الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْل الرَّابِع فِي ذكر الْجَامِع الصَّحِيح للْإِمَام الْحَافِظ أبي عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى البوغي التِّرْمِذِيّ رَحمَه الله تَعَالَى
قَالَ فِي أول جَامعه أَبْوَاب الطَّهَارَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَاب مَا جَاءَ لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ ثَنَا أَبُو عوَانَة عَن سماك بن حَرْب وَحدثنَا هناد قَالَ حَدثنَا وَكِيع عَن إِسْرَائِيل عَن سماك عَن مُصعب بن سعد عَن أبن عمر رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور وَلَا صَدَقَة من غلُول قَالَ هناد فِي حَدِيثه إِلَّا بِطهُور قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا الحَدِيث أصح شَيْء فِي هَذَا الْبَاب وَأحسن انْتهى وَله ثلاثي وَاحِد حَدثنَا اسماعيل ابْن مُوسَى قَالَ حَدثنَا عمر بن شَاكر عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْتِي على النَّاس زمَان الصابر مِنْهُم على دينه كالقابض على الْجَمْر انْتهى
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ ثَالِث الْكتب السِّتَّة قَالَ التِّرْمِذِيّ صنفت هَذَا الْكتاب فعرضته على عُلَمَاء الْحجاز وَالْعراق وخراسان فرضوا بِهِ وَمن كَانَ فِي بَيته فَكَأَنَّمَا النَّبِي فِي بَيته يتَكَلَّم وَقد اشْتهر بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُؤَلفه فَيُقَال جَامع التِّرْمِذِيّ وَيُقَال لَهُ السّنَن أَيْضا وَالْأول أَكثر
قَالَ ابْن الْأَثِير وَكتابه هَذَا أحسن الْكتب وأكثرها فَائِدَة وأحسنها ترتيبا وأقلها تَكْرَارا وَفِيه مَا لَيْسَ فِي غَيره من ذكر الْمذَاهب ووجوه الِاسْتِدْلَال وتبيين أَنْوَاع الحَدِيث وَالْحسن والغريب وَقَالَ فِي بُسْتَان الْمُحدثين تصانيف التِّرْمِذِيّ كَثِيرَة وأحسنها هَذَا الْجَامِع الصَّحِيح بل هُوَ من بعض الْوُجُوه والحيثيات أحسن جَمِيع كتب الحَدِيث الأول من جِهَة حسن التَّرْتِيب وَعدم التّكْرَار وَالثَّانِي من جِهَة ذكر مَذَاهِب الْفُقَهَاء ووجوه الِاسْتِدْلَال لكل أحد من أهل الْمذَاهب وَالثَّالِث من جِهَة بَيَان أَنْوَاع الحَدِيث من الصَّحِيح وَالْحسن والضعيف والغريب والمعلل بالعلل وَالرَّابِع من جِهَة بَيَان أَسمَاء الروَاة وألقابهم وَكُنَاهُمْ وَنَحْوهَا
من الْفَوَائِد الْمُتَعَلّقَة بِعلم الرِّجَال وَفِي آخر الْجَامِع الْمَذْكُور كتاب الْعِلَل وَفِيه من الْفَوَائِد الْحَسَنَة مَا لَا يخفى عَن الفطن وَلِهَذَا قَالُوا هُوَ كَاف للمجتهد ومغن للمقلد
