الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول: في إطلاقات العلماء العام والأعم
اعلم أن من الناس من يسوي بين الإطلاقين، ولا يفرق بينهما، ومنهم من يفرق فيقول للعموم اللفظي: عام، وللعموم المعنوي: أعم، على وزن أفعل التفضيل، وهو أنسب من وجهين:
أحدهما: أن الأصل اختلاف الأسماء عند اختلاف المسميات، والأصل أيضا عدم الترادف.
وثانيهما: أن المعنى هو الأصل والمقصد، واللفظ إنما هو وسيلة ووصلة إليه، فهو أخفض رتبة من المعنى، فناسب أن يكون الأعلى رتبة مسمى، فسمي بصيغة أفعل التي هي للتفضيل وعلو الرتبة، إعطاء له ما
يستحقه، فيقال له: أعم، وسمي العموم اللفظي بصيغة عام التي هي اسم فاعل من غير إشعار فيها بمزيد الرتبة، فيحصل حينئذ إعطاء كل منهما ما يستحقه، ويحصل التفاهم عند التخاطب على الوجه الأقرب، فمتى قيل: هذا أعم، تبادر الذهن للمعنى، ومتى قيل: عام، تبادر الذهن للفظ، ويكون قبالة لفظ: الأعم لفظ: الأخص، وقبالة لفظ: العام لفظ: الخاص، فمتى قيل: هذا أخص، انتقل الذهن إله الأخص المعنوي كالنوع من الجنس، ومتى قيل: هذا خاص، انتقل الذهن إلى اللفظ الذي هو أقل أفراداً من من لفظ آخر أو هو عام مخصوص.
فتميزت الحقائق حينئذ، وانتفى الَّلبْسُ عن المخاطبات، فكان ذلك أولى من إهمال هذه المزايا والخصوصيات.