الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل الثَّانِي
فِي شرف علم الحَدِيث وفضيلة الْمُحدثين
اعْلَم أَن أنف الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة ومفتاحها ومشكاة الْأَدِلَّة السمعية ومصباحها وعمدة المناهج اليقينية ورأسها ومبنى شرائع الْإِسْلَام وأساسها ومستند الرِّوَايَات الْفِقْهِيَّة كلهَا ومأخذ الْفُنُون الدِّينِيَّة دقها وجلها وأسوة جملَة الْأَحْكَام وأسها وَقَاعِدَة جَمِيع العقائد وأسطقسها وسماء الْعِبَادَات وقطب مدارها ومركز الْمُعَامَلَات ومحط حارها وقارها هُوَ علم الحَدِيث الشريف الَّذِي تعرف بِهِ جَوَامِع الْكَلم وتنفجر مِنْهُ ينابيع الحكم وتدور عَلَيْهِ رحى الشَّرْع بالأسر وَهُوَ ملاك كل نهي وَأمر ولولاه لقَالَ من شَاءَ مَا شَاءَ وخبط النَّاس خبط عشواء وركبوا متن عمياء فطوبى لمن جد فِيهِ وَحصل مِنْهُ على تنويه يملك من الْعُلُوم النواصي وَيقرب من أطرافها الْبعيد القاصي وَمن لم يرضع من دره وَلم يخض فِي بحره وَلم يقتطف من زهره ثمَّ تعرض للْكَلَام فِي الْمسَائِل وَالْأَحْكَام فقد جَار فِيمَا حكم وَقَالَ على الله تَعَالَى مالم يعلم كَيفَ وَهُوَ كَلَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالرَّسُول أشرف الْخلق كلهم أَجْمَعِينَ وَقد أُوتى جَوَامِع الْكَلم وسواطع الحكم من عِنْد رب الْعَالمين فَكَلَامه أشرف الْكَلم وأفضلها وَأجْمع الحكم وأكملها كَمَا قيل كَلَام الْمُلُوك ملك الْكَلَام وَهُوَ تلو كَلَام الله تَعَالَى العلام وَثَانِي أَدِلَّة الْأَحْكَام فَإِن عُلُوم الْقُرْآن وعقائد الْإِسْلَام بأسرها وَأَحْكَام الشَّرِيعَة المطهرة بِتَمَامِهَا وقواعد الطَّرِيقَة الحقة بحذافيرها وَكَذَا الكشفيات والعقليات بنقيرها وقطميرها تتَوَقَّف على بَيَانه صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهَا مالم توزن بِهَذَا القسطاس الْمُسْتَقيم وَلم تضرب على ذَلِك المعيار القويم لَا يعْتَمد عَلَيْهَا وَلَا تصار
إِلَيْهَا فَهَذَا الْعلم الْمَنْصُوص وَالْبناء المرصوص بِمَنْزِلَة الصراف لجواهر الْعُلُوم عقليها ونقليها وكالنقاد لنقود كل فنون أصليها وفرعيها من وُجُوه التفاسير والفقهيات ونصوص الْأَحْكَام ومأخذ عقائد الْإِسْلَام وطرق السلوك إِلَى الله سبحانه وتعالى ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام فَمَا كَانَ مِنْهَا كَامِل الْعيار فِي نقد هَذَا الصراف فَهُوَ الحري بالترويج والاشتهار وَمَا كَانَ زيفا غير جيد عِنْد ذَلِك النقاد فَهُوَ القمين بِالرَّدِّ والطرد وَالْإِنْكَار فَكل قَول يصدقهُ خبر الرَّسُول فَهُوَ الْأَصْلَح للقبول وكل مَا لَا يساعده الحَدِيث وَالْقُرْآن فَذَلِك فِي الْحَقِيقَة سفسطة بِلَا برهَان فَهِيَ مصابيح الدجى ومعالم الْهدى وبمنزلة الْبَدْر الْمُنِير من انْقَادَ لَهَا فقد رشد واهتدى وأوتي الْخَيْر الْكثير وَمن أعرض عَنْهَا وَتَوَلَّى فقد غوى وَهوى وَمَا زَاد نَفسه إِلَّا التخسير فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم نهى وَأمر وأنذر وَبشر وَضرب الْأَمْثَال وَذكر وَإِنَّهَا لمثل الْقُرْآن بل هِيَ أَكثر وَقد ارْتبط بهَا أَتْبَاعه صلى الله عليه وسلم الَّذِي هُوَ ملاك سَعَادَة الدَّاريْنِ والحياة الأبدية بلامين كَيفَ وَمَا الْحق إِلَّا فِيمَا قَالَه صلى الله عليه وسلم أَو عمل بِهِ أَو قَرَّرَهُ أَو أَشَارَ إِلَيْهِ أَو تفكر فِيهِ أَو خطر بِبَالِهِ أَو هجس فِي خلده واستقام عَلَيْهِ فالعلم فِي الْحَقِيقَة هُوَ علم السّنة وَالْكتاب وَالْعَمَل الْعَمَل بهما فِي كل إياب وَذَهَاب ومنزلته بَين الْعُلُوم منزلَة الشَّمْس بَين كواكب السَّمَاء ومزية أَهله على غَيرهم من الْعلمَاء مزية الرِّجَال على النِّسَاء {ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء} فيا لَهُ من علم سيط بدمه الْحق وَالْهدى ونيط بعنقه الْفَوْز بالدرجات العلى
وَقد كَانَ الإِمَام مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن عليه السلام يَقُول إِن من فقه الرجل بصيرته أَو فطنته بِالْحَدِيثِ وَلَقَد صدق فَإِنَّهُ لَو تَأمل المتأمل بِالنّظرِ العميق والفكر الدَّقِيق لعلم أَن لكل علم خاصية تتحصل بمزاولته للنَّفس الإنسانية كَيْفيَّة من الكيفيات الْحَسَنَة أَو السَّيئَة وَهَذَا علم تُعْطى مزاولته صَاحب هَذَا الْعلم معنى الصحابية لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَة هِيَ الِاطِّلَاع على جزئيات أَحْوَاله صلى الله عليه وسلم ومشاهدة أوضاعه فِي الْعِبَادَات
