المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ملك الموت لما رجع إلى موسى عليه السلام وخيّره بين - الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - - جـ ٢

[ابن الوزير]

فهرس الكتاب

- ‌المحمل الخامس:

- ‌الأوّل:

- ‌الثاني:

- ‌الثّالث:

- ‌الرّابع:

- ‌الخامس:

- ‌السّادس:

- ‌السّابع:

- ‌الثّامن: [

- ‌التّاسع:

- ‌العاشر:

- ‌الحادي عشر:

- ‌الثّاني عشر:

- ‌الثالث عشر:

- ‌الرّابع عشر:

- ‌الطّريق الأولى:

- ‌ الطريق الثّانية

- ‌الفرقة الأولى

- ‌الفرقة الثانية:

- ‌الفرقة الثّالثة:

- ‌الفرقة الرّابعة:

- ‌الوهم الرّابع عشر:

- ‌الوهم الخامس عشر:

- ‌الوهم السّادس عشر:

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثاني:

- ‌الفصل الثّالث:

- ‌الفصل الرّابع:

- ‌الفصل الخامس:

- ‌الوهم الثّامن عشر:

- ‌المقدمة الثّالثة:

- ‌المقدّمة الرّابعة:

- ‌المرجّح الأوّل:

- ‌المرجّح الثّاني:

- ‌المرجّح الثّالث:

- ‌المرجّح الرّابع:

- ‌المرجّح الخامس:

- ‌المرتبة الأولى: حمل الكلام على التّخيّل

- ‌المرتبة الثانية: حمل الكلام على المجاز اللّغوي

- ‌ الأولى:

- ‌ الثانية:

- ‌ محاجّة آدم وموسى

- ‌الفصل الأول:

- ‌الفصل الثّاني:

- ‌الفصل الثّالث:

- ‌أمّا المعارضة:

- ‌الوجه الأوّل

- ‌الوجه الثّاني:

- ‌الحجّة الأولى:

- ‌الحجّة الثّانية:

- ‌الحجّة الثّالثة:

- ‌الحجّة الرّابعة:

- ‌الحجّة الخامسة:

- ‌الحجّة السّادسة:

- ‌الحجّة السّابعة:

- ‌الحجّة الثّامنة:

- ‌الحجّة التّاسعة:

- ‌الحجّة العاشرة:

- ‌الفائدة الرّابعة: في ذكر ثلاث طوائف

- ‌الطّائفة الأولى المجبّرة:

- ‌الطّائفة الثانية: المرجئة

- ‌ المسألة الأولى:

- ‌ المسألة الثّانية:

الفصل: ملك الموت لما رجع إلى موسى عليه السلام وخيّره بين

ملك الموت لما رجع إلى موسى عليه السلام وخيّره بين الحياة والموت اختار الموت واستسلم، ويؤيد هذا أنّ الله تعالى لو أراد موته في المرة الأولى، وتسليط الملك عليه لنفذ مراد الله فيه، ولم يقدر على دفع ملك الموت، ولكن الله تعالى أراد الذي كان منه لحكمة بالغة، وليعلم من يثبت إيمانه، ومن يستحوذ عليه شيطانه، كما قال تعالى في تحويل القبلة:((وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه)) [البقرة/143] وبمثل هذه الأمور يميز الله الخبيث من الطّيب، والمؤمن من المتريّب، نسأل الله أن يثبّت قلوبنا على الإيمان، ويعصمنا من وساوس الشّيطان.

‌الوجه الثّاني:

أن نقول: سلّمنا أنّ الملك /جاء إلى موسى عليهما السلام على صورة (1) يعرفه عليها، ولكن ما المانع أن يكون موسى فعل ذلك وقد تغيّر عقله، فإنّ تلك الحال مظنّة لتغيّر العقول، فقد خرّ موسى صعقاً لأجل اندكاك الطّور، فكيف بهول المطلع، فإنّه عند العلماء بجلال الله سبحانه وتعالى أعظم وأجلّ من اندكاك الجبل، وهذا الاحتمال ايضاً يمكن فيه حالان:

أحدهما: أن يكون الملك أتاه وقد تغيّر عقله من غمرات الألم، وسكرات النّزع.

وثانيهما: أن يكون جاءه وهو صحيح غير أليم، وإنّما تغيّر عقله حين أخبره بأزوف الرّحلة من دار العمل، وانقطاع المهلة والأمل، وذلك لأنّ أمل الأنبياء عليهم السلام عظيم في الترقّي في مراتب

(1) في (س): ((صفة)).

