الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى السّحر وطلب العيش في الدّنيا بالكذب على الله تعالى، ويسخرون منهم سخر الله منهم، ولهم عذاب أليم، ولا يعتقدون ثبوت النّار، ولا يخافون العقاب على ذنب من الذنوب، فهؤلاء نصّ المعترض على تنزيههم عن الكذب! وبالغ في المنع من ذلك في حقّ من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وجميع ما جاءوا به، وأقام أركان الإسلام وأحلّ الحلال وحرّم الحرام!! فهذا هو الكلام على الطّائفة الأولى من المتأوّلين الذين خصّهم بالذّكر، وتجاهل في رميهم بالجبر.
الطّائفة الثانية: المرجئة
، وهذا لفظه فيهم قال: ((ولأنّ المرجئة والمجبّرة لا يرتدعون عن الكذب وغيره من المعاصي، أمّا المرجئة: فعندهم أنّهم مؤمنون، وأنّ الله لا يدخل النّار من في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان، وإن زنا وإن سرق، وإن قتل، والكذب أخفّ من ذلك.
أقول: حلّ هذه الشّبهة التي أوردها المعترض /في هذا الموضع متوعّر المسالك، بعيد الأغوار، دقيق المأخذ، ولم يورد في رسالته أعوص منها، وما أعدّ ما ألهمني الله تعالى إليه من الجواب فيها إلا من الفتوحات الرّبانية والألطاف الخفيّة، وإنّما قدّمت هذا قبل ذكر الجواب؛ لتكون معرفة الجواب عندك أيّها السّنّي بالمحل السّنِي (1) ، وإنّما استوعرت مسلك الجواب عنها؛ لأنّ ما نسبه إليهم من المذهب حقّ، واستلزامه لعدم خوف الله تعالى أشبه شيء بالحقّ، ولا يميّز بين الحقّ، وما يعظم شبهه به إلا من أمدّه الله تعالى بألطافه، وبصّره من
(1) في (س): ((بالمحمل السّنّي)).
الحقّ مطالع أنواره. وتحرير الجواب على ما ذكره يتمّ بذكر وجوه:
الوجه الأوّل: أنّ قوله: ((إن المرجئة لا يرتدعون عن الكذب وغيره من المعاصي)) مباهتة عظيمة وإنكار للضّرورة، فإنّ كلامنا إنّما هو فيمن عرف منهم بالدّيانة والأمانة وأداء الواجبات وترك المحرّمات، والمعلوم بالضّرورة أنّ في المرجئة من هو من أهل العبادة والزّهادة، والعلم والإفادة، والمراتب الشّريفة والخصال الحميدة، والمحافظة على النّوافل على ما هو أشق من المفروضات، وأصعب من ترك المقبّحات؛ من إطعام الطعام، وسرد الصيام، والصّلاة والنّاس نيام، والبكاء العظيم من التقصير في حقّ الملك العلام. فقول المعترض: إنّهم لا يرتدعون عن الكذب وسائر المعاصي باطل بالضّرورة؛ لأنّه إمّا أن يدّعي أنّ فعل المعاصي يقع من عبّادهم وثقاتهم في الباطن قطعاً، وإن أظهروا الصّلاح فهذا من علم الغيب المحجوب عن الخلق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ما علم هذا في حق من عاصره إلا بالوحي في بعضهم، والحكم بهذا حرام بإجماع المسلمين، فلا نطوّل في الكلام عليه.
وإمّا أن يدّعي أنّ فعل الطّاعة وترك المعصية غير واقع منهم ظاهراً لبطلان خوف العقوبة من الله تعالى؛ فذلك لا يصحّ لأمرين:
أحدهما: أنّه استدلّ على بطلان أمر معلوم بالضّرورة، وذلك لا يصحّ، وبيانه: أنّ فعلهم للطّاعة معلوم بالضّرورة، فالاستدلال على أنّهم لا يفعلون الطّاعة لا يصحّ.
وثانيهما: أن نقول: إمّا يسلم المعترض أنّ فعل الطّاعة وترك
المعصية مقدور لهم أو لا، إن قال: إنّه غير مقدور لهم، وجاز وقوعه منهم؛ فلا وجه لقطعه بأنّهم لا يفعلون أحد الجائزين. وهلا ذكر قوله في رسالته: إنّه لا يجوز للإنسان أن يخبر بخبر يجوّز أنّه كذب؟ فكيف أخبر عن جميع المرجئة بارتكاب الكذب وغيره من المعاصي!؟ وليس يجوز [مثل](1) هذا في حقّ الفسّاق المصرّحين إلا فيما شوهد من معاصيهم، فليس لك أن تقول في قاطع الصّلاة: إنّه يشرب الخمر، ولا في الزّاني: إنّه مُربِ، ولا في المربي: إنّه يقتل النّفس التي حرّم الله، وأمثال ذلك، فكيف قلت فيمن أرجأ ولم يعرف منه إلا معصية الإرجاء: إنّه يفعل غيرها من المعاصي؟ وهلا قلت: إنّ قوله هذا يضعف الظنّ بقيامه بالواجبات واجتنابه للمحرّمات حتّى تجاب بما يجاب به من أورد الشّبهات، وتميّز نفسك عن منكري الضّرورات؟
والعجب من المعترض أنّه نزّه البراهمة عن الكذب مع إنكارهم للنبوّات، وجحدهم لجميع الشّرائع الإسلامية، وقد تقدّم تقرير هذا في آخر الجواب عما أورده في حقّ الجبرية، فهذا الوجه الأول من وجوه الجواب عن المرجئة يصلح (2) جواباً على ما أورده في حقّ الجبرية فإنّه قال فيهم الجميع: إنّهم لا يرتدعون عن الكذب وسائر المعاصي.
الوجه الثّاني: اعلم أنّ الحامل على المحافظة على الخيرات
(1) زيادة من (ي) و (س).
(2)
في (س): ((يصح)).
والمجانبة للمكروهات ليس مجرّد اعتقاد أنّ الله تعالى يعاقب على الذّنب، وإنّما هو شرف في النّفوس وحياء في القلوب من مبارزة المنعم /بجميع النّعم بالمعاصي، ولهذا فإنّ أكثر الخلق محافظة على الخير ومجانبة للمكروه أشدهم حياء من الله تعالى وإجلالاً له، وأمّا مجرّد الاعتقاد فهو واحد لا يزيد ولا ينقص؛ ولهذا تجد الوعيديّة مختلفين مع اتحاد معتقدهم، ولكن تفاضلوا في شرف النّفوس وأنفتها من دناءة المعاصي، ومذلّة كفران المنعم (1) ، وتفاوتت مراتبهم في شدّة الحياء من ملك الملوك وربّ الأرباب، وتباينت هممهم في التعظيم والإجلال لمن بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير، ولهذا فإن أقرب الخلق إلى الله أخوفهم منه وآنسهم به وأطوعهم له.
ولهذا اشتدّ خوف الأنبياء والأولياء من الله تعالى وعظم أنسهم به، وكانوا أطوع خلقه لو وأرغبهم إليه، وقد كان كثير من الصّالحين لا يرضى أن يعبد الله تعالى خوفاً من العذاب ولا رغبة في الثّواب. وقالت المعتزلة (2): إن نوى ذلك بعبادته لم تصح، ولهذا اختلفت حال (3) الكفّار المنكرين للمعاد من المشركين والفلاسفة: فكان منهم
(1) في (س): ((النعم)).
(2)
في هامش (أ) و (ي) ما نصّه:
((في شرح ابن النحوي ((للمنهاج)) في باب صفة الصلاة: ((فرع منقول عن الإمام فخر الدين الرّازي، عن المتكلّمين أنّه لا يصح عبادة، ولم يخص بالمعتزلة فينظر. تمت من خطّ القاضي العلامة محمد بن عبد الملك رحمه الله)).
(3)
في نسخة: ((أحوال)) كذا في هامش (أ) و (ي) وهو كذلك في (س).
المتلطّخون بالرّذائل، ومنهم المتحمّلون لأثقال المكارم والفضائل، وكان فيهم السّادة والأتباع، وكان في سادتهم المخذول والمطاع، على قدر (1) تفاضلهم في الصّبر على المكاره، واحتمال مشاقّ المكارم، وقالوا في أمثالهم:((تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها)) (2) وقالت هند: أو تزني الحرّة (3)؟ وقال
حاتم (4):
وإنّك إن أعطيت بطنك سؤله
…
وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا
وهذا كلّه من غير خوف العقاب ولا رجاء الثّواب، فكيف يقال: إنّ من لم يخف العقاب قال الزّور وارتكب الفجور؟ هذا كلام من لم يتأمّل، فقد علمنا بالضّرورة أنّ في المرجئة عبّاداً خاشعين ورهباناً
(1) سقطت من (س)، وفي (أ) و (ي):((وعلى قدر .... )) والصواب حذف الواو. وهو كذلك في ((العواصم)): (2/ 267).
(2)
((مجمع الأمثال)): (1/ 251)، وأوّل من قال ذلك: الحارث بن سليل الأسدي في قصّة له.
(3)
في قصّة مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء، أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)):(12/ 74)، وابن مردويه كما في ((الدر المنثور)):(6/ 312) عن ابن عبّاس رضي الله عنهما.
وأخرجه سعيد بن منصور، وابن سعد عن الشعبي مرسلاً كما في ((الدّرّ)):(6/ 312).
وذكره الزيلعي في ((تخريج أحاديث الكشّاف)) ولم يتكلّم فيه بشيء! وكذا الحافظ في ((الكافي الشاف)): (4/ 169).
…
=
= أقول: وسند ابن جرير مسلسل بالعوفيين؛ من محمد بن سعد بن محمد إلى عطية العوفي. وليس فيهم إلا ضعيف أو متكلّم فيه.
(4)
((ديوانه)): (ص/69).
خاضعين، وكثير منّا إذا تأملّنا وأنصفنا يقصر عن كثير منهم في الأعمال لا في العقيدة ولله الحمد والمنّة، وذلك لأنّ من صبر على مشاقّ الطّاعات وترك الشّهوات من غير خوف العذاب؛ فهو شريف النّفس، حرّ الطّبيعة، عزيز الهمّة، عظيم المروءة، كثير الحياء من الله تعالى، ومن لا يقوم إلى الطّاعة حتّى يخاف العذاب من النّار؛ فطبعه طبع شرار العبيد وخساس الهمم، وما أحسن قول ابن دريد (1) في هذا المعنى:
واللّوم للحرّ مقيم رادع
…
والعبد لا تردعه إلا العصا
وإنّ كثيراً من المتحابّين من المخلوقين لا يعصي محبوبه ولا يغضبه، وإن كان لا يخاف منه مضرّة، ولهذا قال بعض الظّرفاء في المعنى:
أهابك إجلالاً وما بك قدرة
…
عليّ ولكن ملء عين حبيبها (2)
فإن كان هذا ما بين الأحباب من عبيد الله؛ فالذين آمنوا أشدّ حبّاً لله، وفي الحديث المرفوع:((نِعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه)) (3) وفي هذا الجواب موعظة لأهل الحقائق والأحوال. وقد
(1)((ديوانه)): (ص/133).
(2)
اختلف في نسبته، فقيل: لنصيب بن رباح الأكبر، وقيل: لمجنون بني عامر.
(3)
قال السخاوي في ((المقاصد الحسنة)): (ص/449): ((اشتهر في كلام الأصوليين، وأصحاب المعاني، وأهل العربية من حديث عمر، وذكر البهاء السبكي أنه لم يظفر به في شيء من الكتب
…
ثم رأيت بخط شيخنا أنه ظفر به في ((مشكل الحديث)) لأبي محمد بن قتيبة، لكن لم يذكر له ابن قتيبة إسناداً)) اهـ.
أجاد من قال (1):
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه
…
هذا محال في العقول بديع
/لو كنت تضمر حبّه لأطعته
…
إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع (2)
وقد ظنّ المعترض أنّ من لم يكن من أهل مقام الخوف فليس من أهل الطّاعة، ولم يعرف المسكين أنّ مقام المحبّة فوق مقام الخوف عند العارفين، ولهذا قال الشّيخ أبو عمر بن الفارض (3) -وما أنفع قوله هذا لأهل القلوب-:
فدع عنك دعوى الحبّ وادع غيره
فؤادك وادفع عنك غيّك بالتي
وجانب جناب الوصل هيهات لم يكن
وها أنت حيّ إن تكن صادقاً مت
ولهذا قالت الحكماء: المرء أسير أكبر (4) ما في قلبه، ولا شكّ أنّ أكثر ما في القلب هو المحبوب لا المخوف، فإن المخوف قد يكون عدوّاً بغيضاً بخلاف المحبوب، وقد نظم ابن الفارض هذا المعنى فقال وأجاد:(5)
(1) في (س): ((من نظم هذا المعنى فقال)) ، وهو كذلك في نسخة كما في هامش (أ) و (ي).
(2)
البيتان لمحمود بن حسن الورّاق المتوفى نحو (225)، انظر ((بهجة المجالس)):(1/ 395).
(3)
((ديوانه)): (ص/29).
(4)
في (س): ((أثير أكثر)).