والعادات كلهَا وَعند بعد الزَّمَان يتَمَكَّن هَذَا الْمَعْنى بمزاولته فِي مدركة المزاول ويرتسم فِي خياله بِحَيْثُ يصير فِي حكم الْمُشَاهدَة والعيان وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْقَائِل بقوله
(أهل الحَدِيث هم أهل النَّبِي وَإِن
…
لم يصحبوا نَفسه أنفاسه صحبوا)
ويروى عَن بعض الصلحاء أَنه قَالَ أَشد البواعث وَأقوى الدَّوَاعِي لي على تَحْصِيل علم الحَدِيث لفظ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَالْحَاصِل أَن أهل الحَدِيث كثر الله تَعَالَى سوادهم وَرفع عمادهم لَهُم نِسْبَة خَاصَّة وَمَعْرِفَة مَخْصُوصَة بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يشاركهم فِيهَا أحد من الْعَالمين فضلا عَن النَّاس أَجْمَعِينَ لأَنهم الَّذين لَا تزَال تجْرِي ذكر صِفَاته الْعليا وأحواله الْكَرِيمَة وشمائله الشَّرِيفَة على لسانهم وَلم يبرح تِمْثَال جماله الْكَرِيم وخيال وَجهه الوسيم وَنور حَدِيثه المستبين يتَرَدَّد فِي حلق وسط جنانهم فعلاقة باطنهم بباطنه العلى مُتَّصِلَة وَنسبَة ظَاهِرهمْ بِظَاهِرِهِ النقي مسلسلة فهم أهل المواليد حَقًا عدلا وصدقا فَأكْرم بهم من كرام يشاهدون عَظمَة الْمُسَمّى حِين يذكر الِاسْم وَيصلونَ عَلَيْهِ كل لمحة ولحظة بِأَحْسَن الْحَد والرسم خَاضُوا فِي بحار الْعُلُوم المحمدية حَتَّى صَارُوا محو الْمَعْلُوم وخدموا الْأَحَادِيث الأحمدية إِلَى أَن عَادوا عين المخدوم فَأُولَئِك كَمَا قيل بِالْفَارِسِيَّةِ
(ذَات من نقش خيال خوش تست
…
من مكر خود صفت ذَات توام)
(نقش انديشة من جملَة زتست
…
كوئي الفاظ وعبارات توام)
قَالَ الشَّيْخ أَحْمد الْقُسْطَلَانِيّ فِي إرشاد الساري شرح صَحِيح البُخَارِيّ فِي فَضِيلَة أهل الحَدِيث روينَا عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نضر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فحفظها ووعاها وأداها فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ رَوَاهُ الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ وَكَذَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِلَفْظ نضر الله امْرأ سمع منا شَيْئا فَبَلغهُ كَمَا سَمعه فَرب مبلغ أوعى من سامع وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع نضر الله امْرأ سمع مَقَالَتي فوعاها فَرب حَامِل فقه لَيْسَ بفقيه رَوَاهُ الْبَزَّار باسناد حسن وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث زيد بن ثَابت وَكَذَا رُوِيَ من حَدِيث معَاذ بن جبل ونعمان ابْن بشير وَجبير بن مطعم وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي قرصافة وَغَيرهم من الصَّحَابَة وَبَعض أسانيدهم صَحِيح كَمَا قَالَه الْمُنْذِرِيّ
وَعَن أبي عَبَّاس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إرحم خلفائي قُلْنَا يَا رَسُول الله وَمن خلفاؤك قَالَ الَّذين يروون أحاديثي ويعلمونها النَّاس رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَلَا ريب أَن أَدَاء السّنَن إِلَى الْمُسلمين نصيحة لَهُم من وظائف الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فَمن قَامَ بذلك كَانَ خَليفَة لمن يبلغ عَنهُ وكما لَا يَلِيق بالأنبياء أَن يهملوا أعاديهم وَلَا ينصحوهم كَذَلِك لَا يحسن لطَالب الحَدِيث وناقل السّنَن أَن يمنحها صديقه ويمنعها عدوه فعلى الْعَالم بِالسنةِ أَن يَجْعَل أكبر همه نشر الحَدِيث فقد أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عَنهُ حَيْثُ قَالَ وبلغوا عني وَلَو آيَة الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ قَالَ المظهري أَي بلغُوا أحاديثي وَلَو كَانَت قَليلَة
وَقَالَ إِمَام الْأَئِمَّة مَالك رحمه الله بَلغنِي أَن الْعلمَاء يسْأَلُون عَن تبليغهم الْعلم كَمَا يسْأَل الْأَنْبِيَاء عليهم السلام
وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ لَا أعلم علما أفضل من علم الحَدِيث لمن أَرَادَ بِهِ وَجه الله تَعَالَى إِن النَّاس يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ حَتَّى فِي طعامهم وشرابهم فَهُوَ أفضل من التَّطَوُّع بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَام لِأَنَّهُ فرض كِفَايَة
وَفِي حَدِيث أُسَامَة بن زيد رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عَدو لَهُ ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالين وانتحال المبطلين وَتَأْويل الْجَاهِلين وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ من الصَّحَابَة عَليّ وَابْن عمر وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَجَابِر بن سَمُرَة ومعاذ وَأَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنهم وَأوردهُ ابْن عدي من طرق كَثِيرَة كلهَا
