المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الحافظ ابن كثير الشّافعي في كتابه ((إرشاد الفقيه)) (1): ((إنّه - الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌المحمل الخامس:

- ‌الأوّل:

- ‌الثاني:

- ‌الثّالث:

- ‌الرّابع:

- ‌الخامس:

- ‌السّادس:

- ‌السّابع:

- ‌الثّامن: [

- ‌التّاسع:

- ‌العاشر:

- ‌الحادي عشر:

- ‌الثّاني عشر:

- ‌الثالث عشر:

- ‌الرّابع عشر:

- ‌الطّريق الأولى:

- ‌ الطريق الثّانية

- ‌الفرقة الأولى

- ‌الفرقة الثانية:

- ‌الفرقة الثّالثة:

- ‌الفرقة الرّابعة:

- ‌الوهم الرّابع عشر:

- ‌الوهم الخامس عشر:

- ‌الوهم السّادس عشر:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثّالث:

- ‌الفصل الرّابع:

- ‌الفصل الخامس:

- ‌الوهم الثّامن عشر:

- ‌المقدمة الثّالثة:

- ‌المقدّمة الرّابعة:

- ‌المرجّح الأوّل:

- ‌المرجّح الثّاني:

- ‌المرجّح الثّالث:

- ‌المرجّح الرّابع:

- ‌المرجّح الخامس:

- ‌المرتبة الأولى: حمل الكلام على التّخيّل

- ‌المرتبة الثانية: حمل الكلام على المجاز اللّغوي

- ‌ الأولى:

- ‌ الثانية:

- ‌ محاجّة آدم وموسى

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثّاني:

- ‌الفصل الثّالث:

- ‌أمّا المعارضة:

- ‌الوجه الأوّل

- ‌الوجه الثّاني:

- ‌الحجّة الأولى:

- ‌الحجّة الثّانية:

- ‌الحجّة الثّالثة:

- ‌الحجّة الرّابعة:

- ‌الحجّة الخامسة:

- ‌الحجّة السّادسة:

- ‌الحجّة السّابعة:

- ‌الحجّة الثّامنة:

- ‌الحجّة التّاسعة:

- ‌الحجّة العاشرة:

- ‌الفائدة الرّابعة: في ذكر ثلاث طوائف

- ‌الطّائفة الأولى المجبّرة:

- ‌الطّائفة الثانية: المرجئة

- ‌ المسألة الأولى:

- ‌ المسألة الثّانية:

الفصل: الحافظ ابن كثير الشّافعي في كتابه ((إرشاد الفقيه)) (1): ((إنّه

الحافظ ابن كثير الشّافعي في كتابه ((إرشاد الفقيه)) (1): ((إنّه حديث صحيح)).

وروى مسلم بن الحجّاج في ((صحيحه)) (2) من حديث أبي ذرّ

رضي الله عنه مرفوعاً: ((فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد شراً فلا يلومنّ إلا نفسه)). وفي الأحاديث الصّحيحة من ذلك ما يطول ذكره، والقصد الإشارة، وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعمل ويجتهد في العبادة ويأمر بذلك، ويحترز في الحروب، ويلبس الدّروع، ويستشير في الرّأي ويدبّر الأمور، وقال صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن هذه الشّبهة بعينها:((اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له)) (3) فصلّى الله عليه وسلّم لقد أوتي جوامع الكلم، (2وجمع في اللفظ القليل متفرّقات الحكم (4).

‌الفصل الثّالث:

في الدّليل على حسن الاحتجاج بالقدر من غير العاصي لله تعالى على ما قدّمنا في (الفصل الأول) من الاعتبار، وعلى شريطة عدم الاحتجاج به على الجبر ونفي الاختيار، والدّليل على ذلك أنّه قد ورد في الشّرع وروداً كثيراً، فمن ذلك قوله تعالى:((لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)) [الحديد/23] فالله تعالى في هذه الآية الكريمة نصّ على حسن التّسلّي بالقدر، ولا معنى للتّسلّي

(1)(2/ 185).

