أَيْضا الاستبصار على الطاعن المعثار وَهُوَ صُورَة فتيا عَمَّا وَقع فِي خطْبَة شرح البُخَارِيّ للعيني وَله الْإِعْلَام بِمن ذكر فِي البُخَارِيّ من الْأَعْلَام ذكر فِيهِ أَحْوَال الرِّجَال الْمَذْكُورين فِيهِ زِيَادَة على مَا فِي تَهْذِيب الْكَمَال وَله أَيْضا تَعْلِيق التَّعْلِيق ذكر فِيهِ تَعْلِيق أَحَادِيث الْجَامِع المرفوعة وآثاره الْمَوْقُوفَة والمتابعات وَمن وَصلهَا بأسانيدها إِلَى الْموضع الْمُعَلق وَهُوَ كتاب حافل عَظِيم النَّفْع فِي بَابه لم يسْبقهُ إِلَيْهِ أحد ولخصه فِي مُقَدّمَة الْفَتْح فَحذف الْأَسَانِيد ذَاكِرًا من خرجه مَوْصُولا

وقرظ عَلَيْهِ الْعَلامَة الْمجد صَاحب الْقَامُوس قيل هُوَ أول تأليفه أَوله الْحَمد لله الَّذِي من تعلق بِأَسْبَاب طَاعَته فقد أسْند أمره إِلَى الْعَظِيم الخ قَالَ تَأَمَّلت مَا يحْتَاج إِلَيْهِ طَالب الْعلم من شرح البُخَارِيّ فَوَجَدته ثَلَاثَة أَقسَام الأول فِي شرح غَرِيب أَلْفَاظه وضبطها وإعرابها

الثَّانِي فِي صفة أَحَادِيثه وتناسب أَبْوَابهَا

الثَّالِث وصل الْأَحَادِيث المرفوعة والْآثَار الْمَوْقُوفَة الْمُعَلقَة وَمَا أشبه ذَلِك من قَوْله تَابعه فلَان وَرَوَاهُ فلَان فَبَان لي أَن الْحَاجة إِلَى وصل الْمُنْقَطع ماسة فَجمعت وسميته تَعْلِيق التَّعْلِيق لِأَن الْأَسَانِيد كَانَت كالأبواب الْمَفْتُوحَة فغلقت انْتهى وَفرغ من تأليفه سنة سبع وَثَمَانمِائَة لَكِن قَالَ فِي انتقاضه أَنه كمل سنة أَربع وَثَمَانمِائَة وَلَعَلَّ ذَلِك تَارِيخ التسويد

وَمن شُرُوح البُخَارِيّ شرح الْفَاضِل شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الْخَطِيب الْقُسْطَلَانِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي صَاحب الْمَوَاهِب اللدنية المتوفي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَهُوَ شرح كَبِير ممزوج فِي نَحْو عشرَة أسفار كبار أَوله الْحَمد لله الَّذِي شرح بمعارف عوارف السّنة النَّبَوِيَّة الخ فال فِيهِ بعد مدح الْفَنّ وَالْكتاب طالما خطر لي أَن أعلق عَلَيْهِ شرحا

ص: 192

أمزجه فِيهِ مزجا أميز فِيهِ الأَصْل من الشَّرْح بالحمرة ليَكُون كاشفا بعض أسراره مدلكا باللمحة موضحا مشكله مُقَيّدا مهمله وافيا بتعليق تَعْلِيقه كَافِيا فِي إرشاد الساري إِلَى طَرِيق تَحْقِيقه فشمرت ذيل الْعَزْم وأتيت بيُوت التصنيف من أَبْوَابهَا وأطلقت لِسَان الْقَلَم بعبارات صَرِيحَة لخصتها من كَلَام الكبراء وَلم أتحاش من الْإِعَادَة فِي الإفادة عِنْد الْحَاجة إِلَى الْبَيَان وَلَا فِي ضبط الْوَاضِح عِنْد عُلَمَاء هَذَا الشَّأْن قصدا لنفع الْخَاص وَالْعَام فدونك شرحا أشرقت عَلَيْهِ من شراقات هَذَا الْجَامِع أضواء نوره اللامع وَاخْتلفت مِنْهُ كواكب الدراري كَيفَ وَقد فاض عَلَيْهِ النُّور من فتح الْبَارِي انْتهى أَرَادَ بذلك أَن شرح ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي مندرج فِيهِ وَسَماهُ إرشاد الساري وَذكر فِي مقدمته فصولا هِيَ لفروع قَوَاعِد هَذَا الشَّرْح أصُول