ضَعِيفَة كَمَا صرح بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عبد الْبر لَكِن يُمكن أَن يقوى بِتَعَدُّد طرقه وَيكون حسنا كَمَا جزم بِهِ ابْن كيكلدي العلائي وَفِيه تَخْصِيص حَملَة السّنة بِهَذِهِ المنقبة الْعلية وتعظيم لهَذِهِ الْأمة المحمدية وَبَيَان لجلالة قدر الْمُحدثين وعلو مرتبتهم فِي الْعَالمين لأَنهم يحْمُونَ مشارع الشَّرِيعَة ومتون الرِّوَايَات من تَحْرِيف الغالين وَتَأْويل الْجَاهِلين بِنَقْل النُّصُوص المحكمة لرد الْمُتَشَابه إِلَيْهَا
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي أول تهذيبه هَذَا إِخْبَار مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بصيانة هَذَا الْعلم وَحفظه وعدالة ناقليه وَإِن الله تَعَالَى يوفق لَهُ فِي كل عصر خلفا من الْعُدُول يحملونه وينفون عَنهُ التحريف لَا يضيع وَهَذَا تَصْرِيح بعدالة حامليه فِي كل عصر وَهَكَذَا وَقع وَللَّه الْحَمد وَهَذَا من أَعْلَام النُّبُوَّة وَلَا يضر كَون بعض الْفُسَّاق يعرف شَيْئا من علم الحَدِيث فَإِن الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ إِخْبَار بِأَن الْعُدُول يحملونه لَا أَن غَيرهم لَا يعرف مِنْهُ شَيْئا انْتهى على أَنه قد يُقَال مَا يعرفهُ الْفُسَّاق من الْعلم لَيْسَ بِعلم حَقِيقَة لعدم عَمَلهم كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمولى سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ فِي تَقْرِير قَول التَّلْخِيص وَقد ينزل الْعَالم منزلَة الْجَاهِل وَصرح بِهِ الإِمَام الشَّافِعِي فِي قَوْله وَلَا الْعلم إِلَّا مَعَ التقي وَلَا الْعقل إِلَّا مَعَ الْأَدَب ولعمري إِن هَذَا الشَّأْن من أقوى أَرْكَان الدّين وأوثق عرى الْيَقِين لَا يرغب فِي نشره إِلَّا صَادِق تَقِيّ وَلَا يزهده إِلَّا مُنَافِق شقي
قَالَ ابْن الْقطَّان لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مُبْتَدع إِلَّا وَهُوَ يبغض أهل الحَدِيث
وَقَالَ الْحَاكِم لَوْلَا كَثْرَة طَائِفَة الْمُحدثين على حفظ الْأَسَانِيد لدرس منار الْإِسْلَام ولتمكن أهل الْإِلْحَاد والمبتدعة من وضع الْأَحَادِيث وقلب الْأَسَانِيد
وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْعلم ثَلَاثَة آيَة محكمَة أَو فَرِيضَة عادلة أَو سنة قَائِمَة وَمَا سوى ذَلِك فَهُوَ فضل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَللَّه در أبي بكر حميد الْقُرْطُبِيّ فَلَقَد أحسن فِي الْمقَال حَيْثُ قَالَ نظم
(نور الحَدِيث مُبين فادن واقتبس
…
وَأخذ الركاب لَهُ نَحْو الرضى الندس)
(واطلبه بالصين فَهُوَ الْعلم إِن رفعت
…
أَعْلَامه برباها يَا ابْن أندلس)
(فَلَا تضع فِي سوى تَقْيِيد شارده
…
عمرا يفوتك بَين اللخط وَالنَّفس)
(وخل سَمعك عَن بلوى أخي جدل
…
شغل اللبيب بهَا ضرب من الهوس)
(مَا إِن سمت بِأبي بكر وَلَا عمر
…
وَلَا أَتَت عَن أبي هر وَلَا أنس)
(إِلَّا هوى وخصومات ملفقة
…
لَيست برطب إِذا عدت وَلَا يبس)
(فَلَا يغرك من أَرْبَابهَا هذر
…
أجدى وَجدك مِنْهَا نَغمَة الجرس)
(أعرهم أذنا صمًّا إِذا نطقوا
…
وَكن إِذا سَأَلُوا تعزى إِلَى خرس)
(مَا الْعلم إِلَّا كتاب الله أَو أثر
…
يجلو بِنور هداه كل ملتبس)
(نور لملتبس خير لمقتبس
…
حمى لمحترس نعمى لمبتئس)
(فاعكف ببابهما على طلابهما
…
تمحو الْعَمى بهما عَن كل ملتمس)
(ورد بقلبك عذبا من حياضهما
…
تغسل بِمَاء الْهدى مَا فِيهِ من دنس)
(وَاقِف النَّبِي وَاتِّبَاع النَّبِي وَكن
…
من هديهم أبدا تَدْنُو إِلَى قبس)
(والزم مجَالِسهمْ واحفظ مجَالِسهمْ
…
واندب مدارسهم بالأربع الدَّرْس)
(واسلك طريقهم وَاتبع فريقهم
…
تكن رفيقهم فِي حَضْرَة الْقُدس)
(تِلْكَ السَّعَادَة إِن تلمم بساحتها
…
فحط رحلك قد عوفيت من تعس)
وَمن شرف أهل الحَدِيث مَا روينَاهُ من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَفِي سَنَده مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ إِنَّه تفرد بِهِ وَقَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي هَذَا الحَدِيث بَيَان صَحِيح على أَن أولى النَّاس برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْقِيَامَة أَصْحَاب الحَدِيث إِذْ لَيْسَ من هَذِه الْأمة قوم أَكثر صَلَاة عَلَيْهِ مِنْهَا وَقَالَ غَيره الْمَخْصُوص بِهَذَا الحَدِيث نقلة الْأَخْبَار الَّذين يَكْتُبُونَ الْأَحَادِيث ويذبون عَنهُ الْكَذِب أناء اللَّيْل أَطْرَاف النَّهَار