وَقَالَ أَبُو اسماعيل الْهَرَوِيّ هُوَ عِنْدِي أَنْفَع من الصَّحِيحَيْنِ لِأَن كل أحد يصل للفائدة مِنْهُ وهما لَا يصل إِلَيْهِمَا مِنْهُمَا إِلَّا الْعَالم المتبحر قَالَ التِّرْمِذِيّ جَمِيع مَا فِي هَذَا الْكتاب من الحَدِيث هُوَ مَعْمُول بِهِ وَبِه أَخذ بعض أهل الْعلم مَا خلا حديثين حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم جمع بَين الظّهْر وَالْعصر بِالْمَدِينَةِ وَالْمغْرب وَالْعشَاء من غير خوف وَلَا سفر وَلَا مطر وَحَدِيث أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا شرب الْخمر فاجلدوه فَإِن عَاد فِي الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ انْتهى قَالَ الباجوري فِي حَاشِيَة الشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي وناهيك بجامعه الصَّحِيح الْجَامِع للفوائد الحديثية والفقهية والمذاهب السلفية والخلفية فَهُوَ كَاف للمجتهد مغن للمقلد نعم عِنْده نوع تساهل فِي الصَّحِيح وَلَا يضرّهُ فقد حكم بالْحسنِ مَعَ وجود الِانْقِطَاع فِي أَحَادِيث من سنَنه وَحسن فِيهَا مَا انْفَرد رِوَايَته بِهِ كَمَا صرح بِهِ هُوَ فَإِنَّهُ يُورد الحَدِيث ثمَّ يَقُول عقبه أَنه حسن غَرِيب أَو صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا هَذَا من الْوَجْه لكنه أُجِيب بِأَنَّهُ اصْطِلَاح جَدِيد وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح انْتهى
قَالَ الشَّيْخ عبد الْحق الدهلوي من عَادَة التِّرْمِذِيّ أَن يَقُول فِي جَامعه حَدِيث حسن صَحِيح حَدِيث غَرِيب حسن حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح وَلَا شُبْهَة فِي جَوَاز اجْتِمَاع الْحسن وَالصِّحَّة بِأَن يكون حسنا لذاته وصحيحا لغيره وَكَذَلِكَ فِي اجْتِمَاع الغرابة وَالصِّحَّة وَأما اجْتِمَاع الغرابة وَالْحسن فيستشكلونه بِأَن التِّرْمِذِيّ اعْتبر فِي الْحسن تعدد الطّرق فَكيف يكون غَرِيبا ويجيبون بِأَن اعْتِبَار تعدد الطّرق فِي الْحسن لَيْسَ على الْإِطْلَاق بل فِي قسم مِنْهُ وَحَيْثُ حكم باجتماع الْحسن والغرابة فَالْمُرَاد بِهِ قسم آخر وَقَالَ بَعضهم أَنه أَشَارَ بذلك إِلَى اخْتِلَاف الطّرق بِأَن جَاءَ فِي بعض الطّرق غَرِيبا وَفِي بَعْضهَا حسنا وَقيل الْوَاو بِمَعْنى أَو بِأَنَّهُ يشك ويتردد فِي أَنه غَرِيب أَو حسن لعدم مَعْرفَته جزما وَقيل
المُرَاد بالْحسنِ هَهُنَا لَيْسَ مَعْنَاهَا الاصطلاحي بل اللّغَوِيّ بِمَعْنى مَا يمِيل إِلَيْهِ الطَّبْع وَهَذَا القَوْل بَعيدا جدا انْتهى وَفِي إِسْنَاده ثلاثي وَاحِد كَمَا سبق وَلَيْسَ لمُسلم وَأبي دَاوُد ثلاثي وَقد أطلق الْحَاكِم والخطيب الصِّحَّة على مَا فِي سنَن التِّرْمِذِيّ ذكره الْعلي الْقَارِي ولنعم مَا قيل شعر
(عليم بأسرة الْأَحَادِيث كلهَا
…
فلولاه مَا يدرى الصَّحِيح من الْحسن) وَقَالَ بَعضهم فِيهِ نظم
(كتاب التِّرْمِذِيّ رياض علم
…
جلت أزهاره زهر النُّجُوم)
(بِهِ الْآثَار وَاضِحَة أبينت
…
بِأَلْفَاظ أُقِيمَت كالرسوم)
(واعلاها الصِّحَاح وَقد أنارت
…
نجوما للخصوص وللعموم)
(وَمن حسن يَليهَا أَو غَرِيب
…
وَقد بَان الصَّحِيح من السقيم)
(فعلله أَبُو عِيسَى مُبينًا
…
معامله لأرباب الْعُلُوم)
(وطرزه بآثار صِحَاح
…
تخيرها أولو النّظر السَّلِيم)
(من الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء قدما
…
وَأهل الْفضل والنهج القويم)
(فجَاء كِتَابه علقا نفيسا
…
تفنن فِيهِ أَرْبَاب الْعُلُوم)