(5)
((ديوانه)): (ص/90).
أنت القتيل بأيّ من أحببته
…
فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي
الوجه الثّالث: أن نقول: ما سبب تخصيص المرجئة بالذكر؟ هل تجويزهم لدخول أهل الكبائر من المسلمين الجنّة، وتجويزهم لنجاتهم من النّار، أو قطعهم بذلك؟ الثّاني: وهو القطع بذلك ممنوع، لأنّهم يجوّزون أن يموت صاحب الكبيرة المسلم كافراً، ويخافون من كبائر الذّنوب أن يكون ارتكابها سبباً للوقوع في ذنب الكفر الذي لا يغفر إلا بالتّوبة، وأمّا الأوّل وهو: تجويزهم لدخول أهل الكبائر من المسلمين الجنّة، فقد شاركهم في ذلك سائر الفرق، ولكنّ المعتزلي يجوّز ذلك بشرط التّوبة أو المغفرة.
فإن قلت: إنّ المرجىء يقطع بأنّ من مات مسلماً وهو مصرّ على الفسق لم يعذّبه الله تعالى، والسّنّي والمعتزلي لا يقولان بذلك.
قلت: ذلك مسلّم؛ ولكنّه لا يقطع بأنّه يموت مسلماً مثلما أنّ المعتزلي لا يقطع بأنّه يموت تائباً، بل هذا الإشكال لا يلزم المعتزلة ولا يلزم المرجئة، وذلك لأنّ المعتزلة فريقان:
أحدهما يقول: إنّ من مضى له وقت أدّى فيه جميع ما كلّفه الله تعالى علم أنّه من أهل الجنّة؛ لأنّ الله تعالى لو علم أنّه يموت على حال يستحق فيه النّار؛ لقبح منه تبقيته، ووجب عليه أن يميته في ذلك الوقت الذي أتى فيه بالطّاعة، وهذا هو قول من يوجب الأصلح على الله تعالى، كأبي القاسم الكعبيّ إمام البغدادية من المعتزلة ومن يقول بقوله، وهذا الإشكال يتّجه عليهم أكثر من المرجئة لأنّهم يجيزون أن
يأتي المكلّف في بعض الأوقات بجميع تكليف ذلك الوقت، وأن يعلم المكلّف إتيانه بذلك، وحينئذ يقطع بأنّه من أهل الجنّة.
وأمّا الفرقة الثّانية: وهم الذين لا يوجبون على الله الأصلح للعبد فإنّهم يوجبون على الله -سبحانه- أن يبقى العاصي بعد المعصية وقتاً يتمكّن فيه من التّوبة، وبهذا قال شيخ الاغتزال أبو عليّ الجُبّائي وأصحابه، ووافقه عليه أبو القاسم الكعبيّ -أيضاً- فلو كان ما ذكره المعترض في حقّ المرجئة يدلّ على الكذب في الحديث، لدلّت مذاهب المعتزلة هذه على مثل ذلك، فيقول من يوجب الأصلح للعبد على الله تعالى: المعاصي لا تضرّني لعلمي أنّي من أهل الجنّة بسبب طاعتي لله تعالى يوماً أو ساعة أو لحظة، /ويقول من لا يرى ذلك: أنا أقدم على هذه المعصية وأتوب عقيبها، ولا أخشى (1) مفاجأة الموت قبل التمكّن من التّوبة.
ولكن ليس وقوع المعاصي على حسب الاعتقاد، وإنّما ذلك على حسب شرف الطّباع، وارتفاع الهمم، وشهامة النّفوس، كما قدمنا في الوجه الأوّل، ولو كان السبب في العصيان هو تجويز النّجاة من عذاب الله؛ إمّا اتكالاً على التوبة أو اتكالاً على الرّحمة، لم توجد فرقة من فرق الإسلام إلا وهي مجروحة، ولكان العدل من اعتقد أنّ الله لا يقبل التّوبة ولا يقيل العثرة، ولا يغفر الخطيئة، لكن الذّاهب إلى هذا كافر بالإجماع، خارج عن ملّة الإسلام.
الوجه الرّابع: أنّ من اعتقد أنّ الله تعالى يتفضّل على أهل
(1) في (س): ((أخاف)).
الإسلام بمغفرة جميع الذّنوب من غير توبة، لم يلزم من ذلك أن يتعمّد الكذب على الله تعالى ويجاهر بجميع المعاصي، ودليل ذلك: أن عبداً من عبيد المخلوقين لو اعتقد في سيده أنّه في غاية الحلم، ونهاية الجود والسماحة (1) ، لم يدلّ ذلك على أنه كثير العصيان لسيّده والكذب عليه، بل قد يكون في غاية الإجلال لسيّده والطّاعة له، مع اعتقاد حلمه ومسامحته والأمان من عقوبته، محبة منه لسيّده ورغبة في شكر نعمة وارتفاع المنزلة عنده، وكذلك عمل النّاس مع إخوانهم وأهل الحلم والكرم منهم، ولم يكن أصحاب الأحنف وعشيرته يعصونه ويكذبون عليه ويعفّون رحمه لأجل حلمه، وكم من مهيب يعصى وتتحمّل عقوبته لأجل بغضه ومساوىء أخلاقه! وكم من حليم يطاع وكريم يمتثل (2) وتفنى الأموال والأرواح في طاعته! فمن أين للمعترض أنّ المرجئة لما اعتقدوا أنّ الله تعالى يغفر لأهل الإسلام استهانوا بجلال الله وانهمكوا في معاصي الله وصار دأبهم الكذب على الله وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولقد رأينا في الصّالحين من يزداد عملاً ونشاطاً مع الرّجاء، ويزداد ضعفاً وفتوراً مع الخوف، وهذا معروف عند أهل الذّوق، وأنشدوا في ذلك:
لها بوجهك نور يستضاء به
…
ومن أياديك في أعقابها حادي
لها أحاديث من ذكراك تشغلها
…
عن المنام وتلهيها عن الزّاد
(1) في (س): ((المسامحة)).
(2)
هكذا استظهرت قراءتها.
الوجه الخامس: أنّ القول بالإرجاء وإن كان حراماً فليس بكفر ولا فسق، وكلّ بدعة محرّمة تأوّل فيها صاحبها، ولم تكن كفراً، ولا فسقاً فصاحبها مقبول بالإجماع. أمّا أنّ الإرجاء ليس بكفر ولا فسق؛ فذلك مقتضى الدّليل، ومذهب أصحاب الخصم.
أمّا الدّليل: فلأنّ التّكفير والتّفسيق يحتاج إلى دليل سمعي وهو مفقود، ومخالفتهم للنّصوص تأويلاً لا يكفي في [الكفر](1) ، على أنّ ابن الحاجب اختار عدم التّأثيم لمن خالف القطعي مجتهداً وهو قوي، والموضع يضيق عن ذكر الحجج في المسألة.
وقد ذكر الذّهبي في ((الميزان)) (2) ما معناه: ((إنّ بدعة الإرجاء ليست بكبيرة)).
وأمّا الحديث الذي فيه: ((ليس للمرجئة في الإسلام نصيب (3))) (4)
(1) في (أ) و (ي): ((الكير))! والمثبت من (س).
(2)
(4/ 224). لعله ما ذكره في هذا الموضع في ترجمة: مشعر بن كدام.
فقال: ((الإرجاء مذهب لعدة من جلّة العلماء، لا ينبغي التحامل على قائله)) اهـ
أي: من حيث قبول روايته.
(3)
الحديث أخرجه الترمذي: (4/ 395)، وابن ماجه:(1/ 24) من ابن عباس رضي الله عنهما قال الترمذي: ((حديث حسن غريب)) كما في تحفة الأشراف: (5/ 169)، وفي المطبوعة:((غريب حسن صحيح)).
والحديث جاء من رواية جماعة من الصحابة لا تخلو طرقه من كلام.
(4)
كذا في الأصول! والكلام مبتور، ولعلّ المؤلّف أراد أن يتكلّم على الحديث.
[وأمّا مذهب الخصم: فقد نصّ عليه القاضي شرف الدين في ((تذكرته)) ، وذكر معنى ذلك القاضي العلامة عبد الله بن حسن](1)
…
(2الدواري في ((تعليق الخلاصة)) ، والحاكم في ((شرح العيون)) وغيرهم.
وأمّا دعوى الإجماع: فذكرها الأمير علي بن الحسين في ((اللمع)) الذي /هو مدرسهم (2).
وفي هذا القدر كفاية في الذّبّ عن السّنن الصّحيحة المنقولة عن ثقات المرجئة، وقد تركت بعض ما في ((الأصل)) من التّطويل في ذلك، وقد أكثرت من الانتصار لظنّ صدقهم وقبول روايتهم، حتّى ربما توهّم بعض الضعفاء أني أميل رأيهم، ومعاذ الله تعالى من ذلك، فعقيدة أهل السّنّة أصح مباني واوضح معاني، وحسبك أنّها جامعة لمحاسن العقائد؛ من حسن الظّنّ بالله ورجاء مغفرته مع خوف عذابه، والحذر من غضبه، وإن مات العاصي على الإسلام فلابدّ من الخوف والرّجاء لذي الجلال والإكرام، فقد قال الله تعالى في الملائكة مع أمانهم من الموت عن الكفر، ومن ارتكاب الكبائر:((يخافون ربّهم من فوقهم)) [النحل/50] وقال فيهم: ((هم من خشية ربّهم مشفقون)) [المؤمنون/57] فإذا كان هذا حال الملائكة عليهم السلام، فكيف بحال العبد العاصي!! وفي ((الصّحيح)) (3) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصول، واستدركه من سياق الكلام في ((العواصم)):(2/ 275).
(2)
ما بينهما ساقط من (س).
(3)
تقدّم تخريجه.
تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً وضحكتم قليلاً)) فنسأل الله السّلامة، وأن يجعلنا ممّن يشفق من ذنبه، بل يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه، آمين آمين.
الطّائفة الثّالثة: معاوية والمغيرة وعمرة بن العاص، ومن تقدّم ذكره في الأوهام، فإنّ كثيراً من الشّيعة ذكروا أنّها ظهرت على هؤلاء الثّلاثة قرائن تدلّ على التّأويل، وقدحوا بتصحيح حديثهم في حديث الكتب الصّحاح كالبخاري ومسلم.
وأمّا أهل الحديث فمذهبهم أنّهم من أهل التّأويل والاجتهاد والصّدق، لكونهم أظهروا التّأويل فيما يحتمله، وعلم البواطن محجوب عن الجميع، وبين الفريقين في هذا مالا يتسع له هذا ((المختصر)) ، والقصد: مجرّد تصحيح الحديث الصّحيح، والذّبّ عنه لا غيره فيما (1) بين أهل المذهبين، وقد اجتهدت في هذا الكتاب في نصرة الحديث الصّحيح بالطّرق التي يتّفق الفريقان على صحّتها أو يتّفقون على قواعد تستلزم صحّتها، كما يعرف ذلك من تأمّل هذا الكتاب كلّه، وفي هذا الموضع لم أجد طريقاً قريبة مجمعاً عليها إلا طريقاً واحدة، وهي: بيان صدق هؤلاء المذكورين في روايتهم بشهادة من لم تجرحه الشّيعة من الصّحابة لهم بصّحة الرّواية في كلّ حديث على التّعيين، خاصّة في أحاديث الأحكام المعتمدة في معرفة الحلال والحرام.
فأمّا أبو موسى الأشعري وعبد الله بن عمرو بن العاص ونحوهم
(1) في (ي): ((لا غير فيما)) ، وفي (س):((مما)).
ممّن لم يصحّ عنه حرب لعلي رضي الله عنه ولا سبّ؛ فقد تقدّم الجواب عمّا ذكر المعترض فيهم.
وأمّا هؤلاء الثلاثة المذكورون فهم الذين أذكر هنا ما يدلّ على صحّة حديثهم، وأقتصر على ما يتعلق بالأحكام من ذلك اختصاراً، وذلك يتمّ بذكر ما لهم من الأحاديث المتعلّقة بالأحكام وما لأحاديثهم من الشّواهد المرويّة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ونشير إلى ذلك على أقل ما يكون من الاختصار المفيد -إن شاء الله تعالى- فنقول:
المرويّ في الكتب السّتّة من طريق معاوية في الأحكام ثلاثون حديثاً.
الأوّل: حديث تحريم الوصل في شعور النّساء، رواه عنه البخاري ومسلم (1) وغيرهما، ويشهد لصحّته رواية أسماء لذلك وعائشة وجابر
/أمّا حديث أسماء فخرّجه البخاري ومسلم والنّسائي (2).
وأمّا حديث عائشة فخرّجه البخاري ومسلم والنّسائي (3) أيضاً.
وأمّا حديث جابر فخرّجه مسلم (4).
الثّاني: ((لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ)) أخرجه عنه
(1)((الفتح)): (6/ 591) ، ومسلم برقم (2127).
(2)
((الفتح)): (10/ 387) ، ومسلم برقم (2122)، والنّسائي:(8/ 145).
(3)
((الفتح)): (9/ 215) ، ومسلم برقم (2123)، والنّسائي:(8/ 146).
(4)
برقم (2126).