وَقَالَ الْخَطِيب فِي كِتَابه شرف أَصْحَاب الحَدِيث قَالَ لنا أَبُو نعيم
هَذِه منقبة شريفة تخْتَص بهَا رُوَاة الْآثَار ونقلتها لِأَنَّهُ لَا يعرف لعصابة من الْعلمَاء من الصَّلَاة على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكثر مَا يعرف لهَذِهِ الْعِصَابَة نسخا وذكرا
وَقَالَ أَبُو الْيمن ابْن عَسَاكِر لِيهن أهل الحَدِيث كثرهم الله تَعَالَى هَذِه الْبُشْرَى فقد أتم الله تَعَالَى نعمه عَلَيْهِم بِهَذِهِ الْفَضِيلَة الْكُبْرَى فَإِنَّهُم أولى النَّاس بِنَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم وأقربهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَسِيلَة يَوْم الْقِيَامَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُم يخلدُونَ ذكره فِي طروسهم ويجددون الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم عَلَيْهِ فِي مُعظم الْأَوْقَات فِي مجَالِس مذاكرتهم ودروسهم فهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْفرْقَة النَّاجِية جعلنَا الله تَعَالَى مِنْهُم وحشرنا فِي زمرتهم آمين انْتهى الْمَقْصُود مِنْهُ مُلَخصا
قلت وروينا فِي كتاب الْحَاكِم أبي عبد الله عَن مطر الْوراق فِي قَوْله تَعَالَى {أَو أثارة من علم} قَالَ اسناد الحَدِيث أَي الإثارة هِيَ الْإِسْنَاد وَعَن مَالك بن أنس فِي قَوْله تَعَالَى {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك} قَالَ قَول الرجل حَدثنِي أبي عَن جدي وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يزَال النَّاس من أمتِي منصورين لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى تقوم السَّاعَة رَوَاهُ ابْن ماجة سُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَن هَذَا الحَدِيث مَا مَعْنَاهُ قَالَ هم أهل الحَدِيث وَلَو لم يكن المحدثون تِلْكَ الطَّائِفَة المنصورة فَلَا أعلم من هِيَ
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِنَّه سَيَأْتِي من بعدِي قوم يسألونكم الحَدِيث عني فَإِذا جاؤكم فالطفوا لَهُم وحدثوهم وَقَالَ صلى الله عليه وسلم سارعوا فِي طلب الْعلم فلحديث عَن صَادِق خير من الأَرْض وَمَا عَلَيْهَا من ذهب وَفِضة
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِن من أفضل الْفَائِدَة حَدِيثا يسمعهُ الرجل فَيحدث بِهِ أَخَاهُ
وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ الْإِسْنَاد سلَاح الْمُؤمن فَإِذا لم يكن مَعَه السِّلَاح فَبِأَي شَيْء يُقَاتل
وَقَالَ الشَّافِعِي مثل الَّذِي يطْلب الحَدِيث بِلَا إِسْنَاد كَمثل حَاطِب ليل يحمل حزمة الْحَطب فِيهَا أَفْعَى تلدغه وَهُوَ لَا يدْرِي
وَقَالَ ابْن الْمُبَارك الْإِسْنَاد من الدّين وَلَوْلَا الْإِسْنَاد لقَالَ من شَاءَ مَا شَاءَ
وَقَالَ دَاوُد بن عَليّ من لم يعرف حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يُمَيّز بَين صَحِيحه وسقيمه فَلَيْسَ بعالم
وَقَالَ ابْن ذريع لكل دين فرسَان وفرسان هَذَا الدّين أَصْحَاب الْأَسَانِيد
وَقَالَ ابْن زرمة سَمِعت عبد الله يَقُول بَيْننَا وَبَين الْقَوْم القوائم يَعْنِي الْإِسْنَاد رَوَاهُ مُسلم
وَقَالَ أَحْمد بن سينا لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مُبْتَدع إِلَّا وَهُوَ يبغض أهل الحَدِيث وَمن ابتدع نزعت من قلبه حلاوة الحَدِيث قلت بل حلاوة الْإِيمَان
وَقَالَ أَبُو نصر بن سَلام الْفَقِيه لَا شَيْء أثقل على أهل الْإِلْحَاد وَلَا أبْغض إِلَيْهِم من سَماع الحَدِيث
وَقَالَ الْحَاكِم من نسب إِلَى نوع من الْإِلْحَاد والبدع لَا ينظر إِلَى الطَّائِفَة المنصورة إِلَّا بِعَين الحقارة
وناظر رجل الشَّيْخ أَبَا بكر أَحْمد بن إِسْحَاق الْفَقِيه فَقَالَ الشَّيْخ حَدثنَا فلَان قَالَ الرجل إِلَى مَتى حَدثنَا فَقَالَ الشَّيْخ قُم يَا كَافِر فَلَا يحل لَك أَن تدخل دَاري بعد هَذَا ثمَّ الْتفت إِلَى أَصْحَابه وَقَالَ مَا قلت لأحد لَا تدخل دَاري إِلَّا لهَذَا
وَذكر صدر الشَّرِيعَة فِي تَعْدِيل الْعُلُوم أَن مَشَايِخ الحَدِيث مَشْهُورُونَ بطول الْأَعْمَار
وَذكر السُّبْكِيّ فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة أَن أَبَا سهل قَالَ سَمِعت ابْن الصّلاح قَالَ سَمِعت مَشَايِخنَا يَقُولُونَ دَلِيل طول عمر الرجل اشْتِغَاله بِأَحَادِيث الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ويصدقه التجربة فَإِن أهل الحَدِيث إِذا تتبعت أعمارهم تجدها فِي غَايَة الطول انْتهى