قَالَ صَاحب كشف الظنون وَقد لخصت مَا فِيهَا من أَوْصَاف كتاب البُخَارِيّ وشروحه إِلَى هُنَا مَعَ ضم ضميمة هِيَ فِي جيد كل شرح كالتميمه وَذَلِكَ مبلغه من الْعلم وَلَكِن للْبُخَارِيّ معلقات أُخْرَى أوردناها تتميما لما ذكره وتنبيها على مَا فَاتَ عَنهُ أَو أهمله وَله أسئلة على البُخَارِيّ إِلَى أثْنَاء الصَّلَاة وَله تحفة السَّامع والقاري يخْتم صَحِيح البُخَارِيّ ذكره السخاوي فِي الضَّوْء اللامع

وَمن شُرُوح البُخَارِيّ شرح الإِمَام رَضِي الدّين حسن بن مُحَمَّد الصغاني الْحَنَفِيّ صَاحب الْمَشَارِق المتوفي سنة خمسين وسِتمِائَة وَهُوَ مُخْتَصر فِي مُجَلد وَشرح الإِمَام عفيف الدّين سعيد بن مَسْعُود الكازروني الَّذِي فرغ مِنْهُ فِي شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَدِينَة شيراز وَشرح الْمولى الْفَاضِل أَحْمد بن اسماعيل بن مُحَمَّد الكوراني الْحَنَفِيّ المتوفي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ شرح متوسط أَوله الْحَمد لله الَّذِي أوقد من مشكاة الشَّهَادَة الخ وَسَماهُ الْكَوْثَر الْجَارِي على رياض البُخَارِيّ رد فِي كثير من الْمَوَاضِع على الْكرْمَانِي وَابْن حجر وَبَين مُشكل اللُّغَات وَضبط أَسمَاء الروَاة فِي مَوضِع الالتباس وَذكر قبل الشُّرُوع سيرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِجْمَالا ومناقب المُصَنّف وتصنيفه وَفرغ مِنْهُ فِي جُمَادَى الأولى سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة بآذرنه

ص: 193

وَشرح الإِمَام زين الدّين أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْعَيْنِيّ الْحَنَفِيّ المتوفي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ فِي ثَلَاث مجلدات كتب الصَّحِيح على هامشه

وَشرح أبي ذَر أَحْمد بن ابراهيم بن السبط الْحلَبِي المتوفي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة لخصه من شُرُوح ابْن حجر والكرماني والبرماوي وَسَماهُ التَّوْضِيح للأوهام الْوَاقِعَة فِي الصَّحِيح

وَشرح الإِمَام فَخر الْإِسْلَام عَليّ بن مُحَمَّد الْبَزْدَوِيّ الْحَنَفِيّ المتوفي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ شرح مُخْتَصر وَشرح الإِمَام نجم الدّين أبي حَفْص عمر بن مُحَمَّد النَّسَفِيّ الْحَنَفِيّ المتوفي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة سَمَّاهُ كتاب النجاح فِي شرح أَخْبَار الصِّحَاح ذكر فِي أَوله أسانيده عَن خمسين طَرِيقا إِلَى المُصَنّف

وَشرح الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن مَالك النَّحْوِيّ المتوفي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة وَهُوَ شرح لمشكل إعرابه سَمَّاهُ التَّوْضِيح والتصحيح لمشكلات الْجَامِع الصَّحِيح وَشرح القَاضِي مجد الدّين اسماعيل بن ابراهيم البلبسي المتوفي سنة عشر وَثَمَانمِائَة وَشرح القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحِيم ابْن الرُّكْن أَحْمد الْمُتَوفَّى سنة أَربع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة

وَشرح غَرِيبه لأبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد الجياني النَّحْوِيّ المتوفي سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة وَشرح القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي الْحَافِظ المتوفي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة

وَشرح الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد رسْلَان الْمَقْدِسِي الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي المتوفي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ فِي ثَلَاث مجلدات

وَشرح الإِمَام عبد الرَّحْمَن الأهدل اليمني الْمُسَمّى بمصباح الْقَارِي

وَشرح الإِمَام قوام السّنة أبي الْقَاسِم اسماعيل بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ الْحَافِظ المتوفي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة

ص: 194

وَمن التعليقات على بعض الْمَوَاضِع من البُخَارِيّ تَعْلِيقه الْمولى لطف الله ابْن الْحسن التوقاني الْمَقْتُول سنة تسع مائَة وَهِي على أَوَائِله وتعليقة الْعَلامَة شمس الدّين أَحْمد بن سُلَيْمَان بن كَمَال باشا المتوفي سنة أَرْبَعِينَ وتسع مائَة وتعليقة الْمولى فضل بن عَليّ الْجمال المتوفي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وتعليقة مصلح الدّين مصطفى بن شعْبَان السروري المتوفي سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَهِي كَبِيرَة إِلَى قريب من النّصْف وتعليقة مَوْلَانَا حُسَيْن الكفوي المتوفي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَألف

ولكتاب البُخَارِيّ مختصرات غير مَا ذكر مِنْهَا مُخْتَصر الشَّيْخ الإِمَام جمال الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ المتوفي سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة بالاسكندرية أَوله الْحَمد لله الَّذِي خص أهل السّنة بالتوفيق ومختصر الشَّيْخ الإِمَام زين الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الشرجي الزبيدِيّ المتوفي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة جرد فِيهِ أَحَادِيثه وَسَماهُ التَّجْرِيد الصَّرِيح لأحاديث الْجَامِع الصَّحِيح أَوله الْحَمد لله الباريء المصور الخ حذف فِيهِ مَا تكَرر وَجمع مَا تفرق فِي الْأَبْوَاب لِأَن الْإِنْسَان إِذا أَرَادَ أَن ينظر الحَدِيث فِي أَي بَاب لَا يكَاد يَهْتَدِي إِلَيْهِ إِلَّا بعد جهد ومقصود المُصَنّف بذلك كَثْرَة طرق الحَدِيث وشهرته

قَالَ النَّوَوِيّ فِي مُقَدّمَة شرح مُسلم أَن البُخَارِيّ ذكر الْوُجُوه فِي أَبْوَاب متباعدة وَكَثِيرًا مِنْهَا يذكرهُ فِي غير بَابه الَّذِي يسْبق إِلَيْهِم الْفَهم أَنه إِلَيْهِ أولى بِهِ فيصعب على الطَّالِب جمع طرقه قَالَ وَقد رَأَيْت جمَاعَة من الْحفاظ الْمُتَأَخِّرين غلطوا فِي مثل هَذَا فنفوا رِوَايَة البُخَارِيّ أَحَادِيث هِيَ مَوْجُودَة فِي صَحِيحه انْتهى فجرده من غير تكْرَار مَحْذُوف الْأَسَانِيد وَلم يذكر الْأَمَاكِن مُسْندًا مُتَّصِلا وَفرغ فِي شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة ومختصر الشَّيْخ بدر الدّين حسن بن عمر بن حبيب الْحلَبِي المتوفي سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة وَسَماهُ إرشاد السَّامع والقاري الْمُنْتَقى من صَحِيح البُخَارِيّ

وَمن الْكتب المصنفة على صَحِيح البُخَارِيّ الإفهام بِمَا وَقع فِي البُخَارِيّ

ص: 195

من الْإِبْهَام ولجلال الدّين عبد الرَّحْمَن بن عمر البُلْقِينِيّ المتوفي سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة أَوله الْحَمد لله الْعَالم بغوامض الْأُمُور الخ فرغ مِنْهُ فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَأَسْمَاء رِجَاله للشَّيْخ الإِمَام أبي نصر أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الكلاباذي المتوفي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وللقاضي أبي الْوَلِيد سُلَيْمَان بن خلف الْبَاجِيّ المتوفي سنة أَربع وَسبعين وَأَرْبع مائَة كتاب التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح لرجال البُخَارِيّ وجرد الشَّيْخ قطب الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الخيضري الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي المتوفي سنة أَربع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة من فتح الْبَارِي أسئلة مَعَ الْأَجْوِبَة وسماها المنهل الْجَارِي وجرد الْحَافِظ ابْن حجر التَّفْسِير من البُخَارِيّ على تَرْتِيب السُّور وَله التشويق إِلَى وصل التَّعْلِيق انْتهى من كشف الظنون وَشرح البُخَارِيّ للملا أحسن الصديقي الفنجابي الْمَعْرُوف بحافظ درار بِالْفَارِسِيَّةِ وَسَماهُ منح الْبَارِي أَوله حمد وسباس بِي عدد وَقِيَاس مرخداي راكه سبحات جلال أَو مقدس از وسمه حُدُوث وزوالست وسرادقات جمال أَو منزه از وصمه تغير وانتقال