البخاريّ ومسلم (1).
وقد رواه مسلم عن سعد بن أبي وقّاص (2).
ورواه مسلم وأبو داود والترمذي عن ثوبان (3).
ورواه الترمذي عن معاوية بن قرّة (4).
ورواه أبو داود عن عمران بن حصين (5).
الثّالث: حديث النّهي عن الرّكعتين بعد العصر، رواه البخاري عنه (6).
وقد رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنّسائي عن أمّ المؤمنين أمّ سلمة (7).
وروى مسلم (8) عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه كان يضرب من يفعل ذلك، ولم ينكر ذلك من فعله فجرى مجرى الإجماع، وهو قول طوائف من أهل العلم.
(1)((الفتح)): (6/ 731) ، ومسلم، كتاب الإمارة، حديث (174).
(2)
برقم (1925).
(3)
مسلم برقم (1920)، والترمذي:(4/ 437) ، ولم يخرجه أبو داود، كما في ((تحفة الأشراف)):(2/ 135) ، وأخرجه ابن ماجه في ((المقدمة)).
(4)
((الجامع)): (4/ 420).
(5)
((السنن)): (3/ 11).
(6)
((الفتح)): (2/ 73).
(7)
((الفتح)): (3/ 126) ، ومسلم برقم (834)، وأبو داود:(2/ 54).
وعزاه المصنّف للنسائي. وليس فيه كما في ((تحفة الأشراف)): (13/ 29).
(8)
برقم (834)، وهو كذلك في البخاري ((الفتح)):(3/ 126).
الرّابع: حديث النّهي عن الإلحاف في المسألة رواه عنه مسلم (1).
ورواه البخاري ومسلم والنسائي عن عبد الله بن عمر (2).
وأبو داود والترمذي والنّسائي عن سمرة بن جندب (3).
والنّسائي عن عائد بن عمرو (4).
والبخاري عن الزبير بن العوّام (5).
والبخاري ومسلم ومالك في ((الموطأ)) والتّرمذي والنّسائي عن أبي هريرة (6).
وأبو داود والنّسائي عن ثوبان (7).
ومالك في ((الموطأ)) عن عبد الله بن أبي بكر (8).
والبخاري ومسلم والترمذي والنّسائي عن حكيم بن حزام (9).
(1) برقم (1038).
(2)
((الفتح)): (3/ 396) ، ومسلم برقم (1040)، والنسائي:(5/ 94).
(3)
أبو داود: (2/ 290)، والترمذي:(3/ 65)، والنسائي:(5/ 100).
(4)
(5/ 94 - 95).
(5)
((الفتح)): (3/ 393).
(6)
((الفتح)): (3/ 392) ، ومسلم برقم (1042)، و ((الموطأ)):(2/ 998)، والترمذي:(3/ 64)، والنسائي:(5/ 93).
(7)
أبو داود: (2/ 295)، والنسائي:(5/ 96).
(8)
((الموطأ)): (2/ 1000) عن أبيه مرسلاً.
(9)
((الفتح)): (3/ 393) ، ومسلم برقم (1035)، والترمذي:(4/ 553)، والنسائي:(5/ 101).
وأبو داود والنسائي عن ابن الفراسيّ عن أبيه (1).
الخامس: ((إنّ هذا الأمر لا يزال في قريش)) رواه عنه البخاري (2).
ورواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر (3).
وروى مسلم نحوه عن جابر بن عبد الله (4).
ورواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة (5).
السّادس: حديث جلد شارب الخمر وقتله في الرّابعة، رواه عنه أبو داود والتّرمذي (6).
وأمّا جلده فمعلوم من الدّين ضرورة، والأحاديث فيه كثيرة مأثورة، وأمّا قتله في الرّابعة فرواه التّرمذي وأبو داود عن أبي هريرة (7).
ورواه أبو داود (8) عن قبيصة بن ذؤيب، وعن نفر من الصحابة
…
رضي الله عنهم.
(1) أبو داود: (2/ 296)، والنسائي:(5/ 95).
(2)
((الفتح)): (6/ 616).
(3)
((الفتح)): (6/ 616) ، ومسلم برقم (1820).
(4)
رقم (1819).
(5)
((الفتح)): (6/ 608) ، ومسلم برقم (1818).
(6)
أبو داود: (4/ 623)، والترمذي:(4/ 39).
(7)
الترمذي: (4/ 39) ، معلّقاً إلى ابن جريج ومعمر، وأبو داود:(4/ 624).
(8)
((السنن)): (4/ 625).
ورواه الإمام الهادي يحيى بن الحسين في ((كتاب الأحكام)) ولكن هذا الحكم منسوخ عند كثير من أهل العلم.
السّابع: حديث ((النّهي عن لباس الحرير والذّهب، وجلود السّباع)) رواه عنه أبو داود والنّسائي، والترمذي بعضه بغير لفظه (1) ، فأمّا شواهد تحريم لباس الحرير والذّهب فأشهر من أن تذكر.
وأمّا جلود السّباع؛ فله عليه شاهد عن أبي المليح خرّجه التّرمذي وأبو داود والنّسائي (2).
الثّامن: حديث افتراق الأمّة إلى نيّف وسبعين فرقة، رواه عنه أبو داود (3).
وروى الترمذي (4) مثله عن ابن عمرو (5).
وروى الترمذي2) وأبو داود مثله عن أبي هريرة (6).
التّاسع: النّهي عن سبق الإمام بالرّكوع والسّجود، رواه عنه
(1) أبو داود: (4/ 373)، والنسائي:(7/ 176) ولم يذكر المزي في ((التحفة)): (8/ 438) الترمذي فيمن أخرجه.
(2)
الترمذي: (4/ 212)، وأبو داود:(4/ 374)، والنّسائي:(7/ 176).
(3)
((السنن)): (5/ 5).
(4)
ما بينهما ساقط من (س).
(5)
((الجامع)): (5/ 26)، ووقع في (أ) و (ي):((عمر)) ، والتصويب من ((الجامع)).
(6)
الترمذي: (5/ 25)، وأبو داود:(5/ 4).
أبو داود (1) و [ابن ماجه](2).
وقد رواه البخاريّ ومسلم وأبو داود والترمذيّ والنسائي عن أبي هريرة، ومالك في ((الموطأ)) عنه (3) -أيضاً-.
ومسلم والنّسائي عن أنس (4).
العاشر: النّهي عن الشّغار، رواه عنه أبو داود (5).
وقد رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر (6) ، وهو مشهور عن غير واحد من الصّحابة، ومجمع على القول بمقتضاه.
الحادي عشر: أنّه توضّأ كوضوه رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود (7) ، وليس فيه ما يحتاج إلى شاهد إلا زيادة صبّ الماء على النّاصية والوجه.
(1)((السنن)): (1/ 411).
(2)
في ((الأصول)): ((النسائي)) ، ثم كتب في هامش (أ) و (ي):((في نسخة (ق) بدل النسائي، وهو الذي في ((أطراف المزي)) ولم يذكر النسائي تمت من خط القاضي محمد الآنسي رحمه الله)).
أقول: وهو الثّابت في ((العواصم)): (2/ 172).
والحديث في ((سنن ابن ماجه)): (1/ 309).
(3)
((الفتح)): (2/ 214) ، ومسلم برقم (427)، وأبو داود:(1/ 413)، والترمذي:(2/ 476)، والنسائي:(2/ 96)، ومالك في ((الموطأ)):(1/ 92) موقوفاً على أبي هريرة.
(4)
مسلم برقم (426)، والنسائي:(3/ 83).
(5)
((السنن)): (2/ 561).
(6)
((الفتح)): (9/ 66) ، ومسلم برقم (1415).
(7)
((السنن)): (1/ 89).
وقد رواه أبو داود (1) عن علي رضي الله عنه.
/الثّاني عشر: النّهي عن النّوح، رواه عنه ابن ماجه (2) ، وهو أشهرمن أن يحتاج إلى ذكر شواهده.
الثّالث عشر: النّهي عن الرّضا بالقيام، رواه عنه الترمذي وأبو داود (3)، وله شواهد: في الترمذي (4) عن أنس، وفي ((سنن أبي داود)) (5) عن أبي أمامة.
وفي كتاب (([الترخيص] (6) في القيام)) (7) للنّووي عنهما، وعن أبي بكرة، وصحّح حديث أنس.
الرّابع عشر: النّهي عن التّمادح، رواه عنه ابن ماجه (8).
وقد رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي بكرة (9).
(1)((السنن)): (1/ 81 - 82).
(2)
((السنن)): (1/ 503).
(3)
الترمذي: (5/ 84)، وأبو داود:(5/ 398).
(4)
(5/ 84).
(5)
(5/ 398).
(6)
في جميع الأصول: ((التخليص))! وهو خطأ، والصواب ما أثبته.
(7)
(ص/64 - فما بعدها).
(8)
((السنن)): (2/ 1232).
(9)
((الفتح)): (5/ 324) ، ومسلم برقم (3000)، وأبو داود:(5/ 154).
ووقع في (ي): ((وقد رواه
…
عت أبي هريرة وعن أبي بكرة)) وهو وهم.
والبخاري ومسلم عن أبي موسى (1).
ومسلم والتّرمذي وأبو داود عن عبد الله بن سخرة [عن المقداد بن الأسود](2).
والتّرمذي عن أبي هريرة (3).
الخامس عشر: تحريم كلّ مسكر، رواه عنه ابن ماجه (4) ، ورواه الجماعة إلا ابن ماجه عن ابن عمر (5) ، ومسلم والنّسائي عن جابر (6) وأبو داود عن ابن عبّاس، والنّسائي عنه أيضاً (7).
السّادس عشر: حكم من سها في الصّلاة، رواه عنه النّسائي (8)
(1)((الفتح)): (5/ 326) ، ومسلم برقم (3001).
(2)
زيادة متعينة؛ لأنّ عبد الله بن سخبرة تابعي، يروي هذا الحديث عن المقداد، وكنيته أبو معمر.
والحديث أخرجه مسلم برقم (3002)، والترمذي:(4/ 518)، وأبو داود:(5/ 153).
(3)
((الجامع)): (4/ 518). وقال: ((هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة)) اهـ.
(4)
((السنن)): (2/ 1124).
(5)
أخرجه مسلم برقم (2003)، وأبو داود:(4/ 85)، والنسائي:(8/ 296)، والترمذي:(4/ 256).
ووهم المصنف في عزوه للبخاري. انظر: ((تحفة الأشراف)): (6/ 63).
(6)
مسلم برقم (2002)، والنسائي:(8/ 327).
(7)
أبو داود: (4/ 86)، والنسائي:(8/ 300).
…
=
= أقول: وهو في البخاري ((الفتح)): (10/ 65).
(8)
((السنن)): (3/ 33).
وله شاهد في ((سنن أبي داود)) (1) عن ثوبان.
السّابع عشر: النّهي عن القران بين الحج والعمرة، رواه عنه أبو داود (2) ، وله شاهد عن ابن عمر رواه مالك في ((الموطأ)) (3) مرفوعاً، وعن عمر وعثمان رواه مسلم (4) موقوفاً عليهما.
الثّامن عشر: أنّه قصر للنبي صلى الله عليه وسلم بمشقص بعد عمرته صلى الله عليه وسلم ، وبعد (5) حجّه، رواه عنه البخاري ومسلم وأبو دواد والنّسائي (6) ، وله شواهد عن عليّ خرّجه مسلم، وعن عثمان رضي الله عنه في مسلم أيضاً (7) ، وعن سعد بن أبي وقّاص رواه مالك في ((الموطأ)) والنّسائي والتّرمذي وصحّحه (8) ، رواه النّسائي عن ابن عبّاس عن عمر (9) ، والتّرمذي عن ابن عمر (10) ، والبخاري ومسلم عن عمران بن
(1)(1/ 630).
(2)
((السنن)): (2/ 390).
(3)
ليس في ((الموطأ)) رواية يحيى الليثي.
(4)
((الصحيح)) برقم (1222، 1223).
(5)
كذا في النسخ، وفي ((العواصم)):(3/ 180): ((وقيل)) ولعله الصواب، للاختلاف في ذلك.
(6)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (3/ 656) ، ومسلم برقم (1246)، وأبو داود:(2/ 396) والنسائي: (5/ 244).
(7)
برقم (1223).
(8)
((الموطأ)): (1/ 344)، والنسائي:(5/ 152)، والترمذي:(3/ 185).
أقول: وهو في مسلم برقم (1225).
(9)
((السنن)): (5/ 153).
(10)
((الجامع)): (3/ 185).
الحصين (1).
وروى التّرمذي والنّسائي: أنّ معاوية لما روى هذا الحديث، قال ابن عباس: هذه على معاوية؛ لأنّه ينهى عن المتعة (2).
التّاسع عشر: ما روى عن أخته أمّ المؤمنين أمّ حبيبة رضي الله عنه ((أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلّي في الثّوب الذي يجامعها فيه، ما لم ير فيه أذى)) رواه أبو داود والنّسائي (3) ، ويشهد لمعناه أحاديث كثيرة، منها: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان يصلّي في نعليه ما لم ير بهما أذى)) رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن [يزيد](4) ورواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري (5).