قلت وَذَلِكَ كَمَا يُقَال إِن من أَخذ نَفسه بتَعَلُّم الْحساب أول مرّة يغلب عَلَيْهِ الصدْق لما فِي الْحساب من صِحَة المباني ومناقشة النَّفس فَيصير لَهُ ذَلِك خلقا ويتعود الصدْق ويلازمه مذهبا وَقَالَ الْمولى ولي الله الْمُحدث الدهلوي فِي فيوض الْحَرَمَيْنِ رَأَيْت التشفع إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بعلماء الحَدِيث وَالدُّخُول فِي عدادهم وبعلم الحَدِيث وَحفظه على النَّاس عُرْوَة وثقى وحبلا ممدودا لَا يَنْقَطِع فَعَلَيْك أَن تكون مُحدثا أَو متطفلا على مُحدث وَلَا خير فِيمَا سوى ذَيْنك فِيمَا أرى وَالله أعلم
وَقَالَ فِي التفهيمات رَأَيْت الْعلمَاء الْمُحدثين العاملين بعلمهم المهذبين للطائفهم البارزة أحب عِنْده صلى الله عليه وسلم من كثير من الصُّوفِيَّة الَّذين يفضلونهم بتهذيب لطائفهم الكامنة وَلَا يفضلونهم فِي تَهْذِيب لطائفهم البارزة انْتهى
وَمن قَول أبي بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي رحمه الله فِي التحريص على علم الحَدِيث نظم
(تمسك بِحَبل الله وَاتبع الْهدى
…
وَلَا تَكُ بدعيا لَعَلَّك تفلح)
(ولذ بِكِتَاب الله وَالسّنَن الَّتِي
…
أَتَت عَن رَسُول الله تنجو وتربح)
(ودع عَنْك آراء الرِّجَال وَقَوْلهمْ
…
فَقَوْل رَسُول الله أزكى وأشرح)
(وَلَا تَكُ فِي قوم تلهوا بدينهم
…
فتطعن فِي أهل الحَدِيث وتقدح)
(إِذا مَا اعتقدت الدَّهْر يَا صَاح هَذِه
…
فَأَنت على خير تبيت وتصبح)
وَأحسن مِنْهُ مَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد هبة الله بن الْحسن الشِّيرَازِيّ نظم
(عَلَيْك بأصحاب الحَدِيث فَإِنَّهُم
…
على مَنْهَج للدّين مَا زَالَ معجما)
(وَمَا النُّور فِي الحَدِيث وَأَهله
…
إِذا مَا دجى اللَّيْل البهيم وأظلما)
(فأعلى البرايا من إِلَى السّنَن اعتزى
…
وأعمى البرايا من إِلَى الْبدع انْتَمَى)
(وَمن ترك الْآثَار ضلل سَعْيه
…
وَهل يتْرك الْآثَار من كَانَ مُسلما)
ولبعضهم وَللَّه دره نظم
(علم الحَدِيث وَسِيلَة مَقْبُولَة
…
عِنْد النَّبِي الْهَاشِمِي مُحَمَّد)
(فاشغل بِهِ أوقاتك الْبيض الَّتِي
…
ملكتها تشرف بِذَاكَ وتسعد)
وَمن قَول الْحَافِظ أبي الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن هبة الله بن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي كَمَا رَوَاهُ السَّيِّد المرتضى الزبيدِيّ الْمصْرِيّ بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ نظم
(واظب على جمع الحَدِيث وَكتبه
…
واجهد على تَصْحِيحه فِي كتبه)
(واسمعه من أربابه نقلا كَمَا
…
سَمِعُوهُ من أَشْيَاخهم تسعد بِهِ)
(واعرف ثقاة رُوَاته من غَيرهم
…
كَيْمَا تميز صدقه من كذبه)
(فَهُوَ الْمُفَسّر للْكتاب وَإِنَّمَا
…
نطق النَّبِي لنا بِهِ عَن ربه)
(وتفهم الْأَخْبَار تعرف حلّه
…
من حُرْمَة مَعَ فَرْضه من نَدبه)
(وَهُوَ الْمُبين للعباد بشرحه
…
سير النَّبِي الْمُصْطَفى مَعَ صَحبه)
(وتتبع العالي الصَّحِيح فَإِنَّهُ
…
قرب إِلَى الرحمان تحظ بِقُرْبِهِ)
(وتجنب التَّصْحِيف فِيهِ فَرُبمَا
…
أدّى إِلَى تحريفه بل قلبه)
(واترك مقَالَة من لحاك بجهله
…
عَن كتبه أَو بِدعَة فِي قلبه)
(فَكفى الْمُحدث رفْعَة أَن يرتضي
…
ويعد من أهل الحَدِيث وَحزبه)
وللشيخ جلال الدّين السُّيُوطِيّ أوردهُ السَّيِّد المرتضى فِي الْمجَالِس الْحَنَفِيَّة بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ نظم
(علم الحَدِيث أجل علم الدّين
…
وَبِه علو الْمَرْء فِي الدَّاريْنِ)
(كَالْمَاءِ محياة النُّفُوس مطهر
…
للقلب لَا يعروه شين الرين)
(فاعكف عَلَيْهِ رِوَايَة وَكِتَابَة
…
واطلب معاليه وَلَو بالصين)
(يَكْفِيهِ فضلا ذكره للمصطفى
…
فِي كل وَقت قد مضى والحين)
(خيرو الْبَريَّة سيد الرُّسُل الَّذِي
…
جلت محاسنه عَن التدوين)
(ذُو المعجزات الباهرات وَحدهَا
…
قد زَاد عَن ألف وَعَن أَلفَيْنِ)
(فالماء سَالَ من إصبعيعه أنهرا
…
والبدر شقّ من أَجله نِصْفَيْنِ)
(أكْرم بِهِ من مصطفى فَحَدِيثه
…
يشفي العليل وَذكره يحييني)
(صلى عَلَيْهِ وَسلم الله الَّذِي
…
قد خصّه فِي الْخَبَر بالتمكين)
(مادام ذكر حَدِيثه ولآلي
…
فِي مدحه منظومة السمطين)
وَأنْشد السَّيِّد المرتضى الْحُسَيْنِي لنَفسِهِ فِي أَمَالِيهِ الشيخونية نظم
(عَلَيْك بأصحاب الحَدِيث فَإِنَّهُم
…
خِيَار عباد الله فِي كل محفل)
(وَلَا تَعدونَ عَيْنَاك عَنْهُم فَإِنَّهُم
…
نُجُوم الْهدى فِي أعين المتأمل)
(جهابذة شم سراة فَمن أَتَى
…
إِلَى حيهم يَوْمًا بالأنوار يمتلي)
(لقد شَرقَتْ شمس الْهدى فِي وُجُوههم
…
وقدرهم فِي النَّاس لَا زَالَ يعتلي)
(فَللَّه محياهم مَعًا ومماتهم
…
لقد ظفروا إِدْرَاك مجد مؤثل)
(وَقَالَ الإِمَام الشَّافِعِي مقَالَة
…
غَدَتْ مِنْهُم فخرا لكل مُحَصل)