ص: 479

الخدمة لله تعالى، وبلوغ أقصى المراتب في ذلك، والآخرة دار انقطاع من ذلك، فارتاع موسى عليه السلام لذلك، ويحتمل غير ذلك مما يحتاج إلى تأويل بعض ألفاظ الحديث فتركته اختصاراً.

وأمّا ما ورد من أنّه فقأ عين الملك فقال ابن قتيبة (1): ((أذهب موسى العين التي هي تخييل وتمثيل وليست على حقيقة خلقته، وعاد ملك الموت إلى حقيقة خلقته الرّوحانية كما كان لم ينقص منه شيء)).

والوجه في الحديث عندي هو الأوّل، وإنّما ذكرت الوجه الثّاني لبيان سعة المحامل لمن طلبها، وتعريف المعترض ببطلان ما توهّم من عدم إمكان تأويل هذا الحديث.

* * *

(1)((تأويل مختلف الحديث)): (ص/187).

ص: 480

ثم إنّ المعترض قدح على أهل الصّحاح بروايتهم لأحاديث فسّاق التأويل، وكفّار التأويل، (1وادّعى الإجماع على تحريم قبول كفّار التّأويل (1) ، والقطع على تحريم قبول فسّاق التّأويل، وركب الصّعب والذّلول في استنتاج (2) القطع بذلك من الأدلّة الظّنّيّة، وقد أوردت كلامه بلفظه في ((الأصل)) (3) واستوفيت نقضه، واستوعبت الكلام فيه في قدر سبعين ورقة كباراً، وبلّغت ما يرد عليه من الإشكالات إلى نيّف ومئتي إشكال، وقدر رأيت أن أقتصر في هذا ((المختصر)) على نكت يسيرة من ذلك فأقول:

الكلام في أهل التأويل يشتمل على فوائد:

الفائدة الأولى: في تعريف المعترض أنّ في كلامه هذا هدم قواعد مذهبه، وخالف جميع سلفه، وكذّب ثقات أصحابه، وقدح على كبار أئمته، وذلك أنّ الظّاهر من مذهب الزّيديّة قبول أهل التّأويل مطلقاً كفّارهم وفسّاقهم، وادّعوا على جواز ذلك إجماع الصّحابة رضي الله عنهم، وذلك في كتب الزّيديّة ظاهر لا يدفع، مكشوف لا يتقنّع. ولنذكر هنا ثماني طرق للإجماع، من طريق أئمة الزّيديّة وعلمائهم، الذين يجب عند (4) المعترض قبول رواياتهم:

الطريق الأولى: عن الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة، فإنّه ادّعى الإجماع على ذلك في كتابيه ((صفوة الاختيار)) ، و ((المهذب)) لكنّه في ((الصفوة)) بالنّصّ الصّريح، وفي ((المهذّب)) بالعموم الظّاهر.

(1) ما بينهما ساقط من (س).

(2)

تحرّفت في (س) إلى ((استقباح)).

(3)

(2/ 130 - 420) فيما يقرب من ثلاث مئة صحيفة.

(4)

في (س): ((على)).

ص: 481

الطّريق الثانية: طريق الإمام يحيى بن حمزة ذكره في ((الانتصار)) في كتاب الأذان مرّة، وفي كتاب الشّهادات أخرى.

الطّريق الثّالثة: طريق القاضي زيد بن محمد صاحب ((شرح التحرير)) (1ذكرها في ((شرح التحرير)) (1) في كتاب الشّهادات، ورواها عنه الأمير الحسين في ((التقرير)).

الطّريق الرّابعة: طريق الفقيه عبد الله بن زيد العنسي ذكرها في كتابه ((الدّرر المنظومة)) في أصول الفقه.

الطّريق الخامسة: طريق الشّيخ أبي الحسين البصريّ المعتزليّ ذكرها في كتابه ((المعتمد)) (2) في أصول الفقه.

الطّريق السّادسة: طريق الحاكم أبي سعيد المحسّن بن كرّامة المعتزلي ذكرها في كتابه ((شرح العيون)).

الطّريق السّابعة: طريق الشّيخ /الحسن بن محمد بن الحسن الرّصّاص الزّيدي رواها عنه حفيده أحمد بن محمد بن الحسن في كتابه ((غرر الحقائق)) (3).