ويشهد لذلك حديث: ((فلا ينصرفنّ حتّى يجد ريحاً أو يسمع صوتاً)) وهو متفق على صحته (6) ، إلى أشباه لذلك كثيرة تدلّ على
(1)((الفتح)): (3/ 505) ، ومسلم برقم (1226).
(2)
النسائي: (5/ 154) ، وعزو المصنف ذلك للترمذي وهم! والله أعلم.
(3)
أبو داود: (1/ 257)، والنسائي:(1/ 155).
(4)
تحرّفت في الأصول إلى ((زيد)) والصواب: سعيد بن يزيد الأزدي أبو مسلمة، ثقة من التابعين، يروي هذا الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سألت أنس ابن مالك: أكان النبي يصلي في نعليه؟ قال: نعم.
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 589) ، ومسلم برقم (555).
(5)
((السنن)): (1/ 426).
(6)
البخاري ((الفتح)): (1/ 285) ، ومسلم برقم (361) من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه.
جواز الاحتجاج بالاستصحاب للحكم المتقدّم، وعلى ذلك عمل العلماء في فطر يوم الشّكّ من آخر شعبان، وصوم يوم الشّكّ من آخر رمضان.
الموفّي عشرين حديثاً: ((نهي من أكل الثّوم أو البصل عن دخول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم)) وهو من روايته عن أبيه (1) ، وله شواهد كثيرة، فرواه البخاري ومسلم (2) ومالك في ((الموطأ)) (3) عن جابر بن عبد الله، والبخاري ومسلم عن أنس (4) ، ومسلم (5) ومالك في ((الموطأ)) (6) عن أبي هريرة، وأبو داود عن حذيفة والمغيرة (7) ، والبخاريّ ومسلم وأبو داود عن ابن عمر (8) ، والنّسائي عن عمر (9) ، مسلم وأبو داود عن أبي سعيد (10).
(1) هذا وهم من المصنّف! فمعاوية في هذا الحديث ليس هو معاوية بن أبي سفيان، بل هو معاوية بن قرة بن إياس المزني يرويه عن أبيه قرّة بن إياس، وحديثه أخرجه أبو داود في ((سننه)):(4/ 172).
(2)
البخاري ((الفتح)): (2/ 394) ، ومسلم برقم (564).
(3)
لم أجده في ((الموطأ)) برواية يحيى الليثي.
(4)
((الفتح)): (2/ 395) ، ومسلم برقم (562).
(5)
برقم (563).
(6)
ليس في ((الموطأ)) إلا مرسل سعيد بن المسيب في النهي عن أكل الثوم والبصل. وانظر: ((التمهيد)): (6/ 412) لابن عبد البرّ.
(7)
((السنن)): (4/ 171 - 172).
(8)
((الفتح)): (2/ 394) ، ومسلم برقم (561)، وأبو داود:(4/ 172).
(9)
((السنن)): (2/ 43).
(10)
مسلم برقم (565)، وأبو داود:(4/ 171).
وأمّا النّهي عن هاتين الشّجرتين مطلقاً من غير تقييده بدخول المسجد، فرواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله (1) ، وأبو داود والتّرمذي عن عليّ بن أبي طالب (2) رضي الله عنه.
الحادي والعشرون: حديث: ((هذا يوم عاشوراء لم يكتب عليكم)) رواه عنه البخاري ومسلم ومالك والنّسائي (3).
وقد روى البخاري ومسلم (4) عن ابن عبّاس ما يشهد لصحة معناه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشار إليه، بعد سؤاله عن سبب صوم اليهود له:((فأنا أحقّ بموسى)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فنحن نصومه تعظيماً له)).
الثاني والعشرون: حديث: ((لا تنقطع الهجرة)) رواه عنه أبو داود (5) ، ولم يصح عنه، قال الخطّابي (6):((في إسناده مقال)) ، وله شاهد رواه النسائي عن عبد الله بن السّعدي (7).
(1) البخاري ((الفتح)): (2/ 395) ، ومسلم برقم (564).
(2)
أبو داود: (4/ 173)، والترمذي:(4/ 230).
(3)
البخاري ((الفتح)): (4/ 287) ، ومسلم برقم (1129)، ومالك في ((الموطأ)):(1/ 299)، والنسائي في ((الكبرى)):(2/ 161).
(4)
البخاري ((الفتح)): (4/ 287) ، ومسلم برقم (1130).
(5)
((السنن)): (3/ 7).
(6)
((معالم السنن)): (3/ 352) ، مع ((مختصر المنذري)).
أقول: في إسناده أبو هند البجلي، قال الذّهبي في ((الميزان)):((لا يعرف)) وقال الحافظ في ((التقريب)): ((مقبول)).
(7)
النسائي: (7/ 146) ، وسنده صحيح.
الثّالث والعشرون: حديث النّهي عن لباس الذّهب إلا مقطّعاً رواه عنه أبو داود (1) ، وله شاهد/ عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه النّسائي (2).
الرّابع والعشرون: النّهي عن المغلوطات (3)، قال الخطّابي (4): الأغلوطات.
ولم يصح عنه، في إسناده مجهول (5) ، مع أنّ أبا السّعادات ابن الأثير، روى في ((جامع الأصول)) (6) له شاهداً عن أبي هريرة، وفي البخاري (7) عن أنس:((نهينا عن التّكلّف)) ، وهذا يشهد لمعناه.
الخامس والعشرون: حديث الفصل بين الجمعة والنافلة بعدها
(1)((السنن)): (4/ 437).
(2)
((السنن)): (8/ 162 - 163).
(3)
أخرجه أبو داود: (4/ 65)، وأحمد:(5/ 435).
(4)
((معالم السنن)): (5/ 250) مع ((مختصر المنذري)) ونصّه: ((وقد روي أنّه نهى عن الأغلوطات)) .... و ((الأغلوطات)): واحدها أغلوطة، وزنها أفعوله من الغلط كالأحموقة من الحمق
…
فأما الغلوطات: فواحدتها غلوطة، اسم مبني من الغلط كالحلوبة والرّكوبة، من الحليب والركوب.
والمعنى: أنّه نهى أن يعترض العلماء بصعاب المسائل التي يكثر فيها الغلط ليستزلوا بها، ويستسقط رأيهم فيها)) اهـ.
وانظر: ((غريب الحديث)): (1/ 354) للخطّابي.
(5)
وهو عبد الله بن سعد.
(6)
(5/ 57).
(7)
((الفتح)): (13/ 279) يرويه أنس عن عمر رضي الله عنه.
بالكلام أو الخروج، رواه عنه مسلم (1) ، وله شاهد في البخاري ومسلم (2) عن ابن عمر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى أبو داود عن أبي مسعود الزّرقي (3) نحو ذلك في حقّ الإمام (4).
(1)((الصحيح)) برقم (883).
(2)
((الفتح)): (2/ 492) ، ومسلم برقم (882).
(3)
أبو مسعود الزّرفي، تابعي، روى عن عليّ رضي الله عنه وهو:((مجهول)). انظر: ((تهذيب التهذيب)): (12/ 234) ، و ((التقريب)).
وليس له في ((سنن أبي داود)): (1/ 371) ، إلا حديث واحد لا علاقة له بما ذكر المؤلف. فالذي يظهر أنه وهم في ذلك. اما أبو مسعود الأنصاري الصحابي، فليس له في هذا الباب في ((سنن أبي داود)) شيء.
(4)
في هامش الأصول ما نصّه:
((سقط السادس والعشرون من الأم، ولم يبيض له، وهو في ((العواصم)). قال: ((السادس والعشرون: فضل حبّ الأنصار، رواه عنه النّسائي، وفضلهم مشهور، بل قرآني معلوم)) انتهى)) اهـ.
أقول: وقد نقل الصنعاني في ((توضيح الأفكار)): (2/ 457) هذا النّص من ((الروض)) وكتب: السّادس والعشرون: ((فضل حب الأنصار، ولم يشر إلى سقط في النسخة! والظّاهر أنّه اجتهد في تسديد هذا السقط؛ لأنّ السقط في جميع النّسخ.
أقول: وما ذكره ليس بصحيح! لأن في ((العواصم)): (3/ 188): ((السادس: فضل حبّ الأنصار
…
)) وليس ((السادس والعشرون)). وهو السادس من قسم الأحاديث المشهورة عن غيره.
وأرجّح أن يكون الساقط هو حديث: ((العين وكاء السّه)). رواه أحمد: (4/ 97) وغيره. وهو في ((العواصم)): (3/ 192).
ويلاحظ أن ترتيب المصنّف للأحاديث هنا غير ترتيبه لها في ((العواصم)) ، فقسّمها هناك إلى خمسة أقسام، وتحت كل قسم عدة أحاديث.
السّابع والعشرون: حديث: ((كلّ ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الشّرك بالله وقتل المؤمن)) رواه عنه النّسائي (1) ، وله شاهد عن أبي الدرداء (2رواه أبو داود (2)(3) ، وله شاهد في كتاب الله تعالى (4).
الثّامن والعشرون: رواه عنه أبو داود (5) حديث: ((اشفعوا تؤجروا)) وهو حديث معروف، رواه البخاري ومسلم (6) عن أبي موسى، وفي القرآن ما يشهد لمعناه، وهو مجمع على مقتضاه.
التّاسع والعشرون: كراهة تتبّع عورات النّاس، رواه عنه أبو داود (7) ، وله شواهد، في الترمذي (8) عن ابن عمر وحسّنه، وفي ((سنن أبي داود)) (9) عن أبي برزة الأسلمي، وعقبة بن عامر، وزيد بن وهب، وفي ((صحيح مسلم)) (10) عن أبي هريرة.
(1)((السنن)): (7/ 81).
(2)
ما بينهما ساقط من (س).
(3)
((السنن)): (4/ 463).
(4)
قال تعالى: ((إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) [النساء/48].
(5)
((السنن)): (5/ 347).
(6)
((الفتح)): (3/ 351) ، ومسلم برقم (2627).
(7)
(5/ 199).
(8)
((الجامع)): (4/ 331)، وقال:((هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلامن حديث الحسين بن واقد)) اهـ.
(9)
(5/ 194، 201، 200) على التوالي.
(10)
برقم (2563).
الموفّي ثلاثين حديثاً: حديث: ((من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدّين)) رواه عنه البخاري (1) ، وله شاهدان عن ابن عبّاس وأبي هريرة ذكرهما التّرمذي في ((الجامع)) (2) وصحّح حديث ابن عباس.
فهذه عامّة أحاديث معاوية التي هي صريحة في الأحكام أو يستنبط منها حكم، وهي موافقة لمذهب الشّيعة والفقهاء، وليس فيها ما لم يذهب إليه جماهير العلماء، إلا قتل شارب الخمر في الرّابعة لأجل النّسخ، وقد رواه إمام الزّيدية كما قدّمنا، وقد وافقه ثقات الصّحابة فيما روى.
فاعجب لمن يشنّع على أهل الصّحاح برواية هذه الأحاديث، وإدخالها في الصّحيح!!.
وله غير هذه أحاديث يسيرة شهيرة تركنا إيرادها وإيراد شواهدها اختصاراً، ونشير إليها إشارة لطيفة ليعرف ما هي، وذلك حديثه في فضل المؤذّنين (3) ، وفضل إجابة المؤذّن (4) ، وفضل حلق الذّكر (5) ، وليلة القدر ليلة سبع وعشرين (6) ، وفضل حبّ
(1)((الفتح)): (1/ 197) ، وأخرجه مسلم برقم (1037).
(2)
(5/ 28)، وقال عن حديث ابن عباس:((حسن صحيح)) ، ولم يسق حديث أبي هريرة بل أشار إليه بقوله:((وفي الباب .... )).
(3)
رواه مسلم برقم (387).
(4)
رواه البخاري ((الفتح)): (2/ 108) ، ومسلم برقم (1129).
(5)
رواه مسلم برقم (2701).
(6)
رواه أبو داود: (2/ 111).
الأنصار (1) وفضل طلحة (2) ، وتاريخ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة (3).
وحديث: ((اللّهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت)) (4) وقد رواه مسلم (5) عن عليّ رضي الله تعالى عنه.
وحديث: ((الخير عادة والشّرّ لجاجة)) (6) و ((لم يبق في الدنيا إلا بلاء وفتنة)) (7)
و ((إنّما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه)) (8).
(1) رواه النسائي في ((الكبرى)): (6/ 534).
(2)
رواه الترمذي: (5/ 326)، وابن ماجه:(1/ 46).
(3)
رواه مسلم برقم (2353).
(4)
لفظ حديث معاوية في مسلم (1037): ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنّما أنا خازن، فمن أعطيته عن طيب نفس، فيبارك له فيه، ومن أعطيته عن مسألة وشره، كان كالذي يأكل ولا يشبع)) ورواه البخاري: (1/ 197).
وانظر: ((العواصم)): (3/ 199).
(5)
برقم (771) ، وليس هو بهذا اللفظ، بل هو بمعناه، ضمن حديث طويل.
(6)
رواه ابن ماجه: (1/ 80).