(أرى الْمَرْء من أهل الحَدِيث كَأَنَّهُ
…
أرى الْمَرْء من صحب النَّبِي الْمفضل)
(عَلَيْهِ صَلَاة الله مَا ذَر شارق
…
وَال لَهُ والصحب أهل التفضل)
وللحافظ عبد الله بن الإِمَام أَحْمد رحمه الله قَالَ أَنْشدني أبي رَحْمَة الله نظم
(دين النَّبِي مُحَمَّد أَخْبَار
…
نعم المطية للفتى الْآثَار)
(لَا ترغبن عَن الحَدِيث وَأَهله
…
فَالرَّأْي ليل والْحَدِيث نَهَار)
(ولربما جهل الْفَتى أثر الْهدى
…
وَالشَّمْس بازغة لَهَا أنوار)
وَلأبي الْعَبَّاس نظم
(عَلَيْكُم بِالْحَدِيثِ فَلَيْسَ شَيْء
…
يعادله على كل الْجِهَات)
(نصحت لكم فَإِن الدّين نصح
…
وَلَا أُخْفِي نصائح وَاجِبَات)
(وجدنَا فِي الرِّوَايَة كل فقه
…
وَأَحْكَام وَمن علم اللُّغَات)
(بِذكر المسندات أنست ليلِي
…
وَحفظ الْعلم خير العائدات)
(وَمن طلب الحَدِيث أَفَادَ ذخْرا
…
وفضلا ثمَّ دينا ذَا ثبات)
(عَلَيْكُم بالروايات اللواتي
…
رَوَاهَا مَالك أزكى الروَاة)
(وَشعْبَة وَابْن زيد وَابْن عَمْرو
…
وسُفْيَان الثقاة عَن الثقاة)
(وَيحيى وَابْن حَنْبَل المزكى
…
وَإِسْحَاق الرِّضَا وَابْن الْفُرَات)
(أَئِمَّتنَا النُّجُوم وَهل رشيد
…
تكلم فِي النُّجُوم الزاهرات)
وَأنْشد أَبُو الظهير فِي هَذَا الْبَاب نظم
(إِذا رمت أَن تتوخى الْهدى
…
وَأَن تَأتي الْحق من بَابه)
(فدع كل قَول وَمن قَالَه
…
لقَوْل النَّبِي وَأَصْحَابه)
(فَلم تنج من محدثات الْأُمُور
…
بِغَيْر الحَدِيث وأربابه)
وَمن كَلَام الشَّافِعِي كَمَا فِي الْأَمَانِي الشيخونية للسَّيِّد المرتضى نظم
(كل الْعُلُوم سوى الْقُرْآن مشغلة
…
إِلَّا الحَدِيث وَإِلَّا الْفِقْه فِي الدّين)
(الْعلم مَا كَانَ فِيهِ قَالَ حَدثنَا
…
وَمَا سواهُ فوسواس الشَّيَاطِين)
وَمن كَلَام أبي الْفضل جَعْفَر بن ثَعْلَب الشَّافِعِي رحمه الله نظم
(تبَاين النَّاس فِيمَا قد رَأَوْا وَرووا
…
وَكلهمْ يدعونَ الْفَوْز بالظفر)
(فَخذ بقول يكون النَّص بنصره
…
إِمَّا عَن الله أَو عَن سيد الْبشر)
(وكل قَول يكون النَّص يَدْفَعهُ
…
فارفضه رفضا وَكن مِنْهُ على حذر)
وللخطيب أبي بكر رحمه الله نظم
(إِن علم الحَدِيث علم رجال
…
تركُوا الإبتداع لِلِاتِّبَاعِ)
(فَإِذا جن ليلهم كتبوه
…
وَإِذا أَصْبحُوا غدوا للسماع)
وَمن كَلَام الْحَافِظ السُّيُوطِيّ رحمه الله نظم
(إِن خفت يَوْم الْحَشْر أَو هوله
…
ورمت أَن تحظى بِكُل المرام)
(فعش على سنة خير الورى
…
مقتفيا أهل الحَدِيث الْكِرَام)
(هم الأولى ينجوك من هوله
…
حِين يقادون لدار السَّلَام)
وَمن قَول الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي نظم
(هَنِيئًا لأَصْحَاب خير الورى
…
وطوبى لأَصْحَاب أخباره)
(أُولَئِكَ فازوا بتذكيره
…
وَنحن سعدنا بتذكاره)
(وهم سبقُونَا إِلَى نَصره
…
وَهَا نَحن أَتبَاع أنصاره)
(وَلما حرمنا لقا عينه
…
عكفنا على حفظ آثاره)
(عَسى الله يجمعنا كلنا
…
برحمة مَعَه فِي دَاره)
وَمن قَول الإِمَام أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الْحَافِظ الصُّورِي
(قل لمن عاند الحَدِيث وأضحى
…
عائبا أَهله وَمن يَدعِيهِ)
(أبعلم تَقول هَذَا ابْن لي
…
أم بِجَهْل فالجهل خلق السَّفِيه)
(إِيعَاب الَّذين حفظوا الدّين
…
عَن الترهات والتمويه)
(وَإِلَى قَوْلهم وَمَا قد رَوَوْهُ
…
رَاجع كل عَالم وفقيه)
وَللسَّيِّد المرتضى الوَاسِطِيّ نظم
(علم الحَدِيث شرِيف لَيْسَ يُدْرِكهُ
…
إِلَّا الَّذِي فَارق الأوطان مغتربا)
(وجاهد النَّفس فِي تَحْصِيله فغدا
…
يجتاب بحرا وَفِي الأوعار مضطربا)
(يلقى الشُّيُوخ ويروي عَنْهُم سندا
…
وحافظا مَا رُوِيَ عَنْهُم وَمَا كتبا)
(ذَاك الَّذِي فَازَ بِالْحُسْنَى وَتمّ لَهُ
…
حَظّ السَّعَادَة موهوبا ومكتسبا)
(طُوبَى لمن كَانَ هَذَا الْعلم صَاحبه
…
لقد نفي الله عِنْده الْهم والوصبا)
وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ أنشدنا الْحَافِظ أَبُو الْحسن عَليّ بن الْمفضل الْمَقْدِسِي نظم
(لكل امريء مَا فِيهِ رَاحَة نَفسه
…
فيأنس إِنْسَان بِصُحْبَة إِنْسَان)
(وَمَا راحتي إِلَّا حَدِيث مُحَمَّد
…
وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَان)
وَلأبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي نصر الْحميدِي نظم
(زين الْفَقِيه حَدِيث يستضاء بِهِ
…
عِنْد الْحجَّاج وَإِلَّا كَانَ فِي الظُّلم)
(إِن تاه ذُو مَذْهَب فِي قفر مذْهبه
…
لَاحَ الحَدِيث لَهُ فِي الْوَقْت كَالْعلمِ)
وَقَالَ بَعضهم وأجاد نظم
(أصح مَا قيل بعد الذّكر من خبر
…
حَدِيث خير البرايا سيد الْبشر)
(أعظم بِهِ هاديا زَكَّاهُ خالقه
…
بِالْعَدْلِ وَالْفضل والآيات والسور)
(فَلَو تمسك خلق الله أجمعهم