(ويقتبسون مِنْهُ نَفِيس علم
…
يُفِيد نُفُوسهم أَسْنَى الرسوم)
(كتبناه روينَاهُ لنروي
…
من التسنيم فِي دَار النَّعيم)
(وغاص الْفِكر فِي بَحر الْمعَانِي
…
فَأدْرك كل معنى مُسْتَقِيم)
(جزى الرَّحْمَن خيرا بعد خير
…
أَبَا عِيسَى على الْفِعْل الْكَرِيم)
وَله شُرُوح مِنْهَا شرح الْحَافِظ أبي بكر مُحَمَّد بن عبد الله الاشبيلي الْمَعْرُوف بِابْن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي المتوفي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة سَمَّاهُ عارضة الأحوذي فِي شرح التِّرْمِذِيّ قَالَ ابْن خلكان أما معنى عارضة الأحوذي فالعارضة الْقُدْرَة على الْكَلَام يُقَال فلَان شَدِيد الْعَارِضَة إِذا كَانَ ذَا قدرَة على الْكَلَام والأحوذي الْخَفِيف فِي الشَّيْء لحذقه وَقَالَ الْأَصْمَعِي الأحوذي المشمر فِي الْأُمُور القاهر لَهَا لَا يشذ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء وَهُوَ بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو وَكسر الذَّال الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره يَاء مُشَدّدَة انْتهى
وَشرح الْحَافِظ أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سيد النَّاس الْيَعْمرِي الشَّافِعِي المتوفي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بلغ فِيهِ إِلَى دون ثُلثي الْجَامِع فِي نَحْو عشر مجلدات وَلم يتم وَلَو اقْتصر على فن الحَدِيث لَكَانَ تَمامًا ثمَّ كمله الْحَافِظ زين الدّين عبد الرَّحِيم بن حُسَيْن الْعِرَاقِيّ الْمُتَوفَّى سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة
وَشرح زوائده على الصَّحِيحَيْنِ وَأبي دَاوُد لسراج الدّين عمر بن عَليّ بن الملقن المتوفي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة كتب مِنْهُ قِطْعَة وَلم يكمله وَسَماهُ الْعرف الشذي على جَامع التِّرْمِذِيّ
وَشرح زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن النَّقِيب الْحَنْبَلِيّ المتوفي سنة وَهُوَ فِي نَحْو عشْرين مجلدا وَقد احْتَرَقَ فِي الْفِتْنَة
وَشرح جلال الدّين السُّيُوطِيّ سَمَّاهُ قوت المغتذي على جَامع التِّرْمِذِيّ وَشرح الْحَافِظ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن رَجَب الْحَنْبَلِيّ المتوفي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة
وَشرح الشَّيْخ أبي الْحسن ابْن عبد الْهَادِي السندي الْمدنِي المتوفي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف بِالْحرم النَّبَوِيّ وَهُوَ شرح لطيف بالْقَوْل
وَله مختصرات مِنْهَا مُخْتَصر الْجَامِع لنجم الدّين مُحَمَّد بن عقيل اليالسي الشَّافِعِي المتوفي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة ومختصر الْجَامِع أَيْضا لنجم الدّين سُلَيْمَان بن عبد الْقوي الطوفي الْحَنْبَلِيّ المتوفي سنة عشر وَسَبْعمائة وَمِائَة حَدِيث منتقاة مِنْهُ عوالي لِلْحَافِظِ صَلَاح الدّين خَلِيل كيكلدي العلائي كَذَا فِي كشف الظنون وَغَيره