قال البوصيري في ((الزوائد)): (1/ 73): ((رواه ابن حبان في ((صحيحه)) من طريق هشام بن عمار، فذكره بإسناده ومتنه سواء)) اهـ.
(7)
رواه ابن ماجه: (2/ 1339).
قال في ((الزوائد)): (2/ 305): ((هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات)) اهـ.
(8)
رواه ابن ماجه: (2/ 1404).
قال في ((الزوائد)): (2/ 338): ((هذا إسناد فيه مقال
…
)) اهـ.
وفيمن نزل: ((والذين يكنزون الذّهب والفضّة)) (1)[التوبة/34].
وأثران موقوفان عليه؛ في ذكر كعب الأحبار (2) ، وفي تقبيل الأركان كلّها (3).
فهذا جملة ما له في جميع دواوين الإسلام السّتّة، لا يشذّ عنّي من ذلك شيء، إلا ما لا يُعصم عنه البشر من السّهو. وليس في حديثه ما ينكر قطّ، على أنّ فيها ما لم يصحّ عنه أو ما في صحّته عنه خلاف، وجملة ما اتّفق على صحّته عنه منها كلّها في الفضائل والأحكام: ثلاثة عشر حديثاً؛ اتفق البخاري ومسلم منها على أربعة/ وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة، وهذا دليل صدق أهل ذلك العصر، وعدم انحطاطهم إلى مرتبة الكذّابين خذلهم الله تعالى، ولو لم يدلّ على ذلك إلا أنّ معاوية لم يرو شيئاً قطّ في ذمّ عليّ رضي الله عنه ، ولا في استحلال حربه (4) ، ولا في فضائل عثمان، ولا في ذمّ القائمين عليه، مع تصديق جنده له، وحاجته إلى تنشيطهم بذلك فلم يكن منه في ذلك شيء على طول المدّة، لا في حياة عليّ ولا بعد وفاته، ولا تفرّد برواية ما يخالف الإسلام ويهدم القواعد، ولهذا روى عن معاوية غير واحد
(1) رواه البخاري ((الفتح)): (3/ 319).
(2)
علّقه البخاري ((الفتح)): (13/ 345) ، وانظر كلام الحافظ هناك.
(3)
أخرجه أحمد: (1/ 332)، والتّرمذي:(3/ 213) وقال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)).
(4)
في (س): ((حرمته)).
من أعيان الصّحابة والتّابعين؛ كعبد الله بن عبّاس، وأبي سعيد الخدريّ، وعبد الله بن الزّبير، وسعيد بن المسيب، وأبي صالح السّمّان، وأبي إدريس الخولاني، وأبي سلمة بن عبد الرّحمن، وعروة بن الزّبير، وسالم بن عبد الله، ومحمد بن سيرين، وخلق كثير.
وروى عن هؤلاء عنه أمثالهم، وإنّما ذكرت هذا ليعرف أنّ المحدّثين لم يختصّوا برواية حديثه، فإنّ من المعلوم أنّهم لا يقبلون من الحديث إلا ما اتّصل إسناده برواية الثّقات، فلولا رواية ثقات كلّ عصر لحديثه عن أمثالهم لم يصحّ للمحدّثين أنّه حديثه، ولو لم يصحّ لهم أنّه حديثه لم يرووه عنه في الكتب الصّحيحة، وإنّما ذكرت هذا على سبيل الاستئناس. والعمدة في الحجّة ما قدّمته، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد قبلت الشّيعة والمعتزلة ما هو أعظم من قبوله على أصولهم وهو مرسل الثّقة، فإنّه مقبول عندهم على الإطلاق، فقبلوا بذلك أحاديث معاوية وهم لا يشعرون! بل فقبلوا موضوعات كثيرة رواها بعض ثقاتهم بسلامة صدر عن بعض من لم يعرف من المجاهيل، أو (1) طبقات المجروحين.
ومن قبل مرسل الثّقة على الإطلاق دخل ذلك عليه من حيث لا يدري، فإنّ من الثّقات من يقبل المجاهيل، وفيهم من يقبل كفّار
(1) في (أ): ((أو الأديان المغفلين))! وفي (ي): ((والأديان المغفلين))! وكتب فوق كلمة ((الأديان)): كذا!! والمثبت من (س).
التّأويل، وفيهم من هو كافر تأويل عند جمهور المعتزلة والشّيعة، وفيهم من يقبل الفاسق المصرّح إذا عرف بالصّدق والأنفة من الكذب، ولقد روي هذا عن الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه كما قدّمنا ذكر ذلك.
وقبول المرسل على هذه الصّفة، أعظم مفسدة وأدخل في قبول الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فينبغي للعاقل أن ينظر في عيب القريب وعيب الصّديق، كما ينظر في عيب الخصم والبعيد، نسأل الله التّوفيق لذلك آمين آمين.
وأمّا حديث عمرو بن العاص فله في الأحكام عشرة أحاديث:
الأول: في النّهي عن صيام أيّام التّشريق، رواه عنه أبو داود (1) وله شواهد؛ فرواه أبو داود والترمذي والنّسائي عن عقبة بن عامر (2) ، ومسلم عن نبيشة الهذلي (3) ، ومسلم (4) ومالك في ((الموطأ)) (5) عن
(1)((السنن)): (2/ 803)، والنسائي في ((الكبرى)) كما في ((التحفة)):(8/ 152).
(2)
أبو داود: (2/ 804)، والترمذي:(3/ 143)، والنسائي:(5/ 252)، وقال الترمذي:((حديث حسن صحيح)).
(3)
((الصحيح)) برقم (1141).
(4)
ليس في نسخ الصحيح المشهورة، وذكر خلف الواسطي أن مسلماً أخرجه. انظر ((تحفة الأشراف)):(4/ 311 - 312).
(5)
ليس هو في ((الموطأ)) من رواية عبد الله بن حذافة. وهو فيه: (2/ 484) من طريق عبد الله بن واقد مرسلاً.
عبد الله بن حذافة، والنّسائي (1) عن بشر بن سحيم، ومسلم (2) عن كعب بن مالك، ومالك في ((الموطأ)) (3) عن سليمان بن يسار مرسلاً، والبخاري (4) عن ابن عمر وعائشة بلفظ:((لم يرخّص في صومها إلا لمن لا يجد الهدي)).
الثّاني: التّكبير في صلاة عيد الفطر سبعاً في الأولى، وخمساً في الثّانية، رواه أبو داود (5) ، وفي سنده عمرو بن شعيب، وفي صحّة حديثه خلاف، وأكثر المتأخّرين على صحّته، وقد رواه أبو داود و [ابن ماجه](6) عن عائشة (7) ، والترمذي (8) عن عمرو بن عوف (9)، وقال ابن النّحوي: في الباب أحاديث كثيرة أخر، والله أعلم.
(1)((السنن)): (8/ 104).
(2)
((الصحيح)) برقم (1142) عن كعب بن مالك، عن أبيه.
(3)
لم أجده في ((الموطأ)).
(4)
((الفتح)): (4/ 284).
(5)
((السنن)): (1/ 681).
(6)
في (أ) و (ي): ((والترمذي)) ، والتصويب من إحدى النسخ، أشار إليها في هامش النسختين، وهي كذلك في (س).
(7)
أبو داود: (1/ 680)، وابن ماجه:(1/ 407).
(8)
((الجامع)): (2/ 416).
(9)
في الأصول: ((عن عمرو بن عوف عن أبيه عن جدّه))! وهو سبق قلم، فعمرو بن عوف المزني صحابي، وهو راوي الحديث يرويه: كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جدّه.
الثّالث: حديث أن النّبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة من القرآن، منها: ثلاث من المفصّل، وفي سورة الحجّ سجدتان، رواه عنه أبو داود وابن ماجه القزويني (1) ، وفي إسناده ابن ماجه ابن لهيعة وضعفه مشهور.
وهذا الحديث لم يصح عن عمرو قاله ابن النّحوي، وعزاه إلى ابن القطّان وابن الجوزي (2)، ومع ذلك فلهذا الحديث شاهد عام وشواهد خاصّة: فأمّا الشّاهد العامّ، فروى البخاري ومسلم وأبو داود عن عبد الله بن عمر (3) /ما يدلّ على أنّ السّجود مشروع في كلّ موضع سجدة في كتاب الله تعالى، قال: ولكنّا منعنا ما زاد على الخمس عشرة للإجماع على المنع من الزّيادة على ذلك، رواه أبو محمد بن حزم (4) وغيره.
وأمّا الشّواهد الخاصّة: فاعلم أنّه لا نزاع بين الأمّة على قول ابن حزم، وبين الجماهير على قول غيره إلا في خمس سجدات هي: ثلاث في المفصّل، وسجدة في (ص) ، والسجدة الثّانية من سورة الحجّ.
(1) أبو داود: (2/ 120)، وابن ماجه:(1/ 335).
(2)
وضعفه أيضاً عبد الحق، وحسّنه المنذري والنّووي وفي إسناده مجهولان؛ عبد الله بن منين، والراوي عنه الحارث بن سعيد العتقي. انظر:((التخليص الحبير)): (2/ 9 - 10).
(3)
البخاري ((الفتح)): (2/ 647) ، ومسلم برقم (575)، وأبو داود:(2/ 125).
(4)
لم أجده في ((المحلى)): (5/ 105) والذي فيه أن السجدات أربع عشرة.
فأمّا سجدات المفصّل فإحداهنّ في (النّجم) رواها البخاري والتّرمذي من حديث ابن عبّاس (1) ، وأبو داود عن ابن مسعود (2) ، والنّسائي عن المطلب بن أبي وداعة (3) ، والبخاري عن ابن عمر (4) ، ومالك في ((الموطأ)) (5) عن عمر، والبخاري ومسلم والتّرمذي وأبو داود والنّسائي عن زيد بن ثابت (6).
والسّجدة الثّانية: في (انشقت) وقد رواها البخاري ومسلم ومالك في ((الموطأ)) وأبو داود والنّسائي عن أبي هريرة (7).
والسّجدة الثّالثة: في سورة (اقرأ) وقد رواها مسلم وأبو داود والتّرمذي والنّسائي عن أبي هريرة (8).
(1) البخاري ((الفتح)): (2/ 644)، والترمذي:(4/ 464).
(2)
((السنن)): (2/ 122)، وهو في البخاري ((الفتح)):(2/ 643 - 644).
(3)
(2/ 160).
(4)
لم أجده في البخاري! والظاهر أنه وهم من المؤلف.
(5)
(1/ 206) من فعل عمر رضي الله عنه.
(6)
البخاري ((الفتح)): (2/ 645) ، ومسلم برقم (577)، وأبو داود:(2/ 121)، والنسائي:(2/ 160).
(7)
البخاري ((الفتح)): (2/ 647) ، ومسلم برقم (578)، ومالك في ((الموطّأ)):(1/ 205)، وأبو داود:(2/ 123)، والنسائي:(2/ 161).
(8)
مسلم برقم (578/ 108)، وأبو داود:(2/ 123)، والترمذي:(2/ 462)، والنسائي:(2/ 161).
(1)
وأمّا سجدة (ص) فقد رواها أبو داود عن أبي سعيد الخدري (2) ، والبخاري والترمذي وأبو داود والنّسائي عن ابن عباس (3) 2).
وأمّا السّجدة الثانية في الحجّ: فقد رواها أبو داود والتّرمذي عن عقبة بن عامر (4) ، ورواها مالك في ((الموطّأ)) (5) عن عمر بن الخطّاب وولده عبد الله، ولكن موقوفاً عليهما.
فهذه الخمس السّجدات المختلف فيها قد تابعه في كلّ واحدة منها من ذكرنا، وأمّا العشر البواقي فإنّ أبا محمد بن حزم ادّعى إجماع الأمّة على السّجود فيها (6) ، وذكر ابن هبيرة (7) أنّه قول فقهاء الأمّة
(1) ما بينهما في (أ) و (ي) مقدّم على السجدة الثالثة، والصواب تأخيره، كما في (س).
(2)
((السنن)): (2/ 124).
(3)
البخاري ((الفتح)): (2/ 643)، والترمذي:(2/ 469)، وأبو داود:(2/ 124)، والنسائي:(2/ 159).
(4)
أبو داود: (2/ 121)، والترمذي:(2/ 470).
(5)
(1/ 205 - 206).
(6)
((مراتب الإجماع)): (ص/31).
(7)
((الإفصاح)): (1/ 146).
وابن هبيرة هو: الوزير يحيى بن محمد بن هبيرة، عون الدين أبو المظفر الحنبلي، كان وزيراً عادلاً، عالماً عاملاً، له تواليف. ت (560).
…
=
= انظر: ((الذيل على طبقات الحنابلة)): (1/ 251)، و ((السيرة)):(20/ 426).
الأربعة وأتباعهم.
قلت: وهو قول الزّيدية (1) ، بل (2) مذهب الزّيدية أنّ السّجدات خمس عشرة على ما روى عمرو بن العاص وهو مذهب أحمد ابن حنبل وغيره من أهل العلم، إلا أنّ الفقيه جمال الدين الرّيمي ذكر في كتابه ((عمدة الأمّة في إجماع الأئمة)) (3): أنّ الإجماع لم ينعقد على عشر سجدات وإنّما انعقد على أربع، والصّواب قبول رواية ابن حزم فإنّه ثقة مُطّلع، ووجود الخلاف الشّاذّ لا يقدح في رواية ثقات العلماء في الإجماع؛ لأنّه يمكن أنّهم ادّعوا إجماع أهل عصر من الأعصار، وأنّ ذلك الخلاف تقدّم الإجماع أو تأخّر عنه ممّن لم يصحّ له الإجماع.