وَشَرحه السَّيِّد الْعَلامَة حسان الْهِنْد مَوْلَانَا غُلَام عَليّ بن السَّيِّد نوح الْحُسَيْنِي الوَاسِطِيّ المتخلص بآزاد البلكرامي المتوفي سنة مِائَتَيْنِ وَألف باورنق آباد المدفون بِأَرْض الرَّوْضَة وَسَماهُ ضوء الدراري أَوله الْحَمد لمن تَوَاتَرَتْ آلاؤه وتسلسلت نعماؤه وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد مَا أَعلَى شَأْنه وَمَا أحسن بَيَانه وعَلى آله المتكئين على سرر مَرْفُوعَة وَأَصْحَابه المتجرعين من أكواب مَوْضُوعَة وَفِيه يَقُول إِنِّي لما وصلت إِلَى الْمَدِينَة المؤسسة فِي أَوَائِل سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة وَألف من الْهِجْرَة المقدسة وَاتفقَ بعونه تَعَالَى قراءتي صَحِيح البُخَارِيّ ومطالعة شَرحه الْمُسَمّى بإرشاد الساري للنحرير الْمُؤَيد بالتأييد الرباني أَحْمد بن مُحَمَّد الْخَطِيب الْقُسْطَلَانِيّ هَمَمْت أَن الْتقط مِنْهُ مَا يتَعَلَّق بمتن الحَدِيث من حل المباني وَتَحْقِيق الْمعَانِي مُقْتَصرا عَلَيْهِ عَن أَسمَاء الرِّجَال ثَانِيًا عنان الْقَلَم عَن طول الْمقَام وانتخب مِنْهُ مَا أَقرَأ كل يَوْم وَإِن كَانَ كثيرا وأزيد عَلَيْهِ من الْفَوَائِد الفرائد شَيْئا يَسِيرا وَمَا بَعَثَنِي على أَخذ الْقَلِيل إِلَّا حمل السّفر الثقيل فِي السّفر الطَّوِيل فَإِن هِيَ إِلَّا عدَّة معَان وَمَا تِلْكَ إِلَّا عدَّة عجلَان وسميته ضوء الدراري

ص: 196

شرح صَحِيح البُخَارِيّ نستعين بالمولى الْكَرِيم ونتهدي بِهِ إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم انْتهى

وَقَالَ فِي آخِره هَذَا آخر كتاب الزَّكَاة وَلما بلغت هَذَا الْمَكَان سكن الْقَلَم عَن الجريان وَقد تكاثرت الْعَوَائِق عَن الْكِتَابَة لَكِنَّهَا مَا كفتني عَن الْقِرَاءَة فَالْحَمْد لله على نعمه الوافرة وَله الْحَمد فِي الأولى وَالْآخِرَة انْتهى

وَمن خطه رَحمَه الله تَعَالَى نقلت وَشرح الشَّيْخ الْفَاضِل نور الْحق ابْن الشَّيْخ عبد الْحق بن سيف الدّين التّرْك الدهلوي البُخَارِيّ مفتي أكبر آباد من بِلَاد الْهِنْد المتوفي سنة ثَلَاث وَسبعين وَألف سَمَّاهُ تيسير الْقَارِي وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَشرح الشَّيْخ الْعَلامَة عبد الله بن الشَّيْخ سَالم الْبَصْرِيّ الْمَكِّيّ المتوفي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف وَسَماهُ بضياء الساري

قَالَ السَّيِّد آزاد فِي تَسْلِيَة الْفُؤَاد وَله شرح على صَحِيح البُخَارِيّ سَار فِي الْأَنْفس والآفاق سير الرّوح ولعمري لقد عز أَن يلفي مثله فِي سَائِر الشُّرُوح لَكِن ضَاقَ الْوَقْت عَن إكماله وضن الزَّمَان الشحيح بإفاضة نواله وَالنُّسْخَة الَّتِي نسخهَا الشَّيْخ بِيَدِهِ الشَّرِيفَة وَهِي أصل ألأصول للنسخ الشائعة فِي الْآفَاق رَأَيْتهَا عِنْد مَوْلَانَا مُحَمَّد أسعد الْحَنَفِيّ الْمَكِّيّ من تلامذة الشَّيْخ تَاج الدّين الْمَكِّيّ ببلدة آركات أَخذ الشَّيْخ عَن ولد المُصَنّف بالاشترا فَقلت للشَّيْخ مُحَمَّد أسعد هَذِه النُّسْخَة الْمُبَارَكَة حَقّهَا أَن تكون فِي الْحَرَمَيْنِ الْمُكرمين وَلَا يَنْبَغِي أَن ينْقل مِنْهَا إِلَى مَوَاضِع أُخْرَى لَا سِيمَا إِلَى الديار الشاسعة فَقَالَ الشَّيْخ هَذَا الْكَلَام حق وَلَكِن مَا فارقتها لفرط محبتي إِيَّاهَا ثمَّ أرسل الشَّيْخ كتبه من آركات إِلَى أورنق اباد احْتِيَاطًا لما رأى من هيجان الْفِتْنَة بِتِلْكَ الْبِلَاد فوصلت النُّسْخَة إِلَى أورنق آباد وَهِي مَوْجُودَة بهَا الْآن حفظهَا الله تَعَالَى انْتهى وَشرح السَّيِّد الأمجد الْأَكْمَل مَوْلَانَا مُحَمَّد بن أَحْمد اليمني الأهدل القاطن حَالا بقرية مراوعة بِقرب بندر الحديدة سَمَّاهُ سلم الْقَارِي بَارك فِي إفادته وإفاضته الْبَارِي

ص: 197