(2)

برقم (2577).

(3)

أخرجه البخاري ((الفتح)): (8/ 579) ، ومسلم برقم (2647) من حديث علي رضي الله عنه.

(4)

ما بينهما ليس في (س).

ص: 471

إلا القطع بأنّ المقدر واقع لا محالة، وإن كان ممكناً في ذاته لم يخرج تركه عن القدرة، ومن ذلك أنّ المنافقين لما قالوا لإخوانهم:((لو أطاعونا ما قتلوا)) [آل عمران/168] ردّ الله ذلك عليهم (1)، واحتجّ بالقدر فقال تعالى:((قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم)) [آل عمران/154]، وأصرح من هذه الآية في المقصود قوله تعالى:((قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين)) [آل عمران/168] فسوّى بين القتل الذي هو من فعل المخلوقين، وبين الموت الذي هو من فعله تعالى في أنّه لا يغني الاحتراز من (4القتل كما لا يغني الاحتراز من (2) الموت، ومن ذلك قوله تعالى:((إلا امرأته قدّرناها من الغابرين)) [النّمل/57] فقوله: ((قدّرناها)) تعليل لهلاكها لا خبر مستقبل (3)، لأنّه لا يحسن أن يقال: إلا امرأته جعلناها من الغابرين (4) ، لما لم يكن بينهما ملازمة تصلح للتعليل، ومن ذلك قوله تعالى:((وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه)) [الإسراء/13] قال في ((الكشّاف)) (5): ((أي عمله)) ومنه قوله تعالى: ((وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرتين)) [الإسراء/4] قال في ((الكشّاف)) (6)

(1) لم ترد الآيات بهذا الترتيب؛ إلا أنّ الحجة قائمة بما ذكر المؤلّف.

(2)

ما بينهما ساقط من (س).

(3)

في (ي) و (س): ((مستقل)) وأشار في هامش (ي) إلى أنه في نسخة ((مستقبل)).

(4)

في (س): ((العالمين))!.

(5)

(2/ 354).

(6)

(2/ 351).

ص: 472

في تفسيرها: ((وأوحينا إليهم وحياّ مقضيّاً -أي مقطوعاً مبتوتاً- بأنّهم يفسدون في الأرض لا محالة)) ، هذا لفظه مع غلوّه في مذهبه.

ومنه قوله تعالى: ((قضي الأمر الذي فيه تستفتيان)) [يوسف/41] وقوله تعالى: ((ولولا كلمة سبقت من ربّك لقضي بينهم)) [يونس/19] وقوله تعالى: ((لقد حقّ القول على أكثرهم)) [يس/7] وقول يعقوب عليه السلام: ((يا بنيّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرّقة وما أغني عنكم من الله من شيء)) [يوسف/67] إلى قوله تعالى: ((إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنّه لذو علم لما علّمناه)) [يوسف/68] وقال الزّمخشري (1) في تفسيرها: ((خاف أن يدخلوا كوكبة واحدة فيعانوا لجمالهم وجلالة أمرهم)) إلى قوله: ((وما أغني عنكم من الله من شيء)) [يوسف/67] يعني إن أراد الله بكم سوءاً لم ينفعكم، ولم يدفع عنكم ما أشرت به عليكم من التّفرق وهو مصيبكم لا محالة ((إن الحكم إلا لله)) [يوسف/67] ثمّ قال:((ولمّا دخلوا من حيث أمرهم أبوهم)) [يوسف/68] يعني متفرّقين ((ما كان يغني عنهم)) رأي يعقوب ودخولهم متفرّقين شيئاً حيث أصابهم ما ساءهم مع تفرّقهم من إضافة السّرقة إليهم، وأخذ أخيهم بوجدان الصّواع (2) في رحله، وتضاعف المصيبة على أبيهم ((إلا حاجة في نفس يعقوب)) استثناء منقطع على معنى: ولكن حاجة في نفس يعقوب قضاها، وهي: شفقته عليهم وإظهارها بما قال لهم ووصّاهم به: ((وإنّه لذو علم لما علّمناه)) يعني قوله: وما

(1)((الكشاف)): (2/ 266).