وأمّا حديث أبي الدّرداء في سجوده مع النّبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة فقد رواه أبو داود والتّرمذي (4)، ولكن قال أبو داود:((إسناده واهٍ)).
(1)((البحر الزخار)): (1/ 342).
(2)
في (س): ((فإنّ)).
(3)
منه نسخة في الجامع الكبير برقم (2355؛ فقه)، وأخرى في مكتبة عبد الله بن إسماعيل غمضان الخاصة. انظر:((فهرس مخطوطات المكتبات الخاصة باليمن)): (ص/51) للحِبشي. وهذه النسخة عليها تعاليق بخط العلامة ابن الوزير رحمه الله.
(4)
ذكره أبو داود: (2/ 120) ، ولم يسقه بالإسناد، والترمذي:(2/ 457) ، وأشار إلى ضعفه.
وأمّا حديث ابن عباس: ((أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في المفصّل بعد هجرته إلى المدينة)) (1) فضعيف ومعارض بما هو أصحّ منه من حديث غيره، فقد صحّ عن أبي هريرة (2) أنّه سجد في المفصّل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسلم أبو هريرة إلا بعد الهجرة، وهذا أولى لصحّة إسناده، ولأنّ المثبت أولى من النّافي، وابن عباس إنّما قال إنّه لم يسجد، وهذا نفي، ولعلّه سجد ولم يعلم ابن عباس، فيقبل المثبت لما في ذلك من حمل الجميع على السّلامة.
وهذه السّجدات العشر في: الأعراف، والرّعد، والنّحل، وسبحان، ومريم، والأولى من الحجّ، والفرقان، والنّمل، والجرز (3) ، والسّجدة.
الحديث الرّابع: حديث تقريره صلى الله عليه وسلم لعمرو على التيمّم حين احتجّ بما يدلّ أنّه خاف على نفسه الموت من شدّة البرد وهو (4) قوله تعالى: ((ولا تقتلوا أنفسكم إنّ الله كان بكم رحيما)) (5)[النساء/29]
(1) أخرجه أبو داود: (2/ 121) ، وسنده ضعيف كما ذكر المؤلّف، فيه: أبو قدامة الحارث بن عبيد، ومطر الورّاق.
(2)
تقدّمت بعض أحاديثه قبل قليل.
(3)
كذا في الأصول، والذي بقي من العشر: سورة (فصّلت) فهي سجدة بالاتفاق.
(4)
سقطت من (س).
(5)
أخرجه أبو داود: (1/ 238)، وعلّقه البخاري ((الفتح)):(1/ 541)، وقال الحافظ:((إسناده قوي، لكنه -أي البخاري- علّقه بصيغة التمريض لكونه اختصره)) اهـ.
وله شاهد على ذلك، وهو الإجماع/ أولاً (1) ، وما أخرجه أبو داود عن ابن عبّاس (2) ثانياً.
الحديث الخامس: حديث: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران)) الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنّسائي و [ابن ماجه](3) ، وقد رواه التّرمذي، والنّسائي عن أبي هريرة (4).
السّادس: حديثه في الحثّ على السّحور، لكونه فصلاً بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، رواه عنه مسلم وأهل السّنن (5) إلا ابن
(1) حكاه ابن حزم في ((مراتب الإجماع)): (ص/18).
(2)
أخرجه أبو داود: (1/ 240) ، وكذا من حديث جابر.
(3)
في (أ) و (ي): ((والترمذي)) ، ثم أشار في هامش النسختين إلى أنّه في نسخة و ((ابن ماجه)). وهو كذلك في (س)، وهو الصواب كما في ((التحفة)):(8/ 156).
والحديث أخرجه البخاري ((الفتح)): (3/ 330) ، ومسلم برقم (1716)، وأبو داود:(4/ 6)، والنسائي في ((الكبرى)):(3/ 461)، وابن ماجه:(2/ 776).
(4)
الترمذي: (3/ 615)، والنسائي:(8/ 224).
قال أبو عيسى: ((حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه من حديث سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، إلا من حديث عبد الرزاق عن معمر، عن سفيان الثوري)) اهـ.
(5)
أخرجه مسلم برقم (1096)، وأبو داود:(2/ 757)، والنسائي:(4/ 146)، والترمذي:(3/ 89).
ماجه.
وقد وردت في الحثّ على ذلك أحاديث؛ فرواه البخاري ومسلم والترمذي والنّسائي (1) عن أنس، ورواه النّسائي وأبو داود عن عرباض بن سارية (2) ، ورواه النّسائي عن المقدام بن معدي، وعن خالد بن معدان (3) ، ورواه أبو داود عن أبي هريرة (4).
السّابع: حديث: ((أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخل على النّساء بغير إذن أزواجهنّ)) رواه عنه التّرمذي وحسّنه (5) ، وله شاهد عن عمرو بن الأحوص رواه الترمذي وصححه (6)، وفيه:((فحقّكم عليهنّ ألا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون)).
وفي ((صحيح مسلم)) (7) عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً: ((لا يدخل رجل بعد يومي هذا سرّاً على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان)) فقوله: ((سرّاً)) تقييد يقتضي إباحة ذلك بإذن الزّوج لأنّه يخرج
(1) رواه البخاري ((الفتح)): (4/ 165) ، ومسلم برقم (1095)، والترمذي:(3/ 88)، والنسائي:(4/ 141).
(2)
أخرجه أبو داود: (2/ 758)، والنسائي:(4/ 145).
(3)
((السنن)): (4/ 146).
(4)
((السنن)): (2/ 758، 761).
(5)
((الجامع)): (5/ 95)، وقال:((هذا حديث حسن صحيح)) اهـ.
(6)
((الجامع)): (3/ 467)، وقال:((هذا حديث حسن صحيح)) اهـ.
(7)
برقم (2173)، ولفظه في مسلم:((لا يدخلنّ رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان)) بدون قوله: ((سرّاً))!.
به عن السّرّ، وإنّما يذكر إذن الزّوج في هذا الحديث؛ لأنّه في المغيبة، وحديث عمرو بن الأحوص، وعمرو بن العاص في الحاضر زوجها، فهذان شاهدان على تحريم الدّخول إلا بإذن الزّوج، وأمّا تحريم الدّخول مطلقاً فيشهد له مع الشّاهدين المذكورين: حديث عقبة بن عامر خرّجه البخاري ومسلم والترمذي (1). وحديث جابر خرّجه مسلم (2). وحديث ابن عبّاس خرّجه البخاري ومسلم (3) ، فهذه خمسة شواهد على أصل النّهي وعمومه، واثنان على بيانه وخصوصه.
الثّامن: حديثه في تكفير الإسلام والحجّ والهجرة لما قبلها رواه عنه مسلم (4).
فأمّا تكفير الإسلام لما قبله؛ فإجماع، والشّواهد عليه كثيرة.
وأمّا تكفير الحجّ لما قبله؛ فله شاهد في التّرمذي والنّسائي عن ابن مسعود (5) ، ورواه النّسائي عن ابن عباس (6) ، ورواه البخاري ومسلم والتّرمذي والنّسائي ومالك عن أبي هريرة (7).
(1) أخرجه البخاري ((الفتح)): (9/ 242) ، ومسلم برقم (2172)، والترمذي:(3/ 474)، والنسائي في ((الكبرى)). انظر:((التحفة)): (7/ 320).
(2)
برقم (2171).
(3)
البخاري ((الفتح)): (6/ 242) ، ومسلم برقم (1342).
(4)
برقم (121).
(5)
أخرجه الترمذي: (3/ 175)، والنسائي:(5/ 115).
(6)
((السنن)): (5/ 115).
(7)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (3/ 446) ، ومسلم برقم (1350)، والترمذي:(3/ 176)، والنسائي:(5/ 114). ولم أجده في ((الموطأ))!.
وأمّا تكفير الهجرة ما قبلها؛ ففي النّسائي (1) عن فضالة بن عبيد ما يشهد لمعنى ذلك، لكن بزيادة الإيمان والإسلام، وهذه الزّيادة في حكم المذكورة في حديث عمرو، إذ لا عبرة بهجرة الكافر إجماعاً بل صحّتها غير متصوّرة (2) ، كصلاته وسائر قرباته الشّرعية، مع ماله من الشّواهد العامّة من القرآن والسّنة كقوله تعالى:((إنّ الحسنات يذهبن السّيئات)) [هود/114]، وقوله صلى الله عليه وسلم:((واتبع السّيئة الحسنة تمحها)) رواه النّووي في ((مباني الإسلام)) (3).
التّاسع: حديث: ((قلت يا رسول الله أيّ النّاس أحبّ إليك؟ قال: عائشة. قلت: من الرّجال؟ قال: أبوها)) فأمّا ما يخصّ عائشة من هذا فرواه عنه مسلم والتّرمذي والنّسائي (4) ، وله [شواهد](5) ، أمّا في حبّها فعن أبي موسى بلفظ حديث عمرو رواه (6) التّرمذي (7) ، وأمّا في
(1)((السنن)): (6/ 21).
(2)
في نسخة: ((منظورة)) كذا في هامش (أ) و (ي).
(3)
يعني ((الأربعين النووية)) انظر: ((جامع العلوم والحكم)): (1/ 395). وهذا الحديث أخرجه الترمذي: (4/ 312 - 313)، وانظر في الكلام عليه:((جامع العلوم)).
(4)
أخرجه مسلم برقم (2384)، والترمذي:(5/ 663)، والنسائي في ((الكبرى)):(5/ 36). أقول: وأخرجه البخاري ((الفتح)): (7/ 22).
(5)
في (أ) و (ي): ((شاهد)) وفي هامش (ي) كتب: ((في نسخة شواهد)) وهو كذلك في (س).
(6)
في (أ) و (س): ((ورواه)) والتصويب من (ي).
(7)
الذي في ((جامع الترمذي)): (5/ 664 - 665) بلفظ حديث عمرو، هو من حديث أنس بن مالك، وليس من حديث أبي موسى. فهذا وهم من المصنف! وقال الترمذي عقبه:((هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث أنس)) اهـ.
تفضيلها على النّساء فله شاهدان: أحدهما: عن أنس رواه البخاري ومسلم والتّرمذي (1)، وثانيهما: عن أبي موسى رواه البخاري ومسلم والتّرمذي والنّسائي (2).
وأمّا ما يخصّ أبا بكر الصّدّيق رضي الله عنه من هذا الحديث فرواه عن عمرو: التّرمذي والنّسائي (3) ، وله شاهد (4) بمعناه، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة:((لو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً)) رواه البخاري (5) / من حديث ابن مسعود (6) ، ورواه مسلم من حديث جندب بن عبد الله (7) ، وله شاهد أيضاً موقوف على عمر بن الخطّاب
(1) رواه البخاري ((الفتح)): (7/ 133) ، ومسلم برقم (2446)، والترمذي:(5/ 664).
(2)
رواه البخاري ((الفتح)): (7/ 133) ، ومسلم برقم (2431)، والترمذي:(4/ 242)، والنسائي في ((الكبرى)):(5/ 102).
(3)
رواه قبلهما البخاري ((الفتح)): (7/ 22) ، ومسلم برقم (2384)، وأخرجه الترمذي:(5/ 663)، والنسائي في ((الكبرى)):(5/ 36).
(4)
في (س): ((شواهد)).
(5)
((الفتح)): (7/ 21).
(6)
أخرجه مسلم برقم (2383)، والترمذي:(5/ 566).
(7)
برقم (532).
- رضي الله عنه رواه التّرمذي (1).
العاشر: قوله في عدّة المتوفّى عنها: ((إنّها أربعة أشهر وعشر)) يعني وإن كانت أمّ ولد، رواه أبو داود وابن ماجه (2) وهو موقوف عليه، وعموم القرآن حجّة لقوله.
فهذه جملة ما لعمرو بن العاص في الكتب السّتّة مما فيه حكم ظاهر، أو يمكن استخراج حكم منه، على أنّ فيما ذكرته من أحاديثه ما يمكن القدح في صحّته عنه، فالذي في ((الصحيحين)) له ستة أحاديث اتّفاقاً على ثلاثة، وانفرد البخاري بحديث ومسلم بحديثين، والذي بقي من حديثه شيء قليل لا يتعلّق به حكم، وهو أقلّ الثلاثة حديثاً، وفيما بقي حديثان لم أعرف ما فيهما:
أحدهما: حديث: ((كنّا مع عمرو في حجّ أو عمرة فلمّا كان بمرّ الظّهران إذا نحن بامرأة في هودجها)) (3).
وثانيهما: حديث: ((فزع النّاس بالمدينة فرأيت سالماً احتبى
(1)((الجامع)): (5/ 566).
