الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن مغالطات أَبِي رَيَّةَ في هذا الموضوع ما نقله من " صحيح مسلم " عن أبي هريرة حَدِيثًا مرفوعا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في خلق الأرض والسماوات ويقول أبو هريرة في أوله: «أَخَذَ رَسُولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] بِيَدِي، ثم ينقل عن " البخاري" و" ابن كثير " أن أبا هريرة تلقى هذا الحديث عن كعب. وهنا يظن أَبُو رَيَّةَ أنه أمسك بشيء وأنه أوقع جمهور المُسْلِمِينَ، الذين يثقون بأبي هريرة في ورطة ما بعدها ورطة، ولو كان على شيء من العلم والفهم للنصوص لعلم أن البخاري وابن كثير لا يريدان الحُكْمَ على أبي هريرة بالكذب ونسبته حديث كعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانا لِيَجْرَآ على الله وحاشاهما أن تبلغ بهما قلة الدين إلى هذا المنحدر الذي وصل إليه أَبُو رَيَّةَ وقد أسمعناك فيما مضى ثناء كل منهما على أبي هريرة واعترافهما له بالصدق والورع والأمانة في العلم والدين - ولكنهما حُكْمًا على الرواية التي أوردها " مسلم " في " صحيحه " بالخطأ في نسبة رفع هذا الحديث إلى رسول الله عن أبي هريرة والخطأ ناشئ من رُوَاةِ الحديث ولا دخل لأبي هريرة فيه، وبذلك تنطق عبارة البخاري في "تاريخه " وابن كثير في " تفسيره "، وقد أفاض في هذا الموضوع العلامة المعلَّمي اليماني في كتابه " الأنوار الكاشفة "(1) بما يشرح صدور المُحَقِّقِينَ ولا يزيد الحانقين - كأَبِي رَيَّةَ - إلا غيظاً وكمداً.
عَاشِرًا: تَشَيُّعُهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ:
جمع أَبُو رَيَّةَ في هذا الموضوع كل شتائم كتب الشيعة في أبي هريرة، وظن أنه حصل على شيء، وزعم أنه أتى بما لم يات به الأوائل ولم ينسج على منواله ناسج ....
ولذلك لم يتورع في سبيل الهوى الذي تملك قلبه وهو بُغْضُ أبي هريرة أن ينقل عنهم سَبَّ كبار الصحابة واتهام كثير منهم بالكذب على رسول الله إرضاء لمعاوية إلى ما هنالك من الأكاذيب المنتنة.
(1) 188 - 192.
ونحن في عصر لا نستسيغ فيه نبش هذه القاذورات، ونرى من يعمل على نبشها مخرباً هداماً يسعى لتفريق كلمة المُسْلِمِينَ ووحدتهم في عصر لم يبق فيه سبب للافتراق والخلاف والنزاع بين أهل السُنَّةِ وبين الشيعة وغيرهم من الفرق الإسلامية.
ولكن أَبَا رَيَّةَ ترويجاً لكتابه في أوساط الشيعة تظاهر بالتشيع واتهم كل من يتهمونهم من الصحابة والتَّابِعِينَ وأبغض كل من يبغضونهم، وهو حُرٌّ في أن يكون من شيعة عَلِيٍّ رضي الله عنه، وما كان ذلك ليخرجه عندنا عن دائرة الإسلام والعلم، لو كان عالماً حقاً، وأَبُو رَيَّةَ حُرٌّ في أن يسلك لترويج كتابه كل سبيل إلا أن يزعم «أنه جاء بدراسة جامعة قامت على قواعد التحقيق العلمي بحيث تعتبر الأولى من نوعها لم ينسج أحد من قبل على منوالها!» .
لئن كان نبش الأكاذيب والافتراء على صحابة رسول الله واعتماد الكتب التي لم يعرف مؤلفوها بالصدق ولا بالتمحيص في الرواية، أو التي عُرِفَ مؤلفوها بالبغض القاتل لأبي هريرة، لئن كان هذا هو التحقيق العلمي الذي لم ينسج أحد على منواله فليهنأ أَبُو رَيَّةَ بعلمه وتحقيقه، وما نظن أن كرام إخواننا من عقلاء الشيعة يجدون في مثل هذا الرجل تثبيتاً لحق بين متنازعين، أو تَأْيِيدًا لهم ضد إخوانهم أَهْلِ السُنَّةِ، وإن الجاهل الأحمق المغرور لَيَجُرُّ من الأذى على نفسه وعلى أصدقائه ما يكون بَلَاءً يستعاذ بالله منه، وَشَرًّا يبتعد الأخيار عن اللصوق به، وقديما جاء في الأثر «ذُو الوَجْهَيْنِ لَا يَكُونُ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا» (1) ولن يكون عند الذين يحترمون أنفسهم وَجِيهًا ..
والقعيدة التي ندين الله بها أن أبا هريرة كان مُحبًّا لآل بيت
(1) هكذا يشتهر على الألسنة، وقد ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " بلفظ:(ذُو الوَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَهُ وَجْهَانِ مِنْ نَارٍ) ثم رمز له السيوطي بعلامة الحَسَنِ وَتَعَقَّبَهُ المناوي بأنه ضعيف.