(2)

في (س): ((الصّاع)).

ص: 473

أغني عنكم، وعلمه بأنّ القدر لا يغني عنه الحذر)) انتهى كلام الزّمخشري.

وإنّما اخترت كلامه دون كلام غيره من المفسّرين؛ ليكون حجّة على المعترض، فإنّه أنكر احتجاج آدم عليه السلام بالقدر، والاحتجاج به والتعزّي والاعتذار مشهور في السّنّة والقرآن، وألسنة أهل الإسلام/، وإذا كان هذا الزّمخشري على أنّه داعية الاعتزال كما ترى، فكيف بغيره!؟ ولم يزل العقلاء يتسلّون بالقدر، وينظمون ذلك في أشعارهم، وقد تداول البلغاء هذا المعنى فقال بعضهم:

ما قد قضي يا نفس فاصطبري له

ولك الأمان من الذي لم يقدر

ثمّ اعلمي أنّ المقدّر كائن

حتماً عليك صبرت أم لم تصبري (1)

وقال آخر:

نفذ القضاء بكلّ ما هو كائن

فأرح فؤادك من لعلّ ومن لو

وقال آخر:

ومن الدّليل على القضاء وكونه

بؤس اللّبيب وطيب عيش الأحمق

وقال آخر:

ما ثمّ إلا ما يريـ

ـد فألق همّك واسترح

واقطع علائقك التي

يشغلن قلبك واطّرح

وهي قصيدة كعب بن زهير الشّهيرة (2):

(1) هذا البيت ليس في (س).

(2)

وهي قصيدة البردة التي قالها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ((ديوانه)): (ص/37).

ص: 474

* وكلّ ما قدّر الرّحمن مفعول *

ونحو هذا مما لا سبيل إلى التقصّي عليه ممّا اشتهر بين المسلمين من غير نكير على المتعزّي به، فكيف أنكر المعترض ما لا يخفى!؟

فإن قال: إنّما أنكر ذلك لوقوعه من آدم عليه السلام جواباً على من لامه على الذّنب، والمذنب لا يجوز له أن يتسلّى بالقدر.

فالجواب: أنّ ذلك صحيح في حقّ المذنب، ولكن آدم عليه السلام تائب من الذّنب، والتّائب من الذّنب كمن لا ذنب له.

وعلى هذا الجواب بحث، وهو أن يقال: إنه لا يحسن من التّائب منّا أن يتسلّى بالقدر، بل المشروع من التّائب (1) أن يلوم نفسه ويتذكّر ما يهيج حزنه على ما فرط منه كما لم يزل عليه أهل الصّلاح.

فالجواب على هذا البحث: أنّ المبالغة في النّدم بعد التّوبة إنّما لزمتنا لبقاء توجّه التّكليف علينا، وأمّا آدم عليه السلام فإنّه ما تكلّم بهذا إلا بعد الخروج من دار التّكليف، ولا شكّ أنّه لا يلزم المكلّف في دار الآخرة أن يتأسّف على ما فرط منه، ولو كان ذلك لازماً في دار الآخرة؛ للزم في أهل الجنّة وحسن منهم ولا قائل بهذا، وهذا هو لباب الجواب في هذه المباحث، وقد اقتصرت على هذا ((المختصر)) وقد أودعت ((الأصل)) (2) أكثر من هذا، ولولا لجاج الخصم الألدّ ما احتجنا إلى ذكر هذا ولا بعضه، نسأل الله السّلامة، ونرغب إليه في الاستقامة!.

(1) في نسخة ((للتائب)) كذا في هامش (أ) و (ي) وهو كذلك في (س).

(2)

(8/ 360 - 368) ، لكن في ((المختصر)) ما ليس في ((الأصل)).

ص: 475