(2)
أخرجه أبو داود: (2/ 730)، وابن ماجه:(2/ 673)، وفي سنده مقال. وفي هامش (أ) و (ي):((والنسائي)) بدلاً من ابن ماجه. وليس كذلك!.
(3)
أخرجه النسائي في ((الكبرى)): (5/ 400) وتمامه: ((واضعة يدها على هودجها، فلما نزل دخل الشّعب، ودخلنا معه، فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان، فإذا نحن بغربان كثير فيها غراب أعصم، أحمر المنقار والرجلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنّة من النّساء إلا كقدر هذا الغراب مع هذه الغربان)) اهـ.
بسيفه وجلس في المسجد)) (1) لم أعرف تمامها، يبحث هل فيهما حكم شرعيّ؟ وهل له شاهد؟ ويُلحق ذلك.
وأمّا حديث المغيرة: فله -فيما يتعلّق بالحلال والحرام- ثلاثة وعشرون حديثاً أو أقل:
الأوّل: حديث (2) المسح على الخفّين، وهو حديث مجمع على صحّته، لكن ادّعى بعض الشّيعة أنّه منسوخ، لنزول المائدة بعده وفيها الأمر بالغسل، وقال الفقهاء: إنّ المسح كان قبل المائدة وبعدها كما ثبت ذلك في حديث جرير المتفق على صحّته (3)، وهذا الحكم مع صحته (4) مرويّ من طرق كثيرة: فرواه البخاري ومسلم وأبو داود والتّرمذي والنّسائي عن جرير بن عبد الله (5) ، ورواه البخاري ومالك
(1) وتمامه: ((فلما رأيت ذلك، فعلت مثل الذي فعل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني وسالماً، وأتى النّاس فقال: ((أيّها النّاس! ألا كان مفزعكم إلى الله ورسوله! الا فعلتم كما فعل هذان الرّجلان المؤمنان!)) اهـ
أخرجه النسائي في ((الكبرى)): (5/ 81 - 82).
أقول: وهذان الحديثان ليسا من أحاديث الأحكام.
(2)
في (س): ((لمسلم حديث
…
)) والحديث ليس في مسلم فقط، بل في البخاري ((الفتح)):(1/ 367) ، ومسلم برقم (273).
(3)
تقدّم تخريجه، ويأتي.
(4)
في (س): ((مع الإجماع على صحته .... )) وكان كذلك في (أ) و (ي) ثمّ ضرب على قوله: ((الإجماع على)).
(5)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 589) ، ومسلم برقم (272)، وأبو داود:(1/ 107)، والترمذي:(1/ 155)، والنسائي:(1/ 81).
وأبو داود (1) والنّسائي عن سعد بن أبي وقّاص (2) ، ورواه مسلم وأبو داود والتّرمذي والنّسائي عن بلال (3) ، ورواه التّرمذي عن جابر بن عبد الله (4) ، ورواه البخاري والنّسائي عن عمرو بن أميّة (5) ، ورواه أبو داود والتّرمذي عن بريدة (6) ، ورواه الحسن البصريّ عن سبعين صحابيّاً (7).
وأمّا المسح على الجوربين فلم يصح عن المغيرة كما قاله الحافظ الكبير عبد الرّحمن بن مهدي (8) ، ومع ذلك فله شاهد عن أبي موسى (9) ، وكذلك مسح أسفل الخفّ فإنّه لم يصح عن
(1) وقع في (أ) و (ي) عزوه لأبي داود، والحديث ليس فيه. انظر:((تحفة الأشراف)): (3/ 301).
(2)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 365)، ومالك في ((الموطأ)):(1/ 36)، والنسائي:(1/ 82).
(3)
أخرجه مسلم برقم (275)، والترمذي:(1/ 172)، والنسائي:(1/ 76)، وابن ماجه:(1/ 186)، وعزوه لأبي داود وهم من المصنّف. وانظر:((تحفة الأشراف)): (2/ 112).
(4)
((الجامع)): (1/ 172 - 173). وصححه أحمد شاكر.
(5)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 368)، والنسائي:(1/ 81).
(6)
أخرجه أبو داود: (1/ 108)، والترمذي:(5/ 114 - 115)، وقال:((هذا حديث حسن)) اهـ.
(7)
انظر: ((نصب الراية)): (1/ 84).
(8)
نقله عنه أبو داود: (1/ 113)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)):(1/ 284) وغيرهم. وهو قول جهابذة الحديث وأعلامة.
(9)
أشار إليه أبو داود: (1/ 113)، وقال:((وليس بالمتصل ولا بالقوي)) اهـ. وأخرجه البيهقي في ((الكبرى)): (1/ 285).
المغيرة (1).
وقال أبو عيسى التّرمذي (2): هذا حديث معلول، قال: وسألت أبا زرعة ومحمداً -يعني البخاري- عن هذا الحديث فقالاً: ليس بصحيح.
الثّاني: حديثه في الصّلاة على الطّفل (3) وله شواهد، فرواه أبو داود (4) عن عبد الله البهي مولى مصعب بن الزّبير، ورواه عن عطاء مرسلاً، ورواه التّرمذي (5) عن جابر بشرط الاستهلال. ورواه مالك في ((الموطّأ)) (6) عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة موقوفاً. ورواه البخاري (7) عن الحسن البصريّ موقوفاً عليه.
وأمّا ما رواه أبو داود (8) عن عائشة: ((أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم لم يصلّ على ابنه إبراهيم)) فمعارض برواية عطاء وعبد الله البهي أنّه صلى الله عليه وسلم صلّى عليه، والمثبت أولى (9) ، ويعتضد حكم روايتهما بعموم حديث جابر
(1) أخرجه أبو داود: (1/ 116)، والترمذي:(1/ 162)، وابن ماجه:(1/ 182).
(2)
((الجامع)): (1/ 163).
(3)
أخرجه أبو داود: (3/ 523)، والترمذي:(3/ 350)، والنسائي:(4/ 56)، وابن ماجه:(1/ 483).
(4)
((السنن)): (3/ 529).
(5)
((الجامع)): (3/ 350).
(6)
(1/ 228).
(7)
((الفتح)): (3/ 258).
(8)
((السنن)): (3/ 528).
(9)
قال البيهقي في ((الكبرى)): (4/ 9) بعد ذكره لمرسل البهيّ وعطاء: ((فهذه الآثار وإن كانت مراسيل، فهي تشد الموصول قبله، وبعضها يشدّ بعضاً، وقد أثبتوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، وذلك أولى من رواية من روى أنه لم يصلّ عليه)) اهـ.
وعنا بالموصول: حديث البراء بن عازب، قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، ومات وهو ابن ستة عشر شهراً، وقال:((إنّ له في الجنّة من يتم رضاعه، وهو صديق)) وفي سنده جابر الجعفي، وهو ضعيف.
وفيما ذكره البيهقي من الاعتضاد، نظر، قال المنذري في ((مختصره)):(4/ 324).
المتقدّم، وفي رفعه ووقفه خلاف يترجّح على حسب القواعد.
/الثّالث: حديث ((بعث عمر النّاس في أفناء الأمصار)) أخرجه البخاري (1)، وفيه ((أنّ المغيرة قال لكسرى (2): إنّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقاتلكم حتّى تعبدوا الله وحده أو تؤدّوا الجزية)) ، وهذا يشهد له حديث عبد الرّحمن بن عوف في المجوس:((سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب)) (3) ، وهو صحيح، وإنّما قلت ذلك لأنّ كسرى مجوسيّ، فحديث عبد الرّحمن يشهد لحديث المغيرة هذا.
الرّابع: للنّسائي وابن ماجه (4) حديث النّهي عن إسبال الإزار،
(1)((الفتح)): (6/ 298).
(2)
خطاب المغيرة رضي الله عنه كان مع عامل كسرى، سمّي في بعض الروايات (بندار).
(3)
تقدّم تخريجه.
(4)
أخرجه النسائي في ((الكبرى)): (5/ 488)، وابن ماجه:(2/ 1183).
قال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)): (2/ 230): ((هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات
…
ورواه ابن حبان في صحيحه، وله شاهد من حديث حذيفة وغيره رواه الترمذي والنّسائي)) اهـ.
أقول: في سنده شريك القاضي، اختلط بعد توليه القضاء.
وقد رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنّسائي عن ابن عمر (1) ، والنّسائي عن ابن عبّاس (2).
الخامس: لمسلم والنّسائي والتّرمذي وأبي داود حديث المسح على العمامة (3) ، وقد رواه أبو داود عن ثوبان وأنس (4) ، ورواه أحمد وأبو داود وسعيد بن منصور عن بلال (5) ، ذكره عبد السلام في ((المنتقى)) (6).
السّادس: لأبي داود (7) حديث تحريم بيع الخمر، وشواهده أكثر من أن تذكر.
السّابع: للبخاري ومسلم والنّسائي (8): ((كسفت الشّمس يوم موت إبراهيم)) ، فأمّا تاريخ الكسوف بيوم مات (9)؛ فرواه مسلم
(1) أخرجه البخاري ((الفتح)): (10/ 266) ، ومسلم برقم (2085)، وأبو داود:(4/ 345)، والنسائي:(8/ 208).
(2)
((السنن)): (8/ 208).
(3)
أخرجه مسلم برقم (274/ 82)، والنسائي:(1/ 76)، والترمذي:(1/ 170)، وأبو داود:(1/ 104).
(4)
((السنن)): (1/ 101 - 102).
(5)
أخرجه أحمد: (6/ 12)، وأبو داود:(1/ 106).
(6)
مع ((نيل الأوطار)): (1/ 213).
(7)
((السنن)): (3/ 758 - 759).
(8)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (2/ 612) ، ومسلم برقم (915)، والنسائي في ((الكبرى)):(1/ 567).
(9)
في (ي) و (س) زيادة ((إبراهيم)).
وأبو داود والنّسائي عن جابر (1) ، وأمّا بقيّة الحديث الذي يتعلّق به الحكم فهو أشهر من أن تذكر شواهده.
الثّامن: لأبي داود والتّرمذي (2) حديث: ترك التّشهّد الأوسط وسجود السّهو لنسيانه، وله شاهد من حديث عبد الله بن بحينة خرجه البخاري ومسلم ومالك وأهل السّنن إلا ابن ماجه (3).
وأمّا روايته فيه لسجود السّهو قبل التّسليم فله شواهد: منها حديث ابن بحينة المقدّم خرجه من تقدّم ذكره، وخرّجه التّرمذي عن عمران بن حصين (4) ، وأبو داود عن ابن مسعود (5) ، ومسلم ومالك والنسائي والتّرمذي وأبو داود عن أبي سعيد الخدري (6) ، والتّرمذي عن عبد الرّحمن بن عوف وأبي هريرة (7).
(1) أخرجه مسلم برقم (904)، وأبو داود:(2/ 696)، والنسائي في ((الكبرى)):(1/ 572 - 573).
(2)
أخرجه أبو داود: (1/ 629)، والترمذي (2/ 201). وقال:((هذا حديث حسن صحيح)) اهـ.
(3)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (3/ 111) ، ومسلم برقم (570)، وأبو داود:(1/ 626)، والترمذي:(2/ 235)، والنسائي:(3/ 19)، وابن ماجه:(1/ 381). فقول المصنف: إلا ابن ماجه، وهم، والله أعلم. وأخرجه مالك في ((الموطأ)):(1/ 96).
(4)
((الجامع)): (2/ 240 - 241)، وكذا أبو داود:(1/ 630).
(5)
((السنن)): (1/ 623).
(6)
أخرجه مسلم برقم (571)، والنسائي:(3/ 27)، والترمذي:(2/ 243)، وأبو داود:(1/ 621). ولم أجده في ((الموطأ)) رواية الليثي.
(7)
((الجامع)): (2/ 244 - 245).
وقال أبو داود (1) -بعد رواية حديث المغيرة-: ((وفعل مثل ما فعل المغيرة: سعد بن أبي وقّاص، وعمران بن حصين، والضّحّاك، ومعاوية، وأفتى به ابن عبّاس، وعمر بن عبد العزيز)).
التّاسع: (2) حديث: ((لا تسبّوا الأموات)) ، فقد رواه البخاريّ وأبو داود والنّسائي عن عائشة (3) ، وأبو داود والتّرمذي عن ابن عمر (4).
العاشر: [لابن ماجه](5) حديث: ((أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً)) ، وقد رواه البخاري ومسلم وأبو داود والتّرمذي والنّسائي عن حذيفة (6).
الحادي عشر: (7) حديث: ((دية الجنين غرّة)) (8) ، وقد رواه
(1)((السنن)): (1/ 630).
(2)
في (س): ((لابن ماجه))! وهو خطأ فلم يخرج ابن ماجه هذا الحديث إنّما أخرجه التّرمذي: (4/ 310)، وانظر:((تحفة الأشراف)): (8/ 477 - 478).
(3)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (3/ 304)، والنسائي:(4/ 53) ، ولم يخرجه أبو داود، كما في في ((التحفة)):(12/ 293).
(4)
لم أجده، ولعله وهم من المصنف.
(5)
زيادة من (س). والحديث فيه: (1/ 111).