…
بِلَفْظَة مِنْهُ نالوا أشرف الوطر)
(هَذَا هوالعلم وَالْبَحْر الَّذِي سعدت
…
غواصه بأعالي جَوْهَر الدُّرَر)
(تشفي الصُّدُور بِهِ حَقًا وخادمه
…
يَوْم الْوُرُود ترَاهُ فَازَ بالصدر)
(تلقى مَلَائِكَة الرحمان أَجْنِحَة
…
لَهُ إِذا سَار هَذَا أَفْخَر الْبشر)
(يسْتَغْفر الله حيتان الْبحار لمن
…
يرعاه بالفهم لَو وقتا من الْعُمر)
(الْفضل لله هَذَا نور من شَرقَتْ
…
لَهُ البشائر فِي الْآفَاق بالبشر)
(صلى عَلَيْهِ إِلَه الْعَرْش مَا صدحت
…
ورق على فنن الأغصان وَالشَّجر)
وَقَالَ السَّيِّد المرتضى فِي أَمَالِيهِ وجدت بِخَط الْمُحب مُحَمَّد بن الشّحْنَة مَا نَصه قَالَ أَبُو الْحسن الأديب إملاء نظم
(مداد الْفَقِيه على ثَوْبه
…
أحب إِلَيْنَا من الغالية)
(وَمن طلب الْفِقْه ثمَّ الحَدِيث
…
فَإِن لَهُ همة عالية)
(وَلَو يَشْتَرِي النَّاس هَذَا الْعُلُوم
…
بأرواحهم لم تكن غَالِيَة)
(رُوَاة الْأَحَادِيث فِي عصرنا
…
نُجُوم وَفِي الأعصر الخالية)
وللحافظ أبي الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر أنْشدهُ لنَفسِهِ نظم
(لقَوْل الشَّيْخ أنبأني فلَان
…
وَكَانَ من الْأَئِمَّة عَن فلَان)
(إِلَى أَن يَنْتَهِي الْإِسْنَاد أحلى
…
لقلبي من محادثة الحسان)
(ومشتمل على صَوت فصيح
…
ألذ لدي من صَوت القيان)
(وتزييني الطروس ينقش نقش
…
أحب إِلَيّ من نقش الغواني)
(وَتَخْرِيج الْفَوَائِد والأمالي
…
وتسطير الغرائب والحسان)
(وَتَصْحِيح العوال من العوالي
…
بنيسابور أَو فِي أصفهان)
(أحب إِلَى من أَخْبَار ليلى
…
وَقيس بن الملوح والأغاني)
(فَإِن كِتَابَة الْأَخْبَار ترقى
…
بصاحبها إِلَى غرف الْجنان)
(وَحفظ حَدِيث خير الْخلق مِمَّا
…
ينَال بِهِ الرِّضَا بعد الْأَمَانِي)
(فأجر الْعلم يَنْمُو كل حِين
…
وَذكر الْمَرْء يبْقى وَهُوَ فان)
وللشيخ أبي مُحَمَّد جَعْفَر السراج اللّغَوِيّ نظم
(لله در عِصَابَة
…
يسعون فِي طلب الْفَوَائِد)
(يدعونَ أَصْحَاب الحَدِيث
…
بهم تجملت الْمشَاهد)
(يتتبعون من الْعُلُوم
…
بِكُل أَرض كل شارد)
(فهم النُّجُوم المهتدى
…
بهم إِلَى سبل الْمَقَاصِد)
وَأنْشد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ لنَفسِهِ فِي مجْلِس اسماعيل السراج يمدح أَصْحَاب الحَدِيث نظم
(أَحَق أنَاس يستضاء بهديهم
…
أَئِمَّة أَصْحَاب الحَدِيث الأفاضل)
(خلائف أَصْحَاب الحَدِيث ذَوُو الْحمى
…
لَهُم رتب عليا وأسنى الْفَضَائِل)
(فلولاهم لم يعرف الشَّرْع عَالم
…
وَلم تَكُ فَتْوَى فِي فنون الْمسَائِل)
(وَهل نشر الْآثَار قوم سواهُم
…
نعم حفظوها نَاقِلا عَن ناقل)
(فدينهم من عصبَة علم الْهدى
…
لقد أحرزوا فضلا على كل فَاضل
(هُوَ الْقَوْم لَا يشقى لعمري جليسهم
…
فَمن فاتهم يحظى بِغَيْر الْفَضَائِل)
وللبرقاني نظم
(أعلل نَفسِي بكتب الحَدِيث
…
وأجمل فِيهِ لَهُم موعدا)
(وأشغل نَفسِي بتصنيفه
…
وتخريجه أبدا سرمدا)
(فطورا أصنفه فِي الشُّيُوخ
…
وطورا أصنفه مُسْندًا)
(وأقفو البُخَارِيّ فِيمَا نحا
…
وصنفه جاهدا مجهدا)
(وَمُسلمًا إِذْ كَانَ زين الْأَنَام
…
بتصنيفه مُسلما مرشدا)
(وَمَالِي فِيهِ سوى أنني
…
أرَاهُ هوى وَافق المقصدا)
(وَأَرْجُو الثَّوَاب بكتب الصَّلَاة
…
على السَّيِّد الْمُصْطَفى أحمدا)
(وأسأل رَبِّي إِلَه الْعباد
…
جَريا على مَا لَهُ عودا)
وَلأبي عبد الله مُحَمَّد بن ظفير اليروني نظم
(ارع الحَدِيث وَعظم أَهله أبدا
…
وَاعْلَم بِأَن لَهُم فِيهِ ولآيات)
(إِن كنت تطلبه قُم فأت صَاحبه
…
فالعلم يَا سَيِّدي يُؤْتى وَلَا يَأْتِي)
وللعلامة مجد الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الظهير نظم
(أهل الحَدِيث فلذ بهم
…
أَعلَى الورى قدرا وأجلا)
(نقلوا لنا سنَن الرَّسُول
…
فَأحْسنُوا عدلا فعدلا)
(جابوا لسعيهم لذَلِك
…
حسبَة حزنا وسهلا)
(وسروا كَمَا تسري النُّجُوم
…
فأرشدوا من كَانَ ضلا)
(آيَات فَضلهمْ الْمُبين
…
بألسن الحساد تتلى)
وَقَالَ السُّبْكِيّ أنشدنا وَالِدي الإِمَام لنَفسِهِ وَأوردهُ السَّيِّد المرتضى بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ فِي الأمالي الشيخونية نظم
(وَفِي دَار الحَدِيث لطيف معنى
…
على بسط لَهَا أَمْشِي وأروي)
(لعَلي أَن أمس بَحر وَجْهي
…
مَكَانا مَسّه قدم النواوي)
وَأنْشد قَاضِي الْقُضَاة أَمِين الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن الآلقي نظم
(وَفِي دَار الحَدِيث لطيف معنى
…
وفيهَا مُنْتَهى أربي وسؤلي)
(أَحَادِيث النَّبِي عَليّ تروى
…
وتقبيلي لآثار الرَّسُول)
وللحميدي صَاحب الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ من قصيدة طَوِيلَة نظم