الطّريق الثّامنة: طريق حفيده هذا أحمد بن محمد الرّصّاص ذكرها في كتابه ((جوهرة الأصول)).

وفي هؤلاء من اقتصر على دعوى الإجماع، على قبول فسّاق التّأويل دون الكفار، ومنهم من ادّعى الإجماع على قبول كفّار التّأويل

(1) ما بينهما ساقط من (س).

(2)

(2/ 134).

(3)

((غرر الحقائق من مسائل الفائق)) ذكره المؤلف في ((العواصم)): (2/ 331).

ص: 482

أيضاً، وهم: الإمام يحيى بن حمزة في ((الانتصار)) [نصّاً](1) صريحاً، والإمام المنصور في ((المهذّب)) عموماً ظاهراً، وعبد الله بن زيد في ((الدّرر)) نصّاً صريحاً، والقاضي زيد في ((الشّرح)) كذلك.

وقال المؤيّد في ((اللّمع)) -الذي هو مدرس الزّيديّة- في كفّار التّأويل ما لفظه: ((فعلى هذا شهادتهم جائزة عند أصحابنا)) ثبت هذا اللّفظ عنه في كتاب ((اللّمع)) وكتاب ((التقرير)) وهذا في الشّهادة التي هي آكد من الرّواية، وأكثر من هذا أنّ السّيد أبا طالب قال في كتاب ((اللّمع)): ((إنّ كلّ من قبلهم ادّعى الإجماع على ذلك، وهذا يدلّ على أنّ المدّعين للإجماع عدد كثير من ثقات العلماء وأهل المعرفة التّامّة، فكيف يجترىء المعترض بالقدح بذلك على المحدّثين موهماً أنّه لا يذهب إلى جواز لك أحد من الزّيديّة والمعتزلة، وقد أجمعت الزّيديّة على قبول مراسيل من يقبل من كفّار التّأويل وفسّاقه؛ كالمنصور بالله والمؤيد بتخطئة المجتهدين الذين قبولهم وبنوا الأحكام على روايتهم، ويستلزم ذلك عدم الاعتداد بأقوالهم، وانعقاد الإجماع على رءوسهم، وتحريم التقليد لهم، ونحو ذلك من الشّناعات المستلزمة لمخالفة الإجماع.

الفائدة الثّانية: في بيان كلام أئمة الحديث في ذلك، فقد ذكروا في فسّافق التأويل أقوالاً:

الأول: أنّهم لا يقبلون كالمصرّحين، يروى عن مالك، وقال ابن

(1) زيادة من (س).

ص: 483

الصّلاح (1): ((إنه بعيد مباعد للشّائع عن أئمة الحديث، فإنّ كتبهم طافحة بالرّواية عن المبتدعة غير الدّعاة)) كما سيأتي.

الثّاني: أنّه إن كان يستحلّ الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل، وإلا قبل، وهو مذهب أحمد، كما قال الخطيب.

قال ابن الصّلاح (1): وهذا مذهب الكثير أو الأكثر، وهو أعدلها وأولاها.

قال ابن حبّان: ((هو قول أئمتنا قاطبة لا أعلم بينهم فيه خلافاً)) وكذا حكى بعض أصحاب الشّافعي عن أصحاب الشّافعي أنّهم لم يختلفوا في ذلك (2).

وأمّا كفّار التّأويل فمن لم يكفّرهم فحكمهم عنده على ما تقدّم، وأمّا من كفّرهم فحكى زين الدّين ابن العراقي (3) عن الحافظ الخطيب البغدادي الشّافعي أنّه حكى عن جماعة من أهل النّقل والمتكلّمين أنّهم يقبلون أهل التّأويل وإن كانوا كفّاراً، قال زين الدّين: واختاره صاحب ((المحصول)).

قلت: الجمهور منهم على ردّ الكافر، قال زين الدين: ونقله السّيف الآمدي عن الأكثرين/، وبه جزم أبو عمرو ابن الحاجب.

(1)((علوم الحديث)): (ص/299 - 300).

(2)

الذي في ((علوم الحديث)): (ص/299) خلاف ذلك، فيه الخلاف بينهم في قبول المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته، أمّا الدّاعية فلا خلاف في عدم قبوله بينهم.

(3)

((شرح الألفية)): (ص/162).

ص: 484