(6)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 391) ، ومسلم برقم (273)، وأبو داود:(1/ 27)، والترمذي:(1/ 19)، والنسائي:(1/ 25)، ابن ماجه:(1/ 111).
(7)
في (س): ((للبخاري وأبي داود))! والحديث ليس في البخاري! والذي في البخاري وأبي داود هو سؤال عمر عن: إملاص المرأة، فقال المغيرة: قضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بغرّة.
(8)
أخرجه مسلم برقم (1682)، وأبو داود:(4/ 697) والترمذي: (4/ 17)، والنسائي:(8/ 49)، وابن ماجه:(2/ 882).
البخاري ومسلم والتّرمذي عن أبي هريرة (1).
الثّاني عشر: لأبي داود وابن ماجه حديث: ((لا يصلّي الإمام في الموضع الذي صلّى فيه حتّى يتحوّل)) ، رواه عنه أبو داود وابن ماجه (2) ، وقد رواه أبو داود عن أبي هريرة (3).
الثّالث عشر: للتّرمذي والنّسائي وابن ماجه حديث: ((من اكتوى [أو] استرقى فقد برىء من التّوكّل)) ، رواه عنه التّرمذي والنّسائي وابن ماجه (4) ، وقد رواه أو معناه أبو داود (5) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عكيم، ورواه عن ابن عمر، ورواه البخاري ومسلم والتّرمذي عن ابن عبّاس (6) ، ورواه مسلم عن عمران بن الحصين (7).
الرّابع عشر: حديث: ((من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من
(1) أخرجه البخاري ((الفتح)): (12/ 257) ، ومسلم برقم (1681)، والترمذي:(4/ 16).
(2)
أخرجه أبو داود: (1/ 409 - 410)، وابن ماجه:(1/ 459).
(3)
أخرجه أبو داود: (1/ 611)، وابن ماجه:(1/ 458).
(4)
أخرجه الترمذي: (4/ 344)، والنسائي في ((الكبرى)):(4/ 378). وابن ماجه: (2/ 1154). وقال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) اهـ.
(5)
((السنن)): (4/ 213 - 224).
(6)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (10/ 222)، ومسلم برقم (220) والترمذي:(4/ 544).
(7)
برقم (218).
النّار)) ، رواه عنه البخاري ومسلم والتّرمذي (1) ، وهو حديث متواتر مستغن عن ذكر الشّواهد.
الخامس عشر: حديث: ((من نيح عليه فهو يعذّب بما نيح عليه)) ، وهو طرف من الحديث قبله، وله شواهد كثيرة: فرواه البخاري ومسلم والتّرمذي والنّسائي عن عمر بن الخطّاب (2) ، ورواه النّسائي عن عمران ابن حصين (3) ، ورواه التّرمذي عن أبي موسى (4) ، /وله شواهد غير هذه، وقد ذكرنا وجهه فيما تقدّم.
السّادس عشر: حديث: ((فرض الجدّة السّدس)) ، وقد رواه محمد بن مسلمة رواه عنه البخاري (5) وأبو داود والتّرمذي (6) ، ورواه التّرمذي (7) عن ابن مسعود (8) ، وأبو داود عن بُريدة (9) ، وهو إجماع.
(1) أخرجه البخاري ((الفتح)): (3/ 191) ، ومسلم برقم (933)، والترمذي:(3/ 325).
(2)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (3/ 191) ، ومسلم برقم (927)، والترمذي:(3/ 326)، والنسائي:(4/ 16).
(3)
((السنن)): (4/ 17).
(4)
((الجامع)): (3/ 326).
(5)
كذا في (الأصول)! وهو وهم، وانظر:((تحفة الأشراف)): (8/ 488).
(6)
أخرجه أبو داود: (3/ 316)، والترمذي:(4/ 366)، وأخرجه أيضاً النسائي في ((الكبرى)):(4/ 73) وابن ماجه: (2/ 910).
(7)
((ورواه الترمذي)) سقطت من (س).
(8)
((الجامع)): (4/ 367).
(9)
((السنن)): (3/ 317).
السّابع عشر: [للبخاري ومسلم](1) حديث: ((ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدّجّال أكثر ممّا سألته، يقولون: إنّ معه جنّة وناراً، فقال: هو أهون على الله من ذلك (2))) ، وله شواهد، ومن العجب أنّ من النّاس من يتوهّمها معارضات له، وذلك [أنّ] جميع ما ورد في ((الصحيحين)) وغيرهما من دواوين الإسلام عن غير واحد من الصّحابة رضي الله عنهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إنّ ناره جنّة وماءه (3) نار)) وهذا يعضد حديث المغيرة فإنّها متّفقة على نفي أن يكون مع الدّجال جنّة ونار على الحقيقة، وإنّما أوردت هذا الحديث وإن لم يكن تحته شيء من الأحكام، للتنبيه على هذه النّكتة اللطيفة، ففيها جمع بين الأحاديث (4) ، والله أعلم.
الثّامن عشر: [لمسلم والبخاري](5) حديث: ((لا يزال أناس من أمّتي ظاهرين على الحقّ حتّى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون (6))) وقد وقد مرت شواهده في أحاديث معاوية (7).
التّاسع عشر: حديث: ((إنّ المرأة يعقل عنها عصبتها ويرثها بنوها))
(1) زيادة من (س).
(2)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (13/ 96) ، ومسلم برقم (2939).
(3)
في (س): ((وجنّته)) ، وهو الأولى، فلو اختار المؤلف لفظ:((إنّ ناره جنّة، وجنّته نار)) أو ((إنّ ناره ماء، وماءه نار)) لكان أولى. فقد جاء الحديث باللفظين معاً. انظر ((الفتح)): (13/ 97) ، ومسلم برقم (2934).
(4)
وانظر ((الفتح)): (13/ 99 - 100).
(5)
زيادة من (س).
(6)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (13/ 306) ، ومسلم برقم (1921).
(7)
(ص/524 - 525).
رواه عنه أبو داود (1)، وله شواهد منها: عن أبي هريرة رواه الجماعة إلا ابن ماجه (2) ، وهو مثل حديث المغيرة، وذكر الدّية فيه فقط فيما تقدّم من حديث أبي هريرة، وفي ((الموطّأ)) (3) والنّسائي (4) عن ابن المسيّب مرسل. وفي ((سنن أبي داود)) والنّسائي عن ابن عبّاس (5).
الموفّي عشرين: حديث: ((ترك الوضوء مما مسّت النّار)) رواه عنه مسلم وأبو داود والنّسائي (6)، وله شواهد: فرواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عبّاس (7) ، وعمرو بن أميّة (8) ، وميمونة (9). ورواه مسلم عن أبي رافع (10) ، ومالك في ((الموطّأ)) (11) ، وأبو داود والتّرمذي عن جابر (12).
(1)((المراسيل)): (ص/159).
(2)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (12/ 263) ، ومسلم برقم (1681)، وأبو داود:(4/ 703)، والترمذي:(4/ 371)، والنسائي:(8/ 47).
(3)
(2/ 854).
(4)
((السنن)): (8/ 49).
(5)
أخرجه أبو داود: (4/ 698)، والنسائي في ((الكبرى)):(4/ 218 - 219).
(6)
أخرجه أبو داود: (1/ 132)، والنسائي في ((الكبرى)):(4/ 153).
وقول المصنف: أخرجه مسلم وهم، انظر ((تحفة الأشراف)):(8/ 492).
(7)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 371) ، ومسلم برقم (354).
(8)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 372) ، ومسلم برقم (355).
(9)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (1/ 373) ، ومسلم برقم (356).
(10)
برقم (357).
(11)
(1/ 27).
(12)
أخرجه أبو داود: (1/ 133)، والترمذي:(1/ 116).
الحادي والعشرون: [للبخاري ومسلم](1) حديث سعد بن عبادة وفيه: ((أتعجبون من غيرة سعد؟ إنّه لغيور)) وفيه: ((ما أحد أغير من الله (2))) ، ولهذا المعنى المتعلّق بأحاديث الصفّات شاهد في ((الصّحيحين)) عن عائشة (3).
الثّاني والعشرون: حديث: نهي آكل الثّوم من دخول المسجد (4) ، وقد مرّت شواهده في أحاديث معاوية (5).
الثّالث والعشرون: حديث: مشي الرّاكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها (6)، وفيها وجهان:
أحدهما: أنّه مما لا يتعلّق به تحليل محرّم ولا تحريم محلّل، وإنّما هو في آداب المشيّع للجنازة.
وثانيهما: أنّه مما لم يصححه إلا بعضهم كالحاكم وابن السّكن، وقد ضعّفه غير واحد من أهل النّقد، ولم يصححوه عن المغيرة.
فقال الإمام المجتهد أبو الوليد المالكي في كتابه ((نهاية
(1) زيادة من (س).
(2)
أخرجه البخاري ((الفتح)): (12/ 181) ، ومسلم برقم (1498).
(3)
مثل حديث الرجل الذي كان يختم صلاته بـ ((قل هو الله أحد)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سلوه لأيّ شيء يصنع ذلك))؟ فسألوه فقال: لأنّها صفة الرحمن
…
)) الحديث، أخرجه البخاري في ((الفتح)):(13/ 360) ، ومسلم برقم (813).
(4)
أخرجه أبو داود: (4/ 172).
(5)
(ص/534).
(6)
وهو قطعة من الحديث الثاني من أحاديث المغير رضي الله عنه تقدّم تخريجه (ص/558).
المجتهد)) (1). وقد ذكر هذا الحديث وغيره من أحاديث المشي خلف الجنازة ما لفظه: ((وهي أحاديث يصحّحونها -يعني أهل الكوفة- ويضعّفها غيرهم)).
وقد أشار إلى تضعيفه الإمام أبو عمر بن عبد البرّ (2) ، والقاضي ابن العربي (3) المالكيّان فإنّهما أشارا إلى ضعف أحاديث الباب كلّه إلا حديث ابن عمر مع أنّه مرسل من مراسيل الزّهري على الصّحيح عند أكثر الحفّاظ، فإذا كان أصحها مع تعليله بالإرسال فما ظنّك بغيره؟
ولهذا ترك الشّيخان تخريج شيء من هذه الأحاديث في كتابيهما، مع خلوّ كتابيهما عمّا يقوم مقامهما، وذلك نادر فيهما، ومع عدم الصّحّة عن المغيرة لا يلزم ذكر الشّواهد في رعاية ما قصدته من مراعاة ما يتفق الشّيعة وأهل السّنة عليه، من وجوب العمل بأحاديث ((الصحيحين)) وما حكم الأئمة بصحّته من أحاديث دواوين الإسلام السّتّة.
ومن العجب أنّ الحاكم هو المصحّح لحديث المغيرة هذا على تشيّعه (4) ، وكلامنا إنّما هو في دفع اعتراض بعض الشّيعة، فهذا شاهد على المعترض من أصحابه ودليل على أنّ أهل السّنة لم /يختصّوا بذلك.
الرّابع العشرون: حديث: ((كان إذا ذهب المذهب أبعد)). رواه
(1)(1/ 274)، واسم الكتاب:((بداية المجتهد ونهاية المقتصد)).
(2)
انظر ((التمهيد)): (12/ 83 - 100).
(3)
((القبس)): (2/ 443). في شرح الموطأ لابن العربي.
(4)
انظر: ((المستدرك)): (1/ 363)، قال:((هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري .... )) اهـ.
عنه أهل ((السّنن)) (1) إلا ابن ماجه، وقد رواه النّسائي عن عبد الرّحمن بن أبي قراد (2) ، والعجب أنّ هذا الحديث وحديثاً نحوه من رواية المغيرة أيضاً هما أوّل ما في كتاب ((شفاء الأوام)) (3) من كتب الزّيدية أوردهما مصنّفه ناسباً لهما إلى المغيرة، واحتجّ بهما من غير ذكر غيرهما، وهم ينكرون على المحدّثين مثل ذلك!!
وهذا آخر ما عرفت من أحاديث المغيرة مما يتعلّق بالتّحليل والتّحريم، ولم يبق من حديثه إلا القليل مما يتعلّق بذلك. على أنّ فيها ما يمكن القدح في صحّته عنه: فالذي في ((صحيحي البخاري وملسم)) منها اثنا عشر حديثاً اتّفقا على تسعة وانفرد البخاريّ بحديث (4) ومسلم بحديثين.
وقد عرفت بهذه الجملة بطلان ما توهّمه المعترض من دعوى بطلان أحاديثهم، وسقط قوله على كلّ مذهب، وصحّت أحاديثهم [هذه](5) على وجه لا شبهة فيه على قواعد الخصوم، والله سبحانه أعلم.
(1) أخرجه أبو داود: (1/ 14)، والترمذي:(1/ 31)، والنسائي:(1/ 18)، وابن ماجه:(1/ 120).
…
=
= قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) اهـ. فقول المصنف: إلا ابن ماجه، وهم والله أعلم، وانظر:((تحفة الأشراف)): (8/ 499).
(2)
((السنن)): (1/ 17 - 18).
ووقع في (س): ((قرادة)) وهو خطأ.
(3)
تقدّم التعريف به.
(4)
في (س): ((بتسعة))! وهو تحريف غريب.
(5)
زيادة من (ي) و (س).