(وَلَوْلَا رُوَاة الدّين ضَاعَت وأصبحت
…
مُعَاملَة فِي الآخرين تبيد)
(هم حفظوا الْآثَار من كل شُبْهَة
…
وَغَيرهم عَمَّا اقتنوه رقود)
(وهم هَاجرُوا فِي جمعهَا وتبادروا
…
إِلَى كل أفق والمرام كؤد)
(وَقَامُوا بتعديل الروَاة وجرحهم
…
قيام صَحِيح النَّقْل وَهُوَ جَدِيد)
(بتبليغهم صحت شرائع ديننَا
…
حُدُود تحروا حفظهَا وعهود)
(وَصَحَّ لأهل النَّقْل مِنْهَا احتجاجهم
…
فَلم يبْق إِلَّا عاند وحقود)
إِلَى غير ذَلِك وَله نظم
(كتاب الله عز وجل قولي
…
وَمَا صحت بِهِ الْآثَار ديني)
(وَمَا اتّفق الْجَمِيع عَلَيْهِ بدءا
…
وعودا فَهُوَ عَن حق مُبين)
(فدع مَا صد عَن هَذَا وخذها
…
تكن مِنْهَا على عين الْيَقِين)
وَله نظم
(النَّاس نبت وأرباب الْقُلُوب لَهُم
…
روض وَأهل الحَدِيث المَاء والزهر)
(من كَانَ قَول رَسُول الله حاكمه
…
فَلَا شُهُود لَهُ إِلَّا الأولى ذكرُوا)
ولبعض أهل الْعلم نظم
(الْعلم قَالَ الله قَالَ رَسُوله
…
قَالَ الصَّحَابَة لَيْسَ خلف فِيهِ)
(مَا الْعلم نصبك للْخلاف سفاهة
…
بَين النُّصُوص وَبَين رَأْي سَفِيه)
(كلا وَلَا نصب الْخلاف جَهَالَة بَين الرَّسُول وَبَين رَأْي فَقِيه)
(كلا وَلَا رد النُّصُوص تعمدا
…
حذرا من التجسيم والتشبيه)
(حاشا النُّصُوص من الَّذِي رميت بِهِ
…
من فرقة التعطيل والتمويه)
ولعَبْد السَّلَام الأشبيلي نظم
(وَلَو لم يقم أهل الحَدِيث بديننا
…
فَمن كَانَ يروي علمه ويفيد)
(هم ورثوا علم النُّبُوَّة واحتووا
…
من الْفضل مَا عِنْد الْأَنَام رقود)
(وهم كمصابيح الدجى يهتدى بهم
…
ونارهم بعد الْمَمَات خمود)
وَلابْن عبد الْبر نظم
(تذكرت من يبكي عَليّ مداوما
…
فَلم أر إِلَّا الْعلم بِالدّينِ وَالْخَبَر)
(عُلُوم كتاب الله وَالسّنَن الَّتِي
…
أَتَت عَن رَسُول الله مَعَ صِحَة الْأَثر)
(وَعلم الأولى من ناقديه وَفهم مَا
…
لَهُ اخْتلفُوا فِي الْعلم بِالرَّأْيِ وَالنَّظَر)
وَله نظم
(مقَالَة ذِي نصح وَذَات فَوَائِد
…
إِذا من ذَوي الْأَلْبَاب كَانَ استماعها)
(عَلَيْكُم باثار النَّبِي فَإِنَّهُ
…
من أفضل أَعمال الرشاد اتباعها)
قَالَ الدمياطي نظم
(علم الحَدِيث لَهُ فضل ومنقبة
…
نَالَ الْعَلَاء بِهِ من كَانَ معتنيا)
(مَا حازه نَاقص إِلَّا وكمله
…
أَو حازه عاطل إِلَّا بِهِ حليا)
وَللسَّيِّد الْعَلامَة مُحَمَّد بن اسماعيل الْأَمِير الْيَمَانِيّ فِي الثَّنَاء على من تمسك بالأحاديث من السّلف نظم
(سَلام على أهل الحَدِيث فإنني
…
نشأت على حب الْأَحَادِيث من مهْدي 9
(هم بذلوا فِي حفظ سنة أَحْمد
…
وتنقيحها من جهدهمْ غَايَة الْجهد)
(وأعني بهم أسلاف سنة أَحْمد
…
أُولَئِكَ فِي بَيت القصيد هم قصدي)
(أُولَئِكَ أَمْثَال البُخَارِيّ وَمُسلم
…
وَأحمد أهل الْجد فِي الْعلم وَالْجد)
(بحور أحاشيهم عَن الجذر إِنَّمَا
…
لَهُم مد وَيَأْتِي من الله بِالْمدِّ)
(رووا وارتووا من بَحر علم مُحَمَّد
…
وَلَيْسَ لَهُم تِلْكَ الْمذَاهب من ورد)
(كفاهم كتاب الله وَالسّنة الَّتِي
…
كفت قبلهم صحب الرَّسُول ذَوي الْمجد)
(أأنتم أهْدى أم صحابة أَحْمد
…
وَأهل الكساهيات مَا الشوك كالورد)
(أُولَئِكَ أهْدى فِي الطَّرِيقَة مِنْكُم
…
فهم قدوتي حَتَّى أُوَسَّد فِي لحدي)
(وشتان مَا بَين الْمُقَلّد فِي الْهدى
…
وَمن يَقْتَدِي والضد يعرف بالضد)
(فَمن قلد النُّعْمَان أصبح شاربا
…
نبيذا وَفِيه القَوْل للْبَعْض بِالْحَدِّ)
(وَمن يَقْتَدِي أضحى إِمَام معارف
…
وَكَانَ أويسا فِي الْعِبَادَة والزهد)
(فمقتديا فِي الْحق كن لَا مُقَلدًا
…
وخل أَخا التَّقْلِيد فِي الْأسر بالقد)
(وأقبح من كل ابتداع سمعته
…
وأنكاه للقلب الْمُوفق للرشد)
(مَذَاهِب منرام الْخلاف لبعضها
…
يعَض بأنياب الأساود والأسد)
(يصب عَلَيْهِ سَوط ذمّ وغيبة
…
ويجفوه من قد كَانَ يهواه عَن عمد)
(ويعزى إِلَيْهِ كل مَا لَا يَقُوله
…
لتنصيصه عِنْد التهامي والنجد)
(فيرميه أهل الرَّفْض بِالنّصب فِرْيَة
…
ويرميه أهل النصب بالرفض والجحد)
(وَلَيْسَ لَهُ ذَنْب سوى أَنه غَدا
…
يُتَابع قَول الله فِي الْحل وَالْعقد)
(وَيتبع أَقْوَال النَّبِي مُحَمَّد
…
وَهل غَيره بِاللَّه فِي الشَّرْع من يهدي)
(لِأَن عده الْجُهَّال ذَنبا فحبذا
…
بِهِ حبذا يَوْم انفرادي فِي لحدي)
(علام جعلتم أَيهَا النَّاس ديننَا
…
لأربعة لَا شكّ فِي فَضلهمْ عِنْدِي)
(هم عُلَمَاء الدّين شرقا مغربا
…
وَنور عُيُون الْفضل وَالْحق والزهد)
(وَلَكنهُمْ كالناس لَيْسَ كَلَامهم
…
دَلِيلا وَلَا تقليدهم فِي غَد يجدي)
(وَلَا زَعَمُوا حاشاهم أَن قَوْلهم
…
دَلِيل فيستهدي بِهِ كل مستهدي)
(بلَى صَرَّحُوا أَنا نقابل قَوْلهم
…
إِذا خَالف الْمَنْصُوص بالقدح وَالرَّدّ)