الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل الثَّالِث فِي تَرْجَمَة مُسلم بن الْحجَّاج
أَبُو الْحُسَيْن عَسَاكِر الدّين مُسلم بن الْحجَّاج بن مُسلم بن ورد بن كوشاذ الْقشيرِي نسبا النَّيْسَابُورِي وطنا نِسْبَة إِلَى قُشَيْر مُصَغرًا قَبيلَة مَعْرُوفَة من الْعَرَب ونيسابور بلد بخراسان مَعْرُوف بالْحسنِ وَالْعَظَمَة كَانَ أحد أَئِمَّة أَعْلَام هَذَا الشَّأْن وكبار المبرزين فِيهِ وَأهل الْحِفْظ والإيقان والرحالين فِي طلبه إِلَى أَئِمَّة الأقطار والبلدان والمعترف لَهُ بالتقديم فِيهِ بِلَا خلاف عِنْد أهل الحذق والعرفان والمرجوع إِلَى كِتَابه وَالْمُعْتَمد عَلَيْهِ فِي كل الْأَزْمَان وَالْمجْمَع عَلَيْهِ على تقدمه على أهل عصره كَمَا شهد لَهُ بذلك إِمَامًا وقتهما وحافظا عصرهما أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم أَجمعُوا على أَنه ولد بعد الْمِائَتَيْنِ فَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة أَربع وَقيل سنة سِتّ وَتُوفِّي عَشِيَّة الْأَحَد وَدفن يَوْم الْإِثْنَيْنِ الْخَامِس وَالْعِشْرين من رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بنصر آباد ظَاهر مَدِينَة نيسابور وعمره خمس وَخَمْسُونَ سنة رَحل إِلَى الْحجاز وَالْعراق وَالشَّام ومصر وَسمع يحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وعبد الله بن مسلمة القعْنبِي وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد غير مرّة فروى عَنهُ أَهلهَا وَآخر قدومه إِلَيْهَا فِي سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
قَالَ النَّوَوِيّ روى عَنهُ جماعات من كبار أَئِمَّة عصره وحفاظه وَفِيهِمْ جماعات فِي دَرَجَته فَمنهمْ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ ومُوسَى بن هَارُون وَأحمد بن سَلمَة وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو بكر بن خُزَيْمَة وَيحيى بن صاعد وَأَبُو عوَانَة الاسفرائيني وأخرون لَا يُحصونَ انْتهى
قَالَ الديبع كَانَ يقدم فِي معرفَة الصَّحِيح على أهل عصره وَقَالَ النَّوَوِيّ وَمن حقق نظره فِي صَحِيح مُسلم واطلع على مَا أودعهُ فِيهِ علم أَنه إِمَام لَا يلْحقهُ من بعد عصره وَقل من يُسَاوِيه بل يدانيه من أهل وقته ودهره {ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء}
انْتهى وَله المؤلفات الْكَثِيرَة الجليلة لَا سِيمَا صَحِيحه الَّذِي من الله بِهِ على الْمُسلمين فقد أودع فِيهِ عجائب هَذَا الْفَنّ خَاصَّة فِي سرد الْأَسَانِيد وَحسن سِيَاق الْمُتُون وَلِهَذَا كَانَ يقدم فِي معرفَة صَحِيح الحَدِيث من سقيمه على البُخَارِيّ أَيْضا فَإِن البُخَارِيّ يَقع لَهُ الْغَلَط فِي أهل الشَّام حَيْثُ يذكر رجلا وَاحِدًا تَارَة بكنية وطورا باسمه ويراهما رجلَانِ لكَون رِوَايَته عَن أَكثر أهل الشَّام على طَرِيق المناولة لَا بطرِيق التَّحْقِيق الشفاهي بِخِلَاف مُسلم فَإِنَّهُ لَا يَقع لَهُ ذَلِك الْغَلَط فِي مَوضِع وَيَقَع للْبُخَارِيّ تعقيد الْمُتُون فِي بعض الْأَحَادِيث بِسَبَب التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير والحذف وَإِسْقَاط بعض الْأَلْفَاظ وَإِن كَانَ ينجلي بمراجعة الرِّوَايَات الْأُخْرَى الْوَارِدَة فِي صَحِيحه وَلَا يَقع ذَلِك لمُسلم فَإِنَّهُ يَسُوق الْأَلْفَاظ وَيَأْتِي بِالرِّجَالِ بِحَيْثُ لَا يَقع تَحْرِيف فِي نسخه وَقد رأى أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ مُسلما فِي الْمَنَام وَسَأَلَ عَن شَأْنه فَقَالَ إِن الله تبارك وتعالى أَبَاحَ الْجنَّة لي أتبوأ مِنْهَا حَيْثُ أَشَاء وَرَأى صَالح أَبَا عَليّ الزَّاغُونِيّ فِي الْمَنَام وَسَأَلَهُ بِمَا نجوت قَالَ بِهَذَا الْجُزْء الَّذِي بيَدي فَإِذا هُوَ جُزْء من صَحِيح مُسلم
وَله مؤلفات أُخْرَى مفيدة جدا مِنْهَا كتاب الْجَامِع الْكَبِير على الْأَبْوَاب وَكتاب الْمسند الْكَبِير على أَسمَاء الرِّجَال وَكتاب الْأَسْمَاء والكنى وَكتاب الْعِلَل وَكتاب الوحدان وَكتاب التَّمْيِيز وَكتاب حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب وَكتاب مَشَايِخ مَالك وَكتاب مَشَايِخ الثَّوْريّ وَكتاب أَوْهَام الْمُحدثين وَكتاب من لَيْسَ لَهُ إِلَّا راو وَاحِد وَكتاب طَبَقَات التَّابِعين وَكتاب المخضرمين وَغير ذَلِك
قيل سَبَب مَوته أَنه عقد لَهُ مجْلِس للمذاكرة فَذكر لَهُ حَدِيث فَلم يعرفهُ فَانْصَرف إِلَى منزله فَقدمت لَهُ سلة تمر فَكَانَ يطْلب الحَدِيث وَيَأْخُذ تَمْرَة تَمْرَة فَأصْبح وَقد فني التَّمْر وَوجد الحَدِيث فَكَانَ ذَلِك سَبَب مَوته يَعْنِي مَاتَ بِسَبَب الْأكل الْكثير وَلَا يَخْلُو ذَلِك عَن غرابة رَحمَه الْعلي الْكَبِير